جلسة 25 من مايو سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/
محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، أحمد الزواوي،
محمد جمال وأنور العاصي نواب رئيس المحكمة.
----------------
(220)
الطعن رقم 2549 لسنة 58
القضائية
(1)تأميم.
قانون.
التأميم. ماهيته. تعيين
المشروع المؤمم والعناصر التي ينصب عليها. مرجعه القانون. ليس لغير السلطة
التشريعية تغيير المشروع المؤمم أو الإضافة إلى عناصره بدعوى تصحيح ما وقع من خطأ
مادي.
(2)اختصاص "الاختصاص الولائي".
القضاء العادي. هو صاحب
الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء
يجب عدم التوسع في تفسيره.
(3)تأميم. اختصاص "اختصاص الولائي: لجان التقييم".
لجان التقييم. نطاق
اختصاصها. م 3 من القانونين 117، 118 لسنة 1961. خروجها عن ذلك بتقييم ما لم يقصد
المشرع إلى تأميمه أو استبعاد بعض العناصر المؤممة. أثره. ليس لقرارها أية حصانة.
قرارها بالفصل في نزاع بين المنشأة المؤممة وبين الغير بشأن الأموال والحقوق
المتنازع عليها أو أي نزاع غير متعلق بالتقييم في ذاته. اختصاص المحاكم بتحقيقه
والفصل فيه.
(4)حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً". إيجار.
التفات الحكم عن التحدث
عن دفاع جوهري - قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى - إيراداً ورداً. قصوره.
"مثال في إيجار".
----------------
1 - النص في المادتين 34،
35 من الدستور وفي المادة 805 من القانون المدني. يدل على أن التأميم عمل من أعمال
السيادة تختص به السلطة التشريعية وحدها ويراد منه نقل ملكية المشروع الخاص كله أو
بعضه إلى الملكية الجماعية ممثلة في الدولة تحقيقاً لضرورات اجتماعية واقتصادية،
وإن تعيين المشروع المؤمم وتحديد العناصر التي ينصب عليها التأميم يرجع فيه إلى
القانون وحده، ولا يجوز لغير السلطة التشريعية تعديل نص القانون بتغيير المشروع
المؤمم أو الإضافة إلى عناصره بدعوى تصحيح ما وقع فيه المشرع من خطأ مادي.
2 - القضاء العادي هو
صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية فإن أي قيد يضعه المشرع
للحد من هذه الولاية - ولا يخالف - أحكام الدستور - يعتبر استثناءً وارداً على أصل
عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
3 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة - أن اختصاص لجان التقييم - كما بينته المادة الثالثة من القانونين 117،
118 لسنة 1961 - هو تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت وذلك بتحديد الحقوق
والأموال المكونة لها وقت التأميم وتقدير قيمتها وتحديد مقدار ديونها في ذلك
التاريخ أما إذا خرجت عن النطاق الذي رسمه لها المشرع بأن قيمت ما لم يقصد المشرع
إلى تأميمه أو استبعدت بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم فلا يكون
لقرارها من أثر ولا يكتسب أية حصانة ولا تكون له حجية قبل الدولة أو أصحاب الشأن
ولا يحول قرارها دون المحاكم - صاحبة الولاية العامة - في تحقيق المنازعات التي
تثور بين الغير وبين المنشآت المؤممة بشأن الأموال المتنازع عليها أو أي نزاع آخر
لا يتعلق بالتقييم في ذاته.
4 - إذ كانت الطاعنة قد
تمسكت في دفاعها بأنها تستأجر العقار الكائن به المخبز محل التداعي بعقد إيجار
مؤرخ 1/ 10/ 1964 صادر لها من المطعون ضده الأول ومورث المطعون ضدهم ثانياً، وقدمت
عقد إيجار وإيصال سداد أجرة مؤرخ 1/ 3/ 1976 وهو دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في
الدعوى، فالتفت الحكم عن التحدث عن هذا الدفاع إيراداً ورداً وقضى بتسليم عين
النزاع باعتبار الشركة الطاعنة غاصبة لها، فإنه يكون معيباً بالقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول ومورث
المطعون ضدهم "ثانياً" أقاما الدعوى رقم 1371 لسنة 1973 مدني شمال
القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثالث بطلب الحكم بتثبيت
ملكيتهما للمخبز وملحقاته المبين بالأوراق والتسليم ذلك أنهما يملكانه وتم
الاستيلاء عليه استناداً للقانون 42 لسنة 1962 الذي تضمن بياناً للعين التي أممت
لا ينطبق على عين النزاع، وإذ يعد الاستيلاء عليها من أعمال الغصب فقد أقاما
الدعوى للحكم لهما بالطلبات السالفة، ومحكمة أول درجة - بعد أن ندبت خبيراً وقدم
تقريره - حكمت بتاريخ 27/ 11/ 1984 بالطلبات. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم
بالاستئناف 229 لسنة 102 ق القاهرة، وبتاريخ 12/ 4/ 1988 قضت المحكمة بالتأييد
طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض
الحكم نقضاً جزئياً، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره
التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
سببين، تنعى الشركة الطاعنة بالوجه الثاني من السبب الأول وبالشق الأول من السبب
الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنها تمسكت في دفاعها
بأن المخبز محل التداعي هو ذات المخبز المقصود بالتأميم والمنصوص عليه بالجدول
المرافق للقانون 42 لسنة 1962 رغم اختلاف العنوان واسم المالك فذلك لا يعدو أن
يكون خطأ مادياً غير مؤثر، واستدلت على ذلك بأن المطعون ضده الأول ومورث المطعون
ضدهم ثانياً لا يملكان مخبزاً آخر بالعنوان المذكور بقانون التأميم، وبأنه من
عناصر شركة....... للمخابز التي ظلت قائمة حتى صدور قانون التأميم، فرفض الحكم هذا
الدفاع لاختلاف اسم وعنوان مالك المخبز الوارد بقانون التأميم عن هذا المخبز، وهو
مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله، ذلك أن النص في المادة 34 من الدستور على أن "الملكية الخاصة مصونة ولا
يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي ولا تنزع
الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون، وحق الأرض مكفول"
وفي المادة 35 على أنه "لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون
مقابل تعويض". وفي المادة 805 من القانون المدني على أن "لا يجوز أن
يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها،
ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل" يدل على أن التأميم عمل من أعمال السيادة
تختص به السلطة التشريعية وحدها ويراد منه نقل ملكية المشروع الخاص كله أو بعضه
إلى الملكية الجماعية ممثلة في الدولة تحقيقاً لضرورات اجتماعية واقتصادية، وإن
تعيين المشروع المؤمم وتحديد العناصر التي ينصب عليها التأميم يرجع فيه إلى
القانون وحده، ولا يجوز لغير السلطة التشريعية تعديل نص القانون بتغيير المشروع
المؤمم أو الإضافة إلى عناصره بدعوى تصحيح ما وقع فيه المشرع من خطأ مادي، لما كان
ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رفض دفاع الشركة الطاعنة المبين بوجه النعي بقوله
"....... لما كان ما تقدم وكانت إرادة المشرع قد اتجهت صراحة دون لبس إلى
تأميم مخبز...... الواقع بشارع...... بينما أوقعت لجنة التقييم التأمين على المخبز
المملوك للمطعون ضده الأول ومورث المطعون ضدهم ثانياً والواقع..... قسم الأزبكية
وعلى المحلات التابعة له وهو ما لم يتضمنه قرار التأميم........" فإن النعي
عليه بالخطأ في تطبيق القانون ويكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى
برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى في حين أن المنازعة فيها
تتعلق بالقوانين والقرارات الصادرة بالتأميم وقرارات لجان التقييم مما يدخل في
اختصاص القضاء الإداري وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله، ذلك أنه لما كان القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات
المدنية والتجارية فإن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف -
أحكام الدستور - يعتبر استثناءً وارداً على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في
تفسيره، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن اختصاص لجان التقييم - كما بينته
المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 - هو تقييم رؤوس أموال المنشآت
التي أممت وذلك بتحديد الحقوق والأموال المكونة لها وقت التأميم وتقدير قيمتها
وتحديد مقدار ديونها في ذلك التاريخ أما إذا خرجت عن النطاق الذي رسمه لها المشرع
بأن قيمت ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه أو استبعدت بعض العناصر التي أدخلها المشرع
في نطاق التأميم فلا يكون لقرارها من أثر ولا يكتسب أية حصانة ولا تكون له حجية
قبل الدولة أو أصحاب الشأن ولا يحول قرارها دون المحاكم - صاحبة الولاية العامة -
في تحقيق المنازعات التي تثور بين الغير وبين المنشآت المؤممة بشأن الأموال
المتنازع عليها أو أي نزاع آخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته، لما كان ذلك وكانت
منازعة المطعون ضده الأول ومورث المطعون ضدهم ثانياً، قد أوجبت على عدم خضوع عين
النزاع للتأميم وأنه ورد على عين أخرى، وقد انتهى الحكم المطعون فيه صحيحاً - كما
جاء بالرد على وجه النعي السابق - إلى أن تلك العين لم يشملها قانون التأميم فإن
قرار لجنة التقييم بشأن هذه المنازعة لا يتمخض عن قرار إداري وليس له من أثر ولا
يجوز أية حجية أو حصانة تحول دون المحاكم صاحبة الولاية والفصل فيها، وإذ التزم
الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالوجه الثالث من السبب الأول وبالشق الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون
فيه القصور في التسبيب، ذلك أنها تمسكت في دفاعها بأنها استأجرت من المطعون ضده
الأول ومورث المطعون ضدهم ثانياً العقار الكائن به المخبز محل النزاع بعقد مؤرخ 1/
10/ 1964 وتقوم بسداد الأجرة، فأغفل الحكم بحث هذا الدفاع أو الرد عليه وقضى
بالتسليم على سند من اعتبارها غاصبة للعين، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في
محله، ذلك أن الثابت بالأوراق أن الطاعنة قد تمسكت في دفاعها بأنها تستأجر العقار
الكائن به المخبز محل التداعي بعقد إيجار مؤرخ 1/ 10/ 1964 صادر لها من المطعون
ضده الأول ومورث المطعون ضدهم ثانياً، وقدمت عقد إيجار وإيصال سداد أجرة مؤرخ 1/
3/ 1976، وهو دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فالتفت الحكم عن التحدث عن
هذا الدفاع إيراداً ورداً وقضى بتسليم عين النزاع باعتبار الشركة الطاعنة غاصبة
لها، فإنه يكون معيباً بالقصور مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.