جلسة 3 من إبريل سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، يوسف أبو زيد، درويش عبد المجيد وعزت حنورة.
----------------
(200)
الطعن رقم 600 لسنة 49 القضائية
(1) دعوى "سقوط الخصومة".
سقوط الخصومة. مناطه. عدم السير في الدعوى بفعل المدعي مدة سنة من تاريخ آخر إجراء صحيح فيها. عدم نظر الدعوى في الجلسة المحددة. لا أثر له على صحة إعلان الخصم بالجلسة المذكورة.
(2) إعلان "بطلان الإعلان". بطلان. نقض "السبب الجديد".
تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف ببطلان إعلانه لإقامته بالخارج. عدم جواز تمسكه بالبطلان لأول مرة أمام محكمة النقض لخلو بيانات الإعلان من غيابه واسم المخاطب معه.
(3) بيع "ضمان التعرض". دعوى "الدعوى غير المباشرة".
ضمان البائع عدم التعرض للمشتري ولخلفه. المشترى بعقد عرفي لا يعد خلفاً خاصاً للبائع. عدم جواز تمسكه بضمان التعرض في مواجهة البائع لبائعه إلا بطريق الدعوى غير المباشرة.
(4) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم. مناطه. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حائز قوة الأمر المقضى فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورثي المطعون ضدهم من الأول إلى الثانية عشر (المرحومتين.... و...) أقامتا الدعوى رقم 2916 سنة 1951 مدني كلي القاهرة - والتي أصبحت برقم 8432 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة - عن الطاعن وآخرين بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهما لقطعة الأرض الفضاء رقم 1 شارع... قسم روض الفرج البالغ مساحتها 235.30 م2 والتسليم، وقالتا شرحاً لدعواهما إن أولاهما تمتلك مساحة 16 ط و8 س من تلك الأرض بموجب عقد بيع مسجل، وتمتلك ثانيهما 7 ط و16 س منها بالميراث الشرعي عن زوجها المرحوم...، وقد نازعهما الطاعن وآخرون في وضع يدهما، دفع الطاعن الدعوى بأنه اشترى أرض النزاع بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 25/ 1/ 1940 صدر حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 2680 سنة 1948 مدني كلي القاهرة في مواجهة مورثتي المطعون ضدهم الأول إلى الثانية عشر، وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى قضت محكمة القاهرة الابتدائية بجلسة 25/ 4/ 1974 بتثبيت ملكية... لحصة قدرها 16 ط و8 س و... لحصة قدرها 7 ط و16 س شائعة على الأرض الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبكف منازعة المدعى عليهم لهما فيها وبإلزامهم بتسليمها لهما، استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 3320 سنة 92 ق، ومحكمة استئناف القاهرة قضت بجلسة 22/ 1/ 1979 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعى الطاعن بالوجهين الأول والثالث من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بسقوط الخصومة وانقضائها لعدم تعجيلها في مواجهته على نحو صحيح في المرات السابقة التي أوقف السير فيها بسبب انقطاع سير الخصومة لوفاة المرحومة.... ووفاة المرحوم....، وبين المرتين بسبب وقف الدعوى جزاء، غير أن الحكم المطعون فيه اقتصر في رده على تناول التعجيل لجلسة 27/ 11/ 1972 بعد أن حكم بجلسة 25/ 9/ 1972 بانقطاع سير الخصومة لوفاة المرحومة... وأنه بفرض صحة الإعلان لجلسة 27/ 11/ 1972 فإن ذلك لا يحرمه من التمسك بسقوط الخصومة أو انقضائها لعدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بالتعجيل من الوقف أو الانقطاع في المرات السابقة، ذلك أن المدعى عليه الثاني المرحوم... كان قد توفى في 17/ 4/ 1969 وقضت محكمة أول درجة بجلسة 10/ 11/ 1969 بانقطاع سير الخصومة لوفاته، وكان إعلان الطاعن الذي تم في 17/ 9/ 1970 قد وقع باطلاً لا ينتج أثراً، إذ تحددت جلسة 23/ 11/ 1970 لتعجيل نظر الدعوى إلا أن الدعوى لم تنظر في هذه الجلسة وظلت غير متداولة بالجلسات إلى أن أمر السيد رئيس المحكمة بتحديد جلسة 7/ 1/ 1972 لنظرها والتي لم يعلن إليها الطاعن، وقضى بجلسة 25/ 9/ 1972 بانقطاع سير الخصومة لوفاة المرحومة...، ثم عجلت لجلسة 27/ 11/ 1972 حيث أعلن الطاعن بصحيفة التعجيل إعلاناً باطلاً، ثم أعيد إعلانه لجلسة 1/ 1/ 1973 بإعلان باطل كذلك، ومن ثم فإن إعلان الطاعن الذي تم في 17/ 9/ 1970 لجلسة 23/ 11/ 1970 التي لم تنعقد لا ينتج أثراً وإذ توفى المرحوم.... في 17/ 4/ 1969 أي بعد جلسة 9/ 4/ 1969 التي قررت فيها المحكمة إعادة الدعوى إلى المرافعة، ومن هذا التاريخ أي 17/ 4/ 1969 يكون السير في الدعوى قد أوقف، فإذا احتسبت المدة من هذا التاريخ حتى تاريخ الحكم من محكمة أول درجة في 25/ 2/ 1974 فإنه يكون قد انقضت ثلاث سنوات على وقف السير في الدعوى بما تنقضي معه الخصومة فيها عملاً بالمادة 140 من قانون المرافعات، بل تتوافر هذه المدة حتى لو احتسبت من تاريخ الحكم بانقطاع سير الخصومة بجلسة 10/ 11/ 1969، ومن الناحية الأخرى فإنه بفرض الاعتداد بالإعلان الذي تم في 26/ 10/ 1972 لجلسة 27/ 11/ 1972 فإن الخصومة تكون قد سقطت عملاً بالمادة 134 مرافعات لمضي أكثر من سنة على وقف السير فيها منذ 17/ 4/ 1969 حتى 26/ 10/ 1972، بل إن هذه المدة تكون قد اكتملت لو احتسبت مدة السقوط اعتباراً من 10/ 11/ 1969 تاريخ الحكم بانقطاع سير الخصومة، ومن ثم تكون الخصومة في جميع الأحوال وبالنسبة إلى الطاعن عند صدور حكم محكمة أول درجة قد انقضت أو في القليل قد سقطت، بما يؤدى عملاً بالمادة 137 مرافعات إلى زوالها بكافة ما تم فيها من إجراءات، مما كان لازمه أن تقضي محكمة الاستئناف بإلغاء حكم محكمة أول درجة وبانقضاء الخصومة أو سقوطها، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه في غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر وفقاً للمادة 133 من قانون المرافعات أن الدعوى تستأنف سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذي توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته بناء على طلب الطرف الآخر أو بصحيفة تعلن إلى هذا الطرف بناء على طلب أولئك، وكان لا يؤثر في صحة الإعلان عدم نظر الدعوى في الجلسة المحددة، وكان توقيع الجزاء بسقوط الخصومة مناطه عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه مدة سنة من تاريخ آخر إجراء صحيح فيها إذ أن سقوط الخصومة جزاء فرضه المشرع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه إذا طلب صاحب المصلحة ذلك، لما كان ذلك، وكان الطاعن يؤسس نعيه بانقضاء الخصومة على بطلان إعلانه الذي تم في 17/ 9/ 1970 لأن الدعوى لم تنظر بجلسة 23/ 11/ 1970 التي كانت محددة لنظرها وظلت غير متداولة بالجلسات حتى أمر رئيس المحكمة بتحديد جلسة 7/ 1/ 1972 لنظرها، وإذ كان النعي ببطلان الإعلان المشار إليه لهذا السبب لا يقوم على أساس قانوني صحيح، لأن عدم نظر الدعوى في الجلسة المحددة لا يؤثر على صحة الإعلان، فلا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن الرد على هذا الدفاع الذي لا يقوم على أساس صحيح، وإذ كان عدم نظر الدعوى بالجلسات حتى حددت لها جلسة 7/ 1/ 1972 لم يكن بفعل المدعي أو امتناعه، فإن الدفع بسقوط الخصومة لا يكون قائماً على أساس صحيح، ولا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن الرد عليه، ويكون النعي بهذين الوجهين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى القول بأن إعلان الطاعن لجلسة 27/ 11/ 1972 تم صحيحاً - وهي الجلسة التي عجلت إليها الدعوى بعد انقطاع سير الخصومة بجلسة 25/ 9/ 1972 - مع أن هذا الإعلان وقع باطلاً إذ أثبت فيه المحضر أن الصورة الخاصة بالطاعن سلمت لمندوب القسم لامتناع ابنه عن الاستلام، وخلت بيانات الإعلان من المخاطب معه وما يفيد غياب المعلن إليه وأن من خاطبه المحضر يقيم مع المعلن إليه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان وجه النعي يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن لم يتمسك ببطلان إعلانه لجلسة 27/ 11/ 1972 أمام محكمة الاستئناف لهذا السبب وإنما اقتصر على التمسك ببطلان الإعلان لإقامته خارج البلاد، ومن ثم لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون نعيه بهذا الوجه غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه البطلان والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن قضاء النقض استقر على أن يمتنع على المحكمة عند الادعاء أمامها فرعياً بتزوير أحد المحررات أن تقضي بصحة الورقة أو تزويرها وفي موضوع النزاع بحكم واحد، وتلك القاعدة يجب إعمالها حتى في الحالة التي تقضي فيها المحكمة من تلقاء نفسها برد وبطلان مستند في الدعوى عملاً بالمادة 58 من قانون الإثبات، وأضاف الطاعن أن حكم محكمة أول درجة الذي تبناه الحكم المطعون فيه استند في قضائه برد وبطلان عقد البيع الصادر من المرحومة... إلى المرحوم.... على أن التاريخ الذي يحمله ختم.... على هذا العقد هو سنة 1352 هجرية وعلى فرض أن المقصود هو سنة 1352 هجرية فإن هذه السنة تقابل سنة 1939 ميلادية في حين أن العقد معطى له تاريخ 17/ 6/ 1954، وأنه وإن جاز اعتبار ذلك قرينة على عدم صحة التاريخ المعطى للعقد إلا أنه لا صلة له بصحة أو تزوير العقد ذاته ما دام لم يثبت أن الختم الممهور به العقد ليس للسيدة... أو أنه يحمل تاريخاً لاحقاً لوفاتها، وفضلاً عن ذلك فإن العقد المذكور لم يقتصر على بصمة ختم السيدة... الذي تشكك الحكم في تاريخه بل هو يحمل كذلك بصمة إبهامها الأيمن ولا يمكن القول بتزوير هذا العقد إلا إذا ثبت اختلاف البصمة التي يحملها عن بصمتها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في التزوير وفي الموضوع بحكم واحد يكون قد شابه البطلان والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر قانوناً أن البائع يضمن عدم التعرض للمشتري - وخلفه عاماً أو خاصاً - في العقار المبيع، وكان المشتري الذي لم يسجل عقد البيع الصادر له لا يعتبر خلفاً خاصاً للبائع ولا يعدو أن يكون دائناً شخصياً لهذا البائع ومن ثم لا يستطيع أن يواجه البائع لبائعه بضمان التعرض إلا استعمالاً لحق مدينه بطريق الدعوى غير المباشرة، لما كان ذلك كان الطاعن لم يسجل عقد البيع الصادر له ولم يختصم في الدعوى الماثلة للبائع له - ... أو ورثته من بعده، بما مؤداه أنه لم يستعمل حقوق هذا الأخير بطريق الدعوى غير المباشرة، فإنه لا يكون له شخصياً أن يواجه مورثة المطعون ضدهم من الأول إلى الثانية عشر - المرحومة... البائعة للبائع له - بضمان التعرض، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بثبوت ملكية المطعون ضدهم من الأول إلى الثانية عشر للأرض موضوع النزاع على ما ورد بتقرير الخبير من تملكهم لها بالإرث ونفى تملك الطاعن لها بالتقادم المكسب لعدم اكتمال مدته، فإن المجادلة في صحة عقد البيع المنسوب لمورثة المطعون ضدهم من الأول إلى الثانية عشر (المرحومة....) والنعي ببطلان الحكم لقضائه في موضوع الدعوى مع القضاء بتزوير هذا العقد بحكم واحد - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق وذلك من ثلاثة أوجه حاصلها أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 2680 سنة 1948 مدني كلي القاهرة على كل من المرحومة... والمرحوم... والمرحومة... بطلب صحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 25/ 1/ 1940 الصادر له من المرحوم... عن أرض النزاع وقضى في الدعوى لصالحه وأصبح الحكم فيها نهائياً وقد تمسك الطاعن أمام محكمة ثاني درجة بحجية الأمر المقضي للحكم النهائي سالف الذكر، غير أن الحكم المطعون فيه رفض إعمال هذا الدفع رغم توافر شروط انطباقه وفقاً للمادة 101 من قانون الإثبات، وأورد في مدوناته أن هذا الحكم ليس له أي حجية قبل السيدتين سالفتي الذكر لأن الطاعن لم يطلب الحكم بإلزامها بشيء ولم يطلب الحكم في مواجهتها، وهذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه مخالف للثابت بالأوراق لأن الثابت من صحيفة افتتاح تلك الدعوى ومدونات الحكم الصادر فيها أن الطاعن أوضح فيها أن السيدة... صادقت على العقد الصادر إليه من... والتزمت بالتوقيع على العقد النهائي وأنه يهمه أن يكون الحكم في مواجهة السيدة...، وانتهى إلى تكليفهم بالحضور في الجلسة المحددة ليسمعوا الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وخالف الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان للحكم حجية بالنسبة لأطراف الخصومة الصادر فيها إلا أن هذه الحجية لا تكون إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواه في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بددتها فما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حائز قوة الأمر المقضي فيه، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم الصادر في الدعوى 2680 سنة 1948 مدني كلي مصر أن الطاعن أقامها على كل من... عن نفسه وبصفته وكيلاً عن ورثة المرحوم... و... و.... قال فيها إنه بمقتضى عقد بيع عرفي مؤرخ في 25/ 1/ 1940 باع إليه مورث المدعى عليه الأول قطع أرض النزاع مبينة الحدود والمعالم بالعريضة نظير ثمن قدره 360 ج دفع بأكمله وقت التعاقد وقد صادقت المدعى عليها الثانية وهي المالكة الأصلية على هذا العقد وتعهدت بالتوقيع على عقد البيع النهائي وطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المذكور، وقال المحكمة في أسباب حكمها "وحيث إن المدعي حضر بجلسة اليوم وصمم على الطلبات الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى مستنداً في ذلك إلى عقد البيع الابتدائي المؤرخ 25/ 1/ 1940والمقدم بحافظة مستنداته بتوقيع مورث المدعى عليه الأول وببصمة ختم المدعى عليها الثانية والمتضمن بيع أولها له الأرض الفضاء موضوع هذه الدعوى نظير ثمن قدره 360 ج دفع في مجلس العقد ولم يحضر المدعى عليهم ليدفعوا الدعوى بما عسى أن يكون لديهم من أوجه دفاع ومن ثم تكون دعوى المدعي صحيحة ويتعين الحكم له بصحة ونفاذ العقد المذكور".وبجلسة 23/ 10/ 1948 قضت المحكمة غيابياً بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 25/ 1/ 1940 المتضمن بيع المرحوم... مورث المدعى عليه الأول إلى المدعي قطعة الأرض المبينة به وبصحيفة الدعوى بثمن قدره 360 ج وألزمت المدعى عليه الأول بالمصروفات وأمرت بالنفاذ المعجل، لما كان ذلك وكان لم يثبت من الحكم الصادر في الدعوى 2680 سنة 1948 مدني كلي مصر أنه تناول بالبحث عقد البيع المؤرخ 17/ 6/ 1944 المنسوب صدوره من مورثة المطعون ضدهم من الأول إلى الثانية عشر.... المرحومة.... إلى المرحوم... أو أنه أثير بشأنه نزاع بين الخصوم في تلك الدعوى وفصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به، فإذا أضيف إلى ذلك أنه لم يوجه في تلك الدعوى ثمة طلبات إلى المدعى عليهما فيها... و... فإن الحكم الصادر فيهما لا يحوز قوة الأمر المقضى به في النزاع الماثل، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بقوله في مدوناته "إن الثابت من مطالعة الحكم الصادر في الدعوى 2680 سنة 1948 مدني كلي القاهرة أن ليس له أي حجية قبل السيدتين سالفتي الذكر ذلك أنه وإن كان المستأنف (الطاعن) قد اختصمهما في تلك الدعوى إلا أنه لم يطلب الحكم بإلزامهما بشيء كما لم يطلب الحكم له بطلباته في مواجهتهما، وقد صدر الحكم فعلاً في تلك الدعوى قاضياً بصحة ونفاذ عقد مشترى المستأنف فقط دون أن يلزم السيدتين سالفتي الذكر بشيء أو يشير إلى أن الحكم صدر في مواجهتهما"، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو خالف الثابت بالأوراق. ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب لا أساس له.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال من وجهين حاصلهما أنه كان قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن وضع يده على أرض النزاع وضع يد هادئ ظاهر بنية التملك منذ شرائه لها وأنه بإضافة مدة حيازته إلى مدة حيازة سلفه المرحوم... تكتمل مدة اكتساب أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة، ورغم ذلك فإن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن مدة وضع يده لم تكتمل لها مدة التقادم الطويل ولم يعرض لما تمسك به من ضم مدة حيازة سلفه إلى حيازته وهو حق مقرر له بالمادة 955/ 2 من القانون المدني، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه سواء بإحالته إلى حكم محكمة أول درجة الذي اعتمد على ما أورده تقرير الخبير أو فيما أضافه من أسباب قد نفى حيازة الطاعن لعين النزاع على القول بأنها أرض فضاء محملة بالقاذورات والأتربة والأنقاض وهي بذاتها مظاهر لا يمكن أن تنفي وضع اليد، بل إن هذه المظاهر نفسها تتفق مع ما هو ثابت من أن من استأجر الأرض من الطاعن كان مقاولاً ثم بيعت إلى مشترين أحدهما مقاول بما يرشح لتراكم المخلفات في الأرض تبعاً لنوعية استغلال هؤلاء لها، فإذا أضيف إلى ذلك أنه مما لا خلاف عليه أن الأرض ظلت في وضع يد الطاعن وأنه مكن منها جميع المشترين منه حتى انتهى الأمر بتمكين المشترية الأخيرة التي أقامت عليها عمارة مكونة من خمسة أدوار علوية غير الأرضي، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد عاره القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بوجهه مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة الطويلة يعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتثبيت ملكية مورثتي المطعون ضدهم الاثني عشر الأول على سند من قوله "لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير أن أحداً من الطرفين لم يضع يده على أرض النزاع قبل سنة 1950 إذ ثبت من المعاينة أن الأرض محملة بأتربة وأنقاض وقاذورات وأن البلدية أنذرت المستأنف (الطاعن) بإزالة هذه القاذورات وعمل سور فلم يقم أحد بعمله وقامت البلدية بإقامة السور لحساب الملاك هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أنه بغرض احتساب مدة وضع يد المستأنف (الطاعن) على أرض النزاع من تاريخ تأجيرها إلى المقاول... في 1/ 2/ 1940 فإن المدة القانونية المكسبة للملكية لا تكون قد مضت منذ ذلك التاريخ حتى رفع الدعوى الحالية في 10/ 9/ 1951 ويتعين الالتفات عن هذا السبب من أسباب الاستئناف"، لما كان ذلك وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن المجادلة في هذا الشأن تعتبر مجادلة موضوعية في تقدير الدليل تنحسر عنها رقابة هذه المحكمة، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب لا أساس له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق