برياسة السيد المستشار/ حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر وحسن عميرة وصلاح البرجي.
-------------
- 1 إثبات " اعتراف". بطلان . دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره". دفوع "
الدفع ببطلان الاعتراف".
الاعتراف الذي يعول عليه يجب أن يكون اختياريا . لا يعتبر كذلك ولو
كان صادقا إذا صدر أثر ضغط أو إكراه كائنا ما كان قدره . الدفع ببطلان اعتراف
لصدوره تحت تأثير الإكراه . دفع جوهري . علي المحكمة مناقشته والرد عليه ما دامت
قد عولت عليه في قضائها بالإدانة .
الأصل في الاعتراف الذي يعول عليه أن يكون اختيارياً وهو لا يعتبر
كذلك ولو كان صادقاً إذا صدر أثر ضغط أو إكراه كائناً ما كان قدره، وكان من المقرر
أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة
الموضوع مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا
الاعتراف.
- 2 إثبات " بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية تكوين عقيدة القاضي منها مجتمعة سقوط
إحداها او استبعاده تعذر التعرف على مبلغ أثر الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت
إليه المحكمة.
لما كان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعنين على اعتراف
الطاعن الأول بغير أن يرد على هذا الدفاع الجوهري ويقول كلمته فيه فإنه يكون
معيباً بالقصور في التسبيب، ولا يغني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى ذلك
بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة
القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل
الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
- 3 قانون " تفسيره". قصد جنائي . مسئولية
جنائية
الغيبوبة المانعة من المسئولية . ماهيتها . تناول المواد المخدرة أو
المسكرة اختياريا أو عن علم بحقيقة أمرها . لا يؤثر في توافر القصد الجنائي العام .
الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 63 من قانون
العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير
علم منه بحقيقة أمرها وأن مفهوم ذلك أن يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختاراً وعن
علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون
في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد
الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام.
- 4 حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". قتل عمد . نقض "
أسباب الطعن . ما يقبل من أسباب الطعن".
الحكم بالإدانة في جريمة قتل عمد إغفال التدليل على نيه القتل وأخذ
المسكر مشجعا على تنفيذ نيته قصور يعيب الحكم ولو كانت العقوبة المقضي بها تدخل في
نطاق عقوبة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار مادام توقيع العقوبة أساسه ثبوت
جريمة القتل العمد.
لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على لسان الطاعنين وأحد الشهود أن
الطاعنين والمجني عليه احتسوا بعض المشروبات الروحية "بيرة وكينا" وقت
ارتكاب الجريمة دون أن يبين ماهية حالة السكر التي أثارها الطاعنان ودرجة السكر -
إن كان - ومبلغ تأثيره في إدراك الطاعنين وشعورهما مع أنه غير قائم - سواء في
بيانه لواقعة الدعوى أو في حديثه عن نية القتل وظروف سبق الإصرار الذي جمع بينهما
في بيان واحد - على أن الطاعنين ارتكبا القتل ثم تناولا المسكر للعمل على فقدان
الشعور وقت القتل فإنه يكون قاصر البيان، ولا يقدح في هذا أن تكون العقوبة المقضي
بها على الطاعنين وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة تدخل في نطاق عقوبة الضرب
المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم أنه أوقع تلك
العقوبة على أساس ثبوت مقارفة الطاعنين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ونزل
بالعقوبة إلى هذا القدر لاعتبارات الرأفة التي ارتآها فوصل بذلك إلى الحد الأقصى
لعقوبة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار المبينة بالمادة 236 من قانون
العقوبات.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا ..... عمداً مع سبق
الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك أداة شاكوشاً واصطحباه إلى مكان مظلم
وخال من المارة وانهالا عليه ضربا بتلك الأداة قاصدين من ذلك قتله فحدثت به
الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وأحالتهما إلى محكمة
الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات ....
قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من
هذا القانون بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة، فطعن المحكوم عليهما في
هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-------------
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه
بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن تمسك
لدى محكمة الموضوع بأن الاعتراف المعزو إليه قد صدر وليد إكراه وقع عليه من ضابط
الشرطة إلا أن الحكم أخذ بهذا الاعتراف وعول عليه في إدانته بغير أن يعنى بمناقشة
هذا الدفاع الجوهري أو الرد عليه, كما دفع الطاعن بأنه كان في حالة سكر أفقده
الشعور والإدراك ومع أن الحكم سلم بأنه احتسى الخمر إلا أنه لم يبحث مدى أثر تناول
المسكر على شعوره وإدراكه لأنه ينبني على فقدانه شعوره - حتى في حالة السكر
الاختياري - انتفاء نية القتل لديه التي لا يفترض قيامها في حقه تحت تأثير هذه
الحالة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول
أنكر التهمة وتمسك بأن الاعتراف المعزو إليه كان وليد ضغط وتهديد من الضابط الذي
قام بضبط الواقعة, ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعنين
- ضمن ما استند إليه - إلى اعتراف الطاعن الأول على نفسه وعلى الطاعن الثاني ولم
يعرض الحكم المطعون فيه إلى ما أثير بشأن ما شاب الاعتراف المذكور أو يرد عليه. لما
كان ذلك وكان الأصل في الاعتراف الذي يعول عليه أن يكون اختياريا وهو لا يعتبر
كذلك ولو كان صادقا إذا صدر أثر ضغط أو إكراه كائنا ما كان قدره. وكان من المقرر
أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة
الموضوع مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا
الاعتراف. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعنين على اعتراف الطاعن
الأول بغير أن يرد على هذا الدفاع الجوهري ويقول كلمته فيه فإنه يكون معيبا
بالقصور في التسبيب, ولا يغني عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى ذلك بأن
الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة
القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل
الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك وكان يبين من الإطلاع على
محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول أثار في دفاعه أن الطاعنين كانا في
حالة سكر بين فلا يفترض في حقهما توافر نية القتل, ويبين من الحكم المطعون فيه أنه
دان الطاعنين بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار دون أن يعرض إلى هذا الدفاع أو
يرد عليه. لما كان ذلك, وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى
المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة من عقاقير مخدرة تناولها الجاني
قهرا عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها وأن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة
أو مسكرة مختارا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التي تقع منه وهو
تحت تأثيرها, فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك مما
ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام ولا محل للتسوية
بين هذه الجرائم وتلك التي يتطلب القانون فيها قصدا جنائيا خاصا ذلك لأن الشارع لا
يكتفي في ثبوت هذا القصد بالأخذ باعتبارات وافتراضات قانونية بل يجب التحقق من
قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع وهذا ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في
تفسيرها للمادة 62 من قانون العقوبات وهو المعول عليه في القانون الهندي الذي أخذت
منه المادة المذكورة ومن ثم فإن نية القتل لا تتحقق عند من يكون فاقد الشعور ما
دامت جريمة القتل العمد تتطلب لتوافر أركانها قصدا خاصا لا يصح افتراضه ولا أن
يقال بتوافره إلا عند من يثبت أنه قد انتوى القتل ثم أخذ المسكر مشجعا له على
تنفيذ نيته. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على لسان الطاعنين وأحد الشهود أن
الطاعنين والمجني عليه احتسوا بعض المشروبات الروحية بيرة وكينا" وقت ارتكاب
الجريمة دون أن يبين ماهية حالة السكر التي آثارها الطاعنان ودرجة السكر - إن كان
- ومبلغ تأثيره في إدراك الطاعنين وشعورهما مع أنه غير قائم - سواء في بيانه
لواقعة الدعوى أو في حديثه عن نية القتل وظرف سبق الإصرار الذي جمع بينهما في بيان
واحد - على أن الطاعنين أنتوا القتل ثم تناولا المسكر للعمل على فقدان الشعور وقت
القتل فإنه يكون قاصر البيان, ولا يقدح في هذا أن تكون العقوبة المقضي بها على
الطاعنين وهي الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة تدخل في نطاق عقوبة الضرب المفضي
إلى الموت مع سبق الإصرار ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم أنه أوقع تلك العقوبة
على أساس ثبوت مقارفة الطاعنين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ونزل بالعقوبة
إلى هذا القدر لاعتبارات الرأفة التي ارتأها فوصل بذلك إلى الحد الأقصى لعقوبة
الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار المبينة بالمادة 236 من قانون العقوبات.
لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن
الأول وكذلك بالنسبة إلى الطاعن الثاني لاتصال وجهي الطعن به وذلك بغير حاجة إلى
بحث سائر ما يثيره الطاعن الأول في أوجه طعنه أو بحث أوجه الطعن المقدم من الطاعن
الثاني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق