باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من أبريل سنة 2023م،
الموافق السابع عشر من رمضان سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن
سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري
رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 47 لسنة 44
قضائية دستورية، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) بحكمها
الصادر بجلسة 3/ 9/ 2022، ملف الطعن رقم 74219 لسنة 66 قضائية عليا
المقام من
على أنور ميزار باتع
ضــد
1 - رئيس الجمهوريــة
2 - وزيـر العدل
3- رئيس هيئة النيابة الإدارية
---------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الرابع من أكتوبر سنة 2022، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الطعن رقم 74219 لسنة 66 قضائية عليا، بعد أن قضت المحكمة
الإدارية العليا، بجلسة 3/ 9/ 2022، بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة،
للفصل في دستورية نص المادة (40 مكرراً-1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم
117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، المضافة
بالقانون رقم 12 لسنة 1989.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم.
----------------
" المحكمـة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين مــن حكــم الإحالة وســائر
الأوراق - في أن علي أنور ميزار باتع، أقام أمام المحكمة الإدارية العليا، الطعن
رقم 74219 لسنة 66 قضائية عليا، طالبًا الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 239
لسنة 2020 الصادر بتاريخ 22/ 5/ 2020، فيما تضمنه مـــن تخطيه في التعيين بوظيفة
معاون نيابة إدارية، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها: أحقيته في التعيين بتلك
الوظيفة من تاريخ صدور القرار، وإرجاع أقدميته بين زملائه المعينين، وصرف الفروق
المالية المستحقة. قولاً منه إن هيئة النيابة الإدارية كانت قد أعلنت عن شغل وظيفة
معاون نيابة إدارية بها، ونظرًا لاستيفائه الشروط اللازمة لشغل هذه الوظيفة، فقد
تقدم لشغلها، واجتاز الاختبارات المقررة لذلك، إلا أنه فوجئ بتعيين آخرين دونه،
مما حدا به إلى إقامة طعنه المشار إليه، توصلاً للقضاء له بطلباته. وبجلسة 3/ 9/
2022، قضت المحكمة بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل
في دستورية نص المــادة (40 مكررًا-1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117
لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، المضافة بالقانون
رقم 12 لسنة 1989.
وحيث إن المادة (40 مكرراً-1) من القرار بالقانون المشار إليه، تنص
على أن تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي
يقدمها أعضاء النيابة الإدارية بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي
شأن من شئونهم متى كان مبنى الطلب عيبًا في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو
خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.
كما تختص الدائرة المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك
القرارات.
وتختص أيضًا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات
والمعاشات والمكافآت المستحقة لأعضاء النيابة الإدارية أو لورثتهم ولا تحصل رسوم
على هذه الطلبات.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستوريـــة، وهى شـــرط لقبولهـا، مناطها
- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحـة
القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على
الطلبات المرتبطـة بها والمطروحة على محكمة الموضـوع. ويستوي في شأن توافر المصلحة
أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة
الدستورية العليا هي وحدها التي تتحـرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية
للتثبت من شروط قبولهــا. ومؤدى ذلك: أن الإحالة من محكمـة الموضوع إلى المحكمة
الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمه أن هذه الدعوى لا تكون
مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعي المحال على النزاع الموضوعي، فيكون الحكم في
المطاعـــن الدستورية لازمًا للفصل في ذلك النزاع، وأنه لا تلازم بين الإحالة من
محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النص الذي ثارت
بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن
الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
متى كان ذلك، وكان المدعي في الدعوى الموضوعية، قد أقام أمام المحكمة
الإدارية العليا، الطعن رقم 74219 لسنة 66 قضائية عليا، بطلب الحكم بإلغاء قرار
تخطيه في التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية، بما قد يؤول إلى التأثير في المركز
القانوني لأحد أعضاء النيابة الإدارية، ويعتبر بذلك متصلاً بشأن من شئونهم، ولو
كان مقدمًا من غيرهم. وكان نص المادة (40 مكررًا-1) من القرار بالقانون رقم 117
لسنة 1958 المار ذكره - النص المحال - قد قصر الاختصاص بالفصل في الطلبات
والمنازعات المبينة فيه، على إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها، وجعل
التقاضي فيما يتعلق بها على درجة واحدة. ومن ثم فإن حسم دستورية ذلك النص، في حدود
هذا النطاق، يكـون ذا أثر وانعكاس أكيد على النزاع الموضوعي المرتبط به، والتنظيم
القانوني الحاكم لقواعد الفصل فيه، وولاية الدائرة المسند إليها الفصل في طلبات
أعضاء النيابة الإدارية، بالمحكمة الإدارية العليا، لتتوافر بذلك المصلحة في
الدعوى المعروضة في اختصام هذا النص في حدود نطاقه المتقدم.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المحال، إخلاله بمبادئ العدل
وتكافؤ الفرص والمساواة، في مجال حق كل مواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي؛ وذلك
بأن قصر التقاضي بالنسبة لأعضاء النيابة الإدارية على درجة واحدة، فعقد الاختصاص
بالفصل في المنازعات المتعلقة بشئونهم إلى المحكمة الإدارية العليا، دون محكمة
القضاء الإداري، مكرسًا بذلك تمييزًا غير مبرر بين أعضاء الجهات والهيئات
القضائية، بالمخالفة للمواد (4 و53 و97) من الدستور الصادر سنة 2014.
وحيث إن الدستور قد حرص في المادة (4) منه على النص على مبدأ تكافؤ
الفرص، باعتباره من الركائز الأساسية التي يقوم عليها بناء المجتمع، والحفاظ على
وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه، تحقيق تكافؤ
الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، لا
تستطيع منه فكاكًا. وقوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفرص
التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتتدخل الدولة إيجابيًّا
لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم
على ضوء قواعد يمليها التبصـــر والاعتدال؛ وهو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ
إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها.
وحيث إن الدستور قد اعتمد كذلك بمقتضى نص المادة (4) منه، مبدأ
المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع
وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة
تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات
العامة، دون تمييز بينهـــم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني - وفقًا لما استقر عليه
قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية
معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضـة صور التمييز جميعها،
ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص
المادتين (4 و53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك
الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل
لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى
تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه - بما انطوى عليه من
تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً
إليها؛ فإن التمييز يكون تحكميًّا وغير مستند بالتالي إلى أسس موضوعية، ومن ثم
مجافيًا لمبدأ المساواة.
وحيث إن الدستور بما نص عليه في المادة (97) من أن لكل مواطن حق
الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس
كافة، تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعًا عن
مصالحهم الذاتية. وقد حرص الدستور على ضمان إعمال هذا الحق في محتواه المقــرر
دستوريًّا بما لا يجوز معه قصر مباشرته على فئة دون أخرى، أو إجازته في حالة
بذاتها دون سواها. كما أن هذا الحق باعتباره من الحقوق العامة التي كفل الدستور
بنص المادتين (4 و53) المساواة بين المواطنين فيها، لا يجوز حرمان طائفة منهم من
هذا الحق مع تحقق مناطه - وهـو قيـام منازعة في حـــق مـن الحقوق - وإلا كان ذلك
إهدارًا لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من الحق
ذاته.
وحيث إن من المقرر أن تنظيم الحقوق منوط بالمشرع، وكان استعماله
لسلطته في هذا الشأن رخصة يباشرها، كلما اقتضاها الصالح العام، وفي الوقت الذي
يراه مناسبًا، إلا أن تدخله يغدو عزيمة إذا ما دعاه الدستور إلى تنظيم حق من
الحقوق، كما هو الحال بالنسبة لحق التقاضي، فإن أدى مسلكه إلى الإخلال بهذا الحق
كان ذلك مخالفًا للدستور.
وحيث إن الدستور قد حرص على تخصيص الباب الخامس منه لنظام الحكم، وحدد
فيه السلطات العامة التي يتكون منها هذا النظام، وخصص الفرع الأول من الفصل الثالث
للأحكام العامة الحاكمة للسلطة القضائية، باعتبارها إحدى السلطات العامة التي
يتكون منها نظام الحكم في الدولة، مؤكدًا في المادة (184) منه على استقلالها، وأن تتولاها
المحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها، ولذلك أوجب الدستور في المادة (186) منه كفالة
استقلال القضاة الذين يتحملون أعباء هذه الولاية، وحصنهم بضمانـة عدم القابلية
للعزل، وعدم خضوعهم في عملهم لغير القانون، وذلك باعتبار جهــات القضاء - على ما
جرى به قضاء هذه المحكمة - هى إحدى سلطات الدولة الثلاث، وتقوم على ولاية القضاء،
وتستقل بشئون العدالة في مقابلة السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويجمعها مع
الهيئات القضائية إسهامهم جميعًا في سير العدالة. ومن أجل ذلك كفلت المادة (185)
من الدستور لكل جهة أو هيئة قضائية استقلالها، وتقوم كل منها على شئونها، وهو ما
أكدته المادة (197) من الدستور، بنصها على أن هيئة النيابة الإدارية هيئة قضائية
مستقلة، وحددت اختصاصاتها وصلاحياتها. وإذا كان الدستور قد كفل بمقتضى المادتين (4
و53) منه، مبدأ المساواة، بوصفه أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية - كما
سلف البيان - فقد ضمن نص المادة (186) منه أحد تطبيقات هذا المبدأ، فساوى بين جميع
القضاة في الحقوق والواجبات، أيًّا كانت جهة القضاء التابعين لها، والتي يندرج
ضمنها حق التقاضي، باعتباره أحد الحقوق الشخصية التي كفلها الدستور في المادة (97)
منه، وهو حق كفله الدستور بموجب نص الفقرة الأخيرة من المادة (197) منه لأعضاء
النيابة الإدارية، حين قرر صراحة تمتعهم بكافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة
لأعضاء السلطة القضائية، لا سيما في خصوص المنازعات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء
كل منها، بما يوجب إحاطتها بالوسائل الإجرائية عينها التي يقتضيها الدفاع عن
حقوقهم، ذلك أن حرمان بعضهم منها دون مسوغ، يُعد عدوانًا على حقوقهم، وتقليص فرص
حمايتها، رغم اتحاد طبيعتها، مما يستوجب أن تحكمها القواعد القانونية ذاتها عند
توافر شروط تطبيقها، وبوجه خاص على صعيد الطعن في الأحكام الصادرة فيها، إذ لا
يجوز أن يكون هذا الطريق متاحًا لأفراد فئة ومحجوبًا عن نظرائهم، بحسبانه أحد
الوسائل القانونية للدفاع عن الحقوق والحريات التي كفلها الدستور، بمقتضى نص
المادة (98) منه.
وحيث إن المادة (40 مكررًا-1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم
117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، فيما تضمنته
من النص على اختصاص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا، دون غيرها، بالفصل في
الطلبات والمنازعات المتعلقة بشئون أعضاء النيابة الإدارية، مقتضاه أن التقاضي
بشأنها يتم على درجة واحدة. وإذ انتهج المشرع نهجًا جديدًا بالنسبة لأعضاء السلطة
القضائية، الذين منحهم بمقتضى المادة (83) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار
رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، بعد استبدالها بالقانون رقم 142 لسنة
2006، الحق في التقاضي في شأن الطلبات الخاصة بهم على درجتين، فجعل الاختصاص
معقودًا للدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة، مع إمكانية الطعن على أحكامها
أمام دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض، مما يتيح لهم حماية أكبر في
مجال استئداء حقوقهم، بأن أتاح لهم درجة أخرى من درجات التقاضي، يتناضلون فيها عسى
أن يدركوا فيها ما فاتهم من أدلة لم يقدموها للدائرة المختصة، أو يكتشفوا وجهًا
للدفاع لم يمكنهم اكتشافه في المرحلة الأولى، بما يكفل لهم الطمأنينة، حتى ينصرفوا
لأداء رسالتهم على أكمل وجـه، وحتى ينالوا الترضية القضائية إنصافًا. وفي ضوء ذلك،
قضت المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2018، في الدعوى رقم 125
لسنة 35 قضائية دستورية، بعدم دستورية نص المادة (104) من قانون مجلس الدولة
الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المستبدلة بالقانون رقم 50
لسنة 1973، فيما تضمنه من قصر الاختصاص بنظر الطلبات والمنازعات المتعلقة برجال
مجلس الدولة على درجة واحدة. ونُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 45
(مكرر) بتاريخ 13/ 11/ 2018، كما قضت بحكمها الصادر بجلسة6/ 2/ 2021، في الدعوى
رقم 82 لسنة 41 قضائية دستورية بعدم دستورية نص المادة (25 مكررًا) من قانون هيئة
قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 المضافة
بالقانون رقم 2 لسنة 2002، فيما تضمنه من قصر الاختصاص بالفصل في طلبات إلغاء
القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئون أعضاء هيئة قضايا الدولة
وطلبات التعويض عنها، والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة
لهم أو للمستحقين عنهم، على درجة واحدة. وهو ما حُرم منه أعضاء النيابة الإدارية،
الذين عقدت المادة (40 مكررًا/ 1) - المحالة - الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة
بأي شأن من شئونهم إلى إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها، وعلى درجة
واحدة. ومن ثم يكون هذا النص قد أقام تمييزًا غير مبرر بين أعضاء تلك الهيئة
وأقرانهم من أعضاء السلطة القضائية، رغم تماثل مراكزهم القانونية، إذ يجمعهم أنهم
متساوون في الحقوق والواجبات، ويتمتعون بذات الحقوق وكافة الضمانات، ليضحى حرمان
أعضاء النيابة الإدارية من هذا الحق، انتقاصًا من فرص الحماية القانونية للحقوق
المقررة لهم بمقتضى أحكام الدستور ووسائلها التي اعتمدها المشرع، لا يرتكن إلى أسس
موضوعية تبرره، بما يهدر شرط التناسب بين التنظيم الذي سنه كوسيلة لتحقيق الأهداف
التي رصدها له، وبين تلك الغايــات، ليغــدو مصادمًا لتلك الأغــراض، وغير مرتبط
بهــا برابطة منطقية، ومتضمنًا تمييزًا تحكميًّا بين كلتا الفئتين فــي مجــال
مباشـرة الحـــق في التقاضي، والحـق في الدفـاع، ممـا يوقـع ذلك النص في حومـة
مخالفـــة مبادئ العدل وتكافؤ الفرص والمساواة التي كفلها الدستور في المــواد (4
و9 و53 و185 و186 و197) منه، ويتضمن مساسًا بالحق في التقاضي وكذا الحق في الدفاع
المقررين بالمـادتين (97 و98) منه، ومعطلاً بذلك مبدأ خضوع الدولة للقانون، الذي
كفلته المادة (94) من الدستور، بعد أن قيد من نطاق ممارسة كل من هـــذين الحــقين،
وانتقص من محتواهما ومضمونهما، بما يمس أصلهما وجوهرهما، وهو ما يصم النص المحال
كذلك بمخالفة المادة (92) من الدستور، التي تضمنت الفقرة الثانية منها قيدًا
عامًّا على سلطة المشرع التقديرية في مجال تنظيم ممارسة الحقوق والحريات، بمقتضاه
لا يجوز لأى قانون يسنه في هذا الخصوص أن يقيدها بما يمس أصلها أو جوهرها، فضلاً
عن أنه بحرمانه لأعضاء النيابة الإدارية من هذه الضمانة، يكون قد انتقص من
الاستقلال الممنوح للهيئة وأعضائها بالمخالفة للمادتين (185 و197) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (40 مكررًا-1) من قرار رئيس
الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات
التأديبية، المضافة بالقانون رقم 12 لسنة 1989، فيما تضمنه من قصر الاختصاص بالفصل
في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئون أعضاء
النيابة الإدارية وطلبات التعويض عنها، والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات
والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم، على درجة واحدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق