برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي بدوي نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز محمد، منير الصاوي وزهير بسيوني.
-------------------
1 - استخلاص الخطأ وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه إلا بالقدر الذي يكون استخلاص غير سائغ.
2 - تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطة قاضي الموضوع ما دام لا يوجد نص في القانون أو العقد يلزمه باتباع معايير معينة في خصوصه.
3 - إذ كان الطاعن لم يبين على وجه الدقة مواطن ال صور أو مواضع الخطأ في تقدير الخبير وأثره في الحكم المطعون فيه فإن النعي يكون مجهلا وغير مقبول.
4 - أنه وإن كان البنك مصدر خطاب الضمان يلتزم بسداد قيمته إلى المستفيد بمجرد مطالبته بذلك أثناء سريان أجله دون حاجة إلى الحصول على موافقة العميل إلا أنه لا يسوغ للبنك مد أجل خطاب الضمان إلا بموافقة العميل أو الوفاء للمستفيد بقيمته إلا إذا وصلت إليه المطالبة بالقيمة قبل انقضاء الميعاد المحدد لسريان خطاب الضمان وإلا تحمل البنك مسئولية هذا الوفاء.
5 - المادة 226 من القانون المدني تشترط لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب والمقصود يكون الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير وإذ كان التعويض المطلوب هو مما يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة فإن تحديده لا يكون إلا بصدور الحكم النهائي في الدعوى ولا تسري الفائدة عليه إلا من تاريخ صدور هذا الحكم وبالقدر المبين بالمادة سالفة الذكر، لما كان ما تقدم وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بإلزام الطاعن بقيمة الكمبيالات المرتدة والتي أهمل في تحصيلها كتعويض للمطعون ضده، فإنه إذ أيد تقرير الخبير في احتسابه فوائد عن قيمتها من تاريخ استحقاقها يكون بالخطأ في تطبيق القانون.
6 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده هو الذي أمن على بضائعة التي تعرضت للسرقة عن طريق نائبة - البنك الطاعن المستفيد من عقد التأمين - وأنه هو الذي قدر مبلغ التأمين الذي يرجع إليه في إثبات قيمة الضرر - لأنه الملزم بدفع قيمة التأمين - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام مسئولية البنك الطاعن عن نصف الفرق بين قيمة البضاعة ومبلغ التأمين تأسيسا على أنه رضي بالتقدير تلبيه لرغبة المطعون ضده في حين أنه ليس له شأن في تقدير قيمة التأمين فإنه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال.
7 - الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع إن قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملة أجنبية في الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها وطلب الخصم الحكم بها.
----------------
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - تتحصل في أن المطعون ضده في الطعن رقم 5176 لسنة 64ق أقام الدعوى رقم 1551 لسنة 1986 تجاري أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية على البنك الطاعن بطلب الحكم بندب خبير لإجراء المحاسبة عن العمليات الجارية بينهما توصلا إلى حقيقة الحساب بينهما للقضاء على مقتضى الواقع وما يسفر عنه تقرير الخبير, تأسيسا على أنه تجرى بينه وبين البنك الطاعن معاملات متنوعة, وقد خالف البنك النظم المقررة والمتبعة مع عملائه ولم يسوى الحساب بينهما بخصم مديونية البنك له بالرغم من تكرار المطالبة بذلك فأقام الدعوى بالطلب سالف البيان, وأقام البنك الطاعن الدعوى رقم 3068 لسنة 1968 تجاري أمام ذات المحكمة - بعد رفض طلب الأداء - على المطعون ضده بإلزامه بأن يؤدي له مبلغا مقداره 887780 جنيه ومبلغا مقداره 571769 دولارا أمريكيا, قيمة سندين إذنيين على المطعون ضده لصالح البنك مستحقي الأداء في 2/5/1985, ندبت المحكمة خبيرا, وبعد أن أودع تقريره طلب المطعون ضده إلزام البنك بأن يؤدي له مبلغا مقداره 1604819.990 جنيها, وبتاريخ 9/12/1991 حكمت المحكمة في الدعوى رقم 1551 لسنة 1986 بإلزام البنك بأن يؤدي للمطعون ضده المبلغ المطالب به وفي الدعوى رقم 3068 لسنة 1988 برفضهما, استأنف البنك هذا الحكم بالاستئناف رقم 144 لسنة 48 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 36 لسنة 48 ق أمام ذات المحكمة, وبتاريخ 24/6/1992 قضت المحكمة بتأبيد الحكم المستأنف. طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 4670 لسنة 62 ق, وبتاريخ 5/4/1993 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية وبعد أن عجل الطاعن نظر الاستئناف للفصل فيه مجددا. حكمت المحكمة بتاريخ 13/4/1994 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 3068 لسنة 1988 وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للبنك مبلغ 66330.15 دولارا أمريكيا والفوائد وبتعديله فيما قضى به في الدعوى رقم 1551 لسنة 1986 إلى إلزام البنك بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 1720471.900 جنيها, طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 5176 لسنة 64 ق كما طعن المطعون ضده فيه أيضا بالطعن رقم 5892 لسنة 64 ق, وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي في الطعن الأول بنقض الحكم وفي الطعن الثاني برفضه, وعرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنهما جديران بالنظر, وبالجلسة المحددة لنظرهما قررت ضم الطعن الأخير إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد وفيها التزمت النيابة رأيها.
أولا: الطعن رقم 5176 لسنة 64 ق:
حيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الأول من السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ساير تقرير الخبير وانتهى إلى أحقية المطعون ضده بقيمة الكمبيالات التي زعم أنها فقدت من البنك, دون أن يبين الأساس القانوني الذي استند إليه مع أن علاقة الطاعن بالمطعون ضده بخصوص هذه الكمبيالات علاقة وكالة ويتعين على المطعون ضده أن يثبت عدم تنفيذ الطاعن التزامه أو قيامه به على وجه معيب وكذلك مقدار الضرر الذي أصابه من جراء ذلك, وقد تعرض الخبير لعلاقة الوكالة والكمبيالات وألزم البنك بقيمتها ولم يحدد الخطأ المنسوب للبنك والضرر وعلاقة السببية وأيدته المحكمة في ذلك مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أن استخلاص الخطأ وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه إلا بالقدر الذي يكون استخلاصه غير سائغ, كما أن تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطة قاضي الموضوع ما دام لا يوجد نص في القانون أو العقد يلزمه بإتباع معايير معينة في خصوصه, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى إلى "أن العميل قام بتسليم الأوراق التجارية إلى البنك لتحصيل قيمتها ضمانا للقروض التي منحها البنك لعميله لذلك فإن البنك يلتزم بالمطالبة بوفاء هذه الأوراق في مواعيد استحقاقها وباتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لتحصيل قيمة هذه الأوراق وإلا كان مسئولا أمام عميله عن إهماله وعن تعويض الضرر الناشئ عن هذا الإهمال والثابت بتقارير الخبراء تراخي البنك في تقديم الأوراق التجارية للسداد إلى ما بعد انتهاء ميعاد استحقاقها وهي تحرير بروتستو عدم الدفع وإعلانه في المواعيد المحددة وأنه لم يخطر عميله بعدم حصول الوفاء أو بفشل المطالبة بقيمة الأوراق التجارية ولم يردها للعميل في الوقت المناسب ليتولى العميل المطالبة بها أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات فإن البنك يكون مسئولا عن قيمة هذه الأوراق" وهو من الحكم استخلاص سائغ تتوافر به أركان المسئولية له أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه ويكفي لحمل قضائه ومن ثم يكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
وحيث إن حاصل نعي الطاعن بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه أيد تقرير الخبير الذي تعرض لعلاقة الوكالة والكمبيالات وألزم البنك بقيمتها في حين أن موضوع الدعوى المحاسبة عن التسهيلات الائتمانية والتي يحكمها عقد القرض وليس عقد الوكالة فيكون الحكم المطعون فيه قد قضى بما لم يطلبه الخصوم.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أقام دعواه ضد البنك الطاعن بطلب ندب خبير لإجراء المحاسبة عن العمليات الجارية بينهما توصلا إلى حقيقة الحساب والقضاء بما يسفر عنه التقرير, وكان بيان ما آلت إليه قيمة الأوراق التجارية التي سلمها المطعون ضده للطاعن لتحصيلها هو أمر يقتضيه الفصل في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لبحث النزاع حول هذه الأوراق يكون قد فصل في مسألة داخلة في صميم دعوى الحساب المطروحة على المحكمة ويكون النعي عليه بأنه قضى بما لم يطلبه الخصوم على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ أخذ بما انتهى إليه الخبير ولم يرد على دفاع البنك واعتراضاته على ما ورد بالتقرير والتفت عن طلب إحالة الدعوى للجنة من البنك المركزي لفحص الحسابات.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أن الطاعن لم يبين على وجه الدقة مواطن القصور أو مواضع الخطأ في تقرير الخبير وأثره في الحكم المطعون فيه فإن النعي يكون مجهلا وغير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والواقع والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أخذ بما انتهى إليه تقرير الخبير وقضى باستبعاد قيمة خطاب الضمان من حساب المطعون ضده, في حين أن الثابت من مستندات الطاعن موافقة المطعون ضده على تجديد خطاب الضمان لفترة ستة أشهر على أن يتجدد تلقائيا وقد قام البنك الطاعن بدفع قيمة الخطاب في 1/8/1983 وأخطر المطعون ضده بذلك.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه وإن كان البنك مصدر خطاب الضمان يلتزم بسداد قيمته إلى المستفيد بمجرد مطالبته بذلك أثناء سريان أجله دون حاجة إلى الحصول على موافقة العميل إلا أنه لا يسوغ للبنك مد أجل خطاب الضمان إلا بموافقة العميل أو الوفاء للمستفيد بقيمته إلا إذا وصلت إليه المطالبة بالقيمة قبل انقضاء الميعاد المحدد لسريان خطاب الضمان وإلا تحمل البنك مسئولية هذا الوفاء, لما كان ذلك وكان البين من موافقة المطعون ضده على مد أجل خطاب الضمان موضوع الدعوى أنها تنصرف إلى مده حتى تاريخ الفصل في الدعوى رقم 725 لسنة 82 دبي. ولما كان الثابت بالأوراق أن الجهة المستفيدة قد طلبت الوفاء بقيمة خطاب الضمان من البنك الطاعن بتاريخ 31/5/1983 بعد انتهاء أجله المحدد لصدور الحكم في الدعوى سالفة الذكر بتاريخ 30/5/1983 فليس للبنك الطاعن أن يرجع على عميله المطعون ضده بما دفعه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى باحتساب فوائد بنكية على قيمة الكمبيالات التي لم تحصل بعد وذلك بالمخالفة لنص المادة 226 مدني.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن المادة 226 من القانون المدني تشترط لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب والمقصود بكون الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير, وإذ كان التعويض المطلوب هو مما يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة فإن تحديده لا يكون إلا بصدور الحكم النهائي في الدعوى ولا تسري الفائدة عليه إلا من تاريخ صدور هذا الحكم وبالقدر المبين بالمادة سالفة الذكر, لما كان ما تقدم وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بإلزام الطاعن بقيمة الكمبيالات المرتدة والتي أهمل في تحصيلها كتعويض للمطعون ضده, فإنه إذ أيد تقرير الخبير في احتسابه فوائد عن قيمتها من تاريخ استحقاقها يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أنه أخذ بتقرير الخبير وألزم البنك الطاعن بنصف قيمة الفرق بين وثيقة التأمين وقيمة الاعتماد المستندي المفتوح على الإطارات المرتهنة للبنك والتي تم سرقتها وفوائد هذا المبلغ على سند من أن البنك قام بالتأمين عليها بأقل من قيمتها, في حين أن المطعون ضده هو طالب التأمين على الإطارات المرتهنة لدى الطاعن وأن البنك الطاعن هو المستفيد وأن المطعون ضده هو الذي طلب في خطابه المؤرخ 18/1/1985 الموجه للبنك تجديد وثيقة التأمين وتخفيض قيمتها حتى يخفض قسط التأمين مما يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها, ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده هو الذي أمن على بضائعه التي تعرضت للسرقة عن طريق نائبه - البنك الطاعن المستفيد من عقد التأمين - وأنه هو الذي قدر مبلغ التأمين الذي يرجع إليه في إثبات قيمة الضرر- لأنه الملزم بدفع قيمة التأمين - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام مسئولية البنك الطاعن عن نصف الفرق بين قيمة البضاعة ومبلغ التأمين تأسيسا على أنه رضى بالتقدير تلبية لرغبة المطعون ضده - في حين أنه ليس له شأن في تقدير قيمة التأمين - فإنه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه في هذا الشأن.
وحيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه, ولما كان الثابت من تقرير الخبير أن الفوائد التي تم احتسابها على قيمة الكمبيالات هي مبلغ 1023033 جنيه وأن نصف قيمة مبلغ التأمين وفوائده التي ألزم الحكم المطعون فيه الطاعن بها هي مبلغ 335442.500 جنيه وجملة ذلك مبلغ 1378475.500 جنيه ومن ثم يتعين القضاء في الدعوى رقم 1551 لسنة 1986 تجاري كلي إسكندرية بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 341997.400 جنيه.
ثانيا : الطعن رقم 5892 لسنة 64ق:
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه استبعد مبلغ 355442.500جنيه من دين العميل للبنك للتأمين على البضاعة بأقل من تكلفتها بأن أشرك الطاعن مع البنك المطعون ضده في المسئولية عن الضرر المتمثل في الفرق بين قيمة البضاعة التي قام البنك بالتأمين عليها لصالحه وبين قيمة التأمين وجعل المسئولية مناصفة بينهما وذلك استنادا إلى خطأ افترضه في جانب الطاعن دون أن يقيم الدليل عليه أو يبين المصدر الذي استقى منه ذلك الخطأ وجاءت أسبابه مبهمة بما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المحكمة قد خلصت في الرد على الوجه الثاني من السبب الثاني من أسباب الطعن رقم 5176 لسنة 64 ق إلى عدم مسئولية البنك المطعون ضده عن تقرير قيمة التأمين ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه رفض إجراء المقاصة لتصفية الحساب وذلك بتحويل الدولار إلى ما يقابله بالجنيه المصري استنادا إلى اختلاف محل الدينين وعدم وجود اتفاق بينهما على هذه التسوية, في حين أن المقاصة كأداة وفاء وضمان تقع بقوة القانون ومتى توافرت شروطها وتمسك بها من له مصلحة فيها وقد أقام الطاعن دعواه بطلب تسوية الحساب وإجراء المقاصة وأن اختلاف محل الدينين لا ينفى تحقق شرط التماثل ولأنه لا يجوز الوفاء بغير العملة الوطنية إلا في الحدود التي رسمها الشارع, وأنه تمسك بدفاع حاصله تسوية الرصيد المدين بالعملة الأجنبية على أساس سعره وقت التعامل لعدم استقلال الحسابين عن بعضهما إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه في الرد وقضى بإلزامه بالمبلغ المحكوم به بالعملة الأجنبية بما يعيبه بما سلف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه وإن كان الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع إن قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملة أجنبية في الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها وطلب الخصم الحكم بها, ولما كان مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي - المنطبق على واقعة الدعوى - أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية هو التزام صحيح ويقع عليه عبء تدبير العملة الأجنبية للوفاء بالتزامه. لما كان ذلك فإن التزام الطاعن بأداء مديونيته للبنك المطعون ضده بالدولار الأمريكي هو التزام صحيح لا مخالفة فيه للقانون ومن ثم فلا حاجة لتحديد سعر الصرف الذي يتم على أساسه تحويل المبلغ المقضي به إلى العملة الوطنية, لإيقاع المقاصة بينه وبين دين الطاعن بالجنيه المصري لاختلاف المحل في كل منهما وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - تتحصل في أن المطعون ضده في الطعن رقم 5176 لسنة 64ق أقام الدعوى رقم 1551 لسنة 1986 تجاري أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية على البنك الطاعن بطلب الحكم بندب خبير لإجراء المحاسبة عن العمليات الجارية بينهما توصلا إلى حقيقة الحساب بينهما للقضاء على مقتضى الواقع وما يسفر عنه تقرير الخبير, تأسيسا على أنه تجرى بينه وبين البنك الطاعن معاملات متنوعة, وقد خالف البنك النظم المقررة والمتبعة مع عملائه ولم يسوى الحساب بينهما بخصم مديونية البنك له بالرغم من تكرار المطالبة بذلك فأقام الدعوى بالطلب سالف البيان, وأقام البنك الطاعن الدعوى رقم 3068 لسنة 1968 تجاري أمام ذات المحكمة - بعد رفض طلب الأداء - على المطعون ضده بإلزامه بأن يؤدي له مبلغا مقداره 887780 جنيه ومبلغا مقداره 571769 دولارا أمريكيا, قيمة سندين إذنيين على المطعون ضده لصالح البنك مستحقي الأداء في 2/5/1985, ندبت المحكمة خبيرا, وبعد أن أودع تقريره طلب المطعون ضده إلزام البنك بأن يؤدي له مبلغا مقداره 1604819.990 جنيها, وبتاريخ 9/12/1991 حكمت المحكمة في الدعوى رقم 1551 لسنة 1986 بإلزام البنك بأن يؤدي للمطعون ضده المبلغ المطالب به وفي الدعوى رقم 3068 لسنة 1988 برفضهما, استأنف البنك هذا الحكم بالاستئناف رقم 144 لسنة 48 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 36 لسنة 48 ق أمام ذات المحكمة, وبتاريخ 24/6/1992 قضت المحكمة بتأبيد الحكم المستأنف. طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 4670 لسنة 62 ق, وبتاريخ 5/4/1993 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية وبعد أن عجل الطاعن نظر الاستئناف للفصل فيه مجددا. حكمت المحكمة بتاريخ 13/4/1994 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 3068 لسنة 1988 وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للبنك مبلغ 66330.15 دولارا أمريكيا والفوائد وبتعديله فيما قضى به في الدعوى رقم 1551 لسنة 1986 إلى إلزام البنك بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 1720471.900 جنيها, طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 5176 لسنة 64 ق كما طعن المطعون ضده فيه أيضا بالطعن رقم 5892 لسنة 64 ق, وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي في الطعن الأول بنقض الحكم وفي الطعن الثاني برفضه, وعرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنهما جديران بالنظر, وبالجلسة المحددة لنظرهما قررت ضم الطعن الأخير إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد وفيها التزمت النيابة رأيها.
أولا: الطعن رقم 5176 لسنة 64 ق:
حيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الأول من السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ساير تقرير الخبير وانتهى إلى أحقية المطعون ضده بقيمة الكمبيالات التي زعم أنها فقدت من البنك, دون أن يبين الأساس القانوني الذي استند إليه مع أن علاقة الطاعن بالمطعون ضده بخصوص هذه الكمبيالات علاقة وكالة ويتعين على المطعون ضده أن يثبت عدم تنفيذ الطاعن التزامه أو قيامه به على وجه معيب وكذلك مقدار الضرر الذي أصابه من جراء ذلك, وقد تعرض الخبير لعلاقة الوكالة والكمبيالات وألزم البنك بقيمتها ولم يحدد الخطأ المنسوب للبنك والضرر وعلاقة السببية وأيدته المحكمة في ذلك مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أن استخلاص الخطأ وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه إلا بالقدر الذي يكون استخلاصه غير سائغ, كما أن تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطة قاضي الموضوع ما دام لا يوجد نص في القانون أو العقد يلزمه بإتباع معايير معينة في خصوصه, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى إلى "أن العميل قام بتسليم الأوراق التجارية إلى البنك لتحصيل قيمتها ضمانا للقروض التي منحها البنك لعميله لذلك فإن البنك يلتزم بالمطالبة بوفاء هذه الأوراق في مواعيد استحقاقها وباتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لتحصيل قيمة هذه الأوراق وإلا كان مسئولا أمام عميله عن إهماله وعن تعويض الضرر الناشئ عن هذا الإهمال والثابت بتقارير الخبراء تراخي البنك في تقديم الأوراق التجارية للسداد إلى ما بعد انتهاء ميعاد استحقاقها وهي تحرير بروتستو عدم الدفع وإعلانه في المواعيد المحددة وأنه لم يخطر عميله بعدم حصول الوفاء أو بفشل المطالبة بقيمة الأوراق التجارية ولم يردها للعميل في الوقت المناسب ليتولى العميل المطالبة بها أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات فإن البنك يكون مسئولا عن قيمة هذه الأوراق" وهو من الحكم استخلاص سائغ تتوافر به أركان المسئولية له أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه ويكفي لحمل قضائه ومن ثم يكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
وحيث إن حاصل نعي الطاعن بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه أيد تقرير الخبير الذي تعرض لعلاقة الوكالة والكمبيالات وألزم البنك بقيمتها في حين أن موضوع الدعوى المحاسبة عن التسهيلات الائتمانية والتي يحكمها عقد القرض وليس عقد الوكالة فيكون الحكم المطعون فيه قد قضى بما لم يطلبه الخصوم.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أقام دعواه ضد البنك الطاعن بطلب ندب خبير لإجراء المحاسبة عن العمليات الجارية بينهما توصلا إلى حقيقة الحساب والقضاء بما يسفر عنه التقرير, وكان بيان ما آلت إليه قيمة الأوراق التجارية التي سلمها المطعون ضده للطاعن لتحصيلها هو أمر يقتضيه الفصل في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لبحث النزاع حول هذه الأوراق يكون قد فصل في مسألة داخلة في صميم دعوى الحساب المطروحة على المحكمة ويكون النعي عليه بأنه قضى بما لم يطلبه الخصوم على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ أخذ بما انتهى إليه الخبير ولم يرد على دفاع البنك واعتراضاته على ما ورد بالتقرير والتفت عن طلب إحالة الدعوى للجنة من البنك المركزي لفحص الحسابات.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أن الطاعن لم يبين على وجه الدقة مواطن القصور أو مواضع الخطأ في تقرير الخبير وأثره في الحكم المطعون فيه فإن النعي يكون مجهلا وغير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والواقع والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أخذ بما انتهى إليه تقرير الخبير وقضى باستبعاد قيمة خطاب الضمان من حساب المطعون ضده, في حين أن الثابت من مستندات الطاعن موافقة المطعون ضده على تجديد خطاب الضمان لفترة ستة أشهر على أن يتجدد تلقائيا وقد قام البنك الطاعن بدفع قيمة الخطاب في 1/8/1983 وأخطر المطعون ضده بذلك.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه وإن كان البنك مصدر خطاب الضمان يلتزم بسداد قيمته إلى المستفيد بمجرد مطالبته بذلك أثناء سريان أجله دون حاجة إلى الحصول على موافقة العميل إلا أنه لا يسوغ للبنك مد أجل خطاب الضمان إلا بموافقة العميل أو الوفاء للمستفيد بقيمته إلا إذا وصلت إليه المطالبة بالقيمة قبل انقضاء الميعاد المحدد لسريان خطاب الضمان وإلا تحمل البنك مسئولية هذا الوفاء, لما كان ذلك وكان البين من موافقة المطعون ضده على مد أجل خطاب الضمان موضوع الدعوى أنها تنصرف إلى مده حتى تاريخ الفصل في الدعوى رقم 725 لسنة 82 دبي. ولما كان الثابت بالأوراق أن الجهة المستفيدة قد طلبت الوفاء بقيمة خطاب الضمان من البنك الطاعن بتاريخ 31/5/1983 بعد انتهاء أجله المحدد لصدور الحكم في الدعوى سالفة الذكر بتاريخ 30/5/1983 فليس للبنك الطاعن أن يرجع على عميله المطعون ضده بما دفعه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى باحتساب فوائد بنكية على قيمة الكمبيالات التي لم تحصل بعد وذلك بالمخالفة لنص المادة 226 مدني.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن المادة 226 من القانون المدني تشترط لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب والمقصود بكون الالتزام معلوم المقدار - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير, وإذ كان التعويض المطلوب هو مما يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة فإن تحديده لا يكون إلا بصدور الحكم النهائي في الدعوى ولا تسري الفائدة عليه إلا من تاريخ صدور هذا الحكم وبالقدر المبين بالمادة سالفة الذكر, لما كان ما تقدم وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بإلزام الطاعن بقيمة الكمبيالات المرتدة والتي أهمل في تحصيلها كتعويض للمطعون ضده, فإنه إذ أيد تقرير الخبير في احتسابه فوائد عن قيمتها من تاريخ استحقاقها يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أنه أخذ بتقرير الخبير وألزم البنك الطاعن بنصف قيمة الفرق بين وثيقة التأمين وقيمة الاعتماد المستندي المفتوح على الإطارات المرتهنة للبنك والتي تم سرقتها وفوائد هذا المبلغ على سند من أن البنك قام بالتأمين عليها بأقل من قيمتها, في حين أن المطعون ضده هو طالب التأمين على الإطارات المرتهنة لدى الطاعن وأن البنك الطاعن هو المستفيد وأن المطعون ضده هو الذي طلب في خطابه المؤرخ 18/1/1985 الموجه للبنك تجديد وثيقة التأمين وتخفيض قيمتها حتى يخفض قسط التأمين مما يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها, ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده هو الذي أمن على بضائعه التي تعرضت للسرقة عن طريق نائبه - البنك الطاعن المستفيد من عقد التأمين - وأنه هو الذي قدر مبلغ التأمين الذي يرجع إليه في إثبات قيمة الضرر- لأنه الملزم بدفع قيمة التأمين - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام مسئولية البنك الطاعن عن نصف الفرق بين قيمة البضاعة ومبلغ التأمين تأسيسا على أنه رضى بالتقدير تلبية لرغبة المطعون ضده - في حين أنه ليس له شأن في تقدير قيمة التأمين - فإنه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه في هذا الشأن.
وحيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه, ولما كان الثابت من تقرير الخبير أن الفوائد التي تم احتسابها على قيمة الكمبيالات هي مبلغ 1023033 جنيه وأن نصف قيمة مبلغ التأمين وفوائده التي ألزم الحكم المطعون فيه الطاعن بها هي مبلغ 335442.500 جنيه وجملة ذلك مبلغ 1378475.500 جنيه ومن ثم يتعين القضاء في الدعوى رقم 1551 لسنة 1986 تجاري كلي إسكندرية بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 341997.400 جنيه.
ثانيا : الطعن رقم 5892 لسنة 64ق:
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه استبعد مبلغ 355442.500جنيه من دين العميل للبنك للتأمين على البضاعة بأقل من تكلفتها بأن أشرك الطاعن مع البنك المطعون ضده في المسئولية عن الضرر المتمثل في الفرق بين قيمة البضاعة التي قام البنك بالتأمين عليها لصالحه وبين قيمة التأمين وجعل المسئولية مناصفة بينهما وذلك استنادا إلى خطأ افترضه في جانب الطاعن دون أن يقيم الدليل عليه أو يبين المصدر الذي استقى منه ذلك الخطأ وجاءت أسبابه مبهمة بما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المحكمة قد خلصت في الرد على الوجه الثاني من السبب الثاني من أسباب الطعن رقم 5176 لسنة 64 ق إلى عدم مسئولية البنك المطعون ضده عن تقرير قيمة التأمين ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه رفض إجراء المقاصة لتصفية الحساب وذلك بتحويل الدولار إلى ما يقابله بالجنيه المصري استنادا إلى اختلاف محل الدينين وعدم وجود اتفاق بينهما على هذه التسوية, في حين أن المقاصة كأداة وفاء وضمان تقع بقوة القانون ومتى توافرت شروطها وتمسك بها من له مصلحة فيها وقد أقام الطاعن دعواه بطلب تسوية الحساب وإجراء المقاصة وأن اختلاف محل الدينين لا ينفى تحقق شرط التماثل ولأنه لا يجوز الوفاء بغير العملة الوطنية إلا في الحدود التي رسمها الشارع, وأنه تمسك بدفاع حاصله تسوية الرصيد المدين بالعملة الأجنبية على أساس سعره وقت التعامل لعدم استقلال الحسابين عن بعضهما إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه في الرد وقضى بإلزامه بالمبلغ المحكوم به بالعملة الأجنبية بما يعيبه بما سلف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أنه وإن كان الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع إن قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملة أجنبية في الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها وطلب الخصم الحكم بها, ولما كان مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي - المنطبق على واقعة الدعوى - أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية هو التزام صحيح ويقع عليه عبء تدبير العملة الأجنبية للوفاء بالتزامه. لما كان ذلك فإن التزام الطاعن بأداء مديونيته للبنك المطعون ضده بالدولار الأمريكي هو التزام صحيح لا مخالفة فيه للقانون ومن ثم فلا حاجة لتحديد سعر الصرف الذي يتم على أساسه تحويل المبلغ المقضي به إلى العملة الوطنية, لإيقاع المقاصة بينه وبين دين الطاعن بالجنيه المصري لاختلاف المحل في كل منهما وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق