الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مارس 2023

الطعن 60 لسنة 36 ق جلسة 14 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 99 ص 618

جلسة 14 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(99)
الطعن رقم 60 لسنة 36 القضائية

(أ) حكم. "حجية الحكم". شفعة. "صورية عقد البيع". بيع. قوة الأمر المقضي. صورية. دعوى. "دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة التعاقد. رفض المحكمة طلب المتدخلين - الشفعاء - بوقفها أو تحقيق ما دفعوا به من صورية عقد البيع، استناداً إلى أن الدفع مطروح في دعوى الشفعة. بحث صورية العقد في دعوى الشفعة. لا يعد مخالفة للحكم السابق الصادر بصحته ونفاذه.
(ب) شفعة. "صورية عقد البيع". صورية. "الغير في الصورية". إثبات. "البينة". بيع. غير.
الشفيع يعتبر من الغير بالنسبة لطرفي عقد البيع سبب الشفعة. جواز إثبات صورية العقد بجميع طرق الإثبات.
(ج) شفعة. "الخصوم في الدعوى". صورية. "الصورية المطلقة". دعوى. "الخصوم في الدعوى". عقد.
العقد الصوري صورية مطلقة. لا وجود له. لا محل لتوجيه طلب الشفعة إلى المشترين في هذا العقد.

---------------
1 - لئن كان قد قضي بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعنين - المشترين، إلا أنه وقد ضمن الحكم أسبابه رفض طلب المتدخلين - الشفعاء - بوقف دعوى صحة التعاقد حتى يفصل نهائياً في دعوى الشفعة، ورفض طلبهم بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية ذلك العقد لأنه قصد به التحايل لحرمانهم من حقهم في أخذ العقار المبيع بالشفعة، واستند الحكم في ذلك إلى أن الدفع بالصورية الذي يثيرونه هو مما يدخل في دعوى الشفعة ومطروح فيها، فإن القضاء بصحة عقد البيع المشار إليه لم يفصل بذلك في طلب الصورية على وجه يحاج به المطعون عليهم - الشفعاء - طالما أنه قد صرح بعدم الإدلاء برأيه في هذا الطلب، مقرراً أنه خارج عن نطاق الدعوى المعروضة عليه، ولا يعتبر الحكم المطعون فيه - الصادر في دعوى الشفعة - إذ عرض لبحث صورية العقد المشار إليه، مخالفاً للحكم السابق الصادر بصحته ونفاذه.
2 - الشفعاء يعتبرون من طبقة الغير بالنسبة لعقد البيع المبرم بين الطاعنين - المشترين - وبين المطعون عليهما التاسع والعاشر - البائعين - فيجوز لهم إثبات صورية ذلك العقد بجميع الطرق ومن بينها البينة والقرائن (1) أخذاً بأن الصورية بالنسبة للغير تعتبر واقعة مادية، لا تصرفاً قانونياً وذلك سواء وصف ذلك العقد بأنه بيع أو هبة مستترة في صورة عقد بيع.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار عقد الطاعنين - المشترين الأخيرين - صورياً صورية مطلقة، فإن مؤدى ذلك ألا يكون لهذا العقد وجود في الحقيقة، وبالتالي فلم يكن هناك ما يدعو الشفعاء إلى توجيه طلب الشفعة إلى الطاعنين عملاً بنص المادة 938 من القانون المدني، ولا على الحكم إن هو لم يتعرض لدفاع الطاعنين في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن مورث المطعون عليهم السبعة الأولين والمطعون عليه الثامن أقاما الدعوى رقم 194 لسنة 1959 مدني أمام محكمة دمياط الابتدائية ضد باقي المطعون عليهم، وطلبا الحكم بأحقيتهما في أن يأخذا بطريق الشفعة مناصفة بينهما العقار المبين حدوداً ومعالماً بصحيفة الدعوى والبالغ مساحته 420.8 متراً مربعاً مقابل دفع الثمن الحقيقي وقدره 950 جنيهاً. وقالا شرحاً لدعواهما إنه نما إلى علمهما أن المطعون عليهم من الحادي عشر حتى الأخيرة باعوا إلى المطعون عليهما التاسع والعاشر العقار آنف الذكر شائعاً في مساحة قدرها 855.2 متراً مربعاً بالثمن السالف بيانه، وإذ كانا شريكين على الشيوع مع البائعين في العقار المشار إليه ويحق لهما أخذه بالشفعة، فقد طالبا البائعين - المطعون عليهما التاسع والعاشر - بالإنذار المؤرخ 4 أغسطس سنة 1959 بالكشف عن حقيقة البيع، ولما لم يتلقيا رداً فقد أبديا رغبتهما رسمياً بإعلان مؤرخ 11 من أكتوبر سنة 1959 ومسجل في 25 من أكتوبر سنة 1959 في أخذ العقار المبيع بالشفعة مقابل الثمن الحقيقي الذي أودعاه، ثم رفعا الدعوى بالطلبات سالفة البيان. تدخل الطاعنون في الدعوى طالبين رفضها استناداً إلى سبق شرائهم ذات العقار من المطعون عليهما التاسع والعاشر قبل إعلان وتسجيل الرغبة بالشفعة بمقتضى عقد مؤرخ 15 من نوفمبر سنة 1957 رفعت بطلب صحته الدعوى رقم 276 لسنة 1963 مدني مركز دمياط المسجلة صحيفتها في 19 من سبتمبر 1959، ودفعوا بعدم قبول الدعوى لعدم توجيه الإجراءات إليهم طبقاً للمادة 938 من القانون المدني. دفع الشفيعان بصورية عقد المتدخلين. وبتاريخ 21 من ديسمبر 1959 حكمت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الشفيعان أن عقد البيع الصادر إلى المتدخلين - الطاعنين - عقد صوري قصد به منعهما من الأخذ بالشفعة. وبعد سماع شهود الطاعنين حكمت تلك المحكمة في 22 مارس سنة 1964 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهم من الأولى إلى الثامن هذا الحكم بالاستئناف رقم 125 لسنة 16 ق المنصورة، ومحكمة الاستئناف قضت في 2 من ديسمبر 1965 بإلغاء الحكم المستأنف وثبوت الحق في أخذ العقار بالشفعة. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالوجه الأول من كل من السببين الأول والثاني مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه قضى بصورية عقد البيع الصادر من المطعون عليهما التاسع والعاشر إلى الطاعنين خلافاً لقضاء نهائي سابق بصحة ونفاذ هذا العقد في الدعوى رقم 276 لسنة 1963 مدني مركز دمياط التي تدخل فيها المطعون عليهم الثمانية الأول - الشفعاء - وصدر الحكم فيها في مواجهتهم، مما ينطوي على إهدار لقوة الأمر المقضي ويعيب الحكم بمخالفة القانون، وإذ تمسك الطاعنون بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف ولم ترد عليه، فإن ذلك مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم الصادر بتاريخ 24 من مايو 1964 في الدعوى رقم 276 لسنة 1963 مدني مركز دمياط أنه وإن قضي بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعنين من المطعون عليهما التاسع والعاشر، إلا أنه وقد ضمن أسبابه رفض طلب المتدخلين - الشفعاء - وقف دعوى صحة التعاقد حتى يفصل نهائياً في دعوى الشفعة ورفض طلبهم إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية ذلك العقد لأنه قصد به التحايل لحرمانهم من حقهم في أخذ العقار المبيع بالشفعة، واستند الحكم في ذلك إلى أن الدفع بالصورية الذي يثيرونه هو مما يدخل في دعوى الشفعة ومطروح فيها، فإن القضاء بصحة عقد البيع المشار إليه لم يفصل بذلك في طلب الصورية على وجه يحاج به المطعون عليهم الثمانية الأول، طالما أنه قد صرح بعدم الإدلاء برأيه في هذا الطلب مقرراً أنه خارج عن نطاق الدعوى المعروضة عليه. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ عرض لبحث صورية العقد المشار إليه لا يعتبر مخالفاً للحكم السابق الصادر بصحته ونفاذه، ويكون النعي عليه بمخالفة القانون أو القصور في التسبيب في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من كل من السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى بصورية عقد البيع الصادر إليهم واستند إلى أن التاريخ المعطى للعقد غير صحيح، تأسيساً على ما ورد بالشكوى رقم 1403 لسنة 1959 إداري مركز دمياط، وعلى أن أقوال شهود الطاعنين أمام محكمة أول درجة صريحة في أنهم لم يدفعوا ثمناً، وعلى أن دعوى صحة التعاقد لم ترفع إلا في تاريخ لاحق للإنذار الذي وجهه الشفيعان لاستجلاء حقيقة البيع، ويرى الطاعنون أن هذه الأسباب لا تؤدي إلى القول بصورية عقد البيع لجواز أن يكون التصرف هبة مستترة، ولأن أقوال شهود الطاعنين قطعت في أن البيع الصادر لهم جدي وصحيح ودفع فيه ثمن على خلاف ما انتهى إليه الحكم متذرعاً بكلمة التنازل التي ترددت على لسان الشهود مع أنها لا تعدو أن تكون تعبيراً دارجاً لا ينفي سداد الثمن مما يشوب الحكم بفساد الاستدلال، كما أن المطعون عليهم الثمانية الأول وقد عجزوا عن إثبات ادعائهم بالصورية ولم يستحضروا شهوداً فلم تكن هناك من حاجة لمناقشة شهود النفي، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع رغم تمسك الطاعنين به، فإن ذلك مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المطعون عليهم الثمانية الأولين بحكم كونهم شفعاء يعتبرون من طبقة الغير بالنسبة لعقد البيع المبرم بين الطاعنين وبين المطعون عليهما التاسع والعاشر، فيجوز لهم إثبات صورة ذلك العقد بجميع الطرق ومن بينها البينة والقرائن، أخذاً بأن الصورية بالنسبة للغير تعتبر واقعة مادية لا تصرفاً قانونياً، وذلك سواء وصف ذلك العقد بأنه بيع أو هبة مستترة في صورة عقد بيع. لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة 18 من يناير 1960 أنه عند تنفيذ حكم إحالة الدعوى إلى التحقيق، قرر المطعون عليهم الثمانية الأولون أنه ليس لديهم شهود وأنهم يكتفون بما ورد بشكوى إدارية قدموا صورتها الرسمية، فإن ذلك لا يمكن أن يعد منهم عجزاً عن الإثبات وإنما لجوءاً إلى الاستعانة بالقرائن وهي وسيلة خولها لهم القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على صورية عقد الطاعنين صورية مطلقة بما استخلصه من أقوال المطعون عليه العاشر بتاريخ 11 من يوليو 1959 في الشكوى رقم 1403 لسنة 1959 إداري مركز دمياط المشار إليها، من أنه لم يصدر منه حتى ذلك التاريخ أي بيع لأحد في العقار المشفوع فيه، وبما رتبه الحكم على ذلك من أن التاريخ المعطى لعقد المتدخلين في 15 من نوفمبر 1957 غير صحيح وبما قرره من أن تراخي الطاعنين في إقامة دعوى صحة ونفاذ عقدهم حتى 16 من سبتمبر 1959، وفي تاريخ لاحق للإنذار الذي وجهه الشفعاء إلى البائعين والمشترين الأصليين في 4 من أغسطس 1959، يعد قرينة على تواطئهم مع المطعون عليهم من الحادي عشر إلى الأخير على اصطناع ذلك العقد لحرمان الشفعاء من حقهم في الشفعة، وإذ أكد الحكم المطعون فيه صورية عقد الطاعنين بما حصله من أقوال شهودهم أنفسهم حين قرروا أن المطعون عليهما التاسع والعاشر - المشتريين الأصليين - لا يزالان يضعان اليد على العين المشفوع فيها وأنهما شيدا مخازن فوقها منذ شهرين سابقين، كما أنه ترددت على ألسنة هؤلاء الشهود عبارة التنازل مما يدل على أن سداد الثمن لم يكن ملحوظاً عند انعقاد الصفقة، وكان من شأن هذه القرائن التي أوردها الحكم الطعون فيه أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من صورية عقد الطاعنين صورية مطلقة وتكفي لحمل قضائه، وكانت المحكمة لم تخرج بأقوال الشهود عما يؤدي إليه مدلولها، فإن ما يثيره الطاعنون بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير المحكمة للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من السبب الأول مخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى بأحقية المطعون عليهم الثمانية الأولين في أخذ العقار المبيع بالشفعة على خلاف ما تقضي به المادة 938 من القانون المدني، ذلك أنه وقد عجز هؤلاء المطعون عليهم عن إثبات صورية عقد الطاعنين، وكان هذا العقد سابقاً على إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة. فقد كان يتعين أن توجه الدعوى إليهم طبقاً للشروط الواردة في عقدهم وإلا كانت غير مقبولة مما يشوب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار عقد الطاعنين صورياً صورية مطلقة على نحو ما جاء بالرد على السبب الثاني من أسباب الطعن، فإن مؤدى ذلك ألا يكون لهذا العقد وجود في الحقيقة وبالتالي فلم يكن هناك ما يدعو المطعون عليهم الثمانية الأول - الشفعاء - إلى توجيه طلب الشفعة إلى الطاعنين عملاً بنص المادة 938 من القانون المدني، ولا على الحكم إن هو لم يتعرض لدفاع الطاعنين في هذا الخصوص، لما كان ما تقدم، فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون في هذا الخصوص يكون على غير أساس. وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 18 أكتوبر 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1530.
ونقض 30 ديسمبر 1965 مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 1384.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق