جلسة 29 من نوفمبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج وصبحي رزق.
----------------
(350)
الطعن رقم 278 لسنة 45 القضائية
(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن". حكم "الطعن في الحكم". استئناف. دعوى "قيمة الدعوى".
(1) الأحكام الصادرة في ظل القانون 52 سنة 1969 في المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون 121 سنة 1947. خضوعها من حيث جواز الطعن فيها للقواعد العامة في قانون المرافعات.
(2) دعوى تحديد أجرة الأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية. غير قابلة لتقدير قيمتها بعد انتهاء مدة العقد الأصلية. علة ذلك. جواز استئناف الحكم الصادر فيها.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن". قانون.
(3) التجديدات أو الإصلاحات التي يدخلها المؤجر في العين الخاضعة للقانون 121 سنة 1947 لا تخرجها عن القيود الواردة بها. جواز تقويمها وإضافة مقابل الانتفاع بها إلى أجرة الأساس. وجوب إعمال إنفاق الطرفين بشأنها ما لم يقصد منه التحايل على القانون.
(4) تقرير مقابل التحسينات التي تتم باتفاق بين المؤجر والمستأجر بقصد زياده الانتفاع بالعين المؤجرة. لا محل لإعمال حكم المادة 36 ق 52 سنة 69 بشأن ترميم المنشآت الآيلة للسقوط لتحديد هذا المقابل.
(5) إيجار "إيجار الأماكن". التزام. تنفيذ.
تعهد المؤجر بإجراء تحسينات للعين المؤجرة مقابل زيادة أجرتها. قعوده عن استكمالها. حق المستأجر في المطالبة بتخفيض هذا المقابل رهينة باستحالة تنفيذ التزام المؤجر عيناً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 337 لسنة 1969 مدنى أمام محكمة الفيوم الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بتخفيض أجرة المنزل المبينة بالصحيفة إلى 2 ج و550 مليم بدلاً من 4 ج اعتباراً من أول سبتمبر 1964 ثم إلى 1 ج و950 مليم اعتباراً من أول مارس 1965، وقال شرحاً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 3/ 7/ 1964 استأجر من المطعون عليها منزلاً مكوناً من دور واحد بشارع....... بالفيوم لقاء أجرة شهرية قدرها أربعة جنيهات، وإذ تبين أن الأجرة الأصلية للعين طبقاً لعقد الإيجار الصادر إلى مستأجر سابق هي ثلاثة جنيهات تخضع للإعفاء الضريبي المقرر بالقانون رقم 169 لسنة 1961 وللتخفيض المقرر بالقانون رقم 7 لسنة 1965 ونازعت المطعون عليها في ذلك، فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 28/ 3/ 1970 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لبيان الأجرة القانونية لعين النزاع عند التعاقد وما لحقها من تخفيض بعد ذلك وتحديد تاريخ إعدادها للسكنى وأجرتها القانونية وقتئذ وما طرأ عليها من زيادة إن وجدت، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت فحكمت في 2/ 4/ 1974 بتحديد القيمة الإيجارية للمنزل موضوع النزاع بمبلغ 2 ج 649 مليم ابتداء من تاريخ تحرير عقد الإيجار. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 88 لسنة 10 ق بنى سويف "مأمورية الفيوم" طالبة إلغاءه، وبتاريخ 4/ 2/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف على سند من أن المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 التي تقضى بعدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة في المنازعات الناشئة عن تطبيقه ألغيت بالقانون رقم 52 لسنة 1969، فيتعين الرجوع إلى القواعد العامة التي من شأنها اعتبار قيمة الدعوى زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً عملاً بالمادة 41 من قانون المرافعات، في حين أن مؤدى نص المادة 47 من القانون رقم 52 لسنة 1969 هو الإبقاء على حكم المادة 15 سالفة الإشارة لإندراجه ضمن الأحكام المحددة للأجرة والمقررة على مخالفتها والتي استمر العمل بها طبقاً لنص المادة 43 منه. هذا إلى أن من شأن إعمال القواعد العامة دخول قيمة الدعوى في النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية باعتبار أن الأجرة مشاهرة وهى تقل عن مائتين وخمسين جنيهاً فلا يجوز الطعن بالاستئناف فى الحكم الصادر فيها، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة 43 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "يستمر العمل بالأحكام المحددة للأجرة والأحكام المقررة على مخالفتها في القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين والقانون رقم 169....، وذلك بالنسبة إلى نطاق سريان كل منها"، وفي المادة 47 منه على أنه "مع مراعاة حكم المادة 43، يلغى القانون رقم 121 لسنة 1947 والقانون رقم 46 لسنة 1962 و..... وكل نص يخالف أحكام هذا القانون" يدل على أن المشرع وإن ألغى القانون رقم 121 لسنة 1947 إلا أنه أبقى على أحكامه الخاصة بتحديد الأجرة والمقررة على مخالفتها، لما كان ذلك، وكانت القواعد المحددة لطرق الطعن في الأحكام لا تدخل ضمن قواعد تحديد الأجرة والآثار المترتبة على مخالفتها، وكانت نصوص القانون رقم 52 لسنة 1969 قد خلت من نص مماثل للمادة 15 من القانون 121 لسنة 1947 والتي تقضى بعدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة في المنازعات الناشئة عن تطبيقه، فإن الأحكام التي تصدر في ظل العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 في منازعات ناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 لسنة 1947 تخضع من حيث جواز الطعن فيها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات، والتي تجعل مناط استئناف الأحكام الصادرة ....... من المحاكم الابتدائية هو تجاوز قيمة الدعوى للنصاب الانتهائي لها وقدره مائتان وخمسون جنيهاً، لما كان ما تقدم، وكانت مدة الإيجار في العقود الخاضعة للتشريعات الخاصة بإيجار الأماكن أصبحت غير محدودة بعد انتهاء مدتها الأصلية لامتدادها بحكم القانون وكانت دعوى تحديد الأجرة القانونية للعين المجرة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دعوى بطلب صحة أو إبطال عقد مستمر تقدر قيمتها باعتبار مجموع المقابل النقدي عن مدة العقد كلها، فإن عقد الإيجار موضوع الدعوى وقد امتد بعد انتهاء مدته الأصلية إلى مدة غير محدودة طبقاً لأحكام قوانين إيجار الأماكن يكون المقابل النقدي لهذه المدة غير محدد، وتكون الدعوى غير قابلة لتقدير قيمتها وبالتالي تعتبر قيمتها زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ويكون الحكم الصادر فيها جائزا استئنافه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم اعتبر الفرق بين الأجرة المقدرة بمعرفة خبير الدعوى وبين الأجرة المتعاقد عليها هو مقابل الانتفاع لما طرأ على العين المؤجرة من إصلاحات، حالة أن هذه الزيادة وقدرها جنيه و351 شهرياً تجاوز القدر الواجب احتسابه طبقاً للمادة 36 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وهو 12% من قيمة الإصلاحات محتسبة اعتباراً من وقت اعتمادها وإقرارها الحاصل في 9/ 10/ 1966 لا من وقت التعاقد الذى يبدأ في 1/ 9/ 1964. هذا إلى أنه ما كان يجوز احتساب تلك الزيادة لعدم تنفيذ المطعون عليها باقي الإصلاحات الضرورية لبقاء العين صالحة للسكنى والتي تم الاتفاق عليها فيما بينهما وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مجرد القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المنشأة قبل أول يناير 1944 لا يخرج هذه المباني عن القيود الواردة في القانون رقم 121 لسنة 1947 وإنما يجيز للمالك إضافة زيادة مقابل تكاليفها على أجرة شهر إبريل 1941، وكان القانون رقم 52 لسنة 1969 فى شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين إذ ألغى أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أبقى منها وعلى ما سلف بيانه بالسبب الأول - ما يتعلق بتحديد الأجرة والآثار المترتبة على مخالفتها وكان تقدير مقابل الإصلاحات أو التحسينات المستحدثة في العين المؤجرة يدخل ضمن عناصره تحديد الأجرة، فإن هذا التقدير لا يخضع للقواعد المقررة بالقانون رقم 52 لسنة 1969. لما كان ذلك، وكان المستفاد من أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة تقوم ويضاف ما يقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررها ذلك القانون، وأن الأصل وجوب إعمال ما اتفق عليه المتعاقدان في هذا الشأن سواء تم ذلك في عقد الإيجار ذاته أو في اتفاق لاحق ما لم يثبت أن القصد منه هو التحايل على أحكام القانون فيكون للقاضي عندئذ سلطة التقدير. لما كان ما تقدم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها اتفقت مع الطاعن على إجراء تحسينات وإصلاحات بعين النزاع خصماً من الأجرة مقابل زيادة القيمة الإيجارية، فإن الحكم إذ اعتد بهذه الزيادة كمقابل للإصلاحات والتحسينات التي أجريت في العين المؤجرة يكون قد أصاب صحيح القانون. ولا محل للتذرع بالإجراءات المشار إليها بالمادة 36 من القانون رقم 52 لسنة 1969 لأنه فضلاً عن عدم انطباق أحكامه، فهي واردة في الباب الثاني الخاص بالمنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة، وتواجه حالة المنشآت التي تنذر بالانقضاض، وكذلك تلك التي وإن كانت لا تنذر به ولا تعرض الأرواح والأموال للخطر إلا أنها تحتاج إلى ترميم وصيانة للحفاظ على حالتها جيدة ومنع تفاقم تدهورها، فتخرج عن نطاق أعمال التحسين التي تتم باتفاق بين المؤجر والمستأجر والتي من شأنها زيادة الانتفاع بالعين المؤجرة لقاء مقابل يضاف إلى القيمة الإيجارية وهو موضوع الدعوى الماثلة. لما كان ما سلف، وكان إخلال المؤجر بالتزامه بإجراء التحسينات التي تعهد بإجرائها مقابل زيادة الأجرة لا يجيز للمستأجر أن يتحلل من التزامه طالما كان الاتفاق عليه جدياً وإنما يكون له مطالبة المؤجر قضائياً بتنفيذ ما التزام به حتى إذا تبين استحالة التنفيذ العيني جاز له طلب التخفيض، فإنه لا على الحكم إذ لم يعتد بما تمسك به الطاعن من عدم استكمال المطعون عليها للإصلاحات المتفق عليها طالما لم يدع استحالة تنفيذها عيناً ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم أغفل الرد على ما ساقه من أوجه دفاع رداً على ما أوردته المطعون عليها من أسباب بصحيفة الاستئناف كما أنه أقيم على أن تكاليف الإصلاح بلغت 98 جنيه و324 مليم في حين أن قيمتها بعد استبعاد ما حصلته المطعون عليها من مبالغ نقدية هي 89 جنيه و224 مليم وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب فضلا عن مخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول، بأنه لما كان الطاعن لم يوضح أوجه الدفاع التي ساقها ردا على أسباب الطعن بالاستئناف والتي يزعم إغفال الحكم الرد عليها فإن النعي في هذا الوجه يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول. وهو مردود في وجهه الثاني بأن الطاعن إذ لم يقدم عقد الاتفاق الذى تم بموجبه تقدير قيمة الإصلاحات التي أجريت والتحسينات التي استحدثت بالعين المؤجرة حتى يمكن التحقق من مخالفة الحكم للثابت به، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون مفتقرا للدليل.
ولما تقديم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق