برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي، أحمد محمود هيكل، محمد عبد المنعم
البنا ومقبل شاكر.
----------
- 1 حكم " وصف الحكم". نقض
" اثر نقض الحكم".
أثر نقض الحكم الصادر في الدعوى؟ مثال : في وصف الحكم الصادر في
الموضوع
لما كان من المقرر أن الدعوى بعد نقض الحكم الصادر فيها تعود إلى
سيرتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض، وتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها،
فأن هذا الحكم يكون حضورياً اعتبارياً في حق المتهم عملاً بالمادة 239 من قانون
الإجراءات الجنائية.
- 2 استئناف " نظره والحكم فيه". حكم " بطلان الحكم".
خلو الحكم المستأنف من بيان تاريخ اصداره أثره.
لما كان الحكم المستأنف قد خلا من بيان تاريخ إصداره، وكان من المقرر
أن ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل تاريخ إصداره وإلا بطلت لفقدها
عنصراً من عناصر وجودها قانوناً لأنها السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم بكامل
أجزائه على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها، وإذا بطلت بطل
الحكم ذاته، فإنه يتعين القضاء ببطلان الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكانت محكمة
أول درجة قد استنفدت ولايتها بذلك الحكم الصادر بإدانة المتهم فإنه يتعين - بعد
إبطاله - الفصل في موضوع الدعوى، عملاً بما تقضي به المادة 419/ 1 من قانون
الإجراءات الجنائية.
- 3 إثبات " قرائن . قرائن قانونية". خطأ . ظروف مشددة . قتل "
قتل خطأ". مرور
سكر قائد المركبة قرينة على وقوع الحادث الخطأ من جانبه الى أن يقيم
الدليل على انتفائه م 26 / 2 ق.
أن المادة 66/ 2 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973
تجعل من سكر قائد المركبة قرينة على وقوع الحادث بخطأ من جانبه إلى أن يقيم هو
الدليل على انتفاء هذا الخطأ.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة..... بأنه: أولا - تسبب خطأ في موت..... بأن
كان ذلك ناشئاً عن إهماله إذ قاد سيارة بسرعة تجاوز الحد الأقصى للسرعة المقررة
حالة كونه بحالة سكر فاصطدم بمركب الجر التي كان يقودها المجني عليه وحدثت للأخير
من جراء ذلك الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته.
ثانياً: قاد سيارة بسرعة تجاوز الحد الأقصى للسرعة المقررة. ثالثا:
قاد سيارة وهو تحت تأثير الخمر. وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1 و2 من قانون العقوبات
و1 و4 و63 و78 و79 من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973.
وادعت...... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل
التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح سيدي جابر الجزئية قضت حضورياً عملا بمواد الاتهام بحبس
المتهم سنة مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه
بأن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت
والمصاريف ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة فاستأنف المتهم. ومحكمة الإسكندرية
الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع
بتعديل العقوبة المقضي بها اكتفاء بتغريم المتهم خمسمائة جنيه وتأييد الحكم
المستأنف فيما عدا ذلك.
فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن بجدول
المحكمة برقم 2059 لسنة 48 قضائية، وقضى فيه بتاريخ 26 مارس سنة 1979 بقبوله شكلا
وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية
الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى.
والمحكمة المذكورة - مشكلة من هيئة استئنافية أخرى - قضت حضوريا بقبول
الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى تغريم المتهم خمسمائة جنيه
وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم للمرة الثانية وقدمت أسباب الطعن
موقعاً عليها من الأستاذ..... المحامي.
وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون
فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع وإعلان الخصوم... الخ.
------------
المحكمة
حيث إن المتهم قد تخلف - بعد إعلانه - عن المثول أمام هذه المحكمة
بالجلسة التي حددت لنظر الموضوع دون أن يقدم عذراً مقبولاً لتخلفه، إلا أنه لما
كان قد سبق حضوره بالجلسات التي نظر فيها استئنافه أمام المحكمة المنقوض حكمها،
وكان من المقرر أن الدعوى بعد نقض الحكم الصادر فيها تعود إلى سيرتها الأولى قبل
صدور الحكم المنقوض، وتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها، فإن هذا الحكم يكون
حضوريا اعتباريا في حق المتهم عملا بالمادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث أن الاستئناف قدم في الميعاد مستوفياً شرائطه القانونية فهو
مقبول شكلا.
وحيث إنه لما كان الحكم المستأنف قد خلا من بيان تاريخ إصداره وكان من
المقرر أن ورقة الحكم هي من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل تاريخ إصداره وإلا
بطلت لفقدها عنصرا من عناصر وجودها قانونا لأنها السند الوحيد الذي يشهد بوجود
الحكم بكامل أجزائه على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها،
وإذا بطلت بطل الحكم ذاته، فإنه يتعين القضاء ببطلان الحكم المستأنف، لما كان ذلك،
وكانت محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها بذلك الحكم الصادر بإدانة المتهم فإنه،
يتعين بعد إبطاله الفصل في موضوع الدعوى، عملا بما تقضي به المادة 419/1 من قانون
الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الواقعة - طبقاً لما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى -
تتحصل في أنه في حوالي الثانية والنصف من صباح يوم 2-11-1975 كان المتهم........
يقود سيارته وهو في حالة سكر بين وينطلق بها بسرعة كبيرة تجاوز المسموح به قانونا
بشارع طريق الحرية بمدينة الإسكندرية، ولم يهدئ من سرعة السيارة عند وصوله بها إلى
ملتقى الشارع الذي كان يسلكه وشارع مصطفى كامل الذي كان المجني عليه.........
قادما منه يقود عربة يجرها حمار وعليها حمولة من الخضر، بل استمر مندفعا بذات تلك
السرعة العالية ودون أن يبذل أي محاولة لتفادي العربة وقائدها فصدم المجني عليه
صدمة أحدثت به من الإصابات ما أودى بحياته.
وحيث إن وقوع الحادث على الصورة سالفة البيان قد ثبت لدى المحكمة من
أقوال كل من النقيب......، ..........، وأقوال المتهم، ومن المعاينة، والتقارير
الطبية. فقد تقدم النقيب....... رئيس نقطة أبو النواتير بمذكرة أثبت فيها أنه
بينما كان يمر بدائرة قسم سيدي جابر في حوالي الثانية والنصف من صباح يوم
12-11-1975 أبصر سيارة تسير بسرعة ملحوظة بشارع طريق الحرية متجهة إلى حي الرمل،
في الوقت الذي كانت هناك فيه عربة نقل قادمة من شارع مصطفى كامل وفي سبيلها إلى
عبور ملتقى الشارعين واسترعى انتباهه أن قائد السيارة لم يحاول تفادي تلك العربة
فصدم الحمار الذي كان يجرها مما أدى إلى تناثر حمولتها من الخضر كما صدم قائدها،
واستمرت السيارة بعد ذلك في سيرها حتى اصطدمت - بعد حوالي مائة متر - بشجرة تقع في
الناحية اليمنى من طريق الحرية، فأسرع هو إليها، واشتم رائحة خمر واضحة تفوح من فم
قائدها المتهم الذي كان يهذي بكلمات غير مفهومة كما وجد قائد العربة النقل معلقا
بالواقي الأمامي للسيارة وقد لحقت به إصابات جسيمة بالوجه والساقين وذكر......
بمحضر جمع الاستدلالات أنه كان يركب فوق العربة النقل قيادة المجني عليه القادمة
من شارع مصطفى كامل، وكان الطريق خاليا والعربة تسير ببطء لوجود حمولة من الخضر
عليها، وفوجئ عند عبور المفارق بسيارة تسير بسرعة شديدة تصدم الحمار الذي كان يجر
العربة فقلبتها، وسقط المجني عليه فوق السيارة التي لم تتوقف إلا بعد اصطدامها
بإحدى الأشجار وأقر المتهم بأنه صدم - بالسيارة قيادته - العربة قيادة المجني عليه
بشارع طريق الحرية أثناء عبور العربة للمفارق قادمة من شارع مصطفى كامل، وجاء بالمعاينة
أن الحادث وقع وسط ميدان ساعة رشدي الذي يلتقي عند شارع طريق الحرية الذي كانت
تسلكه السيارة - وشارع مصطفى كامل - الذي كانت العربة قادمة منه - وأن عرض الطريق
في هذا الميدان حوالي ثمانية وعشرين خطوة، والإضاءة به جيدة، ولم يعثر به على آثار
فرامل، ووجدت السيارة قيادة المتهم مصطدمة بشجرة تقع على يمين اتجاهها بشارع طريق
الحرية، على بعد حوالي مائة وعشرين خطوة من مكان اصطدامها بالعربة التي وجدت
مقلوبة في منتصف المفارق، كما أوضح الرسم التخطيطي المرفق بالمعاينة عدم وجود ما
يحجب الرؤية بين العربة والسيارة منذ وصول العربة إلى قرب نهاية شارع مصطفى كامل
وحتى وصولها إلى مكان الاصطدام في منتصف الميدان، وجاء بالتقرير الطبي الصادر من
مفتش صحة العطارين أنه بالكشف على جثة المجني عليه.... تبين أن وفاته تعزى إلى
إصابته بارتجاج بالمخ وكسر بالساقين وأن هذه الإصابات جائزة الحدوث من الاصطدام
بجسم صلب راض، كما جاء بالتقرير الطبي الصادر من المستشفى الأميري أنه بالكشف على
المتهم...... تبين أنه في حالة سكر بين.
وحيث إن المتهم - في أقواله بمحضر جمع الاستدلالات - قد عزى الحادث
إلى ظهور العربة قيادة المجني عليه أمامه فجأة على بعد حوالي عشرة أمتار من مقدم
السيارة قيادته، وأضاف أنه كان يقود السيارة بسرعة تتراوح بين أربعين وخمسين كيلو
مترا في الساعة كما نفى أنه كان في حالة سكر، بيد أن هذا الدفاع ينفيه ما ثبت من
التقرير الطبي من أنه كان في حالة سكر بين، وهو ما تأيد بما شهد به النقيب..................
من أنه اشتم رائحة خمر واضحة تفوح من فمه، لما كان ذلك، وكانت المادة 66/ 2 من
قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973 تجعل من سكر قائد المركبة قرينة
على وقوع الحادث بخطأ من جانبه إلى أن يقيم هو الدليل على انتفاء هذا الخطأ، وهو ما
لم يقدم المتهم دليلا عليه، بل أنه على العكس من ذلك فإن الثابت من أقوال
النقيب......، وأقوال....... أنه وجد الطريق خاليا أمامه في تلك الساعة المتأخرة
من الليل فانطلق - وهو تحت تأثير الخمر - يقود السيارة بسرعة عالية غير عابئ بما
قد تعترضه من المركبات القادمة من الشوارع المقاطعة، ولم يلتفت إلى قدوم العربة
قيادة المجني عليه من الشارع المقاطع على الرغم مما يشير إليه الرسم التخطيطي
المرفق بالمعاينة من أنه كان يستطيع رؤيتها من على مسافة كافية، وأنه - حتى مع
السرعة العالية التي كان يسير عليها - كان يمكنه - لو أنه كان في حالة طبيعية
ومتيقظا للطريق - أن يتفادى الاصطدام بها، غير أنه - طبقاً لما ثبت من أقوال
النقيب........ لم يبذل أي محاولة لتفاديها فصدم قائدها والدابة التي كانت تجرها،
بل أنه لم يحاول الوقوف - حتى بعد هذا الاصطدام - وإنما ترك السيارة تندفع حاملة
المجني عليه فوق مقدمها إلى أن أوقفتها الشجرة التي اصطدمت بها بعد مسافة طويلة من
مكان وقوع الحادث، وهو ما ينبئ عنه عدم وجود آثار فرامل قبل مكان وقوفها، وقد ترتب
على اصطدام السيارة بالمجني عليه أن أصيب بارتجاج في المخ وبكسر في الساقين مما
أدى إلى وفاته طبقاً للثابت من التقرير الطبي.
وحيث أنه تأسيسا على ما سبق فإنه يكون قد ثبت لدى المحكمة أن
المتهم........ في يوم 2-11-1975 بدائرة قسم سيدي جابر بمحافظة الإسكندرية 1- تسبب
خطأ في موت.........، وكان ذلك ناشئا عن إهماله ورعونته وعدم احترازه وعدم مراعاته
للقوانين والقرارات بأن قاد سيارة وهو في حالة سكر، وسار بها بسرعة تجاوز المقرر
قانوناً فصدم المجني عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت
بحياته - 2 - قاد سيارة بسرعة تجاوز الحد الأقصى المقرر قانونا 3- قاد سيارة وهو
تحت تأثير الخمر، الأمر المعاقب عليه بالمادة 238/1-2 من قانون العقوبات، والمواد
63، 66، 75، 76 من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، لما كان ذلك،
وكانت الجريمتان الأخيرتان تدخلان في تكوين ركن الخطأ في الجريمة الأولى وهي
الجريمة ذات العقوبة الأشد فإنه يتعين إعمالا للمادة 32/ 1 من قانون العقوبات
الاكتفاء بتوقيع العقوبة المقررة لها والمنصوص عليها في المادة 238/1-2 من قانون
العقوبات.
وحيث إن...... أرملة المجني عليه - عن نفسها وبصفتها وصية على أولاده
القصر - ادعت مدنياً قبل المتهم طالبة إلزامه بأن يؤدي لها واحد وخمسين جنيها على
سبيل التعويض المؤقت. لما كان ذلك، وكانت المادة 163 من القانون المدني تنص على أن
كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض، وكانت المحكمة قد انتهت إلى ثبوت
الخطأ في جانب المتهم، وكان هذا الخطأ قد ألحق بالمدعية بالحقوق المدنية - عن
نفسها وبصفتها - ضرراً أدبياً تمثل في فقد الزوج والأب، وضررا ماديا تمثل في فقد
العائل، وكان التعويض المؤقت المطلوب يدخل في نطاق ما تستحقه من تعويض نهائي فإنه
يتعين إجابتها إلى طلبها، كما يتعين إلزام المتهم بالمصاريف المدنية عملا بالمادة
320 من قانون الإجراءات الجنائية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق