الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 23 سبتمبر 2016

الطعن 62349 لسنة 73 ق جلسة 2 / 2 / 2008 مكتب فني 59 ق 14 ص 81

جلسة 2 فبراير سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ إبـراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / وجيه أديـب , النجار توفيق , محمود خضر نواب رئيس المحكمة ويوسـف قايد .
---------
(14)
الطعن 62349 لسنة 73 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) اشتراك . تزوير . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسبـاب الطعــن ما لا يقبل منها " .
القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً .
    الاشتراك في التزوير . التدليل عليه بأدلة مادية محسوسة . غير لازم . استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها .
  الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام النقض .
(3) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الأصل في المحاكمات الجنائية . اقتناع القاضي . له أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول أمام النقض .
(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي على الحكم بالقصور بشأن جريمة التبديد . غير مجد . ما دام أنه اعتبر الجرائم المسندة للطاعن جريمة واحدة وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . 
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي. مادام سائغاً.
(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بنفى التهمة " .
الدفع بنفى التهمة . موضوعي . الرد عليه صراحة . غير لازم .
إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي تحمل قضاءه . كاف . تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده . اطراحها .
(7) إثبات "اعتراف" . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك . متى اطمأنت إليه ولها تقدير صحة ما يدعيه من أن اعترافه انتزع منه بطريق الإكراه .
مثال .
(8) بطلان . حكم " تسيبه . تسبيب غير معيب " . رجال السلطة العامة . سجون . قانون " تفسيره " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ". نيابة عامة .
السماح لأحد رجال السلطة بالاتصال بالمحبوس داخل السجن . غير جائز لمأمور السجن . ما لم تأذن النيابة العامة بذلك . مخالفة حكم هذا النص . لا بطلان . أساس ذلك ؟
(9) إثبات " قرائن " . حكم " حجيته " . قوة الأمر المقضي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم تقيد القاضي عند محاكمة متهم بحكم صادر في ذات الواقعة ضد متهم آخر . النعي عليه بالتناقض . غير مقبول . لتعلق ذلك بتقدير الدليل الذي لا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .
 اعتبار أحكام البراءة عنواناً للحقيقة سواء للمتهمين في الواقعة أو غيرهم ممن يتهمون فيها . شرطه ؟
(10) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
تقديم الطاعن ثلاث مذكرات تكميلية لأسباب طعنه لا تحمل تاريخ إيداعها بالسجل المعد لذلك بقلم الكتاب . أثره ؟
________________
 1- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة وظروفها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد .
2- من المقرر أن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفى لثبوته أن تكون المحكمة اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم .
3- من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ويكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان مجموع ما أورده الحكم من أدلة وقرائن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً وسائغاً للتدليل على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها فهذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب أو الفساد في الاستدلال وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جميعاً مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة وأعمل في حقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه العقوبة المقررة لأشدها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في التدليل على توافر أركان جريمة التبديد لا يكون سديداً .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها للواقعة وجدلاً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب .
6- من المقرر أن النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالماً كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعترافه بالتحقيقات لعدوله عنه ولكونه وليد إكراه واطرحه في قوله : " وحيث إنه عما أثاره الدفاع من طلب إثبات عدول المتهم عن إقراره أمام النيابة العامة لكونه وليد إكراه فهو في جوهره دفعاً ببطلان الاعتراف المنسوب للمتهم أمام سلطة التحقيق جاء مرسلاً وإذ خلت الأوراق مما يشير إلى وقوع إكراه على المتهم من أى نوع ، وكان الثابت من تحقيقات النيابة التي تطمئن إليها المحكمة أن اعتراف المتهم قد جاء نصاً في ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه على ما سبق بيانه في أدلة الإثبات سالفة البيان ، ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن ذلك " وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت المحكمة إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه من عيوب واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها , وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ إلى اطراح الدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعترافه لصدوره إثر إكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد .
8- لما كان نص المادة 140من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه " لا يجوز لمأمور السجن أن يسمح لأحد رجال السلطة بالاتصال بالمحبوس داخل السجن إلا بإذن كتابى من النيابة العامة ... " ، ولم يرتب المشرع البطلان على مخالفة حكم هذا النص ، ومن ثم وبفرض صحة ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص من اتصال رجال الشرطة به والقبض عليه داخل السجن بدون إذن من النيابة العامة فإنه يكون غير مجد إذ المخاطب بأحكام هذا النص هو مأمور السجن بقصد تحذيره من اتصال رجال الشرطة بالمتهم المحبوس .
9- من المقرر أنه لا وجه لقالة التناقض التي أثارها الطاعن استناداً إلى الحكم الصادر ببراءة متهم آخر في الدعوى عن ذات التهم إذ إنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها مادامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة ، فإن الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه ، ذلك أنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ولا مجال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم مما يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفى وقوع الواقعة موضوع الدعوى مادياً وهو الأمر الذي لا يتوافر في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً .
10- لما كان الطاعن قد قدم ثلاث مذكرات تكميلية أخرى لأسباب طعنه لا تحمل تاريخاً ولا ما يدل على إثبات تاريخ إيداعها بالسجل المعد لذلك في قلم الكتاب ، ومن ثم تعين الالتفات عن تلك المذكرات وما ورد بها من أسباب .
________________
 الوقائــــع
        اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين سبق الحكم عليهما - بأنه : أولاً :- 1 - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد البيع الموثق تحت رقم ... الخاص بالسيارة رقم ... ملاكي ... والمنسوب صدوره لمكتب توثيق مرور ... والمتضمن بيع السيارة المذكورة من مالكها الأصلي ... إليه وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اتفق معه على إنشائه على غرار المحررات الصحيحة التي تصدرها تلك الجهة وساعده بأن أمده بالبيانات المراد إثباتها فقام بالتوقيع عليه بتوقيعات عزاها زوراً للموظفين المختصين بها وبصم عليه بخاتم مقلد فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة . 2- بصفته السالفة اشترك مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير محرر رسمي هو البطاقة الشخصية رقم ... والمنسوب صدورها لسجل مدنى ... وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اتفق معه على إنشائها على غرار المحررات الصحيحة التي تصدرها تلك الجهة وساعده بأن أمده بالبيانات المراد إثباتها وكذا صورته الفوتوغرافية فقام بتدوين البيانات بها ووضع الصورة عليها ووقعها بتوقيع نسبه زوراً للموظف المختص بالجهة المذكورة . ثانياً :- 1- اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو موظف مكتب توثيق ... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو التوكيل الخاص ببيع السيارة رقم ... ملاكي .... حال تحريره المختص بوظيفته وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن مثل أمام الموظف المذكور على أنه مالك السيارة سالفة الذكر بموجب المحرر المزور موضوع التهمة الأولى وقدم البطاقة الشخصية المزورة موضوع التهمة الثانية والتي تسمى بها باسم ... فأثبت الموظف العمومي ذلك ووقع المتهم بالاسم المنتحل فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة . 2- قلد بواسطة الغير خاتم الدولة والخاتم الكودي الخاصين بمكتب توثيق مرور ... بأن اصطنع خاتمين مزورين على غرار الخاتمين الصحيحين واستعملهما بأن بصم بهما على المحرر المزور موضوع التهمة الأولى مع علمه بتقليدها . ثالثاً :- توصل إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق والمملوك ... وكان ذلك بالاحتيال لسلب بعض ثروته باستعمال طرق احتيالية وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وانتحال صفة كاذبة بأن قام المتهم - وآخر سبق الحكم عليه - بإيهام ... بأنه مالك السيارة رقم ... ملاكي ... خلافاً للحقيقة وابتاعها بموجب المحررين المزورين موضوع التهمتين الأولى والثانية وقام هو بدوره ببيعها للمجنى عليه آنف الذكر وتمكن بهذه الوسيلة من الاستيلاء على المبلغ النقدي المملوك للأخير . رابعاً :- 1- استعمل المحررين المزورين موضوع التهمتين الأولى والثانية مع علمه بتزويرهما بأن قدمهما للموظف المختص بمكتب توثيق ... لإتمام جريمته . 2 - بدد السيارة سالفة البيان والمسلمة إليه على سبيل الإجارة فاختلسها لنفسه إضراراً بمالكها على النحو المبين بالأوراق . وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 3.2 ، 41 ، 206/ 2.1 ، 211 ،212 ، 214 ، 336 /1 ، 341 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون نفسه بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة .
        فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....إلخ .
________________
 المحكمـــــة
   وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التزوير في محررات رسمية واستعمالها فيما زورت من أجله وتقليد أختام لجهات حكومية والنصب والتبديد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن أسبابه جاءت في عبارات عامة شابها الإجمال والإبهام والغموض ولم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر أركان الجرائم التي دانه بها ، هذا فضلاً عن أن دفاعه قام على عدم ارتكابه للجرائم المسندة إليه مدللاً على ذلك بخلو تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير مما يشير إلى قيامه بتحرير أيٍّ من المستندات موضوع التزوير أو توقيعها بخطه وقدم مستندات للمحكمة تدليلاً على هذا الدفاع بيد أن الحكم أغفل ما أبداه من دفاع وما قدمه من مستندات واعتنق صورة غير صحيحة لواقعة الدعوى أخذاً من أقوال الشهود ، كما أن الحكم لم يورد الدليل على استلامه السيارة موضوع التبديد ومؤداه ، هذا فضلاً عن أنه دفع ببطلان الاعتراف المعزو إليه بالتحقيقات لكونه وليد إكراه إلا أن الحكم اطرح ذلك الدفع بما لا يسوغ اطراحه ، كما اطرح الدفع المبدى منه ببطلان القبض عليه لمخالفة نص المادة 140 من قانون الإجراءات الجنائية - لوجوده داخل السجن - دون صدور إذن من النيابة العامة ، فضلاً عن انتفاء حالة التلبس بمقولة أن القبض تم بناءً على إذن من النيابة العامة وهو ما لا أصل له بالأوراق ، وأخيراً فإن المحكمة استندت إلى تحريات الشرطة وشهادة مجريها في قضائها بإدانته بينما اطرحتها لدى قضائها ببراءة متهم آخر في ذات الواقعة ، ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
        وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ به الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة وظروفها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفى لثبوته أن تكون المحكمة اعتقدت بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم . وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ويكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان مجموع ما أورده الحكم من أدلة وقرائن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً وسائغاً للتدليل على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها فهذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب أو الفساد في الاستدلال وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جميعاً مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة وأعمل في حقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه العقوبة المقررة لأشدها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في التدليل على توافر أركان جريمة التبديد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها للواقعة وجدلاً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالماً كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعترافه بالتحقيقات لعدوله عنه ولكونه وليد إكراه واطرحه في قوله : " وحيث إنه عما أثاره الدفاع من طلب إثبات عدول المتهم عن إقراره أمام النيابة العامة لكونه وليد إكراه فهو في جوهره دفعاً ببطلان الاعتراف المنسوب للمتهم أمام سلطة التحقيق جاء مرسلاً وإذ خلت الأوراق مما يشير إلى وقوع إكراه على المتهم من أي نوع ، وكان الثابت من تحقيقات النيابة التي تطمئن إليها المحكمة أن اعتراف المتهم قد جاء نصاً في ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه على ما سبق بيانه في أدلة الإثبات سالفة البيان ، ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن ذلك " وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت المحكمة إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه من عيوب واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها , وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ إلى اطراح الدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعترافه لصدوره إثر إكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 140من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه " لا يجوز لمأمور السجن أن يسمح لأحد رجال السلطة بالاتصال بالمحبوس داخل السجن إلا بإذن كتابى من النيابة العامة ... " ، ولم يرتب المشرع البطلان على مخالفة حكم هذا النص ، ومن ثم وبفرض صحة ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص من اتصال رجال الشرطة به والقبض عليه داخل السجن بدون إذن من النيابة العامة ـفإنه يكون غير مجد إذ المخاطب بأحكام هذا النص هو مأمور السجن بقصد تحذيره من اتصال رجال الشرطة بالمتهم المحبوس. لما كان ذلك ، وكان لا وجه لقالة التناقض التي أثارها الطاعن استناداً إلى الحكم الصادر ببراءة متهم آخر في الدعوى عن ذات التهم إذ إنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها مادامت قد بنت اقتناعها على أسباب سائغة ، فإن الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه ، ذلك أنه من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ولا مجال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر . ولما كان من المقرر أن أحكام البراءة لا تعتبر عنواناً للحقيقة سواء بالنسبة إلى المتهمين فيها أو لغيرهم مما يتهمون في ذات الواقعة إلا إذا كانت البراءة مبنية على أسباب غير شخصية بالنسبة إلى المحكوم لهم بحيث تنفى وقوع الواقعة موضوع الدعوى مادياً وهو الأمر الذي لا يتوافر في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد قدم ثلاث مذكرات تكميلية أخرى لأسباب طعنه لا تحمل تاريخاً ولا ما يدل على إثبات تاريخ إيداعها بالسجل المعد لذلك في قلم الكتاب ، ومن ثم تعين الالتفات عن تلك المذكرات وما ورد بها من أسباب . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق