جلسة 12 من ديسمبر سنة 1978
برئاسة السيد / المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقي العصار، زكي الصاوي صالح، حسن النسر ويحيى العموري.
--------------
(365)
الطعن رقم 1020 لسنة 45 القضائية
شفعة
تصرفات مشترى العقار المشفوع فيه. عدم سريانها قبل الشفيع متى تمت بعد تسجيل إعلان الرغبة في الشفعة. لا عبرة بتاريخ حصول الإعلان.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 910 لسنة 1973 مدنى شبين الكوم الابتدائية ضد المطعون عليهم طلب فيها الحكم بأحقيته في أخذ المنزل المبين بصحيفة الدعوى بالشفعة وتسليمه له مقابل الثمن وقدره 600 ج أو ما يثبت أنه الثمن الحقيقي، وقال شرحاً للدعوى أنه نمى إلى علمه أن المطعون عليهم من الثالث إلى الأخير باعوا إلى المطعون عليه الثاني المنزل المشار إليه بموجب عقد تاريخه 14/ 4/ 1973 نظير ثمن قدره 600 ج، وإذ كان مالكا مجاورا لهذا المنزل من الجهتين الشرقية والقبلية وبحق له بذلك أن يشفع فيه فقد أبدى رغبته في الأخذ بالشفعة بإنذار أعلنه إلى البائعين والمشتري في 28/ 4/ 1973، ألا أنه تلقى في يوم 5/ 5/ 1973 إنذارين أحدهما من المطعون عليه الثاني متضمناً بيعه المنزل المذكور إلى المطعون عليه الأول - بعقد تاريخه 25/ 4/ 1973 نظير ثمن قدره 900 ج، والإنذار الآخر من المطعون عليه الأول يخطره فيه بالبيع الصادر إليه وشروطه ولما كان الثمن الحقيقي للمنزل المشفوع فيه هو 600 ج المسمى بالعقد الأول، وكان العقد الثاني المؤرخ 25/ 4/ 1973 صوري صورية مدارها التواطؤ بين المطعون عليهما الأول والثاني بقصد تعجيزه عن الأخذ بالشفعة إلا أنه ومن باب الحيطة أودع خزانة المحكمة مبلغ 905 ج لحساب الثمن والملحقات ثم أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وفي 23/ 10/ 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن الثمن الحقيقي الذى انعقد به البيع إلى المطعون عليه الأول في 25/ 4/ 1973 هو 600 ج، وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 19/ 3/ 1973 بأحقية الطاعن فى أخذ المنزل المبيع إلى المطعون عليه الثاني بالعقد المؤرخ في 14/ 4/ 1973 بالشفعة مقابل ثمن قدره 600 ج والملحقات وقدرها 5 ج والتسليم. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافه برقم 155 سنة 7 ق مدنى "مأمورية شبين الكوم"، وفى 17/ 6/ 1975 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف عليه الأول - الطاعن - في أخذ المنزل المبين بصحيفة الدعوى وعقد البيع المؤرخ 25/ 4/ 1973 بالشفعة نظير ثمن قدره 900 ج والملحقات وقدرها 5 ج. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول، إن الحكم قضى بالشفعة على أساس الثمن الوارد بعقد البيع الثاني الصادر إلى المطعون عليه الأول مع أنه وطبقا للمادة 938 من القانون المدني لا يجوز الاعتداد بهذا العقد لأنه أخطر به في 5/ 5/ 1973 أي بعد إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة الحاصل في 28/ 4/ 1973 إلى كل من المشترى الأول - المطعون عليه الثاني - والبائعين له، وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يجب على الشفيع الذى يريد الأخذ بالشفعة في حالة توالى البيوع، أن يستعمل حقه وفقاً للمادة 938 من القانون المدني ضد المشترى الثاني وبالشروط التي اشترى بها متى يثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل إعلان الرغبة في الشفعة، فالوقت المعول عليه لعدم الاحتجاج على الشفيع بالبيع الثاني هو وقت تسجيل إعلان الرغبة لا وقت حصول الإعلان، ومما يؤيد هذا النظر المادة 947 من القانون المدني التي تقضي بأنه لا يسري في حق الشفيع أي تصرف يصدر من المشترى إذا كان قد تم بعد التاريخ الذى سجل فيه إعلان الرغبة في الشفعة مما مؤداه بمفهوم المخالفة أن الشفيع يحاج بالتصرف الذى يصدر من المشترى طالما ثبت أن هذا التصرف قد تم قبل تسجيل إعلان رغبة الشفيع، وأن المادة 942 من ذات القانون قد أكدت هذا النظر إذ قضت بأن إعلان الرغبة في الشفعة لا يكون حجة على الغير إلا إذا سجل، لما كان ما تقدم وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يسجل إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة الحاصل في 28/ 4/ 1973 وكان المطعون عليهما قد أخطراه في 5/ 5/ 1973 بحصول البيع الثاني فإن الحكم إذ اعتد بهذا العقد والثمن الوارد به لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن، أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع الثاني المؤرخ 25/ 4/ 1973 وأن الثمن الوارد به ليس هو الثمن الحقيقي للمنزل المشفوع فيه بل هو ثمن صوري تواطأ عليه المطعون عليهما الأول والثاني بقصد تعجيزه عن الأخذ بالشفعة، وقد شهد شهوده أمام محكمة أول درجة بما يؤيد هذا الدفاع وبأن البيع الأول الحاصل في 14/ 4/ 1973 كان نظير ثمن قدره 600 ج وقدم صورة رسمية من تحقيقات الشكوى رقم 1174 سنة 1973 إداري مركز شبين الكوم التي أقر فيها المطعون عليه الثاني بأن الثمن الذي دفعه هو مبلغ 600 ج، وقد اطمأنت محكمة أول درجة إلى شهادة شهوده واتخذت منها دليلاً على صورية البيع الثاني إلا أن محكمة الاستئناف أهدرت هذا الدليل المطروح عليها دون أن تناقشه أو ترد عليه ورجحت شهادة شاهدي المطعون عليه الأول واتخذت منها دليلاً على جدية البيع الثاني وأنه كان لقاء ثمن قدره 900 ج وهذا من الحكم استدلال فاسد لأن عقد البيع الثاني غير ثابت التاريخ ولو كان جدياً لبادر المطعون عليه الأول بإخباره به قبل إعلان الرغبة الحاصل في 28/ 4/ 1973، علاوة على أنه لا يعقل وقد شاع في القرية نبأ حصول البيع الأول نظير ثمن قدره 600 ج أن يقدم المشترى الثاني على الشراء بثمن قدره 900 ج ولم يمض على البيع الأول سوى بضعة أيام ولم يجد على المبيع ما يبرر هذه الزيادة في الثمن، الأمر الذى يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ بما تطمئن إليه من أقوال بعض الشهود ما دامت لم تخرج عن مدلولها أو تأخذ بجزء من أقوالهم دون الآخر ولها أن تطرح أقوال باقي الشهود دون حاجة منها إلى الرد استقلالا على ما لم تأخذ بشهادتهم أو تورد العلة في ذلك، إذ في أخذها بأقوال الشهود الذين أخذت بأقوالهم ما يدل على اطمئنانها إليها والإعراض عن أسباب تجريحهم وأقوال غيرهم، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله: "وحيث إن المحكمة تخالف محكمة أول درجة فيما استخلصته من أقوال الشهود وتطمئن إلى أقوال شاهدي المستأنف - المطعون عليه الأول - اللذين سمعا أمام محكمة أول درجة وترجحها على أقوال شهود المستأنف عليه الأول - الطاعن - وتستخلص منها أن عقد البيع المؤرخ 25/ 4/ 1973 الصادر من المستأنف عليه الثاني المطعون عليه الثاني...... إلى المستأنف والمتضمن بيع المنزل المشفوع فيه عقد بيع صحيح وليس صوريا وأن الثمن المسمى به وقدره 900 ج هو الثمن الحقيقي الذي تم به البيع...... وأما القرائن التي ساقتها محكمة أول درجة في مدونات حكمها فلا تنهض دليلا على إثبات الصورية. وإذ كان تقدير أدلة الصورية هو مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى كما أن تقدير القرائن القضائية وكفايتها في الإثبات هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه - وعلى ما سلف بيانه - أنه انتهى إلى ترجيح أقوال شاهدي المطعون عليه الأول لاطمئنانه إليها وإطراح أقوال شهود الطاعن لعدم ثقته فيها ولم ير في القرائن التي ساقتها محكمة أول درجة دليلا كافيا لإثبات صورية عقد البيع الثاني فذلك حسبه، ويكون النعي بهذين السببين لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق