الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 أغسطس 2017

الطعن 240 لسنة 74 ق جلسة 9 / 2 / 2010 مكتب فني 61 ق 34 ص 212

برئاسة السيد القاضى / مصطفى عــزب نائـب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / صلاح سعداوى ، عبد العزيز الطنطاوى ، محمـود طنطـاوى نواب رئيس المحكمة ومحمد النعناعى .
-----------
(1) إثبات " عبء الإثبات : عبء إثبات مخالفة الإجراءات " .
الأصل فى الإجراءات أنها قد روعيت . مؤداه . على من يدعى أنها خولفت إقامة الدليل على ذلك .
(2) حكم " إصدار الأحكام : التوقيع على مسودة الحكم والنطق به : النطق بالحكم " .
محضر الجلسة . خلوه من إثبات أن الحكم صدر فى جلسة علنية . أثره .
(3) حكم " بيانات الحكم " .
البيانات الثابتة بالحكم أو بمسودته . لا يجوز جحدها إلا بطريق الطعن عليها بالتزوير . " مثال : يتعلق ببيان صدور الحكم فى علانية " .
(4) حكم " بطلان الحكم : ما لا يؤدى إلى بطلان الحكم " .
بطلان الحكم لعدم توقيع رئيس الدائرة وأمين السر على محضر الجلسة المستند على ما ورد به . مناطه . المصلحة . علة ذلك .
(5 - 7) تحكيم " هيئة التحكيم : رد المحكم " .
(5) إثارة الشكوك حول استقلال المحكم أو حيدته . التزامه بالإفصاح عن الظروف التى أدت إليها حال قبوله مهمته . تقديره عدم تأثيرها على استقلاله . مؤداه . ثبوت حق طرف التحكيم العالم بها فى طلب رد هيئة التحكيم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه . عدم تنحى المحكم خلال تلك المدة . لازمه . الإحالة إلى المحكمة المختصة للفصل فيه بحكــــم غير قابل للطعن . استمرار إجراءات التحكيم دون اعتراض . مؤداه . عدم جواز النعى على حكم التحكيم . المواد 9 ، 16/3 ،
18 ، 19/1 ق 27 لسنة 1992 .
(6) اعتراض أطراف التحكيم على المحكم . مؤداه . حق المحكم فى التنحى . للطرف غير الموافق طلب رد المحكم حال استمراره فى مهمته . الحكم بالرد . أثره . عدم صلاحية المحكم لنظر التحكيم . عدم تقديم طلب الرد . أثره . صحة حكم التحكيم .
(7) قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعنة القضاء ببطلان حكم التحكيم لعدم إفصاح المحكم عن الظروف المؤثرة فى استقلاله وحيدته على سند من عدم اتخاذهـا إجـــراءات الــرد . صحيح . القصور فى الأسباب القانونية . لمحكمة النقض استكمالها دون نقض الحكم .
(8 ، 9) حكم " إصدار الأحكام : المداولة فى الحكم " .
(8) سرية المداولة . ماهيتها .
(9) الهيئة التى سمعت المرافعة . وجوب أن تتم المداولة بين جميع أعضائها . إفشاء سرها . مؤداه . مساءلة من أفشى السر دون بطلان الحكم .
(10 - 12) تحكـيم " بطلان حكم التحكيم : دعوى بطلان حكم التحكيم : نطاق دعوى البطلان " " أسباب بطلان حكم التحكيم : ما لا يعد من أسباب البطلان : التراخى فى التمسك بعدم حياد المحكم إلى ما بعد صـدور حكم التحكيم " . نقـــض " أسباب الطعن بالنقض : السبب غير المنتـج " .
(10) العلم بعدم حياد المحكم وبعدم استقلاله قبل صدور حكم التحكيم . يُوجب على من يدعيه أن يتمسك بهذا العيب وأن يُثبته . تراخيه فى ذلك إلى ما بعد صدور هذا الحكم . لا يصلح كأساس للمطالبة ببطلانه . علة ذلك . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
(11) إقامة الحكم على دعامتين . كفاية إحداهما لحمل قضائه . أثره . النعى عليه فى الأخرى . غير منتج .
(12) تحديد م 53 ق 27 لسنة 1994 حالات بطلان حكم التحكيم . مؤداه . عدم جواز الطعن ببطلان الحكم استناداً لسبب آخر غير الوارد بنص المادة .
(13) حكم " عيوب التدليل : التناقض : ماهيته " .
التناقض المفسد للأحكام . ماهيته .
(14) حكم " تسبيب الأحكام : ما لا يعيب تسبيب الحكم : الأسباب الزائدة " .
النعى على التقريرات الزائدة التى يستقيم الحكم بدونها ولا أثر لها فى قضائه . غير مقبول . قضاء الحكم المطعون فيه برفض دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعى وغير المندرج ضمن حالات البطلان الواردة بالمادة 53 ق 27 لسنة 1994 . صحيح . علة ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الأصل فى الإجراءات أن تكون قد روعيت ، وعلى من يدعى أنها خولفت إقامة الدليل على ذلك .
2- المقرر أن مجرد خلو محضر الجلسة من إثبات أن الحكم صدر فى جلسة علنية ليس لازمه أنه صدر فى غير علانية .
3- المقرر أنه لا يجوز للخصم أن يجحد ما أثبت بالحكم أو بمسودته من بيانات إلا بطريق الطعن عليها بالتزوير وفقاً للإجراءات التى أوجبها القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه صدر بجلسة علنية ، ولم تطعن الطاعنة على ذلك بالتزوير ، وكان خلو محضر نظر الدعوى بتاريخ 28 أكتوبر 2003 مما يفيد أنها عقدت فى علانية ليس لازمه أنها عقدت فى غير علانية ، لأن الطاعنة لم تقدم ثمة دليل على ذلك ، فإن ما تنعاه على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس .
4- المقرر أن القانون لم ينص على البطلان " بطلان الحكم " جزاء لعدم توقيع رئيس الدائرة وأمين السر على محضر الجلسة " والذى استند الحكم على ما ورد بها " ولم تبين الطاعنة وجه مصلحتها فى التمسك به ، ومن ثم فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس .
5- النص فى المادة 16/3 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون فى شأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية على أن " يكون قبول المحكم القيام بمهمته كتابةً ، ويجب عليه أن يفصح عند قبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته " ، وفى المادة 18 مــــنه على أن " لا يـجوز رد المحكـم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكاً جدية حول حيدته أو استقلاله ولا يجوز لأى من طرفى التحكيم رد المحكم الذى عينه أو اشترك فى تعيينه إلا لسبب تبينه بعد أن تم هذا التعيين " وفى المادة 19/1 منه على أن " يقدم طلب الرد كتابة إلى هيئة التحكيم مبيناً فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة ، أو بالظروف المبررة للرد ، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب ، يحال بغير رسوم إلى المحكمة المشار إليها فى المادة (9) من هذا القانون للفصل فيـه بحكم غير قابل للطعن . " يدل على أنه متى قامت ظروف تثير شكوكاً حول استقلال المحكم أو حيدتـه كان عليه أن يفصح عنها عند قبوله القيام بمهمته ، أما إذا لم يفصح عنها بعد أن قدر أنها لا تثير شكوكاً حول استقلاله أو حيدته ، ثم علم طرف التحكيم بهذه الظروف بعد أن عينه ورأى أنها تثير ذلك ، كان له أن يقدم طلباً برده إلى هيئة التحكيم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بها ، فإذا لم يتنح المحكم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب ، يحال إلى المحكمة المنصوص عليها فى المادة (9) من ذات القانون للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن ، وعلى ذلك فإنه إذا لم يقم المحكـم بواجب الإفصاح ، واستمرت إجراءات التحكيم دون اعتراض على المحكم ، فلا يجوز النعى على حكم التحكيم لمجرد أن المحكم لم يفصح عن الظروف التى قد تثير الشك فى حيدته واستقلاله .
       6- إذا اعترض أحد الطرفين على المحكم ، فإن للأخير أن يتنحى عن التحكيم ، على أن للأخير أن يستمر فى العمل رغم هذا الاعتراض ، وعندئذ يكون للطرف غير الموافق التمسك برد المحكم ، فإن حكم برده أصبح غير صالح لنظر التحكيم ، أما إذا لم يقم أى من الطرفين برده والحصول على حكم بهذا الرد فإن حكمه يكون صحيحاً .
       7- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد صحيحاً بتقريراته أن الطاعنة لم تتخذ إجراءات رد المحكم الذى عينته خلال الميعاد الذى حدده القانون ، واطرح دفاعها فى هذا الخصوص فإن ما تثيره فى شأن عدم إفصاح هذا المحكم عند قبوله التحكيم عن الظرف المشار إليه بسبب النعى يكون فى غير محله طالما أنها لم تتخذ من جانبها إجراءات رده عل النحو الذى رسمه القانون ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض طلب بطلان حكم التحكيم المؤسس على هذا السبب فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ، ولا يعيبه قصور أسبابه القانونية ، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه دون أن تنقضه .
8- سرية المداولة تعنى ألا يشترك فيها غير قضاة الهيئة التى نظرت الدعوى ، فضلاً عن ضرورة حصولها سراً بينهم دون سماعها من جانب غيرهم .
9- يجب أن تتم المداولة بين جميع أعضاء الهيئة التى سمعت المرافعة مجتمعين ، وإفشاء سر المداولة لا يؤدى إلى بطلان الحكم ، وإن كان يعرض من أفشى السر للمساءلة .
10- ولئن كان من المقرر أن اعتبار التحكيم ذا طبيعة قضائية ، يوجب على هيئة التحكيم مراعاة المبادئ الأساسية فى التقاضى ، وذلك سواء كان التحكيم تحكيماً عادياً أو تحكيماً مع التفويض بالصلح ، وتعتبر حيدة المحكم واستقلاله من الضمانات الأساسية فى التقاضى ، إلا أن الأصل فى المحكم أنه محايد ومستقل ما دام قد قبل القيام بمهمته ، وعلى من يدعى عدم حياد المحكم أو عدم استقلاله أن يتمسك بذلك ويثبته طالما أنه قد علم بالعيب قبل صدور حكم التحكيم ، وليس له بعد صدوره أن يرفع دعوى ببطلانه استناداً إلى عدم توفر أيهمـا فى المحكـم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، وأقام قضاءه برفض دفاع الطاعنة الوارد بالنعى على دعامة حاصلها أنها علمت بالوقائع التى تستند عليها فى نفى الحيدة عن المحكمين وذلك قبل صدور حكم التحكيم ، ولم تبد ثمة اعتراض بشأنها أمام هيئة التحكيم ، ومن ثم لا يقبل منها الاستناد عليها لطلب بطلانه .
11- إذ كانت الدعامة صحيحة وتكفى وحدها لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص ، فإن النعى عليه فى الدعامة الأخرى المستمدة من عدم تقديم الطاعنة طلباً برد المحكمين يكون - أياً كان وجه الرأى فيه - غير منتج ، ويضحى النعى بهذا السبب برمته على غير أساس .
12- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مؤدى تحديد حالات البطلان فى المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية أنه لا يجوز الطعن بالبطلان لسبب آخر خلاف ما أورده نص هذه المادة فلا يجوز الطعن عليه فى فهم الواقع أو القانون أو مخالفته .
13- المقرر أن التناقض الذى يفسد الأحكام هو الذى تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه ، ولا يمكن أن يفهم منه على أى أساس قضت المحكمة بما قضت به أما إذا اشتمل الحكم على أسباب تكفى لحمله وتبرر وجـه قضائـه فـلا محـل للنعـى عليـه بالتناقـض .
14- إذ كـان دفـاع الطاعنة الوارد بسبب النعى ينصب على ما قضى به حكم التحكيم فى موضوع النزاع ، ولا يندرج ضمن حالات البطلان المنصوص عليها فى المادة 53 من القانون سالف الذكر " القانون رقم 27 لسنة 1994 " ، فإن الحكم المطعون فيه وقد خلص إلى رفض هذا الدفاع يكون قد التزم صحيح حكم القانون ، ولا ينال منه ما ورد فى أسبابه - من بعد - عن ادعاء الطاعنة إغفال حكم التحكيم الفصل فى بعض الطلبات ، لأن ذلك يعد من قبيل التقريرات الزائدة التى يستقيم الحكم بدونها ولا أثر لها فى قضائه ، ولا تعيبه بالتناقض ، ومن ثم فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه الســيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين مـن الحكم المطعون فيه وسائـر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة الطاعنة أقامت على المجموعة المطعون ضدها الدعوى رقم .... لسنة 120 ق أمام محكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم ببطلان حكم المحكمين رقم .... لســنة 2003 تحكيم جنوب القاهـرة الابتدائية الصـادر بجلسة 12 أبريل 2003 فى النزاع القائم بينهما بناءً على اتفاق التحكيم المنصوص عليه فى البند العاشر من عقد الخدمات الاستشارية والهندسية المبرم بينهما ، وقالت بياناً لذلك إن هذا الحكم ران عليه البطلان لعدم صلاحية عضوى هيئة التحكيم لأن المحكم الذى عينته أفصح لرئيس مجلس إدارتها بعد حجز الدعوى التحكيمية للحكم بعتابه على أنه أثناء توليه منصب الوزارة اتخذ ضده ما أثار مساءلته ، مما كشف عن إيغار صدره باحتفاظه بالمرارة من جراء هذا الموقف الذى مضت عليه سنوات ، ويثير شكوكاً حول استقلاله وحيدته ، ولذا كتب إليه رئيس مجلس إدارتها يطالبه بالتنحى وأرسل صورة من الكتاب إلى رئيس هيئة التحكيم فلم يقرر تنحيه على نحو ما توجبه المادة 19 من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 ، فضلاً على أن هذا المحكم لم يسبق أن أفصح عن السبب المشار إليه عند قبوله التحكيم على نحو ما توجبه المـادة 16 من ذات القانون ، كما أن عضوى هيئة التحكيم أفشيا سر المداولة ، وأن حكم التحكيم وإن عرض لطلباتها لم يتناولها بالرد ولم يفصل فيها وذلك كله مما يبطله ، وبتاريخ 30 ديسمبر 2003 قضت المحكمة برفض الدعوى . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بالنقض ، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والبطلان ، وفى بيان ذلك تقول إن محضر جلسة محكمة الاستئناف بتاريخ 28 أكتوبر 2003 لنظر الدعوى ومحضر جلستها التى عقدتها بتاريخ 30 ديسمبر 2003 للنطق بالحكم جاء خلــــواً مما يفيـــد انعقادهما فى علانية ، وذلك بالمخالفة للمواد 169 من الدستور ، 18 من قانون السلطة القضائية ، 101 ، 174 من قانون المرافعات ، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مــردود ، ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هـذه المحكمة - أن الأصل فى الإجراءات أن تكون قد روعيت ، وعلى من يدعى أنها خولفت إقامة الدليل على ذلك ، ومجرد خلو محضر الجلسة من إثبات أن الحكم صدر فى جلسة علنية ليس لازمه أنه صدر فى غير علانية ، ومن المقرر كذلك أنه لا يجوز للخصم أن يجحد ما أثبت بالحكم أو بمسودته من بيانات إلا بطريق الطعن عليها بالتزوير وفقاً للإجراءات التى أوجبها القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه صدر بجلسة علنية ، ولم تطعن الطاعنة على ذلك بالتزوير ، وكان خلو محضر نظر الدعوى بتاريخ 28 أكتوبر 2003 مما يفيد أنها عقدت فى علانية ليس لازمه أنها عقدت فى غير علانية ، لأن الطاعنة لم تقدم ثمة دليل على ذلك ، فإن ما تنعاه على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون ، وفى بيانه تقول إن الورقة الأولى من محضر جلسة محكمة الاستئناف التى انعقدت بتاريخ 29 سبتمبر 2003 غير موقعة من رئيس الدائرة وأمين السر ، وذلك بالمخالفة للمادة 25 من قانون المرافعات ، بما يعيبها بالبطلان المتعلق بالنظام العام ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند على ما ورد بها ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ، ذلك أن القانون لم ينص على البطلان جزاء لعدم توقيع رئيس الدائرة وأمين السر على محضر الجلسة ولم تبين الطاعنة وجه مصلحتها فى التمسك به ، ومن ثم فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت فى الأوراق والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى فهم الواقع ، وفى بيانه تقول إن السبب الأول لدعواها تأسس على أن المحكم الذى عينته لم يفصح عن المرارة التى يضمرها فى نفسه من رئيس مجلس إدارتها إلا بعد قبوله التحكيم وحجز الدعوى التحكيمية للحكم وأخل بذلك بما توجبه المادة 16/3 من قانون التحكيم رقـم 27 لسنة 1994 ، وتأسس سبب آخر لدعواها على أنها قدمت طلباً برد المحكم المذكور لعدم صلاحيته لنظر دعوى التحكيم ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا السبب الأخير ، والتفت عن السبب الأول ولم يرد عليه ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن النص فى المادة 16/3 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بإصدار قانون فى شأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية على أن " يكون قبول المحكم القيام بمهمته كتابةً ، ويجب عليه أن يفصح عند قبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته " ، وفى المـادة 18 منه على أن " لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكاً جدية حول حيدته أو استقلاله ولا يجوز لأى من طرفى التحكيم رد المحكم الذى عينه أو اشترك فى تعيينه إلا لسبب تبينه بعد أن تم هذا التعيين " وفى المادة 19/1 منه على أن " يقدم طلب الرد كتابة إلى هيئة التحكيم مبيناً فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة ، أو بالظروف المبررة للرد ، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب ، يحال بغير رسوم إلى المحكمة المشار إليها فى المادة (9) من هذا القانون للفصل فيـه بحكم غير قابل للطعن . " يدل على أنه متى قامت ظروف تثير شكوكاً حول استقلال المحكم أو حيدتـه كان عليه أن يفصح عنها عند قبوله القيام بمهمته ، أما إذا لم يفصح عنها بعد أن قدر أنها لا تثير شكوكاً حول استقلاله أو حيدته ، ثم علم طرف التحكيم بهذه الظروف بعد أن عينه ورأى أنها تثير ذلك ، كان له أن يقدم طلباً برده إلى هيئة التحكيم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علمه بها ، فإذا لم يتنح المحكم خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب ، يحال إلى المحكمة المنصوص عليها فى المادة (9) من ذات القانون للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن ، وعلى ذلك فإنه إذا لم يقم المحكـم بواجب الإفصاح ، واستمرت إجراءات التحكيم دون اعتراض على المحكم ، فلا يجوز النعى على حكم التحكيم لمجرد أن المحكم لم يفصح عن الظروف التى قد تثير الشك فى حيدته واستقلاله ، أما إذا اعترض أحد الطرفين على المحكم ، فإن للأخير أن يتنحى عن التحكيم ، على أن للأخير أن يستمر فى العمل رغم هذا الاعتراض ، وعندئذ يكون للطرف غير الموافق التمسك برد المحكم ، فإن حكم برده أصبح غير صالح لنظر التحكيم ، أما إذا لم يقم أى من الطرفين برده والحصول على حكم بهذا الرد فإن حكمه يكون صحيحاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد صحيحاً بتقريراته أن الطاعنة لم تتخذ إجراءات رد المحكمة الذى عينته خلال الميعاد الذى حدده القانون ، واطرح دفاعها فى هذا الخصوص ، فإن ما تثيره فى شأن عدم إفصاح هذا المحكم عند قبوله التحكيم عن الظرف المشار إليه بسبب النعى يكون فى غير محله طالما أنها لم تتخذ من جانبها إجراءات رده عل النحو الذى رسمه القانون ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض طلب بطلان حكم التحكيم المؤسس على هذا السبب ، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ، ولا يعيبه قصور أسبابه القانونية ، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه دون أن تنقضه ، ومن ثم يكون النعى عليه فى هذا الصدد على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ، وفى بيانه تقول إنها تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الاستئناف ببطلان حكم التحكيم لأن المحكم المعين من المطعون ضدها أفشى سر المداولة إلى وكيلها قبل صدور الحكم بأربعة أيام بأن أخبره باتفاقه مع المحكم المعين من جانبها على أن المطعون ضدها قد لحقها خسائر مادية ومن العدالة ألا تتحملها وحدها ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن ذلك - بفرض صحته - يرتب مسئولية المحكم المذكور ولا يبطل حكم التحكيم ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن سرية المداولة تعنى ألا يشترك فيها غير قضاة الهيئة التى نظرت الدعوى ، فضلاً عن ضرورة حصولها سراً بينهم دون سماعها من جانب غيرهم ، ويجب أن تتم المداولة بين جميع أعضاء الهيئة التى سمعت المرافعة مجتمعين ، وإفشــاء سر المداولة لا يؤدى إلى بطلان الحكم وإن كان يعرض من أفشى السر للمساءلة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، وخلص إلى رفض دفاع الطاعنة الوارد بالنعى ، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه ، ويضحى النعى عليه فى هذا الخصوص على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن عضوى هيئة التحكيم لم يلتزما الحياد فى نظر الدعوى التحكيمية ، وذلك لترددهما على الطرفين وإعلان رأيهما بشأنها قبل صدور الحكم فيها ، لأن عضو هيئة التحكيم المعين من المطعون ضدها أخبر وكيل الطاعنة باتفاقه مع محكم الطاعنة على أن المطعون ضدها أصابها أضرار ينبغى ألا تتحملها وحدها ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطرح هذا الدفاع بما قرره بأن عدم حيدة عضوى هيئة التحكيم - بفرض ثبوته - يصلح سبباً لردهمـا ، والطاعنـة لـم تتخذ إجراءات هذا الرد ، وإنما شاركت فى مساعى الصلح التى قاما بها ، ولا يجوز لها من بعد الاستناد على الرد كسبب فى دعوى بطلان حكم التحكيم ، فى حين أن الثابت فى الأوراق أنها لم تعلم بسبب عدم حياد عضوى الهيئة إلا قبل صدور حكم التحكيم بأربعة أيام ، بما يقطع بأن ما أورده الحكم يخالف ما نصت عليه المادة 19 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 التى ضربت للرد ميعاداً قدره خمسة عشر يوماً من تاريخ علم طالب الرد بالظروف المبررة للرد ، وفى حين أن قبولها لمبدأ الصلح لا يسقط حقها فى النعى على حكم التحكيم بالبطلان لعدم حياد عضوى هيئة التحكيم ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أنه ولئن كان من المقرر أن اعتبار التحكيم ذا طبيعة قضائية ، يوجب على هيئة التحكيم مراعاة المبادئ الأساسية فى التقاضى ، وذلك سواء كان التحكيم تحكيماً عادياً أو تحكيماً مع التفويض بالصلح ، وتعتبر حيدة المحكم واستقلاله من الضمانات الأساسية فى التقاضى ، إلا أن الأصـل فى المحكم أنه محايد ومستقل ما دام قد قبل القيام بمهمته ، وعلى من يدعى عدم حياد المحكم أو عدم استقلاله أن يتمسك بذلك ويثبته طالما أنه قد علم بالعيب قبل صدور حكم التحكيم ، وليس له بعد صدوره أن يرفع دعوى ببطلانه استناداً إلى عدم توفر أيهمـا فى المحكـم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، وأقام قضاءه برفض دفاع الطاعنة الوارد بالنعى على دعامة حاصلها أنها علمت بالوقائع التى تستند عليها فى نفى الحيدة عن المحكمين وذلك قبل صدور حكم التحكيم ، ولم تبد ثمة اعتراض بشأنها أمام هيئة التحكيم ، ومن ثم لا يقبل منها الاستناد عليها لطلب بطلانه ، وكانت هذه الدعامة صحيحة وتكفى وحدها لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص ، فإن النعى عليه فى الدعامة الأخرى المستمدة من عدم تقديم الطاعنة طلباً برد المحكمين يكون - أياً كان وجه الرأى فيه - غير منتج ، ويضحى النعى بهذا السبب برمته على غير أســاس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب والتناقض ، وفى بيانه تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن حكم التحكيم ران عليه البطلان لأن ما أورده بأن المطعون ضدها تستحق مبلغ 285600 جنيه الذى قبضته منها إضافة إلى مبلغ 550000 جنيه الذى ألزمها بأن تؤديه إليها ، بعد أن اعتبر أن إلغاء ترخيص المبانى يعزى إلى جملة أسباب تسأل هى عن بعضها وتسأل المطعون ضدها عن باقيها ، وإن كان يصلح لمواجهة طلبها إلزام المطعون ضدها برد ما قبضته منها ورفضه ضمنياً ، إلا أنه لا يصلح رداً على طلبها بالتعويض عن ضياع فرصة استثمار أموالها ، وما تكبدته من تكلفة طرح المسابقة وأتعاب الخبراء ومصاريف التظلمات والدعوى التى رفعتها أمام القضاء الإدارى ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطرح هذا الدفاع بما قرره من أن أسباب حكم التحكيم تكفى لحمل قضائه ورفض طلباتها رغم خلوها من الرد على هذه الطلبات ثم عاد وقرر أن إغفال حكــم التحكيم الفصـل فى بعض الطلبات – بفرض حصوله - لا يندرج ضمن حـالات البطلان المنصوص عليها فى المادة 53 مـن قانـون التحكيـم رقـم 27 لسنة 1994 ، ومن ثم فإنه لا يمكن فهم الأساس الذى اعتمد عليه الحكم المطعون فيه ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن المقرر - فى قضاء هـذه المحكمة - أن مؤدى تحديد حالات البطلان فى المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية ، أنه لا يجوز الطعن بالبطلان لسبب آخر خلاف ما أورده نص هذه المادة فلا يجوز الطعن عليه فى فهم الواقع أو القانون أو مخالفته ، وأن التناقض الـذى يفسد الأحكام هو الذى تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه ، ولا يمكن أن يفهم منه على أى أساس قضت المحكمة بما قضت به ، أما إذا اشتمل الحكم على أسباب تكفى لحمله وتبرر وجـه قضائـه فـلا محـل للنعـى عليـه بالتناقـض . لمـا كـان ذلـك ، وكـان دفـاع الطاعنة الوارد بسبب النعى ينصب على ما قضى به حكم التحكيم فى موضوع النزاع ، ولا يندرج ضمن حالات البطلان المنصوص عليها فى المادة 53 من القانون سالف الذكر ، فإن الحكم المطعون فيه وقد خلص إلى رفض هذا الدفاع يكون قد التزم صحيح حكم القانون ، ولا ينال منه ما ورد فى أسبابه - من بعد - عن ادعاء الطاعنة إغفال حكم التحكيم الفصل فى بعض الطلبات ، لأن ذلك يعد من قبيل التقريرات الزائدة التى يستقيم الحكم بدونها ولا أثر لها فى قضائه ، ولا تعيبه بالتناقض ، ومن ثم فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إنه ، ولما تقدم ، يتعين رفض الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق