باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت
الحادي عشر من مارس سنة 2023م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1444 هـ.
أصدرت الحكم الآتي
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي
إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد
عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة
محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد
طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع
أمين السر
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة
الدستورية العليا برقم 91 لسنة 34 قضائية دستورية.
المقامة من
الشركة المصرية للاتصالات
ضد
1- رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
2- رئيس مجلس الـوزراء
3 - رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
4- وزير العـــدل
5- وليد عبد المنعم محمد عشوش
-----------------
" الإجراءات "
بتاريخ السابع من يونيو سنة 2012، أودعت
الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبة الحكم
بعدم دستورية نص المادة (68) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003
المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها
الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين
تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر
الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طالبةً الحكم أصليًا: بعدم قبول
الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من
صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليه الخامس أقام أمام محكمة الزقازيق
الابتدائية الدعوى رقم 87 لسنة 2011 عمال كلي، مختصمًا الشركة المدعية، طالبًا
الحكم أصليًا: بإلغاء قرار فصله الصادر بتاريخ 2/ 12/ 2010، عن مجلس تأديب
العاملين بالشركة، وإعادته مرة أخرى لعمله كاتبًا رابعًا بسنترال غرب الزقازيق.
واحتياطيًا: بإلزام الشركة بأن تؤدي له مبلغ مائة ألف جنيه، تعويضًا ماديًّا
وأدبيًّا جابرًا لضرر فصله تعسفًا. وبجلسة 1/ 4/ 2012، دفعت الشركة المدعية بعدم
دستورية نص المادة (68) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، المعدل
بالقانون رقم 180 لسنة 2008، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت بإقامة الدعوى
الدستورية، فأقامت الشركة المدعية دعواها المعروضة، ناعية على النص المطعون فيه،
حرمانه صاحب العمل من توقيع جزاء فصل العامل من الخدمة كعقوبة تأديبية إذا ارتكب
خطأً جسيمًا، بما يتعارض وطبيعة رابطة العمل، ويخل بحرية التعاقد ومبدأ المساواة
وحق التقاضي، وهو ما يخالف المواد (7 و21 و22) من الإعلان الدستوري الصادر في 30
مارس 2011، المقابلة للمواد (53 و97 و98) من الدستور القائم.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (1) من
القانون رقم 19 لسنة 1998 بتحويل الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية إلى
شركة مساهمة مصرية، تنص على أنه تحول الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية
إلى شركة مساهمة مصرية تسمى الشركة المصرية للاتصالات، وذلك اعتباراً من تاريخ
العمل بهذا القانون. وتنص الفقرة الثانية من المادة (2) من القانون ذاته على أنه
كما يسري على العاملين بالشركة أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة
2003، وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللوائح التي يضعها مجلس إدارة الشركة.
وتنص المادة (11) منه، على أنه ينقل العاملون بالهيئة القومية للاتصالات السلكية
واللاسلكية إلى الشركة الجديدة بذات أوضاعهم الوظيفية، ويستمر العمل باللوائح
المنظمة لشئونهم لحين إصدار لائحة نظام العاملين بالشركة، .....، وإعمالًا لأحكام
المادة (11) الآنفة البيان، أصدر رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات بتاريخ
5/ 5/ 2008، القرار رقم 1454 لسنة 2008 بشأن لائحة نظام العاملين بالشركة، ونصت
المادة (1) منها على أن تسري أحكام هذه اللائحة على جميع العاملين بالشركة، كما تسري
عليهم أحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 فيما لم يرد بشأنه نص في هذه اللائحة.
وانتظمت تلك اللائحة أحكامًا في الفصل الثالث عشر منها، المعنون واجبات ومسئوليات
وتأديب العاملين، تتعلق بواجبات العاملين والأعمال المحظورة عليهم، ونصت المادة
(122) منها على أن تصدر لائحة الجزاءات التأديبية بقرار من مجلس الإدارة وتبين
أنواع المخالفات والجزاءات التأديبية للعاملين المقررة لها.
وحيث إن المادة (3) من لائحة الجزاءات
التأديبية للعاملين بالشركة المدعية، الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارتها رقم 3944
بتاريخ 19/ 12/ 2006، المعمول بها اعتبارًا من 1/ 1/ 2007، تنص على أن يعمل
بالأحكام التالية في شأن المخالفات التأديبية التي يرتكبها العاملون بالشركة ويعمل
بقانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 فيما لم يـــرد بشأنه نص خـاص في
هذه اللائحـة...... وتنص المادة (12) منها، على أن العقوبات التأديبية التي يجوز
توقيعها على العاملين من غير شاغلي الوظائف العليا هي: ......... (9) الفصل من
الخدمة . كما تنص المادة (14) منها، على أن يكون الاختصاص في توقيع الجزاء على
النحو التالي:
(1) ..... (2) ..... (3) ........ (4) لمجلس
التأديب توقيع كافة العقوبات.......
وحيث إن المادة (68) من قانون العمل
الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008، تنص على أن
يكون الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة للمحكمة العمالية المشار إليها في
المادة (71) من هذا القانون .... .
وتنص المادة (71) من القانون ذاته على
أن تشكل المحكمة العمالية من دائرة أو أكثر من دوائر المحكمة الابتدائية وتختص دون
غيرها بالفصل في كافة المنازعات العمالية الفردية المشار إليها في المادة (70) من
هذا القانون..... وعلى المحكمة العمالية أن تفصل - على وجه السرعة وبحكم واجب النفاذ
ولو تم استئنافه - في طلب صاحب العمل بفصل العامل خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ
أول جلسة، فإذا رفضت الطلب، قضت باستمرار العامل في عمله وبإلزام صاحب العمل بأن
يؤدي إليه ما لم يصرف له من مستحقات. فإذا لم يقم صاحب العمل بتنفيذ الحكم
باستمرار العامل في عمله اعتبر ذلك فصلاً تعسفيًّا يستوجب التعويض طبقًا لنص
المادة (122) من هذا القانون......
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في
الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد
مباشرتها لولايتها في شأن هذه الخصومة، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي
يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين:
أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، سواء كان هذا
الضرر وشيكاً أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دومًا أن يكون هذا الضرر مباشرًا،
منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم
عليها، ممكنًا تصوره ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره، وثانيهما: أن يكون
هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلاً،
فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير
المخاطبين بأحكامـــه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك
على انتفاء المصلحة الشخصية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها، لن
يحقق للمدعي أي فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى
الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن البين من مطالعة أحكام المادتين
(68 و71) من قانون العمل المشار إليه، أن اختصاص المحكمة العمالية بتوقيع جزاء فصل
العامل من الخدمة، مشروط بتقديم صاحب العمل طلبًا إليها بذلك، فإن كان قد أوقع
صاحب العمل جزاء الفصل من الخدمة على العامل، أضحى طلبه واردًا على غير محل،
واعتبر ذلك فصلاً تعسفيًّا يستوجب التعويض طبقًا لنص المادة (122) من هذا القانون.
وذلك كله إنفاذًا لالتزام الدولة الدستوري بالحفاظ على حقوق العمال - ومن بينها
حظر فصلهم تعسفيّاً - ومراعاةً للتوازن في علاقات العمل، الذى يستقي روافده من
المادة (13) من الدستور.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت
بالأوراق أن الشركة المدعية قد فصلت المدعى عليـه الخامـس من الخدمـة، بموجب
القـرار الصـادر بجلسة 2/ 12/ 2010، عن مجلس تأديب العاملين بالشركة، إعمالاً
لأحكام لائحتي نظام العاملين والجزاءات المار بيانهما، وقد خلت أوراق الدعوى
الموضوعية من تقديم الشركة المدعية طلبًا إلى المحكمة العمالية لفصل المدعى عليه
الخامس من الخدمة، قبل أن تصدر قرارها بفصله، حتى ينعقد لتلك المحكمة ولاية الفصل
في هذا الطلب، وفقًا لأحكام قانون العمل المشار إليه. وبهذه المثابة، يكون قد
انتفى موجب إعمال حكم المادة (68) من قانون العمل المار ذكره، على النزاع المردد
أمام محكمة الموضوع، ويكون الفصل في دستوريته غير ذي أثر أو انعكاس على الطلبات
المطروحة أمامها، الأمر الذى تنتفي معه مصلحة الشركة المدعية في الطعن على دستورية
هذا النص، ولزامه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة
الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق