جلسة 4 مارس سنة 2012
برئاسة السيد القاضي/ عزت البنداري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ محمد نجيب جاد، منصور العشري, محمد خلف وخالد مدكور نواب رئيس المحكمة.
----------
(55)
الطعن 192 لسنة 69 ق
(8 - 1) عمل "سلطة صاحب العمل: سلطة صاحب
العمل في تأديب العامل" "واجبات العمال ومساءلتهم بشركات قطاع الأعمال
العام: العقوبات التأديبية، الجزاء المدني".
(1) شركات قطاع الأعمال العام. خضوعها لأحكام التأديب والعقوبات التأديبية
الواردة في قانون العمل اعتبارا من 19/7/1991. عدم جواز تطبيق أي قانون أو لائحة
أخرى كان يعمل بها قبل هذا التاريخ. م 44/4 ق 203 لسنة 1991.
(2) شركات قطاع الأعمال العام. التزامها بإعداد لائحة بالجزاءات. م59 ق 203
لسنة 1991. وجوب اعتمادها من مكتب القوى العاملة التابع لها المنشأة. الفترة
السابقة على اعتماد اللائحة. لصاحب العمل سلطة التأديب وفق قواعد التأديب المنصوص
عليها في قانون العمل والقرارات الوزارية الصادرة نفاذا له.
(3) العقوبات التأديبية التي توقع على العاملين الخاضعين لقانون العمل.
ورودها على سبيل الحصر. عدم جواز توقيع أي عقوبة أخرى خلافها وإلا اتسم قرارها
بالبطلان. مؤداه. وجوب توقيعها على العاملين بالمنشأة دون تفرقة. شرطه. عدم وضع
القانون عقوبات لشاغلي درجات الوظائف العليا وأخرى لمن عداهم. م 5 قرار وزير القوى
العاملة والتدريب رقم 24 لسنة 1982.
(4) الجزاءات التأديبية التي يجوز لمدير المنشأة توقيعها. ماهيتها.
الإنذار والخصم من الأجر والوقف عن العمل الذي لا يجاوز ثلاثة أيام. العقوبات
الأخرى. لصاحب المنشأة أو وكيله المفوض أو عضو مجلس الإدارة المنتدب توقيعها. علة
ذلك.
(5) توقيع عقوبة تأديبية على العامل. لازمه. إبلاغه كتابة بما نسب إليه
وسماع أقواله وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك كتابة وإيداعه ملفه الخاص. علة ذلك. تحقيقا
لضمانات الدفاع وتحقيق الاتهام. الاستثناء. حالة توقيع عقوبة الإنذار. جواز
استجواب العامل شفاهة مع إثبات مضمونه في محضر وإيداعه ملفه.
(6) قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الجزاء والتحميل الموقع على المطعون
ضده استنادا لتوقيعه من سلطة غير مختصة لسريان لائحة الشركة الصادرة قبل العمل بق
203 لسنة 1991. مخالفة للقانون. علة ذلك.
(7) جواز توقيع جزاء مدني على العامل. شرطه. تسببه في إتلاف أو فقد أو
تدمير مهمات أو منتجات يملكها صاحب العمل. اعتباره تعويضا عن الأضرار الناتجة عن
فعل العامل. اختلافه عن الجزاء التأديبي. أثره. جواز الجمع بين الجزاءين. م 68 ق
137 لسنة 1981. علة ذلك.
(8) صدور قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 24 لسنة 1982 بحظر توقيع
أكثر من خصم من أجر العامل. مؤداه. خروجه عن التفويض التشريعي بالفقرة الأخيرة من
المادة 60 من قانون العمل. أثره. البطلان. قضاء الحكم المطعون فيه للمطعون ضده
بطلباته استنادا للمادة سالفة البيان. خطأ. علة ذلك.
-----------
1 - مفاد النص في الفقرة الأخيرة من المادة 44 من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام أنه بعد العمل بأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام في 19/7/1991 وطبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 44 منه أصبحت الشركات التابعة خاضعة لأحكام التأديب وللعقوبات التأديبية الواردة في القانون ولا يجوز لها من بعد تطبيق أحكام أي قانون أو لائحة كان يعمل بها قبل التاريخ المذكور فيما يخالف ما ورد في قانون العمل بشأنها.
2 - مفاد النص في المادة 59 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 – المنطبق على واقعة الدعوى – أنه تلتزم الشركات بإعداد لائحة بالجزاءات إعمالاً لحكم المادة 59 من القانون المذكور ويتم اعتمادها من مكتب القوى العاملة التابع له المنشأة، أما في الفترة السابقة على اعتماد اللائحة فإن سلطة صاحب العمل التأديبية قائمة ولا ترتبط بلائحة جزاءات ولا بنص تشريعي يقررها ولا على النظام القانوني الذي يحكم عقد العمل فيكون له سلطة التأديب إلا أنه يتقيد بقواعد التأديب المنصوص عليها في قانون العمل والقرارات الوزارية الصادرة نفاذاً له.
3 - مفاد النص في المواد 1، 5، 6 من قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 24 لسنة 1982 أن مادته الخامسة حددت العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين الخاضعين لقانون العمل في هذا الخصوص على سبيل الحصر ومنها الإنذار ولا يجوز بالتالي للمنشأة توقيع أي عقوبة أخرى خلافها وإلا اتسم قرارها بالبطلان، وتطبق هذه العقوبات على جميع العاملين بالمنشأة دون تفرقة، إذ لم يضع القانون عقوبات لشاغلي درجات الوظائف العليا وأخرى لمن عداهم بل ورد النص عاماً شاملاً الجميع.
4 - إذ كانت المادة الخامسة من القرار المذكور – قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 24 لسنة 1982 – حددت سلطة توقيع الجزاءات التأديبية فأجاز لمدير المنشأة توقيع عقوبات الإنذار والخصم من الأجر الذي لا يجاوز ثلاثة أيام وكذلك الوقف عن العمل الذي لا يجاوز ثلاثة أيام وتوقع باقي العقوبات من صاحب المنشأة أو وكيله المفوض أو عضو مجلس الإدارة المنتدب والذين يكون لأي منهم توقيع العقوبات الأخرى التي أجاز القرار لمدير المنشأة توقيعها من باب أولى باعتبار أن من يملك الأكثر يملك الأقل.
5 - إذ كان تحقيقاً لضمانات الدفاع وتحقيق الاتهام استلزم المشرع حظر توقيع عقوبة على العامل إلا بعد إبلاغه كتابة بما نسب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك كتابة في محضر يودع ملفه الخاص واستثنى المشرع من هذه الإجراءات الحالة التي يوقع على العامل بشأنها عقوبة الإنذار حيث أجاز أن يكون الاستجواب شفاهة مع إثبات مضمونه في محضر يودع في ملف العامل.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أجاب المطعون ضده إلى طلب إلغاء الجزاء والتحميل وكان من بين ما استند إليه أن لائحة الشركة الصادرة قبل العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 سارية المفعول وبالتالي يكون الجزاء قد تم توقيعه من سلطة غير مختصة إذ كان يتعين توقيعه من الجمعية العمومية للشركة باعتباره شاغلاً إحدى الوظائف القيادية في حين أن هذه اللائحة تعتبر ملغاة في كل حكم يتناقض مع أحكام قانون العمل من تاريخ العمل بالقانون 203 لسنة 1991 المذكور ويكون الجزاء بالإنذار الموقع من العضو المنتدب متفقاً وأحكام القانون ويكون الحكم المطعون فيه في هذا الشق قد خالف صحيح القانون.
7 - مفاد النص في المادة 68 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 يدل على أنه يجوز توقيع جزاء مدني على العامل لتسببه في إتلاف أو فقد أو تدمير مهمات أو منتجات يملكها صاحب العمل متمثلاً في تعويضه عن ذلك بالمبالغ التي تجبر الأضرار الناتجة عن فعل العامل وهذا الجزاء يختلف عن الجزاء التأديبي والذي يهدف إلى حماية النظام في المنشأة بزجر المخالف وردعه ومن ثم إذا شكل الفعل الواحد خطأ يستوجب مسئولية العامل تأديبياً فلا يحول ذلك بين صاحب العمل والرجوع عليه بالتعويض عن نفس الفعل لاختلاف الغرض من كل من الجزاءين.
8 - إذ كانت المادة 60 من قانون العمل سالف الذكر قد فوضت وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب في إصدار قرار بـ(بيان العقوبات التأديبية وقواعد وإجراءات التأديب) فأصدر القرار رقم 24 لسنة 1982 حدد فيه العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على العامل وحظر في مادته الرابعة توقيع أكثر من خصم من أجر العامل طبقاً للمادة 68 من قانون العمل المذكور وبين أي عقوبة أخرى، وكان حظر الجمع هذا فيه خروج عن التفويض التشريعي الذي قصر سلطة التفويض على (بيان العقوبات التأديبية وإجراءات التأديب) فلا شأن له بالجزاء المدني فضلاً عن أنه يتعارض مع المبادئ العامة التي تجيز الجمع بين الجزاءين المدني والتأديبي ومن ثم يقع هذا القرار باطلاً في مادته سالفة الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بطلباته استناداً إلى هذه المادة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم .... لسنة 1997 مدني الإسكندرية
الابتدائية على الطاعنة – شركة .... للأقطان – بطلب الحكم بإلغاء القرار رقم 108
لسنة 1997 الصادر منها واعتباره كأن لم يكن وإلغاء كافة الآثار المترتبة عليه،
وقال بياناً لها إنه من العاملين لدى المطعون ضدها بوظيفة رئيس قطاع الشئون
التجارية (بالدرجة الممتازة العليا) وإذ أصدرت القرار المذكور في 6/ 7/ 1997
بمجازاته بعقوبة الإنذار لإخلاله بمقتضيات وظيفته مع خصم قيمة ما تكبدته الشركة من
أعباء مالية بشأن إعادة شحن حاويتين إلى عميل من الذين شملهم التحقيق بالتساوي
فيما بينهما وفقاً للمطالبة التي ترد إليها من الخط الملاحي إعمالا لنص المادة 68
من قانون العمل، وهو ما يخالف القانون لعدم اختصاص العضو المنتدب بتوقيعه لاختصاص
رئيس الجمعية العمومية للشركة به لكونه – أي الطاعن – شاغلاً لإحدى الوظائف العليا
طبقاً لنص المادة 12 من اللائحة، فضلاً عن أن هذا الجزاء ليس من بين الجزاءات التي
يجوز توقيعها وفقاً للمادة 11 من ذات اللائحة والتي ليس من بينها الإنذار، كما أنه
يتصف بعدم المشروعية لعدم استكمال التحقيق الذي أجري معه لمقوماته الأساسية التي
تتطلب مبدأ المواجهة وإحاطته بأدلة ارتكاب المخالفة وكفالة حق الدفاع، ومن ثم أقام
الدعوى بطلباته سالفة البيان، أجابت المحكمة المطعون ضده لطلباته بحكم استأنفته
الطاعنة بالاستئناف رقم 1286 لسنة 53 ق الإسكندرية، وبتاريخ 16/ 12/ 1998 حكمت
المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة
حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بها على الحكم
المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان السببين الأول
والثاني تقول إن الحكم قضى بإلغاء قرار الجزاء الواقع على المطعون ضده تأسيساً على
أن العضو المنتدب ليس هو السلطة المختصة بإصداره وإنما المختص بذلك هو الجمعية
العمومية للشركة – باعتباره من شاغلي الوظائف القيادية – وفقاً للمادة 12 من لائحة
نظام العاملين بها في حين أن هذه اللائحة لم تكن قد اعتمدت بعد من مكتب القوى
العاملة المختص، وبالتالي اتخذت الطاعنة من قانون العمل سنداً لها في توقيع الجزاء
بتطبيق المواد 58، 60 و68 منه إعمالاً لحكم المادة 44 من القانون رقم 203 لسنة
1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه، وفي
بيان السبب الثالث تقول إن القانون لم يحظر الجمع بين الاقتطاع من أجر العامل وأي
عقوبة تأديبية أخرى باعتبار أن الاقتطاع يمثل تعويضاً مدنياً، وإذ قضى الحكم
المطعون فيه ببطلان الجزاء لجمعه بين جزاءين فإنه يكون قد خلط بين العقوبة
التأديبية والجزاء المدني وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بالسببين الأول والثاني في محله، ذلك أن النص في الفقرة
الأخيرة من المادة 44 من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع
الأعمال العام على أن (وتسري في شأن واجبات العاملين بالشركات التابعة والتحقيق
معهم وتأديبهم أحكام الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون العمل الصادر بالقانون
رقم 137 لسنة 1981) والنص في المادة 59 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137
لسنة 1981 – المنطبق على واقعة الدعوى – على أنه (على صاحب العمل في حالة استخدام
خمسة عمال فأكثر أن يضع في مكان ظاهر لائحة تنظيم الجزاءات التأديبية موضحاً بها
قواعد تنظيم العمل والجزاءات التأديبية مصدقاً عليها من الجهة الإدارية المختصة،
وعلى هذه الجهة أخذ رأي المنظمة النقابية التي يتبعها عمال المنشأة قبل التصديق
على اللائحة، فإذا لم تقم الجهة بالتصديق أو الاعتراض عليها خلال ثلاثين يوماً من
تاريخ تقديمها اعتبرت نافذة ولوزير الدولة للقوى العاملة والتدريب أن يصدر بقرار
منه أنظمة نموذجية للوائح والجزاءات لكي يسترشد بها أصحاب الأعمال) وفي الفقرة
الأخيرة من المادة 60 من ذات القانون على أن (..... ويصدر قرار من وزير الدولة
للقوى العاملة والتدريب ببيان العقوبات التأديبية وقواعد وإجراءات التأديب)، والنص
في المادة الأولى من قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 24 لسنة 1982 ببيان
العقوبات التأديبية وقواعد وإجراءات التأديب على أن (العقوبات التأديبية التي يجوز
توقيعها على العمال هي: (1) الإنذار (2) الغرامة (3) الوقف عن العمل (4) الحرمان
من العلاوة السنوية أو جزء منها (5) الإنذار الكتابي بالفصل (6) الفصل من الخدمة)،
وفي المادة الخامسة من ذات القرار على أنه (لمدير المنشأة توقيع العقوبات التالية
(أ) الإنذار (ب) الغرامة بحيث لا يتجاوز قيمتها أجر ثلاثة أيام (ج) الوقف عن العمل
لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام أما باقي العقوبات الأخرى فلا يجوز توقيعها إلا من صاحب
المنشأة أو وكيله المفوض أو عضو مجلس الإدارة المنتدب) وفي المادة السادسة منه على
أن (يحظر توقيع عقوبة على العامل إلا بعد إبلاغه كتابة بما نسب إليه وسماع أقواله
وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك في محضر يودع في ملفه الخاص ويجوز بالنسبة للعقوبة
المنصوص عليها في البند (أ) من المادة السابقة أن يكون الاستجواب والتحقيق شفاهة
على أن يثبت مضمونه في المحضر الذي يحوي العقوبة) ومفاد ذلك أنه بعد العمل بأحكام
القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام في 19/ 7/ 1991
وطبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 44 منه أصبحت الشركات التابعة خاضعة لأحكام
التأديب وللعقوبات التأديبية الواردة في القانون ولا يجوز لها من بعد تطبيق أحكام
أي قانون أو لائحة كان يعمل بها قبل التاريخ المذكور فيما يخالف ما ورد في قانون
العمل بشأنها، وتلتزم تلك الشركات بإعداد لائحة بالجزاءات إعمالاً لحكم المادة 59
من القانون المذكور ويتم اعتمادها من مكتب القوى العاملة التابع له المنشأة، أما
في الفترة السابقة على اعتماد اللائحة فإن سلطة صاحب العمل التأديبية قائمة ولا
ترتبط بلائحة جزاءات ولا بنص تشريعي يقررها ولا على النظام القانوني الذي يحكم عقد
العمل فيكون له سلطة التأديب إلا أنه يتقيد بقواعد التأديب المنصوص عليها في قانون
العمل والقرارات الوزارية الصادرة نفاذاً له ومنها قرار وزير القوى العاملة
والتدريب رقم 24 لسنة 1982 والذي حددت مادته الخامسة العقوبات التأديبية التي يجوز
توقيعها على العاملين الخاضعين لقانون العمل في هذا الخصوص على سبيل الحصر ومنها
الإنذار ولا يجوز بالتالي للمنشأة توقيع أي عقوبة أخرى خلافها وإلا اتسم قرارها
بالبطلان، وتطبق هذه العقوبات على جميع العاملين بالمنشأة دون تفرقة، إذ لم يضع
القانون عقوبات لشاغلي درجات الوظائف العليا وأخرى لمن عداهم بل ورد النص عاماً
شاملاً الجميع، وحددت المادة الخامسة من القرار المذكور سلطة توقيع الجزاءات
التأديبية فأجاز لمدير المنشأة توقيع عقوبات الإنذار والخصم من الأجر الذي لا
يجاوز ثلاثة أيام وكذلك الوقف عن العمل الذي لا يجاوز ثلاثة أيام وتوقع باقي
العقوبات من صاحب المنشأة أو وكيله المفوض أو عضو مجلس الإدارة المنتدب والذين
يكون لأي منهم توقيع العقوبات الأخرى التي أجاز القرار لمدير المنشأة توقيعها من
باب أولى باعتبار أن من يملك الأكثر يملك الأقل، وتحقيقاً لضمانات الدفاع وتحقيق الاتهام
استلزم المشرع حظر توقيع عقوبة على العامل إلا بعد إبلاغه كتابة بما نسب إليه
وسماع أقواله وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك كتابة في محضر يودع ملفه الخاص واستثنى
المشرع من هذه الإجراءات الحالة التي يوقع على العامل بشأنها عقوبة الإنذار حيث
أجاز أن يكون الاستجواب شفاهة مع إثبات مضمونه في محضر يودع في ملف العامل. لما
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أجاب المطعون ضده إلى طلب إلغاء الجزاء
والتحميل وكان من بين ما استند إليه أن لائحة الشركة الصادرة قبل العمل بالقانون
رقم 203 لسنة 1991 سارية المفعول وبالتالي يكون الجزاء قد تم توقيعه من سلطة غير
مختصة إذ كان يتعين توقيعه من الجمعية العمومية للشركة باعتباره شاغلاً إحدى
الوظائف القيادية في حين أن هذه اللائحة تعتبر ملغاة في كل حكم يتناقض مع أحكام
قانون العمل من تاريخ العمل بالقانون 203 لسنة 1991 المذكور ويكون الجزاء بالإنذار
الموقع من العضو المنتدب متفقاً وأحكام القانون ويكون الحكم المطعون فيه في هذا
الشق قد خالف صحيح القانون بما يوجب نقضه، والنعي بالسبب الثالث سديد، ذلك أن النص
في المادة 68 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 على أنه "إذا
تسبب العامل في فقد أو إتلاف أو تدمير مهمات أو آلات أو منتجات يملكها صاحب العمل
أو كانت في عهدته وكان ذلك ناشئاً عن خطأ العامل وجب أن يتحمل المبلغ اللازم نظير
ذلك، ولصاحب العمل بعد إجراء التحقيق وإخطار العامل أن يبدأ باقتطاع المبلغ
المذكور من أجر العامل ..." يدل على أنه يجوز توقيع جزاء مدني على العامل
لتسببه في إتلاف أو فقد أو تدمير مهمات أو منتجات يملكها صاحب العمل متمثلاً في
تعويضه عن ذلك بالمبالغ التي تجبر الأضرار الناتجة عن فعل العامل وهذا الجزاء
يختلف عن الجزاء التأديبي والذي يهدف إلى حماية النظام في المنشأة بزجر المخالف وردعه
ومن ثم إذا شكل الفعل الواحد خطأ يستوجب مسئولية العامل تأديبياً فلا يحول ذلك بين
صاحب العمل والرجوع عليه بالتعويض عن نفس الفعل لاختلاف الغرض من كل من الجزاءين،
ولما كانت المادة 60 من قانون العمل سالف الذكر قد فوضت وزير الدولة للقوى العاملة
والتدريب في إصدار قرار بـ(بيان العقوبات التأديبية وقواعد وإجراءات التأديب)
فأصدر القرار رقم 24 لسنة 1982 حدد فيه العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على
العامل وحظر في مادته الرابعة توقيع أكثر من خصم من أجر العامل طبقاً للمادة 68 من
قانون العمل المذكور وبين أي عقوبة أخرى، وكان حظر الجمع هذا فيه خروج عن التفويض
التشريعي الذي قصر سلطة التفويض على (بيان العقوبات التأديبية وإجراءات التأديب)
فلا شأن له بالجزاء المدني فضلاً عن أنه يتعارض مع المبادئ العامة التي تجيز الجمع
بين الجزاءين المدني والتأديبي ومن ثم يقع هذا القرار باطلاً في مادته سالفة
الذكر، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بطلباته استناداً
إلى هذه المادة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب
أيضاً.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع
الاستئناف رقم .... لسنة 53 ق .... بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق