وحيث إن الطاعنين يهدفان من الطعنين الماثلين إلى الحكم بقبولهما
شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا: (أصليا) بعدم قبول
الدعوى شكلا، و(احتياطيا) برفضها موضوعا، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي
التقاضي.
وحيث إن الطعنين قد استوفيا جميع أوضاعهما الشكلية المقررة قانونا،
فمن ثم تقضي المحكمة بقبولهما شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص -حسبما هو ثابت من الأوراق- في
أنه بتاريخ14/7/2005 أقام المدعي (المطعون ضده) الدعوى رقم 34174 لسنة 59ق بإيداع
صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبا في ختامها الحكم بقبول
الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ، ثم إلغاء قرار لجنة التحريات فيما تضمنه من عدم
استحقاقه للوحدة رقم 6 مربع 3 عمارة 116 منطقة 1 مجاورة 45 إسكان مبارك للشباب
بمدينة العاشر من رمضان بمساحة (100) متر مربع، وإلزام المدعى عليهم (المطعون
ضدهم) صرف كامل المستحقات المدفوعة من المدعي للوحدة، مضافا إليها فائدة مقدارها
4% من تاريخ المطالبة القضائية، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكر المدعي (المطعون ضده) شرحا لدعواه أنه تقدم بطلب للحصول على شقة
بمدينة العاشر من رمضان طبقا للإعلان الذي تم من قبل الهيئة، وبتاريخ 30/6/1996 تم
تخصيص الوحدة رقم 6 مربع 3 عمارة 116 منطقة 1 مجاورة 45 إسكان مبارك للشباب بمدينة
العاشر من رمضان (100) متر مربع، وبتاريخ 1/7/1997 قام بالتعاقد مع بنك الإسكان
والتعمير، كما قام بسداد كامل قيمة الوحدة عدا القرض التعاوني، وتسلم الوحدة
بتاريخ 13/7/1997، وأنه بتاريخ 16/10/2004 قرر وزير الإسكان عدم خصم الغرامات المقررة
على (إسكان الشباب) أو (المستقبل)، والبالغة 7% من ثمن الوحدة، أو ألف جنيه سنويا
منذ تسليم الوحدة من الراغبين فى ردها لأجهزة المدن، سواء ممن أقاموا بها أو ممن
تصعب عليهم الإقامة بها لظروفهم الخاصة، ورد مستحقاتهم بشكل فوري، فتقدم على إثر
ذلك بتاريخ 1/12/2004 بطلب إلى رئيس جهاز إسكان الشباب للتنازل عن الوحدة المشار
إليها، وتم قبول التنازل بعد التحري عن أنه ليس من المخالفين، وتمت الموافقة على
التنازل، وقام رئيس الجهاز بمخاطبة رئيس هيئة المجتمعات للإفادة بتسلم الشقة ولا
توجد بها تلفيات، وأصبحت في حوزة الجهاز، كما تمت مخاطبة مدير بنك الإسكان -فرع
العاشر من رمضان- لاتخاذ اللازم نحو صرف مستحقاته المالية المدفوعة، إلا أنه تم
رفض صرف مستحقاته استنادا إلى أنه غير مستحق للوحدة، فتوجه إلى لجنة التحريات
للاستفسار عن سبب عدم استحقاقه، فأفادته بأنه تمت مراسلته دون أن يحضر إليهم،
وتظلم من القرار دون جدوى، ولجأ إلى لجنة فض المنازعات، ونعى المدعى على هذا
القرار صدوره مشوبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم، ومخالفته للقانون، والانحراف
بالسلطة، وعدم صحة سببه، بالإضافة إلى تحصن قرار استحقاقه للوحدة، وهو ما حداه على
إقامة الدعوى الماثلة بغية الحكم بطلباته المبينة سلفا.
وإبان نظر محكمة القضاء الإدارى للشق العاجل من الدعوى، قررت إحالة
الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها، وعند
تحضير الدعوى قدم الحاضر عن المدعي (المطعون ضده) صحيفة معلنة بطلب عارض -حسب نعته
له- في الدعوى حدده في الآتي:
(1) إلغاء قرار لجنة التحريات بوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات
العمرانية فيما تضمنه من عدم استحقاقه للوحدة رقم 6 مربع 3 عمارة 116 منطقة 1
مجاورة 45 إسكان مبارك للشباب بمدينة العاشر من رمضان (100) متر مربع، مع ما يترتب
على ذلك من آثار، أهمها إلزام المطعون ضدهم رد الوحدة السابق تخصيصها له بالحالة
التي كانت عليها وقت تسلمها منه، وبطلان تنازله عن الوحدة واعتباره كأن لم يكن.
(2) إلزام المدعى عليهم بالتضامن تعويضه بمبلغ مئة ألف جنيه عن الأضرار
المادية والأدبية التي لحقت به من جراء خطئهم.
(3) إبقاء الطلب الوارد بأصل صحيفة الدعوى طلبا احتياطيا.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم
بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك
من آثار، وإلزام جهة الإدارة المدعى عليها تعويض المدعي عما لحقه من أضرار بالمبلغ
الذي تقدره عدالة المحكمة، وذلك كله على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الجهة
الإدارية المصروفات.
وبعد تداول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمها المتضمن
في أسبابه عدم قبول الدعوى بالنسبة لمستشار وزير الإسكان لكونه غير ذي صفة في
الدعوى، وإخراجه منها بلا مصروفات، وأبانت في حكمها أنها قد اكتفت بذكر ذلك في
الأسباب. كما تضمنت الأسباب الحكم بعدم قبول الطلبين
الأصليين فى الدعوى -بعد تعديل الطلبات
فيها- والخاص (أولهما) بإلغاء القرار المطعون فيه ورد الوحدة السابق تخصيصها
للمدعي، والخاص (ثانيهما) بطلب التعويض عن القرار المطعون فيه بمبلغ مئة ألف جنيه،
وذلك استنادا إلى عدم سابقة قيام المدعى باللجوء بشأنهما إلى لجنة التوفيق في بعض
المنازعات، وقد جاء منطوق الحكم خاليا من القضاء الأخير، إذ قضت المحكمة في منطوق
حكمها بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على
ذلك من آثار، أخصها أحقية المدعي في استمرار تخصيص الوحدة، وإلزام جهة الإدارة
المدعى عليها أن تؤدي إلى المدعي مبلغا مقداره ستة وعشرون ألفا وسبعون جنيها وأحد
عشر قرشا، وفوائده القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام
السداد، وألزمتها المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها الوارد بمنطوق الحكم على أساس ما ثبت لها من
الأوراق أن الهيئة المدعى عليها أعلنت عن فتح باب الحجز لعدد من الوحدات السكنية
بمساحة 100 متر مربع بمشروع مبارك القومي لإسكان الشباب بمدينة العاشر من رمضان،
طبقا للشروط والضوابط الواردة بكراسة الشروط الخاصة بهذا المشروع، وقد تقدم المدعي
بطلب للحصول على وحدة سكنية من هذه الوحدات استنادا إلى توفر جميع الشروط في شأنه،
وقامت الهيئة بتخصيص الوحدة رقم 6 مربع 3 عمارة 116 منطقة 1 مجاورة 45 إسكان شباب
مبارك للشباب بمدينة العاشر من رمضان، وقام بسداد المستحقات المالية الواجبة
الأداء نتيجة هذا التخصيص بمبلغ مقداره ستة وعشرون ألفا وسبعون جنيها وأحد عشر
قرشا، وطبقا للتيسيرات الواردة بإعلان الهيئة العامة للمجتمعات العمرانية بالصحف
القومية بتاريخ 16/10/2004 قام المدعي بإعادة الوحدة إلى جهاز المدينة بالحالة
التي تسلمها عليها، ولا توجد بها تلفيات، وبعد أن أصبحت في حوزة الجهاز قام
بمخاطبة بنك الإسكان بتنازل المدعي عن الوحدة، وبالشروط المقررة بالتيسيرات من أن
تكون الوحدة بالحالة التي تسلمها بها، فإنه طبقا لهذه التيسيرات يحق له استرداد
كامل مستحقاته التي أداها في هذه الوحدة بمبلغ مقداره ستة وعشرون ألفا وسبعون
جنيها وأحد عشر قرشا، إلا أن البنك لم يقم بسداد كامل هذه المستحقات له استنادا
إلى أنه تقرر عدم أحقيته فى تخصيص الوحدة؛ لأن لجنة التحريات سبق أن أخطرته للحضور
إلا أنه لم يحضر أمامها، وقد خلت أوراق الدعوى مما يفيد أن جهة الإدارة المدعى
عليها (لجنة التحريات) قد قامت بإرسال إخطار إليه وتسلمه لهذا الإخطار، كما أنها
لم تقدم ما يفيد أن إخطارها له كان بمناسبة تخلفه عن أداء التزام من الالتزامات
المقررة قانونا، بل جاءت مجرد قول مرسل لا دليل عليه، ومن ثم يكون تقرير عدم
أحقيته فى تخصيص الوحدة، مع ما ترتب عليه من الامتناع عن رد المبالغ السابق
تحصيلها منه بسبب ما انتهت إليه لجنة التحريات من عدم استحقاقه للوحدة غير قائم
على سند من القانون جديرا بالإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها صرف كامل
مستحقاته المالية التي دفعها في الوحدة، ومقداره ستة وعشرون ألفا وسبعون جنيها
وأحد عشر قرشا.
أما عن طلب المدعى الفوائد القانونية فالمسلم به على وفق حكم المادة
(226) مدني أنه متى كان محل الإلزام مبلغا من النقود معلوم المقدار عند الطلب، وتأخر المدين في الوفاء به، فإنه يكون ملزما أن يدفع إلى
الدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد مقدارها 4% سنويا في المسائل المدنية،
وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها، وإذ كان الثابت مما تقدم أنه
قد استحق للمدعى مبلغ مقداره ستة وعشرون ألفا وسبعون جنيها وأحد عشر قرشا، وامتنعت
جهة الإدارة المدعى عليها عن الوفاء به، فإنها تلزم بأداء الفوائد القانونية
المستحقة عليه بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية به وحتى تمام السداد.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولا لدى رئيس هيئة المجتمعات العمرانية
الجديدة (بصفته) ورئيس جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان (بصفته)، فقد أقاما الطعن
رقم 27029 لسنة 57 ق.ع.
وأقام الطاعن الأول (رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بصفته)
كذلك الطعن الثاني رقم 27784 لسنة 57 ق.ع، بغية الحكم بالطلبات المذكورة سلفا.
- وقد تضمن الطعن الأول أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه، وحددها في
مخالفته للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، والإخلال بحق الدفاع، استنادا إلى
الآتي:
(أولا) أن المطعون ضده أقام الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بعد
المواعيد المنصوص عليها قانونا، حيث إنه تم رفض التظلم المقدم منه من قرار لجنة
التحريات بتاريخ 16/1/2005، ثم قدم طلبه إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بتاريخ
26/5/2005، ثم أقام دعواه بتاريخ 14/7/2005، وقد كان يتعين عليه إقامة الدعوى في
ميعاد غايته 8/7/2005.
(ثانيا) عدم لجوء المطعون ضده إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات بعد
تعديل طلباته، لا سيما أن الطلبات
المعدلة لم تتضمن شقا عاجلا.
(ثالثا) التناقض بين أسباب الحكم ومنطوقه، فقد جمع حكم المحكمة بين
نقيضين، وهما رد المبالغ التي سبق للمطعون ضده سدادها، مع استمرار تخصيص له.
- أما الطعن الثاني (رقم 27784 لسنة 57 ق.ع) فقد أضاف للأسباب المتقدمة
أن المطعون ضده خالف شروط التخصيص المنصوص عليها بكراسة الشروط؛ وذلك بقيامه
بالتنازل عن الوحدة لشقيقه:...، وذلك لثبوت إقامته بالوحدة، ولقيام المطعون ضده
بعمل توكيل له يبيح له التنازل عن الوحدة لنفسه، وبناء على ذلك تم إلغاء التخصيص
لهذه الوحدة، وحتى يتجنب المطعون ضده خسارة المبالغ السابق دفعها للوحدة تقدم بطلب
لاستردادها بعد صدور قرار الإلغاء، وتيسيرا من الهيئة الطاعنة على المطعون ضده
قبلت طلبه فى مقابل خصم مقابل الانتفاع بالوحدة، إلا أنه رفض خصم هذه المبالغ.
واختتم تقريرا الطعنين بالطلبات المبينة سلفا.
وحيث إنه عن موضوع الطعنين، فإن المستقر عليه أن الطعن أمام المحكمة
الإدارية العليا يطرح المنازعة فى الحكم المطعون فيه برمتها، ويفتح الباب أمامها
لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزنا مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به
حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه، ومن ثم فإن لهذه المحكمة أن تنزل حكم القانون
على المنازعة على الوجه الصحيح، غير مقيدة بأسباب الطعن على الوجه الذي تم طرحه في
خصومة الطعن، أو بطلبات الخصوم، أو بما آلت إليه الطلبات
المرتبطة في الحكم المطعون فيه، مادام المراد هو مبدأ الشرعية، نزولا على سيادة
القانون في روابط القانون العام.
وحيث إنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الدعوى إنما
هو من تصريف المحكمة، إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن
تتقصى هذه الطلبات،
وأن تستظهر مراميها، وما قصده الخصوم من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق،
وتكييفها القانوني الصحيح، على هدي ما تستنبطه من واقع الحال وملابساتها، ومن سياق
الدعوى، وما قدم فيها من مذكرات ومستندات، وذلك دون أن تتقيد في هذا الصدد بتكييف
الخصوم لها، بل بحكم القانون فحسب، إلا أنه يتعين ألا يصل الأمر إلى حد التعديل في الطلبات بإضافة طلبات لم يطلبوا الحكم بها، أو أن تحور في تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصود الخصوم ونيتهم من وراء إبدائها.
ومن المقرر أنه يجب أن تكون هناك علاقة تربط بين الطلبات
الأصلية والاحتياطية، وأن تحديد هذه العلاقة من الأمور التي تخضع لتقدير المحكمة
في ضوء ما طرحه الخصوم من طلبات ووقائع ملابسات المنازعة المعروضة عليها، غير
مقيدة بوصف الخصوم لطلباتهم، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي للمدعي بالطلبين الأصلي والاحتياطي،
وإلا قضت بما لا يطلب منها، وكان قضاؤها معيبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه،
ومن ثم فإن هي قضت للمدعي بالطلب الأصلي،
فإنه يمتنع عليها التعرض للطلب الاحتياطي،
ومن ثم فهي لا تتعرض للأخير إلا في حالة حكمها بعدم قبول أو رفض الطلب الأصلي،
أو إذا قرر المدعي ترك الخصومة في الطلب الأصلي.
وحيث إنه فيما يتعلق بالطلبات في الخصومة الماثلة، فإن تحديدها يقتضي
الوقوف على أهداف المدعي (المطعون ضده) من إقامة دعواه، وذلك باستجلاء مراميه من
واقع صحيفة دعواه، والمستندات المقدمة من الطرفين فيها.
وحيث إنه بالاطلاع على المستندات يتضح أنه على إثر صدور قرار بقواعد
التيسيرات في 16/10/2004 من وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة
بعدم خصم الغرامات المقررة على (إسكان الشباب) أو (المستقبل) والبالغة 7% من ثمن
الوحدة أو ألف جنيه سنويا منذ تسليم الوحدة من الراغبين فى ردها لأجهزة المدن،
سواء ممن أقاموا بها، أو ممن تصعب عليهم الإقامة بها لظروفهم الخاصة، ورد
مستحقاتهم بشكل فوري ونقدي، تقدم المطعون ضده لجهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان
بالتنازل رقم (4460) بتاريخ 1/12/2004 عن الوحدة السكنية التي خصصت له بتاريخ
30/6/1996 في مشروع الهيئة الطاعنة بإسكان مبارك للشباب بمدينة العاشر من رمضان،
والتي لم يقم فيها المطعون ضده منذ تسلمها في 13/7/1997 وحتى إعادتها بموجب تنازله
إلى جهاز مدينة العاشر من رمضان، لكونه غير راغب فيها منذ تخصيصها لبعدها عن مقر
عمله، لذا طلب في 10/10/1996 (بعد تخصيصها له من بنك الإسكان والتعمير) تغيير
التخصيص ليكون في مدينة الشروق، كما طلب في تنازله إما استبدال وحدة أخرى بمدينة
الشروق بها، أو استرداد المبالغ التي دفعها، وأن جهة الإدارة وافقت على تنازله،
ورد جميع ما سدده ثمنا للوحدة، وأنه عقب إعادة الوحدة إلى الجهاز بالحالة نفسها
التي تسلمها بها وبلا تلفيات، صدر كتاب رئيس جهاز الشباب بالهيئة الطاعنة إلى بنك
الإسكان والتعمير برد جميع ما سدده ثمنا للوحدة على وفق قواعد التيسيرات، وأنه لدى
استرداد هذه المبالغ لم تطبق عليه قواعد التيسيرات المشار إليها استنادا إلى ما
كانت قد انتهت إليه لجنة التحريات في غضون 22/9/2001 من عدم استحقاق المطعون ضده
للوحدة، واستنادا إلى القواعد التي وضعتها اللجنة الرئيسية بشأن تنفيذ قواعد
التيسيرات على المستحقين، والمستحقون هم فقط الذين يستردون مقدم الحجز كاملا دون
أي خصم، أما غير المستحقين فلا تطبق عليهم التيسيرات، بل يتم خصم نسبة 11% من مقدم
الحجز، بالإضافة إلى مقابل الانتفاع الذي يحسب من تاريخ تسلم الوحدة، ذلك الأمر
الذي حدا المطعون ضده على إقامة دعواه المفتتح بها الخصومة بغية الحكم له باسترداد
كامل ما سدده من ثمن الوحدة.
كما أنه أثناء نظر الدعوى قام المطعون ضده بموجب صحيفة معلنة بإضافة
طلبين: (أولهما) بوقف تنفيذ وإلغاء قرار لجنة التحريات بوزارة الإسكان والمرافق
والمجتمعات العمرانية فيما تضمنه من عدم استحقاقه للوحدة السكنية، مع ما يترتب على
ذلك من آثار، أهمها إلزام جهة الإدارة رد هذه الوحدة إليه، وبطلان تنازله عنها،
واعتباره كأن لم يكن، والثابت أن إعادة هذه الوحدة كان بتنازل المطعون ضده، وأنه
لم يصدر قرار عن السلطة المختصة بإلغاء التخصيص وسحب الوحدة السكنية بناء على ما
انتهت إليه لجنة التحريات، وآية ذلك أن صدور مثل هذا القرار بسحب التخصيص من شأنه
أن يحرم المطعون من جميع المبالغ التى دفعها على وفق ما تضمنته كراسة الشروط التي
تم على أساسها التخصيص للمطعون ضده، فى حين أن الجهة الإدارية وافقت على رد هذه
المبالغ للمطعون ضده، مخصوما منها نسبة 11% ومقابل الانتفاع.
أما عن (الطلب الثاني) فهو تعويضه بمبلغ مئة ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية
التي لحقت به من جراء خطأ المدعى عليهم، ثم طلب اعتبار الطلبين
المتقدمين طلبين أصليين، والطلب الذي
ضمته صحيفة دعواه طلبا احتياطيا.
وبناء على ما تقدم، وحيث إن المنازعة الماثلة تعد من المنازعات
العقدية؛ لتعلقها بعقد إداري وبعلائق وقعت بعد ما تم تخصيص الوحدة السكنية محل
النزاع، فإن طلبات المدعي (المطعون ضده) تتحدد في الآتي: الحكم بقبول الدعوى شكلا،
وفي الموضوع:
(أولا) -أصليا- الحكم ببطلان تنازله رقم (4460) بتاريخ 1/12/2004 عن
الوحدة السكنية رقم 6 مربع 3 عمارة 116 منطقة 1 مجاورة 45 إسكان مبارك للشباب بمدينة
العاشر من رمضان بمساحة (100) متر مربع، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إلزام
جهة الإدارة رد هذه الوحدة له.
و-احتياطيا- إلزام جهة الإدارة أن تؤدي إليه جميع المبالغ التي سددها
من ثمن للوحدة السكنية طبقا لقواعد التيسيرات.
(ثانيا) بتعويضه بمبلغ مئة ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي
لحقت به من جراء خطأ الجهة الإدارية الطاعنة في عدم تطبيق قواعد التيسيرات عليه،
وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وحيث إن الدعوى قد استوفت جميع أوضاعها الشكلية المقررة قانونا، فمن
ثم تكون مقبولة شكلا.
وحيث إنه عن موضوع الطلب الأصلي الأول (الخاص ببطلان تنازل المطعون ضده) فإن المادة (147) من
القانون المدني تنص على أن: "العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا
تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون".
وتنص المادة (148) من هذا القانون على أنه: "1- يجب تنفيذ العقد
طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية...".
وتنص المادة (16) من اللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية
الجديدة، الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم (14) لسنة 1994 على أنه: "تتخذ
إجراءات إلغاء تخصيص الأراضى والعقارات بالمجتمعات العمرانية الجديدة فى الحالات
الآتية: (1) بناء على طلب صاحب الشأن...".
وحيث إنه من المقرر أن المشرع فى المادتين (147) و(148) من القانون
المدنى، قد وضع أصلا من أصول القانون ينطبق على العقود المدنية والإدارية على حد
سواء، مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاقهما
أو للأسباب التي يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقا لما اشتمل عليه،
وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ومن مقتضى ذلك مراعاة حسن النية فى تنفيذ
العقد، فلا يتعسف أي طرف في المطالبة بحقوقه الناشئة منه والمنبثقة عنه.
ومن المقرر أن التنازل الصادر عن أحد أطراف العقد يعد من الحالات التي
يترتب عليها إلغاء التخصيص على وفق نص المادة (16/1) من اللائحة العقارية، وأن
التنازل هو نقض للعقد، ويترتب عليه انحلال الرابطة العقدية وانفساخ العقد، وإعادة
المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها عند التعاقد، شريطة أن يلاقي هذا التنازل
قبولا لدى المتعاقد الآخر، وأن تكون إرادة الطرفين صادرة عمن هو أهل لها، وخالية
مما يعيبها.
وهديا بما تقدم، ولما كان الثابت أن تنازل المطعون ضده المقيد برقم
(4460) بتاريخ 1/12/2004 عن الوحدة السكنية المخصصة له كان -بحسب الأصل- بسبب عدم
رغبته منذ تخصيصها له؛ لبعدها عن مقر عمله، وأنه على إثر الفرصة التي سنحت له
بموجب قواعد التيسيرات الصادرة بتاريخ 16/10/2004 عن وزير الإسكان والمرافق
والمجتمعات العمرانية الجديدة، لجميع الحاجزين والمخصص لهم وحدات سكنية (سواء ممن
أقاموا بها أو ممن تصعب عليهم الإقامة بها لظروفهم الخاصة) قام المطعون ضده بإعادة
الوحدة السكنية المخصصة له بموجب تنازله المشار إليه في الموعد المحدد فى قواعد
التيسيرات، وأن هذا التنازل صادف قبولا لدى الجهة الإدارية، وتم تشكيل لجنة لتسلم
الوحدة، وقام المطعون ضده بتسليمها في 19/12/2004، ومن ثم فإن هذا التنازل قد وقع
صحيحا، وبإرادة صحيحة لا يشوبها غش ولا تدليس، وأنه بهذا التنازل تم إلغاء تخصيص
الوحدة المشار إليه، وفسخ التعاقد، ومن ثم لا يحق له -والحال كذلك- أن يطلب رد
الوحدة السكنية المتنازل عنها منه.
ولا ينال من ذلك ما ذكره المطعون ضده من أن دافعه على التنازل عن
الوحدة كان هو استرداده لكامل ما سدده من ثمنها على وفق قواعد التيسيرات المشار
إليها، فى حين أن الجهة الإدارية عاملته فى ذلك الشأن بالقواعد العامة فى
الاسترداد؛ ذلك لأن أثر هذا الدافع لا شأن له بصحة التنازل، إذ إنه يصب فحسب على
آثار فسخ العقد، وتحديد ما يجب أن يسترده المطعون ضده من ثمن الوحدة السكنية فقط،
لا سيما أنه قد اشترك مع هذا الدافع دافع آخر، هو زهد المطعون ضده وعدم رغبته فى
الوحدة السكنية محل النزاع لبعدها عن مقر عمله، وهو ما أفصحت عنه الأوراق المقدمة
منه فى الدعوى، وبناء عليه يكون هذا الطلب غير قائم على سند صحيح من الواقع والقانون، جديرا بالرفض.
وحيث إنه عن الطلب الاحتياطى للطلب الأصلي الأول (الذي تم القضاء برفضه) والخاص بإلزام
جهة الإدارة أن تؤدي للمطعون ضده جميع المبالغ التي سددها من ثمن للوحدة السكنية
طبقا لقواعد التيسيرات، مضافا إليها فوائد بنسبة 4% من تاريخ المطالبة القضائية،
فإن المادة (14) من القانون رقم (59) لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية
الجديدة تنص على أنه: "يكون الانتفاع بالأراضي والمنشآت الداخلة في المجتمعات
العمرانية الجديدة طبقا للأغراض والأوضاع ووفقا للقواعد التي يضعها مجلس إدارة
الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوي الشأن، وفي حالة المخالفة يكون لمجلس إدارة
الهيئة إلغاء ترخيص الانتفاع أو الامتياز إذا لم يقم المخالف بإزالة المخالفة خلال
المدة التى تحددها الهيئة بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، وينفذ قرار الإلغاء
بالطريق الإداري".
وحيث إن مفاد هذا النص أن المشرع لم يشأ أن يرتب على مجرد وقوع
المخالفة لقواعد التخصيص بالانتفاع بالعقارات والمنشآت الداخلة فى المجتمعات
العمرانية الجديدة إلغاء التخصيص، إذ استلزم لإصدار قرار الإلغاء أن يسبقه الإخطار
بالمخالفة لذوي الشأن بموجب كتاب موصى عليه بعلم الوصول، وأن يتضمن هذا الكتاب
تحديد أجل معين يتم في خلاله تصحيح المخالفة، ومن ثم لا يجوز اللجوء إلى إصدار
قرار الإلغاء إلا بعد هذا الإخطار، وعدم تصحيح المخالفة من ذوي الشأن خلال الأجل
المحدد لهم.
وحيث إنه من المقرر أنه بالنظر لجسامة القرار الصادر بإلغاء التخصيص،
مع ما يترتب عليه من فوات فرصة استغلال ما تم تخصيصه من وحدات سكنية أو أراض ونحو
ذلك، فإن الإجراءات التي استلزمتها المادة (14) من القانون رقم (59) لسنة 1979
تطبق على جميع الأعمال والقرارات، سواء السابقة منها على صدور القرار بإلغاء
التخصيص، أو اللاحقة على صدوره؛ لأنها تعد ضمانة جوهرية، قصد منها المشرع أن
تستبين جهة الإدارة مدى إصرار صاحب الشأن وعزوفه عن تصحيح موقفه، وفي الوقت نفسه
إعلانه بما سيتخذ ضده من قرار أو ما اتخذ بسبب هذه المخالفة، وتمكينا له من توضيح
موقفه، وبناء عليه يترتب على مخالفة هذه الإجراءات بطلان القرار الصادر بإلغاء
التخصيص.
وحيث إن كراسة الشروط التي على أساسها تم طرح الوحدات السكنية (بما
فيها الوحدة محل النزاع) قد حددت الحالات التي يلغى فيها التخصيص أو التعاقد،
ومنها: "عدم صحة البيانات الواردة بالاستمارة عند تقديمها".
وحيث إنه من المعلوم بالضرورة أن هناك بعض البيانات التي يضمنها
الحاجز للوحدة في الاستمارة المخصصة لهذا الغرض عرضة للتغير والتعديل بطبيعتها،
كالبيانات المتعلقة بمحل إقامته، وعدد أولاده، واسم زوجته، ونحو ذلك، لذلك صار
لازما على الجهة المنوط بها التحري عن صحة هذه البيانات ألا تتراخى زمنا في تحريها
عن هذه البيانات، وتلزم في حال إذا ما أسفرت هذه التحريات عن عدم صحة البيانات
كلها أو بعضها، سواء أكان التحري قد تم في زمن معقول أم تم بعد انقضاء فترة زمنية
طويلة من تقديم الاستمارة، أن تخطر صاحب الشأن بنتائج هذه التحريات بالوسيلة التي
حددها القانون بموجب كتاب موصى عليه بعلم الوصول، وأن هذه الوسيلة تعد من
الإجراءات الضرورية والضمانات الجوهرية، لأنها تتيح لصاحب الشأن فرصة الرد على ما
جاء بالتحريات، وبيان موقفه منها، وأن مخالفة ذلك من شأنه أن يجعل ما تم إجراؤه من
تحريات، وما صدر بناء عليها من قرارات موصوما بالبطلان.
وحيث إن الثابت أنه بتاريخ 16/10/2004 صدر قرار وزير الإسكان والمرافق
والمجتمعات العمرانية الجديدة بقواعد التيسيرات، التي تضمنت عدم خصم الغرامات
المقررة على (إسكان الشباب) أو (المستقبل)، والبالغة 7% من ثمن الوحدة أو ألف جنيه
سنويا منذ تسليم الوحدة، وذلك بالنسبة لحاجزي هذه الوحدات الراغبين في ردها لأجهزة
المدن الجديدة، سواء منهم من أقاموا فيها أو من صعبت عليهم الإقامة بها لظروفهم
الخاصة، ورد مستحقاتهم بشكل فوري ونقدي من قبل أجهزة المدن الجديدة، وذلك في موعد
أقصاه 21/12/2004، على أن تقوم لجان التحريات بالوزارة بتحديد قائمة بأسماء حاجزي
تلك الوحدات من المخالفين لقواعد التعاقد، على أن يتم خصم الغرامة المحددة عقب ذلك
التاريخ.
والثابت أن المطعون ضده قد تقدم بتنازله عن الوحدة السكنية بتاريخ
1/12/2004 فى المدة المحددة لتطبيق قواعد التيسيرات المشار إليها، إلا أنه لم
يعامل بها في استرداد كامل ما سدده من مبالغ ثمنا لهذه الوحدة، وذلك بسبب ما انتهت
إليه لجنة التحريات في 22/9/2001 بمناسبة إعادة الاستعلام عن المطعون ضده وآخرين
من حاجزي الوحدات السكنية والمتعاقدين، إذ انتهت هذه اللجنة إلى عدم استحقاق
المطعون ضده للوحدة المتعاقد عليها بسبب عدم صحة البيانات الواردة باستمارة الحجز؛
لكونه غير مقيم مع والدته بالعنوان الذي حدده في هذه الاستمارة، وذكرت الجهة
الإدارية أن اللجنة أخطرته بهذه المخالفة بالخطاب رقم (20) المؤرخ في 9/10/2002،
إلا أنه لم يحضر أمامها، ولم يبد سببا لذلك، وهو ما حدا اللجنة على إخطار بنك
التعمير وجهاز إسكان الشباب بهذه المخالفة التي كانت سببا في عدم استفادة المطعون
ضده من قواعد التيسيرات، ومن ثم قامت بتطبيق القواعد العامة المقررة في هذا الشأن
بخصم نسبة 11% من مقدم الحجز، بالإضافة إلى مقابل الانتفاع الذي يتم حسابه من
تاريخ تسلم الوحدة وحتى تاريخ تسليمها بالجهاز.
وحيث إن الثابت مما تقدم أن هذه التحريات قد أجرتها لجنة التحريات بعد
مرور ما يزيد على خمس سنوات من تخصيص الوحدة للمطعون ضده، وهو ما يحتمل معه حدوث
تغييرات ببعض بيانات المطعون ضده في هذه الفترة، لاسيما المتعلقة بإقامته، كما أن
الثابت أن الجهة الإدارية لم تقدم ما يفيد إخطار المطعون ضده بموجب كتاب موصى عليه
بعلم الوصول بالمخالفة المنسوبة إليه في هذه التحريات، كما لم تقدم صورة خطابها
رقم (20) المؤرخ في 9/10/ 2002 كما جاء فى ردها على الدعوى، كما أن الثابت من هذه
التحريات أنها لم تكن الأولى، إذ إنها -حسبما جاء بخطاب الإدارة العامة للتفتيش
المالى والإداري بالهيئة الطاعنة المقدم منها في الدعوى- كانت بمناسبة إعادة
الاستعلام على المطعون ضده، بما مؤداه أن التحريات الأولى أو السابقة لم تنجم عنها
أية مخالفات في جانب المطعون ضده.
وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن عبء الإثبات في المنازعة
الإدارية يقع على عاتق الجهة الإدارية، وذلك خروجا على الأصل العام المقرر في هذا
الشأن، وبناء عليه تكون الجهة الإدارية الطاعنة قد أغفلت أحد الإجراءات المهمة
والضمانات الجوهرية اللازمة لصحة ما انتهت إليه لجنة التحريات، إذ إنها عولت على
ما انتهت إليه هذه اللجنة -رغم ما أصابه من عوار- في حرمان المطعون ضده من تطبيق
قواعد التيسيرات، وما يترتب عليها من أحقيته في صرف جميع المبالغ التى سددها من
ثمن للوحدة السكنية، وهو ما يتعين معه -والحال كذلك- القضاء بإلزام الجهة الإدارية
الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده كامل هذه المبالغ؛ عملا بقواعد التيسيرات المشار
إليها.
وحيث إنه عن طلب المطعون ضده التعويض عن الأضرار المادية والأدبية
التى لحقت به من جراء خطأ الجهة الإدارية الطاعنة في عدم تطبيق قواعد التيسيرات
عليه، فإن المستقر عليه أن المسئولية -سواء أكانت تقصيرية أم كانت عقدية- تنهض على
أركان ثلاثة: الخطأ والضرر وعلاقة السببية، وقد ثبت فيما تقدم تحقق عنصر الخطأ
بامتناع الجهة الإدارية الطاعنة عن تطبيق قواعد التيسيرات المعلنة منها على
المطعون ضده، ومن ثم لم تقم بصرف جميع المبالغ التى سددها من ثمن الوحدة السكنية
محل النزاع، إذ عرضت عليه هذه المبالغ مخصوما منها نسبة 11% من مقدم الحجز،
بالإضافة إلى مقابل الانتفاع بالوحدة السكنية، وقد ترتبت بسبب هذا الخطأ أضرار
حاقت بالمطعون ضده، والمحكمة فى مجال سلطتها التقديرية تقدر التعويض المستحق
للمطعون ضده عن جميع ما أصابه من أضرار بمبلغ يحدد بنسبة 4% من المبالغ التي
امتنعت عن سدادها، وذلك اعتبارا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
وحيث إن الحكم المطعون قد خالف هذا النظر، وتضمن القضاء للمطعون ضده
باستمرار تخصيص الوحدة السكنية، وإلزام الجهة الإدارية رد ثمن هذه الوحدة للمطعون
ضده، فإنه يكون بذلك أخطأ فى تطبيق القانون، وهو ما يتعين معه إلغاؤه، والقضاء
مجددا بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام الجهة الإدارية الطاعنة أن تؤدي
للمطعون ضده جميع المبالغ التي سددها ثمنا للوحدة السكنية، وتعويضه بمبلغ يحدد
بنسبة 4% من المبالغ التي امتنعت عن سدادها، وذلك اعتبارا من تاريخ المطالبة
القضائية وحتى تمام السداد، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وحيث إنه عن المصروفات فإن المحكمة تلزم بها الطرفين مناصفة عن درجتي
التقاضي؛ عملا بحكم المادة (186) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون
فيه، والقضاء بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام الجهة الإدارية الطاعنة أن
تؤدي للمطعون ضده جميع المبالغ التي سددها ثمنا للوحدة السكنية، وتعويضه بمبلغ
يحدد بنسبة 4% من المبالغ التي امتنعت عن سدادها من هذا الثمن، اعتبارا من تاريخ
المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، على النحو المبين بالأسباب، ورفض ما عدا ذلك
من طلبات، وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة عن درجتي التقاضي.