باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من ديسمبر سنة 2023م،
الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1445 ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد
سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني
نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 44
قضائية منازعة تنفيذ
المقامة من
صبري أحمد عبد الحميد أبو رحاب
ضد
1 - رئيس الجمهورية
2 - رئيس مجلس الوزراء
3 - رئيس مجلس النواب
4- وزير العدل
5- رئيس محكمة استئناف القاهرة
---------------
" الإجراءات "
بتاريخ السابع من مايو سنة 2022، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم
كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف نظر الدعوى
التأديبية رقم 28 لسنة 2008 تأديب محامين إلى أن يصدر تشريع بتشكيل مجلس تأديب
المحامين، وحتى الفصل في هذه الدعوى، وفي الموضوع: بالاستمرار في تنفيذ حكمي
المحكمة الدستورية العليا الصادرين في الدعويين رقمي 160 لسنة 33 قضائية دستورية
و21 لسنة 42 قضائية دستورية، وعدم الاعتداد بإجراءات المحاكمة التأديبية وتشكيل
مجلس التأديب في الدعوى التأديبية السالفة البيان.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم المدعي
مذكرة، ردد فيها طلباته الواردة بأصل الصحيفة، وأضاف طلبًا جديدًا بعدم الاعتداد بتشكيل
مجلس التأديب، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
------------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن النيابة العامة أحالت المدعي إلى مجلس تأديب المحامين، بمحكمة استئناف
القاهرة، لمحاكمته تأديبيًّا عما أُسند إليه من اتهامات في الدعوى الجنائية رقم
696 لسنة 2005 حصر أمن دولة عليا، وقُيدت الدعوى التأديبية برقم 28 لسنة 2008
تأديب محامين. وبجلسة 2/ 5/ 2015، قرر مجلس التأديب الابتدائي، غيابيًّا، مجازاة
المدعي بمحو اسمه نهائيًّا من جدول المحامين المشتغلين. عارض المدعي في الحكم،
وتحدد لنظر المعارضة جلسة 8/ 5/ 2022. وإذ أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا
بجلسة 5/ 3/ 2022، في الدعوى رقم 21 لسنة 42 قضائية دستورية بعدم قبول الدعوى، على
سند من أن مجلس التأديب الذى دُفع أمامه بعدم دستورية نص المادتين (107 و116) من
قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، قد جاء تشكيله مخالفًا لنص
المادة (107) من القانون ذاته، مقروءًا في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا
الصادر بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، القاضي: بعدم
دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107 و116) من قانون المحاماة، من أن يشترك في
عضوية مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذى طلب رفع
الدعوى التأديبية. وإذ تراءى للمدعي أن ما يُتخذ ضده من إجراءات تأديبية مخالف
لمقتضى ذلك الحكم، بما يستوجب وقف الدعوى التأديبية المقامة أمام مجلس تأديب
المحامين، لحين تدخل المشرع بإعادة تشكيل المجلس؛ فقد أقام دعواه المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن منازعة التنفيذ التي يدخل
الفصل فيها في اختصاص المحكمة الدستورية العليا، وفقًا لنص المادة (50) من قانونها،
قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق
تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد
اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق
التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك الخصومة التي
تتوخى في غاياتها النهائية إنهاء الآثار القانونية الملازمة لتلك العوائق أو
الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها
لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا
بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية
التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم
بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان
فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض
أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم،
دون تمييز، يفترض ثلاثة أمور: أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو
بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون
إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة،
فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها
وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية،
وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إنه من المقرر أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة
الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية - على ما استقر عليه قضاؤها - يقتصر نطاقها
على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها
المحكمة، فصلًا حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى ولو تطابقت في
مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا
المنطوق من الأسباب اتصالًا حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها. وإذ كان ذلك،
فإن نطاق منازعة التنفيذ الذي يستنهض ولاية هذه المحكمة إنما يدور وجودًا وعدمًا
مع نطاق حجية حكمها محل المنازعة دون أن يتعداه.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعوى رقم 160
لسنة 33 قضائية دستورية، بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107 و116) من قانون
المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين،
بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية. إذ كان ما
تقدم، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة، إعمالاً للسلطة المخولة لها بنص
المادة (102) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، هي التي أحالت
- من تلقاء ذاتها - المدعي إلى مجلس تأديب المحامين بمحكمة استئناف القاهرة،
لمحاكمته تأديبيًّا عما نسب إليه، ولم تشترك النيابة العامة في تشكيل مجلس
التأديب، إلا بوصفها سلطة اتهام، ومن ثم؛ لا تكون ثمة صلة بين تشكيل مجلس تأديب
المحامين الذي فصل غيابيًّا في الدعوى التأديبية الآنفة الذكر، وبين الحكم الصادر
في الدعوى الدستورية رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، وتبعًا لذلك؛ ينتفي عن الطلب
المثار في هذه الدعوى وصف عقبة التنفيذ التي تعترض تنفيذ حكم المحكمة الدستورية
العليا المشار إليه، كما ينتفي عنه هذا الوصف كعقبة في تنفيذ الحكم الصادر من هذه
المحكمة بجلسة 5/ 3/ 2022، في الدعوى رقم 21 لسنة 42 قضائية دستورية، القاضي بعدم
قبولها، الذى أقام قضاءه على مخالفة تشكيل مجلس التأديب الذي صرح بإقامة الدعوى
الدستورية رقم 21 لسنة 42 قضائية دستورية لنص المادة (107) من قانون المحاماة،
مقروءًا في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية
دستورية، ومؤداه: أن اتصال الدعوى رقم 21 لسنة 42 قضائية دستورية لهذه المحكمة صار
مخالفًا أحكام المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما
لزامه انقطاع الصلة بين الحكم الدستوري السالف البيان وإجراءات نظر الدعوى
التأديبية التي ارتآها المدعي عقبة في تنفيذ ذلك الحكم؛ الأمر الذي يتعين معه
القضاء بعدم قبول الدعوى المعروضة برمتها.
وحيث إنه عن طلب المدعي وقف إجراءات نظر الدعوى رقم 28 لسنة 2008
تأديب محامين، فإنه يعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى عدم
قبول الدعوى، فإن مباشرتها اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ - طبقًا للمادة (50) من
قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق