برئاسة السيد القاضي/ حسن يحيى فرغل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ محمود محمد محيي الدين، ثروت نصر الدين إبراهيم, محمد أيمن سعد الدين
ومحمد محمد الصياد نواب رئيس المحكمة.
-----------
- 1 صورية "ماهيتها".
الصورية. ماهيتها. اتفاق خفي يزدوج بالاتفاق الظاهر ليعدم آثاره أو
يغيرها أو ينقلها. مؤداه. عدم اختلاطها بالتصرف القانوني الجدي الذي أخطأ طرفاه في
تكييفه. العبرة بحقيقة التصرف لا بما أطلقه عليه طرفاه من تسمية خاطئة.
الصورية تتضمن مهما كان الشكل الذي تتخذه وجود اتفاق خفي يزدوج
بالاتفاق الظاهر ليعدم أو يغير أو ينقل آثاره، وهي بذلك لا تختلط بالتصرف القانوني
الجدي الذي أخطأ طرفاه في تكييفه باعتبار أن العبرة في ذلك بحقيقة التصرف لا بما
أطلقه عليه طرفاه من تسمية خاطئة.
- 2 عقد "بعض أنواع العقود: عقد المعاوضة
غير المسمى".
نقل ملكية عقار شخص إلى آخر بموجب عقد مقابل خدمات أداها إليه.
ماهيته. عقد من عقود المعاوضة غير المسماة. تمسك الطاعن بصورية العقد لعدم دفع ثمن
وأن المقابل فيه خدمات. عدم اعتباره دفعاً بالصورية. علة ذلك. انتهاء الحكم
المطعون فيه إلى جدية التصرف موضوع العقد على ما أورده من تقريرات قانونية خاطئة
بشأن اعتبار التصرف بيعاً. لمحكمة النقض تصحيحه دون نقضه. النعي عليه بالقصور
والفساد. غير منتج.
إذ كان العقد الذي ينقل بمقتضاه شخص ملكية عقاره إلى آخر مقابل خدمات
سبق أن أداها إليه لا يعتبر عقد بيع لأن المقابل ليس ثمناً نقدياً، بل هو من عقود
المعاوضة غير المسماة، فإن ما تمسك به الطاعن من صورية العقد المؤرخ ../../1973،
لأنه لم يدفع فيه ثمن، بل كان مقابل خدمات أداها المتصرف إليه إلى المتصرفين لا
يعتبر في حقيقته دفعاً بالصورية بل هو يفيد جدية التصرف ولا يتفق مع القول
بصوريته، لأنه لا يتضمن ادعاء بوجود اتفاق خفي إزدوج بالاتفاق الظاهر الذي أخطأ
طرفاه في تسميته بيعاً في حين أنه – وعلى ما سلف – عقد معاوضة غير مسمى. وإذ خلص
الحكم المطعون فيه إلى جدية التصرف موضوع العقد المشار إليه فلا يعيبه من بعد ما
أورده من تقريرات قانونية خاطئة بشأن اعتبار ذلك التصرف بيعاً. إذ لمحكمة النقض
تصحيحها في هذا الخصوص دون أن تنقضه بما يضحى معه النعي غير منتج.
- 3 حكم "حجية الأحكام: نطاق الحجية
ومداها".
القضاء برفض دعوى الطاعن. مؤداه. القضاء بعدم جواز تدخله هجومياً بذات
الطلبات في دعوى المطعون ضده المنضمة. صحيح.
إذ كان الظاهر أن مقصود الحكم من القضاء بعدم جواز تدخل الطاعن
هجومياً في الدعوى المنضمة هو أنه تم الفصل في طلب التدخل بالقضاء الصادر في موضوع
دعواه باعتبار أن طلب التدخل هو بذاته الطلب والدفاع المطروحين في دعواه فإن ما
انتهى إليه الحكم في هذا الخصوص لا يكون مخالفاً للقانون ومن ثم يكون النعي عليه
بهذا الوجه غير صحيح.
- 4 تسجيل "تسجيل التصرفات الناقلة
للملكية: تزاحم المشترين والمفاضلة بينهم بأسبقية التسجيل".
صدور عقدي بيع عن عقار واحد. المفاضلة بين المتنازعين على ملكيته.
مناطها. الأسبقية في التسجيل.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه ليس ثمة ما يمنع من صدور تصرفين
قانونين عن عقار واحد على أن تكون المفاضلة بين المتنازعين على ملكيته مؤسسة على
أسبقية التسجيل.
- 5 تسجيل "تسجيل التصرفات الناقلة
للملكية: تزاحم المشترين والمفاضلة بينهم بأسبقية التسجيل".
ملكية العقار المبيع. انتقالها من البائع إلى المشتري. شرطه. تسجيل
عقد البيع أو الحكم النهائي المثبت للتعاقد أو التأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل
صحيفة الدعوى المرفوعة بصحته ونفاذه إذا كانت قد سجلت. المادتان 9، 17ق 114 لسنة
1946 بتنظيم الشهر العقاري. حق المشتري في الحالة الأخيرة الاحتجاج به على من تؤول
إليه ملكية العقار بأي تصرف لاحق ناقل للملكية. عدم تسجيل العقد. مؤداه بقاء
الملكية للبائع واعتبار تصرفه فيه إلى مشتر ثان صادر من مالك لا يحول دون الحكم له
بصحة ونفاذ عقده.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مؤدى نص المادتين 9، 17 من القانون
رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أن ملكية العقار المبيع لا تنتقل من
البائع إلى المشتري إلا بتسجيل عقد البيع أو بتسجيل الحكم النهائي المثبت للتعاقد
أو بالتأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى المرفوعة بصحته ونفاذه إذا
كانت قد سجلت، ويكون للمشتري في هذه الحالة الأخيرة الاحتجاج به على من تؤول إليه
ملكية العقار بأي تصرف لاحق من شأنه نقل الملكية، مما مفاده أن عدم التسجيل لا
يترتب عليه نقل ملكية العقار وتبقى للبائع ويعتبر تصرفه فيه مرة أخرى صادراً من
مالك مما لا يحول معه من الحكم له بصحة ونفاذ عقده.
- 6 تسجيل "تسجيل التصرفات الناقلة
للملكية: تزاحم المشترين والمفاضلة بينهم بأسبقية التسجيل".
بيع المطعون ضدهما الأول والثاني الأطيان محل النزاع إلى كل من الطاعن
ومورث المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير بموجب عقدي بيع. مؤداه. الأفضلية بين
المشترين بأسبقية التسجيل. أثره. قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب صحة ونفاذ عقد
البيع الصادر للطاعن. خطأ وفساد في الاستدلال.
إذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهما الأول والثانية باعا الأطيان
محل النزاع إلى الطاعن بعقد بيع ابتدائي مؤرخ ../../1983 وكانا قد سبق لهما التصرف
في ذات الأطيان إلى مورث المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير بموجب العقد المؤرخ
../../1973، وكانت أحكام القانون المدني وقانون التسجيل رقم 114 لسنة 1946 لا تحظر
صدور تصرفين قانونيين عن عقار واحد على أن تكون المفاضلة بينهما على أساس أسبقية
التسجيل، بما لا يمنع من إجابة كل منهما لطلبه بصحة ونفاذ عقده – متى تحققت
المحكمة من توافر أركان العقد وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأجاب المطعون
ضدهم من الثالث إلى الأخير إلى طلبهم بصحة ونفاذ العقد الصادر لمورثهم ورفض طلب
الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون معيباً.
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى التي صار قيدها برقم ... لسنة .... مدني الزقازيق
الابتدائية (مأمورية فاقوس الكلية) على المطعون ضدهما الأول والثانية بطلب الحكم -
وفق طلباته الختامية – بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ ../ ../ 1973 والمتضمن بيعهما
له الأطيان المبينة بصحيفة الدعوى لقاء ثمن مدفوع مقداره 671ج (ستمائة وواحد
وسبعون جنيها) تدخل مورث المطعون ضدهم من الثالث حتى الأخير بطلب الحكم برفض
الدعوى على سند من أنه اشترى ذات المساحة من المطعون ضدهما الأول والثانية بموجب
عقد البيع المؤرخ ../../ 1973 وأقام بشأنه الدعوى رقم .... لسنة ..... مدني جنوب
القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ ذلك العقد وتدخل فيها الطاعن بطلب الحكم
ببطلان العقد لصوريته وبصحة ونفاذ العقد الصادر له والمؤرخ ../../ 1983 وبعد أن ضمت
المحكمة الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى بعد إحالتها إليها وأودع الخبير الذي
ندبته المحكمة تقريره أحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت لشهود الطرفين حكمت
بصحة ونفاذ العقد المؤرخ ../../ 1973 وبرفض دعوى الطاعن وعدم جواز التدخل في
الدعويين. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة ... ق لدى محكمة
استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) كما استأنفه المطعون ضدهما الأول والثانية
بالاستئناف رقم ..... لسنة ... ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف
الثاني للاستئناف الأول قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن
على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الثاني من
السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال،
وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بصورية العقد الصادر لمورث المطعون
ضدهم من الثالث حتى الأخير الذي أقر بأنه لم يدفع فيه ثمن كما تمسك بذلك المطعون
ضدهما الأول والثانية – البائعين – إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتناول ذلك الدفاع
ولم يعن بتحقيقه وإن أشار إليه بعبارة مقتضبة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أن الصورية تتضمن مهما كان الشكل
الذي تتخذه وجود اتفاق خفي يزدوج بالاتفاق الظاهر ليعدم أو يغير أو ينقل آثاره،
وهي بذلك لا تختلط بالتصرف القانوني الجدي الذي أخطأ طرفاه في تكييفه باعتبار أن
العبرة في ذلك بحقيقة التصرف لا بما أطلقه عليه طرفاه من تسمية خاطئة، لما كان
ذلك، وكان العقد الذي ينقل بمقتضاه شخص ملكية عقاره إلى آخر مقابل خدمات سبق أن
أداها إليه لا يعتبر عقد بيع لأن المقابل ليس ثمناً نقدياً، بل هو من عقود
المعاوضة غير المسماة، فإن ما تمسك به الطاعن من صورية العقد المؤرخ ../ ../ 1973،
لأنه لم يدفع فيه ثمن، بل كان مقابل خدمات أداها المتصرف إليه إلى المتصرفين لا
يعتبر في حقيقته دفعاً بالصورية بل هو يفيد جدية التصرف ولا يتفق مع القول
بصوريته، لأنه لا يتضمن ادعاء بوجود اتفاق خفي ازدوج بالاتفاق الظاهر الذي أخطأ
طرفاه في تسميته بيعاً في حين أنه – وعلى ما سلف – عقد معاوضة غير مسمى. وإذ خلص الحكم
المطعون فيه إلى جدية التصرف موضوع العقد المشار إليه فلا يعيبه من بعد ما أورده
من تقريرات قانونية خاطئة بشأن اعتبار ذلك التصرف بيعاً. إذ لمحكمة النقض تصحيحها
في هذا الخصوص دون أن تنقضه بما يضحى معه النعي غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون
فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم
المطعون فيه قضى بصحة ونفاذ العقد المؤرخ ../ ../ 1973 وبعدم جواز نظر تدخله على
سند من أن القضاء بصحة ونفاذ العقد حاز الحجية المانعة من نظر طلبات التدخل على
الرغم من أن مناط الحجية المانعة من إعادة نظر موضوع التدخل لا تكون إلا عن حكم
نهائي سابق على الدعوى المطروحة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه متى كان الظاهر أن مقصود الحكم
من القضاء بعدم جواز تدخل الطاعن هجومياً في الدعوى المنضمة هو أنه تم الفصل في
طلب التدخل بالقضاء الصادر في موضوع دعواه باعتبار أن طلب التدخل هو بذاته الطلب
والدفاع المطروحان في دعواه فإن ما انتهى إليه الحكم في هذا الخصوص لا يكون
مخالفاً للقانون ومن ثم يكون النعي عليه بهذا الوجه غير صحيح.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن عقد مورث المطعون
ضدهم من الثالث حتى الأخير لم يسجل وأن تصرف المطعون ضدهما الأول والثانية إليه
مرة ثانية يكون صادراً من مالك ولا يحول القضاء بصحة ونفاذ العقد الأول من القضاء
بصحة ونفاذ العقد الصادر إليه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض
دعواه بصحة ونفاذ العقد الصادر إليه بمقولة أنه وقع على ملك الغير وأنه كان يعلم
بالتصرف الأول فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه
ليس ثمة ما يمنع من صدور تصرفين قانونين عن عقار واحد على أن تكون المفاضلة بين
المتنازعين على ملكيته مؤسسة على أسبقية التسجيل، وأن مؤدى نص المادتين 9، 17 من
القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أن ملكية العقار المبيع لا تنتقل
من البائع إلى المشتري إلا بتسجيل عقد البيع أو بتسجيل الحكم النهائي المثبت
للتعاقد أو بالتأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل صحيفة الدعوى المرفوعة بصحته
ونفاذه إذا كانت قد سجلت، ويكون للمشتري في هذه الحالة الأخيرة الاحتجاج به على من
تؤول إليه ملكية العقار بأي تصرف لاحق من شأنه نقل الملكية، مما مفاده أن عدم
التسجيل لا يترتب عليه نقل ملكية العقار وتبقى للبائع ويعتبر تصرفه فيه مرة أخرى
صادراً من مالك مما لا يحول معه من الحكم له بصحة ونفاذ عقده، لما كان ذلك، وكان
الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهما الأول والثانية باعا الأطيان محل النزاع إلى
الطاعن بعقد بيع ابتدائي مؤرخ ../ ../ 1983 وكانا قد سبق لهما التصرف في ذات
الأطيان إلى مورث المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير بموجب العقد المؤرخ../ ../
1973، وكانت أحكام القانون المدني وقانون التسجيل رقم 114 لسنة 1946 لا تحظر صدور
تصرفين قانونيين عن عقار واحد على أن تكون المفاضلة بينهما على أساس أسبقية
التسجيل، بما لا يمنع من إجابة كل منهما لطلبه بصحة ونفاذ عقده – متى تحققت
المحكمة من توافر أركان العقد – وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأجاب
المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير إلى طلبهم بصحة ونفاذ العقد الصادر لمورثهم
ورفض طلب الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه جزئياً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق