الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 7 فبراير 2019

الطعن 2640 لسنة 53 ق جلسة 27 / 12 / 1983 مكتب فني 34 ق 218 ص 1094


برئاسة السيد المستشار/ فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع، حسن غلاب، محمد أحمد حسن والسيد عبد المجيد العشري.
------------
- 1  دعوى " دعوي جنائية . تحريكها".
الأصل أن تختص النيابة العامة دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية حالات الطلب المنصوص عليها في المادة 124 ق 66 لسنة 1963 استثناء ؟ من الأصل مؤدى ذلك مثال في جريمتي جلب مخدرات وتهريب جمركي.
الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع، وكانت حالات الطلب المنصوص عليها في المادة 124 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر مما يتعين معه عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الطلب دون غيرها من الجرائم التي قد ترتبط وإذا كان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 قد خلا من أي قيد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية عن جريمة الجلب، وهي جريمة مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جريمة التهريب الجمركي المعاقب عليها بموجب القانون رقم 66 لسنة 1963، فلا حرج على النيابة العامة إن هي باشرت التحقيق في جريمة الجلب رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، ويكون تحقيقها صحيحاً في القانون، سواء في خصوص جريمة الجلب أو ما يسفر عنه من جرائم أخرى مما يتوقف تحريك الدعوى الجنائية فيها على طلب، ما دامت قد حصلت قبل رفعها الدعوى إلى جهة الحكم على طلب، ما دامت في خصوص جريمة التهريب الجمركي - كما هو الحال في الطعن الماثل - وللمقول بغير ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالاً بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي طلباً الأمر الذي تتأذى منه حتماً العدالة الجنائية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
- 2  دفوع " الدفع ببطلان محضر جمع الاستدلالات". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
بطلان التحقيقات السابقة على المحاكمة لا يثار لأول مرة أمام محكمة النقض.
لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التحقيقات السابقة على المحاكمة فلا يقبل منه إثارة أمر بطلان تحقيق النيابة العامة لأول مرة أمام محكمة النقض.
- 3  تعويض . نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
وجوب الحكم علي الجاني تعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة أو بتعويض يعادل مثليها أو مثلي قيمة البضائع موضوع الجريمة ان كانت من الأصناف الممنوعة أيهما أكثر كفاية أن يبين الحكم الأساس الذي تساند اليه في القضاء بالتعويض المنازعة في مقدار التعويض أو في خصوص عناصر تحديده لا تثار لأول مرة أمام محكمة النقض.
لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعن بجريمتي جلب الجواهر المخدرة وتهريبها بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة وقضى بإلزامه بالتعويض الجمركي إعمالاً للمادة 122/2 من القانون رقم 66 لسنة 1963، وكانت هذه المادة قد أوجبت الحكم على الجاني - إلى جانب الحبس والغرامة ـ بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكثر، فإن فيما أثبته الحكم ما يكفي بياناً للأساس الذي تساند إليه في القضاء بالتعويض وإذ كان الطاعن - على ما يبين من محضر الجلسة - لم ينازع في مقدار التعويض المطلوب أو يثر شيئاً في خصوص عناصر تحديده فلا يقبل منه أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه دفاعاً موضوعياً يحتاج تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض.
- 4 مواد مخدرة
جلب المخدر هو استيراده بالذات او بالوساطة ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود.
لما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة، فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس، سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أم لحساب غيره، متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان، ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن في نصه الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذكره يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب زنته 2,080 كيلو جراماً ضبطت مخبأة في مكان سري في حقيبة الطاعن ودخل بها ميناء الإسكندرية قادماً من سوريا، فإن ما أثبته الحكم من ذلك الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل ومن ثم فإن الحكم لم يكن ملزماً من بعد باستظهار القصد الملابس لهذا الفعل صراحة - ولو دفع بانتفائه، وهو لم يفعله الطاعن - ما دام مستفاداً بدلالة الاقتضاء من تقريره واستدلاله الأمر الذي يكون معه منعى الطاعن في هذا الخصوص على غير سند.
- 5 حكم " بيانات الحكم . التسبيب غير المعيب".
التحدث استقلالا عن العلم بكنه المادة المخدرة غير لازم حد ذلك.
لما كان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن العلم بكنه المادة المخدرة طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها كافياً في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بأن ما يحرزه من المواد المخدرة، وكان المبين من مدونات الحكم المطعون فيه، سواء في معرض تحصيله الواقعة أورده على دفاع الطاعن، أن ما ساقه من أدلة - ومن بينها إقرار الطاعن لمأمور الجمرك عقب اكتشافه المخبأ السري في قاع حقيبته وقبل فضه بأنه يحوي حشيشاً - كافياً في الدلالة على توافر العلم لدى الطاعن فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له وجه.
- 6  عقوبة " العفو من العقوبة".
شرط الاعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة ؟ تقدير توافر موجب : الاعفاء أو انتفائه . موضوعي مثال.
لما كان الحكم قد عرض لطلب الطاعن إعفاءه من العقاب وأطرحه في قوله: "..... فإنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يوصل إبلاغه فعلاً إلى ضبط باقي الجناة، وكان زعم المتهم أنه تسلم الحقيبة المضبوطة من آخر عينة لتسليمها إلى آخر عينة كذلك لم يتحقق صدقه إذ الثابت من كتاب العقيد....... رئيس فرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤرخ في 31-10-1982 بأن التحريات التي أجريت لم تسفر عن التوصل إلى شخص يحمل اسم....... الذي جاء بأقوال المتهم أنه يتردد على مقهى بميدان العتبة بالقاهرة ويرجح أنه اسم وهمي وكذلك الشأن بالنسبة لمن قرر المتهم أنه يدعى...... إذ لم يتم التوصل إليه بدوره - وبالتالي فإن إبلاغ المتهم لم يوصل إلى اتهامهما وضبطهما ولا يفيد بالتالي من الإعفاء من المسئولية المنصوص عنه في المادة 48- 2 سالفة الذكر. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرتب الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي سهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً ومنتجاً وجدياً في معاونة السلطات للتوصل إلى ضبط مهربي المخدرات والكشف عن مرتكبي الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من القانون رقم 182 لسنة 1960 آنف الذكر باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة بأن كان غير جدي وعقيماً فلا يستحق صاحبه الإعفاء، وكان تقدير توافر موجب الإعفاء أو انتفائه مما تفصل فيه محكمة الموضوع ما دامت تقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى وإذ كان ما أورده الحكم - فيما سلف بيانه - صحيحاً في القانون سائغاً في العقل والمنطق فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك يكون غير قويم.
- 7  إثبات " اعتراف".
نقل الحكم عن الطاعن أنه أقر بإحرازه الحقيبة التي ضبط بها المخدر وأنه أحضرها معه من الخارج دون أن ينسب له اعترافا بارتكاب الجريمة لا محل للنعي عليه في هذا المقام .
متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب للطاعن اعترافا بارتكاب الجريمة - على خلاف ما يذهب إليه بوجه النعي - وإنما نقل عنه أنه أقر بإحرازه الحقيبة التي ضبط بها المخدر وأنه أحضرها معه من سوريا وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه ومن ثم فإن نعيه في هذا المقام يكون لا محل له.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولا: جلب إلى أراضي جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (حشيشاً) قبل الحصول على تصريح كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. ثانياً: هرب البضاعة الواردة والمبينة وصفا بالتحقيقات موضوع التهمة الأولى بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة، وإحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 3، 33 - 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 15، 121، 122 - 1 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980، 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاث آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات وإلزامه بأن يدفع إلى مصلحة الجمارك مبلغ 7165,400 ج (سبعة آلاف جنيه وخمسة وستين جنيهاً وأربعمائة مليما). 
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي جلب المواد المخدرة وتهريبها من الضرائب الجمركية فقد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن النيابة العامة باشرت التحقيق قبل صدور طلب كتابي من مصلحة الجمارك بما يبطل التحقيق ولا يصححه الطلب اللاحق الذي صدر بإقامة الدعوى، وقضى الحكم بإلزام الطاعن بالتعويض الجمركي دون أن يبين كيفية تحديد مقداره وقد اقتصر الحكم على التحدث عن الركن المادي في جريمة الجلب دون أن يدلل على توافر القصد الجنائي لديه، واتخذ من مجرد ضبط المخدر في حقيبة الطاعن دليلا على علمه بكنه المادة المضبوطة كما أنه أطرح طلب الطاعن إعفاءه من العقاب لإرشاده عن الجناة بما لا يؤدي إليه ذلك أن عدم ضبطهم إنما يرجع إلى تقاعس رجال الضبط عن القيام بواجبهم كما أن المحضر المحرر بعدم الاستدلال على باقي المتهمين، الذي تساند إليه الحكم في إطراح دفاعه، لا يمثل الحقيقة وفضلا عن ذلك فقد عول الحكم، فيما عول على اعتراف الطاعن بإحرازه الحقيبة التي ضبط بها المخدر وبأنه أحضرها معه من الخارج في حين أن أقوال الطاعن في هذا الخصوص لا تؤدي إلى ما استخلصه الحكم منها إذ أنها لا تخرج عن قوله بتسلمه الحقيبة من شخص سماه في سوريا لتسليمها لآخر بالقاهرة وهو ما لا يعد اعترافاً منه بارتكاب الجريمة. كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق. لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع، وكانت حالات الطلب المنصوص عليها في المادة 124 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر مما يتعين معه عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الطلب دون غيرها من الجرائم التي قد ترتبط وإذا كان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 قد خلا من أي قيد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية عن جريمة الجلب، وهي جريمة مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جريمة التهريب الجمركي المعاقب عليها بموجب القانون رقم 66 لسنة 1963، فلا حرج على النيابة العامة إن هي باشرت التحقيق في جريمة الجلب رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، ويكون تحقيقها صحيحا في القانون سواء في خصوص جريمة الجلب أو ما يسفر عنه من جرائم أخرى مما يتوقف تحريك الدعوى الجنائية فيها على طلب، ما دامت قد حصلت قبل رفعها الدعوى إلى جهة الحكم على الطلب في خصوص جريمة التهريب الجمركي - كما هو الحال في الطعن الماثل - والقول بغير ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالا بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي طلبا الأمر الذي تتأذى منه حتما العدالة الجنائية ومن ثم ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد فضلا عن أنه لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التحقيقات السابقة على المحاكمة فلا يقبل منه إثارة أمر بطلان تحقيق النيابة العامة لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعن بجريمتي جلب الجواهر المخدرة وتهريبها بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة وقضى بإلزامه بالتعويض الجمركي إعمالا للمادة 122/2 من القانون رقم 66 لسنة 1963، وكانت هذه المادة قد أوجبت الحكم على الجاني - إلى جانب الحبس والغرامة - بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلا لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكثر، فإن فيما أثبته الحكم ما يكفي بياناً للأساس الذي تساند إليه في القضاء بالتعويض وإذ كان الطاعن - على ما يبين من محضر الجلسة - لم ينازع في مقدار التعويض المطلوب أو يثير شيئا في خصوص عناصر تحديده فلا يقبل منه أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه دفاعا موضوعيا يحتاج تحقيقا تنأى عنه وظيفة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة، فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو الواسطة ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره، متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان. ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن في نصه الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما أستنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذكره يكون ترديدا للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب زنته 2,080 كيلو جراما ضبطت مخبأة في مكان سري في حقيبة الطاعن ودخل بها ميناء الإسكندرية قادما من سوريا، فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل ومن ثم فإن الحكم لم يكن ملزما من بعد باستظهار القصد الملابس لهذا الفعل صراحة - ولو دفع بانتفائه، وهو ما لم يفعله الطاعن - ما دام مستفادا بدلالة الاقتضاء من تقريره واستدلاله الأمر الذي يكون معه منعى الطاعن في هذا الخصوص على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن العلم بكنه المادة المخدرة طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع الدعوى وظروفها كافيا في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بأن ما يحرزه من المواد المخدرة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، سواء في معرض تحصيله الواقعة أورده على دفاع الطاعن. أن ما ساقه من أدلة - ومن بينها إقرار الطاعن لمأمور الجمرك عقب اكتشافه المخبأ السري في قاع حقيبته وقبل فضه بأنه يحوي حشيشا - كافياً في الدلالة على توافر العلم لدى الطاعن فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن إعفاءه من العقاب وإطراحه في قوله "....... فإنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يوصل إبلاغه فعلا إلى ضبط باقي الجناة، وكان زعم المتهم أنه تسلم الحقيبة المضبوطة من آخر عينة لتسليمها إلى آخر عينة كذلك لم يتحقق صدقه إذ الثابت من كتاب العقيد........ رئيس فرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤرخ في 31-10-1982 بأن التحريات التي أجريت لم تسفر عن التوصل إلى شخص يحمل اسم......... الذي جاء بأقوال المتهم أنه يتردد على مقهى بميدان العتبة بالقاهرة ويرجح أنه اسم وهمي وكذلك الشأن بالنسبة لمن قرر المتهم أنه يدعى....... إذ لم يتم التوصل إليه بدوره - وبالتالي فإن إبلاغ المتهم لم يوصل إلى اتهامهما وضبطهما ولا يفيد بالتالي من الإعفاء من المسئولية المنصوص عنه في المادة 48/2 سالفة الذكر، لما كان ذلك، وكان القانون لم يرتب الإعفاء من العقاب بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه إسهاما إيجابيا ومنتجا وجديا في معاونة السلطات للتوصل إلى ضبط مهربي المخدرات والكشف عن مرتكبي الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من القانون رقم 182 لسنة 1960 آنف الذكر باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة بأن كان غير جدي وعقيما فلا يستحق صاحبه الإعفاء، وكان تقدير توافر موجب الإعفاء أو انتفائه مما تفصل فيه محكمة الموضوع ما دامت تقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى وإذ كان ما أورده الحكم - فيما سلف بيانه - صحيحا في القانون سائغاً في العقل والمنطق فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب للطاعن اعترافا بارتكاب الجريمة - على خلاف ما يذهب إليه بوجه النعي - وإنما نقل عنه أنه أقر بإحرازه الحقيبة التي ضبط بها المخدر وأنه أحضرها معه من سوريا وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه ومن ثم فإن نعيه في هذا المقام يكون لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق