برئاسة السيد المستشار / محمد ممتاز متولي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ طارق سيد عبد الباقي، سمير عبد المنعم أبو العيلة، أحمد برغش
نواب رئيس المحكمة وحاتم عبد الوهاب حمودة.
----------
- 1 نقض "الخصوم في الطعن:
الخصوم بصفة عامة".
الاختصام في الطعن بالنقض. عدم جواز اختصام من لم يكن خصماً في النزاع
الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. قضاء الحكم المطعون فيه بترك الخصومة بالنسبة
للمطعون ضدها الثانية. مؤداه. عدم اعتبارها خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم
المطعون فيه. اختصامها في الطعن. غير مقبول.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن أمام
محكمة النقض من لم يكن خصماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وكان
الثابت من الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بجلسة 11/7/1996 قد قضى
بترك الخصومة بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية، ومن ثم فلا تُعد خصماً في
النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وبالتالي فإن الطعن يكون غير مقبول
بالنسبة لها.
- 2 تأمين "رجوع المؤمن على
المسئول عن الحادث".
التزام المؤمن بدفع قيمة التأمين للمؤمن له المضرور من الحادث. أساسه
عقد التأمين وليس خطأ الغير المسئول عن الحادث. مؤداه. عدم وجود علاقة سببية
مباشرة بين خطأ الغير وبين الضرر الذي تحمله المؤمن بدفعه التعويض. أثره. عدم جواز
تأسيس رجوع المؤمن على المسئول على قواعد المسئولية التقصيرية. حلول المؤمن محل
المؤمن له لا يكون إلا بالحوالة أو بالحلول سواء كان قانونياً أو اتفاقياً.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن خطأ الغير المسئول عن وقوع الحادث
ليس هو السبب المباشر لالتزام المؤمن بدفع قيمة التأمين للمؤمن له المضرور من هذا
الحادث حتى يمكن القول بأن رجوع المؤمن على المسئول مؤسس على المسئولية التقصيرية
باعتبار أن المسئول قد سبب بخطئه الذي تحقق به الخطر المؤمن منه ضرراً للمؤمن رتب
ضمان هذا الأخير إذ لا توجد علاقة سببية مباشرة بين خطأ الغير والضرر الذي تحمله
المؤمن بدفعه التعويض إلى المؤمن له، بل أن سبب التزام المؤمن بدفع قيمة التأمين
إلى المؤمن له هو عقد التأمين ذاته فلولا قيام هذا العقد لما التزم بدفع مبلغ
التأمين رغم وقوع الحادث، وبالتالي فلم يكن من سبيل لأن يحل المؤمن محل المؤمن له
قبل المسئول إلا عن طريق الحوالة أو عن طريق الحلول سواء كان قانونياً أو اتفاقياً.
- 3 تأمين "رجوع المؤمن على
المسئول عن الحادث".
الحلول القانوني للمؤمن قبل المسئول بما دفعه من تعويض في التأمين على
الحريق. مؤداه. وفاء المؤمن للمؤمن له بمبلغ التأمين. أثره. حلوله محله قانوناً في
الدعاوى التي تكون للأخير قبل الغير المسئول عن تحقق الخطر المؤمن منه. شرطه. أن
يكون ذلك الوفاء قد تحقق فعلاً. علة ذلك. المواد 326، 329، 771 مدني.
مفاد النص في المادتين 326، 771 من القانون المدني يدل على أن الشارع
قد قرر مبدأ حلول قانوني للمؤمن قبل المسئول بما دفعه من تعويض في التأمين عن
الحريق، وبالتالي فإذا دفع المؤمن للمؤمن له مبلغ التأمين حل محله حلولاً قانونياً
في الدعاوى التي تكون للأخير قبل الغير المسئول عن تحقق الخطر المؤمن منه، وهو في
ذلك إنما يستعمل حق المؤمن له بما له من خصائص وما يلحقه من توابع انطباقاً للمادة
329 من هذا القانون، ويشترط في هذا الحلول أن يكون المؤمن قد دفع فعلاً مبلغ
التأمين للمؤمن له، إذ الحلول لا يكون إلا بعد الوفاء وعلى قدر ما دفعه المؤمن من
مبلغ التأمين يتحدد حلوله محل المؤمن له في حقوقه.
- 4 تأمين "رجوع المؤمن على
المسئول عن الحادث".
وفاء الطاعنة شركة التأمين للمطعون ضدها الثانية المؤمن لها بمبلغ
التأمين عن الحريق وحصولها منها على مخالصة وحوالة حق حلت بها محل الأخيرة في
الرجوع بما أوفته على المسئول عن تحقق الخطر المؤمن منه وفقاً للمادة 771 مدني.
قضاء الحكم المطعون فيه بعدم أحقية الطاعنة في الحلول القانوني محل المؤمن لها
ونفيه المسئولية التقصيرية عن المطعون ضدها الأولى المسئولة عن تحقق الخطر متحجباً
عن بحث مدى تحقق مسئوليتها العقدية الناشئة عن عقد المقاولة المبرم بينها والمؤمن
لها التي حلت الطاعنة محلها. قصور وخطأ.
إذ كانت الطاعنة - المؤمنة - قد أوفت للمطعون ضدها الثانية - المؤمن
لها - مبلغ التأمين عن الحريق وحصلت منها على مخالصة وحوالة حق وبها حلت قانوناً
محل المؤمن لها في الرجوع بما أوفته وفقاً للمادة 771 سالفة البيان على المسئول عن
تحقق الخطر المؤمن منه، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر حين قضى بعدم
أحقية الطاعنة في الحلول القانوني محل المؤمن لها ونفى المسئولية التقصيرية عن
المطعون ضدها الأولى باعتبارها المسئولة عن تحقق الضرر، وهو ما حجبه عن بحث مدى
تحقق مسئوليتها العقدية الناشئة عن عقد المقاولة - بما تضمنه من قيود والتزامات -
المبرم بينها وبين المؤمن لها التي حلت الطاعنة محلها حلولاً قانونياً، فإنه يكون
معيباً بالقصور الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم .... لسنة 1990 مدني الإسكندرية
الابتدائية - رجوعا منها على المطعون ضدهما الأولى والثالثة بطلب الحكم بإلزامهما
بالتضامم بأن يؤديا إليها مبلغاً مليون ومائتين وخمسة وثلاثين ألف وثلاثمائة وستة
عشر جنيها وفوائده القانونية، وقالت بياناً لذلك إنه بموجب وثيقة تأمين أمنت
الشركة المطعون ضدها الثانية لدى الطاعنة على إخطار التخزين وتركيب معدات مشروع
..... ولوازم المواسير بـ......، وقد أسندت المؤمن لها "رب العمل" تنفيذ
هذه الأعمال إلى الشركة المطعون ضدها الأولى "المقاول الأصلي" وبسبب خطأ
وإهمال الأخيرة وتابعتها المطعون ضدها الثالثة، شب حريق في الآلات والمعدات أثناء
تخزينها بالصناديق وتحرر عن الواقعة المحضر رقم .... لسنة 1988 إداري العامرية
والذي قيد بعد ذلك تحت رقم ... لسنة 1989 جنح العامرية، وإذ أوفت الطاعنة بمبلغ
التأمين إلى المؤمن لها تنفيذاً لوثيقة التأمين، وأحالت إليها الأخيرة حقوقهما
فيما يختص بهذا الحادث وقبل المسئول عن هذا الحريق، فقد أقامت الدعوى، ندبت
المحكمة خبيراً فيها، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 20/12/1995 بإلزام المطعون
ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعنة مبلغ مليون ومائتين وسبعة ألف وثمانمائة وواحد خمسين
جنيهاً وفوائده القانونية، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة
استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم .... لسنة 51 ق، وبتاريخ 10/12/1996 قضت المحكمة
بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية، وأبدت
فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة
لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون ضدها
الثانية أنه قضى بترك الخصومة بالنسبة لها في الاستئناف وبذلك فلا تعتبر طرفا في
الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، ومن ثم فلا يقبل من الطاعنة اختصامها في
هذا الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن أمام محكمة النقض من لم يكن خصما في النزاع الذي
فصل فيه الحكم المطعون فيه، وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة
الاستئناف بجلسة 11/7/1996 قد قضى بترك الخصومة بالنسبة للشركة المطعون ضدها
الثانية، ومن ثم فلا تعد خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وبالتالي
فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة لها.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي
بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم جواز رجوع المؤمن - الطاعنة - عن طريق
الحلول على المسئول عن حدوث الحريق - المطعون ضدهما الأولى والثالثة - بما دفعه
إلى المؤمن له - المطعون ضدها الثانية - على أساس أن سبب التزامهما بسداد قيمة
التأمين إلى المؤمن له هو عقد التأمين وليس خطأ الغير المسئول عن تحقق الخطر
المؤمن منه، في حين أن المادة 771 من القانون المدني نصت على أحقية شركة التأمين
في الحلول قانونا بما دفعته من تعويض عن الحريق في الدعاوى التي تكون للمؤمن له
قبل الغير المسئول عن تحقق الخطر المؤمن منه، وهو ما تمسكت به الطاعنة في دفاعها
أمام المحكمة المطعون في حكمها من انعقاد المسئولية العقدية للمطعون ضدهما الأولى
والثالثة باعتبارهما المقاول الأصلي والمقاول من الباطن لمخالفة البندين 10/ 3، 51
من عقد المقاولة المبرم مع المؤمن له "صاحب العمل" والذي فرض فيهما
الأخير قيودا والتزامات تتعلق بعملية تخزين المعدات والآلات وحمايتها مما يعرضها
للتلف، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يفطن إلى ذلك وانتهى بقضائه إلى انتفاء
المسئولية التقصيرية دون أن يبحث مسئوليتهما العقدية عن سبب اندلاع الحريق وفقا
لأي من الاحتمالين الواردين بتقرير الخبير المنتدب، فإنه يكون معيبا بما يستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن
خطأ الغير المسئول عن وقوع الحادث ليس هو السبب المباشر لالتزام المؤمن بدفع قيمة
التأمين للمؤمن له المضرور من هذا الحادث حتى يمكن القول بأن رجوع المؤمن على
المسئول مؤسس على المسئولية التقصيرية باعتبار أن المسئول قد سبب بخطئه الذي تحقق
به الخطر المؤمن منه ضررا للمؤمن رتب ضمان هذا الأخير إذ لا توجد علاقة سببية
مباشرة بين خطأ الغير والضرر الذي تحمله المؤمن بدفعه التعويض إلى المؤمن له، بل
أن سبب التزام المؤمن بدفع قيمة التأمين إلى المؤمن له هو عقد التأمين ذاته فلولا
قيام هذا العقد لما التزم بدفع مبلغ التأمين رغم وقوع الحادث، وبالتالي فلم يكن من
سبيل لأن يحل المؤمن محل المؤمن له قبل المسئول إلا عن طريق الحوالة أو عن طريق
الحلول - سواء كان قانونيا أو اتفاقيا، وإذ كان النص في المادة 326 من القانون
المدني على أنه "إذا قام بالوفاء شخص غير المدين، حل الموفى محل الدائن الذي
استوفى حقه في الأحوال الآتية: (أ) ..... (ب) ..... (ج) ..... (د) إذا كان هناك نص
خاص يقرر للموفى حق الحلول" وفي المادة 771 من ذات القانون على أنه "يحل
المؤمن قانونا بما دفعه من تعويض عن الحريق في الدعاوى التي تكون للمؤمن له قبل من
تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسئولية المؤمن، ما لم يكن من أحدث الضرر قريبا
أو صهرا للمؤمن له ممن يكونون معه في معيشة واحدة، أو شخصا يكون المؤمن له مسئولا
عن أفعاله" يدل على أن الشارع قد قرر مبدأ حلول قانوني للمؤمن قبل المسئول
بما دفعه من تعويض عن الحريق، وبالتالي فإذا دفع المؤمن للمؤمن له مبلغ تأمين حل
محله حلولا قانونيا في الدعاوى التي تكون للأخير قبل الغير المسئول عن تحقق الخطر
المؤمن منه، وهو في ذلك إنما يستعمل حق المؤمن له بما له من خصائص وما يلحقه من
توابع انطباقا للمادة 329 من هذا القانون، ويشترط في هذا الحلول أن يكون المؤمن قد
دفع فعلا مبلغ التأمين للمؤمن له، إذ الحلول لا يكون إلا بعد الوفاء وعلى قدر ما
دفعه المؤمن من مبلغ التأمين يتحدد حلوله محل المؤمن له في حقوقه. لما كان ذلك
وكانت الطاعنة - المؤمنة - قد أوفت للمطعون ضدها الثانية - المؤمن لها - مبلغ
التأمين عن الحريق وحصلت منها على مخالصة وحوالة حق وبها حلت قانونا محل المؤمن
لها في الرجوع بما أوفته وفقا للمادة 771 سالفة البيان على المسئول عن تحقق الخطر
المؤمن منه، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر حين قضى بعدم أحقية الطاعنة
في الحلول القانوني محل المؤمن لها ونفي المسئولية التقصيرية عن المطعون ضدها
الأولى باعتبارها المسئولة عن تحقق الضرر - وهو ما حجبه عن بحث مدى تحقق مسئوليتها
العقدية الناشئة عن عقد المقاولة - بما تضمنه من قيود والتزامات - المبرم بينها
وبين المؤمن لها التي حلت الطاعنة محلها حلولا قانونيا، فإنه يكون معيبا بالقصور
الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق