جلسة 20 من ديسمبر سنة 1978
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.
----------------
(387)
الطعن رقم 36 لسنة 47 ق أحوال شخصية
(1 - 3) وقف. حكم "حجية الحكم". اختصاص.
(1) الأوقاف الأهلية المنتهية بالقانون 180 لسنة 1952. عدم تقديم المستحقين فيها المقيمين إقامة عادية بالخارج ما يثبت حقوقهم خلال الميعاد القانوني. أثره. اعتبارهم في حكم المنقرضين وأيلولة الاستحقاق لجهة البر. ق 122 لسنة 1958.
(2) الأوقاف الأهلية التي لها مستحقون غير معلومين. عدم تقديمهم ما يثبت حقوقهم خلال الميعاد القانوني، أثره. اعتبارها أوقافا خيرية. ق 44 لسنة 1962. اختلاف هذه الحالة عن الأوقاف الأهلية التي يقيم المستحقون فيها بالخارج عند انتهاء نظام الوقف.
(3) الحكم الصادر من جهة قضاء خارج ولايتها. معدوم الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية في النزاع. مثال بشأن قرار صادر من لجنة الفحص بوزارة الأوقاف.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 146 لسنة 1973 أحوال شخصية أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد وزارة الأوقاف الطاعنة بطلب الحكم باستحقاقها لكامل أعيان وقف ..... ووقف ..... وتوابعه والتسليم وقالت شرحاً لها أن الأمير........ وقف الأعيان المبينة بكتاب وقفه الصادر من محكمة رشيد الشرعية في ......، كما وقف الأمير ...... الأعيان المبينة بكتاب وقفه الصادر من محكمة الإسكندرية الشرعية بتاريخ ......، وبوفاة الواقف الأول الأمير .... ثم وفاة ابن أخيه .... دون عقب آل الوقف جميعه إلى ابن الواقف الأمير ...... وبوفاته آل الوقف إلى شقيق الواقف ..... وبوفاته آل الوقف إلى ابنه ..... وبوفاته آل إلى أولاده من بينهم ...... ثم من بعده إلى ابنه....... ثم إلى ابنه ...... ثم إلى أولاده ومن بينهم ..... الذى توفى وانحصر إرثه في بنته الوحيدة المطعون عليها، وإذ امتنعت وزارة الأوقاف واضعة اليد على الأعيان الموقوفة عن تسليمها لها باعتبارها الفرع الوحيد الباقي من ذرية الواقفين؛ فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان.
دفعت وزارة الأوقاف بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى وقف الأمير....... لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر من اللجنة القضائية بتاريخ 25/ 8/ 1965 في المادة رقم 172 لسنة 1964. وبتاريخ 15/ 6/ 1975 حكمت المحكمة باستحقاق المطعون عليها لكامل وقف الأمير ...... وتسليمها أعيان الوقفين والريع المتحصل عنها. استأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم بالاستئناف رقم 107 لسنة 92 ق أحوال شخصية القاهرة طالبة إلغاءه وبتاريخ 23/ 5/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت وزارة الأوقاف في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالقرار الصادر من اللجنة القضائية في المادة رقم 172 لسنة 1964، على سند من أن أحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 لا تسري على الأفراد الذين يقيمون خارج الديار المصرية وأنهم يعاملون وفقاً للقانون رقم 122 لسنة 1958، وقد سبق معاملة المطعون عليها به وتقرر إثبات صفتها وإقامتها بقرار من اللجنة المختصة، فلا تجوز معاودة معاملتها بالقانون اللاحق، ولا يؤثر على حقها المكتسب بهذا القرار تقديمها طلبا إلى اللجنة المشكلة وفقاً للقانون رقم 44 لسنة 1962 إثر إعلان وزارة الأوقاف عن الوقف باعتباره من الأوقاف الأهلية التي لا يعلم لها مستحقون وصدور قرار من اللجنة برفض الطلب، لأنه فضلاً عن صدوره من لجنة غير مختصة فإنه قضاء ولائي لا يحول دون طرح النزاع حول الاستحقاق في الوقف أمام المحكمة المختصة، في حين أن القانون رقم 122 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 273 لسنة 1959 يختلف في تنظيمه ونطاق تطبيقه عن القانون رقم 44 لسنة 1962، إذ بينما يتعلق الأول بإدارة الأعيان التي انتهى فيها الوقف عملاً بالقانون رقم 180 لسنة 1952 متى كان المستحقون يقيمون إقامة عادية خارج البلاد في تاريخ العمل به، فقد صدر الثاني ابتغاء إعفاء وزارة الأوقاف من مسئولية إدارة أعيان الأوقاف التي كانت في إدارتها إعمالاً للقوانين أرقام 180 لسنة 1952 و122 لسنة 1958 و27 لسنة 1959 فوضع تنظيماً لتصفية الأوقاف الأهلية التي يكون المستحقون فيها غير معلومين دون تمييز بين من يكون مقيماً منهم داخل البلاد أو خارجها، ومن ثم لا تستثنى من أحكامه الأوقاف الخاضعة للقانون رقم 122 لسنة 1958، ويكون القرار النهائي الصادر من اللجنة القضائية المشكلة تطبيقا لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 برفض طلب المطعون عليها - وهي لجنة مشكلة برئاسة قاض تعينه وزارة العدل وتتبع في فحص وتحقيق الطلبات المقدمة إليها الأوضاع المقررة في قانون المرافعات - قراراً قضائياً له حجيته وليس من قبيل القرارات الولائية التي تصدر في غيبة الخصوم وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 122 لسنة 1958 على أن "تتولى وزارة الأوقاف إدارة الأعيان التي انتهى الوقف فيها طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 المشار إليه متى كان المستحقون يقيمون إقامة عادية خارج الجمهورية العربية المتحدة في تاريخ العمل بهذا القانون". وفى المادة الثانية منه على أنه "على المستحقين المشار إليهم في المادة السابقة أن يقدموا بأنفسهم هم أو ورثتهم إلى وزارة الأوقاف ما يثبت صفاتهم وبيان محال إقامتهم في الجمهورية العربية المتحدة وذلك خلال سنة واحدة من تاريخ العمل بهذا القانون. وإذ مضت هذه المدة دون أن يقدموا ما يثبت ذلك اعتبروا في حكم المنقرضين وتصبح الأعيان المذكورة وقفاً خيرياً. ولا تجوز الوكالة أو الإنابة من المستحقين أو ورثتهم في إثبات صفاتهم أو حقوقهم."، يدل - وعلى ما تفصح عنه مذكرته الإيضاحية - على أن لأوقاف موضوع هذا القانون هي الأوقاف التي يكون مصرفها على غير جهات البر التي انتهت بالمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 وأصبح المستحقون فيها مالكين لأعيانها كل بقدر نصيبه ولكن نظراً لإقامتهم إقامة عادية خارج البلاد وانتحال البعض صفة الوكالة أو الإنابة عنهم دون التحقق من بقائهم على قيد الحياة، فقد أوجبت المادة الثانية المشار إليها على هؤلاء المستحقين أن يقدموا هم أو ورثتهم إلى وزارة الأوقاف ما يثبت صفاتهم وحقوقهم خلال سنة واحدة من تاريخ العمل بالقانون عدلت إلى ثمانية عشر شهراً بالقانون رقم 273 لسنة 1958، فإذا مضت هذه المدة دون أن يقدموا ما يثبت ذلك اعتبروا في حكم المنقرضين، وتصبح الأعيان وقفاً خيرياً، مما مفاده أنه متى تحقق وجود هؤلاء المستحقين على قيد الحياه في تاريخ إنهاء الوقف على غير جهات البر باتخاذهم الإجراءات السالفة فإنهم يعاملون معاملة المستحقين في الأوقاف المنتهية طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 والمشمولة بحراسة وزارة الأوقاف، وإلا اعتبروا في حكم المنقرضين في هذا التاريخ، وبالتالي يؤول الاستحقاق إلى جهة البر وتعتبر الأعيان وقفا خيريا. لما كان ذلك، كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها تقدمت بصفتها مستحقة في الوقفين موضوع النزاع وباعتبار أنها مقيمة إقامة عادية خارج البلاد إلى وزارة الأوقاف خلال الميعاد المحدد قانوناً بما يثبت وجودها على قيد الحياة وصفتها باعتبارها مستحقة في الوقفين، وهو ما أقرت به الطاعنة - وزارة الأوقاف - بكتابها المؤرخ 24/ 7/ 1961، فإن هذين الوقفين لا يعدان من قبيل الأوقاف الأهلية التي لها مستحقون غير معلومين والتي اعتبرتها المادة 25 من القانون رقم 44 لسنة 1962 - الصادر في تاريخ لاحق لاستقرار الوضع في الأوقاف الخاضعة للقانون رقم 122 لسنة 1958 - وقفاً خيرياً ما لم يتقدم ذوى الشأن للمطالبة باستحقاقهم فيها خلال ستة أشهر ويثبت حقهم فيها بقرارات تصدر من لجان الفحص المشكلة وفقاً للمادة 26 منه، وهو ما يؤيده أن المشرع في المادة الأولى من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف الصادر قبل انتهاء المدة المحددة لتقرير الوضع في الأوقاف الخاضعة للقانون رقم 122 لسنة 1958، وقد ميزها عن الأوقاف التي لا يعرف مستحقوها ولا جهة الاستحقاق فيها وتلك التي انتهت بحكم القانون رقم 180 لسنة 1952 ولا زالت في حراسة وزارة الأوقاف وخصها بالبند (خامساً)، ولكنه لم يوردها ضمن الأوقاف الخاضعة للتنظيم المقرر بالقانون رقم 44 لسنة 1962 الصادر بعد الانتهاء من استقرار الأوضاع فيها. لما كان ما تقدم، وكان لجهة القضاء بما لها من ولاية عامة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تتحقق من أن الحكم المطروح أمر حجيته عليها والذى أصدرته جهة قضاء أخرى قد صدر في حدود الولاية القضائية لهذه الجهة، إذ يعد الحكم الصادر من جهة قضائية خارج حدود ولايتها معدوم الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية في النزاع، فإن اضطرار المطعون عليها إلى تقديم طلب لوزارة الأوقاف لإثبات حقها في أعيان الوقف إذعانا للقانون رقم 44 لسنة 1962 رغم خروجها من نطاق تطبيقه، بعد أن أدرجتها الوزارة ضمن الأوقاف الأهلية التي لها مستحقون غير معلومين، ثم صدور قرار من لجنة الفحص برفضه، لا يحول دونها والالتجاء إلى المحكمة المختصة، لتقرير حقها الذى تنازعها فيه وزارة الأوقاف، لأن هذا القرار وقد صدر من جهة لا ولاية لها فيما تصدت له يكون معدوم الحجية أمام القضاء، ويحق للمحكمة صاحبة الولاية إذا ما رفع النزاع إليها أن تنظره وكأنه لم يسبق عرضه على هذه الجهة. لما كان جهة ما سلف، فإن النعي على ما تضمنه الحكم من تقريرات بصدد تحديد طبيعة القرار الصادر من اللجنة - أياً كان وجه الرأي فيه - يضحى غير منتج، ويكون النعي عليه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بهذا القرار وتأييد الحكم المستأنف على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق