الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 يوليو 2023

الطعن 356 لسنة 33 ق جلسة 26 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 90 ص 599

جلسة 26 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

-------------------

(90)
الطعن رقم 356 لسنة 33 القضائية

(أ) إثبات. "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. حقها في رفض طلب تعيين خبير مرجح أو مناقشة الخبير متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "أوراق رسمية". تزوير.
المحكمة غير ملزمة بأن تقبل للمضاهاة كل ورقة رسمية لم يثبت تزويرها متى وجدت في بعض الأوراق الصالحة للمضاهاة ما يكفي لإجرائها.
(ج) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "أوراق عرفية". "أوراق مضاهاة". تزوير.
الأوراق العرفية. مناط قبولها للمضاهاة أن يحصل اتفاق الخصوم عليها.

-------------------
1 - محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب تعيين خبير مرجح متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير المنتدب ومن القرائن الأخرى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه. وكان طلب الخصوم مناقشة الخبراء ليس حقاً تتحتم على المحكمة إجابته بل هي صاحبة السلطة في تقدير ما إذا كان هذا الإجراء منتجاً أو غير منتج (1).
2 - المحكمة غير ملزمة بأن تقبل للمضاهاة كل ورقة رسمية لم يثبت تزويرها، ولها إذا وجدت في بعض الأوراق الصالحة للمضاهاة ما يكفي لإجرائها أن تقصرها عليها وأن تستبعد الأوراق الأخرى.
3 - من مؤدى نص المادة 269 من قانون المرافعات أن الأوراق العرفية لا تقبل للمضاهاة إلا إذا حصل اتفاق الخصوم عليها. وإذ لم يقبل مورث المطعون عليهم الخطابات المقدمة من الطاعنتين للمضاهاة عليها فلا على المحكمة وقد اكتفت بأوراق أخرى صالحة للمضاهاة إن هي أطرحت الخطابات المشار إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين استصدرتا من رئيس محكمة القاهرة الابتدائية بتاريخ 12/ 9/ 1954 أمراً بإلزام مورث المطعون عليهم بأن يؤدي إليهما مبلغ 15705 ج بناء على سند إذني مؤرخ 7/ 3/ 1953 منسوب صدوره منه ويستحق الوفاء وقت الطلب. عارض مورث المطعون عليهم في هذا الأمر وقيدت المعارضة برقم 3666 سنة 1954 مدني كلي القاهرة، وقرر بالطعن في السند بالتزوير لأنه لم يصدر منه. قضت المحكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لبيان ما إذا كان التوقيع على السند المطعون فيه صادراً من مورث المطعون عليهم أو مزوراً عليه فقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن التوقيع لم يصدر من مورث المطعون عليهم وقدمت الطاعنتان تقريراً من خبير استشاري خلص فيه إلى أن التوقيع صحيح، فندبت المحكمة رئيس قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لأداء ذات المأمورية وقدم رئيس القسم تقريراً بأن التوقيع على السند المطعون فيه مزور على مورث المطعون عليهم. وعاد الخبير الاستشاري وقدم ملحقاً لتقريره صمم فيه على رأيه السابق - وبتاريخ 29/ 10/ 1958 قضت محكمة أول درجة برد وبطلان السند الإذني المطعون فيه بالتزوير وإلغاء أمر الأداء المعارض فيه ورفض دعوى الطاعنتين، فاستأنفت الطاعنتان هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 175 سنة 76 ق، وبتاريخ 27/ 6/ 1963 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فقررت الطاعنتان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنتان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقولان إنهما طعنتا على تقريري خبيري قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بأن الخبيرين لم يقبلا للمضاهاة توقيعات على أوراق عرفية هي خطابات صادرة من مورث المطعون عليهم حرر في خصوصها أنه لا يذكر صدورها منه ولم يجريا المضاهاة على إقرارين بملف خدمة المورث بوزارة الصحة بقيامه بالإجازة السنوية والعودة منها وهما من المحررات الرسمية التي تقبل للمضاهاة كما طعنتا بأن مقدمات هذين التقريرين لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الخبيران إذ أثبتا أن التوقيعات التي استكتبها الخبير الأول بقسم أبحاث التزييف والتزوير لمورث المطعون عليهما والتي اتخذ منها هذا الخبير ورئيس قسم أبحاث التزييف والتزوير أوراقاً للمضاهاة صادرة من يد أقل ثباتاً من اليد المحررة للتوقيع المطعون فيه الأمر الذي كان ينبغي معه أن ينتهي التقريران إلى صحة التوقيع على السند المطعون فيه لا إلى أنه توقيع مزور وأضافت الطاعنتان أنهما طلبتا استناداً إلى هذه الطعون على التقريرين ندب خبير آخر في الخطوط لإجراء المضاهاة على تلك الأوراق كما طلبتا مناقشة الخبراء غير أن الحكم المطعون فيه قرر أن إقراري القيام بالإجازة السنوية والعودة منها لا يعتبران من المحررات الرسمية وأعرض عن طلب ندب خبير آخر في الخطوط لإجراء المضاهاة عليها وعلى الخطابات الصادرة من مورث المطعون عليهم كما أعرض عن طلب الطاعنتين باستدعاء الخبراء وأخذ بتقريري قسم أبحاث التزييف والتزوير.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتزوير السند المطعون فيه استناداً إلى قوله "أن تقرير قسم أبحاث التزوير بمصلحة الطب الشرعي قد بني على أسس سليمة تطمئن إليها هذه المحكمة وقد أوضح مواضع الاختلاف بين التوقيع الصحيح للمورث على أوراق الاستكتاب وأوراق المضاهاة المعترف بها والتوقيع المنسوب له على السند موضوع الدعوى وقد جاء التقرير الثاني للقسم الصادر من مديره مؤيداً التقرير الأول وترى المحكمة أن العناصر التي بني عليها التقريران كافية للقضاء بتزوير السند وأن التوقيع المنسوب للمورث لم يصدر من يد صاحبه" كما أحال الحكم المطعون فيه في قضائه بتزوير السند إلى أسباب الحكم الابتدائي التي ورد بها "أن الثابت من المستندات المقدمة من فهمي صليب (مورث المطعون عليهم) أن المعارض ضدهما (الطاعنتين) قد حصلتا على حكم في 28/ 12/ 1952 قضى بإلزامه بدفع مبلغ 2 ج قال الحكم عنه إنه ثابت بمقتضى سند إذني مستحق الوفاء في 1/ 1/ 1941 وأنه متخلف عن الوفاء به وقد بادرت المحكوم لهما (الطاعنتان) فور صدور هذا الحكم بتنفيذه جبراً على المحكوم عليه بتوقيع الحجز على منقولاته في 9 إبريل سنة 1953 حتى اقتضيتا هذا المبلغ المحكوم به في 5/ 5/ 1953 ومع قيام هذه المنازعات حول مبلغ تافه يعجز مورث المعارضين (مورث المطعون عليهم) عن أدائه ليس بمعقول أن يقوم المعارض ضدهما في وقت معاصر لهذا النزاع على إقراضه مبلغاً يزيد على الخمسة عشر ألفاً من الجنيهات" ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب تعيين خبير مرجح متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير المنتدب ومن القرائن الأخرى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه وكان طلب الخصوم بمناقشة الخبراء ليس حقاً يتحتم على المحكمة إجابته بل هي صاحبة السلطة في تقدير ما إذا كان هذا الإجراء منتجاً أو غير منتج في الدعوى، وإذ انتهى الحكم في أسباب سائغة على النحو السالف بيانه بعد أن بحث التقارير المقدمة في الدعوى والقرائن فيها إلى أن السند مزور فلا عليه بعد ذلك إن هو رفض طلب ندب خبير مرجح أو مناقشة الخبراء في الدعوى ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك وكانت المحكمة غير ملزمة بأن تقبل للمضاهاة كل ورقة رسمية لم يثبت تزويرها وأن لها إذا وجدت في بعض الأوراق الصالحة للمضاهاة ما يكفي لإجرائها أن تقصرها عليها وأن تستبعد الأوراق الأخرى فلا محل لتعييب الحكم إذ أطرح إقراري قيام مورث المطعون عليهم بالإجازة والعودة منها في المضاهاة أياً كان وجه الرأي في اعتبار هذين المحررين من المحررات الرسمية بعدما اكتفى الحكم بأوراق أخرى صالحة للمضاهاة ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مؤثر على النتيجة التي انتهى إليها. ولما كان مؤدى نص المادة 269 من قانون المرافعات أن الأوراق العرفية لا تقبل للمضاهاة إلا إذا حصل اتفاق الخصوم عليها وإذ لم يقبل مورث المطعون عليهم الخطابات المقدمة من الطاعنتين للمضاهاة عليها فلا على المحكمة - وقد اكتفت بأوراق أخرى صالحة للمضاهاة - إن هي أطرحت الخطابات المشار إليها. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد استند في قضائه بتزوير السند المطعون فيه إلى تقريري خبيري قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وإلى أنه من غير المقبول أن تقرض الطاعنتان مورث المطعون عليهم هذا المبلغ الضخم على الرغم من إعسارهم إذ أنهما أقامتا دعوى المطالبة بالدين بطريق المساعدة القضائية وكانتا تداينان مورث المطعون عليهم في مبلغ تافه عجز عن أداءه لهما واتخذتا ضده إجراءات الحجز لاستيفاء هذا الدين وقد ردت الطاعنتان على ما قرره الحكم الابتدائي بأن حقيقة الأمر في الدين الثابت في السند المطعون فيه أنه لا يمثل قرضاً بل إن السند حرر مقابل حصتيهما في أموال منقولة وفي ريع العقارات المخلفة عن مورثهم جميعاً والتي كان مورث المطعون عليهم قد استولى عليها بعد وفاة مورث الطرفين غير أن الحكم المطعون فيه اقتصر في الرد على هذا الدفاع بأن مبناه الاستنتاج ولا يوازي الحقائق الملموسة في الدعوى مما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول وفي أسباب سائغة إلى الأخذ بتقريري قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي بتزوير السند وإذ عزز الحكم ذلك بالإحالة إلى القرينتين اللتين استند إليهما الحكم الابتدائي وهما إعسار الطاعنتين بدليل رفعهما الدعوى بطريق المساعدة القضائية وقيام الخصومات بينهما وبين مورث المطعون عليهم على مبلغ ضئيل مقداره جنيهان في وقت معاصر لتاريخ السند وتوقيعهما الحجز على منقولاته من أجل هذا المبلغ في 5 مايو سنة 1953 فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أورد الدليل على الحقيقة التي اقتنع بها وفي حدود سلطته الموضوعية مما يحمل الرد على دفاع الطاعنتين في هذا الخصوص ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.


(1) راجع نقض 11/ 5/ 1967 - الطعن 33 لسنة 33 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 906.

الطعن 873 لسنة 4 ق جلسة 14 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 71 ص 550

جلسة 14 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(71)

القضية رقم 873 لسنة 4 القضائية

موظف - تقرير سنوي - تقدير درجة المواظبة 

- مسألة تقديرية متروكة للجهة الإدارية - عدم كفاية دفاتر الحضور والانصراف في هذا الشأن - أساس ذلك.

---------------
إن كشوف الحضور والانصراف ليست وحدها الوعاء الذي يكشف عن درجة مواظبة الموظف أو عدم مواظبته في عمله فقد يكون الموظف مواظباً على التوقيع في دفاتر الحضور والانصراف في المواعيد المقررة تماماً ومع ذلك فهو كثير التغيب عن عمله كأن يوقع في دفتر الحضور في الموعد المحدد ثم لا يلبث أن يغادر مكتبه في أثناء ساعات العمل ولذلك كانت مسألة مواظبة الموظف أو عدم مواظبته في عمله مسألة تقديرية متروكة للجهة الإدارية التي يتبعها الموظف فهي الرقيبة عليه في حضوره وانصرافه وفي بقائه في عمله وغيبته عنه بحيث تستطيع الحكم على مدى مواظبته أو عدم مواظبته ولا غناء عن ذلك في دفاتر الحضور والانصراف وحدها.


إجراءات الطعن

في 18 من أبريل سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 873 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية والبحرية بجلسة 22 من يونيه سنة 1958 في الدعوى رقم 686 لسنة 2 قضائية المقامة من محمود محمد قنصوه ضد وزارة الأشغال العمومية والقاضي بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون موظفي ومستخدمي مصلحة المساحة بتاريخ 28 من أبريل سنة 1955 فيما تضمنه من تأجيل منح المدعي العلاوة المستحقة له في أول مايو سنة 1955 سنة واحدة وما يترتب على ذلك من آثار وطلب السيد/ رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 31 من أغسطس سنة 1958 وإلى المدعي في 2 من سبتمبر سنة 1958 وعرض على دائرة فحص الطعون بجلسة 23 من يناير سنة 1960 - فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 12 من مارس سنة 1960 وفي أثناء نظر الدعوى انتقل المدعي إلى رحمة الله فقررت المحكمة التأجيل لإدخال ورثته في الدعوى ثم قررت المحكمة بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1960 إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 686 لسنة 2 قضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية والبحرية ضد وزارة الأشغال العمومية طلب فيها الحكم بتسوية حالته باعتبار راتبه الشهري 29 جنيهاً ابتداء من أول مايو سنة 1955 على أساس أحقيته للعلاوة السنوية البالغ قدرها جنيهان شهرياً اعتباراً من هذا التاريخ وقال شرحاً لدعواه أنه التحق بخدمة مصلحة المساحة في سنة 1924 بوظيفة رسام ومنح الدرجة الثامنة الفنية في سنة 1927 بعد أن حصل على دبلوم المساحة وتدرج في الخدمة إلى أن رقي إلى الدرجة الخامسة ووصل مرتبه بها إلى 27 جنيهاً شهرياً وذلك بعد تسوية حالته وفقاً لقانون المعادلات وظل طوال مدة خدمته يؤدي عمله على أكمل وجه حائزاً لرضاء المصلحة وتقديرها، وأخر منصب شغله ومازال يشغله هو رئيس مكتب المسطحات بهندسة القاهرة. وفي أول مايو سنة 1955 اجتمعت لجنة شئون الموظفين وقررت تأجيل العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة فتظلم من هذا القرار في 10 من مايو سنة 1955 وأخيراً في 4 من أغسطس سنة 1955 وصله خطاب من رئيس قلم المستخدمين بأن تظلمه قد رفض وأن المصلحة تصر على رأيها من تأجيل العلاوة الدورية وذلك بسبب ما جاء في التقرير السنوي القديم المقدم عنه عن سنة 1954 من أنه "ضعيف في كفاية العمل" وقال الطالب أن التقرير الذي اتخذته لجنة شئون الموظفين أساساً لتأجيل العلاوة باطل لأنه مشوب بسوء استعمال السلطة وينطوي على افتئات صارخ على كفاية المدعي ذلك أن جميع التقارير السنوية السابقة تضمنت ثناء جماً عليه وإشادة بكفايته وتوصيات بترقيته ومن غير المفهوم كيف تنقلب فجأة هذه الكفاية الممتازة إلى ضعف في أداء العمل وأن واضع التقرير لم يؤيد رأيه التعسفي الجائر بأي دليل على أن المدعي أبدى تقصيراً في أي عمل أسند إليه ولا يكفي أن يقول الرئيس عنوة واقتداراً أن المدعي ضعيف في عمله حتى يؤخذ برأيه وأن نظرة عاجلة على ملف خدمة المدعي تدحض ما جاء في التقرير ذلك أن المدعي لم يوقع عليه أي جزاء خلال الثلاثين عاماً التي قضاها في الخدمة واستمر يمنح علاواته الدورية في مواعيدها ويرقى من درجة إلى درجة لكفايته ولم ينسب إليه في أي وقت خطأ أو تقصير أو إهمال وبذلك يكون ما تضمنه هذا التقرير من انتقاص لكفايته مخالفاً للواقع مشوباً بالبطلان لسوء استعمال السلطة - وقد ردت مصلحة المساحة على الدعوى بأن موضوع منح المدعي العلاوة الدورية التي استحقت له في أول مايو سنة 1955 عرض على لجنة شئون الموظفين بالمصلحة فقررت في 28 من أبريل سنة 1955 تأجيل منحه العلاوة لمدة سنة واحدة لحصوله على درجة ضعيف في كفاية العمل بالتقرير السنوي المقدم عنه عن سنة 1954 وأنه وفقاً للمادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يقدم التقرير السنوي عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ويعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجل التقرير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاية وإلا كان للجنة تقدير الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً. وقالت المصلحة أن جميع هذه الإجراءات قد اتبعت مع المدعي وأرسلت المصلحة ملف خدمة المدعي والتقرير الذي كان سبباً في تأجيل علاوته وصورة من محضر لجنة شئون الموظفين وكذلك التقرير المقدم عنه عن سنة 1953 ويوميات المدعي عن سنتي 1953، 1954 وقد تبين من التقرير المقدم عن سنة 1954 أن المجموع الكلي للدرجات التي حصل عليها المدعي حسب تقدير رئيسه المباشر 47 درجة فقام المدير المحلي بتخفيضها حتى أصبح مجموعها الكلي 39 درجة وكان مما تناوله المدير المحلي بالتخفيض درجة التأخير فقد كانت حسب تقدير الرئيس المباشر 3 درجات وهي النهاية العظمى فخفضها المدير المحلي إلى درجتين ولذلك أثير موضوع ما إذا كان المدعي قد حصل منه تأخير يبرر هذا التخفيض أو أنه لم يتأخر أبداً ومن ثم فيكون مستحقاً للحد الأقصى وهو 3 درجات وقد ردت المصلحة على ذلك بأنه لا توجد للمدعي تأخيرات في كشوف الحضور والانصراف وأبانت المصلحة أن التأخير لا يبنى على كشوف الحضور والانصراف فحسب ولكنه يبنى عليها وعلى الأجازات التي يحصل عليها الموظف، ذلك أنه من المبادئ المقررة أن غيرة الموظف على عمله ينبئ عنها مدى استعماله لحقوقه في الأجازات الاعتيادية أو المرضية أو العرضية في ظروفها الملائمة أو في مواسم العمل التي قد تدعو الموظف إلى إيثار الصالح العام على تمتعه بهذا الحق وأضافت المصلحة أن المدعي خلال سنة 1954 حصل على 31 يوماً أجازة اعتيادية وعلى 55 يوماً أجازة مرضية على ثلاث دفعات وعلى 7 أيام أجازة عرضية. وانتهت المصلحة إلى أن استعمال المدعي حقه في الحصول على أجازات كثيرة في مواسم العمل كان له أكبر الأثر في انتقاص درجات التأخير إلى 2 بدلاً من 3 درجات - وفي 22 من يونيه سنة 1958 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها المطعون فيه وهو يقضي بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون موظفي ومستخدمي مصلحة المساحة بتاريخ 28 من أبريل سنة 1955 فيما تضمنه من تأجيل منح المدعي العلاوة المستحقة له في أول مايو سنة 1955 سنة واحدة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.
وقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه ولئن كان الأصل أن تقدير كفاية الموظف من الملاءمات التقديرية التي ترجع إلى مطلق اختصاص الإدارة حسب ما تراه محققاً لصالح العمل دون معقب عليها من القضاء ما دام تقديرها قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة، إلا أن هذه الرخصة تجد حدها الطبيعي في حالة ما إذا كان يتعين تقدير الدرجة اللازمة لأحد العناصر الواردة بالتقرير على أساس أصل ثابت بالأوراق، فبالنسبة لعنصر التأخير ينبغي لوضع الدرجة في الخانة المخصصة له الرجوع إلى كشوف الحضور والانصراف لمعرفة ما إذا كان الموظف قد تأخر في الحضور للعمل أم لم يتأخر وفي الحالة الأولى يكون للإدارة مطلق الحرية في تقدير الدرجة الأولى التي تراها دون رقابة عليها من القضاء أما في الحالة الثانية فإنه إذا ثبت أن الموظف لم يتأخر طوال السنة فلا محل للالتجاء إلى التقدير ولا معدي من إعطائه النهاية العظمى المقررة لهذا العنصر إذ تنعدم في هذه الحالة سلطة الإدارة في التقدير، فإذا هي لجأت رغم ذلك إلى وضع درجة تقل عن النهاية العظمى فإنها تكون قد انتهت إلى نتيجة منتزعة من غير أصول ثابتة ويكون تقديرها مخالفاً للقانون ومن ثم يسوغ للقضاء بما له من حق الرقابة القانونية أن يراقب صحة قيام الوقائع التي أدت إلى تخفيض التقدير عن النهاية العظمى. وما دام لا يوجد تأخيرات للمدعي في كشوف الحضور والانصراف خلال عام 1954 فإنه كان يتعين منحه النهاية العظمى المقررة للتأخير وهي 3 درجات خصوصاً وأن رئيسه المباشر وهو أقدر من سواه على تقدير سلوك المدعي قد منحه النهاية العظمى. وإذ كانت لجنة شئون الموظفين قد انساقت وراء المدير المحلي الأمر الذي ترتب عليه حصول المدعي على 39 درجة واعتباره ضعيفاً فإن هذا التقرير يكون قد صدر معيباً، وما دام أنه لم يثبت أن المدعي تأخر في سنة 1954 فإنه يستحق 3 درجات في خانة التأخير بدلاً من درجتين وبذلك يكون مجموع درجاته 40 بدلاً من 39 وبهذا لا يعتبر ضعيفاً، وأما ما تقول به الوزارة من أن المدعي استنفذ جميع أجازاته الاعتيادية والمرضية والعرضية مما كان له أثر في إنقاص درجة التأخير فهذا القول مردود بأن المدعي لم يتجاوز الأجازات المقررة له قانوناً - وقد طعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات. وقد استند الطعن إلى أن منح العلاوة الاعتيادية رهين بقيام الموظف بعمه بكفاية، وناط القانون بلجنة شئون الموظفين تقدير درجة هذه الكفاية وترك لها حرية واسعة في العناصر التي تستقي منها هذا التقدير ولم يقيدها بالتقرير السنوي الذي يقدم عن الموظف فحسب بحيث يصبح المصدر الوحيد الذي تستمد منه تقديرها وإنما جعله عنصراً تستهدي به إلى جانب ما يقوم لديها من عناصر أخرى، فإذا كانت لجنة شئون الموظفين قررت تأجيل علاوة المدعي نظراً لحصوله على درجة ضعيف في كفاية العمل، فإن قرارها لا يمكن حمله على أن درجة التقدير في التقرير السنوي لسنة 1954 هي السبب الوحيد لهذا القرار.
وجاء في صحيفة الطعن أيضاً أن التقديرات في التقرير السنوي عن الموظف هي جميعاً بما فيها عنصرا الغياب والتأخير تقديرات لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل له لمناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة وليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها فيه، وأنه لا وجه لما اعتنقه الحكم المطعون فيه من أن الرخصة التي خولها القانون للإدارة في تقدير كفاية الموظف تجد حدها الطبيعي في حالة ما إذا كان يتعين تقدير الدرجة اللازمة لأحد العناصر الواردة بالتقرير على أساس أصل ثابت بالأوراق كما هو الشأن بالنسبة لعنصر التأخير، لا وجه لذلك لأن جميع عناصر التقدير بما فيها العنصر المشار إليه لم يرسم القانون في شأنها طريقاً معيناً تلتزم به الإدارة بحيث يكون هو المصدر الوحيد الذي تستقي منه تقديرها ولا يسوغ لها الخروج عليه وإلا كان تقديرها مخالفاً للقانون، وعلى هذا المقتضى ليست كشوف الحضور والانصراف هي وحدها المعول عليه في تقدير عنصر التأخير، إذ قد يستفاد هذا التأخير من تصرفات أخرى للموظف ولا سبيل للقضاء إلى مناقشتها والتعقيب عليها.
ومن حيث إن كشوف الحضور والانصراف ليست وحدها الوعاء الذي يكشف عن درجة مواظبة الموظف أو عدم مواظبته في عمله، فقد يكون الموظف مواظباً على التوقيع في دفاتر الحضور والانصراف في المواعيد المقررة تماماً ومع ذلك فهو كثير التغيب عن عمله، كأن يوقع في دفتر الحضور في الموعد المحدد ثم لا يلبث أن يغادر مكتبه في أثناء ساعات العمل ولذلك كانت مسألة مواظبة الموظف أو عدم مواظبته في عمله مسألة تقديرية متروكة للجهة الإدارة التي يتبعها الموظف، فهي الرقيبة عليه في حضوره وانصرافه وفي بقائه في عمله وغيبته عنه، بحيث تستطيع الحكم على مدى مواظبته أو عدم مواظبته ولا غناء عن ذلك في دفاتر الحضور وانصراف وحدها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه، وبرفض الدعوى مع إلزام ورثة المدعي بالمصروفات من تركة المرحوم مورثهم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت ورثة المدعي من تركة مورثهم المصروفات.

الطعن 159 لسنة 33 ق جلسة 26 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 89 ص 593

جلسة 26 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

-----------------

(89)
الطعن رقم 159 لسنة 33 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". "ميعاده". بطلان. قانون.
مقتضى نص المادة 3/ 2 من القانون 43 لسنة 1965 والمادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات وجوب إعلان الطعن خلال خمسة عشر يوماً تبدأ من 22/ 7/ 1965 تاريخ نشر القانون 43 لسنة 1965. منح القانون 4 لسنة 1967 للطاعن ميعاداً جديداً لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات وتصحيح ما لم يصح منها. هذا الميعاد الجديد بالنسبة لإعلان الطعن هو خمسة عشر يوماً تبدأ من 11/ 5/ 1967 تاريخ نشر القانون الأخير. عدم إعلان الطعن في الميعادين المذكورين. جزاؤه. بطلان الطعن وفقاً للمادة 431 مرافعات.
(ب) تسجيل. "صحيفة دعوى صحة التعاقد". "أثره". "تسجيل المتصرف إليه بعد ذلك لعقده". "أثره".
تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع بصحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع عقار من شأنه أن يجعل حق هذا المشتري الذي يقرره الحكم المؤشر به في هامش تسجيل الصحيفة حجة من تاريخ هذا التسجيل على من ترتبت له حقوق عينية على ذات العقار - ولا يحول تسجيل المتصرف إليه لعقده بعد ذلك دون الحكم للمشتري الذي سجل صحيفة دعواه في تاريخ سابق.

-------------------
1 - لما كانت المادة الثالثة من القانون 43 لسنة 1965 الذي عمل به من تاريخ نشره في 22/ 7/ 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون. وكانت المادة 341 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون 401 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه. وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن إعلان هذا الطعن فيه يبدأ من 22/ 7/ 1965 تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 وإذ خلت أوراق الطعن مما يثبت قيام الطاعن بإعلان المطعون عليه خلال هذا الميعاد أو خلال الميعاد الذي منحه له القانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة وهذا الميعاد بالنسبة للطعون التي لم تكن قد طرحت على المحكمة هو طبقاً لما يقضي به نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 4 لسنة 1967 خمسة عشر يوماً تبدأ من 11/ 5/ 1967 تاريخ نشر القانون الأخير. لما كان ذلك فإنه يتعين - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 مرافعات السالف الإشارة إليه والقضاء ببطلان الطعن (1).
2 - إن القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري إذ بين في المادة الخامسة عشرة منه الدعاوى التي يجب تسجيلها ومن بينها دعاوى صحة التعاقد على الحقوق العينية العقارية ونص المادة السابعة عشرة على أنه يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها فقد أفاد بذلك - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع بصحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع عقار من شأنه أن يجعل حق هذا المشتري الذي يقرره الحكم المؤشر به في هامش تسجيل الصحيفة حجة من تاريخ هذا التسجيل على من ترتبت له حقوق عينية على ذات العقار فلا يحول تسجيل المتصرف إليه لعقده بعد ذلك دون الحكم للمشتري الذي سجل صحيفة دعواه في تاريخ سابق حتى إذا صدر الحكم وأشر به وفق القانون يكون حقه حجة على المتصرف إليه (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 464 لسنة 1953 كلي قنا ضد المطعون عليه الأخير وطلب الحكم بصحة العقد المؤرخ 31/ 1/ 1953 الصادر من هذا المطعون عليه ببيعه له الفدان المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره 500 ج استناداً إلى عقد البيع المشار إليه وإقرار البائع فيه بقبض الثمن وأثناء نظر الدعوى تدخل باقي المطعون عليهم خصوماً فيها طالبين رفضها تأسيساً على أن البائع غير مالك وأنه كان قد تصرف في نصيبه الذي آل إليه بالميراث عن مورثهم المرحوم عثمان محمد إسماعيل والمحكمة قضت في 3/ 5/ 1954 بقبول التدخل وندب خبير لتحقيق ما إذا كان المطعون عليه الأخير قد باع للطاعن ما يملكه في حدود نصيبه بالإرث أو أنه جاوز هذا النصيب. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 25/ 12/ 1960 بصحة العقد. استأنف المطعون عليهم عدا الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم 114 لسنة 46 ق أسيوط والمحكمة قضت في 19/ 2/ 1963 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين دفعت في الأخيرة منهما بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليها الخامسة لعدم إعلانها وأبدت الرأي بنقض الحكم بالنسبة للباقين.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطعن حصل التقرير به في 13/ 4/ 1963 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون. ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليه سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون وكانت المادة 341 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن إعلان هذا الطعن فيه يبدأ من 22 يوليه سنة 1965 تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 وإذ خلت أوراق الطعن مما يثبت قيام الطاعن بإعلان المطعون عليها الخامسة خلال هذا الميعاد أو خلال الميعاد الذي منحه له القانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة. وهذا الميعاد بالنسبة للطعون التي لم تكن قد طرحت على المحكمة ومنها هذا الطعن الذي طرح على المحكمة لأول مرة بجلسة 6/ 2/ 1968 هو - طبقاً لما يقضي به نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 4 لسنة 1967 - خمسة عشر يوماً تبدأ من 11 مايو سنة 1967 تاريخ نشر القانون الأخير. لما كان ذلك فإنه يتعين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 مرافعات السالف الإشارة إليها والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليها الخامسة.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي المطعون عليهم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه برفض دعواه بصحة العقد الصادر له من المطعون عليه الأخير بتاريخ 31/ 10/ 1953 تأسيساً على أن المطعون عليه المذكور باع له ما لا يملك وأن تصرفاته السابقة على هذا العقد استغرقت في مجموعها نصيبه بالميراث في أطيان تركة المرحوم عثمان محمد إسماعيل وأن عقد البيع الصادر منه إلى أحمد عبد الله هارون بتاريخ 17/ 7/ 1945 اقترن بوضع اليد وقد مضت عليه المدة الطويلة المكسبة للملكية، هذا في حين أن المطعون عليه الأخير كان يمتلك 10 ف و2 ط في أعيان التركة وأن تصرفاته للغير في هذه الأطيان لم تكن قد سجلت قبل تسجيل صحيفة الدعوى الحالية بالشهر العقاري في الأقصر بتاريخ 1/ 10/ 1953 وأن تصرفه بموجب عقد البيع الصادر منه إلى أحمد عبد الله هارون بتاريخ 17/ 7/ 1945 لم يسجل كما لم يسجل هذا المشتري حكم صحة التعاقد الصادر له عن هذا البيع في الدعوى رقم 510 سنة 1946 نجع حمادي. وعلى الرغم من أن هذه التصرفات لا تنقل ملكية الأطيان المتصرف فيها إلا بالتسجيل وأنه يترتب على تسجيل الطاعن صحيفة الدعوى أن حقه الذي يقرره الحكم يعتبر عند التأشير بهذا الحكم حجة من تاريخ تسجيل الصحيفة فإن الحكم المطعون فيه اعتبر أن ملكية هذه الأطيان قد انتقلت من المطعون عليه الأخير إلى المشترين بالتصرفات التي لم تسجل فلم تعد له ملكية ينقلها إلى الطاعن، هذا وقد اكتفى الحكم بمجرد القول بأن مضي المدة الطويلة على وضع اليد مكسب للملكية دون بيان أركان وضع اليد وشروطه وإذ رتب الحكم على ما تقدم قضاءه برفض دعوى الطاعن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصوره في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن القانون رقم 114 سنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري إذ بين في المادة الخامسة عشرة منه الدعاوى التي يجب تسجيلها ومن بينها دعاوى صحة التعاقد على الحقوق العينية العقارية ونص بالمادة السابعة عشرة على أنه "يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها" فقد أفاد بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع بصحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع عقار من شأنه أن يجعل حق هذا المشتري الذي يقرره الحكم المؤشر به في هامش تسجيل الصحيفة حجة من تاريخ هذا التسجيل على من ترتبت له حقوق عينية على ذات العقار فلا يحول تسجيل المتصرف إليه لعقده بعد ذلك دون الحكم للمشتري الذي سجل صحيفة دعواه في تاريخ سابق حتى إذا صدر الحكم وأشر به وفق القانون يكون حقه حجة على المتصرف إليه ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن سجل صحيفة دعواه بتاريخ 1/ 10/ 1953 وأن تصرفات المطعون عليه الأخير لغير الطاعن في الأطيان التي آلت إليه، بالميراث لم تسجل قبل هذا التاريخ فإن البيع الصادر من المطعون عليه الأخير إلى الطاعن يكون قد ورد على أطيان مملوكة للبائع ويكون حق الطاعن حجة على المتصرف إليهم من يوم تسجيل صحيفة دعواه بصدور الحكم له بصحة التعاقد والتأشير به وفقاً للقانون وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه تصرفات المطعون عليه الأخير ببيع أطيان لغير الطاعن تصرفات ناقلة للملكية رغم أنها لم تكن مسجلة قبل تسجيل الطاعن صحيفة دعواه فإنه يكون قد جانب صحيح القانون. لما كان ذلك وكان الحكم قد قرر من جهة أخرى أن البيع الصادر من المطعون عليه الأخير إلى أحمد عبد الله هارون بتاريخ 17/ 7/ 1945 قد تم تنفيذه بوضع اليد وأن الدعوى الحالية لم ترفع في مواجهة المشتري الذي مضى على وضع يده المدة الطويلة المكسبة للملكية وإذ خلا الحكم من بيان أركان وضع اليد والعناصر الواقعية لإثبات توافر هذه الأركان كما خلا مما يدل على أن واضع اليد هو الذي تمسك بالتقادم وكان الحكم قد رتب على مضي مدة التقادم من تاريخ التصرف الصادر من المطعون عليه الأخير إلى أحمد عبد الله هارون وعلى تصرفاته الأخرى اللاحقة لتسجيل الطاعن صحيفة دعواه اعتبار المطعون عليه الأخير قد تجرد من الملكية التي آلت إليه بالميراث في أطيان التركة وأن بيعه للطاعن صادر من غير مالك وأقام على هذا الاعتبار قضاءه برفض الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 26/ 10/ 1967 - الطعن رقم 94 لسنة 32 ق مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1557.
(2) راجع نقض 24/ 3/ 1966 - الطعن رقم 190 سنة 32 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 723.

الطعن 495 لسنة 5 ق جلسة 14 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 70 ص 543

جلسة 14 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ سيد إبراهيم الديواني وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------------

(70)

القضية رقم 495 لسنة 5 القضائية

(أ) لجنة شئون الموظفين - إنشاؤها 

- يكون في كل وزارة كأصل عام وفقاً لنص المادة 27 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - إجازته إنشاء لجنة في كل مصلحة تابعة للوزارة، دون الأقسام أو الفروع المستقلة الداخلة في المصلحة - أثر ذلك - الاعتداد بالقرارات التي تصدرها اللجنة العامة في الوزارة أو المصلحة دون اللجان الفرعية - أساس ذلك - مثال.
(ب) موظف - ندب - ترقية 

- ترقية شاغل الوظيفة بطريق الندب استثناء وفقاً للمادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - جوازية إذا توافرت شروطها.

------------------
1 - إن المادة 27 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة تنص على أن "تنشأ في كل وزارة لجنة تسمى لجنة شئون الموظفين وتشكل من وكيل الوزارة المختص رئيساً ومن ثلاثة إلى خمسة من كبار الموظفين أعضاء ويجوز أن تنشأ لجنة مماثلة في كل مصلحة وتشكل اللجنة في هذه الحالة من مدير المصلحة رئيساً ومن اثنين إلى أربعة من كبار موظفيها أعضاء" ويستفاد من ذلك أن الأصل العام هو أن تنشأ لجنة في كل وزارة ويجوز إنشاء لجنة في كل مصلحة تابعة للوزارة مشكلة من مدير المصلحة رئيساً ومن اثنين إلى أربعة من كبار موظفيها أعضاء، دون أن تنشأ في الأقسام أو الفروع الداخلية في المصلحة لجان أخرى، ذلك لأن إيراد هذه الأقسام أو الفروع في أبواب مستقلة في ميزانية المصلحة لا يعني اعتبارها مصالح عامة، ولا يعدو الأمر أن يكون تنظيماً للوظائف والدرجات لأن إنشاء المصالح العامة لا يتم إلا طبقاً للأوضاع القانونية المتبعة في مثل هذه الأحوال.
وبهذه المثابة فإن لجنة شئون الموظفين بالإدارة العامة التي يرأسها مدير عام هيئة السكك الحديدية هي اللجنة التي لها الولاية في شئون موظفي المصلحة جميعاً وصاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الشأن، ولا يترتب على ما يصدر من هذه اللجان الفرعية من تقدير أو ترشيح للموظف أي أثر قانوني يحتج به إذ العبرة بالقرارات التي تصدرها اللجنة العامة المشار إليها، ومن ثم فإن القرار الذي أصدرته لجنة شئون الموظفين بإدارة المخازن والمشتريات بترشيح المدعي للدرجة الرابعة الكتابية المخصصة لوظيفة مساعد مراقب الحسابات لا يعتد به ما دامت لجنة شئون الموظفين بالإدارة العامة للهيئة قد رشحت للترقية إليها السيد/ إبراهيم عبد الغني وهو الأول في ترتيب أقدمية الدرجة الخامسة ويتلوه المدعي فيها.
2 - إن ما يحاج به المدعي من استحقاقه للترقية إلى الدرجة الرابعة المخصصة لوظيفة مساعد مراقب الحسابات، تأسيساً على أنه شغل هذه الوظيفة بطريق الندب بقرار من لجنة شئون الموظفين بإدارة المخازن والمشتريات لمدة أكثر من سنة، مردود بأنه فضلاً عن أن اللجنة المذكورة ليست هي صاحبة الاختصاص الأصيل في مثل هذه الأحوال كما سلف إيضاحه فإن الترقية في هذه الحالة جوازية وليست حقاً مكتسباً للموظف وذلك حسبما جرى عليه نص المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي كان سارياً وقت إصدار القرار المطعون فيه وهو لا يمنح الدرجة المخصصة للوظيفة إلا لمن يقوم بعملها فعلاً. وإذا قام موظف بأعباء وظيفة درجتها أعلا من درجته لمدة سنة على الأقل جاز منحه الدرجة إذا توافرت فيه شروط الترقية إليها. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن ترقية الموظف في هذه الحالة جوازية لجهة الإدارة ورخصة منحت لها فيجوز أن تعمل الترقية فيها استثناء من قواعد الترقية المنصوص عليها في المواد 38 و39 و40 كما يجوز الترقية بمقتضى المادة 22 دون التقيد بنسبة الأقدمية أو بنسبة الاختيار أو البدء بالجزء المخصص للأقدمية أياً كانت طبيعة الوظيفة المرقى إليها ولو كانت غير متميزة بطبيعتها بحسب تخصيص الميزانية.


إجراءات الطعن

في يوم 14 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية بجلسة 13 من يناير سنة 1959 في القضية رقم 442 لسنة 4 القضائية المرفوعة من السيد/ كامل أحمد محمد ضد الهيئة العامة للسكك الحديدية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري رقم 274 الصادر في 19 من فبراير سنة 1957 فيما تضمنه من ترقية السيد/ إبراهيم عبد الغني للدرجة الرابعة الكتابية بإدارة المخازن والمشتريات المخصصة لوظيفة مساعد مراقب الحسابات وأحقية المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات" وقد أعلن الطعن للحكومة في 7 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 11 من أغسطس سنة 1959 وعين لنظره جلسة 29 من مايو سنة 1960 أمام هيئة فحص الطعون وأحيل للمرافعة لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية المختصة في 20 من يونيه سنة 1957 طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر في 19 من فبراير سنة 1957 برقم 274 فيما تضمنه من ترقية السيد/ إبراهيم عبد الغني للدرجة الرابعة الكتابية بإدارة المخازن بالهيئة العامة للسكك الحديدية المخصصة لوظيفة مساعد مراقب الحسابات التي يشغلها المدعي ومن تخطيه في الترقية إلى تلك الدرجة واستحقاقه الترقية إليها مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لذلك، أنه ما خلت الدرجة الرابعة الكتابية بإدارة المخازن والمشتريات المخصصة لوظيفة مساعد مراقب الحسابات، ندب ليقوم بعمل هذه الوظيفة بقرار من لجنة شئون الموظفين بإدارة المخازن والمشتريات، ولذلك فقد رشحته اللجنة المذكورة في سنة 1956 للترقية إلى تلك الدرجة وذلك بالتطبيق لحكم المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لقيامه بعمل هذه الوظيفة لمدة تزيد على السنة ولم يكن هناك من يسبقه في الأقدمية في الدرجة الخامسة سوى السيد/ إبراهيم عبد الغني - المطعون في ترقيته - وهو يشغل وظيفة مفتش حسابات ويعتبر من مرءوسيه، ولكن لما عرض الأمر على لجنة شئون الموظفين للإدارة العامة رشحت اللجنة السيد/ إبراهيم عبد الغني بدلاً منه وأصدر السيد/ المدير العام في 19 من فبراير سنة 1957 القرار المطعون فيه - وقد ردت الهيئة على ذلك بأن لجنة شئون الموظفين بإدارة المخازن والمشتريات رشحت المدعي للترقية إلى هذه الدرجة المخصصة لوظيفة مساعد مراقب حسابات واستندت في ذلك إلى المادة 22 من قانون نظام موظفي الدولة لأنه يقوم بأعبائها مدة تزيد على السنة، ولكن الإدارة العامة للهيئة أصدرت قرارها المطعون فيه باعتبار أن السيد/ إبراهيم عبد الغني هو الأول في الأقدمية وكان ذلك بعد عرض قرار لجنة شئون موظفي إدارة المخازن، وهي مشكلة بقرار من المدير العام وتختص بموظفي إدارة المخازن والمشتريات على لجنة شئون الموظفين بالإدارة العامة إذ أن جميع قرارات لجان شئون الموظفين بفروع المصلحة تعرض على اللجنة المذكورة - وبجلسة 13 من يناير سنة 1959 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 274 الصادر في 19 من فبراير سنة 1957 فيما تضمنه من ترقية السيد/ إبراهيم عبد الغني للدرجة الرابعة الكتابية بإدارة المخازن والمشتريات والمخصصة لوظيفة مساعد مراقب الحسابات واستحقاق المدعي للترقية إلى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة. وأسست قضاءها على أن المادة 27 من قانون نظام موظفي الدولة تنص على أنه يجوز أن تنشأ لجنة شئون الموظفين في كل مصلحة وتشكل اللجنة في هذه الحالة من مدير المصلحة رئيساً ومن اثنين إلى أربعة من كبار موظفيها أعضاء، وأنه لما كانت إدارة المخازن والمشتريات وحدة قائمة بذاتها في الميزانية من حيث درجاتها وموظفيها حتى أنه إذا نقل إليها موظف ينتمي إلى وحدة أخرى من وحدات ميزانية الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية فيطبق في شأن هذا الموظف المنقول حكم المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة، ومن ثم فإن إدارة المخازن والمشتريات تعتبر مصلحة عند تطبيق المادة 27 من ذلك القانون؛ إذ المقصود بالمصلحة في هذا المقام الوحدة القائمة بذاتها المستقلة بدرجاتها ووظائفها عن سائر وحدات الميزانية، ولذلك تكون لجنة شئون موظفي إدارة المخازن والمشتريات هي المختصة بالنظر في أمر كل ترقية تجرى في نطاق درجات وظائف هذه الإدارة وكان يتعين على المدير العام أن يتبع ما نصت عليه المادة 28 من القانون المشار إليه وهو أن يعتمد قرار اللجنة خلال شهر من تاريخ رفعه إليه أو أن يبدي كتابة أسباب اعتراضه على هذا القرار خلال تلك المدة لتعيد اللجنة فحص الموضوع، وما دام لم يتبع هذه الإجراءات فإن القرار يكون باطلاً لم تتوافر في إصداره الضمانات الجوهرية التي أراد المشرع أن يكفلها للموظف عند الترقية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من مراجعة ميزانية مصلحة السكك الحديد لسنة 1956/ 1957 وهي التي صدر القرار المطعون فيه في ظلها أن الدرجات الكتابية في إدارة المخازن والمشتريات قد تضمنت درجة رابعة لمساعد مراقب الحسابات وكذلك درجة أخرى سادسة كتابية بنفس اللقب أي لمساعد مراقب الحسابات وبذلك لا يتضح من الأوراق أي الدرجتين كان المدعي يقوم بعملها فعلاً. كما يبين من ملف خدمة المدعي أنه رقي إلى الدرجة السادسة في أو أبريل سنة 1947 وكان مفتش حسابات واعتبر رئيس قلم، ثم وصف بأنه مساعد مراقب حسابات ومنح لقب وكيل قسم وذلك في صفحة 306 من الملف وهي محررة في 3 من أغسطس سنة 1941 ورقي بعد ذلك إلى الخامسة في 7 من مارس سنة 1953 - مما يدل على أن لقب مساعد مراقب حسابات قد لازمه منذ أن كان في الدرجة السادسة. وفي 3 من نوفمبر سنة 1953 كلف بعمل وكيل مراقب حسابات (صفحة 324 من الملف) علاوة على عمله كمساعد مراقب حسابات، وهي وظيفة مخصص لها الدرجة الرابعة في الكادر الإداري بينما وظيفة مساعد مراقب حسابات مدرجة في الكادر الكتابي. ولما صدر القرار المطعون فيه وتظلم منه المدعي أرسلت الإدارة العامة للمخازن تسألها عن القرار الذي صدر بندب المدعي للقيام بأعمال وظيفة مساعد مراقب حسابات المخصص لها الدرجة الرابعة، ولكنها لم ترد عليها رغم تكرار السؤال. وأخيراً تذرعت إدارة المخازن بأن الأمر معروض على القضاء ولم ترد على سؤال الإدارة العامة، ولذلك فليس في ملف خدمة المدعي ما يثبت شغله لوظيفة مساعد مراقب حسابات المخصص لها الدرجة الرابعة الكتابية، بل إن غاية ما يدل عليه هذا الملف هو أن المدعي يقوم بهذه الوظيفة منذ أن كان في الدرجة السادسة وهناك في الميزانية درجة سادسة مخصصة لهذه الوظيفة علاوة على درجة رابعة أخرى بذات اللقب مما يجعل دعوى المدعي غير قائمة على أساس سليم. أما عن قرارات لجنة شئون موظفي المخازن فإنها لا تعتبر صادرة من هيئة مختصة، بل إن الاختصاص في الترقيات إنما هو للجنة شئون موظفي الإدارة العامة طبقاً للمادة 27 من القانون رقم 210 لسنة 1951. فليس لهذه اللجنة ذلك الاستقلال الذي أسبغه عليها الحكم، بل هي مجرد لجنة فرعية تتقدم باقتراحاتها للجنة المختصة بالعرض على المدير العام. هذا فضلاً عن أنه لا يسهل القول مع المحكمة بأن إدارة المخازن والمشتريات هي مصلحة قائمة بذاتها بمجرد أن لها ذاتية خاصة في الميزانية إذ لا تتوافر فيها سائر خصائص المصلحة من حيث الاستقلال الرياسي. وقد قررت الجهة الإدارية في ردها على هذه الدعوى أن قرارات لجنة شئون موظفي المخازن تعرض على لجنة شئون الموظفين بالإدارة العامة شأنها شأن قرارات سائر لجان الموظفين بالمصلحة. ويضاف إلى كل ما تقدم أن الأسباب التي أبدتها المحكمة لا تؤدي إلى ما انتهت إليه من ترقية المدعي إلى هذه الدرجة، إذ أنها قد أخذت على القرار المطعون فيه عيباً أسندته إلى شكله وإجراءاته ولا يؤدي ذك إلا إلى إلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً دون استحقاق المدعي للترقية بناء على هذه الأسباب، إذ أن المادة رقم 22 لا تؤدي إلى استحقاق شاغل الوظيفة إلى الترقية ولكنها فقط تحرم ترقية غير القائم بالعمل إلى الدرجة المخصصة له وهو ما لا ينتج عنه الحكم بترقية الشاغل للوظيفة لمجرد إلغاء قرار صدر بترقية غيره وذلك على فرض أن المدعي كان قائماً بعمل وظيفة مساعد مراقب حسابات المخصصة لها الدرجة الرابعة - وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ذلك فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن المادة 27 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة تنص على أن "تنشأ في كل وزارة لجنة تسمى لجنة شئون الموظفين وتشكل من وكيل الوزارة المختص رئيساً ومن ثلاثة إلى خمسة من كبار الموظفين أعضاء ويجوز أن تنشأ لجنة مماثلة في كل مصلحة وتشكل اللجنة في هذه الحالة من مدير المصلحة رئيساً ومن اثنين إلى أربعة من كبار موظفيها أعضاء" ويستفاد من ذلك أن الأصل العام هو أن تنشأ لجنة في كل وزارة ويجوز إنشاء لجنة في كل مصلحة تابعة للوزارة مشكلة من مدير المصلحة رئيساً ومن اثنين إلى أربعة من كبار موظفيها أعضاء، دون أن تنشأ في الأقسام أو الفروع الداخلية في المصلحة لجان أخرى ذلك لأن إيراد هذه الأقسام أو الفروع في أبواب مستقلة في ميزانية المصلحة لا يعني اعتبارها مصالح عامة، ولا يعدو الأمر أن يكون تنظيماً للوظائف والدرجات لأن إنشاء المصالح العامة لا يتم إلا طبقاً للأوضاع القانونية المتبعة في مثل هذه الأحوال - وبهذه المثابة فإن لجنة شئون الموظفين بالإدارة العامة التي يرأسها مدير عام هيئة السكك الحديدية هي اللجنة التي لها الولاية في شئون موظفي المصلحة جميعاً وصاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الشأن، ولا يترتب على ما يصدر من هذه اللجان الفرعية من تقدير أو ترشيح للموظف أي أثر قانوني يحتج به إذ العبرة بالقرارات التي تصدرها اللجنة العامة المشار إليها؛ ومن ثم فإن القرار الذي أصدرته لجنة شئون الموظفين بإدارة المخازن والمشتريات بترشيح المدعي للدرجة الرابعة الكتابية المخصصة لوظيفة مساعد مراقب الحسابات لا يعتد به ما دامت لجنة شئون الموظفين بالإدارة العامة للهيئة قد رشحت للترقية إليها السيد/ إبراهيم عبد الغني وهو الأول في ترتيب أقدمية الدرجة الخامسة ويتلوه المدعي فيها.
ومن حيث إنه فيما يختص بما يحاج به المدعي من استحقاقه للترقية إلى الدرجة الرابعة المخصصة للوظيفة المشار إليها لأنه شغل هذه الوظيفة بطريق الندب بقرار من لجنة شئون الموظفين بإدارة المخازن والمشتريات لمدة أكثر من سنة، فمردود عليه بأنه فضلاً عن أن اللجنة المذكورة ليست هي صاحبة الاختصاص الأصيل في مثل هذه الأحوال كما سلف إيضاحه فإن الترقية في هذه الحالة جوازية وليست حقاً مكتسباً للموظف، وذلك حسبما جرى عليه نص المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي كان سارياً وقت إصدار القرار المطعون فيه وهو لا يمنح الدرجة المخصصة للوظيفة إلا لمن يقوم بعملها فعلاً. وإذا قام موظف بأعباء وظيفة درجتها أعلا من درجته لمدة سنة على الأقل جاز منحه الدرجة إذا توافرت فيه شروط إليها.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن ترقية الموظف في هذه الحالة جوازية لجهة الإدارة ورخصة منحت لها فيجوز أن تعمل الترقية فيها استثناء من قواعد الترقية المنصوص عليها في المواد 38 و39 و40 كما يجوز الترقية بمقتضى المادة 22 دون التقيد بنسبة الأقدمية أو بنسبة الاختيار أو البدء بالجزء المخصص للأقدمية أياً كانت طبيعة الوظيفة المرقى إليها ولو كانت غير متميزة بطبيعتها بحسب تخصيص الميزانية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب مذهباً مخالفاً وقضى باستحقاق المدعي للترقية إلى الدرجة الرابعة الكتابية للأسباب الواردة به، يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 350 لسنة 34 ق جلسة 21 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 88 ص 588

جلسة 21 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

------------------

(88)
الطعن رقم 350 لسنة 34 القضائية

(أ) شركات "أركان الشركة". نقض. "مسائل الواقع". محكمة الموضوع.
مناط قيام الشركة وجود نية المشاركة في نشاط ذي تبعة ومساهمة كل شريك في الربح والخسارة معاً. تعرف هذه النية من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى أقام حكمه على أسباب سائغة.
(ب) شركات "أركان الشركة".
محل إعمال المادة 514 مدني هو عند قيام الشركة بتوافر أركانها ومنها نية المشاركة. انتفاء هذه النية باتجاه نية الشريك إلى عدم المساهمة في تحمل مخاطر الشركة وإلى المشاركة في الربح فقط. عدم انطباق حكم هذه المادة.
(ج) شركات "شركات المحاصة".
استتار شركات المحاصة. معناه: عدم وجودها بالنسبة للغير. ليس لها شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية الشركاء. تصرف أحد الشركاء. مسئوليته وحده قبل من تعاقد معه. للشركاء مناقشة مدير المحاصة وتكليفه بتقديم حساب عن أعمال إدارته.

------------------
1 - يشترط لقيام الشركة أن توجد لدى الشركاء نية المشاركة في نشاط ذي تبعة (1) وأن يساهم كل شريك في هذه التبعة بمعنى أن يشارك في الربح والخسارة معاً. وتعرف هذه النية من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا معقب عليه في ذلك متى أقام رأيه على أسباب تسوغه.
2 - محل إعمال المادة 514 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا اقتصر عقد الشركة على تعيين نصيب الشركاء في الربح كان هذا النصيب هو المعتبر في الخسارة عند قيام الشركة بتوافر أركانها ومنها نية المشاركة أما إذا انتفت هذه النية باتجاه نية الشريك إلى عدم المساهمة في تحمل مخاطر الشركة وإلى المشاركة في الربح دون الخسارة فإنه لا محل لإعمال حكم تلك المادة.
3 - المقصود باستتار شركات المحاصة هو أنه لا وجود لها بالنسبة إلى الغير وليس لها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الشركاء المكونين لها فإذا عقد أحد الشركاء المحاصين عقداً مع الغير كان - وحده - المسئول عنه قبل هذا الغير دون سائر الشركاء. ولا يعني استتار هذا النوع من الشركات أن يكون هؤلاء الشركاء بمعزل عن العملية أو العمليات التي تكونت الشركة للقيام بها بل إن لهم مناقشة مدير المحاصة فيما يجريه من أعمال لإدارة الشركة وتكليفه بتقديم حساب لهم عن هذه الإدارة (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2266 سنة 1963 تجاري كلي القاهرة على الطاعن طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 600 جنيه وقال شرحاً لدعواه إن الطاعن اقترض منه هذا المبلغ بمقتضى إيصال مؤرخ 2/ 1/ 1960 لاستغلاله في عملية توريد برتقال إلى هيئة تنمية الحاصلات والصادرات تنتهي في يناير سنة 1960 وتعهد بأن يرد له المبلغ المذكور في آخر الشهر المذكور ولكنه لم يفعل فرفع هذه الدعوى عليه بطلب هذا الدين واستند إلى إيصال مؤرخ 2 يناير سنة 1960 موقع عليه بإمضاء الطاعن ويفيد أنه تسلم من المطعون ضده مبلغ 600 جنيه بغرض التجارة في عملية برتقال متعاقدين عليها مع هيئة تنمية الحاصلات والصادرات وتنتهي خلال شهر يناير وتعهد الطاعن برد هذا المبلغ للمطعون ضده بمجرد الانتهاء من العملية بعد إشراك هذا المبلغ فيها على أن يكون للمطعون ضده الحق في نصيبه في أرباح هذه العملية. وقد دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان تأسيساً على أن الإيصال المذكور يتضمن عقد شركة لم تصف بعد وأن هذه الشركة قد حققت خسارة يجب أن يتحمل المطعون ضده نصيبه فيها وأضاف أنه أوفى للمطعون ضده بمبلغ 220 جنيهاً وقد قبل الأخير خصم هذا المبلغ من المبلغ المطالب به وأصر على أن الطاعن أخذ منه هذا المبلغ على سبيل القرض لا على أنه حصة في شركة بينهما وفي 15 يونيه سنة 1963 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 380 جنيهاً تأسيساً على أن الأول قد تعهد برد المبلغ للمطعون ضده عند انتهاء عملية التوريد المشار إليها في الإيصال وقد انتهت هذه العملية فحق عليه رده فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 640 سنة 80 ق طالباً إلغاء ذلك الحكم وأسس استئنافه على أن محكمة الدرجة الأولى لم تنف حصول المشاركة ومع ذلك قضت برد المبلغ كاملاً قبل أن تفحص حسابات الشركة وتتحقق من نتيجة أعمالها وفي 14 إبريل سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف تأسيساً على أن المبلغ المشار إليه في الإيصال حقيقته قرض لانتفاء نية المشاركة وبتقرير تاريخه 27 مايو سنة 1964 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصلهما إن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال حين كيف العقد الذي انطوى عليه إيصال 2 يناير سنة 1960 بأنه قرض مع إن التكييف الصحيح له هو أنه شركة محاصة وسمات هذه الشركة واضحة فيما تضمنه الإيصال المذكور من اتفاق المطعون ضده والطاعن على أن يسهم الأول بحصة من المال في تنفيذ عقد توريد برتقال معقود بين الثاني وبين إحدى الهيئات المصدرة وعلى أن يقتسم الاثنان ما قد ينشأ عن هذه العملية من أرباح ولا يخل بهذا التكييف عدم الإشارة للخسائر في الإيصال لأنه وفقاً للمادة 514 من القانون المدني إذا اقتصر عقد الشركة على تعيين نصيب الشركاء في الربح كان هذا النصيب هو المعتبر في الخسارة - كما لا يخل به عدم تدخل المطعون ضده في عملية التوريد أو رقابتها لأن من خصائص شركة المحاصة أن تكون مستورة فلا يظهر في تنفيذ العقد إلا الشريك الذي عقده مع الغير. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استدل على انتفاء الشركة بعدم النص في الإيصال على الخسارة وعلى حق المطعون ضده في التدخل في عملية التوريد أن رقابتها فإنه يكون قد شابه فساد في الاستدلال علاوة على مخالفته للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه باعتبار الإيصال المؤرخ 2 يناير سنة 1960 منطوياً على عقد قرض وليس شركة على قوله "وحيث إن هذه المحكمة لا ترى في الإيصال موضوع الدعوى معنى الشركة أو المشاركة وليس في ألفاظه أو معانيه ما يدل أو ما يؤخذ منه نية الشركة فقد تسلم المستأنف (الطاعن) المبلغ من المستأنف عليه (المطعون ضده) بغرض التجارة في عملية برتقال تعاقد عنها المستأنف وتنتهي خلال شهر يناير الذي تحرر الإيصال في اليوم الثاني منه وتعهد المستأنف برد المبلغ بمجرد الانتهاء من العملية نظير نصيب في الأرباح فليس للمستأنف عليه حق التدخل في شئون هذه العملية أو حق الرقابة كما أنه نص فقط في الإيصال على أن يكون للمستأنف عليه نصيب في الربح دون أية إشارة للخسارة، ومن ثم ترى المحكمة أن هذا الإيصال عبارة عن عقد قرض مع الاشتراك في الأرباح وأن المستأنف عليه فقد قدم مالاً للمستأنف على أن يشترك معه في الربح دون الخسارة ومن ثم يعتبر مقرضاً أقرض المستأنف بفائدة تتفاوت بتفاوت الأرباح فيجب أن تسري على ذلك أحكام القرض دون أحكام الشركة وأن لا تزيد الفوائد في أية حال على الحد الأقصى المسموح به قانوناً" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يفيد أن محكمة الاستئناف قد استخلصت من عبارات إيصال 2 يناير سنة 1960 عدم توافر نية المشاركة بين الطاعن والمطعون ضده - لما كان ذلك وكان يشترط لقيام الشركة أن توجد لدى الشركاء نية المشاركة في نشاط ذي تبعة وأن يساهم كل شريك في هذه التبعة بمعنى أن يشارك في الربح والخسارة معاً وكان تعرف هذه النية من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا معقب عليه في ذلك متى أقام رأيه على أسباب تسوغه - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في نفي نية المشاركة لدى الطرفين وفيما رتبه على ذلك من اعتبار إيصال 2 يناير سنة 1960 منطوياً على عقد قرض وليس شركة على ما تضمنه ذلك الإيصال من اشتراط المطعون ضده الحصول على مبلغه كاملاً عند انتهاء عملية توريد البرتقال التي دفع هذا المبلغ لاستثماره فيها واشتراطه المشاركة في الربح دون الخسارة وعلى أنه ليس للمطعون ضده حق التدخل في شئون هذه العملية أو رقابتها وكان هذا الذي استند إليه الحكم المطعون فيه من شأنه أن ينفي قيام نية المشاركة بين الطرفين ويؤدي إلى تكييف العقد بأنه قرض ولا يقدح في صحة هذا التكييف استناد الطاعن إلى ما تقرره المادة 514 من القانون المدني من أنه إذا اقتصر العقد على تعيين نصيب الشركاء في الربح كان هذا النصيب هو المعتبر في الخسارة أيضاً ذلك بأن محل إعمال هذا النصر هو عند قيام الشركة بتوافر أركانها ومنها نية المشاركة، أما إذا انتفت هذه النية باتجاه نية الشريك إلى عدم المساهمة في تحمل مخاطر نشاط الشركة وإلى المشاركة في الربح دون الخسارة فإنه لا محل في هذه الحالة لإعمال حكم تلك المادة. كما أنه لا حجة فيما يقوله الطاعن من أن عدم تدخل المطعون ضده في عملية التوريد أو رقابتها من مقتضيات استتار شركة المحاصة ذلك لأن المقصود باستتار شركات المحاصة هو أنه لا وجود لها بالنسبة إلى الغير وليست لها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الشركاء المكونين لها فإذا عقد أحد الشركاء المحاصين عقداً مع الغير كان وحده المسئول عنه قبل هذا الغير دون سائر الشركاء - ولا يعني استتار هذا النوع من الشركات أن يكون هؤلاء الشركاء بمعزل عن العملية أو العمليات التي تكونت الشركة للقيام بها بل إن لهم مناقشة مدير المحاصة فيما يجريه من أعمال لإدارة الشركة وتكليفه بتقديم حساب لهم عن هذه الإدارة ومن ثم فلا عيب في استدلال الحكم المطعون فيه على انتفاء نية المشاركة بحرمان المطعون ضده من حق التدخل في شئون عملية التوريد ورقابة تصرفات الطاعن بشأن تنفيذها.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.


(1) راجع نقض 22/ 6/ 1967 مج المكتب الفني س 18 ص 1331.
(2) راجع نقض 2/ 11/ 1965 مج المكتب الفني س 16 ص 947.

الطعن 332 لسنة 34 ق جلسة 21 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 87 ص 580

جلسة 21 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

-----------------

(87)
الطعن رقم 332 لسنة 34 القضائية

(أ) دعوى "نطاق الدعوى". حكم.
تمسك المدعى عليه - أمام محكمة الموضوع - في دعوى تثبيت ملكية بالتقادم المكسب الطويل المدة. رفض الدعوى على أساس ثبوت صحة هذا الدفاع. عدم خروج المحكمة عن نطاق الدعوى.
(ب) تقادم "تقادم مكسب". وقف. "تملكه بالتقادم". أشخاص اعتبارية.
للوقف - وهو شخص اعتباري - أن ينتفع بأحكام التقادم المكسب الواردة في القانون المدني. هذا التقادم قرينة على ثبوت الملك لصاحب اليد. التحدي بأن العين لا تعتبر موقوفة إلا بصدور إشهاد شرعي بوقفها. محله عند النزاع في وقف العين المدعى بها وإنكار الوقف من جانب واضع اليد عليها.
(ج) تقادم. "تقادم مكسب". ملكية. "ملكية شائعة". حيازة. شيوع.
للشريك في العقار الشائع أن يكسب بالتقادم ملكية حصة أحد الشركاء المشتاعين متى قامت حيازته على معارضة المالك لها بوضوح ودون مظنة التسامح واستمرارها دون انقطاع مدة خمس عشرة سنة.

-----------------
1 - إذا كان مفاد دفاع المدعى عليهم في دعوى تثبيت ملكية أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بتملكهم الأرض محل النزاع بالتقادم المكسب الطويل المدة فإن محكمة الموضوع إذ حققت وضع اليد وقضت برفض الدعوى بعد أن ثبت لها صحة هذا الدفاع لا تكون قد خرجت بالدعوى عن نطاقها الصحيح أو قضت فيها على أساس دفاع لم يبده المدعى عليها.
2 - جرى قضاء محكمة النقض بأن الوقف بحكم كونه شخصاً اعتبارياً له أن ينتفع بأحكام القانون المدني في خصوص التقادم المكسب للتملك إذ ليس في القانون ما يحرمه من ذلك وأن التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك لصاحب اليد كائناً من كان، والقول بأن العين لا تعتبر موقوفة إلا إذا صدر بوقفها إشهاد شرعي، لا محل للتحدي به إلا عند قيام النزاع في وقف العين المدعي بها وإنكار الوقف من جانب واضع اليد عليها.
3 - ليس في القانون ما يمنع الشريك في العقار الشائع من أن يكسب بالتقادم ملكية حصة أحد شركائه المشتاعين إذا استطاع أن يحوز هذه الحصة حيازة تقوم على معارضة حق المالك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض والخفاء أو مظنة التسامح واستمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 265 سنة 1956 كلي كفر الشيخ على المطعون ضدهم بصحيفة معلنة في 3 و22 من أكتوبر سنة 1956 طلبوا فيها الحكم بثبوت ملكيتهم إلى قطعة الأرض البالغ مساحتها 700 م2 شيوعاً في 955.91 م2 الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة. وقال الطاعنون في بيان دعواهم إنهم يملكون هذه القطعة الكائنة ببندر فوه بطريق الميراث عن صلوحة مصطفى الغنية وإسماعيل إسماعيل الغنية بموجب حجة شرعية وأن المطعون ضدهم ينازعونهم بغير حق في ملكية هذه الأرض مما حدا بهم إلى رفع الدعوى بطلباتهم السالف بيانها وقد أجاب من حضر من المطعون ضدهم أمام محكمة أول درجة على الدعوى بأن العين محل النزاع مملوكة لهم ولباقي المطعون ضدهم بموجب حجة وقف شرعية صادرة من مورثهم المرحومة استيتة الخطيب وأنهم يضعون اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية وبتاريخ 29 مارس سنة 1961 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لتطبيق مستندات الطرفين على الأرض محل النزاع وتحقيق وضع اليد عليها وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 19/ 12/ 1962 برفض الدعوى فاستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافهم برقم 56 سنة 13 ق وبتاريخ 19 مارس سنة 1964 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في قضائها بطريق النقض بتقرير تاريخه 18 مايو سنة 1964 وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله من وجهين (الأول) أن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قرر في هذه الأسباب أن الملكية تزول بعدم الاستعمال مع أن الملكية حق دائم فلا يفقد المالك ملكه مهما طالت مدة عدم استعماله له اللهم إلا إذا وضع الغير يده على هذا الملك وكسب ملكيته بمضي المدة وبشرط توافر الشروط اللازمة لذلك (والوجه الثاني) أن الحكم المطعون فيه اعتبر الجزء الذي دخل في توسعة الشوارع المحيطة من ملك الطاعنين وحدهم مع أنه وقد ثبت أن هذا الجزء قد نزع من الأرض المشتركة بينهم وبين وقف المرحومة استيتة علي الخطيب فإنه كان يجب توزيع صافي المساحة الباقية بين الشركاء المشتاعين كل بنسبة نصيبه الأصلي في الأرض. ولما كان الثابت من تقرير الخبير أن ما يملكه هذا الوقف بحسب الثابت في كتابه هو حصة قدرها خمسة قراريط شائعة أي 5/ 24 من عموم الأرض التي يملكها الفريقان فإن الجزء الذي ضاع منها في توسعة الشوارع كان يجب خصمه من مجموع المسطح الأصلي للأرض لا من نصيب الطاعنين وحدهم.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول غير صحيح ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي أن ما قرره في صدد ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه هو قوله "إن ناظر الوقف يضع يده منذ أكثر من ستين سنة ويؤجر هذه الأرض للغير هذا فضلاً عن أن مساحة الأرض ضاقت وتغيرت معالمها فمن يضع يده إنما يحفظ لنفسه ملكية ومن تخلى عن وضع اليد حتى استولى الغير عليها فلا يلومن إلا نفسه إذا ضاعت ملكيته هذا فضلاً عن أنه لم يثبت وضع يد المدعين (الطاعنين) على الأرض ولا مورثهم من قبلهم" وهذا الذي قرره الحكم لا يفيد أنه اعتبر ملكية الطاعنين لنصيبهم في الأرض قد ضاعت بعدم استعمالهم لها وإنما باستيلاء الغير عليها - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين أن الوقف الذي آلت أعيانه إلى المطعون ضدهم قد كسب ملكية نصيب الطاعنين في الأرض المشتركة بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فإن النعي بهذا الوجه يكون التفاتاً عن الواقع الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه. والنعي بالوجه الثاني مردود بأنه ما دام الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الوقف تملك بالتقادم الطويل ما تبقى من نصيب الطاعنين في الأرض المشتركة فإنه لا يكون للطاعنين بعد ذلك شيء من صافي المساحة الباقية لأنهم قد فقدوا ملكيتهم لنصيبهم في هذه المساحة باكتساب الوقف هذه الملكية بوضع اليد المدة الطويلة.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن دفاع المطعون ضدهم الذين حضروا أمام المحكمة الابتدائية انحصر في أن ملكية العين محل النزاع قد آلت إليهم بموجب حجة الوقف الصادرة من المرحومة استيتة الخطيب في 10 شوال سنة 1369 هـ وإذ كان قد ثبت من تطبيق هذه الحجة على الطبيعة أنها لا تملك المطعون ضدهم سوى حصة شائعة قدرها خمسة قراريط فإنه كان يجب الفصل في الدعوى على هذا الأساس الذي تمسكوا به وعدم الخروج عليه أما قول الحكم بأن الوقف قد تملك نصيب الطاعنين بالتقادم فإنه غير صحيح في القانون لأن العقار لا يتحول من ملك إلى وقف بمضي المدة إذ أن صفة الوقف لا تترتب على العين إلا بإشهاد شرعي من المالك ومن ثم فجهة الوقف لا تستطيع تملك الأعيان الحرة بوضع اليد مهما طالت مدته.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بأن الحكم المطعون فيه قرر وهو بصدد سرد الوقائع أن المطعون ضدهم أجابوا على دعوى الطاعنين بأن العين محل النزاع مملوكة لهم بموجب حجة وقف شرعية صادرة من مورثتهم المرحومة استيته الخطيب وأنهم يضعون اليد عليها وقدموا للتدليل على وضع يدهم المدة الطويلة المكسبة للملكية صور أحكام وعقود إيجار - ومفاد ذلك أن المطعون ضدهم قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بتملكهم الأرض محل النزاع بما في ذلك نصيب الطاعنين فيها بالتقادم المكسب الطويل المدة ومن ثم فإن محكمة الموضوع إذ حققت وضع اليد وقضت برفض الطاعنين، بعد أن ثبت لها أن وقف المرحومة استيته الخطيب قد كسب نصيب الطاعنين في الأرض المشتركة بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فإن تلك المحكمة لا تكون قد خرجت بالدعوى عن نطاقها الصحيح أو قضت فيها على أساس دفاع لم يبده المطعون ضدهم - والنعي في شقه الثاني مردود بأن قضاء هذه المحكمة جرى بأن الوقف بحكم كونه شخصاً اعتبارياً له أن ينتفع بأحكام القانون المدني في خصوص التقادم المكسب للملك إذ ليس في القانون ما يحرمه من ذلك ولأن التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك لصاحب اليد كائناً من كان، أما القول بأن العين لا يصح اعتبارها موقوفة إلا إذا صدر بوقفها إشهاد شرعي فلا محل للتحدي به إلا عند قيام النزاع في وقف العين المدعي بها وإنكار الوقف من جانب واضع اليد عليها.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون فيما انتهى إليه من أن وقف المرحومة استيته الخطيب قد اكتسب ملكية نصيب الطاعنين في الأرض المشتركة بالتقادم ذلك أن وضع يد الشريك في الشيوع على المال المشترك يعتبر على سبيل الإنابة ولا يمكن أن يترتب عليه اكتساب الملكية بالتقادم لما يشوبه من الغموض والإبهام، ولما كان الثابت من محاضر أعمال الخبير أن العين محل النزاع كانت لغاية شهر مارس سنة 1956 أرضاً فضاء وأن أول بناء أقيم عليها أقامه صادق عطية في سنة 1956 وقد حكم عليه جنائياً في قضية الجنحة رقم 1721 جنح فوة بإزالة هذا البناء وكانت عقود الإيجار والتحكير التي قدمها المطعون ضدهم لإثبات وضع يدهم لا تشمل كامل العقار كما أن مورث الطاعنين كان يشارك المطعون ضدهم في وضع اليد وذلك بتأجير نصيبه في الأرض إلى المرحوم متولي رجب خلال الفترة من سنة 1913 إلى سنة 1935 وقدم الطاعنون عقد الإيجار هذا للخبير ولم يطعن المطعون ضدهم فيه بالتزوير فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يناقش هذا المستند ولم يذكر سبب إطراحه له يكون مشوباً بالقصور علاوة على مخالفته للقانون على النحو السالف بيانه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بأنه ليس في القانون ما يمنع الشريك في العقار الشائع من أن يكسب بالتقادم ملكية حصة أحد شركائه المشتاعين إذا استطاع أن يحوز هذه الحصة حيازة تقوم على معارضة حق المالك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض والخفاء أو مظنة التسامح واستمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه قد أثبتا في تقريراتهما أن وقف المرحومة استيته الخطيب قد وضع يده على جميع أرض النزاع لمدة تزيد على ستين عاماً وأنه ظهر خلال هذه المدة بمظهر المالك للأرض كلها بإقامته بناء عليها واستغلال هذه الأرض لحساب المستحقين (المطعون ضدهم) وحدهم وذلك بطريق تأجيرها للغير دون أن يظهر أي أثر للطاعنين خلال هذه الحقبة الطويلة من الزمن وأن وضع يد الوقف قد خلا من الغموض واستدل الحكمان على ذلك بما ورد في تقرير الخبير فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد أثبت توافر شروط الحيازة المؤدية لكسب الوقف الملكية بالتقادم الطويل وما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب كافية لحمله فإنه لا عليه بعد ذلك إذا هو لم يناقش عقد الإيجار الذي قدمه الطاعنون إذ فيما أورده الحكم من أسباب ما يفيد أنه لم ير في هذا المستند ما يغير رأي المحكمة في الدعوى سيما وأن هذا العقد حسبما يقرر الطاعنون لا يتناول إلا الفترة من سنة 1913 إلى سنة 1935 والمدة بين هذه السنة الأخيرة وبين تاريخ رفع الدعوى في أكتوبر سنة 1956 تزيد على الخمس عشرة سنة اللازمة لكسب الملكية بالتقادم الطويل.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن محكمة الاستئناف لم ترد على أسباب الاستئناف إلا بما أضافته إلى أسباب الحكم الابتدائي من قولها بأن الثابت من تقرير الخبير وملحقه أن ناظر الوقف الخاص بالمستأنف عليهم (المطعون ضدهم) هو الذي وضع اليد على أرض النزاع وأقام عليها جراجاً يشغله بالتأجير ويوزع غلته على المستحقين وقد ظل وضع يده بهذه الصفة لمدة تزيد على ستين عاماً وفي هذا ما يفصح عن أن الوقف قد ظهر بمظهر المالك على جميع أرض النزاع خلال هذه الحقبة الطويلة من الزمن ويرى الطاعنون أن هذا الذي أضافه الحكم المطعون فيه لا يحمل الرد على دفاعهم لأن إقامة الجراج حصلت في مايو سنة 1956 وقد رفعوا الدعوى في أكتوبر من السنة المذكورة وليس فيما ذكره الحكم المطعون فيه الرد على ما تمسكوا به من أن وضع يد ناظر الوقف لم يكن مستوفياً لشرائطه القانونية لعدم توافر أركانه وأن المستندات المقدمة من المطعون ضدهم ليس فيها حدود أو أطوال ثابتة تشمل العين جميعها وأنها لا تقطع بأن وضع اليد كان بنية التملك - وكان يجب على محكمة الاستئناف إذا لم تر إجراء التحقيق بنفسها أن تتحدث عن توافر أركان وضع اليد ولا تكتفي في ذلك بالإحالة إلى تقرير الخبير وملحقه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سلف الرد به على السبب السابق من أن ما قرره الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه من أن ناظر الوقف وضع يده على أرض النزاع جميعها لمدة تزيد على ستين عاماً ظهر في خلالها بمظهر المالك لها كلها بدليل إقامته بناء عليه أجره للغير واستغلاله الأرض لمصلحة المستحقين وحدهم بطريق تأجيرهم للغير على ما هو ثابت من تقرير الخبير الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه وأن وضع يد الوقف قد خلا من الغموض وأنه طوال هذه المدة لم يظهر أي أثر للمطعون ضدهم؛ هذا الذي قرره الحكمان الابتدائي والمطعون فيه وما ورد في تقرير الخبير الذي أحالا إليه فيه التدليل الكافي على توافر نية التملك والهدوء والظهور والوضوح في وضع يد الوقف - وهي إلى جانب المدة المتصلة، الشروط اللازمة في الحيازة المؤدية للتملك بالتقادم - لما كان ذلك وكان ما يقرره الطاعنون من أن الجراج أقيم في سنة 1956 - بفرض صحته - لا يقدح في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه لأن الحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه قد دلل على وضع يد الوقف بنية التملك بأن ناظره كان يؤجر الأرض محل النزاع للغير من قبل إقامة الجراج عليها وذلك على ما ثبت من تقرير الخبير وعقود الإيجار وصور الأحكام المقدمة له من المطعون ضدهم - وهو ما يكفي للتدليل على ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الوقف ظهر بمظهر المالك بغير لبس ولا غموض - لما كان ما تقدم وكان ما يثيره الطاعنون في شأن المستندات التي أخذت بها محكمة الموضوع بعد أن أطمأنت إليها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.

الطعن 408 لسنة 5 ق جلسة 14 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 69 ص 536

جلسة 14 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني ومصطفى كامل إسماعيل وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

------------------

(69)

القضية رقم 408 لسنة 5 القضائية

اختصاص - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - قرارات المجالس العسكرية - الطعن فيها والتعويض عنها 

- المادة الأولى من القانون رقم 159 لسنة 1957 بشأن التماس إعادة النظر في قرارات وأحكام المجالس العسكرية - تقريرها عدم جواز الطعن في قرارات وأحكام المجالس أمام أية هيئة قضائية أو إدارية - المادة 136 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة - إحالتها إلى قانون المجالس العسكرية سالف الذكر - مقتضاها سريان حظر الطعن في قرارات وأحكام المجالس العسكرية الخاصة برجال الشرطة - القول بأن حظر الطعن خاص بقرارات وأحكام المجالس العسكرية لرجال القوات المسلحة دون الخاصة برجال الشرطة - غير صحيح - التحدي بأن الإحالة الواردة بالمادة 136 من قانون هيئة الشرطة قاصرة على الأحكام الموضوعية دون المتعلقة بالإجراءات - تخصيص بلا مخصص - عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعن في هذه القرارات أو التعويض عنها - أساس ذلك.

-------------------
إن القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة يقضي في المادة 136 منه بأن يخضع لقانون الأحكام العسكرية الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوات نظامية والكونستابلات والصولات وضباط الصف وعساكر الدرجة الأولى ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم. وأن المادة 137 تقرر بأن تشكيل المجالس العسكرية يكون بأمر من وزير الداخلية أو ينيبه ويصدق على أحكامها الآمر بالتشكيل.
وقد تضمن القانون رقم 159 لسنة 1957 في شأن التماس إعادة النظر في قرارات وأحكام المجالس العسكرية تضمن تعديلات جوهرية على قانون الأحكام العسكرية يتعلق بأحكام المجالس المشار إليها وكيفية إعادة النظر في قراراتها وأوجه قبول الالتماس وشكل تقديمه وإجراءات نظره... وقد نص القانون رقم 159 لسنة 1957 سالف الذكر في المادة الأولى على أن المجالس العسكرية محاكم قضائية استثنائية، لأحكامها قوة الشيء المحكوم فيه، ولا يجوز الطعن في قراراتها أو أحكامها أمام هيئة قضائية أو إدارية خلاف ما نص عليه القانون. وقد جاء في المادة العاشرة، أن هذا القانون يسري على جميع الدعاوى المنظورة أمام جهات قضائية أو إدارية أخرى من تاريخ نشره. ومؤدى ذلك أن القضاء الإداري أصبح غير مختص بنظر أي طعن في حكم أو قرار صادر من المجالس العسكرية حيث إن قانون الأحكام العسكرية قد نظم تشكيل واختصاص المجالس العسكرية على اختلاف درجاتها وبين طرق الطعن في قراراتها وأحكامها مما يضمن تصحيح أي أخطاء تقع فيها أو أي إجحاف بحقوق المتهمين كما تضمنت المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، فضلاً عما ذكر، أنه ليس هناك "ما يسوغ إباحة الطعن في قرارات هذه المجالس وأحكامها أمام هيئات مدنية بحتة بعيدة عن تفهم النظم العسكرية وتقاليدها المكتوبة وغير المكتوبة". ولا يقبل في هذا المجال القول بأن المشرع لم يقصد أن تسري أحكام القانون المنوه عنه إلا على القرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة بالقوات المسلحة دون المجالس العسكرية الخاصة بمحاكمة رجال الشرطة بدعوى أن الإحالة المشار إليها في المادة 136 من قانون هيئة الشرطة مقصورة على الأحكام الموضوعية إذ أن هذا الادعاء ينطوي على تخصيص بلا مخصص حيث إن الإحالة وردت عامة غير مقيدة ولا مشروطة ومن ثم فتسري الأحكام الواردة في قانون الأحكام العسكرية الموضوعية منها والمتعلقة بالإجراءات في حق رجال الشرطة وفي ضوء التفصيل الوارد في المادة المذكورة.... ولا يقدح في ذلك الإشارة في مواد القانون رقم 159 سنة 1957 إلى سلطة التصديق والسلطة الأعلى من الضابط المصدق ولفظ رئيس هيئة أركان الحربية المختص.... إلخ وكذلك إمضاء وزير الحربية على المذكرة الإيضاحية للقانون.... ذلك أن قانون الأحكام العسكرية هو قانون مخصص لأفراد القوات المسلحة بحسب الأصل، ومن ثم فإن أي تعديل لأحكامه لا يمكن أن يخرج عن هذا الأصل، ومن أجل ذلك تكون المحاكم الإدارية غير مختصة بنظر الطعون في قرارات وأحكام المجالس العسكرية ويستوي في هذا الشأن المجالس العسكرية التي يخضع لها أفراد القوات المسلحة والمجالس العسكرية التي يخضع لها رجال الشرطة. وغني عن البيان أن الحظر الوارد في المادة الأولى من القانون رقم 159 لسنة 1957 سالف الذكر في شأن عدم جواز الطعن في قرارات وأحكام المجالس العسكرية جاء عاماً فلا يسوغ لأية جهة قضائية أن تعقب على قرارات هذه المجالس وأحكامها عن طريق الطعن فيها والأمر في هذا الحظر سواء بالنسبة لقضاء الإلغاء أو قضاء التضمين.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 389 لسنة 3 القضائية المرفوعة من السيد/ قاعود سلوانس منصور ضد وزارة الداخلية والقاضي "بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات".
وطلبت هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإحالة القضية إلى المحكمة الإدارية للفصل في موضوعها. وقد أعلن الطعن للمدعي في 18 من مايو سنة 1959 كما أعلن للحكومة بتاريخ 24 من مايو سنة 1959. وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22 من مايو سنة 1960. وأخطرت الحكومة والمدعي في 10 من مايو سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 22 من أكتوبر سنة 1960، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين تفصيلاً بمحضر الجلسة، قررت إصدار الحكم بعد خمسة أسابيع، ثم مد أجل النطق به لجلسة 24 من ديسمبر سنة 1960 ثم أرجئ النطق به إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما هو ظاهر من أوراق الدعوى في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بأن تدفع له وزارة الداخلية مبلغ 3413 جنيهاً و64 مليماً والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لذلك أنه كان يعمل شرطياً بقسم ثان الإسماعيلية بمحافظة القناة، وقد حوكم أمام مجلس عسكري فقضى المجلس المذكور في 16 من أكتوبر سنة 1952 بحبسه 56 يوماً وصدق حكمدار بوليس القنال بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1952 على هذا الجزاء مع فصل المدعي بعد انتهاء مدة الحبس، وقد طعن المدعي في قرار الحكمدار بالتصديق على قرار المجلس العسكري أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 709 لسنة 7 القضائية فقضت المحكمة بجلستها المنعقدة بتاريخ 2 من نوفمبر سنة 1954 بإلغاء هذا القرار وألزمت الحكومة بالمصروفات. وقام المدعي بإعلان هذا الحكم طالباً تنفيذه ولكن الوزارة ساومته على التنفيذ مما اضطره مكرهاً إزاء تهديد الوزارة بعدم إعادته لعمله إلى التنازل عن جميع حقوقه، وأشار المدعي إلى أن هذا التنازل على هذا الوضع لا يمكن أن يرتب أثراً قانونياً ما دام قد صدر تحت ضغط وإكراه واستغلال لرغبته في العودة لعمله الذي هو مصدر قوته وقوت عياله، ولذلك فإن من حقه أن يطالب بمرتبه عن المدة التي فصل فيها أي اعتباراً من 18 من أكتوبر سنة 1952 لغاية 16 من يناير سنة 1955، وفضلاً عن ذلك فإن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري سالف الذكر قضى ببطلان القرار الإداري الصادر بسجن المدعي 56 يوماً وإلغائه لمخالفته للقانون لفقدانه أساسه القانوني، وإذ كان المدعي قد سجن هذه المدة فعلاً، فإنه يحق له أيضاً أن يطالب بتعويض عما لحقه من ضرر مادي وأدبي عن القرار الصادر بسجنه وفصله من عمله، والمدعي يقدر هذا التعويض بمبلغ 3000 جنيه مضافاً إليها راتبه عن مدة فصله وقدره 413 جنيهاً و640 مليماً.
وأجابت الوزارة على الدعوى بأن المدعي فوت على نفسه المواعيد المقررة للمطالبة بالتعويض لأنه فصل في أكتوبر سنة 1952 ولم يرفع دعوى التعويض إلا في أغسطس سنة 1956 ومن ثم فقد سقط حقه في هذا التعويض وفقاً لنص المادة 172 من القانون المدني كما أن المدعي أثبت تنازله عن حقه قبل الوزارة على صورة الحكم التنفيذية بتاريخ 16 من يناير سنة 1956 دون إكراه دفعه إلى هذا التنازل لأن الحكم كان واجب التنفيذ وكان في استطاعة المدعي أن يمتنع عن توقيع هذا التنازل.
وبجلسة 30 من ديسمبر سنة 1958 قضت المحكمة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن طلب التعويض المقدم من المدعي عن الأضرار التي أصابته من جراء القرار الصادر بحبسه وفصله من الخدمة يخرج عن اختصاصها بالتطبيق لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1957 في شأن التماس إعادة النظر في قرارات وأحكام المجالس العسكرية الذي قضى باعتبار المجالس العسكرية محاكم قضائية وأخرج قراراتها وأحكامها عن ولاية القضاء الإداري والمدني.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من مراجعة القرار بقانون رقم 159 لسنة 1957 ومذكرته الإيضاحية أن المشرع لم يقصد أن تسري أحكام هذا القانون إلا على القرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة بالقوات المسلحة دون غيرها من الهيئات النظامية التي تطبق قانون الأحكام العسكرية وذلك تأسيساً على أن هذا القانون إنما وردت أحكامه في نصوصه المختلفة (المواد 2 و5 و9) مقصورة على أسلحة الجيش دون غيرها وعلى حصر السلطة المنوط بها إعادة النظر في الالتماس والذي يقدم عن قرارات وأحكام المجالس العسكرية في رئاسة هيئة إدارة الجيش أو البحرية أو القوات الجوية أو بما يماثلها بالقوات الفرعية.... إلخ فضلاً عن أن وزير الحربية هو الذي قدم مشروع هذا القانون. وإذا كان قانون الأحكام العسكرية ذاته يسري على رجال البوليس بموجب أحكام الإحالة المنصوص عليها في قوانين نظام هيئة البوليس، فإن هذا الإحالة مقصورة على الأحكام الموضوعية التي يتضمنها قانون الأحكام العسكرية. ومن مقتضى هذا النظر أن تبقى القرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة برجال البوليس على طبيعتها الأولى - دون أن تعد من قبيل الأحكام القضائية - وهي كونها قرارات تأديبية غير نهائية وبالتالي تكون قرارات التصديق عليها قرارات إدارية مما تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري عملاً بنص المادة الثامنة من قانون مجلس الدولة.
ومع التسليم جدلاً بأن الحصانة التي أضفاها المشرع على تلك القرارات تلحق بالقرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة بهيئات البوليس فإن نص المادة العاشرة من هذا القانون لا يتحقق بالنسبة للمنازعة المعروضة لأن المدعي لا يختصم القرار الصادر من المجلس العسكري بسجنه 56 يوماً وإنما هو يوجه طعنه إلى القرار الإداري الصادر من حكمدار القناة في 18 من أكتوبر سنة 1952 بالتصديق على قرار المجلس العسكري وبفصله من الخدمة بعد قضاء مدة العقوبة ويطلب التعويض عن الأضرار التي لحقته من جرائه، ومن ثم فالدعوى ليست موجهة ضد قرار صادر من مجلس عسكري وإنما هي دعوى تعويض عن قرار إداري نهائي حكم بإلغائه قبل صدور القانون المذكور.
ومن حيث إن القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة يقضي في المادة 136 منه بأن يخضع لقانون الأحكام العسكرية الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوات نظامية والكونستابلات والصولات وضباط الصف وعساكر الدرجة الأولى ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم. وإن المادة 137 تقرر بأن تشكيل المجالس العسكرية يكون بأمر من وزير الداخلية أو من ينيبه ويصدق على أحكامها الأمر بالتشكيل.
وقد تضمن القانون رقم 159 لسنة 1957 في شأن التماس إعادة النظر في قرارات وأحكام المجالس العسكرية تضمن تعديلات جوهرية على قانون الأحكام العسكرية يتعلق بأحكام المجالس المشار إليها وكيفية إعادة النظر في قراراتها وأوجه قبول الالتماس وشكل تقديمه وإجراءات نظره.. وقد نص القانون رقم 159 لسنة 1957 سالف الذكر في المادة الأولى على أن "المجالس العسكرية محاكم قضائية استثنائية، لأحكامها قوة الشيء المحكوم فيه، ولا يجوز الطعن في قراراتها أو أحكامها أمام أي هيئة قضائية أو إدارية خلاف ما نص عليه القانون". وقد جاء في المادة العاشرة، أن هذا القانون يسري على جميع الدعاوى المنظورة أمام جهات قضائية أو إدارية أخرى من تاريخ نشره. ومؤدى ذلك أن القضاء الإداري أصبح غير مختص بنظر أي طعن صادر من المجالس العسكرية حيث إن قانون الأحكام العسكرية قد نظم تشكيل واختصاص المجالس العسكرية على اختلاف درجاتها وبين طرق الطعن في قراراتها وأحكامها مما يضمن تصحيح أي أخطاء تقع فيها أو أي إجحاف بحقوق المتهمين كما تضمنت المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، فضلاً عما ذكر، أنه ليس هناك "ما يسوغ إباحة الطعن في قرارات هذه المجالس وأحكامها أمام هيئات مدنية بحتة بعيدة عن تفهم النظم العسكرية وتقاليدها المكتوبة وغير المكتوبة" ولا يقبل في هذا المجال القول بأن المشرع لم يقصد أن تسري أحكام القانون المنوه عنه إلا على القرارات الصادرة من المجالس العسكرية الخاصة بالقوات المسلحة دون المجالس العسكرية الخاصة بمحاكمة رجال الشرطة بدعوى أن الإحالة المشار إليها في المادة 136 من قانون هيئة الشرطة مقصورة على الأحكام الموضوعية إذ أن هذا الادعاء ينطوي على تخصيص بلا مخصص حيث إن الإحالة وردت عامة غير مقيدة ولا مشروطة ومن ثم فتسري الأحكام الواردة في قانون الأحكام العسكرية الموضوعية منها والمتعلقة بالإجراءات في حق رجال الشرطة وفي ضوء التفصيل الوارد في المادة المذكورة... ولا يقدح في ذلك الإشارة في مواد القانون رقم 159 سنة 1957 إلى سلطة التصديق والسلطة الأعلى من الضابط المصدق ولفظ رئيس هيئة أركان الحربية المختص... إلخ وكذلك إمضاء وزير الحربية على المذكرة الإيضاحية للقانون.. ذلك أن قانون الأحكام العسكرية هو قانون مخصص لأفراد القوات المسلحة بحسب الأصل ومن ثم فإن أي تعديل لأحكامه لا يمكن أن يخرج عن هذا الأصل، ومن أجل ذلك تكون المحاكم الإدارية غير مختصة بنظر الطعون في قرارات وأحكام المجالس العسكرية ويستوي في هذا الشأن المجالس العسكرية التي يخضع لها أفراد القوات المسلحة والمجالس العسكرية التي يخضع لها رجال الشرطة. وغني عن البيان أن الحظر الوارد في المادة الأولى من القانون رقم 159 لسنة 1957 سالف الذكر في شأن عدم جواز الطعن في قرارات وأحكام المجالس العسكرية جاء عاماً فلا يسوغ لأية جهة قضائية أن تعقب على قرارات هذه المجالس وأحكامها عن طريق الطعن فيها والأمر في هذا الحظر سواء بالنسبة لقضاء الإلغاء أو قضاء التضمين.
ومن حيث إن التصديق على قرار المجلس العسكري هو في واقع الأمر إجراء من إجراءاته لا ينفذ القرار بغيره.. ومن ثم فإنه يتعذر الفصل بين التصديق وبين القرار الصادر من المجلس العسكري فصلاً يجعل التصديق المشار إليه قراراً مستقلاً قائماً بذاته، وهو بهذه المثابة غير قابل للطعن فيه استقلالاً باعتباره قراراً إدارياً، ولذلك فإنه على هذا الأساس واستناداً إلى هذا النظر صدر حكم محكمة القضاء الإداري لصالح المدعي في 2 من نوفمبر سنة 1954 بإلغاء القرار الصادر من حكمدار بوليس القناة في 18 من أكتوبر سنة 1952 برفت المدعي تأسيساً على أن القرار الصادر من المجلس العسكري بسجن المدعي 56 يوماً لم يستخلص استخلاصاً صحيحاً من أصول في الأوراق تنتجه، الأمر الذي يجعله قد وقع باطلاً لمخالفته للقانون لفقدانه أساسه القانوني مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبإلغاء القرار الصادر بالتصديق عليه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، وبالتالي فإن الطعن - والحالة هذه يكون غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.

الطعن 307 لسنة 34 ق جلسة 21 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 86 ص 576

جلسة 21 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

---------------------

(86)
الطعن رقم 307 لسنة 34 القضائية

مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية جهة الإدارة عن المرافق العامة". حكم. "قصور. ما يعد كذلك".
مسئولية الحكومة عن تعويض الأضرار التي تلحق بالأفراد بسبب الاضطرابات والقلاقل. مناطها ثبوت امتناع القائمين على شئون الأمن عن القيام بواجباتهم وتقصيرهم في إدارتها تقصيراً يمكن وصفه في الظروف التي وقع فيها الحادث بأنه خطأ. عدم بيان الحكم مظهر تهاون رجال الأمن في تفريق المتظاهرين ودليله على ذلك عيب في التسبيب.

-------------------
لا تقوم مسئولية الحكومة عن تعويض الأضرار التي تلحق الأفراد بسبب الاضطرابات والقلاقل إلا إذا ثبت أن القائمين على شئون الأمن قد امتنعوا عن القيام بواجباتهم وقصروا في إدارتها تقصيراً يمكن وصفه في الظروف التي وقع فيها الحادث بأنه خطأ (1). فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بوقوع الخطأ في جانب وزارة الداخلية على أن رجال الأمن التابعين لها قد تهاونوا في العمل على تفريق المتظاهرين وفي اتخاذ الاحتياطات لتفادي وقوع الاشتباك بينهم دون أن يبين الحكم مظهر هذا التهاون ويورد دليله عليه وبخاصة بعد أن سجل الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه - في تقريراته أن رجال الشرطة قد تدخلوا إثر ثورة الجمهور على حكم لعبة الكرة لتفريق المتظاهرين، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد حصول الاشتباك بين لجمهور ورجال الشرطة وزيادة الشغب نتيجة حتمية لتهاون رجال الأمن في أداء أعمال وظيفتهم، فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على وزارة الداخلية "الطاعنة" الدعوى رقم 168 سنة 1961 مدني كلي بور سعيد طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. وقال بياناً لدعواه إن الشغب الذي أحدثه الجمهور في ملعب بور سعيد يوم 23 يناير سنة 1960 لمناسبة نتيجة مباراة لكرة القدم قد جاوز نطاق الملعب وامتد إلى بعض أنحاء المدينة وأدى ذلك إلى تحطيم المتظاهرين لمحله وسرقة بضائعه وأدواته وذلك على ما هو ثابت في دعوى إثبات الحالة رقم 37 سنة 1960 مستعجل بور سعيد وأنه إذ كان الضرر الذي لحقه قد حدث بسبب تقصير وإهمال رجال الأمن العام في القيام بواجباتهم وكانت وزارة الداخلية مسئولة عن أعمالهم باعتبارهم تابعين لها فقد أقام عليها الدعوى بطلب إلزامها بتعويض الضرر الذي لحقه والذي قدره بالمبلغ المطالب به. وبتاريخ 23 فبراير سنة 1963 قضت محكمة بور سعيد الابتدائية بإلزام وزارة الداخلية بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 328 ج و800 م على سبيل التعويض فاستأنفت الوزارة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 56 سنة 4 ق مأمورية بور سعيد طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 43 سنة 4 ق مأمورية بور سعيد طالباً تعديل الحكم المستأنف والقضاء له بكامل طلباته. وبعد أن ضمت تلك المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 9 مارس سنة 1964 برفض استئناف الوزارة وفي استئناف المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام وزارة الداخلية بأن تؤدي للمستأنف مبلغ 328 ج و800 م والمصروفات المناسبة عن الدرجتين مع رسوم دعوى إثبات الحالة وأمانة الخبير فيها - طعنت وزارة الداخلية في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الوزارة الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت الدعوى بانتفاء ركن الخطأ في جانبها وذكرت للتدليل على أن رجال الأمن في المدينة قد سارعوا بمجرد وقوع الاشتباك بين جمهور النظارة في ملعب الكرة إلى تفريقهم وأنهم اتبعوا ذلك باستدعاء القوات الاحتياطية وقوات أخرى من البلاد المجاورة، واستطاعوا بذلك السيطرة على الموقف والقضاء على الشغب الذي كان قد امتد إلى المدينة وأن هذا من جانب رجال الأمن هو المسلك الطبيعي للشخص العادي الذي يوجد في نفس الظروف. ولكن الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع وأقام قضاءه بمسئولية الوزارة على ما قرره من أن رجال الأمن قد تهاونوا في اتخاذ الحيطة اللازمة لمنع وقوع الجرائم وأنهم بذلك قد أخطأوا وقصروا في أداء وظائفهم، دون أن يبين الحكم وجه هذا الخطأ الذي أسنده إلى الوزارة، وبذلك يكون معيباً بالقصور ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية الوزارة الطاعنة على قوله "أنه وقد بدأ الشغب بين فريقي اللاعبين في ملعب الكرة فقد كان من المتعين على رجال الأمن أن يفطنوا لخطورة الموقف ويعملوا على تفريق المتظاهرين واتخاذ جميع الاحتياطات لتفادي وقوع الاشتباك بينهم فإن تهاونوا في ذلك وحصل الاشتباك وزاد الهرج والشغب واتسعت دائرته إلى داخل المدينة بغير أن يتخذ رجال الشركة الاحتياط اللازم لمنع وقوع الجرائم فإن ذلك بلا شك يكون خطأ منهم وتقصيراً في أداء وظيفتهم الأساسية يستوجب مساءلتهم عما يحدث نتيجة ذلك من أضرار". ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الوزارة الطاعنة أسست استئنافها على ما سبق أن دفعت به أمام محكمة الدرجة الأولى من انتفاء ركن الخطأ في جانبها وقالت إنه لا يمكن نسبة أي إهمال إليه في المسلك الذي سلكته وذلك لما هو ثابت من أن قوات الشرطة المخصصة لحراسة الملعب قد سارعت إلى تفريق الجمهور واستدعت على الفور قوات احتياطية من فرق الأمن وتمكنت تلك القوات جميعها من السيطرة على الجماهير الثائرة والقضاء على حالة الشغب التي أحدثتها - لما كان ذلك وكان يبين مما تقدم ذكره من أسباب الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بوقوع الخطأ من جانب الوزارة الطاعنة على أن رجال الأمن التابعين لها قد تهاونوا في العمل على تفريق المتظاهرين وفي اتخاذ الاحتياطات لتفادي وقوع الاشتباك بينهم دون أن يبين الحكم مظهر هذا التهاون ويورد دليله عليه وبخاصة بعد أن سجل الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه - في تقريراته أن رجال الشرطة قد تدخلوا إثر ثورة الجمهور على الحكم لتفريق المتظاهرين. لما كان ذلك وكان ما ذكره الحكم من حصول الاشتباك وزيادة الهرج والشغب واتساع دائرته إلى داخل المدينة لا يدل بذاته على حصول التهاون من رجال الشرطة في أداء واجباتهم إذ لا تقوم مسئولية الحكومة عن تعويض الأضرار التي تلحق الأفراد بسبب الاضطرابات والقلاقل إلا إذا ثبت أن القائمين على شئون الأمن قد امتنعوا عن القيام بواجباتهم أو قصروا في أدائها تقصيراً يمكن وصفه في الظروف التي وقع فيها الحادث بأنه خطأ. وإذ كان الحكم المطعون فيه على ما سلف القول قد خلا من التدليل على حصول هذا الامتناع أو التقصير من جانب رجال الأمن واعتبر مجرد حصول الاشتباك بين رجال الجمهور ورجال الشرطة وزيادة الهرج والشغب واتساع دائرته نتيجة حتمية لتهاون رجال الأمن في أداء أعمال وظيفتهم كما لم يواجه دفاع الوزارة الطاعنة الذي سجله في أسبابه بما يقتضيه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.


(1) راجع نقض 20 مايو سنة 1965 و16 نوفمبر سنة 1965 مج المكتب الفني س 16 ص 614 و1082 على التوالي ونقض 10 مارس سنة 1966 س 17 ص 536.

الطعن 404 لسنة 5 ق جلسة 14 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 68 ص 531

جلسة 14 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمد عزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

----------------

(68)

القضية رقم 404 لسنة 5 القضائية

مرفق عام - موظف - عقد العمل الفردي - سكة حديد الدلتا 

- مركز موظفيها عقب قيام مصلحة السكك الحديدية بإدارة المرفق - قرار مجلس الوزراء في 10/ 6/ 1953 بإبقاء الوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها - أثره - استمرار تطبيق قانون عقد العمل الفردي على موظفي هذا المرفق.

----------------
يبين من الاطلاع على المذكرة المرفوعة من وزير المواصلات والتي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 10 من يونيه سنة 1953 بشأن سكة حديد الدلتا أنها تضمنت ما يأتي: "وبما أن المصلحة تقتضي بقاء سير هذا المرفق أثناء المدة التي تستغرقها إجراءات الميزانية فالمرجو من المجلس التفضل بالموافقة على اعتبار الحراسة منتهية وعلى أن تقوم مصلحة السكك الحديدية بإدارة المرفق باعتبار أن أعمالها وثيقة الصلة به وعلى أن تكون إدارتها بالوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها مع تخويل مجلس إدارة السكك الحديدية سلطة البت في هذا المرفق خلال فترة إدارته بمعرفة المصلحة". وظاهر مما تقدم أن مركز المدعي وأمثاله هو مركز مؤقت يطبق في حقه قانون عقد العمل الفردي. بناء على ما جاء في قرار مجلس الوزراء سالف الذكر من أن تكون إدارة هذا المرفق بالوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها ومن بين هذه القواعد قانون عقد العمل الفردي الذي كان مطبقاً على موظفي المرفق المذكور قبل إدارته بمعرفة الهيئة العامة للسكك الحديدية التي تتولى إدارته بمقتضى قرار مجلس الوزراء سالف الذكر وبوضعه الحالي كما تقدم.


إجراءات الطعن

في يوم 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 72 لسنة 5 القضائية المرفوعة من المغاوري محمد الكفراوي ضد سكة حديد الدلتا (وزارة المواصلات) القاضي "بأحقية المدعي في اقتضاء مكافأته القانونية عن مدة خدمته وتعويض مساو لأجره الأخير عن سبعة أيام مدة المهلة وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي وألزمت المدعى عليها نصف مصروفات الدعوى وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب الواردة في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 24 من مايو سنة 1959 وإلى الخصم في 26 منه وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22 من مايو سنة 1960 حيث أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بأحقيته في مكافأة عن مدة خدمته مضافاً إليها مبلغ 150 جنيهاً على سبيل التعويض عن فصله التعسفي المخالف للقانون مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه كان من عمال سكة حديد الدلتا التي أسقط التزامها بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من يونيه سنة 1953 وأضيفت أعمالها إلى مصلحة السكة الحديد، وقد غاب المدعي عدة أيام متفرقة عن العمل وأوقعت عليه جزاءات الإنذار والخصم من راتبه، ولما كان قانون عقد العمل الفردي ينص على فصل العامل إذا بلغ مجموع أيام غيابه خلال السنة الواحدة أكثر من 15 يوماً فقد أحصت المصلحة مجموع أيام الغياب من أول يناير سنة 1956 وهي فترات متفرقة لم يبلغ إحداها 15 يوماً متوالية واحتسبتها 16 يوماً وأصدرت قراراً بفصل المدعي اعتباراً من 21 من مايو سنة 1956 وأقام المدعي دعواه أمام محكمة بندر طنطا العمالية فقضت بعدم الاختصاص لعدم الولاية، وقد قام دفاع المدعي على أنه غاب لأعذار قانونية من بينها المرض وردت المصلحة بأن المدعي أبدى استهتاراً بالعمل وقد كثر غيابه وانقطاعه ولم تجد فيه الجزاءات فأصدرت قراراً بفصله طبقاً لقانون عقد العمل الفردي.
وفي 21 من ديسمبر سنة 1958 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها قاضياً "بأحقية المدعي في اقتضاء مكافأته القانونية عن مدة خدمته وتعويض مساو لأجره الأخير عن سبعة أيام مدة المهلة وذلك بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي وألزمت المدعى عليها نصف مصروفات الدعوى وبأن تدفع للمدعي 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات". وأسست قضاءها على أنه "لا مشاحة في أن العلاقة بين المدعي وبين المدعى عليها قائمة على أساس عقد عمل رضائي فردي مما يندرج في نطاق القانون الخاص؛ لأنه وإن كان المدعي من مستخدمي الحكومة وعمالها بعد أن انتقلت إدارة المرفق إليها أثر إسقاط التزام شركة سكة حديد الدلتا المساهمة بقرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 3 من يونيه سنة 1953. إلا أنه ليس خاضعاً لتنظيم لائحي ومن ثم يطبق في شأنه المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي ويخضع فصله لأحكام ذلك القانون، ولم يثبت أن المدعي تغيب أكثر من خمسة عشر يوماً متقطعة في خلال السنة التي بدأت من أول يناير سنة 1956 بل إن مجموع أيام الغياب في تلك السنة لا تزيد على 14 يوماً. وكان أخر يوم تغيبه هو 13 من مايو سنة 1956 وجوزي عن ذلك بخصم يوم كجزاء وخصم يوم الغياب وأنذر إنذاراً نهائياً بالجزاء مشدداً إذا تكرر منه ذلك مستقبلاً، وغني عن البيان أن هذا الإنذار - كيفما كان تكييفه - ليس هو الإنذار القانوني الذي قصده المشرع في الفقرة الخامسة من المادة 40 من قانون عقد العمل الفردي، كما أن الإنذار الذي وجه من الهيئة إلى المدعي في 8 من أبريل سنة 1956 أثناء غيابه في شهر أبريل قد أهدرته الهيئة حين غاب المدعي وعاد إلى عمله يوم عيد الفطر فأنذرته بألا يعود إلى الغياب مرة أخرى، ولما كان المدعي قد عاد إلى عمله وانتظم فيه بعد 13 من مايو سنة 1956 (أخر يوم غياب له) فليس للهيئة المدعى عليها أن تعمد إلى فصله في 21 من مايو سنة 1956 قبل إكمال المدة القانونية ودون إنذار بالمخافة للمادة "40" من قانون العمال الفردي وإذ قد فعلت ذلك فإن الفصل يكون موجباً للمكافأة والتعويض عن المهلة، ولا اعتداد بما أثارته الهيئة من أن المدعي قد تكرر غيابه في أثناء السنة وجوزي عنه - لا اعتداد بذلك لأن أيام الغياب الواقعة في خلال السنة والتي جوزي عنها بجزاءات مختلفة وإن كانت تدخل في حساب الأيام الموجبة للفصل طبقاً للمادة 40 سالفة الذكر إلا أنها لا تصلح وحدها سنداً لهذا الفصل المسقط للمكافأة والتعويض دون أن تكتمل مدتها المنصوص عليها في المادة المذكورة، كما أن أيام الغياب الواقعة في سنوات سابقة وجوزي عنها المدعي لا تصلح من باب أولى سبباً لهذا الفصل ولكنها قد تنهض مبرراً لفسخ العقد غير المحدد المدة إن كشف هذا الغياب عن أن العامل دأب على الإخلال بشروط العقد وإن الفصل كان متناسباً مع خطئه.
ومن حيث إنه متى تبين ذلك يكون المدعي مستحقاً لتعويض معين مساو لأجره عن سبعة أيام مدة المهلة التي لم تمنح له قبل فسخ العقد طبقاً للمادة 36 من قانون عقد العمل الفردي كما يكون مستحقاً طبقاً للمادة 37 من القانون المشار إليه لمكافأة عن مدة خدمته على أساس أجرة عشرة أيام عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر خمسة عشر يوماً عن كل سنة من السنوات التالية بحيث لا تجاوز المكافأة أجر سنة (أي عن مدة خدمته من 21/ 9/ 1950 إلى 21/ 5/ 1956) وذلك على أساس أجره الأخير مضافاً إليه ملحقاته ومنها إعانة الغلاء طبقاً للمادة 38 من القانون المذكور، وقالت عن طلب التعويض أن الفيصل فيه هو ما نصت عليه المادة 31 من قانون عقد العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرف الجاري بعد تحقيق ظروف الفسخ أصابه ضرر من هذا الفسخ الحق في تعويض تقدره المحكمة مع مراعاة نوع العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرق الجاري بعد تحقيق ظروف الفسخ وذلك من عدم الإخلال بأحكام المادتين 36، 37 وما وضعه القانون العام من قيود وضوابط لاستعمال الحقوق استعمالاً مشروعاً" وأنه بتحقيق ظروف الفسخ اتضح أن المدعي وإن لم تكتمل في حقه المدة القانونية والإجراءات المقررة في المادة 40 من قانون عقد العمل الفردي إلا أن المحكمة ترى في ضوء هذه الظروف مما سبق سياقه، أن المدعي قد أكثر من الغياب منذ تعيينه في السنة الأخيرة وأوشك أن يتم مدة الفصل بغير تعويض أو مكافأة فإذا ما فصلته الهيئة المدعى عليها فإن هذا الفصل لا يكون خالياً من المبرر وإن لم تنطبق عليه شرائط المادة 40 التي تحرم من المكافأة والتعويض، ما دام أن المدعى عليها لم تقصد الإضرار بالمدعي، ولا تحقيق مصلحة غير مشروعة ومن ثم يتعين رفض هذا الطلب.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن من أحكام عقد العمل الفردي ما لا يتفق تطبيقه والأوضاع المرفقية للمصالح الحكومية ولذلك فلا تطبق أحكام ذلك العقد بحذافيرها في هذه الحالة بل يطبق فيها ما يلائم المحيط الإداري ولا يتنافى مع أصوله وأوضاعه ولما كان المدعي من عمال اليومية المؤقتة وهؤلاء يجوز فصلهم بغير هذه القيود التي اقتضاها الحكم المطعون فيه إذ أن العلاقة بين المدعي وبين الحكومة خليط من الوضعين، الوضع الإداري وعقد العمل الفردي، إذ يقتبس من عقد العمل الفردي ما يلائم الهيئة الإدارية من الأحكام وذلك كنظام لائحي وليس كتنظيم تعاقدي، فلا حرج على الإدارة إذ هي تحرت أن يكون تصرفها مطابقاً للوضعين الإداري والخاص.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المذكرة المرفوعة من وزير المواصلات والتي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 10 من يونيه سنة 1953 بشأن سكة حديد الدلتا أنها تضمنت ما يأتي: "وبما أن المصلحة تقتضي بقاء سير هذا المرفق أثناء المدة التي تستغرقها إجراءات الميزانية فالمرجو من المجلس التفضل بالموافقة على اعتبار الحراسة منتهية وعلى أن تقوم مصلحة السكك الحديدية بإدارة المرفق باعتبار أن أعمالها وثيقة الصلة به على أن تكون إدارتها بالوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها مع تخويل مجلس إدارة السكك الحديدية سلطة البت في شئون هذا المرفق خلال فترة إدارته بمعرفة المصلحة". وظاهر مما تقدم أن مركز المدعي وأمثاله هو مركز قانوني مؤقت يطبق في حقه قانون عقد العمل الفردي، بناء على ما جاء في قرار مجلس الوزراء سالف الذكر من أن تكون إدارة هذا المرفق بالوضع الحالي لموظفي الدلتا وطبقاً للوائحها وقواعدها ومن بين هذه القواعد قانون عقد العمل الفردي الذي كان مطبقاً على موظفي المرفق المذكور قبل إدارته بمعرفة الهيئة العامة للسكك الحديدية التي تتولى إدارته بمقتضى قرار مجلس الوزراء سالف الذكر وبوضعه الحالي كما تقدم. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه لأسبابه التي بني عليها، ويكون الطعن على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.