برئاسة السيد السيد القاضى / محمد شهاوى عبد ربه نائـب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة / فتحى محمد حنضـل ، محمــد خليفة ، أيمن يحيى
الرفاعى وفيصل حرحش نواب رئيس المحكمة.
----------
(1) أشخاص
اعتبارية " أثر اكتساب
الشخصية الاعتبارية "
. جمعيات " الجمعيات التعاونية الزراعية " .
الجمعية
التعاونية الزراعية . اكتسابها الشخصية الاعتبارية المستقلة بمجرد شهر عقد تأسيسها
بالجهة الإدارية المختصة ونشر ملخص نظامها وفقاً للقانون 122 لسنة 1980 بشأن
الجمعيات التعاونية الزراعية . مقتضاه . لها ذمة مالية مستقلة ونائب يعبر عن
إرادتها . المادتان 10 من القانون المذكور ، 53 مدنى . تمثيل رئيس مجلس إدارتها
لها أمام القضاء وفى مواجهة الغير . سلطته فى الإشراف على الجمعية ونشاطها
والعاملين بها والرقابة على أعمالهم . قيام الدولة بالإشـراف والتوجـيه والتحقـق
من تطبيق القوانين واللوائح والتعليمات المالية والإدارية . المادتان 60 ، 62 من
ذات القانون . لا أثر له . علة ذلك . إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بعدم
قبول الدعوى بالنسبة لوزير الزراعة لرفعها على غير ذى صفة وإلزامه برفع وإلغاء
الحيازة الزراعية لأرض النزاع من سجلات الجمعية الزراعية . خطأ .
(2) محكمة
الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات
الناشئة عن العقود : سلطتها فى تكييف العقد " .
التعرف على قصد المتعاقدان من العقد
وتكييفه . من سلطة محكمة الموضوع . خضوعها فى ذلك لرقابة محكمة النقض .
(3 ، 4) هبة
" ما لا يُعد هبة " .
(3) عقد الهبة الذى يشترط فيه المقابل .
عدم اعتباره من التبرعات المحضة الواجب توثيقها بعقد رسمى . التبرع بتقديم عقار
لجهة إدارية لإقامة مشروع ذى نفع عام . عدم اعتباره عقد هبة . مؤداه . عدم خضوعه
للأحكام المقررة فى القانون المدنى من وجوب إفراغه فى ورقة رسمية ولا تنطبق عليه أحكام الرجوع فى الهبة .
(4) تبرع
المطعون ضده للطاعن الأول بصفته بقطعة الأرض محل التداعى لإقامة مدرسة على نفقـة الجهة
الإدارية التى قبلت ذلك التبرع . تكييفه . عقد من عقود المعاوضة غير المسماة يلتزم
بمقتضاه الشخص بالمساهمة نقداً أو عيناً فى نفقات مرفق عام أو مشروع ذى نفع عام .
عـدم اعتباره هبة مدنية . تضمنه ألفاظ التبرع أو التنازل أو الهبة . لا أثر له
فى عدم خضوعه لأحكام الرجوع فى الهبة لكون تضمنها فى العقد بيان الباعث على التصرف
. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن الأول بصفته بالترخيص للمطعون ضده فى
الرجوع فى الهبة باعتبار أن العقد محل التداعى عقد تبرع يخضع لأحكام الرجوع فى
الهبة . خطأ .
(5) دعوى " شروط قبول الدعوى : الصفة : الصفة
الموضوعية : الدفع بعدم القبول لانتفاء الصفة " .
الدفع بعدم
قبول الدعوى لانتفاء الصفة . تعلقه بالنظام العام . م 3 مرافعات بعد تعديلها بق 81
لسنة 1996 . جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض . شرطه . سبق طرح عناصره
الواقعية على محكمة الموضوع ووروده على الجزء المطعون فيه من الحكم .
(6) دعوى " شروط قبول الدعوى : الصفة : الصفة
الإجرائية : صاحب الصفة فى تمثيل وحدات الحكم المحلى " .
رئيس المركز أو
الحى أو المدينة أو القرية . صاحب الصفة فى تمثيل وحدته المحلية قبل الغير وأمام
القضاء فيما يدخل فى نطاق اختصاصه . المواد 1 ، 4 ، 44 ، 55 ، 63 ، 72 القرار بق
43 لسنة 1979 بإصدار قانون الحكم المحلى المعدل بق 145 لسنة 1988 . له الإشراف
والرقابة على العاملين بها والجهات التابعة لها . مؤداه . تحقق صفة المتبوع
بالنسبة لكل منهم فى مدلول المادة 174 مدنى . تحقق مسئوليته دون غيره بتعويض الضرر
الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع .
(7) عقد " بعض أنواع العقود : عقد الهبة ، عقد
المعاوضة غير المسمى " .
قضاء الحكم
المطعون فيه بإلزام الطاعن الأول بالتعويض تأسيساً على تحقق مسئوليته العقدية على
أن العقد مثار النزاع عقد هبة وأنه لم ينفذ التزاماته الواردة به فيحق للمطعون ضده
الرجوع فى الهبة والتعويض رغم أن العقد من عقود المعاوضة ولا يخضع لأحكام الرجوع
فى الهبة . نقض الحكم فى
قضائه بالأحقية فى الرجوع فى الهبة . أثره . نقضه فيما قضى به من تعويض على أساس
قيام المسئولية العقدية بالنسبة للطاعن الأول .
(8) جمعيات " الجمعيات التعاونية الزراعية : صاحب
الصفة فى تمثيلها " .
قضاء الحكم
المطعون فيه بإلزام المحافظ ووزير الزراعة بالتعويض عن الضرر اللاحق بالمطعون ضده
من جراء تحرير محـضرى جـنحة من موظفى الجمعية الزراعـية والوحدة
المحلية للقرية الكائن بها أرض النزاع باعتبارهم تابعين لهما رغم انتفاء تلك التبعية
وانعقادها لرئيس مجلس إدارة الجمعية الزراعية ورئيس الوحدة المحلية دون غيرهما .
مخالفة وخطأ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– إن
الجمعية التعاونية الزراعية طبقاً لنص المادة العاشرة من القانون رقم 122 لسنة
1980 بشأن إصدار قانون التعاون الزراعى والذى حل محل القانون رقم 51 لسنة 1969
بشأن الجمعيات التعاونية الزراعية تكتسب الشخصية الاعتبارية المستقلة بمجرد شهر
عقد تأسيسها بالجهة الإدارية المختصة ونشر ملخص نظامها وفقاً لهذا القانون ، مما
مقــتضاه وعملاً بنص المادة 53 من القانون المدنى يكون لها ذمة مالية مستقلة ونائب
يعبر عن إرادتها ويمثلها وحده أمام القضاء وفى مواجهة الغير وهو رئيس مجلس إدارتها
، والذى له وفقاً لنص المادة 47 من القانون المشار إليه سلطة الإشـراف على
الجمـعية ونشاطـها والعاملين بها ومسئولية الرقابة على أعمالهم ولا يغير من ذلك ما
تضمنته المادتان 60 ، 62 من هذا القانون من مباشرة الدولة ممثلة فى شخص الوزير
المختص وكذلك الجهة الإدارية المختصة على هذه الجمعيات سلطة الإشراف والـتوجيه والتحقق
من تطبـيق القوانـين واللوائح والتعليمات المالية والإدارية لأن ذلك لا يفقدها
شخصيتها الاعتبارية المستقلة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد حكم
محكمة أول درجة فيما تضمنه من إلزام وزير الزراعة برفع وإلغـــاء الحيازة الزراعية
لأرض النزاع من سجلات الجمعية الزراعية ، ولم يرد على الدفع بعدم قبول الدعـــوى
بالنسبة له لانتفاء صفته فى هذا الشأن ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانــون .
2- المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أنه
ولئن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان من
العقد هو مما يدخل فى سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن
التكييف القانونى الصحيح لما قصده المتعاقدان وإنزال حكم القانون على العقد هو
مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض .
3- إن الهبة
التى يشترط فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المحضة التى يجب أن توثق بعقد رسمى
، وأن التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذى نفع عام على أن تتحمل الإدارة
بقيمة النفقات وإقامة المشروع لا يعتبر عقد هبة يخضع للأحكام المقررة فى القانون
المدنــى من وجوب إفراغه فى ورقة رسمية ولا تنطبق عليه أحكام الرجوع فى الهبة .
4– إذ كان
الثابت من الأوراق – وعلى ما سجله الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه - أن
المطعون ضده تبرع بموجب العقد المؤرخ 20/3/2000 للطاعن الأول بصفته بقطعة الأرض
محل النزاع لإقامة مدرسة للتعليم الأساسى عليها على نفقة الجهة الإدارية التى قبلت
ذلك التبرع فإن هذا التعاقد الذى تم بين عاقديه يكون فى حقيقته عقداً من عقود
المعاوضة غير المسماة ، وهو ما جرى الفقة والقضاء على وصفه بأنه عقد تقديم معاونة
أو مساهمة يلتزم بمقتضاه شخص بالمساهمة نقداً أو عيناً فى نفقات مرفق عام أو مشروع
ذى نفع عام ، وهو بهذه المثابة لا يعتبر هبة مدنية فلا تجب فيه الرسمية ولا يخضع
لأحكام الرجوع فى الهبة الواردة بالقانون المدنى وذلك على الرغم مما قد يكون
وارداً فيه من ألفاظ التبرع أو التنازل أو الهبة إذ إن هذه الألفاظ إنما تساق
لبيان الباعث وراء هذا التصرف دون أن يؤثر بحال على كيان العقد وحقيقته ، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى بإلزام الطاعن الأول بصفته بالترخيص للمطعون
ضده فى الرجوع فى الهبة اعتباراً بأن العقد محل التداعى عقد تبرع يخضع لأحكام
الرجوع فى الهبة ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
5– المقرر - فى
قضاء محكمة النقض - أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة يتعلق بالنظام العام
وفقاً للمادة 3 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 81 لسنة 1996 فيجوز التمسك به
فى أى مرحلة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض ، كما أن لهذه المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها
متى كانت عناصره الواقعية قد طرحت على محكمة الموضوع وكان وارداً على الجزء
المطعون فيه من الحكم .
6– النص فى المواد
1 ، 4 ، 44 ، 55 ، 63 ، 72 من القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون الحكم
المحلى والمعدل بالقانون رقم 145 لسنة 1988 مؤداه أن رئيس المركز أو الحى أو المدينة
أو القرية هو صاحب الصفة فى تمثيل وحدته المحلية قبل الغير وأمام القضاء فيما يدخل
فى نطاق اختصاصه ، وله وحده الإشراف والرقابة على العاملين بها والجهات التابعة
لها ومحاسبتهم على الخروج على مقتضيات وظائفهم وبالتالى تتحقق بالنسـبة لكل منــهم
صفــــــة المتبـوع فى مدلول حكم المادة 174 من القانون المدنى وتتحقق مسئوليته
دون غيره بتعويض الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع .
7– إذ كان
البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تحقق مسئولية الطاعن الأول
العقدية وألزمه بالتعويض تأسيساً على أن العقد مثار النزاع عقد هبة وأنه لم ينفذ
التزاماته الواردة به فيحق للمطعون ضده الرجـوع فى الهبة فضلاً عن حقه فيما يترتب
على ذلك من تعويض ، وكانت المحكمة قد انتهت فى الرد على النعى السابق أن هذا العقد
فى حقيقته عقد معاوضة وليس هـبة وبالتالى لا يخضـع لأحكام الرجـوع فى الهبة وانتهت
، وفى حدود الطلبات فى الدعوى والأساس الذى بنيت عليه ، إلى نقض الحكم فى قضائه
بالأحقية فى الرجوع فى الهبة ، ومن ثم لم يعد هناك محل لبحث المسئولية العقدية ، بما
يترتب عليه نقضه فى قضائه بالتعويض بالنسبة للطاعن الأول .
8– إذ كان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنين الأول والثانى محافظ .... ووزير
الزراعة بالتعويض عن الضرر الذى قال المطعون ضده أنه أصابه نتيجة تحرير محضرى
الجنحة سالفى الإشارة من موظفى الجمعية الزراعية والوحدة المحلية للقرية الكائن
بها أرض النزاع باعتبارهم تابعين لهما رغم انتفاء هذه التبعية وانعقادها لرئيس
مجلس إدارة الجمعية الزراعية ورئيس الوحدة المحلية كل فى اختصاصه دون غيرهما – على ما سلف بيانه – من ثم تنتفى مسئولية الطاعنين
المذكورين عن أى ضرر يكون قد ترتب على تحرير هذين المحضرين ويكون قضاء الحكم المطعون فيه
بإلزامهما بالتعويض عنه – أياً كان وجه الرأى فى استحقاق هذا التعويض من عدمه –
معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع
على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى
المقـرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث
إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم
المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ....
لسنة 2006 مدنى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنين بصفاتهم بطلب الحكم
أولاً ... بالترخيص له فى الرجوع عن الهبة الصادرة منه للطاعن الأول والمقيدة برقم
.... لسنة 2000 شهر عقارى ديرب نجم . ثانياً : برفع وإلغاء حيازة الأرض موضوع الدعوى
من سجلات الجمعية الزراعية ثالثاً : بإلزام الطاعنين الأول والثانى بالتضامن بأن
يؤديا له مبلغ مليونى جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية ، وقال بياناً
لذلك إنه بتاريخ 20/3/2000 تبرع للطاعن الأول بصفته بقطعة الأرض المبينة بالصحيفة
والتى تم تسجيلها بالعقد المشار إليه بغرض إقامة مدرسة للتعليم الأساسى عليها إلا
أنه لم يقم باتخاذ أى إجراء لبنائها وفوجئ بتاريخ 20/5/2002 بتحرير محضر الجنحة
رقم .... لسنة 2002 أمن دولة طوارئ ديرب نجم ضده من قبل موظفى الجمعية الزراعية
باتهامه بتبوير هذه الأرض قضى فيها بالبراءة ، كما حرر له موظفوا الوحدة المحلية
محضراً آخر برقم .... لسنة 2004 بتهمة تعديه على أرض مملوكة للدولة بزراعتها مما
حدا به إلى توجيه إنذارين إلى الطاعنين فى 26 ، 27/6/2004 بتنفيذ التزامهم باتخاذ
إجراءات إقامة المدرسة خلال ثلاثة أشهر نفاذا لعقد الهبة وإلا تعتبر لاغية ، إلا
أنهم تقاعسوا عن ذلك مما أصابه بأضرار مادية وأدبية نتيجة عدم تنفيذهم لالتزاماتهم
فضلاً عن اتهامه في القضيتين المشار إليهما فأقام دعواه
بطلباته آنفة البيان . أجابت المحكمة طلبات المطعون ضده ، وفى حدود ما قدرته من
تعويض عن الضرر بحكم استأنفه الطاعنون بالاستئناف رقم .... لسنة 123 ق القاهرة ، وبتاريخ
13/2/2008 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعــنون بصفاتهم فى هذا
الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه ، وإذ عُرِض الطعن
على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون
بالوجهين الثالث من السبب الأول والرابع من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه
القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم
الابتدائى المؤيد لأسبابه من الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعن الثانى بصفته مع
مدير الجمعية التعاونية الزراعية برفع وإلغاء حيازة أرض النزاع من سجلات الحيازة
بالجمعية رغم أنه لا صفة لهما فى تمثيلها ، إذ إن لها شخصية اعتبارية مستقلة
ويمثلها رئيس مجلس إدارتها وتمسكوا بعدم قبول الدعوى قبلهما لهذا السبب ، وهو ما
يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أن
الجمعية التعاونية الزراعية - طبقاً لنص المادة العاشرة من القانون رقم 122 لسنة
1980 بشأن إصدار قانون التعاون الزراعى والذى حل محل القانون رقم 51 لسنة 1969 بشأن
الجمعيات التعاونية الزراعية -تكتسب الشخصية الاعتبارية المستقلة بمجرد شهر عقد
تأسيسها بالجهة الإدارية المختصة ونشر ملخص نظامها وفقاً لهذا القانون ، مما
مقتضاه وعملاً بنص المادة 53 من القانون المدنى يكون لها ذمة مالية مستقلة ونائب
يعبر عن إرادتها ويمثلها وحده أمام القضاء وفى مواجهة الغير وهو رئيس مجلس إدارتها
، والذى له وفقاً لنص المادة 47 من القانون المشار إليه سلطة الإشراف على الجمعية
ونشاطها والعاملين بها ومسئولية الرقابة على أعمالهم ولا يغير من ذلك ما تضمنته
المادتان 60 ، 62 من هذا القانون من مباشرة الدولة ممثلة فى شخصية الوزير المختص
وكذلك الجهة الإدارية المختصة على هذه الجمعيات سلطة الإشراف والتوجيه والتحقق من
تطبيق القوانين واللوائح والتعليمات
المالية والإدارية ، لأن ذلك لا يفقدها شخصيتها الاعتبارية المستقلة ، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وأيد حكم محكمة أول درجة فيما تضمنه من إلزام وزير
الزراعة برفع وإلغاء الحيازة الزراعية لأرض النزاع من سجلات الجمعية الزراعية ولم
يرد على الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة له لانتفاء صفته فى هذا الشأن فإنه يكون
قد أخطأ فى تطبيق القانون ، مما يوجب نقضه فى هذا الخصوص .
وحيث إن الطاعنين
ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثانى من السبب الثانى الخطأ فى تطبيق القانون
والقصور فى التسبيب ، إذ أقام قضاءه بإلزام الطاعن الأول بصفته بالترخيص
للمطعون ضده فى الرجوع فى الهبة استناداً لنص المادة 500 من القانون المدنى مع
أنها من الهبات التى تتعلق بأعمال البر التى لا يجوز الرجوع فيها إلا بموافقة
الموهوب له وفقاً لنص المادة 502 فقرة أخيرة مدنى ولم يوافق الموهوب له على الرجوع
فيها ، الأمر الذى يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى أساسه سديد ، ذلك
أنه من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه ولئن كان التعرف على ما عناه
المتعاقدان من العقد هو مما يدخل فى سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت
المحكمة ذلك فإن التكييف القانونى الصحيح لما قصده المتعاقدان وإنزال حكم القانون
على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض ، وكانت الهبة التى يشترط
فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المحضة التى يجب أن توثق بعقد رسمى وأن التبرع
بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذى نفع عام على أن تتحمل الإدارة بقيمة
النفقات وإقامة المشروع لا تعتبر عقد هبة يخضع للأحكام المقررة فى القانون المدنى
من وجوب إفراغه فى ورقة رسمية ولا تنطبق عليه أحكام الرجوع فى الهبة . لما كان ذلك
، وكان الثابت من الأوراق – وعلى ما سجله الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون
فيه – أن المطعون ضده تبرع بموجب العقد المؤرخ 20/3/2000 للطاعن الأول بصفته بقطعة
الأرض محل النزاع لإقامة مدرسة للتعليم الأساسى عليها على نفقة الجهة الإدارية
التى قبلت ذلك التبرع فإن هذا التعاقد الذى تم بين عاقديه يكون فى حقيقته عقداً من
عقود المعاوضة غير المسماة ، فهو عقد تقديم
معاونة أو مساهمة يلتزم بمقتضاه شخص بالمساهمة نقداً أو عيناً فى نفقات مرفق عام
أو مشروع ذى نفع عام ، وهو بهذه المثابة لا يعتبر هبة مدنية فلا تجب فيه الرسمية
ولا يخضع لأحكام الرجوع فى الهبة الواردة بالقانون المدنى وذلك على الرغم مما قد
يكون وارداً فيه من ألفاظ التبرع أو التنازل أو الهبة ، إذ إن هذه الألفاظ إنما
تساق لبيـان الباعـث وراء هــذا التصــرف دون أن يؤثــر بحــال على كــيان
العقـــد وحقيقته ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى بإلزام الطاعن
الأول بصفته بالترخيص للمطعون ضده فى الرجوع فى الهبة اعتباراً بأن العقد محــل
التداعى عقد تبرع يخضع لأحكام الرجوع فى الهبة ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق
القانون مما يوجب نقضه .
وحيث إن حاصل النعى بباقى أوجه الطعن أن
الحكم قضى بتعويض المطعون ضده عما أصابه من أضرار مادية وأدبية جامعاً بين أحكام المسئوليتين
العقدية والتقصيرية رغم عدم توفر عناصر أى منهما ، ذلك أن عقد الهبة لم يتضمن
التزام الطاعــن الأول بالقيام بواجبات محددة ، كما أن تحرير المحضرين رقمى ....
لسنة 2002 ، .... لسنة 2004 جنح ديرب نجم من قبل موظفى الجمعية الزراعية والوحــدة
المحلية ضد المطعون ضده ، لم يكن إلا أداء منهم لواجباتهم الوظيفية فى عدم تبويــر
الأرض الزراعية والتعدى على أملاك الدولة الخاصة بعد أن انتقلت ملكية أرض النـزاع
إليها بتسجيل عقد الهبة ولم يكن القصد منه مجرد الإضرار به ، وهو ما يعيب الحكم
بالخطأ فى تطبيــق القانون بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أنه من
المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة يتعلق
بالنظام العام وفقاً للمادة 3 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 81 لسنة 1996 ،
فيجوز التمسك به فى أى مرحلة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض ،
كما أن لهذه المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها متى كانت عناصره الواقعية قد طرحت
على محكمة الموضوع وكان وارداً على الجزء المطعون فيه من الحكم ، وكان النص فى
المادة الأولى من القرار بقانون رقم 43 لسنة 1979
بإصدار قانون الحكم المحلى والمعدل بالقانــون رقم 145 لسنة 1988 على أن " وحدات الإدارة المحلية هى المحافظات
والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكــل منها الشخصية الاعتبارية ....
" وفى المادة الرابعة منه على أن " يمثــل المحافظة محافظها كما يمثل كل
وحدة من وحدات الإدارة المحلية الأخــرى رئيسهــا وذلك أمـام القضاء وفى مواجهة
الغير " ثم جاء النص فى المواد 44 ، 55 ، 63 ، 72 ليحدد سلطات رئيس كل وحدة
فجعل لكل منهم سلطة وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة فى المسائل الإدارية والمالية بالنسبة للوحدة التابعة له ، فنصت المادة
الأخيرة على أن " يكون لرئيس القرية – سلطات رئيس المصلحة فى المسائل
المالية والإدارية بالنسبة لأجهزة وموازنة القرية .... " ، بما مؤداه أن رئيس
المركز أو الحى أو المدينة أو القرية هو صاحب الصفة فى تمثيل وحدته المحلية قبل
الغير وأمام القضاء فيما يدخل فى نطاق اختصاصه ، وله وحده الإشراف والرقابة على
العاملين بها والجهات التابعة لها ومحاسبتهم على الخروج على مقتضيات وظائفهم
وبالتالى تتحقق بالنسبة لكل منهم صفة المتبوع فى مدلول حكم المادة 174 من القانون
المدنى وتتحقق مسـئوليته دون غيره بتعويض الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير
المشروع . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى
تحقيق مسئولية الطاعن الأول العقدية وألزمه بالتعويض تأسيساً على أن العقد مثار
النزاع عقد هبة وأنه لم ينفذ التزاماته الواردة به فيحق للمطعون ضده الرجوع فى
الهبة فضلاً عن حقه فيما يترتب على ذلك من تعويض ، وكانت المحكمة قد انتهت فى الرد
على النعى السابق أن هذا العقد فى حقيقته عقد معاوضة وليس هبة وبالتالى لا يخضع
لأحكام الرجوع فى الهبة ، وانتهت - وفى حدود الطلبات فى الدعوى والأساس الذى بنيت
عليه - إلى نقض الحكم فى قضائه بالأحقية فى الرجوع فى الهبة ، ومن ثم لم يعد هناك
محل لبحث المسئولية العقدية ، بما يترتب عليه نقضه فى قضائه بالتعويض بالنسبة
للطاعن الأول ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة انتهت أيضاً فى الرد على النعى الأول
أن رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية هو وحده صاحب الصفة فى تمثيلها ، وأن مسئولية الإشراف والرقابة
على العاملين بها تقع على عاتقه وحده ، فيكون مسئولاً عن التعويض عن
أفعالهم غير
المشروعة
، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنين الأول والثانى محافظ الشرقية ووزير
الزراعة بالتعويض عن الضرر الذى قال المطعون ضده إنه أصابه نتيجة تحرير محضرى
الجنحة سالفى الإشارة من موظفى الجمعية الزراعية والوحدة المحلية للقرية الكائن
بها أرض النزاع باعتبارهم تابعين لهما رغم انتفاء هذه التبعية وانعقادها لرئيس
مجلس إدارة الجمعية الزراعية ورئيس الوحدة المحلية كل فى اختصاصه دون غيرهما – على
ما سلف بيانه – ومن ثم تنتفى مسئولية الطاعنين المذكورين عن أى ضرر يكون قد ترتب
على تحرير هذين المحضرين ، ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بإلزامهما بالتعويض عنه –
أياً كان وجه الرأى فى استحقاق هذا التعويض من عدمه – معيباً بمخالفة القانون
والخطأ فى تطبيقه ، بما يوجب نقضه أيضاً لهذا السبب .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما
تقدم ، يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق