الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 أغسطس 2014

(الطعن 1814 لسنة 61 ق جلسة 27 / 1 / 2002 س 53 ج 1 ق 32 ص 179)

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد شلبي، حامد مكي، فتحي حنضل وجرجس عدلي نواب رئيس المحكمة.
---------------------------
1 - إن مفاد نص المادة التاسعة من القانون 15 لسنة 1963 الخاص بحظر تملك الأجانب الأراضي الزراعية وما في حكمها والمادة 13 مكررا من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المعدل بشأن الإصلاح الزراعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي إنما تختص بالمنازعات التي تنشأ عن استيلاء الدولة على الأراضي الزراعية وما في حكمها المملوكة للأجانب أما غير ذلك من المنازعات فلا اختصاص للجنة بنظرها وإنما يكون الاختصاص لجهة القضاء العادي صاحبة الولاية العامة في جميع المنازعات إلا ما استثني بنص خاص.
 
2 - إذ كان النزاع ناشئا عن تطبيق الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 بحظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم، وما ترتب عليه من تسليم أرض التداعي ضمن الأراضي المباعة من الحارس العام للجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي بموجب عقد البيع المؤرخ 31/10/1957 التي آلت للطاعنة (الهيئة العامة للإصلاح الزراعي) بالقانون 3 لسنة 1963، ودار النزاع بين المطعون ضده الأول وباقي المطعون ضدهم والطاعنة حول طلبه تسليمها إليه بعد تخلي الحارس العام عنها، وهو نزاع لا تختص به اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وفصل في النزاع على أنه مما تختص به جهة القضاء العادي فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
 
3 - إن السلطة القضائية هي سلطة أصلية تستمد كيانها ووجودها من الدستور ذاته الذي ناط بها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات ولها وحدها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي, والقضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد وبينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
 
4 - مؤدى نصوص المواد من 27 إلى 58 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون 95 لسنة 1980 أن محكمة القيم المشكلة وفقا للقانون المشار إليه هي جهة قضاء أنشئت كمحكمة دائمة لتباشر ما نيط بها من اختصاصات محددة وفقا للضوابط المنصوص عليها وطبقا للإجراءات التي حددها، إذ نصت المادة 34 منه على اختصاص تلك المحكمة دون غيرها بالفصل في جميع الدعاوى التي يقيمها المدعي العام الاشتراكي ولها كافة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب والفصل في الأوامر والتظلمات التي ترفع إليها طبقا لأحكام هذا القانون والفصل في الحالات المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 53 لسنة 1972 بتصفية الحراسات وقد أضيفت لهذه الاختصاصات - بمقتضى المادة السادسة من القانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة - الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المستحقة وفقا لأحكام هذا القانون والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 الفصل في التظلمات من الإجراءات التي تتخذ وفقا للمادة 74 من الدستور، وكان نص المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 قد خص محكمة الحراسة بالفصل في دعاوى فرض الحراسة وكافة المنازعات المتعلقة بالمال المفروضة عليه مما مفاده أن المشرع قصر نزع الاختصاص من المحاكم العادية ذات الولاية العامة وأسنده إلى محكمة القيم ذات الاختصاص الاستثنائي على تلك المسائل التي نصت عليها المادة 34 من القانون 95 لسنة 1980 دون غيرها من المنازعات التي تنشأ بين الأفراد وجهة الحراسة مما لم يتناوله النص المذكور وتدور جميعا حول تقرير الحق ونفيه.
 
5 - إذ كان محور المنازعة الماثلة ومدارها بين المطعون ضده الأول والطاعنة (الهيئة العامة للإصلاح الزراعي) وباقي المطعون ضدهم بخصوص طلب تسليمه أطيان النزاع استنادا إلى شراء البائع لها بعقد عرفي صادر من أجنبي إذ فرضت الحراسة عليها طبقا للأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 بشأن حظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم، إلا أنه لما كان مقتضى الأمر العسكري رقم 36 لسنة 1958 الخاص بإنهاء الحراسة على أموال الرعايا الفرنسيين والصادر بتاريخ 18 سبتمبر 1958 إثر الاتفاق بين الحكومة المصرية وجمهورية فرنسا بتاريخ 22/8/1958 عودة أرض النزاع إلى مالكها الفرنسي الجنسية .. قبل بيعها للبائع للمطعون ضده الأول، إذ صدر القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه خلال فترة تصفية الحراسات الناشئة عن هذه الحراسة وبإلغاء الحراسة وإنهاء مهمة الحارس على أموال الفرنسيين فإنه ينتفي الاختصاص المحدد استثناء لمحكمة القيم وتختص المحاكم العادية بنظره بحسب الأصل العام المقرر في القانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى بما يتضمن اختصاصه بنظرها فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
 
6 - إن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن لمحكمة النقض والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله واكتسب قوة الشيء المحكوم فيه.
 
7 - إذ كانت قاعدة حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام وتسري أحكامها بأثر فوري على كل من يتملك من الأجانب وقت العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها في الأراضي المصرية، كما يسري هذا الحظر على المستقبل.
 
8 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إصدار القانون المشار إليه (القانون 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها في الأراضي المصرية) كان لذات الغرض المقصود من إصدار قانون الإصلاح الزراعي والقوانين المكملة له وهو أن تتسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الأراضي المشار إليها وتتولى إدارتها نيابة عن الدولة حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين وفقا لأحكام المرسوم بقانون 178 لسنة 1952.
 
9 - نصت المادة الثانية من القانون 15 لسنة 1963 المشار إليه على أن تؤول إلى الدولة ملكية الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي القابلة للزراعة والبور والصحراوية المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون بما عليها من منشآت، كما أنه لا يعتد بتصرفات الأجنبي الصادرة إلى أحد المصريين إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل يوم 23/12/1961 ومن مقتضى هذا الحظر أن المشرع جرد الأجنبي من الأراضي الزراعية وما في حكمها التي يملكها وحرم عليه تملك غيرها في المستقبل وهو أمر متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
 
10 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إنه قضى بتسليم الأرض محل النزاع للمطعون ضده الأول استنادا إلى أنه اشتراها من والده الذي اشتراها من ..... الفرنسي الجنسية بالعقد المؤرخ 23/6/1966 وملحقه المؤرخ 14/9/1967، وقد كان هذا التصرف تاليا لنفاذ القانون 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب الأراضي الزراعية وما في حكمها بعد أيلولة هذه الأراضي للدولة وقد تسلمتها الطاعنة (الهيئة العامة للإصلاح الزراعي) لإدارتها نيابة عنها حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين مما لازمه بطلان التصرف الصادر من الأجنبي بشأنها لـ..... وهو أمر متعلق بالنظام العام وكانت عناصره التي تمكن من الإلمام به تحت نظر محكمة الموضوع فإنه يكون للطاعنة التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة، وإذ يترتب على بطلان تصرف الأجنبي الصادر لـ..... عدم الاعتداد بالتصرف الصادر من الأخير للمطعون ضده الأول في مواجهة الطاعنة ومن ثم فلا يجوز القضاء بتسليم المطعون ضده الأول الأرض محل التداعي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي سببي الطعن.
--------------------
  بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ..... لسنة 1986 مدني الجيزة الابتدائية على الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث بطلب الحكم بإلزامهما بتسليمه مساحة 5 س/17 ط/7 ف المبينة بالأوراق على سند أنه اشتراها من والده ...... بعقد مؤرخ 12/9/1975 قضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 3471 سنة 1985 مدني كلي الجيزة والذي تلقاها البائع له بالشراء من ...... الفرنسي الجنسية بعقد البيع العرفي وملحقه المؤرخين 23/6/1966, 14/9/1967 وبعد فرض الحراسة على أموال الأجنبي البائع للبائع له وافق جهاز الحراسة على تسليم أرض النزاع إلى مالكها إلا أن الطاعنة رفضت ذلك فأقام الدعوى, ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 26/6/1989 للمطعون ضده الأول بالطلبات, استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ..... سنة 106 ق وبتاريخ 20/2/1991 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف, طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالوجه الثاني من أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إن الاختصاص بنظر المنازعة الماثلة ينعقد للجنة القضائية للإصلاح الزراعي باعتبارها متعلقة بالأراضي التي استولت عليها الدولة. فلا تختص جهة القضاء العادي بها, وإذ تصدى الحكم المطعون فيه للفصل في موضوع الدعوى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أن مفاد نص المادة التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 الخاص بحظر تملك الأجانب الأراضي الزراعية وما في حكمها والمادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المعدل بشأن الإصلاح الزراعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي إنما تختص بالمنازعات التي تنشأ عن استيلاء الدولة على الأراضي الزراعية وما في حكمها المملوكة للأجانب أما غير ذلك من المنازعات فلا اختصاص للجنة بنظرها وإنما يكون الاختصاص لجهة القضاء العادي صاحبة الولاية العامة في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص. لما كان ذلك, وكان النزاع الماثل ناشئاً عن تطبيق الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 بحظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم, وما ترتب عليه من تسليم أرض التداعي ضمن الأراضي المباعة من الحارس العام للجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي بموجب عقد البيع المؤرخ 31/10/1957 التي آلت للطاعنة بالقانون 3 لسنة 1963, ودار النزاع بين المطعون ضده الأول وباقي المطعون ضدهم والطاعنة حول طلبه تسليمها إليه بعد أن تخلى الحارس العام عنها, وهو نزاع لا تختص به اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي, وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر, وفصل في النزاع على أنه مما تختص به جهة القضاء العادي فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن محكمة القيم هي المختصة بنظر الدعوى باعتبارها من المنازعات المترتبة على الأموال التي فرضت عليها الحراسة قبل العمل بالقانون 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب إلا أن الحكم تصدى للفصل في موضوعها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك أن السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تستمد كيانها ووجودها من الدستور ذاته الذي ناط بها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات ولها وحدها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي. والقضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد وبينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره. وكان مؤدى نصوص المواد من 27 إلى 58 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون 95 لسنة 1980 أن محكمة القيم المشكلة وفقاً للقانون المشار إليه هي جهة قضاء أنشئت كمحكمة دائمة لتباشر ما نيط بها من اختصاصات محددة وفقاً للضوابط المنصوص عليها وطبقاً للإجراءات التي حددها, وإذ نصت المادة 34 منه على اختصاص تلك المحكمة دون غيرها بالفصل في جميع الدعاوى التي يقيمها المدعي العام الاشتراكي ولها كافة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب والفصل في الأوامر والتظلمات التي ترفع إليها طبقاً لأحكام هذا القانون والفصل في الحالات المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 53 لسنة 1972 بتصفية الحراسات وقد أضيفت لهذه الاختصاصات - بمقتضى المادة السادسة من القانون 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة - الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المستحقة وفقاً لأحكام هذا القانون والمنازعات الأخرى بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 أو المترتبة عليها ثم أضيفت إليها بالقانون رقم 154 لسنة 1981 الفصل في التظلمات المتعلقة من الإجراءات التي تتخذ وفقاً للمادة 74 من الدستور, وكان نص المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 قد خص محكمة الحراسة بالفصل في دعاوى فرض الحراسة وكافة المنازعات المتعلقة بالمال المفروضة عليه مما مفاده أن المشرع قصر نزع الاختصاص من المحاكم العادية ذات الولاية العامة وأسند إلى محكمة القيم ذات الاختصاص الاستثنائي على تلك المسائل التي نصت عليها المادة 34 من القانون 95 لسنة 1980 دون غيرها من المنازعات التي تنشأ بين الأفراد وجهة الحراسة مما لم يتناوله النص المذكور وتدور جميعاً حول تقرير الحق ونفيه. ولما كان محور المنازعة الماثلة ومدارها بين المطعون ضده الأول والطاعنة وباقي المطعون ضدهم بخصوص طلب تسليمه أطيان النزاع استناداً إلى شراء البائع لها بعقد عرفي صادر من أجنبي إذ فرضت الحراسة عليها طبقاً للأمر العسكري  رقم 5 لسنة 1956 بشأن حظر الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم, إلا إنه لما كان مقتضى الأمر العسكري رقم 36 لسنة 1958 الخاص بإنهاء الحراسة على أموال الرعايا الفرنسيين والصادر بتاريخ 18 سبتمبر 1958 إثر الاتفاق بين الحكومة المصرية وجمهورية فرنسا بتاريخ 22/8/1958 عودة أرض النزاع إلى مالكها الفرنسي الجنسية ... قبل بيعها للبائع للمطعون ضده الأول, إذ صدر القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه خلال فترة تصفية الحراسات الناشئة عن هذه الحراسة وبإلغاء الحراسة وإنهاء مهمة الحارس على أموال الفرنسيين فإنه ينتفي الاختصاص المحدد استثناء لمحكمة القيم وتختص المحاكم العادية بنظره بحسب الأصل العام المقرر في القانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى بما يتضمن اختصاصه بنظرها فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول من سببي الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى بتسليم أرض النزاع للمطعون ضده الأول في حين أن مورثه والبائع له تلقاها شراء من أجنبي بعد سريان القانون 15 لسنة 1963 الذي حظر على الأجانب تملك الأراضي الزراعية وما في حكمها ولم يعتد بتصرفاتهم الصادرة للمصريين إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل 23/12/1961 وقد آلت إلى الدولة لتوزيعها على صغار الفلاحين ويبطل أي تصرف يقع على خلاف ذلك, وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن لمحكمة النقض والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله واكتسب قوة الشيء المحكوم فيه. وكانت قاعدة حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها في القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام وتسري أحكامها بأثر فوري على كل من يتملك من الأجانب وقت العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها في الأراضي المصرية, كما يسري هذا الحظر على المستقبل. وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إصدار القانون المشار إليه كان لذات الغرض المقصود من إصدار قانون الإصلاح الزراعي والقوانين المكملة له وهو أن تتسلم الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الأراضي المشار إليها وتتولى إدارتها نيابة عن الدولة حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين وفقاً لأحكام المرسوم بقانون 178 لسنة 1952. وقد نصت المادة الثانية من القانون 15 لسنة 1963 المشار إليه على أن تؤول إلى الدولة ملكية الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي القابلة للزراعة والبور والصحراوية المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون بما عليها من منشآت, كما أنه لا يعتد بتصرفات الأجنبي الصادرة إلى أحد المصريين إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل يوم 23/12/1961 ومن مقتضى هذا الحظر أن المشرع جرد الأجنبي من الأراضي الزراعية وما في حكمها التي يملكها وحرم عليه تملك غيرها في المستقبل وهو أمر متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بتسليم الأرض محل النزاع للمطعون ضده الأول استناداً إلى أنه اشتراها من والده الذي اشتراها من .... الفرنسي الجنسية بالعقد المؤرخ 23/6/1966 وملحقه المؤرخ 14/9/1967, وقد كان هذا التصرف تالياً لنفاذ القانون 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب الأراضي الزراعية وما في حكمها بعد أيلولة هذه الأراضي للدولة وقد تسلمتها الطاعنة لإدارتها نيابة عنها حتى يتم توزيعها على صغار الفلاحين مما لازمه بطلان التصرف الصادر من الأجنبي بشأنها .... وهو أمر متعلق بالنظام العام وكانت عناصره التي تمكن من الإلمام به تحت نظر محكمة الموضوع فإنه يكون للطاعنة التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة, وإذ يترتب على بطلان تصرف الأجنبي الصادر .... عدم الاعتداد بالتصرف الصادر من الأخير للمطعون ضده الأول في مواجهة الطاعنة ومن ثم فلا يجوز القضاء بتسليم المطعون ضده الأول الأرض محل التداعي, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق