الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 أغسطس 2014

الطعن 366 لسنة 63 ق جلسة 16 / 3 / 1998 مكتب فني 49 ج 1 أحوال شخصية ق 58 ص 232

ٍجلسة 16 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غرياني، عبد الحميد الخلفاوي نائبي رئيس المحكمة، وحسن حسن منصور ومصطفى مرزوق.

--------------------

(58)
الطعن رقم 366 لسنة 63 القضائية " أحوال شخصية "

 (1)نقض " أسباب الطعن: السبب المتعلق بالنظام العام". نظام عام. قوة الأمر المقضي
إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام من النيابة والخصوم ومحكمة النقض. شرطه. أن تكون واردة على ما رفع عنه الطعن. قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً. النعي على قضائه في موضوع الاستئناف فقط. إثارة النيابة بطلان الاستئناف أمام النقض غير جائز. علة ذلك. قوة الأمر المقضي تسمو على اعتبارات النظام العام.
 (2)
أحوال شخصية. دعوى " سماع الدعوى". حيازة. تقادم. ملكية.
الأصل في الشريعة الإسلامية أن الأموال المملوكة، لا تكتسب ملكيتها بوضع اليد عليها مهما طال الزمن. منع سماع الدعوى. مناطه. م 375 لائحة شرعية. وجوب إعمال حكمها مقيدة بالشروط التي أقرها المذهب الحنفي لعدم سماع الدعوى.
 (5- 3)
أحوال شخصية " دعوى الأحوال الشخصية: سماع الدعوى". دعوى. وقف
 (3)
المدة المقررة لسماع الدعوى. م375 لائحة شرعية. عدم اعتبارها مدة تقادم. وقوف سريانها. شرطه. قيام عذر شرعي بالمدعى يحول بينه وبين رفع الدعوى. اعتبار المدعى معذوراً. مراده. أن يكون في وضع لا يتمكن معه من رفع الدعوى حقيقة أو حكما.
 (4)
الدعاوى التي يمنع من سماعها. مضى 33 سنة. ماهيتها. الدعاوى المتعلقة بعين الوقف. عدم دخول دعاوى الاستحقاق في مفهوم تلك الدعاوى. منع سماعها بمضي خمسة عشر عاماً. علة ذلك.
 (5)
المنع من سماع الدعوى بمضي المدة. شرطه. إنكار الخصم للحق المدعى به طيلة المدة مع توافر المكنة في رفع الدعوى وعدم العذر في إقامتها. استقلال محكمة الموضوع بتحصيل الوقت الذى بدأ فيه النزاع حول الحق المدعى به دون رقابة النقض. شرطه. أن يكون تحصيلها سائغاً
.
(6)
حكم " تسبيب الحكم الاستئنافي". استئناف.
عدم تناول الحكم الاستئنافي لشق من الحكم الابتدائي بالإلغاء. مفاده. تأييده في هذا الصدد.
 (7)
دعوى " الصفة في الدعوى". محكمة الموضوع.
استخلاص توافر الصفة في الدعوى. واقع يستقل به قاضى الموضوع. حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله.
(8)
رسوم " رسوم قضائية".
إقامة الطعن من وزير الأوقاف بصفته. أثره. إعفاؤه من الرسوم. م 50 من قانون رقم 90 لسنة 1944.

---------------
1 -- إن كان يجوز للخصوم - كما يجوز للنيابة ولمحكمة النقض - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون واردا على ما رفع عنه الطعن في الحكم المطعون فيه فإذا قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً ثم قضى قضاءه في الموضوع وكانت صحيفة الطعن لم تحو إلا نعياً على ما قضى به الحكم في موضوع الاستئناف فلا يجوز للنيابة أن تثير أمام محكمة النقض الدفع ببطلان الاستئناف بناء على تعلقه بالنظام العام ذلك لأن ما قضى به الحكم من قبول الاستئناف شكلاً هو قضاء قطعي لم يكن محلاً للطعن فحاز قوة المقضي وهي تسمو على قواعد النظام العام.
2 - الأصل في الشريعة الإسلامية أن الأموال المملوكة لا تكتسب ملكيتها بوضع اليد عليها مهما امتد الزمان ولكن الفقهاء رأوا أن وضع اليد مدة طويلة يدل بحسب الظاهر ووفقاً لما سار عليه العرف وجرت به العادة على أن وضع اليد هو المالك مادامت يده هادئة لم ينازعه أحد فيها فتكون الدعوى عليه في هذه الحالة مما يكذبه الظاهر ويفيد أن مدعيها مبطل فيها وكل دعوى هذا شأنها لا تسمع سداً لباب التزوير وقطعاً للدعاوى الباطلة ولذلك أجازوا لولى الأمر بما له من سلطة تخصيص القضاء بالزمان والمكان ونوع الحوادث التي ينظرها أن يمنع من سماع الدعوى بعد مدة يحددها، على أن يكون المنع من سماع الدعوى إذا توافرت شروط معينة هي أن يستمر وضع اليد على الشيء مدة طويلة، واختلفوا في تحديد مداها تبتدئ من وقت ظهور واضع اليد بمظهر المالك للعين إن كان المدعى به عيناً من الأعيان، أو من وقت ثبوت حق المطالبة به إن كان ديناً أو حقاً من الحقوق على ألا يكون هناك عذر يحول بين المدعى والمطالبة بحقه، وما ورد بكتب الفقه الحنفي على هذا النحو يتفق مع أحكام القانون المدني بشأن التملك بوضع اليد فهي تستلزم وضع اليد بنية التملك وضع يد ظاهر لا غموض فيه، هادئ، مبرأ من الإكراه مستمر طيلة المدة المحددة ولا يعتد بمضي المدة إذا وجد مانع من المطالبة بالحق سواء كان قانونياً أو مادياً وتنقطع المدة بالمطالبة القضائية والإكراه، وفى ضوء هذه القواعد يتعين فهم ما نصت عليه المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من أن " القضاة ممنوعين من سماع الدعوى التي مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعى من رفعها وعدم العذر الشرعي له في عدم إقامتها إلا في الإرث والوقف فإنه لا يمنع من سماعها إلا بعد ثلاث وثلاثين سنة مع التمكن وعدم العذر الشرعي، وهذا كله مع الإنكار للحق في تلك المدة " فلا يكفى مجرد مرور المدة المجددة لكى لا تسمع الدعوى، وإنما يجب الأخذ بالشروط والقواعد التي وضعها المذهب الحنفي لعدم سماع الدعوى والسابق بيانها باعتباره القانون الواجب التطبيق فيما لم يرد بشأنه نص في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو في قانون آخر عملاً بالمادتين 6/ 1 من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية، 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
3 - المقرر في قضاء محكمة النقض - أن المدة المقررة لسماع الدعوى ليست مدة تقادم يعمل بشأنها بقواعد التقادم الواردة في القانون المدني وإنما مبناها مجرد نهى للقضاة عن سماع الدعوى بمجرد انقضاء المدة المقررة لسماعها ولا يقف سريان التقادم إلا بقيام عذر شرعي يحول بين المدعى وبين رفع الدعوى ما بقى هذا العذر قائماً، وأن المراد في اعتبار المدعى معذوراً أن يكون في وضع لا يتمكن معه من رفع الدعوى إن حقيقة أو حكماً.
4 - إن الدعاوى التي يمنع من سماعها مضى ثلاث وثلاثين سنة وهى الدعاوى المتعلقة بعين الوقف ولا تدخل في مفهوم هذه الدعاوى، الدعاوى التي يرفعها المستحقون عن الوقف بثبوت استحقاقهم فيه إذ هي من قبيل دعوى الملك المطلق التي يمنع من سماعها مضى خمس عشرة سنة ذلك أن المنع من سماع الدعوى ليس مبنياً على بطلان الحق، وإنما هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نهى للقضاة عن سماعها، قصد به قطع التزوير والحيل وهو على هذه الصورة لا أثر له على أصل الحق ولا يتصل بموضوعه وإنما يقتصر حكمه على مجرد سماع الدعوى أو عدم سماعها.
5 - يشترط للمنع من سماع الدعوى بمضي المدة أن يكون الحق المدعى به موضع إنكار من الخصم طيلة تلك المدة مع توافر المكنة في رفع الدعوى وعدم العذر في إقامتها لأنه مالم يكن الحق متنازعاً عليه فإنه لا يحتاج إلى الدعوى، وهى لا تكون مقبولة شرعاً ما لم يكن الحق فيها موضع نزاع، وتحصيل الوقت الذى بدأ فيه النزاع حول الحق المدعى به باعتباره الواقعة التي تسري فيها المدة اللازمة لعدم سماع الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض التي كان تحصيلها سائغاً.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يتناول شق من الحكم الابتدائي بالإلغاء فمفاده تأييده في هذا الصدد.
7 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى من قبيل فهم الواقع فيها، وهو مما يستقل به قاضى الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله.
8 - لما كان الطعن مقاماً من وزير الأوقاف بصفته فإنه معفى من الرسوم عملاً بالمادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1868 لسنة 1983 كلى أحوال شخصية جنوب القاهرة على الطاعن بصفته وآخرين بطلب الحكم بتسليمه مستحقاته في الوقت المبين بالصحيفة والريع اعتباراً من 20/ 3/ 1986 - تاريخ صدور الحكم في الاستئناف رقم 19 لسنة 86 ق القاهرة - حتى تاريخ التسليم وقال بياناً لدعواه إنه الوارث لوالديه المستحقين لحصة في وقف الأمير ...... ووقف ......، ..... ووقف .....، وبعد صدور الحكم في الدعوى رقم 77 لسنة 1984 شرعي الإسكندرية بتحديد المستحقين في الوقت المذكور وأنصبتهم، تقدم بطلب إلى لجنة القسمة لتحديد نصيب كل مستحق والتي ندبت خبيراً لبيان ذلك فاعترضت عليه وزارة الأوقاف بالاعتراض رقم 124 لسنة 1965 وإذ رفض اعتراضها طعنت عليه بالاستئناف رقم 19 لسنة 86 ق القاهرة الذى قضى فيه بتاريخ 20/ 3/ 1986 بتأييد القرار المستأنف، ومن ثم أقام الدعوى، دفع الطاعن بعدم سماع الدعوى وبعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 2/ 12/ 1992 برفض الدفع بعدم سماع الدعوى والدفع بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة وبرفضها، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1172لسنة 109 ق القاهرة، وبتاريخ 10/ 8/ 1993 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف واستحقاق المطعون ضده في الوقف محل النزاع، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النيابة دفعت ببطلان الحكم المطعون فيه وفى بيان ذلك تقول، إن المطعون ضده رفع دعواه ابتداء على الطاعن بصفته وآخرين بطلب الحكم بأحقيته في الوقف محل النزاع، وإذ قضى برفض دعواه استأنف الحكم الابتدائي مختصماً الطاعن بصفته ولم يختصم باقي المحكوم لصالحهم الذين لم يتدخلوا في الاستئناف ولم تأمر المحكمة باختصامهم، رغم أن موضوع الدعوى وهو استحقاق في الوقف بطبيعته غير قابل للتجزئة، ومن ثم فإن الحكم يكون باطلا.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك بأنه وإن كان يجوز للخصوم - كما يجوز للنيابة ولمحكمة النقض - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على ما رفع عنه الطعن في الحكم المطعون فيه فإذا قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلا ثم قضى قضاءه في الموضوع وكانت صحيفة الطعن لم تحو إلا نعياً على ما قضى به الحكم في موضوع الاستئناف فلا يجوز للنيابة أن تثير أمام محكمة النقض الدفع ببطلان الاستئناف بناء على تعلقه بالنظام العام ذلك لأن ما قضى به الحكم من قبول الاستئناف شكلاً هو قضاء قطعي لم يكن محلاً للطعن فحاز قوة المقضي وهى تسمو على قواعد النظام العام.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بصفته بالوجه الأول من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني القصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم سماع الدعوى وفقاً لنص المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لأن دعوى الاستحقاق في الوقف من قبيل دعوى الملك الذى يمنع القضاة من سماعها بمضي خمس عشرة سنة، وادعى المطعون ضده الاستحقاق في الوقف محل التداعي عن والده المتوفى بتاريخ 16/ 6/ 1956، ووالدته الذى توفى والدها المستحقة عنه في عام 1922، ولم يرفع الدعوى إلا في غضون سنة 1983 بعد مضى أكثر من خمس عشرة سنة دون عذر شرعي الأمر الذى كان يتعين منه الحكم بعدم سماعها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه في موضوع النزاع دون التعرض لهذا الدفع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأن الأصل في الشريعة الإسلامية أن الأموال المملوكة لا تكتسب ملكيتها بوضع اليد عليها مهما امتد الزمان ولكن الفقهاء رأوا أن وضع اليد مدة طويلة يدل بحسب الظاهر ووفقاً لما سار عليه العرف وجرت به العادة على أن واضع اليد هو المالك مادامت يده هادئة لم ينازعه أحد فيها فتكون الدعوى عليه في هذه الحالة مما يكذبه الظاهر ويفيد أن مدعيها مبطل فيها وكل دعوى هذا شأنها لا تسمع سداً لباب التزوير وقطعاً للدعاوى الباطلة ولذلك أجازوا لولى الأمر بما له من سلطة تخصيص القضاء بالزمان والمكان ونوع الحوادث التي ينظرها أن يمنع من سماع الدعوى بعد مدة يحددها، على أن يكون المنع من سماع الدعوى إذا توافرت شروط معينة هي أن يستمر وضع اليد على الشيء مدة طويلة، واختلفوا في تحديد مداها تبتدئ من وقت ظهور واضع اليد بمظهر المالك للعين إن كان المدعى به عيناً من الأعيان، أو من وقت ثبوت حق المطالبة به إن إذا كان دينا أو حقا من الحقوق على ألا يكون هناك عذر يحول بين المدعى والمطالبة بحقه، وما ورد بكتب الفقه الحنفي على هذا النحو يتفق مع أحكام القانون المدني بشأن التملك بوضع اليد فهي تستلزم وضع اليد بنية التملك وضع يد ظاهر لا غموض فيه، هادئ، مبرأ من الإكراه مستمر طيلة المدة المحددة ولا يعتد بمضي المدة إذا وجد مانع من المطالبة بالحق سواء كان قانونياً أو مادياً وتنقطع المدة بالمطالبة القضائية والإكراه، وفى ضوء هذه القواعد يتعين فهم ما نصت عليه المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من أن " القضاة ممنوعين من سماع الدعوى التي مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعى من رفعها وعدم العذر الشرعي له في عدم إقامتها إلا في الإرث والوقف فإنه لا يمنع من سماعها إلا بعد ثلاث وثلاثين سنة مع التمكن وعدم العذر الشرعي، وهذا كله مع الإنكار للحق في تلك المدة " فلا يكفى مجرد مرور المدة المحددة لكى لا تسمع الدعوى، وإنما يجب الأخذ بالشروط والقواعد التي وضعها المذهب الحنفي لعدم سماع الدعوى والسابق بيانها باعتباره القانون الواجب التطبيق فيما لم يرد بشأنه نص في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو في قانون آخر عملاً بالمادتين 6/ 1 من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية، 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المدة المقررة لسماع الدعوى ليست مدة تقادم يعمل بشأنها بقواعد التقادم الواردة في القانون المدني وإنما مبناها مجرد نهى للقضاة عن سماع الدعوى بمجرد انقضاء المدة المقررة لسماعها ولا يقف سريان التقادم إلا بقيام عذر شرعي يحول بين المدعى وبين رفع الدعوى ما بقى هذا العذر قائماً، وأن المراد في اعتبار المدعى معذوراً أن يكون في وضع لا يتمكن معه من رفع الدعوى إن حقيقة أو حكماً، وإن الدعاوى التي يمنع من سماعها مضى ثلاث وثلاثين سنة هي الدعاوى المتعلقة بعين الوقف ولا تدخل في مفهوم هذه الدعوى، الدعاوى التي يرفعها المستحقون عن الوقف بثبوت استحقاقهم فيه إذ هي من قبيل دعوى الملك المطلق التي يمنع من سماعها مضى خمس عشرة سنة ذلك أن المنع من سماع الدعوى ليس مبنيا على بطلان الحق. وإنما هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نهى للقضاة عن سماعها. قصد به قطع التزوير الحيل وهو على هذه الصورة لا أثر له على أصل الحق ولا يتصل بموضوعه وإنما يقتصر حكمه على مجرد سماع الدعوى أو عدم سماعا. وأنه يشترط للمنع من سماع الدعوى بمضي المدة أن يكون الحق المدعى به موضع إنكار من الخصم طيلة تلك المدة المشار إليها مع توافر المكنة في رفع الدعوى وعدم العذر في إقامتها لأنه ما لم يكن الحق متنازعا عليه فإنه لا يحتاج إلى الدعوى، وهى لا تكون مقبولة شرعاً ما لم يكن الحق فيها موضع نزاع. وتحصيل الوقت الذى بدأ فيه النزاع حول الحق المدعى به باعتباره الواقعة التي تسري فيها المدة اللازمة لعدم سماع الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان تحصيلها سائغا. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن وزارة الأوقاف - الطاعنة - لم تدع أنها تضع اليد على أعيان الوقف مثار النزاع - بما في ذلك النصيب الذى يطالب به المطعون ضده - بصفتها مالكة. وأنها تتصرف فيه تصرف المالك. وإنما ظاهر الحال أنها تضع اليد على الوقف بصفتها ناظرة أو حارسة عليه طبقاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على الخيرات. وهى بهذه الصفة أو تلك أمينة على ما تحت يدها فلا يجوز لها دفع الدعوى بعدم السماع. والأصل بقاء ما كان على ما كان فما دامت حيازتها على سبيل النظر أو الحراسة فلا يفترض أنها صارت بنية الملك حتى يجوز لها الدفع بعدم سماع الدعوى. إلا إذا كان تغير سبب وضع اليد بفعل إيجابي له مظهر خارجي. لما كان ما تقدم، فإن الدفع المبدى من وزارة الأوقاف - الطاعنة - بعدم سماع دعوى استحقاق المدعى - المطعون ضده - في الوقف يكون غير مقبول. وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي أنه رفض الدفع المبدى من وزارة الأوقاف بعدم سماع الدعوى وفق هذا النظر المتقدم فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح في هذا الخصوص. وكان الحكم المطعون فيه لم يتناول هذا الشق من الحكم الابتدائي بالإلغاء بما مفاده تأييده في هذا الصدد. ومن ثم فإن النعي يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب. وفى بيان ذلك يقول إنه دفع الدعوى بعدم القبول لرفعها من غير ذي صفة. وإذ رفض الحكم هذا الدفع استناداً إلى ما ورد بتقرير الخبير الثاني رغم أنه اختلف مع ما ورد بالتقرير الأول. فضلاً عما تضمنه من تعذر تحديد حصة المطعون ضده في الوقف نتيجة لعدم تحديد أعيان الوقف وبسبب كثرة عدد المستحقين فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى من قبيل فهم الواقع فيها. وهو مما يستقل به قاضى الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله. وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى توافر صفة المطعون ضده في استحقاقه في الوقف محل التداعي على سند من اطمئنانه إلى ما ورد بتقرير الخبير المؤرخ 4/ 7/ 1991 من أنه ضمن المستحقين فيه. وهى أسباب سائغة لها معينها من الأوراق وتكفى لحمل قضاء الحكم. فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير عمل أهل الخبرة. ومن ثم فإنه يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
وحيث إن الطعن مقام من وزير الأوقاف بصفته فهو معفى من الرسوم عملا بالمادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق