جلسة 23 من ديسمبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عدلي مصطفى بغدادي وعضوية السادة المستشارين/ أحمد صلاح الدين زغو، إبراهيم على صالح، محمود حسن رمضان وعبد العزيز عبد العاطي إسماعيل.
----------------
(389)
الطعن رقم 13 لسنة 48 القضائية
(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن". إثبات "عبء الإثبات".
(1) طلب إخلاء المسكن لوفاة المستأجر. تمسك ابنتها بإقامتها في العين حتى تاريخ الوفاة: نفى ذلك. وقوع عبء إثباته على عاتق المؤجر.
(2) طلب إخلاء المسكن لوفاة المستأجرة. استخلاص الحكم ثبوت إقامة ابنتها بالعين منذ بدء العلاقة الإيجارية حتى الوفاة. اعتباره أن مصاحبتها لزوجها في عمله بالخارج لا يعد تخلياً عن الإقامة بالعين. لا خطأ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 3560 سنة 1976 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليها للحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 27/ 10/ 1937 وإخلاء الشقة المبينة بصحيفة الدعوى استنادا إلى وفاة المستأجرة وهى والدة المطعون عليها بتاريخ 24/ 2/ 1972 وعدم إقامة أحد بالشقة عند وفاتها، قضت المحكمة للطاعنين بطلباتهم. استأنفت المطعون عليها الحكم بالاستئناف رقم 317 سنة 33 ق الإسكندرية وبتاريخ 14/ 1/ 1977 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون عليها لم تقدم دليلاً على أنها كانت مقيمة بعين النزاع بعد زواجها سنة 1964 وطلبت في مذكرتها أمام محكمة الدرجة الأولى إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الإقامة ورغم ذلك فقد اعتبرها الحكم المطعون فيه مقيمة بعين النزاع دون دليل أو تسليم من الطاعنين مما يعيبه بمخالفة نص المادة الأولى من قانون الإثبات وأن تقصى بأن البينة على من ادعى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المقرر في قواعد الإثبات أن من يتمسك بالثابت أصلا لا يكلف بإثباته أما من يدعي خلاف الأصل فعليه هو عبء إثبات ما يدعيه ولما كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم على سند من القول بأن المطعون عليها تركت الإقامة مع والدتها بعين النزاع بعد زواجها وأقامت مع زوجها بالأردن في حين أنكرت المطعون عليها ذلك تمسكاً منها بالاستمرار في الإقامة في عين النزاع قبل الزواج وبعده وعدم تخليها عن الإقامة فيها حتى الآن، فإن المطعون عليها تكون بذلك قد تمسكت بالثابت أصلاً فلا تكلف إثباته ولا يقدح في ذلك إبداؤها الاستعداد لإثبات تلك الإقامة لأن الحكم المطعون فيه وقد وجد في أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدته لا يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ملزماً بإجابة طلب الإحالة إلى التحقيق.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال لمخالفته الثابت في الأوراق وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم نسب إليهم أنهم لم ينالوا من قول المطعون عليها أنها أقامت بعين النزاع بعد زواجها في سنة 1964 وحتى سنة 1971 في حين أن الثابت بمذكرتهم أمام محكمة الاستئناف أنهم أنكروا عليها تلك الإقامة وقرروا أنها أقامت منذ زواجها في سنة 1964 مع زوجها حيث يعمل بالأردن وأنها ظلت معه حتى وفاة والدتها معها هناك وبذلك يكون الحكم قد نسب إليهم نقيض ما قالوا وإذ اعتمد في قضائه على ذلك فإنه يكون فاسد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان ما ساقه الطاعنون في مذكرتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف لجلسة 16/ 11/ 1977 تدليلاً على عدم إقامة المطعون عليها بعين النزاع منذ زواجها يتحصل في قولهم أنه لما كان "العقد المحدد المدة - عقد عمل زوج المطعون عليها - قد تجدد تلقائياً منذ تاريخ التحاق زوج المستأنفة بالعمل بالأردن سنة 1964 حتى الآن أو في أحسن الفروض تجدد منذ سنة 1971 حتى الآن فإن الزوج يكون قد أقام بالأردن سبع سنين وأقامت زوجته المستأنفة معه بالأردن طوال هذه الفترة فتكون إقامتها العادية بالأردن ولا يمكن لا في المنطق ولا في القانون اعتبار هذه الإقامة المستطيلة إقامة عارضة" وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بقوله "...... وأنه لما كان المستأنفة ظلت بعين النزاع عند زواجها منذ سنة 1964 وحتى سنة 1971 ولم يدل المستأنف عليهم أيضاً من ذلك فإن إلحاقها لرعاية زوجها عندما حصل على عقد عمل بدولة الأردن شأنه في ذلك المعار للعمل بالخارج لفترة محددة ولو استطالت وشأن المنتدب للعمل بالخارج كرجال السفارات والقنصليات المصرية لا يعتبر تخلياً عن العين المؤجرة ذلك أنها لا تقيم هناك على وجه الاستقرار بل لمدة عمل زوجها المحددة وفق الشهادة المقدمة منها..... ولو قيل بغير ذلك لأصبح لكل مؤجر حق إخلاء كل مستأجر حصل على عقد عمل أو ندب للعمل بدوله أجنبية بمقولة أن له محل إقامة بالخارج فترة عمله ...." وكان مؤدى ذلك أن المحكمة قد أطرحت في حدود سلطتها التقديرية ما ادعاه الطاعنون بغير دليل من تخلى المطعون عليها عن العين المؤجرة منذ زواجها، وكان ما حصله الحكم له أصله الثابت بالأوراق ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي عليه بمخالفة الثابت في الأوراق الذي أدى إلى الفساد في الاستدلال يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم بنى قضاءه على فكرة النيابة في عقد الإيجار فاعتبر المطعون عليها مستأجرة أصلية لعين النزاع على تقدير أن والدتها قد نابت عنها عند تحرير العقد وانتهى إلى أن تغيب المطعون عليها عن البلاد فترات طالت أو قصرت لا ينهى عقد الإيجار في حين أن فكرة النيابة هذه خاطئة قانوناً لمخالفتها لقاعدة نسبية العقود ولأنه لا نيابة بغير تصريح بها وأن صحيح القانون كان يقضى بتطبيق نص المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وهو نص واضح لا يحتمل تأويلاً يستلزم لانتفاع ذوي القربى بحق امتداد عقد الإيجار إقامتهم بالمسكن مع المستأجر، وإذ كانت المطعون عليها مقيمة في كنف زوجها بالأردن منذ فترة سابقة على سنة 1971 واستمرت مقيمة بتلك البلاد حتى الآن ولم تكن مقيمة مع والدتها في عين النزاع عند وفاتها فإن مد عقد الإيجار إليها يكون على خلاف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة الخامسة من هذا القانون لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو والداه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك..." يدل على عدم انتهاء عقد إيجار المسكن عند وفاة المستأجر وبقائه سارياً لصالح أولاده ما داموا مقيمين بالعين المؤجرة حتى تاريخ الوفاة، ولما كان الحكم المطعون فيه بعد أن استخلص من عناصر الدعوى - كما سلف البيان عند الرد على الوجه الثاني من السبب الثاني - استخلاصاً سائغاً إقامة المطعون عليها بعين النزاع مع والدتها منذ بدء العلاقة الإيجارية وحتى تاريخ وفاتها وعدم اعتبار مصاحبة المطعون عليها لزوجها في مقر عمله بالأردن مدة عمله المحددة تخليا منها عن إقامتها بتلك العين، وكانت هذه النتيجة التي انتهى إليها الحكم هي التي يؤدي إليها تطبيق نص المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 سالف البيان - وكان الخطأ في القانون الذي يعيب الحكم ويؤدى إلى نقضه هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها، وكان السند القانوني الذي أورده الحكم وهو اعتبار المطعون عليها مستأجرة أصلية أخذا بفكره النيابة في عقد الإيجار - أياً كان وجه الرأي فيه - لا يؤثر في قضائه برفض الدعوى، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير منتج.
لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق