جلسة 10 من مايو سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين الدكتور إبراهيم صالح، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج.
----------------
(238)
الطعن رقم 406 لسنة 44 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن". قوة الأمر المقضي.
القضاء بتحديد الأجرة الاتفاقية في دعوى المؤجر بمطالبة المستأجر بمتأخر الأجرة. لا حجية له في دعوى المستأجر بتحديد الأجرة القانونية لذات المكان. علة ذلك.
(2) إيجار "إيجار الأماكن".
عقود الإيجار المبرمة قبل أول مايو سنة 1941 للأماكن المنشأة قبل أول يناير 1944. عدم خضوع أجرتها للتحديد الوارد بالمادة 4 من القانون 121 لسنة 1947 طوال مدة العقد الأصلية. سريان الأجرة القانونية في فترة الامتداد القانوني للعقد.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن. إثبات. "عبء الإثبات".
(3) أجرة الأساس. عبء إثباتها. وقوعه على من يدعي أن الأجرة المتعاقد عليها تخالف الأجرة القانونية زيادة أو نقصاً.
(4) عدم جواز اللجوء إلى أجرة المثل حالة وجود الأجرة الفعلية في شهر الأساس ثبوت أن المدعي هو بذاته مستأجر العين في هذا الشهر. عليه إثبات الأجرة الفعلية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم...... سنة 1971 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية التي قيدت برقم...... سنة 1971 جنوب القاهرة ضد الطاعنين طالباً الحكم بتحديد الأجرة القانونية الواجبة الأداء للشقة استئجاره المبينة بصحيفة الدعوى بأجرة مثلها في شهر إبريل سنة 1941 مع زيادتها بالقدر المنصوص عليه في القانون رقم 121 سنة 1947 وخصم الضريبة منه، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار شفوي استأجر من مورث الطاعنين شقة بالدور الأول بالعقار رقم.......، وبعد وفاته تعرض له الطاعنون مدعين أن أجرة العين المؤجرة 4 جنيه و350 مليم، وإذ تخضع الأجرة لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وتعديلاته ثم للقانون رقم 52 لسنة 1969، فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 19/ 12/ 1971 حكمت المحكمة بندب أحد الخبراء لتقدير الأجرة القانونية لعين النزاع وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت بتاريخ 11/ 3/ 1973 بتحديد الأجرة القانونية بمبلغ 2 جنيه و650 مليماً بخلاف رسم النظافة. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم...... سنة 90 ق القاهرة طالبين إلغاء ورفض الدعوى ودفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 170 لسنة 1970 مدني بولاق، وبتاريخ 17/ 9/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته أنه جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بسبق إقامتهم الدعوى رقم..... لسنة 1970 مدني القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه مطالبين بأجرة متأخرة لشقة النزاع، وبعد أن حققت المحكمة عناصر عقد الإيجار قضت بأسباب حكمها المكملة لمنطوقه أن الأجرة المتعاقد عليها بين مورثهم والمطعون عليه قدرها 4 جنيهات و350 مليماً شهرياً، وأصبح هذا الحكم انتهائياً بعدم الطعن عليه وحاز قوة الأمر المقضي، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتحديد أجرة ذات العين بمبلغ 2 جنيه و650 مليماً فإنه يكون قد خالف حكماً سابقاً حائزاً لقوة الأمر المقضي، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حجية الأمر المقضي ترد على منطوق الحكم وعلى ما يكون من أسبابه مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً ولازماً للنتيجة التي انتهى إليها، وكان من شروط الأخذ بقرينة الأمر المقضي وفقاً للمادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وحده الموضوع بين الدعوى التي سبق الفصل فيها والدعوى المطروحة، بحيث تكون المسألة المقضى فيها مسألة أساسية لم تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرار جامعاً مانعاً وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بالدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها. لما كان ذلك وكان يبين من الأوراق أن موضوع المنازعة في الدعوى رقم...... سنة 1970 مدني بولاق هو مطالبة الطاعنين المطعون عليه بأجرة متأخرة لشقة النزاع عن الفترة من 1/ 10/ 1969 حتى مارس سنة 1970 باعتبار أن أجرتها الاتفاقية مبلغ 4 جنيهات و350 مليماً شهرياً، وقد ثار النزاع بين الطرفين حول حقيقة الأجرة الاتفاقية، وحددتها المحكمة بمبلغ 4 جنيهات و350 مليماً شهرياً، وأبرزت بأسباب حكمها إلزام المستأجر دفعها حتى تعدل بحكم يثبت تحديد الأجرة القانونية. لما كان ما تقدم، وكان النزاع الذي ثار بين الطرفين في الدعوى الماثلة يدور حول تحديد الأجرة القانونية للشقة المؤجرة تطبيقاً لأحكام قوانين الإيجارات، وهي مسألة لم تكن مطروحة على المحكمة في الدعوى السابقة، ولم يعرض لها الحكم الصادر منها، ومن ثم فإن الدعويين تختلفان موضوعاً وسبباً، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون غير سديد.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إنه حدد أجرة شقة النزاع على أساس أجرة المثل في شهر إبريل سنة 1941، في حين أن المطعون عليه أقر بأنه يشغل الشقة قبل سنة 1940 بموجب عقد إيجار صادر من مورثهم وهو ما يستوجب طبقاً للمادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أن تكون الأجرة القانونية للعين المؤجرة هي القيمة الإيجارية المتعاقد عليها بعد إضافة الزيادة القانونية دون البحث عن أجرة المثل التي لا يلجأ إليها إلا في حالة عدم وجود أجرة تعاقدية للعين المؤجرة في شهر إبريل سنة 1941 وإذ حدد الحكم المطعون فيه الأجرة القانونية لشقة النزاع على أساس أجرة المثل دون الاعتداد بأجرتها التعاقدية فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 المعمول بها بمقتضى المادتين 43 من القانون رقم 52 لسنة 1969 و9 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت منذ أول مايو سنة 1941 على أجرة شهر إبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر إلا بمقدار ما يأتي..... ولا تسري أحكام هذه المادة على المباني المنشأة من أول يناير سنة 1944.، يدل على أن المشرع اتخذ من أجرة شهر إبريل سنة 1941 أساساً لتحديد الأجرة بالنسبة لعقود الإيجار المبرمة منذ أول مايو سنة 1941 على المباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1941 اعتباراً بأن أول مايو سنة 1941 هو التاريخ الذي بدأت فيها التشريعات الاستثنائية الخاصة بمواجهة أزمة الإسكان بصدور الأمر العسكري رقم 151 لسنة 1941، وافتراضاً بأنه منذ هذا التاريخ بدأت أجرة الأماكن في التصاعد وأصبح المستأجر بحاجة إلى حماية القانون. مما مفاده أن المنع من الاتفاق على تجاوز الحد الأقصى، وحظر تقاضي أية مبالغ تزيد عليها لا يستطيل إلى العقود المبرمة قبل هذا التاريخ، فلا يسري عليها هذا المبدأ، ويعمل بالأجرة المسماة فيها مهما بلغت، طالما أن المدة الأصلية لهذه العقود باقية لم تنقض، فإذا جدد العقد أو امتد بحكم القانون بعد انتهاء مدته الأصلية فإن الأجرة تصبح خاضعة للتشريعات الاستثنائية ويجب ألا تجاوز الحد الأقصى الذي فرضه القانون، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عبء إثبات الأجرة الأساسية يقع على من يدعي أن الأجرة الحالية تختلف عن الأجرة القانونية زيادة أو نقصاً، وكان مفاد المادة الرابعة آنفة الإشارة أنها تجعل من الأجرة المتفق عليها في شهر إبريل 1941 الأصل الواجب الاتباع، بحيث لا يلجأ إلى أجرة المثل إلا عند فقدان هذا الأصل، فإنه لا مجال للتحدث عن أجرة المثل إذا كان المستأجر المنازع في قانونية الأجرة هو نفسه الذي كان يشغل العين في شهر الأساس، ويتعين الاعتداد بالأجرة الفعلية فيه، ويقع عليه هو عبء إثبات أن الأجرة التي يدفعها تزيد عن الأجرة التي كان يدفعها هو نفسه في ذلك الشهر، مضافاً إليها الزيادة القانونية ومقابل الإصلاحات إن وجدت لما كان ما تقدم، وكان الواقع في الدعوى أن شقة النزاع أنشئت قبل أول يناير سنة 1944، وأنه لا خلاف في أن عين النزاع أجَّرت من مورث الطاعنين إلى المطعون عليه بمقتضى عقد إيجار غير مكتوب قبل أول مايو سنة 1941 فإن الأجرة القانونية هي تلك التي اتفق عليها المتعاقدان حتى نهاية مدة الإيجار الأصلية، ثم تحدد بالأجرة الفعلية التي كان يدفعها المطعون عليه في شهر إبريل سنة 1941 مضافاً إليها الزيادة المقررة قانوناً دون الالتجاء إلى أجرة المثل طالما أن المطعون عليه كان هو المستأجر لشقة النزاع في شهر إبريل سنة 1941، وعليه عبء إثبات أجرتها الفعلية في هذا الشهر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولجأ إلى تحديد الأجرة القانونية لشقة النزاع على أساس أجرة المثل في شهر إبريل سنة 1941، وأغفل الفصل فيما إذا كان عقد الإيجار قد انتهت مدته الأصلية أم لا زالت قائمة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة للتعرض لباقي الأسباب، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق