جلسة 9 من مايو سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، وصبحي رزق داود، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل ورابح لطفي جمعه.
-----------------
(255)
الطعن رقم 950 لسنة 46 قضائية
(1، 2، 3) حراسة "الحراسة القضائية". إيجار.
(1) نيابة الحارس تحددها نصوص القانون سلطته يحددها الحكم الصادر بتعيينه. تجاوز الحارس هذا النطاق. أثره.
(2) تعيين أكثر من حارس مع حظر انفراد أحدهم بالعمل، مفاد انفراد أحدهم بالتأجير عدم تحمل جهة الحراسة نتيجته ولو كان المستأجر حسن النية، وفاة أحدهم. أثره. توقف صلاحية وسلطة الباقين.
(3) أموال الحراسة، حظر استغلالها لصالح الحارس بتأجيرها لنفسه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الرابع أقام ابتداء وبصفته حارساً على تركة المرحوم....... الدعوى رقم 296 سنة 1972 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المطعون عليهم الثلاثة الأول للحكم ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1970 الصادر من المطعون عليه الثاني إلى زوجته المطعون عليها الأولى عن المحل المبين بصحيفة الدعوى واحتياطياً بصوريته واعتباره كأن لم يكن، وقال بياناً لذلك إنه بموجب الحكم رقم 1170 لسنة 962 مستأنف مستعجل القاهرة فرضت الحراسة القضائية على أعيان تركة وشركة المرحوم...... وأقيم المطعون عليه الثاني وآخر حارسين عليها لاستلامها وإدارتها مجتمعين غير منفردين واستغلالها فيما أعدت له بحسب طبيعتها..... إلخ. وإذ توفى الحارس الآخر فقد انفرد المطعون عليه الثاني بأعمال الحراسة ولكنه أساء الإدارة فأقام بعض الورثة دعوى بعزله ثم تركت للشطب بعد أن تعهد بالتنحي عن الحراسة وهو ما رفع بطلبه الدعوى رقم 736 لسنة 1971 مستعجل القاهرة وقد قضى بإعفائه وبتعيين المطعون عليهما الثالث والرابع حارسين منضمين لأداء المهمة المحددة بحكم فرض الحراسة، وعند شروعهما في استلام الأعيان اعترضت المطعون عليها الأولى على إجراء التنفيذ بالنسبة للمحل موضوع النزاع الماثل بمقولة أنه مؤجر إليها من المطعون عليه الثاني بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1970، ولما كان عقد الإيجار المذكور قد وقع باطلاً لصدوره ممن لا يملكه فضلاً عن صوريته فقد أقام دعواه، ولما نظرت الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى انضم الطاعنان - بصفتهما حارسين على التركة والشركة سالفة الذكر - والمطعون عليهم من الخامس للأخيرة إلى المدعي الذي قام بتصحيح شكل الدعوى بالنسبة له بتوجيهها منه بصفته الشخصية كما تم تعديل الطلبات في الدعوى بأن أضيف إلى الطلبات الأصلية فيها طلب الحكم ببطلان ملحق عقد الإيجار المؤرخ 25/ 5/ 1972 المحرر بين المطعون عليهما الأولى والثالث والمتضمن تعديل بنود العقد الأول بالنسبة للمدة والقيمة الإيجارية واحتياطياً بصوريته. قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى. فاستأنفت الطاعنة الأولى بصفتها الحكم بالاستئناف رقم 3715 لسنة 90 ق القاهرة. وبتاريخ 22/ 2/ 1976 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى ببطلان عقد الإيجار موضوع التداعي وصوريته على ما قرره من أن العقد صدر من المطعون عليه الثاني في حدود سلطته باعتباره حارساً يجوز له الإنفراد بالعمل بعد وفاة الحارس الآخر المنضم إليه وذلك حتى لا تتعطل أعمال الحراسة لحين تعيين خلفه، فضلاً عن أن تأجير المحل من الأعمال التي يجوز فيها الإنفراد لأنه لا يحتاج إلى تبادل الرأي إذ أنه يعود على الورثة بالنفع المحض وخاصة وأن أحداً منهم لم يعترض على إبرامه بل صادف موافقة من جميع ذوي الشأن والحراس، كما أنه لا قيام للصورية المدعاة إذا لم يكن هناك مانع قانوني من أن يبرم الحارس العقد لنفسه وبالتالي ينتفي ما يدعوه للتخفي أو التستر باسم زوجته، هذا إلى أنه لا صورية في عقد جدي تم تنفيذه فعلاً من تاريخ إبرامه، وهذا الذي ذهب إليه الحكم معيب بمخالفة القانون، لأنه من المقرر أنه إذا تعدد الحراس ونص على وجوب اجتماعهم في العمل فإن وفاة أحدهم ترتب انتهاء مأمورية الحراسة بالنسبة للباقين بما لا يجوز بعد الإنفراد بالعمل سواء احتاج لتبادل الرأي أم لا، وما هو مقرر وفقاً للمادتين 108 و706 من القانون المدني من أن الحارس ممنوع من التعاقد مع نفسه ومن استعمال مال الحراسة لصالحه، هذا إلى ما شاب الحكم من فساد في الاستدلال، إذ استدل على موافقة ذوي الشأن والحراس على التأجير باتفاق 28/ 11/ 1970 وبإيصالين عن الأجرة في حين أن هذه الأوراق لا تحمل توقيعاً من ذوي الشأن إلا لاثنين من الورثة لم يكونا في تاريخها حراساً ولا يعلمان بواقعة التأجير ولا عبرة حتى بموافقتهما على عمل مخالف للقانون ولحكم الحراسة، وفضلاً عن ذلك فقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على ما تمسك به دفاع الطاعنين من بطلان عقد التعديل المؤرخ 2/ 5/ 1972 تأسيساً على قيامه وابتنائه على عقد باطل فضلاً عن صدوره بدوره من حارس واحد غير مصرح له بالانفراد، كما التفت الحكم كذلك عن إجابة ما تمسك به الطاعنان من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية عقد الإيجار وملحقه وهو ما عاب قضاءه بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان النص في المادة 733 من القانون المدني على أن الحكم القاضي بالحراسة هو الذي يحدد ما على الحارس من التزامات وما له من حقوق وسلطة وإلا تطبق أحكام الوديعة والوكالة، وكانت المادة 701 قد نصت على أن "الوكالة الواردة في ألفاظ عامة.... لا تخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة ويعد من أعمال الإدارة الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات. كما نصت المادة 559 على أنه لا يجوز لمن لا يملك إلا حق الإدارة أن يعقد إيجاراً تزيد مدته على ثلاث سنوات إلا بترخيص من السلطة المختصة.." ونصت المادة 735 على أنه لا يجوز للحارس في غير أعمال الإدارة أن يتصرف إلا برضاء ذوي الشأن جميعاً أو بترخيص من القضاء، وكان النص في المادة 707 ف 2 على أنه... إذا عين الوكلاء في عقد واحد دون أن يرخص في انفرادهم في العمل كان عليهم أن يعملوا مجتمعين إلا إذا كان العمل مما لا يحتاج إلى تبادل الرأي كقبض الدين أو وفائه. يدل على أن نيابة الحارس تتحدد بما ينص عليه القانون من أحكام في هذا الصدد وأن سلطة الحارس تضيق أو تتسع بالقدر الذي يحدده الحكم القاضي بتعيينه وأنه إذا جاوز الحارس هذا النطاق المحدد في الحكم أو في القانون فإنه يكون قد خرج عن حدود نيابته، وكان من المقرر في قضاء النقض أنه إذا عين الحكم أكثر من حارس على الأعيان المشمولة بالحراسة وحظر عليهم أن ينفرد أيهم بأي عمل ثم أجر أحدهم هذه الأعيان فإن جهة الحراسة لا تتحمل نتيجة عمل هذا الحارس ولو كان المستأجر حسن النية، وأنه إذا توفى أحد الحراس المتعددين الغير مأذون لهم بالانفراد فإن وفاته وإن لم يترتب عليها سقوط حراسة الباقين إلا أنها توقف صلاحيتهم وسلطتهم في القيام بأعمال الإدارة حتى يقرر القاضي ما يراه في شأنهم. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الحكم القاضي بفرض الحراسة على أعيان التركة والشركة موضوع التداعي وبتعيين المطعون عليه الثاني وآخر حارسين منضمين قد أناط بهما أن يقوما مجتمعين وغير منفردين بإدارة الأعيان واستغلالها فيما أعدت له وأنه بعد وفاة الحارس الآخر انفرد المطعون عليه الثاني بتأجير محل النزاع في 1/ 5/ 1970 إلى زوجته المطعون عليها الأولى لمدة خمس سنوات تجدد برغبة المستأجر لخمس سنوات أخرى، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين ببطلان عقد الإيجار المذكور على سند من القول بأنه صدر من المطعون عليه الثاني في حدود نيابته باعتباره حارساً يجوز له قانوناً الانفراد بالعمل بعد وفاة الحارس المنضم وذلك حتى لا تتعطل أعمال الحراسة، فضلاً عن أنه تصرف لا يحتاج إلى تبادل رأي لما فيه من نفع للشركة، وأنه لا يقدح في ذلك مخالفته للقاعدة المقررة من عدم جواز التأجير لمدة تزيد على ثلاث سنوات فالجزاء على ذلك هو إنقاص المدة إلى ثلاث وهو ما تم تداركه في العقد التالي المبرم بين المطعون عليهما الأولى والثالث، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لانفراد الحارس... المطعون عليه الثاني... في هذه الحالة بالتأجير وهو عمل من أعمال الإدارة التي أوجب حكم الحراسة إجراءها بمعرفة الحارسين المنضمين دون انفراد - ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - من موافقة ذوي الشأن والحراس على هذا التأجير وعلى انفراد المطعون عليه الثاني بإبرامه وهو ما دلل عليه بالاتفاق المؤرخ 28/ 11/ 1970 وبإيصالين للأجرة، ذلك بأن هذه الأوراق لا تحمل توقيعاً من ذوي الشأن اللهم إلا لاثنين من الورثة - المطعون عليهما الثالث والرابع - لم يكونا في تاريخه حراساً فضلاً عن انتفاء علمهما في حينه التأجير حتى إذا ما علما به بادر أحدهما إلى رفع الدعوى الماثلة بطلب بطلانه، هذا إلى أنه لما كان الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد ذهب في قضائه برفض الدفع المبدى موضوع التداعي - إلى القول بأن المطعون عليه الثاني لم يكن في حاجة إلى إخفاء حقيقة ما تعاقد عليه حتى يتستر تحت اسم زوجته وليس أمامه أي مانع قانوني يحول دون إبرام العقد باسمه وإتمامه لنفسه، وكانت المادة 108 من القانون المدني تنص على أنه "لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء كان التعاقد لحسابه هو أم لحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل". كما تنص المادة 706 على أنه "ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه..." مما مؤداه منع الحارس قانوناً من استغلال أموال الحراسة لصالحه بتأجيرها لنفسه، وكان دفاع الطاعنين أمام محكمة الموضوع قد انصب على أن المطعون عليه الثاني هو المستأجر الفعلي المستغل الحقيقي لعين النزاع واستدلا على ذلك بعدة قرائن طلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها، وكان هذا الدفاع جوهرياً ومن شأنه لو صح تغير وجه الرأي في الدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التفت مع هذا عن إجابة الطاعنين إلى ما طلباه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية عقد الإيجار فإنه يكون - فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون - معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق