برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي محمد علي، محمد درويش، عبد المنعم دسوقي ود. خالد عبد الحميد نواب رئيس المحكمة.
----------------
1 - إذ كان يترتب على كون التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية، وسلبا لاختصاص جهات القضاء أن تقتصر ولاية هيئة التحكيم على نظر موضوع النزاع الذي تنصرف إليه إرادة المحتكمين، فإذا فصلت في مسألة لا يشملها هذا الموضوع أو تجاوزت نطاقه، فإن قضائها بشأنه يضحى واردا على غير محل من خصومة التحكيم وصادرا من جهة لا ولاية لها بالفصل فيه لدخوله في اختصاص جهة القضاء صاحبة الولاية العامة بنظره.
2 - إذ كان المشرع قد اشترط في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون رقم 27 لسنة 1994 الخاص بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها وإلا كان الاتفاق باطلا ورتبت المادة (153/1/و) منه جزاء البطلان إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها الاتفاق أو جاوز حدوده بما يستتبع وبالضرورة أن تتولى هيئة التحكيم تفسير هذا الاتفاق تفسيرا ضيقا يتفق وطبيعته.
3 - إذ كان المقرر وعلى ما تقضي به المادة 39 من قانون 27 لسنة 1994 الخاص بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية أنه متى اتفق المحتكمان على الموضوع محل النزاع تعين على هيئة التحكيم أن تطبق عليه القواعد القانونية التي اتفقا عليه فإذا لم يتفقا طبقت القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع وعلى هدى من ذلك فإذا اتفق المتحكمان على تطبيق القانون المصري تعين على تلك الهيئة أن تطبق فرع القانون الأكثر انطباقا على موضوع التحكيم.
4 - إذ كان المقرر أن حوالة الحق ـ وفقا لأحكام القانون المدني المصري ـ لا تنشئ التزاما جديدا في ذمة المحال عليه (المدين) وإنما يترتب على انعقادها صحيحة ونفاذها في حقه ـ بالإعلان أو القبول ـ انتقال ذات الالتزام الثابت أصلا في ذمة المحال عليه (المدين) من المحال إلى المحال له بجميع مقوماته وخصائصه.
5 - إذا كان الواقع حسبما حصله الحكم المطعون فيه وما تضمنته سائر الأوراق أن الطاعنة كانت قد أبرمت مع الشركة الاسترالية للتجارة والتصدير ـ الغير مختصمة في الطعن ـ عقد ضمان ائتمان صادرات ضد المخاطر التجارية وغير التجارية مؤرخ 15 من يناير سنة 1996 بغرض تغطية ضمان المبالغ المستحقة عن شحنات الأرز التي ترغب هذه الشركة في تصديرها إلى الخارج وقد تضمنت بنوده المخاطر التي يغطيها هذا العقد وحدودها وشروط استحقاق التعويض ومداه، وأحقية تلك الشركة المصدرة في أن تتنازل عن حقها في التعويض المستحق لها وفقا لهذا العقد للبنك أو المؤسسة المالية التي قامت بتمويل صادراتها، ثم خضوع العقد لأحكام القانون المصري وأخيرا الاتفاق على شرط التحكيم، وإنه إزاء تقاعس تلك الشركة عن الوفاء بقيمة كميات الأرز التي قامت المطعون ضدها بتمويلها فقد تنازلت للأخيرة بتاريخ 29 من فبراير سنة 1996 عن ما قد يستحق لها من تعويض وفقا لعقد الضمان سالف الذكر وورد في هذا التنازل ما نصه (نتنازل نحن الشركة الاسترالية للتجارة والتصدير عن حقنا في التعويض الذي قد ينشأ لنا قبل الشركة المصرية لضمان الصادرات بموجب وثيقة الضمان رقم 1/96 بتاريخ 15/1/1996 والسارية حتى 14/1/1997) وقد تم إعلان الطاعنة بهذا التنازل فقبلته بموجب كتابها المرسل إلى المطعون ضدها في 6/3/1996 الذي أرفقت به ملحقا لوثيقة الضمان الموضح به الحدود الائتمانية والشروط والضوابط الخاصة بتنفيذ عملية التصدير على نحو ما جاء بأصل هذا الخطاب المرفق بالأوراق وورد في نهايته العبارة الآتية (نعزز لسيادتكم بأن التعويض الذي قد يستحق لكم بناء على هذا التنازل سوف يتم دائما طبقا لأحكام وضوابط وثيقة الضمان بعاليه) وإذ تعذر الاتفاق بين طرفي الطعن على ما يستحق للمطعون ضدها من تعويض بالتراضي فقد طلبت من الطاعنة الالتجاء إلى التحكيم فتحرر اتفاق بينهما بشأنه في 8/7/1998 جاء في التمهيد الوارد به عرض لمضمون عقد الضمان آنف البيان واتفاق تنازل الشركة المصدرة للمطعون ضدها عن الحق في التعويض المقرر وفقا له وقبول الطاعنة لذلك وتحديدا لطلبات المطعون ضدها بإلزام الطاعنة أن تؤدي لها مبلغ 125100 دولار أمريكي والفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق في 17/4/96 وحتى السداد مع تعويض عن الأضرار الأدبية قدرته بمبلغ خمسون ألف جنيه كطلب أصلي وإلزامها بذات المبلغ الأول كطلب احتياطي وفقا لمسئولية الطاعنة التقصيرية وجاء بالبند الثاني من هذا الاتفاق بأن يجرى هذا التحكيم طبقا لأحكام عقد الضمان ونصوص ومواد القانون رقم 27/94 الخاص بالتحكيم وقواعد القانون المدني ثم توالت بنوده ببيان الإجراءات الواجب إتباعها أمام هيئة التحكيم وجاء أخيرا في البند العاشر منه ما نصه (هذا الاتفاق مكمل لاتفاق التحكيم المبرم ضمن وثيقة الضمان وهو بمثابة اتفاق على إجراءات التحكيم وما يتطلبه من شروط يتفق عليها أطراف التحكيم بداية وقبل إجراءات التحكيم) وكان البين مما جاء باتفاق التنازل الصادر من الشركة المصدرة للمطعون ضدها وكتاب الطاعنة المتضمن قبولها هذا التنازل وما ورد بعقد الاتفاق على التحكيم المحرر بين طرفي الطعن وما جاء بعقد الضمان ـ على نحو ما سلف بيانه ـ أن موضوع اتفاق التحكيم قد تحدد باتفاق طرفيه فيما يكون للمطعون ضدها (المحال لها) من حق في التعويض الذي قد يستحق للشركة المصدرة (المحالة) لدى الطاعنة (المحال عليها) وفقا لعقد الضمان باعتباره ذات الحق الذي في ذمتها وانتقل بجميع مقوماته وخصائصه للمطعون ضدها ومن ثم يخضع التحقق من موجبات أداء هذا التعويض لأحكام المسئولية العقدية، ما لم يرتكب أحد طرفي عقد الضمان سالف الذكر فعلا يؤدي إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو غش أو خطأ جسيم يرتب تطبيق أحكام المسئولية التقصيرية ـ وذلك وفقا لأحكام القانون المدني الذي اتفق طرفي التحكيم على إعمال مواده ـ وكان الثابت من حكم التحكيم محل دعوى البطلان أنه بعد أن عرضت هيئة التحكيم في أسباب قضائها لدفاع طرفي التحكيم بشأن مدى أحقية الشركة المطعون ضدها في مطالبة الطاعنة بالتعويض وفقا لأحكام عقد ضمان الائتمان باعتباره موضوع اتفاق التحكيم ـ محل حوالة الحق ـ وانتهت إلى رفض القضاء بإلزام الطاعنة بأدائه لعدم تحقق موجبه ـ وفقا لأحكام المسئولية العقدية أو التقصيرية تبعا للمفهوم السابق بيانه ـ عادت وتناولت بحث مدى أحقية المطعون ضدها في إلزام الطاعنة بأداء التعويض المطالب به وفقا لأحكام المسئولية التقصيرية الناتج عن خطأ أدعت أنها ارتكبته وهو عدم التحقق من حسن سمعة وملاءة شخص المصدر قبل إصدارها عقد ضمان الائتمان له بما ساهم في تردي المطعون ضدها في التعامل معه وتمويل قيمة الشحنة المصدرة للخارج وفقدان قيمتها وخلصت من بحثها إلى توافر خطأ كل من طرفي خصومة التحكيم في التعاقد مع الشركة المصدرة والمتمثل في خطأ الطاعنة في إبرام عقد الضمان معها، وخطأ المطعون ضدها في اختياره هذه الشركة وتمويل الشحنة التي صدرتها للخارج وتعذر استرداد قيمتها، ورتبت هيئة التحكيم على هذه النتيجة تحمل كل من الطاعنة والمطعون ضدها جزء من قيمة الشحنة بلغ نصيب الطاعنة منها المبلغ المقضي به محل دعوى البطلان وإذ كان ما انتهت إليه هيئة التحكيم في هذا الخصوص يتعلق بمسألة لا يشملها اتفاق التحكيم آنف البيان ولا يسار إليه إلا بدعوى مباشرة تقيمها المطعون ضدها على الطاعنة لا شأن لها بالالتزام التعاقدي موضوع طلب التحكيم (محل حوالة الحق) بما يضحى معه قضاؤها فيه واردا على غير محل من خصومة التحكيم وصادرا من جهة لا ولاية لها بالفصل فيه وافتئات على الاختصاص الولائي للقضاء العادي صاحب الولاية العامة في النظر والفصل في المنازعات المدنية والتجارية ومنها طلب التعويض عن الخطأ التقصيري المشترك سالف البيان على فرض صحة تحققه.
6 - إذ كان المقرر أن قضاء الحكم هو القول الفصل الذي يرد سواء في الأسباب أو المنطوق.
7 - مؤدى النص في المادة (53/1/و) من قانون 27 لسنة 1994 الخاص بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية أنه إذا فصل حكم هيئة التحكيم في مسائل خاضعة للتحكيم وأخرى غير خاضعة له فإن البطلان لا يقع إلا على أجزاء الحكم المتعلقة بالمسائل الأخيرة وحدها.
8 - إذ كان حكم هيئة التحكيم محل الطعن قد انتهى في أسبابه وفي حدود ولاية هذه الهيئة بنظر اتفاق التحكيم إلى رفض طلب المطعون ضدها (المحتكمة) إلزام الطاعنة (المحتكم ضدها) بأداء التعويض الذي استحق للشركة المصدرة وفقا لعقد ضمان الائتمان ـ محل حوالة الحق ـ إلا أن قضاءها في شأن تعويض المطعون ضدها وفقا لقواعد المسئولية التقصيرية عن الخطأ المشترك يعد تجاوزا منها لبطلان اتفاق التحكيم وفصلا في مسألة لا يشملها ولا تدخل في ولايتها على نحو يوجب القضاء ببطلان حكمها في هذا الخصوص.
-------------------
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت لدى محكمة استئناف القاهرة الدعوى رقم ...... لسنة ..... ق ببطلان الحكم الصادر بتاريخ 6 من أغسطس سنة 1998 من هيئة التحكيم في الطلب رقم .... لسنة ..... - تحكيم خاص - وقالت بيانا لها إنها كانت قد أبرمت مع الشركة الاسترالية للتجارة والتصدير - الغير ممثلة في خصومة التحكيم - عقد ضمان ائتمان صادرات ضد المخاطر التجارية وغير التجارية لتصدير أرز إلى خارج البلاد - وإزاء عدم سداد المستورد الأجنبي لجزء من قيمة الشحنة المرسلة إليه والتي كانت المطعون ضدها قد أمدت الشركة المصدرة سالفة الذكر بها وتوقفت عن سداد قيمتها فقد تنازلت الأخيرة للمطعون ضدها عن ما قد يستحق لها من تعويض بموجب عقد الضمان وأخطرت به الطاعنة التي قبلته. وإذ ارتأت المطعون ضدها الالتجاء إلى التحكيم نفاذا لما ورد في عقد الضمان واتفاق التنازل الصادر لها عنه فقد أقامت دعوى التحكيم سالفة الذكر بطلب الحكم بإلزام الطاعنة أصليا بأن تؤدي لها 80% من قيمة الشحنة التي تم تصديرها ولم يسدد المستورد الأجنبي قيمتها ومقدارها ثلاثمائة طن أرز بثمن مقداره مائة وخمسة وعشرون ألفا ومائة دولار أمريكي أو ما يعادله بالعملة المصرية والفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق في 17 من إبريل سنة 1996 وحتى السداد مع إلزامها بأداء مبلغ خمسون ألف جنيه تعويضا عن الأضرار التي لحقتها واحتياطيا بأداء ذات المبلغ الأول كتعويض يعادل قيمة تلك الصفقة وذلك وفقا لقواعد المسئولية التقصيرية. وبجلسة 6 من أغسطس سنة 1998 قضت هيئة التحكيم بإلزام الطاعنة أن تؤدي للشركة المطعون ضدها مبلغ 31270 واحد وثلاثون ألفا ومائتان وسبعون دولار أمريكي أو ما يعادله بالعملة المصرية وإذ لم ترتض الطاعنة هذا الحكم فقد أقامت دعوى البطلان سالفة الذكر لدى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت في 8 من ديسمبر سنة 1999 بعدم قبول الدعوى لتخلف إحدى حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ذلك أنه لم يعرض في قضائه لما تمسكت به من بطلان حكم التحكيم لتجاوزه نطاق موضوع التحكيم المعروض على هيئة التحكيم وفق اتفاق طرفيه والذي ينحصر في التحقق من مدى صحة الادعاء بإخلالها بالتزامها التعاقدي مع الشركة المصدرة بموجب عقد الضمان التي حلت المطعون ضدها محل هذه الشركة في المطالبة بما قد يستحق لها من تعويض تبعا له, ذلك أن هيئة التحكيم انتهت إلى إلزامها بالتعويض وفق أحكام المسئولية التقصيرية بإدعاء توافر الخطأ في جانبها المتمثل في عدم تحققها من حسن سمعة ومدى ملاءة كل من شخص المصدر والمستورد فضلا عن إصدارها وثيقة ضمان للمصدر اطمأنت له المطعون ضدها في التعاقد معه, مما أدى إلى فقدانها قيمة الشحنة المصدرة التي مولتها وهو ما يعد من حكم التحكيم تجاوزا لحدود الموضوع محل الاتفاق وفصلا في مسألة لا يشملها يمتنع على هيئة التحكيم المضي في نظرها والفصل فيها وإذ كان هذا الدفاع دفاعا جوهريا من شأن بحثه وتمحيصه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ذلك أنه يترتب على كون التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية, وسلبا لاختصاص جهات القضاء أن تقتصر ولاية هيئة التحكيم على نظر موضوع النزاع الذي تنصرف إليه إرادة المحتكمين, فإذا فصلت في مسألة لا يشملها هذا الموضوع أو تجاوزت نطاقه, فإن قضائها بشأنه يضحى واردا على غير محل من خصومة التحكيم وصادرا من جهة لا ولاية لها بالفصل فيه لدخوله في اختصاص جهة القضاء صاحبة الولاية العامة بنظره, الأمر الذي حدا بالمشرع أن يشترط في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون رقم 27 لسنة 1994 الخاص بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها وإلا كان الاتفاق باطلا ورتبت المادة (153/1/و) منه جزاء البطلان إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها الاتفاق أو جاوز حدوده بما يستتبع وبالضرورة أن تتولى هيئة التحكيم تفسير هذا الاتفاق تفسيرا ضيقا يتفق وطبيعته, وكان من المقرر وعلى ما تقضي به المادة 39 من ذات القانون أنه متى اتفق المحتكمان على الموضوع محل النزاع تعين على هيئة التحكيم أن تطبق عليه القواعد القانونية التي اتفقا عليها فإذا لم يتفقا طبقت القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع وعلى هدى من ذلك فإذا اتفق المحتكمان على تطبيق القانون المصري تعين على تلك الهيئة أن تطبق فرع القانون الأكثر انطباقا على موضوع التحكيم, وكان من المقرر أن حوالة الحق - وفقا لأحكام القانون المدني المصري - لا تنشئ التزاما جديدا في ذمة المحال عليه (المدين) وإنما يترتب على انعقادها صحيحة ونفاذها في حقه - بالإعلان أو القبول - انتقال ذات الالتزام الثابت أصلا في ذمة المحال عليه (المدين) من المحال إلى المحال له بجميع مقوماته وخصائصه, لما كان ذلك, وكان الواقع حسبما حصله الحكم المطعون فيه وما تضمنته سائر الأوراق أن الطاعنة كانت قد أبرمت مع الشركة الاسترالية للتجارة والتصدير - الغير مختصمة في الطعن - عقد ضمان ائتمان صادرات ضد المخاطر التجارية وغير التجارية مؤرخ 15 من يناير سنة 1996 بغرض تغطية ضمان المبالغ المستحقة عن شحنات الأرز التي ترغب هذه الشركات في تصديرها إلى الخارج وقد تضمنت بنوده المخاطر التي يغطيها هذا العقد وحدودها وشروط استحقاق التعويض ومداه, وأحقية تلك الشركة المصدرة في أن تتنازل عن حقها في التعويض المستحق لها وفقا لهذا العقد للبنك أو المؤسسة المالية التي قامت بتمويل صادراتها, ثم خضوع العقد لأحكام القانون المصري وأخيرا الاتفاق على شرط التحكيم, وإنه إزاء تقاعس تلك الشركة عن الوفاء بقيمة كميات الأرز التي قامت المطعون ضدها بتمويلها فقد تنازلت للأخيرة بتاريخ 29 من فبراير سنة 1996 عن ما قد يستحق لها من تعويض وفقا لعقد الضمان سالف الذكر وورد في هذا التنازل ما نصه (نتنازل نحن الشركة الاسترالية للتجارة والتصدير - عن حقنا في التعويض الذي قد ينشأ لنا قبل الشركة المصرية لضمان الصادرات بموجب وثيقة الضمان رقم 1/96 بتاريخ 15/1/1996 والسارية حتى 14/1/1997) وقد تم إعلان الطاعنة بهذا التنازل فقبلته بموجب كتابها المرسل إلى المطعون ضدها في 6/3/1996 الذي أرفقت به ملحقا لوثيقة الضمان الموضح به الحدود الائتمانية والشروط والضوابط الخاصة بتنفيذ عملية التصدير على نحو ما جاء بأصل هذا الخطاب المرفق بالأوراق وورد في نهايته العبارة الآتية (نعزز لسيادتكم بأن التعويض الذي قد يستحق لكم بناء على هذا التنازل سوف يتم دائما طبقا لأحكام وضوابط وثيقة الضمان بعاليه). وإذ تعذر الاتفاق بين طرفي الطعن على ما يستحق للمطعون ضدها من تعويض بالتراضي فقد طلبت من الطاعنة الالتجاء إلى التحكيم فتحرر اتفاق بينهما بشأنه في 8/7/1998 جاء في التمهيد الوارد به عرض لمضمون عقد الضمان آنف البيان واتفاق تنازل الشركة المصدرة للمطعون ضدها عن الحق في التعويض المقرر وفقا له وقبول الطاعنة لذلك وتحديدا لطلبات المطعون ضدها بإلزام الطاعنة أن تؤدي لها مبلغ 125100 دولار أمريكي والفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق في 17/4/96 وحتى السداد مع تعويض عن الأضرار الأدبية قدرته بمبلغ خمسون ألف جنيه كطلب أصلي وإلزامها بذات المبلغ الأول كطلب احتياطي وفقا لمسئولية الطاعنة التقصيرية وجاء بالبند الثاني في هذا الاتفاق بأن يجرى هذا التحكيم طبقا لأحكام عقد الضمان ونصوص ومواد القانون رقم 27/94 الخاص بالتحكيم وقواعد القانون المدني ثم توالت بنوده ببيان الإجراءات الواجب إتباعها أمام هيئة التحكيم وجاء أخيرا في البند العاشر منه ما نصه (هذا الاتفاق مكمل لاتفاق التحكيم المبرم ضمن وثيقة الضمان وهو بمثابة اتفاق على إجراءات التحكيم وما يتطلبه من شروط يتفق عليها أطراف التحكيم بداية وقبل إجراءات التحكيم) وكان البين مما جاء باتفاق التنازل الصادر من الشركة المصدرة للمطعون ضدها وكتاب الطاعنة المتضمن قبولها هذا التنازل وما ورد بعقد الاتفاق على التحكيم المحرر بين طرفي الطعن وما جاء بعقد الضمان - على نحو ما سلف بيانه - أن موضوع اتفاق التحكيم قد تحدد باتفاق طرفيه فيما يكون للمطعون ضدها (المحال لها) من حق في التعويض الذي قد يستحق للشركة المصدرة (المحالة) لدى الطاعنة (المحال عليها) وفقا لعقد الضمان باعتباره ذات الحق الذي في ذمتها وانتقل بجميع مقوماته وخصائصه للمطعون ضدها ومن ثم يخضع التحقق من موجبات أداء هذا التعويض لأحكام المسئولية العقدية, ما لم يرتكب أحد طرفي عقد الضمان سالف الذكر فعلا يؤدي إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو غش أو خطأ جسيم يرتب تطبيق أحكام المسئولية التقصيرية - وذلك وفقا لأحكام القانون المدني الذي اتفق طرفي التحكيم على إعمال مواده - وكان الثابت من حكم التحكيم محل دعوى البطلان أنه بعد أن عرضت هيئة التحكيم في أسباب قضائها لدفاع طرفي التحكيم بشأن مدى أحقية الشركة المطعون ضدها في مطالبة الطاعنة بالتعويض وفقا لأحكام عقد ضمان الائتمان باعتباره موضوع اتفاق التحكيم - محل حوالة الحق - وانتهت إلى رفض القضاء بإلزام الطاعنة بأدائه لعدم تحقق موجبه - وفقا لأحكام المسئولية العقدية أو التقصيرية تبعا للمفهوم السابق بيانه - عادت وتناولت بحث مدى أحقية المطعون ضدها في إلزام الطاعنة بأداء التعويض المطالب به وفقا لأحكام المسئولية التقصيرية الناتج عن خطأ ادعت أنها ارتكبته وهو عدم التحقق من حسن سمعة وملاءة شخص المصدر قبل إصدارها عقد ضمان الائتمان له بما ساهم في تردي المطعون ضدها في التعامل معه وتمويل قيمة الشحنة المصدرة للخارج وفقدان قيمتها وخلصت من بحثها إلى توافر خطأ كل من طرفي خصومة التحكيم في التعاقد مع الشركة المصدرة والمتمثل في خطأ الطاعنة في إبرام عقد الضمان معها, وخطأ المطعون ضدها في اختياره هذه الشركة وتمويل الشحنة التي صدرتها للخارج وتعذر استرداد قيمتها, ورتبت هيئة التحكيم على هذه النتيجة تحمل كل من الطاعنة والمطعون ضدها جزء من قيمة الشحنة بلغ نصيب الطاعنة منها المبلغ المقضي به محل دعوى البطلان وإذ كان ما انتهت إليه هيئة التحكيم في هذا الخصوص يتعلق بمسألة لا يشملها اتفاق التحكيم آنف البيان ولا يسار إليه إلا بدعوى مباشرة تقيمها المطعون ضدها على الطاعنة لا شأن لها بالالتزام التعاقدي موضوع طلب التحكيم (محل حوالة الحق) بما يضحى معه قضاؤها فيه واردا على غير محل من خصومة التحكيم وصادرا من جهة لا ولاية لها بالفصل فيه وافتئات على الاختصاص الولائي للقضاء العادي صاحب الولاية العامة في النظر والفصل في المنازعات المدنية والتجارية ومنها طلب التعويض عن الخطأ التقصيري المشترك سالف البيان على فرض صحة تحققه, وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعنة في هذا الخصوص ويتناوله بالبحث والتمحيص لإعمال أثره عند التحقق من صحته فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه, ولما تقدم, وكان من المقرر أن قضاء الحكم هو القول الفصل الذي يرد سواء في الأسباب أو المنطوق, وإن النص في المادة 53/1 من قانون التحكيم - سالف البيان - على أنه "لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية (أ)...(و) إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها" مفاده أنه إذا فصل حكم هيئة التحكيم في مسائل خاضعة للتحكيم وأخرى غير خاضعة له فإن البطلان لا يقع إلا على أجزاء الحكم المتعلقة بالمسائل الأخيرة وحدها, لما كان ذلك, وكان حكم هيئة التحكيم محل الطعن وإن انتهى في أسبابه وفي حدود ولاية هذه الهيئة بنظر اتفاق التحكيم إلى رفض طلب المطعون ضدها (المحتكمة) إلزام الطاعنة (المحتكم ضدها) بأداء التعويض الذي استحق للشركة المصدرة وفقا لعقد ضمان الائتمان - محل حوالة الحق - إلا أن قضاءها بالتعويض للمطعون ضدها (المحتكمة) وفقا لقواعد المسئولية التقصيرية عن الخطأ المشترك - على نحو ما سلف بيانه - يعد تجاوزا منها لنطاق اتفاق التحكيم وفصلا في مسألة لا يشملها ولا تدخل في ولايتها على نحو يوجب القضاء ببطلان حكمها في هذا الخصوص.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت لدى محكمة استئناف القاهرة الدعوى رقم ...... لسنة ..... ق ببطلان الحكم الصادر بتاريخ 6 من أغسطس سنة 1998 من هيئة التحكيم في الطلب رقم .... لسنة ..... - تحكيم خاص - وقالت بيانا لها إنها كانت قد أبرمت مع الشركة الاسترالية للتجارة والتصدير - الغير ممثلة في خصومة التحكيم - عقد ضمان ائتمان صادرات ضد المخاطر التجارية وغير التجارية لتصدير أرز إلى خارج البلاد - وإزاء عدم سداد المستورد الأجنبي لجزء من قيمة الشحنة المرسلة إليه والتي كانت المطعون ضدها قد أمدت الشركة المصدرة سالفة الذكر بها وتوقفت عن سداد قيمتها فقد تنازلت الأخيرة للمطعون ضدها عن ما قد يستحق لها من تعويض بموجب عقد الضمان وأخطرت به الطاعنة التي قبلته. وإذ ارتأت المطعون ضدها الالتجاء إلى التحكيم نفاذا لما ورد في عقد الضمان واتفاق التنازل الصادر لها عنه فقد أقامت دعوى التحكيم سالفة الذكر بطلب الحكم بإلزام الطاعنة أصليا بأن تؤدي لها 80% من قيمة الشحنة التي تم تصديرها ولم يسدد المستورد الأجنبي قيمتها ومقدارها ثلاثمائة طن أرز بثمن مقداره مائة وخمسة وعشرون ألفا ومائة دولار أمريكي أو ما يعادله بالعملة المصرية والفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق في 17 من إبريل سنة 1996 وحتى السداد مع إلزامها بأداء مبلغ خمسون ألف جنيه تعويضا عن الأضرار التي لحقتها واحتياطيا بأداء ذات المبلغ الأول كتعويض يعادل قيمة تلك الصفقة وذلك وفقا لقواعد المسئولية التقصيرية. وبجلسة 6 من أغسطس سنة 1998 قضت هيئة التحكيم بإلزام الطاعنة أن تؤدي للشركة المطعون ضدها مبلغ 31270 واحد وثلاثون ألفا ومائتان وسبعون دولار أمريكي أو ما يعادله بالعملة المصرية وإذ لم ترتض الطاعنة هذا الحكم فقد أقامت دعوى البطلان سالفة الذكر لدى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت في 8 من ديسمبر سنة 1999 بعدم قبول الدعوى لتخلف إحدى حالات البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ذلك أنه لم يعرض في قضائه لما تمسكت به من بطلان حكم التحكيم لتجاوزه نطاق موضوع التحكيم المعروض على هيئة التحكيم وفق اتفاق طرفيه والذي ينحصر في التحقق من مدى صحة الادعاء بإخلالها بالتزامها التعاقدي مع الشركة المصدرة بموجب عقد الضمان التي حلت المطعون ضدها محل هذه الشركة في المطالبة بما قد يستحق لها من تعويض تبعا له, ذلك أن هيئة التحكيم انتهت إلى إلزامها بالتعويض وفق أحكام المسئولية التقصيرية بإدعاء توافر الخطأ في جانبها المتمثل في عدم تحققها من حسن سمعة ومدى ملاءة كل من شخص المصدر والمستورد فضلا عن إصدارها وثيقة ضمان للمصدر اطمأنت له المطعون ضدها في التعاقد معه, مما أدى إلى فقدانها قيمة الشحنة المصدرة التي مولتها وهو ما يعد من حكم التحكيم تجاوزا لحدود الموضوع محل الاتفاق وفصلا في مسألة لا يشملها يمتنع على هيئة التحكيم المضي في نظرها والفصل فيها وإذ كان هذا الدفاع دفاعا جوهريا من شأن بحثه وتمحيصه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ذلك أنه يترتب على كون التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية, وسلبا لاختصاص جهات القضاء أن تقتصر ولاية هيئة التحكيم على نظر موضوع النزاع الذي تنصرف إليه إرادة المحتكمين, فإذا فصلت في مسألة لا يشملها هذا الموضوع أو تجاوزت نطاقه, فإن قضائها بشأنه يضحى واردا على غير محل من خصومة التحكيم وصادرا من جهة لا ولاية لها بالفصل فيه لدخوله في اختصاص جهة القضاء صاحبة الولاية العامة بنظره, الأمر الذي حدا بالمشرع أن يشترط في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون رقم 27 لسنة 1994 الخاص بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها وإلا كان الاتفاق باطلا ورتبت المادة (153/1/و) منه جزاء البطلان إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها الاتفاق أو جاوز حدوده بما يستتبع وبالضرورة أن تتولى هيئة التحكيم تفسير هذا الاتفاق تفسيرا ضيقا يتفق وطبيعته, وكان من المقرر وعلى ما تقضي به المادة 39 من ذات القانون أنه متى اتفق المحتكمان على الموضوع محل النزاع تعين على هيئة التحكيم أن تطبق عليه القواعد القانونية التي اتفقا عليها فإذا لم يتفقا طبقت القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع وعلى هدى من ذلك فإذا اتفق المحتكمان على تطبيق القانون المصري تعين على تلك الهيئة أن تطبق فرع القانون الأكثر انطباقا على موضوع التحكيم, وكان من المقرر أن حوالة الحق - وفقا لأحكام القانون المدني المصري - لا تنشئ التزاما جديدا في ذمة المحال عليه (المدين) وإنما يترتب على انعقادها صحيحة ونفاذها في حقه - بالإعلان أو القبول - انتقال ذات الالتزام الثابت أصلا في ذمة المحال عليه (المدين) من المحال إلى المحال له بجميع مقوماته وخصائصه, لما كان ذلك, وكان الواقع حسبما حصله الحكم المطعون فيه وما تضمنته سائر الأوراق أن الطاعنة كانت قد أبرمت مع الشركة الاسترالية للتجارة والتصدير - الغير مختصمة في الطعن - عقد ضمان ائتمان صادرات ضد المخاطر التجارية وغير التجارية مؤرخ 15 من يناير سنة 1996 بغرض تغطية ضمان المبالغ المستحقة عن شحنات الأرز التي ترغب هذه الشركات في تصديرها إلى الخارج وقد تضمنت بنوده المخاطر التي يغطيها هذا العقد وحدودها وشروط استحقاق التعويض ومداه, وأحقية تلك الشركة المصدرة في أن تتنازل عن حقها في التعويض المستحق لها وفقا لهذا العقد للبنك أو المؤسسة المالية التي قامت بتمويل صادراتها, ثم خضوع العقد لأحكام القانون المصري وأخيرا الاتفاق على شرط التحكيم, وإنه إزاء تقاعس تلك الشركة عن الوفاء بقيمة كميات الأرز التي قامت المطعون ضدها بتمويلها فقد تنازلت للأخيرة بتاريخ 29 من فبراير سنة 1996 عن ما قد يستحق لها من تعويض وفقا لعقد الضمان سالف الذكر وورد في هذا التنازل ما نصه (نتنازل نحن الشركة الاسترالية للتجارة والتصدير - عن حقنا في التعويض الذي قد ينشأ لنا قبل الشركة المصرية لضمان الصادرات بموجب وثيقة الضمان رقم 1/96 بتاريخ 15/1/1996 والسارية حتى 14/1/1997) وقد تم إعلان الطاعنة بهذا التنازل فقبلته بموجب كتابها المرسل إلى المطعون ضدها في 6/3/1996 الذي أرفقت به ملحقا لوثيقة الضمان الموضح به الحدود الائتمانية والشروط والضوابط الخاصة بتنفيذ عملية التصدير على نحو ما جاء بأصل هذا الخطاب المرفق بالأوراق وورد في نهايته العبارة الآتية (نعزز لسيادتكم بأن التعويض الذي قد يستحق لكم بناء على هذا التنازل سوف يتم دائما طبقا لأحكام وضوابط وثيقة الضمان بعاليه). وإذ تعذر الاتفاق بين طرفي الطعن على ما يستحق للمطعون ضدها من تعويض بالتراضي فقد طلبت من الطاعنة الالتجاء إلى التحكيم فتحرر اتفاق بينهما بشأنه في 8/7/1998 جاء في التمهيد الوارد به عرض لمضمون عقد الضمان آنف البيان واتفاق تنازل الشركة المصدرة للمطعون ضدها عن الحق في التعويض المقرر وفقا له وقبول الطاعنة لذلك وتحديدا لطلبات المطعون ضدها بإلزام الطاعنة أن تؤدي لها مبلغ 125100 دولار أمريكي والفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق في 17/4/96 وحتى السداد مع تعويض عن الأضرار الأدبية قدرته بمبلغ خمسون ألف جنيه كطلب أصلي وإلزامها بذات المبلغ الأول كطلب احتياطي وفقا لمسئولية الطاعنة التقصيرية وجاء بالبند الثاني في هذا الاتفاق بأن يجرى هذا التحكيم طبقا لأحكام عقد الضمان ونصوص ومواد القانون رقم 27/94 الخاص بالتحكيم وقواعد القانون المدني ثم توالت بنوده ببيان الإجراءات الواجب إتباعها أمام هيئة التحكيم وجاء أخيرا في البند العاشر منه ما نصه (هذا الاتفاق مكمل لاتفاق التحكيم المبرم ضمن وثيقة الضمان وهو بمثابة اتفاق على إجراءات التحكيم وما يتطلبه من شروط يتفق عليها أطراف التحكيم بداية وقبل إجراءات التحكيم) وكان البين مما جاء باتفاق التنازل الصادر من الشركة المصدرة للمطعون ضدها وكتاب الطاعنة المتضمن قبولها هذا التنازل وما ورد بعقد الاتفاق على التحكيم المحرر بين طرفي الطعن وما جاء بعقد الضمان - على نحو ما سلف بيانه - أن موضوع اتفاق التحكيم قد تحدد باتفاق طرفيه فيما يكون للمطعون ضدها (المحال لها) من حق في التعويض الذي قد يستحق للشركة المصدرة (المحالة) لدى الطاعنة (المحال عليها) وفقا لعقد الضمان باعتباره ذات الحق الذي في ذمتها وانتقل بجميع مقوماته وخصائصه للمطعون ضدها ومن ثم يخضع التحقق من موجبات أداء هذا التعويض لأحكام المسئولية العقدية, ما لم يرتكب أحد طرفي عقد الضمان سالف الذكر فعلا يؤدي إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو غش أو خطأ جسيم يرتب تطبيق أحكام المسئولية التقصيرية - وذلك وفقا لأحكام القانون المدني الذي اتفق طرفي التحكيم على إعمال مواده - وكان الثابت من حكم التحكيم محل دعوى البطلان أنه بعد أن عرضت هيئة التحكيم في أسباب قضائها لدفاع طرفي التحكيم بشأن مدى أحقية الشركة المطعون ضدها في مطالبة الطاعنة بالتعويض وفقا لأحكام عقد ضمان الائتمان باعتباره موضوع اتفاق التحكيم - محل حوالة الحق - وانتهت إلى رفض القضاء بإلزام الطاعنة بأدائه لعدم تحقق موجبه - وفقا لأحكام المسئولية العقدية أو التقصيرية تبعا للمفهوم السابق بيانه - عادت وتناولت بحث مدى أحقية المطعون ضدها في إلزام الطاعنة بأداء التعويض المطالب به وفقا لأحكام المسئولية التقصيرية الناتج عن خطأ ادعت أنها ارتكبته وهو عدم التحقق من حسن سمعة وملاءة شخص المصدر قبل إصدارها عقد ضمان الائتمان له بما ساهم في تردي المطعون ضدها في التعامل معه وتمويل قيمة الشحنة المصدرة للخارج وفقدان قيمتها وخلصت من بحثها إلى توافر خطأ كل من طرفي خصومة التحكيم في التعاقد مع الشركة المصدرة والمتمثل في خطأ الطاعنة في إبرام عقد الضمان معها, وخطأ المطعون ضدها في اختياره هذه الشركة وتمويل الشحنة التي صدرتها للخارج وتعذر استرداد قيمتها, ورتبت هيئة التحكيم على هذه النتيجة تحمل كل من الطاعنة والمطعون ضدها جزء من قيمة الشحنة بلغ نصيب الطاعنة منها المبلغ المقضي به محل دعوى البطلان وإذ كان ما انتهت إليه هيئة التحكيم في هذا الخصوص يتعلق بمسألة لا يشملها اتفاق التحكيم آنف البيان ولا يسار إليه إلا بدعوى مباشرة تقيمها المطعون ضدها على الطاعنة لا شأن لها بالالتزام التعاقدي موضوع طلب التحكيم (محل حوالة الحق) بما يضحى معه قضاؤها فيه واردا على غير محل من خصومة التحكيم وصادرا من جهة لا ولاية لها بالفصل فيه وافتئات على الاختصاص الولائي للقضاء العادي صاحب الولاية العامة في النظر والفصل في المنازعات المدنية والتجارية ومنها طلب التعويض عن الخطأ التقصيري المشترك سالف البيان على فرض صحة تحققه, وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعنة في هذا الخصوص ويتناوله بالبحث والتمحيص لإعمال أثره عند التحقق من صحته فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه, ولما تقدم, وكان من المقرر أن قضاء الحكم هو القول الفصل الذي يرد سواء في الأسباب أو المنطوق, وإن النص في المادة 53/1 من قانون التحكيم - سالف البيان - على أنه "لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية (أ)...(و) إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها" مفاده أنه إذا فصل حكم هيئة التحكيم في مسائل خاضعة للتحكيم وأخرى غير خاضعة له فإن البطلان لا يقع إلا على أجزاء الحكم المتعلقة بالمسائل الأخيرة وحدها, لما كان ذلك, وكان حكم هيئة التحكيم محل الطعن وإن انتهى في أسبابه وفي حدود ولاية هذه الهيئة بنظر اتفاق التحكيم إلى رفض طلب المطعون ضدها (المحتكمة) إلزام الطاعنة (المحتكم ضدها) بأداء التعويض الذي استحق للشركة المصدرة وفقا لعقد ضمان الائتمان - محل حوالة الحق - إلا أن قضاءها بالتعويض للمطعون ضدها (المحتكمة) وفقا لقواعد المسئولية التقصيرية عن الخطأ المشترك - على نحو ما سلف بيانه - يعد تجاوزا منها لنطاق اتفاق التحكيم وفصلا في مسألة لا يشملها ولا تدخل في ولايتها على نحو يوجب القضاء ببطلان حكمها في هذا الخصوص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق