الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 23 أغسطس 2017

عدم تنظيم قانون الطوارئ للإجراءات التى تتبع فى مواد الجنايات فى حق المتهمين الغائبين

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثلاثين من يوليو سنة 2017م، الموافق السابع من ذى القعدة سنة 1438 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق        رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى وسعيد مرعى عمرو وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيـم وحاتم حمــد بجاتــو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل         رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع                               أمين السر

أصدرت الحكم الآتى 
 فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 61 لسنة 38 قضائية " منازعة تنفيذ ".
المقامة من
محمد فهيم حسين عبدالحليم حماد
ضد
1- رئيس الجمهوريــة
2- رئيس مجلس الــوزراء
3- وزيــر العـدل
4- رئيس مجلس القضاء الأعلـى
5- رئيس محكمة استئناف القاهرة
6- النائــب العـام
7- رئيس وأعضاء الدائرة (28) جنايات القاهرة
الإجراءات
    بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 2016، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر بجلسة الثامن من أكتوبر سنة 2016، من محكمة جنايات القاهرة "بهيئة أمـن دولة عليا طوارئ" فى الدعــوى رقم 308 لسنة 2010 جنايات الزيتون، والمقيدة برقم 2 لسنة 2010 كلى غرب القاهرة، وما ترتب عليه من آثار، والاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 17 لسنة 15 قضائية "دستورية"، الصادر بجلسة 2/6/2013. ثانيًا: وفى الموضوع بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة المشار إليه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فى ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى.
    وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
    بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
     حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - فى أن النيابة العامة كانت قد نسبت إلى المدعى فى القضية رقم 308 لسنة 2010 جنايات الزيتون، والمقيدة برقم 2 لسنة 2010 كلى غرب القاهرة، أنه فى غضون الفترة من عام 2006 حتى 21/7/2009، بدائرة قسم شرطة الزيتون، بمحافظة القاهرة، أنشأ وأدار وتولى زعامة جماعة، أُسست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها، الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، بأن أنشأ وأدار وتولى زعامة جماعة (سرية الولاء والبراء) التى تدعو لتكفير الحاكم وإباحة الخروج عليه وتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد الشرطة والسائحين الأجانب والمسيحيين واستحلال أموالهم وممتلكاتهم واستهداف المنشآت العامة والبترولية والمجرى الملاحى لقناة السويس والسفن المارة بها، بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكان الإرهاب من الوسائل التى تستخدمها هذه الجماعة فى تنفيذ أغراضها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات، كما اتهمته وآخرين بأنهم أمدوا جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون بمعونات مادية ومالية، بأن أمدوا جماعة (سرية الولاء والبراء) بأموال ومعدات - سيارات وأدوات غطس - وأجهزة إلكترونية - جهاز توجيه عن بعد ودوائر إلكترونية وكهربائية - وذلك مع علمهم بأهداف الجماعة المشار إليها، وما تدعو إليه من أغراض، وطلبت عقابهم وآخرين بالمواد ( 86، 86 مكرر/1، 2، 86 مكرر أ/1، 2) من قانون العقوبات، والمادة (2/2) من قرار رئيس الجمهورية رقم 298 لسنة 1995 فى شأن تأمين الحدود الشرقية لجمهورية مصر العربية. وبتاريخ 15 من يونيو سنة 2014، أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها ببراءة المدعى وآخرين من الاتهامات المنسوبة إليهم، وبإدانة باقى المتهمين عن التهم المنسوب إليهم ارتكابها، وبتاريخ 21 من سبتمبر سنة 2014، صَدق رئيس الوزراء على الحكم فى شقه الصادر بالإدانة، وأمر بإعادة محاكمة المدعى وباقى من قُضى ببراءتهم. وبتاريخ الثامن من أكتوبر سنة 2016 قضت محكمة جنايات القاهرة، "بهيئة محكمة أمن دولة عليا طوارئ"، غيابيًّا، بمعاقبة المدعى بالإعدام، وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند من صحة القبض على المتهمين وتفتيشهم، وما أسفر عن ذلك من أدلة، لحصولها بناءً على قرارات بالاعتقال صدرت من وزير الداخلية؛ بمقتضى السلطة المخولة إليه بموجب نص البند الأول من المادة (3) من القانون رقم 162 لسنة 1958، بشأن حالة الطوارئ، حال أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت بجلسة الثانى من يونيو سنة 2013، فى القضية رقم 17 لسنة 15 قضائية "دستورية، بعدم دستورية ما تضمنه البند (1) من المادة رقم (3) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 من تخويل رئيس الجمهورية الترخيص بالقبض والاعتقال، وبتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وقد نُشِرَ الحكم فى الجريدة الرسمية بالعدد 22 مكرر فى الثالث من يونيو سنة 2013؛ وإذ يرى المدعى أن الحكم الغيابي الصادر بمعاقبته بالإعدام يُعتبر عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 17 لسنة 15 قضائية "دستورية" المار ذكره، ومن ثم فقد أقام الدعوى المعروضة.
   وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا، بمضمونها أو أبعادها، دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها، وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر فى دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته.
بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة ودون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها فى تأمين حقوق الأفراد وصون حريتهم، يفترض أمرين، أولهما: أن تكون هذه العوائق، سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها، حائلة دون تنفيذ أحكامها، ومقيدة لنطاقها. وثانيهما: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكـام وربطهـا منطقيًّا بها أمرًا ممكنًا، فإذا لم تكن لهـا بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.
        وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى أيضًا على أن إعمال آثار الأحكام التى تصدرها فى المسائل الدستورية هو من اختصاص محاكم الموضوع، وذلك ابتناءً على أن محكمة الموضوع هى التى تنزل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن المسألة الدستورية، باعتباره مفترضًا أوليًّا للفصل فى النزاع الموضوعى الدائر حولها، ومن ثم فهى المنوط بها تطبيق نصوص القانون فى ضوء أحكام المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذى يستلزم، كأصل عام، اللجوء إلى تلك المحاكم ابتداءً لإعمال آثار الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية على الوجه الصحيح، وليضحى اللجوء الى المحكمة الدستورية العليا الملاذ الأخير لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها وتحول دون جريان آثارها، بما مؤداه أنه لا يصح أن يكون العائق المدعى به فى منازعة التنفيذ، مجرد ادعاء مرسل أو إجراء مبدئى يناقض حكمًا للمحكمة الدستورية العليا، وإنما يلزم أن يتبلور هذا العائق فى تصرف قانوني نافذ، بصورة نهائية، منتجًا لآثار قانونية تحول دون انسياب آثار حكم المحكمة الدستورية العليا، وتبعًا لذلك فإن مناط قبول منازعة التنفيذ يكون متخلفًا كلما كان الحائل المدعى به يمكن دفعه باتخاذ إجراء مقرر قانونًا يلزم اتباعه قبل سلوك سبيل منازعة التنفيذ، ذلك أن عوائق التنفيذ التى تختص هذه المحكمة بإزاحتها لا تمتد إلى أى عمل تمهيدي أو إجراء افتتاحي يدخل ضمن سلسلة من الإجراءات التى تكوّن فى مجموعها وعند تمامها عملًا قانونيًّا مكتملًا، يصلح أن يكون محلاًّ لنزاع يتم عرضه على القضاء.  
وحيث إنه متى كان ذلك؛ وكان من المقرر قانونًا، إعمالًا للفقرة الأولى من المادة العاشرة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وجوب تطبيق أحكام القوانين المعمول بها على تحقيق القضايا التى تختص بالفصل فيها محاكم أمن الدولة، وعلى إجراءات نظرها والحكم فيها، وتنفيذ العقوبات المقضي بها، وذلك فيما عدا ما هو منصوص عليه من إجراءات وقواعد فى قانون الطوارئ أو فى الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية، ولما كان القانون رقم 162 لسنة 1958 المشار إليه، والأوامر التى أصدرها رئيس الجمهورية، لم تنظم الإجراءات التى تتبع فى مواد الجنايات فى حق المتهمين الغائبين، فإنه يتبع فى هذا الشأن الأحكام المنصوص عليها فى قانون الإجراءات الجنائية. وإذ كان ذلك، وكان مقتضى نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة (395) من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا حضر المحكوم عليه فى غيبته أو قبض عليه أو حضر وكيله الخاص قبل سقوط العقوبة بمضى المدة يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويعرض المقبوض عليه محبوسًا بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيًّا حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يجوز للمحكمة فى هذه الحالة التشديد عمَّا قضى به الحكم الغيابى، فإذا تخلف المحكوم عليه فى غيبته أو وكيله الخاص عن حضور الجلسة المحددة عند إعادة نظر دعواه، اعتبر الحكم ضده قائمًا، فإذا حضر المحكوم عليه فى غيبته مرة أخرى قبل سقوط العقوبة بمضى المدة، تأمر النيابة بالقبض عليه ويحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعـوى، ويعرض محبوسًا بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسـه احتياطيًّا حتى الانتهاء من نظر الدعوى، وهو ما يقطع بأن الأحكام الغيابية الصادرة بالإدانة فى الجنايات،
هي أحكام غير قابلة للنفاذ بذاتها، لسقوطها حتمًا بمجرد حضور المتهم أو وكيله الخاص، أو بالقبض عليه، بل إنها غير قابلة للتنفيذ حتى إن قبلها المحكوم عليه وارتضاها، مما يغدو معه الحكم الغيابي الصادر من محكمة جنايات القاهرة، "بهيئة محكمة أمن دولة عليا طوارئ"، بتاريخ الثامن من أكتوبر سنة 2016، فى القضية رقم 308 لسنة 2010 جنايات الزيتون، والمقيدة برقم 2 لسنة 2010 كلى غرب القاهرة، بمعاقبة المدعى بالإعدام، محض حكم تهديدي، حابط الأثر فى إعاقة انسياب آثار حكم المحكمة الدستورية العليا الصـادر فى القضية رقم 17 لسنة 15 قضائية "دستورية"، ولا يسوغ، من ثم، تصويره كعقبة فى تنفيذه، أما وقد استبق المدعى الأمر بإقامة منازعة التنفيذ المعروضة، دون صدور حكم حضوري بإدانته، يحول دون انسياب آثار حكم المحكمة الدستورية العليا، فإنها تكون قد أقيمت قبل تحقق المفترض الأوّلى لتوافر مناط قبولها، الأمر الذى يلزم معه الحكم بعدم قبولها.
    وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة "بهيئة محكمة أمن دولة عليا طوارئ" سالف الذكر، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع فى منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن مباشرتها اختصاص البت فى طلب وقف التنفيذ يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق