جلسة أول نوفمبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، ومحمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.
--------------
(319)
الطعن رقم 982 لسنة 44 القضائية
(1، 2) إيجار. عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع.
(1) تسليم العين المؤجرة. تحققه بتسليمها وملحقاتها بحيث يتمكن المستأجر من الانتفاع بها دون حائل. م 564 مدني. المقصود بالملحقات. خلو العقد من بيانها. لقاضى الموضوع تحديدها على ضوء المعايير الواردة في المادتين 432، 566 مدني. عدم خضوعه لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً.
(2) الملحقات الضرورية للعين المؤجرة. شمول عقد الإيجار لها ولو ظهرت في تاريخ لاحق لانعقاده. الملحقات غير الضرورية - كالمصاعد - جواز عدم شمول العقد لها طالما لم تكن موجودة عند إبرامه. استغلال محكمة الموضوع بتقدير ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1505 لسنة 1970 مدنى أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعن وآخرين طالبة الحكم بعدم أحقيتهم في الانتفاع بالمصعد الكائن بعمارتها ومنع تعرضهم لها في إدارته وتشغيله والانتفاع به، وقالت شرحاً لها أنه بعقود مؤرخة 17، 29/ 7/ 1964 أجرتهم ثلاث شقق بالمنزل رقم 126 شارع البحر الأعظم قسم الجيزة وتسلموها ووضعوا اليد عليها منذ بدء التعاقد وإذ قامت في غضون سنة 1969 بتركيب مصعد صغير خصصته لمنفعتها وحدها نظرا لإقامتها بالطابق الخامس، ونازعها المستأجرون وأصروا على أن لهم حقاً في استعماله، رغم خلو عقد إيجارهم مما يخولهم ذلك الحق، فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 29/ 6/ 1972 حكمت المحكمة بعد أحقية المدعى عليهم (الطاعن والمستأجرين الآخرين) في الانتفاع بالمصعد ومنع تعرضهم للمطعون عليها في إدارته وتشغيله والانتفاع به. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4136 س 89 ق القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وبتاريخ 5/ 11/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بنى قضاءه على سند من القول بأن بنود عقد الإيجار المبرم بين الطرفين قد خلت من اشتراط استعمال المصعد عند تركيبه ورتب على ذلك أنه لا يعد من الملحقات، خاصة ولم يركب إلا بعد إبرام العقد بخمس سنوات، ومن المتعين أن تكون الملحقات قائمة عند التسليم، في حين أن المسلم به أن العين المؤجرة تخضع لأحكام القانون رقم 46 سنة 1962، وأن لجنة تقدير الإيجار، أخطرت بتكلفة العقار شامله قيمة المصعد، مما يبين أنه كان ملحوظاً تركيبه منذ إنشاء العمارة وعند التعاقد، ومن ثم فلا يمكن أن تتحلل المطعون عليها من التزامها بتمكين الطاعن من الانتفاع بالمصعد بوصفه من ملحقات العين المؤجرة عملاً بالمادتين 558/ 564 من القانون المدني، وليس ضرورياً أن تكون الملحقات موجودة عند التعاقد بل أن الإيجار يشملها كافة حتى ما يظهر منها بعده ما لم يتبين على خلاف هذا إلى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الملحقات تشمل كل ما أعد بصفة دائمة لاستعمال الشيء المؤجر وفق المادتين 432/ 566 من القانون المدني، وأنه سواء ورد النص على استعمال المصعد في عقد الإيجار أو لم يجئ فلا يتصور أن يتعاقد الطاعن - وهو الذى يعانى من مرض القلب ويستأجر عقاراً في حي راق - بدون استعمال مصعد، بالإضافة إلى أن الحكم الابتدائي قد تناقضت أسبابه فبينما يذهب إلى أنه من المسلمات اعتبار المصعد من الملحقات، إذا به ينتهى إلى أنه لا يعد منها بحجة أنه لم يكن مركباً عند التعاقد وإذ لم يرد الحكم على ما ساقه الطاعن من دفاع فإنه علاوة على قصور تسبيبه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان مفاد المادة 564 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التسليم الصحيح للعين المؤجرة لا يكون إلا بتسليمها وملحقاتها تسليماً يتمكن به المستأجر من الانتفاع بها انتفاعاً كاملاً دون حائل ولئن كانت الحكمة من وجوب تسليم ملحقات العين المؤجرة هي تيسير الانتفاع على الوجه المقصود، ولئن كان مؤدى المادتين 432، 566 من ذات القانون أنه يقصد بملحقات العين المؤجر كل ما أعد بصفة دائمة لاستعماله، طبقاً للغرض الذي قصد من الإجارة وإعداد العين له، وطريقة تنفيذ الإيجار في الماضي إذا كان قد بدئ في تنفيذه، ومطاولة طبيعة الأشياء، بالإضافة إلى العرف الساري، طالما لم يبين العاقد الملحقات التي يشملها الإيجار، إلا أن هذا التحديد يترك لتقدير قاضى الموضوع استهداء بالمعايير السالفة، باعتباره مسألة تتعلق بتفسير العقد، لا يخضع منها لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً وله مأخذه من الأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اقتنع بحقيقة مؤداها أن إرادة العاقدين لم تتجه عند إبرام التعاقد الساري إلى اعتبار المصعد من ملحقات العين المؤجرة، ولم يتصرف قصدهما إلى أن للمستأجر الحق في استعماله، وأورد على قيام هذه الحقيقة قرائن متساندة جنحت إلى أن العقد خلا من الإشارة إلى هذا الحق، خلافاً لعقد سابق كان معقوداً بين الطرفين وأشير فيه إلى تخويل الطاعن هذا الاستعمال، وأن هذا الأخير سكت عن المطالبة بتخفيض الأجرة مقابل ميزة استعمال المصعد التي يدعيها من تاريخ التعاقد في سنة 1964 حتى تمام تركيب المصعد وتشغيله في سنة 1969، وأن طريقة تركيبه ووسيلة تشغيله وعدم توقفه في سائر الطوابق قبل الطابق الذى تشغله المطعون عليها مصداق على أن هذه الأخيرة قد خصصته لمنفعتها وحدها، وأضاف الحكم أن رسوم الترخيص وإن أشارت إلى وجود المصعد فإن العبرة في تقدير الأجرة بما تم تنفيذه فعلاً وليس بما يدعيه المالك، خاصة وأنه لم يتم تحديد الأجرة عن طريق لجنة تقدير الإيجارات وفق القانون رقم 46 لسنة 1962 بعد أن أدرك تحديدها القانون رقم 7 لسنة 1965 وإعمال التخفيض القانوني بمقتضاه، وكان ما سلف بيانه استخلاصاً سائغاً من شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، ويتضمن الرد الكافي والمسقط لما أبداه الطاعن من دفاع لا يغير من ذلك أنه ليس من الضروري في الأصل أن تكون الملحقات موجودة عند إبرام التعاقد، وأن الإيجار يمكن أن تندرج في نطاقه الملحقات التي تظهر في وقت لاحق، لأنه ينبغي التفرقة بين ما يعد ضرورياً من هذه الملحقات للانتفاع بالعين المؤجرة، فلا يتم الانتفاع المقصود إلا إذا توافر وجودها فتشمله الإجارة ولو لم تكن موجودة وقت التعاقد، ويلتزم المؤجر بإيجاد ما ليس موجودا منها وتسليمها للمستأجر، وبين ما ليس بطبيعته ضروريا، ولكن من شأنه تسهيل الانتفاع أو زيادة فيه، ومن قبيل ذلك المصعد، فمن الجائز ألا تتضمنه الإجارة إذا لم يكن موجوداً وقت إبرام العقد، وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ممارسة لسلطته الموضوعية في مسألة واقع تتعلق بتقدير الدليل. لما كان ما تقدم وكان ما ساقه الطاعن من ادعاء التناقض في أسباب الحكم الابتدائي وما ذكره من حالته المرضية والاجتماعية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً استوعبته أسباب الحكم المطعون فيه وفندت ضمناً ذرائعه، فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق