الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

الطعن 2604 لسنة 67 ق جلسة 1 / 2 / 2010 مكتب فني 61 ق 24 ص 143

برئاسة السيد القاضى / حسـن حســن منصــور نائب رئيس المحكمــة وعضوية السادة القضاة / د. محمـد فرغلى ، محمد عبد الراضى عياد ، عبد الفتاح أحمد أبوزيد وعرفة أحمـد دريـع نواب رئيس المحكمــة .
------------
(1 ، 2) نقض " الخصوم فى الطعن بالنقض " .
(1) الخصومة فى الطعن بالنقض . عدم قيامها إلا ممن كانوا خصوماً فى النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه . الخصم المطلوب الحكم فى مواجهته ولم يقض له أو عليه بشئ . عدم اعتباره خصماً حقيقياً . أثره . عدم قبول اختصامه فى الطعن .
(2) ثبوت عدم القضاء للمطعون ضده الرابع أو عليه بشئ . مؤداه . عدم اعتباره خصماً حقيقــياً . أثره . عدم قبول اختصامه فى الطعن .
(3) هبة " الهبة مع الاحتفاظ بحق الانتفاع بالمال الموهوب " .
هبة الأموال والحقوق العينية . احتفاظ الواهب بحقه فى الانتفاع بها . لا أثر له فى صحة الهبة ما دام التصرف بها قد تم منجزاً .
(4) عقد " بعض أنواع العقود : عقد الهبة " . هبة " هبة الأموال المستقبلة : حق الانتفاع " .
تنازل الطاعن عن الشقة عين النزاع للمطعون ضدها الأولى وقبولها إياه وإقرارهما أمام الجهة المالكة بتضامنهما فى سداد قيمة القرض التعاونى الخاص بالشقة وفقاً للتعليمات واللوائح وتحرير عقد بيع بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الرابع بصفته مع احتفاظ الأخير بحق ملكية العين حتى تمام سداد الثمن . مؤداه . حق الطاعن على العين حق انتفاع وجواز أن يكون محلاً لعقد الهــــــبة . استخلاص الحكم المطعون فيه أن تصرف الطاعن للمطعون ضدها الأولى هو هــبة مباشــــرة . صحيح .
(5) هبة " هبة الأموال المستقبلة " .
صحة الهبة . لازمها . وجود الشئ الموهوب وقت العقد . مؤداه . بطلان هبة الأموال المستقبلية . كفاية وجود الشئ الموهوب وقت العقد لصحة الهبة ولو كان محملاً بأقساط ثمن لم يحل أجل الوفاء بها .
(6) هبة " هبة الأموال المستقبلة : حق الانتفاع " .
تخصيص الجهة المالكة شقة التداعى للطاعن بموجب عقد . استلامه إياها وإقامته بها مع زوجته المطعون ضدها الأولى حتى تنازله لها عنها . مؤداه . نشأة حقه فى الانتفاع بشقة التداعى من تاريخ استلامها وقابلية ذلك الحق أن يكون محلاً للهبة . انتهاء الحكم المطعون فيه إلى صحة تصرف الطاعن للمطعون ضدها الأولى الوارد على ذلك الحق . صحيح .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة " .
محكمة الموضوع . سلطتها فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير القرائن والأدلة ومنها أقوال الشهود والمستندات المقدمة فيها وترجيح ما تطمئن إليه منها . شرطه . بيانها الحقيقة التى اقتنعت بها وأقامتها قضاءها على أسباب سائغة . عدم التزامها بتتبع الخصوم فى كافة مناحى دفاعهم ما دام فى الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمنى المسقط لكل حجة مخالفة .
(8) نقض " أسباب الطعن بالنقض : الأسباب الموضوعية " .
استناد الحكم المطعون فيه فى ثبوت واقعة تسليم الطاعن عين النزاع للمطعون ضدها الأولى وأنها مالكة العين بما اطمأن إليه من أقوال شهود الطرفين . والمستندات المقدمة بأسباب سائغة لها أصلها الثابت فى الأوراق . النعى عليه بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال . جدل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة . تنحسر عنه رقابة محكمة النقض .
(9 ، 10) نقض " أسباب الطعن بالنقض : السبب الذى لا يحقق سوى مصلحة نظرية " .
(9) النعى الذى لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة . غير مقبول .
(10) قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب بطلان عقد البيع المبرم بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الرابع بصفته الجهة المالكة لعين النزاع استناداً إلى صحة التنازل الصادر من الطاعن للمطعون ضدها الأولى عن ذات العين وأحقية المطعون ضده الرابع فى التعاقد عليها وفق أنظمة ولوائح الجهة المالكة . النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون لإبرام الأخيرة عقد بيع لذات العين للمطعون ضدها الأولى لا يحقق سوى مصلحة نظرية . نعى غير منتج .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الخصومة فى الطعن أمام محكمة النقض ، لا تكون إلا ممن كانوا خصوماً فى النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه ، وأن الخصم الذى لم يطلب سوى الحكم فى مواجهتـه ، ولم يقض له أو عليه بشئ ، لا يكون خصماً حقيقياً ولا يقبل اختصامه فى الطعن .
2- إذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الرابع بصفته لم يكن خصماً حقيقياً فى الدعـوى إذ لم يقض له أو عليه بشئ ومن ثم يكون اختصامه فى الطعن غير مقبول .
3- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن إعمال القواعد العامة للعقود المنصوص عليها فى الفصل الأول من الباب الأول مـن الكـــتاب الأول من التقنين المدنى ، يقضى بأن تصح هبة جميع أنواع الأموال والحقوق العينية التى عليها ، كحق الانتفاع ، وحق الرقبة ، وحق الارتفاق ، ولا يقدح فى ذلك احتفـاظ الواهب بحقه فى الانتفاع ما دام التصرف بالهبة قد تم منجزاً .
4- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى ( القاضى برفـض دعوى طلب الحكم بالعدول عن الرغبة فى التنازل الصادر منه والمـؤرخ 30/7/1990 ) على سند من أن الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أقر بتنازله للمطعون ضدها الأولى عـن الشقة عين النـزاع وفقاً للتعليمـات واللوائـح الصـادرة من الجهة المالكة وقد قبلت المطعون ضدها الأولى هذا التنازل وأقر الطرفان أمام الجهة المالكة أنهمـا متضامنـان فى سـداد قيمة القرض التعاونى الخاص بهذه الشقـة ، وبناء على ذلك تحرر عقد البيـع الابتدائى المؤرخ 30/7/1990 بين المطعـون ضدهـا الأولى والمطعـون ضـده الرابـع بصفته مع الاحتفاظ بحق ملكية العين للأخير بصفته حتى تمـام سداد كامل الثمن ، ومن ثم فإن حق الطاعن على العين محل النزاع يكون هو حق انتفاع فقـط يجوز أن يكون محلاً لعقد الهبة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص فى مدوناته إلــى أن تصرف الطاعن للمطعون ضدها الأولى عن هذا الحق هو هبة مباشرة منه إليها ، فإنه يكـون قد انتهى إلى قضـاء صحيح .
5- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الايضاحية للقانون المدنى ، أن الشريعة تستلزم لصحة الهبة ، أن يكون الشئ الموهوب موجوداً وقت العقد ، ومن ثم تعتبر هبة المعدوم غير صحيحة ، ومثل المعدوم ، وما هو فى حكمه ، ومنها الأموال المستقبلة ، فتقع الهبة الواردة عليها باطلة ، ومفاد ذلك أن وجود الشئ الموهوب وقت العقد ، يكفى لصحة الهبة ، ولو كان محملاً بدين لـم يتم الوفاء به كأقساط ثمن لم يحل أجل الوفاء بها بعد .
6- إذ كان الثابت بالأوراق أنه تم تخصيص شقة التداعى للطاعن من الجهة المالكــة لها بموجب العقد المبرم بينه وبين المطعون ضده الرابع بصفته بتاريخ 28/6/1988 ، والثابت به أنه تسلمها ، وأقام بها مع زوجته المطعون ضدها الأولى ، فيكون حق انتفاعه بهذه الشقة موجوداً ، حتى وقت إبرام تنازله عنها بتاريخ 30/7/1990 ، وبالتالى يصح أن يكون هذا الحق محلاً للهبة ، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى صحة تصرف الطاعن للمطعون ضدها الأولى الوارد على هذا الحق فإن قضاءه فى هذا الخصوص ، يكون قد صادف صحيح القانون .
7- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى ، وتقدير القرائن والأدلة ومنها أقوال الشهود والمستندات المقدمة فيها ، والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وما تراه متفقاً مع واقع الحال فى الدعوى ، وحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها ، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله ، ولا عليها من بعد تتبع الخصوم فى كافـة مناحى دفاعهم ، ما دام فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمنى المسقـط لكل حجة مخالفة .
8- إذ كان الحكم المطعون فيه قد عّول فى ثبوت واقعة تسليم الطاعن عين النزاع للمطعون ضدها الأولى راضياً مختاراً على ما استخلصه واطمأن إليه من أقوال شهود الطرفين فى المحضر رقم .... ومـن الكشف الرسمى المستخرج من الضرائب العقاريـة جرد .... وكذا فواتير الكهرباء عن العين من أن مالك هذه الشقة هى المطعون ضدها الأولى ، وهذه أسباب سائغة لهـا أصلها الثابت فى الأوراق تكفى لحمل قضـاء الحكم ، وفيها الرد الضمنى المسقط لكل حجة مخالفة ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض .
9- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه إذا كان النعى على الحكم المطعون فيـه لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ، ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة ، فإنه يكون غيـر مقبول .
10- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب بطلان عقد البيع المبرم بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الرابع بصفته بتاريخ 30/7/1990 ، على سند مما انتهى إليه من صحة التنازل الصادر من الطاعن بذات التاريخ للمطعون ضدها الأولى عن ذات عين التداعى ، وأصبح للمطعون ضده الرابع بصفته حرية التعاقد عليها ، حسبمـا تقضى أنظمة ولوائح الجهة المالكة ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح فى هذا الخصوص ، ومن ثم فإن النعى عليه ( بالخطأ فى تطبيق القانون لإبرام الجهة المالكة عقد بيع لذات العين للمطعون ضدها الأولى ) لا يحقق ثمة فائدة للطاعن ، ويضحى غير منتج .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريـر الـذى تـلاه السيـد القاضى المقـرر والمرافعة وبعد المداولــة .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائـر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الأولى والرابع بصفته الدعوى رقم .... لسنة 1992 مدنى كلى شمال القاهرة ، بطلـب الحكم بالعدول عن الرغبة فى التنازل الصـادر منه المؤرخ 30/7/1990 وإلغاء العقد المبرم بين المطعون ضدهما المذكورين ، بذات التاريخ ، واعتباره كأن لم يكن ، وقال بياناً لذلك إنه تم تخصيص الشقة رقم .... بالعمارة .... بمدينة التوفيق له منذ عام 1984 وتسلمها بالفعل ، ولا زال يقــوم بسداد الأقسـاط المستحقة عليها خصماً من معاشه وطبقاً لتعليمات إدارية تنازل عن هذه الشقة لزوجته المطعون ضدها الأولى بدون مقابل وتحرر عن ذلك التنازل عقد البيع الابتدائى سالف الذكر ، ولخلافات نشبت بينه وبينها طلب من المطعون ضده الرابع بصفته إلغاء هذا التنـازل وعدم الاعتداد بهذا العقد ، إلا أنه رفض طلبه بحجة صحة التنازل الصادر منه عن تلك الشقة ومن ثم فقد أقـام الدعوى ، فتدخل المطعون ضده الثانى فى الدعوى طالباً رفضها ، وإلزام المطعون ضدهما الأولى والثالث بصفته بتسليمه الشقة محل التداعى باعتباره مالكاً لها بالشراء من المطعون ضدها الأولى بموجب عقد البيع المؤرخ 21/12/1992 ، وبتاريخ 30/3/1994 حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وفى موضوع التدخل بإلزام المطعون ضدها الأولى بتسليـم شقة النزاع للمطعون ضده الثانى ، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقـم .... لسنـة 111 ق القاهرة ، كما أستأنفه المطعون ضده الثالث بصفته بالاستئناف رقم ..... لسنة 111 ق القاهرة ، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 26/3/1997 فى الاستئناف الأول برفضه ، وفى الثانى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تسليـم شقة النزاع للمطعون ضده الثانى ، وفى موضوع التدخل برفضه ، وببطلان عقد البيع العرفى المؤرخ 21/12/1992 المبرم بين المطعون ضدهما الأولى والثانى . طعن الطاعـن فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع بصفته وفيما عدا ذلك ترى رفض الطعن ، وإذ عُرِض الطعـن على هذه المحكمة فى غـرفة مشورة حددت جلسـة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة ، بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع بصفته كونه لم يكن خصماً حقيقياً فى النزاع ، فلم توجه منه أو إليه ثمة طلبات فى الدعوى .
وحيث إن هذا الدفع فى محله ، ذلك بأنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة -  أن الخصومة فى الطعن أمام محكمة النقض ، لا تكون إلا ممن كانوا خصوماً فى النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه ، وأن الخصم الذى لم يطلب سوى الحكم فى مواجهتـه ، ولم يقض له أو عليه بشئ ، لا يكون خصماً حقيقياً ولا يقبل اختصامه فى الطعن . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الرابع بصفته لم يكن خصماً حقيقياً فى الدعـوى إذ لم يقض له أو عليه بشئ ومن ثم يكون اختصامه فى الطعن غير مقبول .
وحيث إنه وفيما عدا ذلك ، يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ، ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول والسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والتناقض ، وفى بيان ذلـك يقول إن الحكم أيد الحكم الابتدائى القاضى برفض دعواه على سند من التصرف الصادر منه للمطعون ضدها الأولى هو هبة مباشرة دون عوض ، لا يجوز الرجوع فيها نظراً لعلاقة الزوجية بينهما رغم أن الشقة محل التداعى لا زالت مملوكة للمطعون ضده الثالث بصفته طبقاً لشروط عقد البيع الابتدائى المؤرخ 28/6/1988 بينه وبين المطعون ضده الرابع بصفته لعدم سداد كامل ثمنها المستحق حتى عام 2015 وهذا ما اعتنقه الحكـم الصادر فى الاستئناف رقم .... لسنه 111 ق القاهرة المنضم للارتباط ، الذى قضى ببطلان عقد البيع العرفى المؤرخ 21/12/1992 المبرم بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الثانى لعدم انتقال ملكية هذه الشقة إليها لعدم سداد كامل ثمنها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، واعتد بتنازله عن هذه الشقة للمطعون ضدها الأولى ، وقضى بصحة الهبة لها ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ، ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن إعمال القواعد العامة للعقود المنصوص عليها فى الفصل الأول من الباب الأول مـن الكتاب الأول من التقنين المدنى يقضى بأن تصح هبة جميع أنواع الأموال والحقوق العينية التى عليها كحق الانتفاع ، وحق الرقبة ، وحق الارتفاق ، ولا يقدح فى ذلك احتفـاظ الواهب بحقه فى الانتفاع ما دام التصرف بالهبة قد تم منجزاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى على سند من أن الثابت بالأوراق أن الطاعن قد أقر بتنازله للمطعون ضدها الأولى عن الشقة عين النزاع وفقاً للتعليمات واللوائـح الصادرة من الجهة المالكة لها ، وقد قبلت المطعون ضدها الأولى هذا التنازل وأقر الطرفان أمام الجهة المالكة أنهما متضامنان فى سداد قيمة القرض التعاونى الخاص بهذه الشقـة ، وبناء على ذلك تحرر عقد البيع الابتدائى المؤرخ 30/7/1990 بين المطعون ضدهـا الأولى والمطعون ضده الرابع بصفته مع الاحتفاظ بحق ملكية العين للأخير بصفته حتى تمـام سداد كامل الثمن ، ومن ثم فإن حق الطاعن على العين محل النزاع يكون هو حق انتفاع فقـط يجوز أن يكون محلاً لعقد الهبة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص فى مدوناته إلى أن تصرف الطاعن للمطعون ضدها الأولى عن هذا الحق هو هبة مباشرة منه إليها ، فإنه يكـون قد انتهى إلى قضاء صحيح فى هذا الشأن ، ومن ثم فإن النعى يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الأول ، والوجه الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف أن ثمن الشقة عين التداعى مُقّسط على ثلاثين عاماً تنتهى عام 2015 وما زال يخصم من معاشه لصالح الجهة المالكـة لها ، ومـن ثم تعتبر قيمة الأقساط اللاحقة على التنازل المؤرخ 30/7/1990 مالاً مستقبلاً لا تجوز أن ترد عليه الهبة وإلا كانت باطله ، إلا أن الحكم المطعون فيه أعـــرض عن هذا الدفــاع ، وانتهى إلى صحة الهبة المباشرة دون عوض الصادرة من الطاعن للمطعون ضدها الأولى ، وقضى بتأييد الحكم الابتدائى القاضى برفض الدعوى ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الايضاحية للقانون المدنى ، أن الشريعة تستلزم لصحة الهبة أن يكون الشئ الموهوب موجوداً وقت العقد ، ومن ثم تعتبر هبة المعدوم غير صحيحة ، ومثل المعدوم ، ما هو فى حكمه ، ومنها الأموال المستقبلة ، فتقع الهبـة الواردة عليها باطلة ، ومفاد ذلك أن وجود الشئ الموهوب وقت العقد ، يكفى لصحة  الهـبة ، ولو كان محملاً بدين لـم يتم الوفاء به ، كأقســــاط ثمن لم يحل أجل الوفاء بها بعد . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أنه تم تخصيص شقة التداعى للطاعن من الجهة المالكة لها بموجب العقد المبرم بينه وبين المطعون ضده الرابع بصفته بتاريخ 28/6/1988 ، والثابت به أنه تسلمها ، وأقام بها مع زوجته المطعون ضدها الأولى ، فيكون حق انتفاعه بهذه الشقة موجوداً ، حتى وقت إبرام تنازله عنها بتاريخ 30/7/1990 ، وبالتالى يصح أن يكون هذا الحق محلاً للهبة ، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى صحة تصرف الطاعن للمطعون ضدها الأولى الوارد على هذا الحق ، فإن قضاءه فى هذا الخصوص يكون قد صادف صحيح القانون ، ويضحى النعى على غيـر أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى ، والوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بتأييد الحكم الابتدائى القاضى برفض الدعوى لصحة عقد الهبة على سند من أنه سلم الشقة محل النزاع للمطعون ضدها الأولى راضياً مختاراً أخذاً بأقوال الشهود فى المحضـر رقم .... لسنة 1992 إدارى مدينة نصر ، وصورة الكشف الرسمى المستخرج من مصلحة الضرائب العقارية جرد 91/92 بأن العين مربوطة باسم المطعون ضدها الأولى ، وكذا صور فواتير الكهرباء باسمها ، فى حين أنه التفت عن دلالة الدعوى رقم ... لسنـة 1991 مــــدنى مستعجل القاهـرة المرفوعـة من المطعــون ضدهـا الأولى على الطاعـن بطلـب تسليمها الشقة عين النزاع ، وحكم فى هذه الدعوى بعدم الاختصاص ، لأن النزاع فيها ينصب على الملكية بين الطرفين بما يستفاد منه قيام قرينة قضائية تنفى واقعة تسليمه هذه العين للمطعون ضدها الأولى ، الأمر الذى يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى ، وتقدير القرائن والأدلة ومنها أقوال الشهود والمستندات المقدمة فيها ، والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وما تراه متفقاً مع واقع الحال فى الدعوى ، وحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها ، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله ، ولا عليها من بعد تتبع الخصوم فى كافـة مناحى دفاعهم ، ما دام فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمنى المسقـط لكل حجة مخالفة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عّول فى ثبوت واقعة تسليم الطاعن عين النزاع للمطعون ضدها الأولى راضياً مختاراً على ما استخلصه واطمأن إليه من أقوال شهود الطرفين فى المحضر رقم .... لسنة 1992 إدارى مدينة نصر ، ومـن الكشف الرسمى المستخرج من الضرائب العقارية جرد 91/1992 ، وكذا فواتير الكهرباء عن العين من أن مالك هذه الشقة هى المطعون ضدها الأولى ، وهذه أسباب سائغة لهـا أصلها الثابت فى الأوراق ، تكفى لحمل قضاء الحكم ، وفيها الرد الضمنى المسقط لكل حجة مخالفة ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير الأدلة مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول ، على الحكــم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول إن عقد بيع الشقة عين التداعى الأصلى المبرم بينه وبين المطعون ضده الرابع بصفته بتاريخ 28/6/1988 ، مازال قائماً بينهمـا ولم يصدر منه ثمة تنازل عنها أو توكيل بالتصرف فيها ، بما يبطل عقد البيع المبـرم بيـن هذا الأخير ، والمطعـــــون ضــــــدها الأولـــــــى بتاريخ 30/7/1990 ، وإذ خـــــالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى برفض طلبه بهذا البطلان ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة – أنه إذا كان النعى على الحكم المطعون فيه لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ، ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة ، فإنه يكون غير مقبول ؛ لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب بطلان عقد البيع المبرم بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضده الرابع بصفته بتاريخ 30/7/1990 ، على سند مما انتهى إليه من صحة التنازل الصادر من الطاعن بذات التاريخ للمطعون ضدها الأولى عن ذات عين التداعى ، وأصبح للمطعون ضده الرابع بصفته حرية التعاقد عليها ، حسبما تقضى أنظمة ولوائح الجهة المالكة ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح فى هذا الخصوص ، ومن ثم فإن النعى عليه لا يحقق ثمة فائدة للطاعن ، ويضحى - أياً كان وجه الرأى فيه - غير منتج .
ولما تقدم ، يتعين رفض الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق