جلسة 21 من مارس سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ وجيه أديب، النجار توفيق، محمود خضر وبدر خليفة نواب رئيس المحكمة.
-----------
(22)
الطعن 12167 لسنة 77 ق
(1) حكم "بيانات
التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض " أسباب الطعن. ما يقبل
منها".
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها. وإلا كان باطلاً.
المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة
أو وضعه في صورة مجهلة. لا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام .
مثال.
(2) كسب غير مشروع. إخفاء أشياء
مسروقة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". موظفون
عموميون. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الكسب غير المشروع. ماهيته وصورتاه؟
ثبوت مصدر الزيادة في ثروة المتهم
وأن من شأنه إنتاج الزيادة في ماله. أثره: عدم جواز اعتباره عاجزاً عن إثبات
مصدره. متى كانت الزيادة في ثروة المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعاً
كان أو غير مشروع فلا يصح إسنادها إلى الوظيفة.
حكم الإدانة في جريمة إخفاء
الأشياء المتحصلة من جريمة المنصوص عليها في المادة 44 مكرراً عقوبات. وجوب بيانه
اتصال المتهم بالمال المتحصل من الجريمة وأنه كان يعلم علم اليقين أن المال لابد
متحصل من جريمة.
عدم بيان الحكم أركان الجريمة واكتفاؤه بمجرد عجز الطاعن عن إثبات
مصدر ثروته دليلاً على كسبه غير المشروع وعدم تدليله على اتصال باقي المتهمين
بالأموال وأنهم كانوا على علم بمصدرها. قصور يوجب نقضه والإعادة.
---------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "تخلص وقائع الدعوى حسبما وقر في يقين المحكمة مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن التحريات السرية لعضو هيئة الرقابة الإدارية ... أسفرت عن قيام المتهم الأول ... مدير إدارة ... باستغلال أعمال وسلطات وظيفته سالفة البيان في تحقيق كسب غير مشروع لنفسه ولزوجته المتهمة الثانية ... ونجليه القاصران .....، ..... نتيجة تعاطيه مبالغ مالية ومنافع على سبيل الرشوة من بعض ... المتعاملين مع جهة عمله مقابل إنهاء مصالحهم داخل الهيئة بلغ مجموعها ... جنيهات و... دولار أمريكي و... ريال سعودي الأمر الذي أدى إلى تضخم عناصر ذمته المالية بما لا يتناسب مع موارده المالية وقد تحرر محضر رقم ... جنح ... لتعاطيه مبلغ ... جنيه على سبيل الرشوة وأن المتهم كان يقوم بإيداع أمواله بالبنوك بأسماء أقاربه وأصدقائه وعمل توكيلات للزوجة المتهمة الثانية التي قامت بدورها بإخفاء الأموال المتحصلة من هذه الجناية وقامت بفتح حسابات بأسماء المتهمين الثالثة ... والرابع ... والخامس ... والسادس ... ببنوك ... و... و... و... و... واستحصلت من كل منهم على توكيلات تبيح لها التعامل على هذه الحسابات سحباً وإيداعاً وقد كلفت هيئة الفحص والتحقيق الخبير الحسابي ....... في فحص أعمال المتهم منذ التحاقه بالعمل الوظيفي حتى ... وقد انتهى تقرير الخبير إلى وجود مصروفات غير معلومة المصدر ولا تمثل تطور طبيعي للثروة بلغ مقدارها ... جنيهات. "وعول الحكم في قضائه على أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية والخبير الحسابي – واستند في إثبات توافر أركان جريمة الكسب غير المشروع في حق الطاعن الأول إلى مجرد عجزه عن إثبات مصدر ما لديه من أموال – واستند في التدليل على توافر جريمة الإخفاء إلى مجرد إيداع المبالغ المضبوطة بحسابات بأسمائهم دون أن يورد الدليل على علمهم بأن تلك الأموال متحصلة من جناية كسب غير مشروع. لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي أنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مسوغات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
2 - من المقرر أن المقصود من الكسب غير المشروع كل ما تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة، والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62 لسنة 1975 له صورتين الأولى المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون سالف الذكر وهي التي يثبت فيها على الموظف أو من في حكمه أياً كان نوع وظيفة استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال والثانية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف ومن في حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها وفي هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما تتيح له فرص الاستغلال على حساب الغير ويتعين على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهي الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات تتيح له فرص ذلك الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروعاً. كما أنه من المقرر أنه متى ثبت مصدر الزيادة في ثروة المتهم وأن هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله فقد انتفت القرينة التي افترضها الشارع ولم يجز من بعد اعتباره عاجزاً عن إثبات مصدره وأنه متى كانت الزيادة في ثروة المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعاً كان أو غير مشروع فلا يصح إسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة وكان من المقرر أيضاً أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة المنصوص عليها في المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال المتحصل من الجريمة أنه كان يعلم علم اليقين أن المال لا بد متحصل من جريمة أو أن تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى قد شابه الغموض ولا تتوافر به أركان الجرائم المسندة إلى الطاعنين إذ دان الطاعن الأول بجريمة الكسب غير المشروع لم يبين أن الطاعن حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو أن نوع وظيفته مما يتيح له فرص الاستغلال من واقع أدلة يقينية بل بنى اعتقاده على تحريات قامت على أمور افتراضية مبناها اتهامه في قضية رشوة لم يكشف الحكم عن أنها قضي فيها بحكم بات حائز للحجية واعتبر أن مجرد عجز الطاعن الأول عن إثبات مصدر ثروته دليلاً على أنه اكتسبها من طريق غير مشروع – هذا إلى أنه لم يدلل على اتصال باقي الطاعنين بالأموال المدعى بكسبها بطريق غير مشروع وأنهم كانوا على علم بمصدر تلك الأموال فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: المتهم الأول: بصفته من
العاملين بالدولة "مدير ..." حصل لنفسه ولزوجته ... ونجليه القاصران
...، ... كسب غير مشروع قدره ... جنيهات، ... دولار أمريكي، ... ريال سعودي بسبب
استغلاله لسلطات ونفوذ وظيفته بأن دأب على تقاضي مبالغ مالية من ... المتعاملين مع
جهة عمله سالفة الذكر لإنهاء مصالحهم على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً:
المتهمة الثانية: أخفت الأموال المتحصلة من جناية الكسب الغير مشروع موضوع التهمة
الأولى بأن قامت بفتح حسابات بأسماء المتهمين الثالثة والرابع والخامس والسادس
ببنوك ...، ... ،...، ...، ... واستحصلت من كل منهم على توكيلات تبيح لها التعامل
على هذه الحسابات سحباً وإيداعاً وأودعت بها المبالغ سالفة الذكر مع علمها بذلك.
ثالثاً: المتهمون من الثالثة حتى السادس: أخفوا الأموال المتحصلة من جناية الكسب
غير المشروع موضوع التهمة الأولى بأن مكنوا المتهمة الثانية من فتح حسابات بالبنوك
بأسمائهم وتوكيلها في التعامل على هذه الحسابات سحباً وإيداعاً على النحو المبين
بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين
بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 1/1، 2/ فقرة أولى،
1/10، 14/أ، 18/ 4،3،1، 19 من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع
والمادة 15/3 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1112 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية
للقانون سالف الذكر، والمادة 44 مكرر من قانون العقوبات، مع إعمال المادة 17 من
القانون ذاته. أولاً:- بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ
... جنيهات و... دولار أمريكي و... ريال سعودي. ثانياً:- بمعاقبة كل من المتهمين
الباقين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وألزمت المحكوم عليها الأولى برد مبلغ ...
جنيهاً ورد الشقة السكنية باسمها بالمنطقة ... وبإلزام القاصرين للمحكوم عليه
الأول وهما ... برد مبلغ ... جنيه و... برد مبلغ ... جنيه وإلزام المحكوم عليها
... برد مبلغ ... جنيه وإلزام المحكوم عليه ....... برد مبلغ ... جنيه كما ألزمت
المحكوم عليه ... برد مبلغ ... جنيه وألزمت المحكوم عليه ... برد مبلغ ... جنيه
وأيضاً إلزامه مع المحكوم عليه ... متضامنين برد مبلغ ... جنيه. ثالثاً: أمرت
المحكمة بإيقاف عقوبة الحبس المقضي بها على المحكوم عليهم بالبند ثانياً.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
---------------
المحكمة
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول
بجريمة الكسب غير المشروع ودان الباقين بجريمة إخفاء أموال متحصلة من جناية كسب
غير مشروع قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يدلل على
توافر أركان الجرائم التي دانهم بها تدليلاً كافياً وعول في قضائه على تحريات
أعضاء هيئة الرقابة الإدارية وهي لا تصلح سنداً للإدانة لقيامها على أمور افتراضية
مبناها اتهام الطاعن الأول في قضية رشوة لم يفصل فيها بعد، هذا فضلاً عن أن الحكم
لم يدلل على توافر علم باقي الطاعنين بأن الأموال محل الجريمة متحصلة من جناية كسب
غير مشروع، ذلك مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "تخلص وقائع
الدعوى حسبما وقر في يقين المحكمة مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات
وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن التحريات السرية لعضو هيئة الرقابة
الإدارية ... أسفرت عن قيام المتهم الأول ... مدير إدارة ... باستغلال أعمال
وسلطات وظيفته سالفة البيان في تحقيق كسب غير مشروع لنفسه ولزوجته المتهمة الثانية
........ ونجليه القاصران .....، ..... نتيجة تعاطيه مبالغ مالية ومنافع على سبيل
الرشوة من بعض ... المتعاملين مع جهة عمله مقابل إنهاء مصالحهم داخل الهيئة بلغ
مجموعها ... جنيهات و... دولار أمريكي و... ريال سعودي الأمر الذي أدى إلى تضخم
عناصر ذمته المالية بما لا يتناسب مع موارده المالية وقد تحرر محضر رقم ... جنح
... لتعاطيه مبلغ ... جنيه على سبيل الرشوة وأن المتهم كان يقوم بإيداع أمواله
بالبنوك بأسماء أقاربه وأصدقائه وعمل توكيلات للزوجة المتهمة الثانية التي قامت
بدورها بإخفاء الأموال المتحصلة من هذه الجناية وقامت بفتح حسابات بأسماء المتهمين
الثالثة ... والرابع ... والخامس ... والسادس ... ببنوك ... و... و... و... و...
واستحصلت من كل منهم على توكيلات تبيح لها التعامل على هذه الحسابات سحباً
وإيداعاً وقد كلفت هيئة الفحص والتحقيق الخبير الحسابي ....... في فحص أعمال
المتهم منذ التحاقه بالعمل الوظيفي حتى ... وقد انتهى تقرير الخبير إلى وجود مصروفات
غير معلومة المصدر ولا تمثل تطور طبيعي للثروة بلغ مقدارها ... جنيهات. "وعول
الحكم في قضائه على أقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية والخبير الحسابي – واستند في
إثبات توافر أركان جريمة الكسب غير المشروع في حق الطاعن الأول إلى مجرد عجزه عن
إثبات مصدر ما لديه من أموال – واستند في التدليل على توافر جريمة الإخفاء إلى
مجرد إيداع المبالغ المضبوطة بحسابات بأسمائهم دون أن يورد الدليل على علمهم بأن
تلك الأموال متحصلة من جناية كسب غير مشروع. لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في
المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي
بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد
الأسانيد والحجج التي أنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو
القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر
الوقوف على مسوغات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في
صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا
يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في
الحكم – وكان المقصود من الكسب غير المشروع كل ما تملكه الموظف أو من في حكمه فصار
ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه
من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون مما يمس ما يفترض في الموظف العام
أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة، والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62
لسنة 1975 له صورتين الأولى المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى من
القانون سالف الذكر وهي التي يثبت فيها على الموظف أو من في حكمه أياً كان نوع
وظيفة استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل
على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال والثانية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من
المادة سالفة الذكر وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف ومن في
حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها وفي هذه الحالة يتعين أن
يكون نوع وظيفة الموظف مما تتيح له فرص الاستغلال على حساب الغير ويتعين على قاضي
الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهي الزيادة غير
المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات تتيح له فرص ذلك الاستغلال حتى يصح
اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة
تمثل كسباً غير مشروعاً. كما أنه من المقرر أنه متى ثبت مصدر الزيادة في ثروة
المتهم وأن هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله فقد انتفت القرينة التي
افترضها الشارع ولم يجز من بعد اعتباره عاجزاً عن إثبات مصدره وأنه متى كانت
الزيادة في ثروة المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعاً كان أو غير
مشروع فلا يصح إسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة وكان من المقرر أيضاً
أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة المنصوص
عليها في المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات أن يبين فوق اتصال المتهم بالمال
المتحصل من الجريمة أنه كان يعلم علم اليقين أن المال لابد متحصل من جريمة أو أن
تكون الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها
استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون
فيه بياناً لواقعة الدعوى قد شابه الغموض ولا تتوافر به أركان الجرائم المسندة إلى
الطاعنين إذ دان الطاعن الأول بجريمة الكسب غير المشروع لم يبين أن الطاعن حصل على
الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو أن نوع
وظيفته مما يتيح له فرص الاستغلال من واقع أدلة يقينية بل بنى اعتقاده على تحريات
قامت على أمور افتراضية مبناها اتهامه في قضية رشوة لم يكشف الحكم عن أنها قضي
فيها بحكم بات حائز للحجية واعتبر أن مجرد عجز الطاعن الأول عن إثبات مصدر ثروته
دليلاً على أنه اكتسبها من طريق غير مشروع – هذا إلى أنه لم يدلل على اتصال باقي
الطاعنين بالأموال المدعى بكسبها بطريق غير مشروع وأنهم كانوا على علم بمصدر تلك
الأموال فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق
القانون مما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق