الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 أغسطس 2024

الطعن رقم 5 لسنة 38 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 3 / 8 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من أغسطس سنة 2024م، الموافق الثامن والعشرين من المحرم سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 38 قضائية دستورية

المقامة من
محمود محمد عبد الجواد علي
ضد
1- رئيس اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات نقابة المحامين عام 2015
2- نقيب المحامين
3- رئيس مجلس الوزراء

----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثامن والعشرين من يناير سنة 2016، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (133) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، المستبدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 8/6/2024، وفيها قدم الحاضر عن المدعي مذكرة، صمم فيها على طلباته، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-------------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع  تتحصل على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق  في أن المدعي أقام أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الدعوى رقم ٤٨٠٥ لسنة ٧٠ قضائية، ضد المدعى عليهما الأول والثاني، بطلب الحكم  وفقًا لطلباته الختامية  أولًا: وقبل الفصل في الشق العاجل، التصريح له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية نص المادتين (131 و133) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨3، أو إحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستوريتهما، ثانيًا: بوقف تنفيذ قرار استبعاده من الترشح لعضوية مجلس النقابة العامة للمحامين للدورة النقابية لعام 2015، ثالثًا: وفي الموضوع بإلغائه. وذلك على سند من أنه أحد المحامين المقيدين بجداول النقابة العامة، ومقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية، مُزاول للمهنة، ومُسدد لرسوم الاشتراك منذ انضمامه للنقابة في عام 2011، ولم توقع عليه أية جزاءات تأديبية، وإذ تقدم بطلب الترشح لعضوية مجلس النقابة العامة للمحامين، للدورة المشار إليها، تم استبعاده من الكشوف النهائية للمرشحين؛ فتظلم من هذا القرار أمام اللجنة المُشرفة على الانتخابات، التي انتهت إلى رفضه؛ استنادًا إلى أنه لم تمضِ على مزاولته مهنة المحاماة سبع سنوات متصلة، منذ قيده بالجدول العام بتاريخ ٧/٩/٢٠١١، إعمالًا لما اشترطته المادة (١٣٣) من قانون المحاماة. وإذ جاء هذا القرار مخالفًا لأحكام الدستور، والمعاهدات الدولية؛ فكانت الدعوى. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع بعدم الدستورية، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية عن المادة (133) من قانون المحاماة المار ذكره؛ فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (133) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، المستبدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 تنص على أنه يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس النقابة:
(1) أن يكون من أعضاء الجمعية العمومية الذين مضى على مزاولتهم المهنة سبع سنوات متصلة لا تدخل فيها مدة الأعمال النظيرة للمحاماة.
(2) أن يكون مسددًا لرسوم الاشتراك المستحقة عليه حتى قفل باب الترشيح.
(3) ألا يكون قد صدر ضده خلال الثلاث سنوات السابقة على ذلك أحكام أو قرارات تأديبية تجاوز عقوبة الإنذار.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية  وهي شرط لقبولها  أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية؛ وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع، وأنه يكفي لتوافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية أن يكون الحكم فيها مؤثرًا في مسألة كلية، أو فرعية تدور حولها الخصومة في الدعوى الموضوعية، دون أن يمتد ذلك لبحث شروط قبول تلك الدعوى، أو مدى أحقية المدعي في الدعوى الدستورية في طلباته أمام محكمة الموضوع، والتي تختص هذه الأخيرة وحدها بالفصل فيها.
متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول طلب المدعي إلغاء قرار استبعاده من الترشح لعضوية مجلس النقابة العامة للمحامين في دورتها التي بدأت عام 2015، وكان نص البند (1) من المادة (133) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، المستبدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984، قد اشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس النقابة العامة أن يكون قد مضى على مزاولته المهنة سبع سنوات؛ ومن ثم يكون هذا البند قد طُبِقَ على المدعي، وأنتج أثره قانونًا، وتساند إليه قرار استبعاده من الانتخابات على مقعد عضوية مجلس النقابة العامة للمحامين في دورتها المار ذكرها؛ لذا فإن الفصل في دستورية هذا النص يرتب انعكاسًا أكيدًا على الطلبات المطروحة أمام محكمة الموضوع، مما تتوافر معه مصلحته الشخصية والمباشرة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها في البند (1) من المادة (133) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، المستبدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984، فيما نص عليه من أنه يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس النقابة، أن يكون قد مضى على مزاولته المهنة سبع سنوات، ولا يمتد إلى غير ذلك من أحكام أخرى تضمنتها تلك المادة.
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه، إهداره مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، وإخلاله بالالتزام الواقع على عاتق الدولة بكفالة الشباب، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة، وعصفه بضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية، بفصله بين حقي الانتخاب والترشح، وكذلك خروجه عن حدود سلطة المشرع التقديرية في مجال تنظيم الحقوق والحريات، إذ مايز بين أعضاء الجمعية العمومية الواحدة، فأعطى للمحامين المقيدين أمام محكمة النقض ومحاكم الاستئناف الحق في الترشح لعضوية مجلس النقابة العامة، وحظره  دون مبرر موضوعي  عن شباب المحامين المقيدين أمام المحاكم الابتدائية، باشتراطه مضي سبع سنوات على مزاولتهم مهنة المحاماة، بالمخالفة لأحكام المواد (٩ و٥٣ و٦٥ و٧٦ و٧٧ و٨٢ و٨٧ و٩٤ و٢٢٤) من دستور عام ٢٠١٤.
وحيث إن التنظيم القانوني لنقابة المحامين - حسبما جاء بمواد البابين الأول والثاني من القسم الثاني من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، المستبدل والملغي بعض موادهما بالقوانين أرقام 227 لسنة 1984 و197 لسنة 2008 و147 لسنة 2019 - قد حدد السلطة العليا لها في الجمعية العمومية، التي تضم المحامين المقبولين أمام محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية ممن استوفوا سداد الرسوم، وتمارس أنشطتها - بلوغًا لتحقيق أهدافها – من خلال مجلس النقابة العامة، ومجالس النقابات الفرعية، فيشكل مجلس النقابة العامة من النقيب، وعضو عن كل محكمة ابتدائية تنتخبه الجمعية العمومية للنقابة الفرعية، فإذا زاد عدد أعضاء هذه الجمعية على عشرين ألف محامٍ تمثل بعضوين، وخمسة عشر عضوًا مقيدين أمام محكمة الاستئناف على الأقل، على أن يكون بينهم ثلاثة من أعضاء الإدارات القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، يتم اختيارهم بمعرفة الجمعية العمومية للنقابة العامة، وذلك على النحو الذي جاء بالمواد ( 123 و124 و131) من قانون المحاماة المار ذكره، ويشكل مجلس النقابة الفرعية من نقيب، وعدد من الأعضاء بواقع عضو على الأقل من كل محكمة جزئية، مضى على اشتغاله بالمحاماة فعليًّا خمس سنوات على الأقل، وعضو من المحامين المقيدين أمام المحاكم الابتدائية لا يتجاوز سنه ثلاثين سنة وقت الترشح، فضلًا عن توافر باقي الشروط المنصوص عليها في المادة (133) من قانون المحاماة.
وحيث إن البين من استصفاء أحكام قانون المحاماة أنه أنشأ ميثاقًا غليظًا للتعاون بين تكويناته النقابية، جامعًا بينها في وحدة عضوية واحدة، ضمانًا لتيسير العمل النقابي، وإدارة شئون مهنة المحاماة؛ إذ أتاح في الفقرة الأخيرة من المادة (139) من قانون المحاماة لمجالس خمس نقابات فرعية على الأقل، طلب عقد اجتماع غير عادي لمجلس النقابة العامة، كما أجازت الفقرة الثالثة من المادة (141) من القانون ذاته للجمعية العمومية للنقابة الفرعية أو لمجلس نقابتها أن يطلب من مجلس النقابة العامة إسقاط العضوية عن عضو المجلس المنتخب من النقابة الفرعية في حالة غيابه، وللجمعية العمومية للنقابة الفرعية، وفقًا للمادة (149) من قانون المحاماة، إبداء الرأي في الأمور التي تطلب النقابة العامة الرأي فيها، كما أن لتلك الجمعية أن تعقد اجتماعًا غير عادي في الحالات المبينة بنص المادة (150) من القانون المشار إليه، لسحب الثقة من مجلس النقابة الفرعية أو من أحد أعضائه، كما أن للجمعية العمومية للنقابة الفرعية أن تعقد اجتماعًا غير عادي، بناءً على طلب مجلس النقابة العامة لطرح موضوع عليه لأخذ الرأي فيه، وخصت المادة (156 مكررًا) من القانون المار ذكره، مجلس النقابة العامة بالنظر في الطعون على تشكيلات الجمعية العمومية أو مجالس النقابات الفرعية، والفصل في الطعن على قرارات تلك المجالس، كما أجاز القانون ذاته إنشاء لجان نقابية في دائرة كل محكمة جزئية، تعمل على تحقيق أهداف النقابة الفرعية في حدود اختصاصها، ويضع مجلس النقابة العامة قواعد إنشاء اللجنة واختصاصها، ويجوز لمجلس النقابة العامة، بعد استطلاع رأي النقابة الفرعية المختصة، دمج أكثر من لجنة نقابية.
وحيث إن الدستور في المادة (87) منه، بعد أن نص على حق كل مواطن في الانتخاب والترشح، أحال إلى القانون في تنظيم مباشرة هذه الحقوق، بما ليس فيه تعطيل أو انتقاص من هذين الحقين، باعتبارهما من الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن، على ما يجري به نص المادة (92) من الدستور.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد تواتر على أن الديمقراطية النقابية التي كرستها، وأقامت صرحها النصوص الدستورية، تحتم أن يكون التنظيم النقابي قائمًا وفق مقاييس ديمقراطية يكون القانون كافلًا لها، توكيدًا لأهمية وخطورة المصالح التي يمثلها، وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانونًا لأعضائها، فلا ينحاز العمل النقابي لمصالح جانبية لبعضهم، محدودة أهميتها، بل يكون تقدميًا بالضرورة، متبنيًا نهجًا مقبولًا من جموعهم، وقابلًا للتغيير على ضوء إرادتهم، كما أن الديمقراطية النقابية تعتبر مفترضًا أوليًا لوجود حركة نقابية تستقل بذاتيتها ومناحي نشاطها، وبها يكون العمل النقابي إسهامًا جماعيًا فى المجتمع المدني، متى كان هذا العمل منفتحًا لكل الآراء، قائمًا على فرص حقيقية لتداولها وتفاعلها، بما يوفق بينها قدر الإمكان أو يبدلها بغيرها، فلا يكون العمل النقابي إملاءً أو التواءً، بل تراضيًا والتزامًا، وإلا كان مجاوزًا الحدود التي ينبغي أن يترسمها.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط محددة تعتبر تخومًا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها. ويتمثل جوهر هذه السلطة فى المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة التي تتزاحم فيما بينها على تنظيم موضوع محدد، فلا يختار من بينها غير الحلول التي يقدر مناسبتها أكثر من غيرها لتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وكلما كان التنظيم التشريعي مرتبطًا منطقيًّا بهذه الأغراض  وبافتراض مشروعيتها  كان هذا التنظيم موافقًا للدستور.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن الأصل في كل تنظيم تشريعي أن يكون منطويًا على تقسيم، أو تصنيف، أو تمييز من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض، أو عن طريق المزايا، أو الحقوق التي يكفلها لفئة دون غيرها، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور، يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع موضوعًا محددًا عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التي توخاها بالوسائل المؤدية إليها منطقيًّا، وليس واهيًا، بما يخل بالأسس الموضوعية التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّا.
وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعنى  وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة  أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادتين (4 و53) من الدستور، بما مؤداه: أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه  بما انطوى عليه من تمييز  مصادمًا لهذه الأغراض، بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلًا إليها، فإن التمييز يكون تحكميًّا وغير مستند إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
وحيث إن المساواة التي يوجبها إعمال مبدأ تكافؤ الفرص  وفقًا لنصوص المواد (4 و9 و53) من الدستور القائم، التي تردد حكمها فى الدساتير المصرية السابقة  تتحقق بتوافر شرطي العموم والتجريد فى التشريعات المنظمة للحقوق، ولكنها ليست مساواة حسابية، ذلك أن المشرع يملك بسلطته التقديرية، ولمقتضيات الصالح العام، وضع شروط تتحدد بها المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث إذا توافرت هذه الشروط فى طائفة من الأفراد وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل ظروفهم ومراكزهم القانونية، وإذا اختلفت هذه الظروف بأن توافرت الشروط فى البعض دون البعض الآخر، انتفى مناط التسوية بينهم، وكان لمن توافرت فيهم الشروط  دون سواهم  أن يمارسوا الحقوق التي كفلها المشرع لهم. ولا يُعد التجاء المشرع إلى أسلوب تحديد شروط موضوعية يقتضيها الصالح العام للتمتع بالحقوق، إخلالًا بشرطي العموم والتجريد فى القاعدة القانونية، ذلك أنه يخاطب الكافة من خلال هذه الشروط.
وحيث إنه عن المناعي التي وجهها المدعي إلى النص المطعون فيه – محددًا نطاقه على ما سلف – فإنها مردودة:
أولًا: إن الارتباط القائم بين الحق في الانتخاب والحق في الترشح، مناطه اعتبارهما فرعين لأصل مشترك هو الحق في التعبير، والمشاركة في العمل العام، ولا يعني ارتباطهما أن تتماثل أحكامهما، فيظل لكل منهما شروطه التي تتحدد بمقتضاها أهلية وصلاحية من يباشره، دون إخلال بافتراض توافر شروط الناخب في شخص المرشح.
ثانيًا: إن اختلاف بعض عناصر المركز القانوني للمرشح عن الناخب يبرره أن أولهما ينوب عن الآخر في أداء مهام العمل النقابي، وتحقيق أهدافه، وتلبية احتياجات الناخبين، فلا غرو أن تُتطلب في المرشح شروط إضافية عمن يمثلهم من المقيدين بجداول الانتخاب.
ثالثًا: إن تنظيم مشاركة المواطن في الحياة العامة باعتباره واجبًا وطنيًّا أوجب - وفق نص المادة (87) من الدستور - أن يكون لكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، ولا يجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب إلا في حالات محددة بينها القانون، ولا كذلك الحال في نطاق تنظيم العمل النقابي ذي الطابع المهني، الذي يستهدف رفع الكفاءة بين أعضاء النقابة الواحدة، والدفاع عن حقوقهم وحماية مصالحهم، على نحو ما يجري به نص المادة (76) من الدستور.
رابعًا: إن الإدارة الديمقراطية للعمل النقابي لا تستعصي على التنظيم، على نحو ما يجري به نص المادة (77) من الدستور، بمراعاة أن الشرط المطعون عليه، تمليه اعتبارات عدة يتصدرها اضطلاع النقابة العامة بتمثيل جموع المحامين، والتعبير عنهم لدى سلطات الدولة، والكافة، لتتوخى من خلال هذا التمثيل مشاركة مهنة المحاماة للسلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، وذلك كله وفق ما تنص عليه المادة (198) من الدستور.
خامسًا: إن تشكيل مجلس النقابة العامة للمحامين روعي فيه تمثيل المحامين تمثيلًا نوعيًّا، وإقليميًّا، جامعًا لكافة فئاتهم التي استوفت الشروط اللازمة لكفاءة التمثيل، نائيًا عن المحاصصة، بحسبان نيابة عضو مجلس النقابة العامة عن جموع المحامين أيًّا كانت فئاتهم أو المرحلة السنية التي ينتمون إليها أو الجداول المقيدون بها.
سادسًا: إن شرط المدة الذي تضمنه النص المطعون فيه – على ما أفصح عنه تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب، بشأن مشروع تعديل قانون المحاماة، الذي صدر برقم 227 لسنة 1984 – غايته أن يكون المحامي المرشح لعضوية مجلس النقابة العامة له من الخبرة الكافية التي تؤهله لتولي العمل النقابي في أعلى مدارجه؛ ومن ثم يكون هذا الشرط مرتبطًا بالغاية من تقريره، وهو تشكيل مجلس النقابة العامة من العناصر ذوي الخبرة، مستهدفًا تحقيق المصلحة الفضلى لجموع المحامين، نائيًا عن الإخلال بمبدأي العدالة والمساواة بين المخاطبين به، بما يكشف عن تلبية هذا النص لمبدأ خضوع الدولة للقانون، ويباعد عنه قالة الانحراف التشريعي التي وصمه بها المدعي دون سند.
سابعًا: إن حظر ترشح المحامي الذي لم تمضِ على مزاولته المهنة سبع سنوات، لعضوية مجلس النقابة العامة، لا يحول دون ترشحه لعضوية إحدى النقابات الفرعية التي تنضوي مع النقابة العامة في وحدة جامعة، فيكون له بهذه المثابة المشاركة الفاعلة في العمل النقابي في المستوى الذي يتكافأ مع خبرته العملية، مأخوذًا في الاعتبار أن المشرع شيد البنيان النقابي للمحامين في تشكيلاته، مندمجة داخل تنظيم واحد يقوم على الإسهام الجماعي في إدارة الحركة النقابية، منفتحًا على تداول الآراء، وتفاعلها والتواصل بين تشكيلاته، على نحو يحقق مصالح المحامين، ويلبي طموحاتهم المهنية والاجتماعية.
وحيث إنه، وعلى ما تقدم، لا يكون نص البند (1) من المادة (133) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، المستبدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 - وفقًا للنطاق المحدد سلفًا - قد تعارض مع أحكام المواد (4 و9 و53 و76 و77 و82 و87 و94) من الدستور، أو خالف أي نص آخر فيه؛ مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق