جلسة 17 من مارس سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ عمر بريك، عبد التواب أبو طالب نائبي رئيس المحكمة، ومحمود عبد السلام
وسامح عبد الله.
-----------
(20)
الطعن 17367 لسنة 77 ق
- 1 إثبات "بوجه عام".
حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه.
تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف
التي وقعت فيها والأدلة التي استخلص منها الإدانة. عدم رسم القانون شكلاً خاصاً
لصياغة الحكم. مثال.
- 2 تفتيش "إذن التفتيش.
إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية
التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. غير مقبولة. مثال.
- 3 إثبات "بوجه عام".
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا
يقبل منها". حكم "حجيته".
قوة الأمر المقضي. للقاضي مطلق الحرية في المحاكمة. عدم تقيده بشيء
مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم. شرط اعتبار أحكام البراءة
عنواناً للحقيقة سواء للمتهمين فيها أو غيرهم ممن يتهمون في ذات الواقعة. إذا كانت
مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة
المرفوعة بها الدعوى مادياً.
- 4 دفوع "الدفع بصدور إذن
التفتيش بعد الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة لوقوع
الضبط بناءً على الإذن رداً عليه. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام
محكمة النقض. مثال.
- 5 إثبات
"بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير الدليل". الأدلة في المواد الجنائية إقناعية.
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في
العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
- 6 إجراءات "إجراءات
المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
- 7 تفتيش "إذن التفتيش.
إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات الصحة. مجادلة الطاعن في اختصاص مصدر الإذن
بإصداره. يقتضي تحقيقاً موضوعياً عليه التمسك به أمام محكمة الموضوع. إثارته ذلك
لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
- 8 مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة
"أركانها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر. مناط تحققه؟ مثال لتسبيب
سائغ على توافر القصد الجنائي في جريمة إحراز مواد مخدرة.
- 9 إثبات "بوجه عام"
"شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" "سلطتها
في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. وزن
أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي. مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟ الجدل الموضوعي في
تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
- 10 دفوع "الدفع بتلفيق
التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً. استفادة الرد من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم.
- 11 حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة.
قصد جنائي. نعي الطاعن على الحكم عدم ضبط نقود معه للوقوف على قصده من
حيازة المخدر. غير مجد. ما دام قد دانه بجريمة حيازة المخدر مجرد من القصود.
------------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ ... أبلغ ... بسرقة متعلقات من سكنه وقد أسفرت التحريات السرية الجادة للنقيب ... باقتراف المتهم ... وآخرين للواقعة فحرر محضراً بتحرياته مؤرخ ...، وبتاريخ ... أمرت النيابة بضبط المتهم وتفتيش شخصه وسكن المتهم لضبط المسروقات وما يظهر عرضاً أثناء التفتيش ونفاذاً لهذا الأمر انتقل المأذون له بتاريخ ... إلى مسكن المتهم وبإجراء التفتيش عثر أسفل سلم المسكن على شنطة بلاستيك سوداء اللون بداخلها أربع لفافات ورقية تحوي نبات الحشيش المخدر وأثبت تقرير المعمل الكيماوي أنها تحتوي على المادة الفعالة له." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من تقرير المعامل الكيماوية بالطب الشرعي ومما شهد به بالتحقيقات النقيب ... الذي حصل أقواله بما يتطابق وما أثبته الحكم في بيان واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون قد أوجب على كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها، ولم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات بقوله "وحيث إنه عن الدفاع بعدم جدية التحريات فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أُجريت وترتاح إليها لأنها تحريات صريحة وواضحة وتحوي بيانات كافية لإصدار الإذن وتصدق من أجراها وتقتنع بأنها أجريت فعلاً بمعرفة النقيب ... ومن ثم يكون الدفع على غير أساس سليم". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة.
3 - من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرها ممن يتهمون في ذات الواقعة، إلا إذا كانت مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً، وهو ما لا يتوافر في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما واطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل إذن التفتيش فمردود باطمئنان المحكمة من أن القبض والتفتيش تما نفاذاً لإذن التفتيش الصادر صحيحاً بتاريخ ... وأن قالة الدفاع مجرد قول مرسل منسوب إلى المتهم لم يقم في الأوراق الدليل اليقيني على صحته." لما كان ذلك، وكان الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - متى كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة ضم الجناية الأصلية أو دفتر الأحوال تحقيقاً لدفاعه، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له.
7 - من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة وأن المحقق يباشر أعمال وظيفته في حدود اختصاصه، ولما كان ما أورده الطاعن في أسباب طعنه من مجادلة في خصوص اختصاص مصدر الإذن بإصداره يقتضي تحقيقاً موضوعياً لم يتمسك به الطاعن المذكور أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
8 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم الطاعن بأن ما يحوزه مخدر، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر وعلمه بكنهه، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
9 - من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم صحة واقعة ضبطه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
11 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن مما ينعاه على الحكم في شأن عدم بيان ما إذا كان قد ضبط معه نقود من عدمه للوقوف على القصد من حيازة المخدر ما دام البين من مدوناته أنه دانه بجريمة حيازة النبات المخدر المضبوط مجرداً من القصود المسماة، ومن ثم فإن نعيه بخصوص ذلك يكون في غير محله.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً
(نبات الحشيش الجاف) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات
... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً وعملا بالمواد 29، 38/1، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل،
والبند 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول، وذلك باعتبار
الإحراز مجرد من القصود المسماة قانوناً بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات
وبتغريمه خمسين ألف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في ..... إلخ.
-------------
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة
نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه،
القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يبين
الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً ولم يورد مضمون أقوال شاهد الإثبات التي
عول عليها في قضائه بإدانة الطاعن في بيان واف، هذا إلى أنه دفع ببطلان الإذن
بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات واستدل على ذلك بالحكم الصادر من محكمة جنايات
... ببراءة الطاعن وآخرين في الجناية الأصلية رقم ... والمقيدة برقم ... كلي، كما
دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما ودلل على ذلك بالمستندات
- برقيات تلغرافية - سيما وقد خلا الحكم من بيان تاريخ ووقت صدور الإذن ووقت ومكان
تنفيذه، بيد أن المحكمة ردت على هذين الدفعين برد غير سائغ، ولم تعن بضم الجناية
الأصلية ودفتر الأحوال تحقيقاً لهذا الدفاع، ولم يبين الحكم وظيفة مصدر الإذن
للوقوف على مدى اختصاصه بإصداره، ولم يدلل على ثبوت علم الطاعن بكنه المادة
المخدرة المضبوطة، كما التفت عن تحقيق دفاع الطاعن بعدم صحة تصوير شاهد الإثبات
لواقعة ضبطه وتلفيق الاتهام له ولم يرد عليه رداً كافياً، وأخيراً فلم يبين الحكم
ما إذا كان قد ضبطت مع الطاعن نقود من عدمه للوقوف على قصده من حيازة المخدر
المضبوط، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ
... أبلغ ... بسرقة متعلقات من سكنه وقد أسفرت التحريات السرية الجادة للنقيب ...
باقتراف المتهم ... وآخرين للواقعة فحرر محضراً بتحرياته مؤرخ ...، وبتاريخ ...
أمرت النيابة بضبط المتهم وتفتيش شخصه وسكن المتهم لضبط المسروقات وما يظهر عرضاً
أثناء التفتيش ونفاذاً لهذا الأمر انتقل المأذون له بتاريخ ... إلى مسكن المتهم
وبإجراء التفتيش عثر أسفل سلم المسكن على شنطة بلاستيك سوداء اللون بداخلها أربع
لفافات ورقية تحوي نبات الحشيش المخدر وأثبت تقرير المعمل الكيماوي أنها تحتوي على
المادة الفعالة له." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق
الطاعن أدلة استمدها من تقرير المعامل الكيماوية بالطب الشرعي ومما شهد به
بالتحقيقات النقيب ... الذي حصل أقواله بما يتطابق وما أثبته الحكم في بيان واقعة
الدعوى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون قد أوجب على كل حكم بالإدانة أن
يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى
الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها، ولم
يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة. لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة
التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات في بيان واف يكفي
للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر
عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم
جدية التحريات بقوله "وحيث إنه عن الدفاع بعدم جدية التحريات فإنه لما كانت
المحكمة تطمئن إلى التحريات التي أجريت وترتاح إليها لأنها تحريات صريحة وواضحة
وتحوي بيانات كافية لإصدار الإذن وتصدق من أجراها وتقتنع بأنها أجريت فعلاً بمعرفة
النقيب ... ومن ثم يكون الدفع على غير أساس سليم".
ما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار
الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق
تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية
الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة
الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء
مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه
على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على
مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة
لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرها ممن يتهمون في
ذات الواقعة، إلا إذا كانت مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم
بحيث تنفي وقوع الواقعة المرفوعة بها الدعوى مادياً، وهو ما لا يتوافر في الدعوى
المطروحة، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن
بهما واطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل
إذن التفتيش فمردود باطمئنان المحكمة من أن القبض والتفتيش تما نفاذاً لإذن
التفتيش الصادر صحيحاً بتاريخ ..... وأن قالة الدفاع مجرد قول مرسل منسوب إلى
المتهم لم يقم في الأوراق الدليل اليقيني على صحته. "لما كان ذلك، وكان الدفع
بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة
إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد
اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن
النيابة العامة بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي
في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة
عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد
الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام
يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي
الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير
سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى
المحكمة ضم الجناية الأصلية أو دفتر الأحوال تحقيقاً لدفاعه، فلا يصح له من بعد
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجه لإجرائه
أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في
هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الأصل في الإجراءات الصحة وأن
المحقق يباشر أعمال وظيفته في حدود اختصاصه، ولما كان ما أورده الطاعن في أسباب
طعنه من مجادلة في خصوص اختصاص مصدر الإذن بإصداره يقتضي تحقيقاً موضوعياً لم يتمسك
به الطاعن المذكور أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة
النقض. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما
كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم
المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير
ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في
الدلالة على علم الطاعن بأن ما يحوزه مخدر، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن
أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم
المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر وعلمه بكنهه،
فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان
من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط
البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما
يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل
والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، وكان وزن أقوال
الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره
التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها
لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد
اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم
صحة واقعة ضبطه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة
الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما
كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا
تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء
بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في
هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعن مما ينعاه على
الحكم في شأن عدم بيان ما إذا كان قد ضبط معه نقود من عدمه للوقوف على القصد من
حيازة المخدر ما دام البين من مدوناته أنه دانه بجريمة حيازة النبات المخدر
المضبوط مجرداً من القصود المسماة، ومن ثم فإن نعيه بخصوص ذلك يكون في غير محله.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه
موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق