برئاسة السيد المستشار/ كمال نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي, ماجد قطب, سمير فايز وحسني عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة.
--------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني يدل على أن المشرع استثنى من أثر الشرط المانع من النزول عن الإيجار حالة البيع الاضطراري للمتجر أو المصنع المنشأ في العين المؤجرة, وأجاز للمحكمة إبقاء الإيجار لمشتري المتجر أو المصنع رغم وجود الشرط الصريح في عقد الإيجار الذي يحرم التنازل عنه للغير متى توافرت الشروط الواردة بالمادة سالفة البيان من بينها تقديم المشتري ضمانا كافيا للمؤجر للوفاء بالتزاماته باعتباره خلفا خاصا للمستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة كرهن أو كفالة إلا أنه قد يكون المشتري أكثر ملاءة من المستأجر السابق فلا تكون هناك حاجة إلى ضمان خاص يضاف إلى حق امتياز المؤجر على المنقولات القائمة بالعين طالما أنه لم يلحقه ضرر محقق من ذلك التنازل, وإنه ولئن كانت الرخصة التي خولها التقنين المدني للمحكمة خروجا على اتفاق المتعاقدين الصريح بحظر التنازل عن الإيجار إنما ترجع إلى اعتبارات تتصل بمصلحة عامة هي رغبة المشرع في الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد, ولو كان ذلك على غير إرادة المؤجر إلا أن شرط تقديم المشتري الضمان الكافي إلى المؤجر إنما شرع لمصلحة الأخير وضمانا له في الحصول على حقوقه الناشئة عن عقد الإيجار قبل المتنازل له, فهو وشأنه في التنازل عن تقديم هذا الضمان صراحة أو ضمنا أو التمسك به إذا ما رأى عدم ملاءة المشتري بالجدك أو عدم كفاية حق الامتياز المقرر له قانونا باعتبار أن هذا وذاك من الحقوق الخاصة بالمؤجر والتي يملك التصرف فيها ولا شأن لها بالنظام العام, بحيث إذا أثار المؤجر منازعة بشأن تقديم المشتري لذلك الضمان الإضافي أو عدم كفايته أمام محكمة الموضوع, فإنه يتعين عليها الفصل فيها ولها عندئذ تقدير ضرورة تقديم هذا الضمان الخاص أو كفايته, أما إذا لم يقم نزاع بين الخصوم في هذا الخصوص, فإنه لا يسوغ للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها وتقضي بعدم توافر شرط تقديم المشتري للضمان الكافي للمؤجر, هذا في حين أنه حق خاص به لم يطلب اقتضاءه.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقررا مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائيا أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك, مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير- كلية كان ذلك أو جزئيا مستمرا أو مؤقتا بمقابل أو بدون أو تأجيره من الباطن- واعتبار ذلك التصرف بجميع صوره خروجا من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملا بحكم القانون يجيز للمؤجر طلب إخلاء المكان.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض - أنه يجوز للمؤجر النزول عن الحق في طلب الإخلاء صراحة أو ضمنا وليس له بعد حصوله طلب الإخلاء لهذا السبب.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إسقاط الحق بوصفه تعبيرا عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود منه, وأن علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن وسكوته لا يعتبر بذاته دليلا على قبوله لها ولا يدل على النزول عن حقه في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الايجابي عن الإرادة.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قبض المالك أو وكيله الأجرة من المستأجر من الباطن أو التنازل له عن عقد الإيجار مباشرة دون تحفظ يقوم مقام الإذن الكتابي الصريح الذي اشترطه القانون باعتبار أن الكتابة هي وسيلة الإثبات وليست ركنا شكليا في الإذن, ومن ثم فإنه يعد بمثابة إقرار من المالك للإيجار من الباطن أو التنازل عنه.
6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه.
7 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أنه اشترى عين النزاع بالجدك من المستأجر الأصلي بالعقد المؤرخ .../.../... وأن المؤجر - المالك السابق ومن بعده المطعون ضدهم الثلاثة الأول - وافق ضمنا على هذا التنازل باستلامه الأجرة دون تحفظ وهو دفاع جوهري من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى, فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع ولم يتناوله بالبحث والتمحيص ولم يعرض له إيرادا أو ردا ليقف على أثره في قضائه فإنه يكون معيبا.
----------------------
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا على الطاعن والمطعون ضدهما الرابع والخامس الدعوى رقم 122 لسنة 1995 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء المحل المبين بالصحيفة والتسليم، وقالوا بياناً لذلك إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ أول أكتوبر سنة 1957 استأجر مورث المطعون ضدهما الرابع والخامس محل النزاع من المالك السابق, وإذ امتنعا عن سداد الأجرة أقاموا عليهما الدعوى رقم 3003 لسنة 1992 مدني الإسكندرية الابتدائية والتي تدخل فيها الطاعن مدعياً بشراء عين النزاع من المستأجر الأصلي، ولما كان الطاعن يعمل لدى الأخير وكان هذا البيع المدعى به صورياً صورية مطلقة فإنه يعد تنازلاً من المستأجر الأصلي عن عقد الإيجار بغير إذن من المالك مخالفاً بذلك الحظر الوارد في العقد والقانون ومن ثم أقاموا الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بالطلبات, استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3706 لسنة 56 ق الإسكندرية، وبتاريخ 21/2/2001 قضت المحكمة بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة أمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في موضوع الطعن وحددت جلسة لنظره وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن الطاعن مشتري محل النزاع بالجدك لم يقدم ضماناً كافياً للمؤجر إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 594 من التقنين المدني, في حين أن المؤجر لم يتمسك بهذا الشرط ولا يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها لعدم تعلقه بالنظام العام، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على أنه "ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق" يدل على أن المشرع استثنى من أثر الشرط المانع من النزول عن الإيجار حالة البيع الاضطراري للمتجر أو المصنع المنشأ في العين المؤجرة وأجاز للمحكمة إبقاء الإيجار لمشتري المتجر أو المصنع رغم وجود الشرط الصريح في عقد الإيجار الذي يحرم التنازل عنه للغير متى توافرت الشروط الواردة بالمادة سالفة البيان من بينها تقديم المشتري ضماناً كافياً للمؤجر للوفاء بالتزاماته باعتباره خلفاً خاصاً للمستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة كرهن أو كفالة, إلا أنه قد يكون المشتري أكثر ملاءة من المستأجر السابق. فلا تكون هناك حاجة إلى ضمان خاص يضاف إلى حق امتياز المؤجر على المنقولات القائمة بالعين طالما أنه لم يلحقه ضرر محقق من ذلك التنازل. وإنه ولئن كانت الرخصة التي خولها التقنين المدني للمحكمة خروجاً على اتفاق المتعاقدين الصريح بحظر التنازل عن الإيجار إنما ترجع إلى اعتبارات تتصل بمصلحة عامة هي رغبة المشرع في الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد ولو كان ذلك على غير إرادة المؤجر إلا أن شرط تقديم المشتري الضمان الكافي إلى المؤجر إنما شرع لمصلحة الأخير وضماناً له في الحصول على حقوقه الناشئة عن عقد الإيجار قبل المتنازل له، فهو وشأنه في التنازل عن تقديم هذا الضمان صراحة أو ضمناً أو التمسك به إذا ما رأى عدم ملاءة المشتري بالجدك أو عدم كفاية حق الامتياز المقرر له قانوناً باعتبار أن هذا وذاك من الحقوق الخاصة بالمؤجر والتي يملك التصرف فيها ولا شأن لها بالنظام العام, بحيث إذ أثار المؤجر منازعة بشأن تقديم المشتري لهذا الضمان الإضافي أو عدم كفايته أمام محكمة الموضوع فأنه يتعين عليها الفصل فيها ولها عندئذ تقدير ضرورة تقديم هذا الضمان الخاص أو كفايته, أما إذا لم يقم نزاع بين الخصوم في هذا الخصوص فإنه لا يسوغ للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها وتقضي بعدم توافر شرط تقديم المشتري للضمان الكافي للمؤجر هذا في حين أنه حق خاص به لم يطلب اقتضاءه. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول لم ينازعوا الطاعن - مشترى الجدك - أمام محكمة الموضوع بدرجتيها في شأن ضرورة تقديم الضمان الكافي لحصولهم على حقوقهم الناشئة عن عقد الإيجار وإنما دارت المنازعة بين الطرفين حول حظر التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن وصورية عقد البيع بالجدك المؤرخ 7/11/1979 من عدمه، فإن الحكم المطعون فيه إذ تصدى من تلقاء نفسه لبحث حق المؤجر في اقتضاء الضمان الكافي من المشتري وانتهى إلى تأييد الحكم بإخلاء العين محل النزاع لخلو عقد الإيجار من تقديم هذا الضمان فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع وبصحيفة الاستئناف أنه يشغل عين النزاع بموجب عقد البيع بالجدك المؤرخ 7/11/1979 الصادر له من المستأجر الأصلي - مورث المطعون ضدهما الرابع والخامس - وأن ثمة موافقة ضمنية من المؤجر - المالك السابق - على هذا التنازل بأن تقاضى منه والمطعون ضدهم الثلاث الأول من بعده أجرة عين النزاع دون أي تحفظ, وركن في بيان ذلك إلى إيصالات السداد المقدمة في الدعوى رقم 3003 لسنة 1992 وإلى انقضاء مدة تزيد عن خمسة عشر عاماً على حيازته للعين دون منازعة منهم رغم إقامتهم بنفس عقار النزاع, إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ودلالة تلك المستندات بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقرراً مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائياً أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير - كلية كان ذلك أو جزئياً مستمراً أو مؤقتاً بمقابل أو بدون أو تأجيره من الباطن - واعتبار ذلك التصرف بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بحكم القانون يجيز للمؤجر طلبه إخلاء المكان, إلا أنه يجوز للمؤجر النزول عن هذا الحق - صراحة أو ضمناً - وليس له بعد حصوله طلب الإخلاء لهذا السبب, ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه، وأن علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن وسكوته لا يعتبر بذاته دليلاً على قبوله لها ولا يدل على النزول عن حقه في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الايجابي عن الإرادة. إلا أن قبض المالك أو وكيله الأجرة من المستأجر من الباطن أو التنازل له عن عقد الإيجار مباشرة دون تحفظ يقوم مقام الإذن الكتابي الصريح الذي اشترطه القانون باعتبار أن الكتابة هي وسيلة الإثبات وليست ركناً شكلياً في الإذن, ومن ثم فإنه يعد بمثابة إقرار من المالك للإيجار من الباطن أو التنازل عنه، وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أنه اشترى عين النزاع بالجدك من المستأجر الأصلي بالعقد المؤرخ 7/11/1979 وأن المؤجر - المالك السابق ومن بعده المطعون ضدهم الثلاثة الأول - وافق ضمناً على هذا التنازل باستلامه الأجرة دون تحفظ وهو دفاع جوهري من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع ولم يتناوله بالبحث والتمحيص ولم يعرض له إيراداً أو رداً ليقف على أثره في قضائه فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه أيضاً لهذا السبب على أن يكون مع النقض الإحالة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا على الطاعن والمطعون ضدهما الرابع والخامس الدعوى رقم 122 لسنة 1995 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء المحل المبين بالصحيفة والتسليم، وقالوا بياناً لذلك إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ أول أكتوبر سنة 1957 استأجر مورث المطعون ضدهما الرابع والخامس محل النزاع من المالك السابق, وإذ امتنعا عن سداد الأجرة أقاموا عليهما الدعوى رقم 3003 لسنة 1992 مدني الإسكندرية الابتدائية والتي تدخل فيها الطاعن مدعياً بشراء عين النزاع من المستأجر الأصلي، ولما كان الطاعن يعمل لدى الأخير وكان هذا البيع المدعى به صورياً صورية مطلقة فإنه يعد تنازلاً من المستأجر الأصلي عن عقد الإيجار بغير إذن من المالك مخالفاً بذلك الحظر الوارد في العقد والقانون ومن ثم أقاموا الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بالطلبات, استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3706 لسنة 56 ق الإسكندرية، وبتاريخ 21/2/2001 قضت المحكمة بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة أمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في موضوع الطعن وحددت جلسة لنظره وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن الطاعن مشتري محل النزاع بالجدك لم يقدم ضماناً كافياً للمؤجر إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 594 من التقنين المدني, في حين أن المؤجر لم يتمسك بهذا الشرط ولا يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها لعدم تعلقه بالنظام العام، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على أنه "ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق" يدل على أن المشرع استثنى من أثر الشرط المانع من النزول عن الإيجار حالة البيع الاضطراري للمتجر أو المصنع المنشأ في العين المؤجرة وأجاز للمحكمة إبقاء الإيجار لمشتري المتجر أو المصنع رغم وجود الشرط الصريح في عقد الإيجار الذي يحرم التنازل عنه للغير متى توافرت الشروط الواردة بالمادة سالفة البيان من بينها تقديم المشتري ضماناً كافياً للمؤجر للوفاء بالتزاماته باعتباره خلفاً خاصاً للمستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة كرهن أو كفالة, إلا أنه قد يكون المشتري أكثر ملاءة من المستأجر السابق. فلا تكون هناك حاجة إلى ضمان خاص يضاف إلى حق امتياز المؤجر على المنقولات القائمة بالعين طالما أنه لم يلحقه ضرر محقق من ذلك التنازل. وإنه ولئن كانت الرخصة التي خولها التقنين المدني للمحكمة خروجاً على اتفاق المتعاقدين الصريح بحظر التنازل عن الإيجار إنما ترجع إلى اعتبارات تتصل بمصلحة عامة هي رغبة المشرع في الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد ولو كان ذلك على غير إرادة المؤجر إلا أن شرط تقديم المشتري الضمان الكافي إلى المؤجر إنما شرع لمصلحة الأخير وضماناً له في الحصول على حقوقه الناشئة عن عقد الإيجار قبل المتنازل له، فهو وشأنه في التنازل عن تقديم هذا الضمان صراحة أو ضمناً أو التمسك به إذا ما رأى عدم ملاءة المشتري بالجدك أو عدم كفاية حق الامتياز المقرر له قانوناً باعتبار أن هذا وذاك من الحقوق الخاصة بالمؤجر والتي يملك التصرف فيها ولا شأن لها بالنظام العام, بحيث إذ أثار المؤجر منازعة بشأن تقديم المشتري لهذا الضمان الإضافي أو عدم كفايته أمام محكمة الموضوع فأنه يتعين عليها الفصل فيها ولها عندئذ تقدير ضرورة تقديم هذا الضمان الخاص أو كفايته, أما إذا لم يقم نزاع بين الخصوم في هذا الخصوص فإنه لا يسوغ للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها وتقضي بعدم توافر شرط تقديم المشتري للضمان الكافي للمؤجر هذا في حين أنه حق خاص به لم يطلب اقتضاءه. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول لم ينازعوا الطاعن - مشترى الجدك - أمام محكمة الموضوع بدرجتيها في شأن ضرورة تقديم الضمان الكافي لحصولهم على حقوقهم الناشئة عن عقد الإيجار وإنما دارت المنازعة بين الطرفين حول حظر التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن وصورية عقد البيع بالجدك المؤرخ 7/11/1979 من عدمه، فإن الحكم المطعون فيه إذ تصدى من تلقاء نفسه لبحث حق المؤجر في اقتضاء الضمان الكافي من المشتري وانتهى إلى تأييد الحكم بإخلاء العين محل النزاع لخلو عقد الإيجار من تقديم هذا الضمان فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع وبصحيفة الاستئناف أنه يشغل عين النزاع بموجب عقد البيع بالجدك المؤرخ 7/11/1979 الصادر له من المستأجر الأصلي - مورث المطعون ضدهما الرابع والخامس - وأن ثمة موافقة ضمنية من المؤجر - المالك السابق - على هذا التنازل بأن تقاضى منه والمطعون ضدهم الثلاث الأول من بعده أجرة عين النزاع دون أي تحفظ, وركن في بيان ذلك إلى إيصالات السداد المقدمة في الدعوى رقم 3003 لسنة 1992 وإلى انقضاء مدة تزيد عن خمسة عشر عاماً على حيازته للعين دون منازعة منهم رغم إقامتهم بنفس عقار النزاع, إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ودلالة تلك المستندات بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية مقرراً مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائياً أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه دون إذن كتابي صريح من المالك، مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المستأجر ومن يتبعه بحكم العقد بالحق في الانتفاع بالمكان المؤجر وعدم جواز تخليه عنه للغير - كلية كان ذلك أو جزئياً مستمراً أو مؤقتاً بمقابل أو بدون أو تأجيره من الباطن - واعتبار ذلك التصرف بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بحكم القانون يجيز للمؤجر طلبه إخلاء المكان, إلا أنه يجوز للمؤجر النزول عن هذا الحق - صراحة أو ضمناً - وليس له بعد حصوله طلب الإخلاء لهذا السبب, ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه، وأن علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن وسكوته لا يعتبر بذاته دليلاً على قبوله لها ولا يدل على النزول عن حقه في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الايجابي عن الإرادة. إلا أن قبض المالك أو وكيله الأجرة من المستأجر من الباطن أو التنازل له عن عقد الإيجار مباشرة دون تحفظ يقوم مقام الإذن الكتابي الصريح الذي اشترطه القانون باعتبار أن الكتابة هي وسيلة الإثبات وليست ركناً شكلياً في الإذن, ومن ثم فإنه يعد بمثابة إقرار من المالك للإيجار من الباطن أو التنازل عنه، وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أنه اشترى عين النزاع بالجدك من المستأجر الأصلي بالعقد المؤرخ 7/11/1979 وأن المؤجر - المالك السابق ومن بعده المطعون ضدهم الثلاثة الأول - وافق ضمناً على هذا التنازل باستلامه الأجرة دون تحفظ وهو دفاع جوهري من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع ولم يتناوله بالبحث والتمحيص ولم يعرض له إيراداً أو رداً ليقف على أثره في قضائه فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه أيضاً لهذا السبب على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق