الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 14 سبتمبر 2016

الطعن 12495 لسنة 64 ق جلسة 19 / 2 / 1997 مكتب فني 48 ق 30 ص 221

جلسة 19 من فبراير سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ومحمد علي رجب.

----------------

(30)
الطعن رقم 12495 لسنة 64 القضائية

(1) قانون "تفسيره".
التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل. واجب.
وضوح عبارة القانون في الدلالة على مراد الشارع منها. اقتضاؤه قصر تطبيقها على ما يتأدى من صريح نص القانون.
(2) تهرب ضريبي "الضريبة على الأرباح التجارية" "الضريبة على الإيراد العام". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
الإلزام بتقديم إقرار عن مقدار الأرباح والخسائر وإقرار الثروة وإخطار مصلحة الضرائب بمزاولة النشاط. انصرافه إلى الممولين الذين يزاولون وجوه نشاط مشروعه. دون أولئك الذين يتخذون من الجريمة وجهاً لنشاطهم. مخالفة ذلك. خطأ في القانون. أساس ذلك؟
(3) محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. إذا انبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله. أساس ذلك؟

---------------
1 - من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة في الدلالة على مراد الشارع منها فإنه يتعين قصر تطبيقها على ما يتأدى من صريح نص القانون.
2 - إن الشارع ألزم الممول بتقديم إقرار عن مقدار أرباحه أو خسائره، وإقرار بثروته، وبإخطار مصلحة الضرائب بمزاولته النشاط، وأوجب عليه أن يرفق بهذا الإخطار وتلك الإقرارات المستندات المؤيدة له وحساب الأرباح والخسائر وأن يبين المبادئ المحاسبية التي استند إليها في تحديد أرباحه أو خسائره، فقد دل بذلك على أنه إنما يخاطب الممولين الذين يزاولون وجوه نشاط مشروعة فحسب، دون أولئك الذين يتخذون من الجريمة وجهاً لنشاطهم، ذلك أنه فضلاً عن أن في تأثيم نشاط هؤلاء - الذي قد يصل إلى حد الحكم بمصادرة الأموال المتحصلة من هذا النشاط - ما يحقق القصاص منهم، فإنه لا يتأتي - في حكم العقل والمنطق - القول بأن النصوص آنفة البيان وردت في صيغة عامة تشمل وجوه النشاط كافة سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، لأن النشاط المؤثم خفي بطبيعته وظهوره إلى حيز العلانية يوجب إنزال العقاب بمن يزاوله فلا يصح من ثم إلزام من يباشر مثل هذا النشاط أن يقر به لما ينطوي عليه ذلك من إجباره على الإقرار على نفسه بارتكاب فعل مجرم قانوناً، وهو ممتنع وتتنزه عنه إرادة الشارع لمخالفته المبادئ الأساسية المقررة بالمادة 67 من الدستور من أن الإنسان بريء إلى أن تثبت إدانته، وما هو مقرر من أن عبء الإثبات إنما يقع على عاتق سلطة الاتهام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بالجرائم المسندة إليه، مخالفاً بذلك النظر المتقدم، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه.
3 - إن المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أولاً): وهو من الخاضعين لأحكام قانون الضرائب على الدخل لم يقدم إلى مصلحة الضرائب إخطاراً بمزاولته نشاط تجارة المخدرات في الميعاد وعلى النحو المقرر قانوناً. (ثانياً): بصفته سالفة الذكر تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية المبينة القدر بالأوراق والمستحقة على أرباحه من نشاطه موضوع التهمة الأولى وكان ذلك باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى نشاطه عن مصلحة الضرائب. (ثالثاً): بصفته سالفة الذكر لم يقدم إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراً مبيناً فيه أرباحه من نشاطه موضوع التهمة الأولى عن كل عام من 1972 حتى 1986 في الميعاد وعلى النحو المقرر قانوناً. (رابعاً): بصفته سالفة الذكر لم يقدم إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراً بما لديه من ثروة في الميعاد وعلى النحو المقرر قانوناً. وأحالته إلى المحكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل الطاعن بمبلغ خمسة ملايين ومائتين وستة وثمانين ألف وتسعمائة وتسعين جنيهاً على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 13، 14، 34، 131/ 1 - 3، 133/ 1 - 4، 178/ 6، 181، 187/ أولاً (1) وثانياًَ من القانون رقم 157 لسنة 1981 بمعاقبة الطاعن بالسجن مدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يدفع تعويضاً قدره سبعة ملايين وثلاثة وأربعين ومائة وستين جنيهاً وتغريمه خمسمائة جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه في خلال السنوات من 1972 حتى 1986 (أولاً) وهو من الخاضعين لأحكام قانون الضرائب على الدخل لم يقدم إلى مصلحة الضرائب إخطاراً بمزاولته نشاط تجارة المخدرات في الميعاد وعلى النحو المقرر قانوناً. (ثانياً) بصفته سالفة الذكر تهرب من أداء الضريبة على الأرباح التجارية المبينة القدر بالأوراق المستحقة على أرباحه من نشاطه موضوع التهمة الأولى وكان ذلك باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى نشاطه عن مصلحة الضرائب. (ثالثاً) بصفته سالفة الذكر لم يقدم إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراًً مبيناً فيه أرباحه من نشاطه موضوع التهمة الأولى عن كل عام من 1972 حتى 1986 في الميعاد وعلى النحو المقرر قانوناً. (رابعاً) بصفته سالفة الذكر لم يقدم إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراً بما لديه من ثروة في الميعاد وعلى النحو المقرر قانوناً، وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 13، 14، 34، 131/ 1، 3، 133/ 1، 4 والبند السادس من المادة 178، 181، 187/ أولاً (1) وثانياً من القانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل ولائحته التنفيذية، ودانته محكمة الجنايات على هذا الأساس. لما كان ذلك، وكانت المادة 13 من القانون رقم 157 لسنة 1981 سالف الذكر تنص على أنه "تفرض ضريبة سنوية على صافي أرباح أصحاب المهن والمنشآت التجارية أو الصناعية..... بغير استثناء إلا ما ينص عليه القانون....."، والمادة 14 منه على أنه "تسري هذه الضريبة على أرباح كل منشأة مشتغلة في مصر متى كانت متخذة شكل منشأة فردية ....."، والمادة 34 منه على أنه "على الممول أن يقدم إقراراً مبيناً به مقدار أرباحه أو خسائره وفقاً لأحكام هذا القانون. ويقدم الإقرار مقابل إيصال أو يرسل بالبريد الموصى عليه بعلم الوصول إلى مأمورية الضرائب المختصة قبل أول إبريل من كل سنة أو خلال ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية للممول..... وعلى الممول أن يرفق بالإقرار صورة من أخر ميزانية معتمدة وكشفاً ببيان الاستهلاكات التي أجرتها المنشأة مع بيان المبادئ المحاسبية التي بنيت عليها الأرقام الواردة في الإقرار". والمادة 131 منه في فقرتها الأولى على أنه "يلتزم كل ممول من ممولي الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والضريبة على أرباح المهن غير التجارية والضريبة العامة على الدخل أن يقدم إلى المصلحة إقراراً بما لديه من ثروة هو وزوجه وأولاده القصر مهما تنوعت وأينما كانت وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية أو خلال ستة أشهر من تاريخ مزاولة النشاط الذي يخضع إيراده للضريبة....."، والمادة 133 منه على أنه "يلتزم كل من يزاول نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو حرفياً أو مهنياً غير تجاري، أن يقدم إلى مصلحة الضرائب إخطاراً بذلك خلال شهرين من تاريخ مزاولة هذا النشاط.... وتبين اللائحة التنفيذية البيانات التي يجب أن يتضمنها الإخطار والمستندات المؤيدة له". والمادة 178 على أنه "يعاقب بالسجن كل من تخلف عن تقديم إخطار مزاولة النشاط طبقاً للمادة 133 من هذا القانون وكذلك كل من تهرب من أداء إحدى الضرائب المنصوص عليها في هذا القانون باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية الآتية:.... (6) إخفاء نشاط أو أكثر مما يخضع للضريبة". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة في الدلالة على مراد الشارع منها فإنه يتعين قصر تطبيقها على ما يتأدى من صريح نص القانون. لما كان ذلك، وكان البين من النصوص سالفة البيان، مجتمعة، أن الشارع إذ ألزم الممول بتقديم إقرار عن مقدار أرباحه أو خسائره، وإقرار بثروته، وبإخطار مصلحة الضرائب بمزاولته النشاط، وأوجب عليه أن يرفق بهذا الإخطار وتلك الإقرارات المستندات المؤيدة له وحساب الأرباح والخسائر وأن يبين المبادئ المحاسبية التي استند إليها في تحديد أرباحه أو خسائره، فقد دل بذلك على أنه إنما يخاطب الممولين الذين يزاولون وجوه نشاط مشروعة فحسب، دون أولئك الذين يتخذون من الجريمة وجهاً لنشاطهم، ذلك أنه فضلاً عن أن في تأثيم نشاط هؤلاء - الذي قد يصل إلى حد الحكم بمصادرة الأموال المتحصلة من هذا النشاط - ما يحقق القصاص منهم، فإنه لا يتأتي - في حكم العقل والمنطق - القول بأن النصوص آنفة البيان وردت في صيغة عامة تشمل وجوه النشاط كافة سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، لأن النشاط المؤثم خفي بطبيعته وظهوره إلى حيز العلانية يوجب إنزال العقاب بمن يزاوله فلا يصح من ثم إلزام من يباشر مثل هذا النشاط أن يقر به لما ينطوي عليه ذلك من إجباره على الإقرار على نفسه بارتكاب فعل مجرم قانوناً، وهو ممتنع وتتنزه عنه إرادة الشارع لمخالفته المبادئ الأساسية المقررة بالمادة 67 من الدستور من أن الإنسان بريء إلى أن تثبت إدانته، وما هو مقرر من أن عبء الإثبات إنما يقع على عاتق سلطة الاتهام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بالجرائم المسندة إليه، مخالفاً بذلك النظر المتقدم، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه. لما كان ما تقدم، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله، فإنه يتعين - عملاً بنص المادة 39 من القانون ذاته نقض الحكم المطعون فيه والحكم ببراءة الطاعن وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق