جلسة 13 من يناير سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة: وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فوده، عبد الحميد المنفلوطي، محمد إبراهيم خليل, علي السعدني.
---------------
(39)
الطعن رقم 22 لسنة 47 القضائية
(1) دعوى "انعقاد الخصومة".
الخصومة لا تنعقد إلا بين أحياء، وإلا كانت معدومة. لا يصححها إجراء لاحق.
(2) استئناف "ميعاد الاستئناف: وقف الميعاد".
جهل الخصم بوفاة خصمه يعد عذراً يترتب عليه وقف سريان الميعاد. عدم توجيه الاستئناف إلى ورثة الخصم جملة في الميعاد. أثره. سقوط الحق في الاستئناف.
(3) دعوى "انقطاع سير الخصومة".
انقطاع سير الخصومة يقع بقوة القانون إذا تحقق سببه يعد بدئها. حصوله قبل ذلك. أثره. اعتبار الخصومة معدومة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهما، أقام الدعوى رقم 65 لسنة 1974 أسوان الابتدائية ضد الطاعن، بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 10000 جنيه تعويضاً عن وفاة ابنه نتيجة إهمال علاجه بمستشفى حميات كوم أمبو الأمر الذي جوزي إدارياً من أجله طبيب المستشفى المذكور. وبتاريخ 31 أكتوبر سنة 1974 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى مورث المطعون عليهما مبلغ 5000 جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة استئناف أسيوط في 9 ديسمبر سنة 1974 وقيدت برقم 102 لسنة 49 ق, ولدى إعلان صحيفة الاستئناف في 14 ديسمبر 1974 تبين أن المستأنف عليه - مورث المطعون عليهما - كان قد توفى بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1974. وبتاريخ 3 فبراير سنة 1975 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة. عجل الطاعن استئنافه معلناً ورثة المستأنف عليه جملة في موطن مورثهم بتاريخ 19 مارس سنة 1975، ثم أعلن المطعون عليهما بصفتيهما بتاريخ 18 يونيه سنة 1975. دفع المطعون عليهما ببطلان الاستئناف وباعتباره كأن لم يكن لعدم إعلان صحيفته خلال الثلاثة أشهر التالية لإيداع الصحيفة قلم الكتاب. وبتاريخ 11 نوفمبر سنة 1976 حكمت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر, وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين، الأول أن ميعاد التكليف بالحضور طبقاً لنص المادة 70 من قانون المرافعات لا ينصرف إلى ميعاد الطعن أو رفعه كما لا يمتد إلى حالة تكليف ورثة المطعون عليه بالحضور لأنه قاصر على تكليف المطعون عليه ذاته بالحضور، فإذا تبين أن المطعون عليه قد توفى أثناء ميعاد الطعن تعين على المحكمة أن تحكم بانقطاع سير الخصومة، ومن ثم تسري القواعد المتعلقة بسقوط الخصومة دون تلك الخاصة باعتبار الدعوى كأم لم تكن، كما أن نطاق تطبيق المادة 217 من قانون المرافعات يتحدد بالحالة التي يرفع فيها الطعن بالإعلان إلى ورثة المحكوم له جملة إذا علم الطاعن بوفاة خصمه قبل رفع الطعن، دون تلك الحالة التي يتم فيها الطعن بإيداع صحيفته قلم الكتاب أو تلك الحالة التي لا يعلم فيها الطاعن بوفاة خصمه فيصح توجيه الطعن إلى مورث، ومن ثم فإن إعلان الورثة جملة لا يصادف محلاً، لأن الطعن لم يرفع ضد الورثة جملة، بل رفع ضد المورث ولأن الإجراء المطلوب هو تكليف الورثة بالحضور لتعجيل الاستئناف بعد الانقطاع وليس رفع الطعن ذاته أو إعلانه، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استلزم تطبيق المادة 70 من قانون المرافعات التي تتطلب تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع الصحيفة على الحالة التي يلزم فيها إعلان ورثة المستأنف عليه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. والوجه الثاني أن قضاء المحكمة الاستئنافية بانقطاع سير الخصومة لوفاة المستأنف عليه، تضمن قضاء قطعياً في وجوب سريان أحكام انقطاع سير الخصومة على الاستئناف، استنفذت به المحكمة ولايتها في بيان القواعد القانونية الواجبة التطبيق، ومنها أن جميع مواعيد المرافعات التي كانت جارية في حق الخصوم تقف إلى حين تعجيل الاستئناف، ومن ثم لا يقبل القول بسريان الميعاد المقرر بالمادة 70 من قانون المرافعات إذ صدر حكم بانقطاع سير الخصومة قبل اكتمال ذلك الميعاد، وهو حكم ملزم لأطراف النزاع جميعاً يرتب وقف كافة المواعيد التي كانت سارية في حقهم إلى حين تعجيل الدعوى، وإنه لما كان يجوز له تعجيل الدعوى خلال سنة طبقاً لنص المادة 134 من هذا القانون، وكان قد عجل استئنافه بإعلان الورثة بأسمائهم وصفاتهم بتاريخ 18 يونيه سنة 1975 أي قبل انقضاء الميعاد المقرر لتعجيل الاستئناف، فإنه يكون قد كلف المستأنف عليهم بالحضور خلال الميعاد المقرر في القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان الأصل أن تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء، فلا تنعقد أصلاً إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة, وإلا كانت معدومة لا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق، وكان على من يريد عقد الخصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومة من وفاة أو تغير في الصفة قبل اختصامهم، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الحكم الابتدائي صدر في 31 أكتوبر سنة 1974 وأن الطاعن أودع صحيفة استئنافه قلم كتاب المحكمة بتاريخ 9 ديسمبر سنة 1974 موجهاً هذا الاستئناف إلى مورث المطعون عليهما الذي تبين أنه كان قد توفى بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1974 وقبل إيداع تلك الصحيفة، فإن الخصومة في الاستئناف لا تكون قد بدأت بين طرفها ولا يترتب على إيداع صحيفتها قلم الكتاب أي أثر، على أنه إذا جاز القول بأن الطاعن قام بما يوجبه عليه القانون من تحريات ولم تثبت لديه وفاة المحكوم له إلا بعد أن وردت الإجابة بوفاته عند إعلانه بصحيفة الاستئناف في 14 ديسمبر سنة 1974، وكان جهل الخصم بوفاة خصمه يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عذراًَ يترتب عليه وقف سريان الميعاد في الفترة التي تبدأ من وقت توجيه الإجراء في مواجهة المتوفى بإيداع صحيفة الاستئناف في 9 ديسمبر سنة 1974 وتنتهي في وقت العلم بهذه الوفاة عن طريق محاولة إعلان الصحيفة إلى المتوفى في 14 ديسمبر سنة 1974، فإنه كان يتعين على الطاعن أن يعيد توجيه استئنافه إلى الورثة جملة في هذا الميعاد وفقاً للمادة 217 من قانون المرافعات حتى يتوقى سقوط الحق في الاستئناف وإذ لم يقم الطاعن باتباع هذا الذي يفرضه القانون، فإن الخصومة في الاستئناف تكون معدومة قبل إجراء الإعلان وطبقاً للقانون ولا يصححها أي إجراء لاحق, ومن ثم يكون حقه في الاستئناف قد سقط بفوات ميعاده دون اعتداد بتعجيل الاستئناف بإعلان الورثة جملة بعد ذلك في موطن مورثهم في 19 مارس 1975 وإعادة إعلانهم بأسمائهم وصفاتهم في 18 يونيه سنة 1975 بذات الصحيفة لورود هذا التعجيل على غير محل، لما كان ذلك وكان انقطاع سير الخصومة يقع بقوة القانون دون حاجة لصدور حكم به, فإن الحكم به لا يكون إلا تقريراً لحكم القانون, وبوصفه متعلقاً بسير الدعوى لا تكون له أية حجية, وإذ يشترط لانقطاع سير الخصومة أن يتحقق سببه بعد بدء الخصومة، فإنه وقع قبل ذلك أي قبل إيداع الصحيفة قلم الكتاب كانت الخصومة معدومة ولا تجرى عليها أحكام الانقطاع. لما كان ذلك وكان انعدام استئناف الطاعن يلتقي في نتيجته مع اعتباره كأن لم يكن، فإن النعي برمته يكون غير منتج ولا جدوى منه.
ولما قدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق