برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حماد الشافعي، إبراهيم الضهيرى، مصطفى جمال الدين وفتحي قرمه نواب رئيس المحكمة.
--------------
1 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي وزن وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما تقتنع به منها وإطراح ما عداه وحسبها في ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة وكافية لحمله.
2 - المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة في تقدير التعويض مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع.
3 - قضاء هذه المحكمة جرى على أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه. فإذا ما اشتملت أسباب الحكم على ما يكفي لحمله ويبرر وجه قضائه فلا محل للنعي عليه بالتناقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن فصل الطاعن كان مشوبا بالتعسف عرض لتقدير التعويض بمراعاة الظروف الملابسة لفصل الطاعن ومدى مساهمته في ذلك ومن ثم فإن الحكم لا يكون معيبا بالتناقض.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الطاعن لم يورد في سبب النعي بيان المطاعن والاعتراضات التي وجهها إلى الحكم المستأنف وتقرير الخبير ووجه قصور الحكم في الرد عليها واكتفى بالإشارة في ذلك إلى صحيفة الاستئناف والمذكرات المقدمة منه أمام محكمة الموضوع فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلا وبالتالي غير مقبول.
5 - المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا اقتصر الحكم المطعون فيه على تعديل الحكم الابتدائي دون إلغائه كلية فإنه لا يكون ملزما إلا بذكر الأسباب التي اقتضت هذا التعديل ويعتبر أن كل ما لم يتناوله التعديل مؤيدا وتبقى أسباب الحكم الابتدائي قائمة بالنسبة له.
6 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل من المتعاقدين في عقد العمل غير محدد المدة - وفقا لما تنص عليه المادتان 694، 695 من القانون المدني أن يضع حدا لعلاقته مع المتعاقد الآخر ويتعين لاستعمال أي من المتعاقدين هذه الرخصة أن يخطر المتعاقد معه برغبته مسبقا بثلاثين يوما بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوما بالنسبة للعمال الآخرين فإذا لم تراع هذه المهلة لزم من نقض منهما العقد أن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضا ماديا مساويا لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها، لا يغير من ذلك أن المشرع في قانون العمل الجديد رقم 137 لسنة 1981 أغفل النص على هذه المهلة القانونية للإنذار إذ لا يمكن أنه يستفاد من هذا الإغفال إلغاء الحكم الوارد في القانون المدني والذي كان منصوصا عليه صراحة في قانون العمل الملغى ذلك لأنه لا يوجد في الأعمال التحضيرية لقانون العمل الجديد ما يدل على اتجاه المشرع إلى تغيير الحكم المذكور، فضلا عن أن المادة الثانية من مواد إصدار قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 قد نصت على أن "يلغى قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق..." ولم تتعرض مواد الإصدار لأحكام القانون المدني الخاصة بعقد العمل والواردة في المواد من 674 إلى 698 ولذلك تظل هذه الأحكام قائمة تنظم ما خلا قانون العمل من تنظيمه وطالما لا تتعارض مع ما نص عليه صراحة. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى عدم أحقية الطاعن في بدل مهلة الإنذار المطالب به تأسيسا على خلو قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 من النص عليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
------------------
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن تقدم بتاريخ 3/8/1983 بشكوى إلى مكتب عمل غرب القاهرة ضمنها بأنه كان يعمل لدى المطعون ضده بمهنة مصور بأجر شهري قدره 215 جنيه فضلا عن العمولة إلا أنه فوجئ بفصله تعسفيا في 28/7/1983، ولتعذر تسوية النزاع وديا أحيل لمحكمة شئون العمال الجزئية بالقاهرة وقيد بجدولها برقم 491 لسنة 1983 وبتاريخ 29/10/1983 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الفصل وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن أجره بواقع 215 جنيه شهريا من تاريخ فصله ولمدة ستة أشهر وحددت جلسة لنظر الطلبات الموضوعية، والتي حددها الطاعن بطلب إلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ 54150.500 تعويضا عن الفصل التعسفي ومقابل بدل الإنذار والأجازة السنوية وساعات العمل الإضافية ومنحة عيد العمال وعيد الأضحى والعمولة أحالت المحكمة الدعوى إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 261 لسنة 1985، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 30/3/1989 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن مبلغ 31.253 مقابل نقدي عن إجازته السنوية الأخيرة ومنحة عيد العمال، ومبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضا عن فصله تعسفيا، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 609 لسنة 106 ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 631 لسنة 106 ق القاهرة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت في موضوع استئناف الطاعن برفضه وفي موضوع استئناف المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف إلى تخفيض التعويض المقضي به عن الفصل التعسفي إلى مبلغ خمسة آلاف جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه نقضا جزئيا وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أنه في مقام تقدير التعويض الجابر للضرر عن الفصل التعسفي أخذ بدفاع المطعون ضده من ملكية الطاعن لمحل كوافير ومحلي تصوير مقيدة صوريا بأسماء زوجته وأولاد شقيقه في حين أن هذا الادعاء غير صحيح ولا سند له من الأوراق وجحد الطاعن المستندات المقدمة من المطعون ضده في هذا الخصوص بما يكون معه الحكم قد شابه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي وزن وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما تقتنع به منها وإطراح ما عداه وحسبها في ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة وكافية لحمله وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة في تقدير التعويض مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده، أنه لما كان الثابت من الأوراق وحوافظ المستندات المقدمة أمام هذه المحكمة وباعتراف المحكوم له نفسه وتقديمه بذاته المستندات الدالة على أن زوجته تملك محلين للتصوير باسم استوديو رشا ومحل كوافير مما يؤيد ما قرره المحكوم عليه بأن المحكوم له قد افتتح هذه المحلات لنفسه ولعمله الخاص خاصة وأن زوجته ليس لها خبرة بالتصوير وأن كتابة المحلين باسم الزوجة لا ينفي وجود مصلحة مالية للزوج في المشروع وهو الخبير فيه ومن ثم فإن الادعاء بأنه لم يعد له مورد رزق منذ فصله يكون عاريا عن الواقع ....... وكذلك فإن الثابت بالأوراق أيضا انقطاع المحكوم له عن العمل عدة أيام متصلة قبل فصله وتغيبه عن العمل بدون عذر أكثر من مرة ومن ثم فقد ساهم بفعله أيضا في النتيجة التي وصل إليها الحال بفصله عن العمل ...، وكان ما أورده الحكم سائغا وله أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها فإن النعي عليه بهذا السبب ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث بالتناقض وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بعد أن أورد بأسبابه بأن فصله مشوب بالتعسف عاد وقرر بأن انقطاعه عن العمل وتغيبه أكثر من مرة بدون عذر قد ساهم في النتيجة التي وصل إليها الحال بفصله عن العمل وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه فإذا ما اشتملت أسباب الحكم على ما يكفي لحمله ويبرر وجه قضائه فلا محل للنعي عليه بالتناقض، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن فصل الطاعن كان مشوبا بالتعسف عرض لتقدير التعويض ومراعاة الظروف الملابسة لفصل الطاعن ومدى مساهمته في ذلك ومن ثم فإن الحكم لا يكون معيبا بالتناقض ويضحى النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه لم يعرض لدفاعه المبين بصحيفة الاستئناف بشأن الأخطاء القانونية التي شابت الحكم المستأنف وأغفل الرد على اعتراضاته على تقرير الخبير الواردة بالمذكرات المقدمة منه أمام محكمة الاستئناف بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الطاعن لم يورد في سبب النعي بيان المطاعن والاعتراضات التي وجهها إلى الحكم المستأنف وتقرير الخبير ووجه قصور الحكم في الرد عليها واكتفى بالإشارة في ذلك إلى صحيفة الاستئناف والمذكرات المقدمة منه أمام محكمة الموضوع فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلا وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه أخذ بتقرير الخبير في قضاءه برفض بدل الإنذار فخالف بذلك أحكام القانون المدني المنظمة لهذا البدل، كما أنه لم يتناول بالرد على ما جاء بصحيفة الاستئناف من خطأ الحكم المستأنف في رفضه لمقابل ساعات العمل الإضافي مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا السبب في شقه الثاني مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا اقتصر الحكم المطعون فيه على تعديل الحكم الابتدائي دون إلغائه كلية فإنه لا يكون ملزما إلا بذكر الأسباب التي اقتضت هذا التعديل ويعتبر أن كل ما لم يتناوله التعديل مؤيدا وتبقى أسباب الحكم الابتدائي قائمة بالنسبة له، لما كان ذلك وكان حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 30/3/1989 قد عرض لطلبات الطاعن وانتهى إلى عدم أحقيته في مقابل ساعات العمل الإضافي معولا في ذلك على ما اطمأن إليه مما جاء بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى من أن الطاعن كان يعمل بنظام الورديات وأنه لا يوجد نظام العمل الإضافي بالمنشأة وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على تعديل الحكم الابتدائي فيما يتعلق بتقدير التعويض عن الفصل التعسفي وتأييده فيما عدا ذلك، ومن ثم فإن كل ما لم يتناوله التعديل - ومن ضمنها مقابل ساعات العمل الإضافي - يعتبر مؤيدا وتبقى أسباب الحكم الابتدائي قائمة بالنسبة له وإذ كانت أسباب الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه سائغة في هذا الخصوص وتكفي لحمل قضائه فإن النعي عليه بهذا الشق يكون على غير أساس، والنعي في شقه الأول سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل من المتعاقدين في عقد العمل غير المحدد المدة - وفقا لما تنص عليه المادتان 694، 695 من القانون المدني أن يضع حدا لعلاقته مع المتعاقد الآخر ويتعين لاستعمال أي من المتعاقدين هذه الرخصة أن يخطر المتعاقد معه برغبته مسبقا بثلاثين يوما بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوما بالنسبة للعمال الآخرين. فإذا لم تراع هذه المهلة لزم من نقض منهما العقد أن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضا ماديا مساويا لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها، لا يغير من ذلك أن المشرع في قانون العمل الجديد رقم 137 لسنة 1981 أغفل النص على هذه المهلة القانونية للإنذار إذ لا يمكن أن يستفاد من هذا الإغفال إلغاء الحكم الوارد في القانون المدني والذي كان منصوصا عليه صراحة في قانون العمل الملغي ذلك لأنه لا يوجد في الأعمال التحضيرية لقانون العمل الجديد ما يدل على اتجاه المشرع إلى تغيير الحكم المذكور فضلا على أن المادة الثانية من مواد إصدار قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 قد نصت على أن " يلغى قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق ..." ولم تتعرض مواد الإصدار لأحكام القانون المدني الخاصة بعقد العمل والواردة في المواد من 674 إلى 698 ولذلك تظل هذه الأحكام قائمة تنظم ما خلا قانون العمل من تنظيمه وطالما لا تتعارض مع ما نص عليه صراحة. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى عدم أحقية الطاعن في بدل مهلة الإنذار المطالب به تأسيسا على خلو قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 من النص عليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن تقدم بتاريخ 3/8/1983 بشكوى إلى مكتب عمل غرب القاهرة ضمنها بأنه كان يعمل لدى المطعون ضده بمهنة مصور بأجر شهري قدره 215 جنيه فضلا عن العمولة إلا أنه فوجئ بفصله تعسفيا في 28/7/1983، ولتعذر تسوية النزاع وديا أحيل لمحكمة شئون العمال الجزئية بالقاهرة وقيد بجدولها برقم 491 لسنة 1983 وبتاريخ 29/10/1983 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الفصل وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن أجره بواقع 215 جنيه شهريا من تاريخ فصله ولمدة ستة أشهر وحددت جلسة لنظر الطلبات الموضوعية، والتي حددها الطاعن بطلب إلزام المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ 54150.500 تعويضا عن الفصل التعسفي ومقابل بدل الإنذار والأجازة السنوية وساعات العمل الإضافية ومنحة عيد العمال وعيد الأضحى والعمولة أحالت المحكمة الدعوى إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 261 لسنة 1985، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 30/3/1989 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن مبلغ 31.253 مقابل نقدي عن إجازته السنوية الأخيرة ومنحة عيد العمال، ومبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضا عن فصله تعسفيا، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 609 لسنة 106 ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 631 لسنة 106 ق القاهرة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت في موضوع استئناف الطاعن برفضه وفي موضوع استئناف المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف إلى تخفيض التعويض المقضي به عن الفصل التعسفي إلى مبلغ خمسة آلاف جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه نقضا جزئيا وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أنه في مقام تقدير التعويض الجابر للضرر عن الفصل التعسفي أخذ بدفاع المطعون ضده من ملكية الطاعن لمحل كوافير ومحلي تصوير مقيدة صوريا بأسماء زوجته وأولاد شقيقه في حين أن هذا الادعاء غير صحيح ولا سند له من الأوراق وجحد الطاعن المستندات المقدمة من المطعون ضده في هذا الخصوص بما يكون معه الحكم قد شابه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي وزن وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما تقتنع به منها وإطراح ما عداه وحسبها في ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة وكافية لحمله وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير الضرر ومراعاة الظروف الملابسة في تقدير التعويض مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده، أنه لما كان الثابت من الأوراق وحوافظ المستندات المقدمة أمام هذه المحكمة وباعتراف المحكوم له نفسه وتقديمه بذاته المستندات الدالة على أن زوجته تملك محلين للتصوير باسم استوديو رشا ومحل كوافير مما يؤيد ما قرره المحكوم عليه بأن المحكوم له قد افتتح هذه المحلات لنفسه ولعمله الخاص خاصة وأن زوجته ليس لها خبرة بالتصوير وأن كتابة المحلين باسم الزوجة لا ينفي وجود مصلحة مالية للزوج في المشروع وهو الخبير فيه ومن ثم فإن الادعاء بأنه لم يعد له مورد رزق منذ فصله يكون عاريا عن الواقع ....... وكذلك فإن الثابت بالأوراق أيضا انقطاع المحكوم له عن العمل عدة أيام متصلة قبل فصله وتغيبه عن العمل بدون عذر أكثر من مرة ومن ثم فقد ساهم بفعله أيضا في النتيجة التي وصل إليها الحال بفصله عن العمل ...، وكان ما أورده الحكم سائغا وله أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها فإن النعي عليه بهذا السبب ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث بالتناقض وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بعد أن أورد بأسبابه بأن فصله مشوب بالتعسف عاد وقرر بأن انقطاعه عن العمل وتغيبه أكثر من مرة بدون عذر قد ساهم في النتيجة التي وصل إليها الحال بفصله عن العمل وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه فإذا ما اشتملت أسباب الحكم على ما يكفي لحمله ويبرر وجه قضائه فلا محل للنعي عليه بالتناقض، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن فصل الطاعن كان مشوبا بالتعسف عرض لتقدير التعويض ومراعاة الظروف الملابسة لفصل الطاعن ومدى مساهمته في ذلك ومن ثم فإن الحكم لا يكون معيبا بالتناقض ويضحى النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه لم يعرض لدفاعه المبين بصحيفة الاستئناف بشأن الأخطاء القانونية التي شابت الحكم المستأنف وأغفل الرد على اعتراضاته على تقرير الخبير الواردة بالمذكرات المقدمة منه أمام محكمة الاستئناف بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الطاعن لم يورد في سبب النعي بيان المطاعن والاعتراضات التي وجهها إلى الحكم المستأنف وتقرير الخبير ووجه قصور الحكم في الرد عليها واكتفى بالإشارة في ذلك إلى صحيفة الاستئناف والمذكرات المقدمة منه أمام محكمة الموضوع فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلا وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه أخذ بتقرير الخبير في قضاءه برفض بدل الإنذار فخالف بذلك أحكام القانون المدني المنظمة لهذا البدل، كما أنه لم يتناول بالرد على ما جاء بصحيفة الاستئناف من خطأ الحكم المستأنف في رفضه لمقابل ساعات العمل الإضافي مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا السبب في شقه الثاني مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا اقتصر الحكم المطعون فيه على تعديل الحكم الابتدائي دون إلغائه كلية فإنه لا يكون ملزما إلا بذكر الأسباب التي اقتضت هذا التعديل ويعتبر أن كل ما لم يتناوله التعديل مؤيدا وتبقى أسباب الحكم الابتدائي قائمة بالنسبة له، لما كان ذلك وكان حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 30/3/1989 قد عرض لطلبات الطاعن وانتهى إلى عدم أحقيته في مقابل ساعات العمل الإضافي معولا في ذلك على ما اطمأن إليه مما جاء بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى من أن الطاعن كان يعمل بنظام الورديات وأنه لا يوجد نظام العمل الإضافي بالمنشأة وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على تعديل الحكم الابتدائي فيما يتعلق بتقدير التعويض عن الفصل التعسفي وتأييده فيما عدا ذلك، ومن ثم فإن كل ما لم يتناوله التعديل - ومن ضمنها مقابل ساعات العمل الإضافي - يعتبر مؤيدا وتبقى أسباب الحكم الابتدائي قائمة بالنسبة له وإذ كانت أسباب الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه سائغة في هذا الخصوص وتكفي لحمل قضائه فإن النعي عليه بهذا الشق يكون على غير أساس، والنعي في شقه الأول سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل من المتعاقدين في عقد العمل غير المحدد المدة - وفقا لما تنص عليه المادتان 694، 695 من القانون المدني أن يضع حدا لعلاقته مع المتعاقد الآخر ويتعين لاستعمال أي من المتعاقدين هذه الرخصة أن يخطر المتعاقد معه برغبته مسبقا بثلاثين يوما بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوما بالنسبة للعمال الآخرين. فإذا لم تراع هذه المهلة لزم من نقض منهما العقد أن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضا ماديا مساويا لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها، لا يغير من ذلك أن المشرع في قانون العمل الجديد رقم 137 لسنة 1981 أغفل النص على هذه المهلة القانونية للإنذار إذ لا يمكن أن يستفاد من هذا الإغفال إلغاء الحكم الوارد في القانون المدني والذي كان منصوصا عليه صراحة في قانون العمل الملغي ذلك لأنه لا يوجد في الأعمال التحضيرية لقانون العمل الجديد ما يدل على اتجاه المشرع إلى تغيير الحكم المذكور فضلا على أن المادة الثانية من مواد إصدار قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 قد نصت على أن " يلغى قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق ..." ولم تتعرض مواد الإصدار لأحكام القانون المدني الخاصة بعقد العمل والواردة في المواد من 674 إلى 698 ولذلك تظل هذه الأحكام قائمة تنظم ما خلا قانون العمل من تنظيمه وطالما لا تتعارض مع ما نص عليه صراحة. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى عدم أحقية الطاعن في بدل مهلة الإنذار المطالب به تأسيسا على خلو قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 من النص عليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق