برياسة السيد المستشار/ عادل يونس, وبحضور السادة المستشارين: مختار
رضوان, ومحمد صبري، ومحمد محفوظ, وعبد المنعم حمزاوي.
---------
- 1 تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه".
أحوال إباحة دخول المنازل: عدم ورودها على سبيل الحصر في المادة 45 من
قانون الإجراءات الجنائية. تعقب المتهم بقصد تنفيذ أمر القبض عليه. دخوله ضمن هذه
الأحوال. أساسه. قيام حالة الضرورة.
من المقرر أن دخول المنازل, وإن كان محظوراً على رجال السلطة العامة
غير الأحوال المبينة في القانون ومن غير طلب المساعدة من الداخل وحالتي الغرق
والحريق, إلا أن هذه الأحوال لم ترد على سبيل الحصر في المادة 45 من قانون
الإجراءات الجنائية, بل أضاف النص إليها ما يشابهها من الأحوال التي يكون أساسها
قيام حالة الضرورة, ومن بينها تعقب المتهم بقصد تنفيذ أمر القبض عليه.
- 2 قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير واقعة الإتجار في المواد
المخدرة ". مواد
مخدرة .
إحراز المخدر بقصد الإتجار. واقعة مادية. استقلال قاضي الموضوع بالفصل
فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها. مثال.
إحراز المخدر بقصد الإتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل
فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها. وضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور
النسبية التي تقع في تقدير المحكمة, وما دامت هي قد اقتنعت للأسباب التي بينتها -
في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي -
أن الإحراز كان بقصد الاتجار, فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب وفساد
الاستدلال, لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت
منها المحكمة عقيدتها, وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض.
--------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة 8 نوفمبر سنة 1961 بدائرة
بندر سوهاج محافظة سوهاج: " أحرز جوهراً مخدراً (أفيوناً) وكان ذلك بقصد الإتجار
في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ". وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى
محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/1 و2 و34/1أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة
1960 والبند 1 من الجدول أ. فقررت الغرفة ذلك. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة
جنايات سوهاج دفع الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش وقد رفضت المحكمة هذا
الدفع. وقضت حضورياً بتاريخ 17/4/1962 عملاً بالمواد 1 و2 و7 و34/1 و42 من القانون
رقم 182 سنة 1960 والبند الأول من الجدول أ الملحق به بمعاقبة المتهم بالأشغال
الشاقة لمدة خمس سنوات وبغرامة ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة
المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-------
المحكمة
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانه
بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار, قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على قصور
وفساد في الاستدلال, ذلك بأنه دفع ببطلان القبض والتفتيش تأسيساً على أن الضابط
وإن كان مزوداً بأمر صادر من وزير الداخلية باعتقاله إلا أنه سلك - حين قام على
تنفيذ هذا الأمر - سبيلاً غير مشروع بأن اقتحم منزله بغير رضاه وهو ما يبطل القبض
ويستتبع بالتالي بطلان التفتيش, وقد رفض الحكم هذا الدفع ورد عليه بما حاصله أن
للضابط حق اتخاذ الوسيلة التي يراها كفيلة - بتنفيذ أمر الاعتقال, فأهدر بهذا
النظر حكم المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية التي لا تجيز دخول المنازل إلا
في الأحوال المبينة في القانون أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة
الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك, ويضيف الطاعن إلى ما تقدم, أن الحكم - وقد عول
فيما انتهى إليه من أن إحرازه للمخدر كان بقصد الإتجار على مجرد القول بأن ظروف
الدعوى وكمية المخدر تدلان على هذا القصد - لم يكشف عن تلك الظروف التي أقام عليها
اقتناعه بتوافر قصد الاتجار, ولم تكن كمية المخدر المضبوط كبيرة حتى تساند الحكم
فيما ذهب إليه, فقد بلغ وزنها 20.7 جراماً, فضلاً عن أن في ضبط المخدر معه وهو
يغادر غرفة نومه, وعدم ضبط أدوات للاتجار, ما ينبئ بأن إحرازه له كان بقصد
الاستعمال الشخصي.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به
كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير التحليل, تناول الدفع ببطلان القبض
والتفتيش ورد عليه بقوله: "وحيث إن المتهم ( الطاعن) أنكر صلته بالمخدر
المضبوط ودفع الدفاع عنه ببطلان القبض على المتهم بمقولة إن الأمر الصادر باعتقاله
لا يبيح اقتحام منزله والقبض عليه كما دفع ببطلان التفتيش لأن المتهم لم يكن في
حالة تلبس وأن تفتيش المتهم خشية أن يكون معه سلاح لا يبرر تفتيش اليد التي وجد
بها المخدر. وحيث إن الدفع ببطلان القبض على المتهم مردود بأن الضابط المكلف
بتنفيذ أمر اعتقال المتهم له أن يتخذ الوسيلة التي يراها كفيلة بالقبض على المتهم
ومن ذلك اقتحام منزله ومفاجأته حتى لا يتمكن من الهرب. وحيث إنه عن الدفع ببطلان
التفتيش فمردود بأنه وقد تم القبض على المتهم بناء على أمر من السلطة المختصة فإن
للضابط أن يقوم بتفتيشه للاستيثاق من أنه لا يحمل آلة يخشى منها اعتداءه على القوة
أو وجود ممنوعات سيما إذا كان قد بدا عليه ما يبعث على الاعتقاد بأنه يحمل شيئاً
من هذا أو ذاك. أما تفتيش المتهم بمقر الشرطة توطئة لحجزه فهو إجراء قانوني توجبه
التعليمات". وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم سائغ وصحيح في القانون ذلك بأن الثابت
من مدوناته أن الضابط الذي أجرى القبض والتفتيش كان مزوداً بأمر من وزير الداخلية
باعتقال الطاعن - طبقاً للتفويض الصادر إليه من السيد رئيس الجمهورية بالقرار رقم
868 لسنة 1961 المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 139 بتاريخ 24/6/1961 - استناداً
إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ الذي استمر العمل به طبقاً
للقرار الجمهوري رقم 1174 لسنة 1958 المنشور بالعدد 29 مكرراً ج من الجريدة
الرسمية بتاريخ 28/9/1958, وهذا التفويض يبيح لوزير الداخلية اتخاذ التدابير
المنصوص عليها في الفقرة أ من المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 التي
يجرى نصها على أنه لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابي أو
شفوي التدابير الآتية (1) وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال
والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على
الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد
بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من
الأعمال". لما كان ذلك, وكان من المقرر أن دخول المنازل, وإن كان محظوراً على
رجال السلطة العامة في غير الأحوال المبينة في القانون ومن غير طلب المساعدة من
الداخل وحالتي الغرق والحريق, إلا أن هذه الأحوال لم ترد على سبيل الحصر في المادة
45 من قانون الإجراءات الجنائية, بل أضاف النص إليها ما يشابهها من الأحوال التي
يكون أساسها قيام حالة الضرورة, ومن بينها تعقب المتهم بقصد تنفيذ أمر القبض عليه
وهو ما بين الحكم توافرها في منطق سليم. ولما كان الطاعن لا يجادل في سلامة الأمر
الصادر من وزير الداخلية باعتقاله, فإن الحكم إذ أطرح الدفع ببطلان القبض
والتفتيش, بما أثبته من حق الضابط في دخول المنزل الطاعن لتنفيذ ذلك الأمر. فصح بذلك
القبض عليه. وما أورده بعد ذلك من أسباب صحيحة تبرر تفتيشه لا يكون قد أخطأ في
القانون - لما كان ما تقدم, وكان الحكم حين عرض لقصد الطاعن من إحراز المخدر قال:
"إن المحكمة ترى من ظروف الدعوى وكمية المخدر المضبوط أن المتهم أحرز المخدر
بقصد الاتجار فيه". وكان هذا الذي أثبته الحكم يكفي لتبرير ما انتهى إليه من
أن الطاعن إنما كان يحرز المخدر بقصد الاتجار وهي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع
بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. وكانت
ضآلة كمية المخدر أو كبرها هي من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة, وما
دامت هي قد اقتنعت للأسباب التي بينتها - في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى
والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - أن الإحراز كان بقصد الاتجار, فإن ما
يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب وفساد الاستدلال, لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في تقدير الدليل والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها, وهو ما لا يصح
إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق