برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الباري محمد شكري نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية
السادة الأساتذة المستشارين/ السعيد عبده جاهين، ومحمد الشيخ علي، وحسونة توفيق
حسونة، وسمير عبد الملاك منصور نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أسامة راشد مفوض
الدولة
وسكرتارية السيد/ وائل محمد عويس سكرتير
المحكمة
-----------------
- 1 القانون رقم 36 لسنة 1975
بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. قانون مجلس
الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
أحقية نائب رئيس مجلس الدولة في المبلغ الشهري المنصوص عليه بقرار
وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 - والقرارات المعدلة له - بالنسبة المقررة به
منسوبة إلى بداية ربط وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة، فإذا بلغ مرتب النائب نهاية
مربوط وظيفته واستحقاقه مخصصات وظيفة رئيس مجلس الدولة كاملة وأضحى الربط المالي
لوظيفة رئيس مجلس الدولة هو الربط الذي تحسب على أساسه كافة العلاوات والبدلات
والمزايا المالية التي تمنح لنائب رئيس مجلس الدولة الذي بلغ راتبه مربوط الوظيفة
الأعلى ما لم ينص صراحة على استبعاد هذا الأساس عند منح المزايا المالية الأخرى،
فإذا ما نص قرار وزير العدل المشار إليه والقرارات المعدلة له على منح أعضاء
الهيئات القضائية - ومن بينهم نواب رئيس مجلس الدولة - مبلغا شهريا بنسبة معينة من
بداية ربط الدرجة الوظيفية التي يشغلها العضو وأحال في بيان تلك الدرجة إلى جدول
المرتبات الملحق بقانون كل هيئة قضائية - مقتضى ذلك: أن يتغير حساب النسبة المشار
إليها بتغير حساب الربط المالي للوظيفة والذي أصبح ببلوغه ربط الوظيفة الأعلى من
الناحية القانونية والعملية ربطاً مالياً جديداً تحسب على أساسه البدلات والعلاوات
ما لم ينص على غير ذلك صراحة - تطبيق.
--------------
الوقائع
في يوم السبت الموافق 15/ 7/ 2006 أودع الأستاذ/ ........
(المحامي) بصفته وكيلا عن السيد المستشار/ ....... قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا صحيفة الطلب الماثل للحكم بأحقيته في اقتضاء الحافز الشهري المقرر
بصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية بالفئة المحددة لرئيس
مجلس الدولة، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وتم إعلان تقرير الطعن على الوجه المقرر قانوناً وبعد تحضير الطلب لدى
هيئة مفوضي الدولة أودعت تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلا، وفي الموضوع بأحقية الطاعن في صرف المبلغ الشهري المقرر بمقتضى قرار وزير
العدل رقم 7718 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة لرئيس مجلس الدولة، مع ما
يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي.
ونظرت المحكمة الطلب على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 4/ 2/
2007 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه عند النطق به.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الواقعات تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ
15/ 7/ 2006 تقدم المستشار/ ....... نائب رئيس مجلس الدولة السابق
بالطلب الماثل للحكم بأحقيته في صرف المبلغ الشهري المقرر بصندوق الخدمات الصحية
والاجتماعية لهيئات الأعضاء القضائية بالفئة المحددة لرئيس مجلس الدولة وما يترتب
على ذلك من آثار وفروق مالية.
وبياناً لطلبه قال: إنه عين في وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة وأنه يصرف
له الحافز الشهري بنسبة 120% من بداية ربط درجة وظيفته وهو مبلغ 238 جنيهاً في حين
يتقاضى رئيس مجلس الدولة هذا الحافز بمبلغ 480 جنيهاً، وعملا بأحكام المادة (122)
من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 والمادة (11) من القانون 17 لسنة 1976،
فإنه متى بلغ نائب رئيس مجلس الدولة المرتب المقرر لرئيس المجلس وجب مساواته به
ومعاملته معاملة الأخير من كل الوجوه، ومقتضى تلك المساواة الشاملة والتامة ألا
يمتاز رئيس المجلس على النواب بشيء لا في الأجر الأساسي أو المتغير أو الحوافز أو
البدلات من أي نوع أو أي جهة وقد انعكس الالتزام بهذا المبدأ على العديد من
التطبيقات التشريعية منها ما تقرر في مجال المعاشات التقاعدية، ومنها ما تقرر من
الصندوق المدعى عليه الثاني بالنسبة لبدل العلاجالمقرر،
ذلك أن مؤدى المساواة - من كل الوجوه - بين نواب رئيس المجلس الذين بلغت مرتباتهم
نهاية مربوط وظائفهم وبين رئيس هذا المجلس امتثالا للحظر الذي فرضه المشرع على ألا
يعامل أي من هؤلاء معاملة استثنائية بأية صورة (المادة 122) وأنه إذا كان المشرع
قد فصل بين المستوى الوظيفي والمستوى المالي إلا أنه قرر أنه بالرغم من بقاء المستوى
الوظيفي دون انتقال بالترقية إلى ما يعلوها فإن شاغله ينتقل إلى المستوى المالي
التالي ويعامل معاملة شاغله من كل الوجوه، وكان خليقاً بالصندوق أن يلتزم بتلك
القاعدة ولا يخرج عنها فلا يمايز بدوره في المعاملة بين رئيس مجلس الدولة وبين
نوابه وسائر المستشارين فيما يقرره لهم من مزايا مالية من أي نوع.
وردت الجهة الإدارية على الطلب بأنه من المقرر أن القانون رقم 36 لسنة
1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية قد عهد إلى وزير العدل بعد موافقة
المجلس الأعلى للهيئات القضائية أمر بيان ماهية الخدمات التي يؤديها لجميع أعضائه
من أعضاء الهيئات القضائية وبيان تفصيلها وتحديد ضوابطها فيصدر في شأنها ما
يناسبها من القرارات التي يوافق عليها المجلس الأعلى للهيئات القضائية ويجب
بالتالي أن يكون إنفاذ الخدمات التي يقدمها وما يترتب عليها من أعباء يتحملها
متطوراً ومرتبطاً دوماً بموارده، وقد صدر قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981
بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية متضمنا تحديد
الأغراض التي يقوم عليها هذا الصندوق ووسائل تنفيذها ومتابعتها وصور الخدمات
الصحية والاجتماعية التي يقدمها ومداها وما يخرج عن نطاق ما يتحمله الصندوق من
تكلفتها ثم صدر قرار وزير العدل رقم 7717 لسنة 1989 ناصاً في مادته الأولى على أن:
(يصرف للسادة أعضاء الهيئات القضائية من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية مبلغ
شهري بنسبة مقدارها أربعون في المائة من بداية ربط الدرجة الوظيفية التي يشغلها
العضو والمبينة بجداول المرتبات الملحقة بقوانين الهيئات القضائية) وتقرر زيادة
نسبة المبلغ المقتضى صرفه بقرارات وزير العدل أرقام 6916 لسنة 1991 م، 118 لسنة
1993 م، 810 لسنة 1994، 389 لسنة 1995، 650 لسنة 2003، 458 لسنة 2004، وقد حددت
هذه القرارات بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية - قواعد وضوابط مقدار
المبلغ الشهري الذي تقرر صرفه لأعضاء الهيئات القضائية بنسب ثابتة هي بداية ربط
الدرجة الوظيفية التي يشغلها العضو وهي نسب لا تتغير بما يطرأ على مرتب العضو بسبب
العلاوات الاجتماعية أو العلاوات الدورية أو بسبب استحقاق العضو العلاوة المقررة
للوظيفة الأعلى والبدلات المقررة لها لبلوغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها
إعمالًا للبند عاشراً من قواعد تطبيق جدول المرتبات المضاف بالقانون رقم 17 لسنة
1976 طالما بقي العضو في وظيفته ولم يرق إلى الوظيفة الأعلى مباشرة، فالعبرة إذن
في تحديد بداية هذا المبلغ هي بداية مربوط الوظيفة التي يشغلها العضو فعلا وليس
بالراتب الفعلي الأساسي الذي يتقاضاه، فيتعين في هذا المجال التفرقة بين المستوى
الوظيفي والمستوى المالي، فالعضو يبقى في مستواه الوظيفي إلى أن يرقى إلى الدرجة
الأعلى في حين أن المستوى المالي يتغير وقد يصبح العضو في ذات المستوى المالي
للدرجة دون أن يؤثر ذلك على مستواه الوظيفي أو على بداية مربوط الدرجة التي يشغلها
حسبما وردت في جداول المرتبات، وهذا ما جرى به قضاء محكمة النقض - دائرة طلبات
رجال القضاء في الطلب رقم 61 لسنة 69 ق بجلسة 13/ 1/ 2004 وأن الطاعن يشغل وظيفة
نائب رئيس مجلس الدولة المدرج لها في جداول المرتبات مربوط متدرج.
ومن ثم يكون المربوط المقرر لهذه الوظيفة هو الأساس في حساب المبلغ
الشهري المقرر لهم بموجب قرارات وزير العدل سالفة البيان ولا عبرة بما قد تصل إليه
مرتباتهم لتتساوى مع مرتب الدرجة الأعلى وهي درجة رئيس مجلس الدولة إعمالا للبند
ثامناً من قواعد تطبيق جدول المرتبات طالما بقي العضو في درجته ولم يرق إلى
الوظيفة الأعلى ويضحى طلب احتسابه على أساس المرتب الأساسي الذي يتقاضاه باعتباره
مرتب الوظيفة الأعلى قد جاء على غير سند من القانون والواقع حرياً بالرفض.
ومن حيث إن القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية
والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية نص في مادته الأولى على أن: (ينشأ بوزارة
العدل صندوق تكون له الشخصية الاعتبارية تخصص له الدولة الموارد اللازمة لتمويل
وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية للأعضاء الحاليين والسابقين للهيئات القضائية..
ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق منه قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس
الأعلى للهيئات القضائية) وقد صدر قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 ناصاً في
مادته الأولى على أن (يصرف للسادة أعضاء الهيئات القضائية من صندوق الخدمات الصحية
والاجتماعية مبلغ شهري بنسبة مقدارها 40% من بداية ربط الدرجة الوظيفية التي
يشغلها العضو والمبينة بجدول المرتبات الملحقة بقوانين الهيئات القضائية) وقد عدلت
نسبة المرتب الشهري بقرارات وزير العدل أرقام 6916 لسنة 1991م، 1118 لسنة 1993،
810 لسنة 1994، 3890 لسنة 1995، 650 لسنة 2003، 458 لسنة
2004.
وتنص المادة (122) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أن
(تحدد مرتبات أعضاء مجلس الدولة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون
ولا يصح أن يقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية أو أن يعامل معاملة استثنائية بأية
صورة.
وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك
بالمعاشات ونظامها جميع الأحكام التي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة
القضائية).
وتنص قواعد جدول المرتبات على أن:
(ثالثا: تستحق البدلات المحددة قرين كل وظيفة في جدول المرتبات لكل من
يصدر قرار تعيينه في إحدى الوظائف الواردة بالجدول ولا يجوز الجمع بين بدل التمثيل
وبدل القضاء)
كما تنص الفقرة الأخيرة من هذه القواعد المضافة بالقانون رقم 17 لسنة
1976 على أن:
(يستحق العضو الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها العلاوة
المقررة للوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوط
الوظيفة الأعلى وفي هذه الحالة يستحق البدلات المقررة لهذه الوظيفة).
وقضت المادة (12) من القانون رقم 17 لسنة 1976 بأن يستمر العمل بقواعد
جداول المرتبات الملحقة بكل من قانون السلطة القضائية وقانون مجلس الدولة والقانون
رقم 89 لسنة 1973م والقانون رقم 88 لسنة 1973 فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون.
ومن حيث إن البين من النصوص المتقدمة أن الأصل أن كل من يعين في إحدى
المناصب القضائية يستحق المرتب والبدلات المقررة قرين منصبه في جدول المرتبات
الملحق بالقانون المنظم للهيئة القضائية التي ينتمي إليها كما يستحق البدلات
والمزايا التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل طبقاً لأحكام القانون رقم 36 لسنة
1975 المشار إليه.
واستثناءً من هذا الأصل استحدث المشرع بالقانون رقم 17 لسنة 1976
طريقا استثنائيا للترقية المالية بمقتضاه يمنح من بلغ نهاية مربوط وظيفته العلاوة
المقررة للوظيفة الأعلى وسائر البدلات المقررة لها وهذه الترقية المالية تتم حكماً
بقوة القانون إعمالا لإرادة المشرع الذي اعتبر عضو الهيئة القضائية منذ بلوغ مرتبه
نهاية مربوط وظيفته في مركز قانوني مماثل لشاغل الوظيفة الأعلى من الناحية
المالية، ويصير مستحقاً لذات المعاملة المالية لشاغل تلك الوظيفة ويستحق مخصصاته
المالية بحيث يغدو في ذات المستوى المالي للمنصب الأعلى ويتساوى معه تماماً في المعاملة
المالية مما يستتبع التسوية بينهما من جميع الوجوه المالية في المزايا المالية أيا
كان مصدر هذه المزايا، ويعاملا معاملة مالية واحدة سواء في المرتبات والبدلات
المقررة في جدول المرتبات الملحق بقانون الهيئات القضائية أم في القانون رقم 36
لسنة 1975 والقرارات المنفذة له ذلك أن الخدمات التي يكفلها صندوق الخدمات الصحية
والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية في نطاق القانون الأخير لا تعتبر من أعمال
التبرع التي يقدمها الصندوق لمستحقيها بل توخى المشرع بتقريرها أن تعينهم على
تهيئة أسباب الحياة الكريمة والمستوى اللائق الذي يعين القضاء على النهوض برسالته
وواجبه المقدس في ثقة واطمئنان وهو أمر حرصت على توفيره لرجال القضاء كافة النظم
القضائية في العالم بتقرير معاملة مالية خاصة لرجال القضاء تتفق وما تمليه عليهم
مناصبهم وأسلوب حياتهم من تكاليف وأعباء جسام بما يحفظ للقضاء هيبته ومكانته
وبالتالي فإن البدلات والمزايا المقررة بقرارات وزير العدل طبقا لأحكام القانون
رقم 36 لسنة 1975 تخضع لذات الاستثناء الذي قرره المشرع بالقانون رقم 17 لسنة 1976
بحيث كلما تحقق التماثل بين ما هو مقرر لشاغل الوظيفة القضائية وإحدى الوظائف التي
يعامل شاغلوها معاملة خاصة من حيث المرتبات والبدلات أو المعاشات حق لشاغل الوظيفة
القضائية أن يعامل ذات المعاملة للوظيفة المعادلة.
وبناءً عليه فإن نائب رئيس مجلس الدولة يستحق المبلغ الشهري المنصوص
عليه بقرار وزير العدل بالنسبة المقررة له منسوبة إلى بداية ربط وظيفة نائب رئيس
مجلس الدولة فإذا بلغ مرتب النائب نهاية مربوط وظيفته استحق مخصصات وظيفة رئيس
مجلس الدولة كاملة وأضحى الربط المالي لوظيفة رئيس مجلس الدولة هو الربط الذي تحسب
على أساسه كافة العلاوات والبدلات والمزايا المالية التي تمنح لنائب رئيس مجلس
الدولة الذي بلغ راتبه مربوط الوظيفة الأعلى ما لم ينص صراحة على استبعاد هذا
الأساس عند منح المزايا المالية الأخرى، فإذا ما نص قرار وزير العدل رقم 7718 لسنة
1989 والقرارات المعدلة له على منح أعضاء الهيئات القضائية ومن بينهم نواب رئيس
مجلس الدولة مبلغاً شهرياً بنسبة معينة من بداية ربط الدرجة الوظيفية التي يشغلها
العضو وأحال في بيان تلك الدرجة إلى جدول المرتبات الملحق بقانون كل هيئة قضائية
فإن مقتضى ذلك أن يتغير حساب النسبة المشار إليها بتغير حساب الربط المالي للوظيفة
والذي أصبح ببلوغه ربط الوظيفة الأعلى من الناحية القانونية والعملية ربطاً مالياً
جديداً تحسب على أساسه البدلات والعلاوات ما لم ينص على غير ذلك صراحة، وإذا كان
المبلغ الشهري المقرر بقرار وزير العدل لا يعدو أن يكون بدلا
لارتباطه وجوداً وعدماً بالوظيفة التي يشغلها العضو ولا يتأثر صعوداً أو هبوطاً
بكفايته أو عمله أو قدرته على الإنجاز كما أو نوعاً فإن الأمر يستوجب حساب المبلغ
الشهري المشار إليه على ذات الأساس الذي تحسب به البدلات وهو مربوط الدرجة الأعلى،
ولقد كان مصدر القرار بصيرا بجدول المرتبات من قوانين الهيئات القضائية والقواعد
المرتبطة بها والتي أضحت أصلا ثابتاً وعلى اختلاف القوانين في المعاملة المالية
لأعضاء الهيئات القضائية، واختار أن يربط صرف النسبة المقررة من المبلغ الشهري على
النحو الوارد بجدول المرتبات دون أن ينص صراحة على استبعاد القواعد المرتبطة
بتطبيقه أو يختار طريقة أخرى لحساب المبلغ الشهري الذي قرر صرفه، الأمر الذي يؤكد
اتجاه إرادة مصدر القرار إلى اتخاذ الربط المالي كما جاء بجداول المرتبات والقواعد
المرتبطة بها أساسا لحساب المبلغ الشهري المشار إليه.
ولا يبعد ذلك عما قررته المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير رقم
3 لسنة 8 ق بجلسة 3/ 3/ 1990 من أنه ... ولما كان بلوغ نائب رئيس محكمة النقض
نهاية مربوط وظيفته موجباً لاستحقاقه المرتب وبدل التمثيل
المقررين لوظيفة رئيس محكمة النقض فإنه يعتبر منذ بلوغ مرتبه هذا القدر في مركز
قانوني يماثل الناحية المالية لرئيس محكمة النقض ويصير مستحقاً لمعاملته ذات
المعاملة لرئيس النقض، فقد غدا في ذات المستوى المالي لدرجته ويتساوى معه تماماً
في المعاملة المالية، ومن ثم فإنه متى كان الأمر يتعلق بترقية مالية استحدثها
القانون رقم 17 لسنة 1976 وبمقتضاها أضحى نائب رئيس مجلس الدولة الذي بلغ مرتبه
نهاية مربوط وظيفته مستحقاً لمرتب وبدلات رئيس مجلس الدولة فإن هذه الترقية
المالية لابد وأن تنتج آثارها في استحقاقه سائر البدلات والمزايا الوظيفية منسوبة
إلى ربط الوظيفة الأعلى وإلا أضحت بعض البدلات (بدل التمثيل) مستحقة بفئة رئيس مجلس الدولة وبعضها الآخر منسوباً إلى
وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة وهو ما يأباه المنطق القانوني ويخالف صريح الحكم
المستحدث بالقانون رقم 17 لسنة 1976 الذي قرر استحقاق نائب رئيس مجلس الدولة لجميع بدلات الوظيفة الأعلى، وهو حكم مطلق يستعصى على التقييد بأداة أدنى من
القانون بعد أن غدا هذا الحكم أصلا ثابتاً بتنظيم المعاملة المالية في المرتبات
والبدلات لجميع أعضاء الهيئات القضائية سواء تقررت هذه المعاملة المالية في جدول
المرتبات الملحق بقوانين الهيئات القضائية أم في تشريعات أخرى تنظم أي معاملة
تخصهم.
ومن حيث إن الطالب يشغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة وبلغ نهاية ربط
وظيفته واستحق مرتب وبدلات رئيس مجلس الدولة وأضحى في مركز قانوني يماثل رئيس مجلس
الدولة في المستوى المالي فقد حقت مساواته برئيس مجلس الدولة في سائر جوانب
المعاملة المالية الأمر الذي يستوجب الحكم بأحقيته في تقاضي المبلغ الشهري المقرر
بقرار وزير العدل رقم 7718 لسنة 1989 وتعديلاته بالفئة المقررة لرئيس مجلس الدولة
مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي فيما يتعلق بالفروق المالية من تاريخ بلوغ مرتبه
نهاية مربوط وظيفته.
ومن حيث إنه لا وجه للتحدي بسقوط الحق المذكور بالتقادم الثلاثي
المنصوص عليه بالمادة الأولى من قرار وزير العدل رقم 7871 لسنة 1989 الذي قرر سقوط
الحقوق الناشئة عن قانون صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات
القضائية والقرارات المنظمة له بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ استحقاقها فيما عدا
إعانة نهاية الخدمة فتسقط بمضي خمس سنوات فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن حقوق
الأفراد لا تسقط إلا في المواعيد التي يقررها المشرع ولو أنشئت تلك الحقوق بأداة
أقل من التشريع، ومن ثم فلا يجوز لقرار وزير العدل أن يحدد ميعاداً جديداً لسقوط
الحقوق المالية الناشئة لأعضاء الهيئات القضائية تخالف مواعيد التقادم أو السقوط
الواردة في القوانين، فإذا كان المبلغ الشهري المشار إليه هو من الحقوق الدورية
المتجددة التي تستحق شهراً فشهر فإن هذه الحقوق لا تسقط إلا بمضي خمس سنوات من
تاريخ استحقاقها طبقا لما نص عليه القانون المدني وقانون المحاسبة الحكومية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
أولا: بقبول الطلب شكلًا.
ثانياً: بأحقية الطالب في صرف المبلغ الشهري المقرر بمقتضى قرار وزير
العدل رقم 7718 لسنة 1989، وتعديلاته بالفئة المقررة لرئيس مجلس الدولة، مع ما
يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق