باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2024م، الموافق الثلاثين من ذي الحجة سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 51 لسنة 45
قضائية "منازعة تنفيذ"
المقامة من
نادية هاشم فرغل
ضد
1- سيد عبد الحميد عبود
2- ناصر عبد العظيم عبود
3- عطيات أحمد محمد – عن نفسها، وبصفتها وصية على القاصرين/ فرحة
وأحمد محمود عبد العظيم
4- علي محمود عبد العظيم
5- حميدة محمود عبد العظيم
6- سحر محمود عبد العظيم
7- عبود محمود عبد العظيم
8- عطيات مرسي عثمان
9- محمد محمود عبد العظيم
--------------
الإجراءات
بتاريخ الثاني والعشرين من نوفمبر سنة 2023، أودعت المدعية صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ
الحكم الصادر من محكمة مركز ملوي الجزئية، بجلسة 29/12/2018، في الدعوى رقم 191
لسنة 2015 مدني، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف بنى سويف " مأمورية
المنيا "، بجلسة 19/1/2020، في الاستئناف رقم 12214 لسنة 55 قضائية، واعتباره
كأن لم يكن، والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة
5/5/2018، في الدعوى رقم 236 لسنة 26 قضائية "دستورية".
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن المدعى عليهم أقاموا أمام محكمة مركز ملوي الجزئية، دعوى آل قيدها إلى رقم
191 لسنة 2015 مدني، ضد المدعية، طالبين الحكم – وفق طلباتهم الختامية – بتسليمهم
مساحة 18 ط و6 سهم و62/100 من السهم، آلت إليهم عن مورثتهم/ نبوية عبود خفاجي –
مشاعًا في أطيان التداعي تسليمًا فعليًّا، مع إلزام المدعية بأن تؤدي إليهم مبلغًا
مقداره (49344,385) جنيهًا، قيمة الريع المستحق عن نصيبهم الشرعي في الأطيان
المملوكة لهم، خلال الفترة من سنة 2008 حتى أغسطس سنة 2018، على سند من أن مورثتهم
المذكورة، من المدرجين بشهادة التوزيع الصادرة عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي،
تنفيذًا لأحكام القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على
قوانين الإصلاح الزراعي، وذلك مع المنتفع/ مرزوق حزين حسن، وأنها تمتلك مساحة 18 ط
و6 سهم و62/100 من السهم، بموجب العقد المسجل بالسجل العيني، وما آل إليها ميراثًا
من زوجها/ مرزوق حزين حسن. وبجلسة 29/12/2018، صدر الحكم بتسليمهم أطيان التداعي
السالف بيانها، شيوعًا، مع إلزام المدعية بأن تؤدي إليهم مبلغًا مقداره (49344.38)
جنيهًا، ريعًا عن نصيبهم الشرعي في الأطيان المملوكة لهم، خلال الفترة من سنة 2008
حتى أغسطس 2018. وقد تأيد الحكم بقضاء محكمة استئناف بني سويف "مأمورية
المنيا"، في الاستئناف رقم 12214 لسنة 55 قضائية. طعنت المدعية، وآخر، على
ذلك الحكم أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 5369 لسنة 90 قضائية. وبجلسة 1/8/2023،
قررت محكمة النقض – في غرفة مشورة – عدم قبول الطعن. وإذ ارتأت المدعية أن حكم
محكمة مركز ملوي الجزئية، الصادر بجلسة 29/12/2018، في الدعوى رقم 191 لسنة 2015
مدني، المؤيد بحكم محكمة استئناف بني سويف " مأمورية المنيا "، الصادر
بجلسة 19/1/2020، في الاستئناف رقم 12214 لسنة 55 قضائية، يُشكل عقبة في تنفيذ حكم
المحكمة الدستورية العليا، الصادر بجلسة 5/5/2018، في الدعوى رقم 236 لسنة 26
قضائية "دستورية"؛ فأقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن
التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه،
وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ ومن
ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك
المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو
الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام
وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ
متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة
مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها،
وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته
الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا
- وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم
عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص
الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين
حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء
بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها.
ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم
تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة
عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن
في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا
في الدعاوى الدستورية – على ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص
التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا
حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة
الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم، وما يتصل به من الأسباب اتصالًا حتميًّا،
بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت بحكمها الصادر بجلسة
5/5/2018، في الدعوى رقم 236 لسنة 26 قضائية "دستورية"، أولًا: بعدم
دستورية الفقرة الثانية من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية
بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي، فيما نصت عليه من "ومن معه
من المقبولين في بحث التوزيع أو إلى الورثة عنهم مشاعًا حسب الأحوال"، وبعدم
دستورية الفقرة الثالثة من المادة ذاتها فيما نصت عليه من "دون المساس بحصص
باقي الأفراد المدرجين معه باستمارة البحث".
ثانيًا: بسقوط نص البند (1) من المادة (3) من اللائحة التنفيذية
للقانون ذاته، الصادرة بقرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 877 لسنة 1986،
فيما تضمنه من حصر أسماء المقبولين في البحث مع المنتفع، طبقًا لنتيجة البحث وعدد
الوحدات المدرجة لكل منهم، وبيان المساحة الموزعة، ومعالمها، وحدودها، وضريبتها،
والثمن المقدر لها، وملحقاته، وبداية ونهاية الأقساط، وفى حالة وفاة أي من
المقبولين معه في البحث يقتصر توزيع حصة المتوفى على ورثته الشرعيين، وقد نشر هذا
الحكم بالعدد رقم 19 مكرر (ب) من الجريدة الرسمية بتاريخ 13/5/2018.
وحيث إن حكم هذه المحكمة المشار إليه، قد تساند في قضائه إلى أن
المشرع قد قرر بنص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (3) من القانون رقم 3 لسنة
1986 المشار إليه، إشراك المقبولين في بحث التوزيع أو الورثة عنهم مع المنتفع
الأصلي أو الورثة عنه مشاعًا، حسب الأحوال، في ملكية الأرض محل العقد المبرم بين
مالكها المنتفع الأصلي، والهيئة العامة للإصلاح الزراعي، فبذلك يكون المشرع قد عدل
عن التنظيم القانوني الذي تضمنه المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه؛
الذي أُبرم ذلك العقد في ظل سريان أحكامه، إلى تنظيم جديد انطوى عليه القانون رقم
3 لسنة 1986 السالف البيان، مرتبًا أثرًا رجعيًّا موضوعيًّا؛ مخلًّا بذلك بحرية
المالك في التعاقد؛ مما أدى إلى تقسيم الملكية بين المنتفع الأصلي أو الورثة عنه من
ناحية، والمقبولين في بحث التوزيع أو الورثة عنهم من ناحية أخرى، على الرغم من أن
المنتفع الأصلي هو المالك دون غيره، أما المقبولون في بحث التوزيع فقد تم إدراجهم
في استمارة البحث لبيان من يعولهم المنتفع الأصلي؛ من أجل تحديد أفضلية وتقدير
مساحة الأرض التي آلت إليه طبقًا لأحكام القانون الأول المشار إليه، بما مؤداه
الانتقاص من حقوق بعض ورثة المنتفع الأصلي، لصالح المقبولين في بحث التوزيع أو
الورثة عنهم، مما يُعد تمييزًا تحكميًّا غير مبرر بين الورثة، بالرغم من وحدة
مركزهم القانوني، وشقاقًا يمزق تماسك الأسرة ووحدتها واستقرارها وترسيخ قيمها،
فضلًا عن مصادمة التوقع المشروع من جانب ورثة المنتفع الأصلي.
متى كان ما تقدم، وكان حكم محكمة مركز ملوي الجزئية الصادر بجلسة
29/12/2018، في الدعوى رقم 191 لسنة 2015 مدنى - المؤيد بحكم محكمة استئناف بنى
سويف " مأمورية المنيا "، في الاستئناف رقم 12214 لسنة 55 قضائية مدنى
المنيا - قد أقام قضاءه بتسليم المدعى عليهم أطيان التداعي ومساحتها 18 ط و6 سهم و
62/100 من السهم، على سند من أن تلك المساحة مردها إلى مصدرين، أولهما : ما آل إلى
مورثة المدعى عليهم/ نبوية عبود خفاجي - بحسبانها مدرجة مع المنتفع الأصلي/ مرزوق
حزين حسن (زوجها) في شهادة التوزيع الصادرة من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
والآخر: ما آل إلى المذكورة آنفًا ميراثًا عن زوجها. بما مؤداه: أن حكم المحكمة
الجزئية المار بيانه المؤيد استئنافيًّا، قد جاوز منطوق حكم هذه المحكمة المنازع في
تنفيذه، إذ أشرك المدعى عليهم - باعتبارهم ورثة/ نبوية عبود خفاجي، المدرجة في
استمارة التوزيع - مع ورثة المنتفع الأصلي، مشاعًا، في ملكية الأرض محل العقد
المبرم بين مالكها (المنتفع الأصلي)، والهيئة العامة للإصلاح الزراعي، منتقصًا
بذلك من حقوق بعض ورثة المنتفع الأصلي، لصالح ورثة المدرجة معه في شهادة التوزيع،
رغم اختلاف المركز القانوني لكل من المنتفع الأصلي، والمدرج معه في استمارة البحث،
ومنافيًا حقيقة أن المنتفع الأصلي هو المالك دون غيره، وأن سبب إدراج مورثة المدعى
عليهم في استمارة البحث معه، هو كونها زوجته التي يعولها. وتبعًا لذلك، يكون حكم
محكمة مركز ملوي الجزئية السالف البيان، المؤيد استئنافيًّا، قد جاء مخالفًا
لمنطوق حكم المحكمة الدستورية العليا، الصادر بجلسة 5/5/2018، في الدعوى رقم 236
لسنة 26 قضائية "دستورية"، وذلك في حدود ما آل إلى مورثة المدعى عليهم،
بصفتها مدرجة في شهادة التوزيع، على النحو السالف بيانه، الأمر الذي يشكل عقبة في
تنفيذه؛ مما يتعين معه إزاحتها، وإسقاط مسبباتها، إعمالًا للحجية المطلقة لأحكام
المحكمة الدستورية العليا التي نصت عليها المادة (195) من الدستور، وهي حجية ملزمة
للكافة وجميع سلطات الدولة، مما مؤداه عدم الاعتداد بأي عقبة تكون قد عطلت من هذا
التنفيذ أو انحرفت بجوهره أو حدَّت من مداه؛ الأمر الذي يستنهض ولاية هذه المحكمة
لإزالة تلك العقبة، والمضي في تنفيذ قضائها المار ذكره.
وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف التنفيذ، فإنه يُعد فرعًا من أصل
النزاع في منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت المحكمة إلى القضاء في موضوع تلك
المنازعة على النحو المتقدم، فإن مباشرة المحكمة الدستورية العليا اختصاص البت في
هذا الطلب طبقًا للمادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، يكون
قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5/5/2018، في الدعوى رقم 236 لسنة 26 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بحكم محكمة مركز ملوي الجزئية، الصادر بجلسة 29/12/2018، في الدعوى رقم 191 لسنة 2015 مدني، المؤيد بحكم محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا“، الصادر بجلسة 19/1/2020، في الاستئناف رقم 12214 لسنة 55 قضائية، وقرار محكمة النقض – في غرفة مشورة – الصادر بجلسة 1/8/2023، وذلك في حدود ما آل إلى مورثة المدعى عليهم، بصفتها مدرجة في شهادة التوزيع، وألزمت المدعى عليهم المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق