جلسة 24 من نوفمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم صالح, لطف الله جزر, زهير بسيوني نواب رئيس المحكمة ووجيه أديب.
-----------------
(242)
الطعن رقم 1877 لسنة 60 القضائية
(1) جمارك "رسوم جمركية". استيراد.
حق مصلحة الجمارك في الرسم المستحق على البضاعة المستوردة. عدم سقوطه لمجرد عدم تحصيله قبل الإفراج عنها. علة ذلك. للمصلحة تدارك الخطأ أو السهو الذي وقعت فيه عند الإفراج عن البضاعة. عدم اعتبار ذلك خطأ في حق المستورد يمكن أن يتذرع به للفكاك من الرسم متى كان مستحقاً عليه ولم يسقط بالتقادم.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الواقع وتفسير العقود". نقض "أسباب الطعن: الأسباب الموضوعية".
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتفسير الاتفاقات وتقدير الأدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق. المنازعة في ذلك. جدل موضوعي في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع . لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) اختصاص. محكمة الموضوع.
المحكمة. التزامها بتصفية كل نزاع يدخل في اختصاصها ويتوقف الحكم على الفصل فيه. "مثال لتسبيب معيب".
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تفسير الاتفاقات والمحررات للوقوف على حقيقة القصد منها متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق. من ثم يكون النعي بهذين السببين جدلاً موضوعياً في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كانت المحكمة تلتزم بتصفية كل نزاع يدخل في اختصاصها يتوقف الحكم على الفصل فيه وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الفصل في طلب الطاعن تسليمه خطاب الضمان موضوع الدعوى متوقف على تسوية الرسوم الجمركية المتنازع عليها والتي صدر هذا الخطاب ضماناً لها, وإذ كانت محكمة الموضوع تختص بالفصل في هذه المسألة, فإنه كان يتعين عليها عدم التخلي عنها والفصل فيها إلا أنها أقامت قضاءها برفض طلب الطاعن تسليمه خطاب الضمان على سند من أن ذلك معلق على صدور حكم نهائي يحسم النزاع حول الرسوم الجمركية, ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 5128/ 1983 الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأول والثانية بتسليمه خطاب الضمان 138/ 1983 المحرر بتاريخ 19/ 4/ 1983 واعتباره كأن لم يكن. وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 17/ 11/ 1982 استورد رسالة بوتاجازات من الخارج تحرر عنها البيان الجمركي 20078 م 3 سدد عنها الرسوم الجمركية المستحقة، إلا أن مصلحة الجمارك طالبته بتقديم قائمة الأسعار الخاصة بها زعماً منها عدم كفاية فاتورة الشراء, فقدم خطاب الضمان سالف الذكر لحين تقديم هذه القائمة, وإذ أوفى بالتزاماته بتقديمها فقد طالب المطعون ضدهما الأول والثانية برد خطاب الضمان وإزاء امتناعهما عن رده فقد أقام دعواه بطلباته السابقة, ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره النهائي حكمت بتاريخ 22/ 12/ 1978 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 135 لسنة 44 ق الإسكندرية. بتاريخ 14/ 3/ 1990 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الأول والثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وفي بيان ذلك يقول إنه قام بسداد الرسوم الجمركية عن الرسالة موضوع التداعي بصفة قطعية. إذ تراءى للمطعون ضدها الثانية إعادة تقدير الرسوم الجمركية على ضوء رسالة أخري طالبته بتقديم قائمة الأسعار من جهة المنشأ على أن يقوم بسداد أمانة نقدية أو خطاب ضمان ضماناً لتنفيذ التزامه، وإذ قام بتقديم قائمة الأسعار المطلوبة فيحق له استرداد خطاب الضمان, وهو ما قرره الحاضر عن مصلحة الجمارك - المطعون ضدها الثانية - أمام خبير الدعوى. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حق مصلحة الجمارك في الرسم المستحق على البضاعة المستوردة لا يسقط لمجرد عدم تحصيله قبل الإفراج عنها، فالحقوق لا تسقط بغير نص وليس في القانون العام ولا في القوانين الخاصة بالمسائل الجمركية ما يمنع مصلحة الجمارك من تدارك خطأ أو سهو وقعت فيه بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة، ولا يعتبر ذلك من جانبها خطأ في حق المستورد يمكن أن يتذرع به للفكاك من الرسم متي كان مستحقاً عليه قانوناً وقت دخول البضاعة المستوردة وكان الحق فيه لم يسقط بالتقادم لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تفسير الاتفاقات والمحررات للوقوف على حقيقة القصد منها متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما خلص إليه من أن الطاعن حرر خطاب ضمان لصالح مصلحة الجمارك ضماناً لتسوية الرسوم الجمركية التي تستحق عن البضاعة المفرج عنها بعد أن يقدم لها قائمة معتمدة بالأسعار، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق، من ثم يكون النعي بهذين السببين جدلاً موضوعياً في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون الخطأ فيه وفي بيان ذلك يقول إنه طلب استرداد خطاب الضمان لوفائه بالتزامه بتقديم قائمة الأسعار المعتمدة ولبراءة ذمته من الرسوم الجمركية لسبق سداده إياها إلا أن الحكمة اعتبر الخلاف حول مقدار الرسوم الجمركية وتسويتها مسألة أولية لازمة للحكم بتسليمه خطاب الضمان وتركها معلقة مع أنه كان يتحتم عليه تحقيقها والفصل فيها.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أنه لما كانت المحكمة تلتزم بتصفية كل نزاع يدخل في اختصاصها يتوقف الحكم على الفصل فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الفصل في طلب الطاعن تسليمه خطاب الضمان موضوع الدعوى متوقف على تسوية الرسوم الجمركية المتنازع عليها والتي صدر هذا الخطاب ضماناً لها, وإذ كانت محكمة الموضوع تختص بالفصل في هذه المسألة, فإنه كان يتعين عليها عدم التخلي عنها والفصل فيها إلا أنها أقامت قضاءها برفض طلب الطاعن تسليمه خطاب الضمان على سند من أن ذلك معلق على صدور حكم نهائي يحسم النزاع حول الرسوم الجمركية, ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق