جلسة 26 من أكتوبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عز الدين الحسيني، وعضوية السادة المستشارين/ سعد العيسوي، مصطفى قرطام، أحمد صبري أسعد، وجلال الدين أنسي.
---------------
(315)
الطعن رقم 587 لسنة 45 القضائية
(1) إعلان. محكمة الموضوع. نقض.
تقدير كفاية التحريات التي تسبق الإعلان للنيابة. من مسائل الواقع. عدم جواز النعي لأول مرة أمام محكمة النقض بعدم كفايتها.
(2) مسئولية "مسئولية تقصيرية". حكم "القصور".
القضاء بإلزام المتبوع بالتعويض. وجوب بيان الحكم لخطأ التابع وأدلته. عدم إفصاح الحكم عن المصدر الذى استظهر منه ثبوت الخطأ. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى 9279 سنة 1971 مدنى كلى شمال القاهرة ضد الطاعن والمطعون ضده الثاني طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 5357 جنيه على سبيل التعويض، تأسيساً على أنه بينما كان المطعون ضده الثاني يقود سيارة متبوعة للطاعن اصطدم بسيارة الأجرة المملوكة للمدعى مما أدى إلى تحطيمها، وقيد عن الواقعة الجنحة رقم 324 سنة 1968 العجوزة ونسب فيها للمطعون ضده الثاني أنه تسبب بخطئه في إصابة اثنين من ركاب السيارة الأجرة وقاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر وقضى بتغريمه عشرة جنيهات. وفى 31/ 1/ 1972 - حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي خطأ المطعون ضده الثاني ومقدار الضرر الذى أصاب المدعي، وبعد سماع أقوال شاهديه حكمت في 9/ 5/ 1973 بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني متضامنين بأن يدفعا للمدعى مبلغ 800 جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم طالباً إلغاءه وقيد الاستئناف برقم 1183 لسنة 91 ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضده الأول طالباً زيادة التعويض وفى 27/ 3/ 1975 حكمت المحكمة في الاستئنافين بتخفيض التعويض إلى 500 جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظر الطعن وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في القانون من وجهين (الأول) أن الطاعن دفع أمام محكمة الاستئناف ببطلان إجراءات إعلانه أمام محكمة أول درجة إذ تعمد المطعون ضده الأول عدم إعلانه في موطنه الصحيح توصلاً لإعلانه في النيابة مما ترتب عليه جهله بقيام الدعوى أثناء نظرها أمام محكمة أول درجة، ورفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع استناداً إلى أنه أعلن في 46 شارع الفلكي، وهو ما يخالف الثابت بهذا الإعلان من أن ورقته لم تسلم إلى الطاعن لعدم الاستدلال عليه فيه. (والثاني) أن الحكم أخطأ في القانون إذ اعتبر إعلان الطاعن بصحيفة افتتاح الدعوى صحيحاً دون أن تتحقق المحكمة من كفاية التحريات التي سبقت هذا الإعلان.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه رد على ما تمسك به الطاعن أمام محكمة الاستئناف من تعمد المطعون ضده الأول عدم إعلانه بصحيفة الدعوى في موطنه الحقيقي بقوله "أن الثابت من الأوراق أن المدعى أمام محكمة أول درجة أعلن المستأنف في العنوان الثابت لدى إدارة المرور والثابت بالشهادة المستخرجة منها والمقدمة للمحكمة وهو 46 شارع الفلكي ومن ثم فإنه لا ينسب إليه والحال هذا أي خطأ أو شبهة احتيال أو تعمد المماطلة فإذا لم يصح إعلانه في هذا العنوان الذى أعطاه بنفسه فلا يلومن إلا نفسه ويبين من ذلك أن المحكمة قد أدركت أن إعلان الطاعن لم يتم في 46 شارع الفلكي وهو ما ينفى عن الحكم المطعون فيه مظنة مخالفة الثابت بالأوراق - والنعي في وجهه الثاني غير مقبول، ذلك أن تقدير كفاية التحريات التي تسبق الإعلان للنيابة هو من مسائل الواقع التي يجب طرحها على محكمة الموضوع، إذ كان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة ما يدل على تمسكه أمام محكمة الاستئناف بعدم كفاية التحريات التي سبقت إعلانه بصحيفة الدعوى للنيابة، وإنما اقتصر على القول بتعمد المطعون ضده الأول عدم إعلانه في موطنه الصحيح، فإنه لا يقبل منه التحدي بعدم كفاية التحريات لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بباقي الأسباب القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن محكمة الاستئناف انتهت إلى إلزامه بأداء التعويض بالتضامن مع المطعون ضده الثاني دون أن تبين المصدر الذى استخلصت منه وقوع خطأ من جانب هذا الأخير، وما إذا كان ذلك من التحقيقات التي أجرتها بنفسها أو من أى سبيل آخر.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مسئولية المتبوع عن الضرر الذى يحدثه تابعه لا تقوم إلا إذا كان الضرر ناشئا عن عمل غير مشروع وقع من التابع حال تأدية وظيفته أو بسببها، ويقع على المضرور عبء إثبات خطأ التابع، ومن ثم فإنه يجب في الحكم الذي يقضى بإلزام المتبوع بالتعويض أن يبين الخطأ الذي وقع من التابع والأدلة التي استظهر منها وقوع هذا الخطأ، وإذ يبين من الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه أنه قال "وحيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه الأول (المطعون ضده الثاني) لم يتخذ الحيطة أثناء قيادته السيارة بحال نجم عنها الخطر على الأشخاص والأموال فاصطدم بالسيارة المملوكة للمدعى الأمر الذى يتوافر معه ركن الخطأ.. ولا يغرب عن البال أن هذا الضرر لم ينشأ مباشرة عن المخالفة موضوع الجنحة رقم 324 لسنة 1968 وإن الضرر الذى أصابه ناشئ عن واقعة إتلاف السيارة وهى واقعة لم ترفع بها الدعوى الجنائية وما كانت لترفع بها لأن القانون الجنائي لا يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال كما أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله "أن التلفيات التي لحقت بسيارة المستأنف عليه لم تنشأ مباشرة عن المخالفة موضوع الجنحة 324 سنة 68 إنما نشأت عن الفعل الضار الغير معاقب عليه في قانون العقوبات المصري وهو إتلاف مال الغير خطأ أو عن غير عمد وإهمال ومن ثم لا يعني المحكمة أن يكون قد فصل نهائياً أم لم يفصل إطلاقاً في الجنحة المذكورة..." وإذ كان مفاد هذه الأسباب أن محكمة الموضوع بدرجتيها وإن كانت قد أوضحت أن خطأ المطعون ضده الثاني (التابع) يتمثل في قيادته السيارة بحالة ينجم عنها الخطر على الأشخاص والأموال مما أدى إلى اصطدامها بسيارة المطعون ضده الأول، إلا أن المحكمة لم تفصح عن المصدر الذى استظهرت منه ثبوت هذا الخطأ، وما إذا كان ذلك من التحقيقات التي أجرتها محكمة أول درجة أو من التحقيقات التي تمت في الجنحة رقم 324 سنة 68 العجوزة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه دون حاجه لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق