جلسة 15 من ديسمبر سنة 1952
برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن, وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل ومحمد أحمد غنيم وإسماعيل مجدى ومصطفى حسن.
-------------
(90)
القضية رقم 859 سنة 22 القضائية
قانون. ملاريا.
القانون رقم 1 لسنة 1926 صدور قرار من وزير الصحة طبقا للمادة الأولى منه بسريان نصوصه على مدينة دمنهور. الزعم بعدم سريانه عليها بعد صدور القانون رقم 78 لسنة 1946 بمقولة إنه لم يصدر قرار جديد بانطباقه عليها. غير صحيح. هذا القانون جاء معدلا لبعض أحكام القانون الأول دون مساس بالفعل الذي حرمه القانون وصف التهمة. تعديل المحكمة مواد القانون المطلوب تطبيقها. لا تثريب عليها في ذلك.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - مصطفى شكري و2 - محمد الحوشي (الطاعن) بأنهما زرعا المساحة المبينة بالمحضر أرزا في منطقة محرم زراعته بها وطلبت عقابهما بالمواد 1و10و25 من القانون رقم 1 لسنة 1926 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1946 وقرار الصحة في 21 ابريل سنة 1946 ومحكمة جنح دمنهور الجزئية قضت فيها غيابيا - عملا بالمادة 172 من قانون تحقيق الجنايات ببراءة المتهم بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة ومحكمة جنح دمنهور الابتدائية قضت فيه حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 55و56 من قانون العقوبات بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الأول وبإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الثاني وحبسه أسبوعا واحدا مع الشغل وتغريمه خمسة جنيهات عن كل فدان أو جزء منه مع الإزالة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة لمدة خمس سنوات تبدأ من اليوم بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن يقول في طعنه إنه وقد رفعت عليه الدعوى العمومية هو وآخر وكان ترتيبه الثاني في الاتهام فقضت محكمة أول درجة غيابيا بالبراءة وجاءت صيغة الحكم بالمفرد دالة على أن المتهم الآخر هو الذي عناه الحكم, فاستأنفت النيابة ومن ثم كان استئنافها منصبا على ذلك المتهم ولم يشمل الطاعن الذي لم يسأل في كل أدوار التحقيق ويكون الحكم المطعون فيه وقد اعتبر أن الاستئناف منصب على الطاعن أيضا فألغى حكم البراءة وأدانه - إذ فعل ذلك يكون قد جانب الصواب فضلا عن أنه طبق في حقه مواد غير التي طلبتها النيابة العمومية. هذا إلى أنه أخطأ في تطبيق القانون, ذلك لأن الحكم المطعون فيه عاقب الطاعن بالمواد 1و15و20 من القانون رقم 1 لسنة 1926 والقرار الوزاري الصادر بتاريخ 21 ابريل سنة 1946 كما طبق في حقه القانون رقم 78 سنة 1946 الذي عدل بعض أحكام القانون الأول. ولما كان القانون الأخير قد أباح في المادة 15 منه لوزير الصحة بالاتفاق مع وزير الزراعة, تحديد المناطق التي تحظر فيها زراعة الأرز. وكان القرار الذي طبقه الحكم قد صدر تنفيذا للقانون الأول ولم يصدر قرار خاص بتنفيذ القانون اللاحق, فان القرار المشار إليه لا يسري على القانون الأخير, ومن ثم كانت الواقعة غير معاقب عليها لعدم صدور قرار خاص بتنفيذ ذلك القانون. كذلك أخطأ الحكم في تطبيقه للقانون رقم 1 لسنة 1926 في حين أن هذا القانون قد ألغى بالقانون رقم 78 لسنة 1946 هذا فضلا عما في هذه الإضافة من خروج عن السلطة المخولة قانونا للمحكمة الاستئنافية. ويضيف الطاعن أن الحكم أخطأ الاستدلال إذ اعتمد في إدانته إلى بعض أقوال المتهم الأول الذي برئ ولم يأخذ بها في البعض الآخر ولم يقم دليلا يقينيا على ثبوت التهمة بل استخلص الدليل من مجرد الظن والتخمين الأمر الذي تأباه طبيعة الحكم في الدعوى الجنائية.
وحيث إنه لما كان المشرع قد أراد من إصدار القانون رقم 1 لسنة 1926 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1946ـ على ما هو ظاهر من عنوانه ونصوصه - اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمقاومة انتشار حمى الملاريا ورخص في المادة الأولى منه لوزير الصحة العمومية أن يعين بقرار يصدره, الأماكن والمدن والقرى التي تسري عليها نصوص هذا القانون كلها أو بعضها وكانت مدينة دمنهور قد صدر بشأنها قرار وزاري بسريان تلك النصوص عليها, فان الزعم بعدم سريان أحكام ذلك القانون على واقعة الدعوى بمقولة إنه لم يصدر قرار جديد بانطباقه على مدينة دمنهور, هذا الزعم لا أساس له؛ ذلك بأن القانون 78 لسنة 1946 إنما جاء معدلا لبعض أحكام القانون الأول دون مساس بالفعل الذي حرمه القانون فلم يكن هناك ما يستوجب صدور قرارات جديدة تحل محل القرارات السابق صدورها لأن القرارات المشار إليها لا تزال قائمة.
وحيث إنه في ضوء ما تقدم يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه حين دان الطاعن بتهمة أنه بدائرة مركز دمنهور زرع المساحة المبينة بالمحضر أرزا في منطقة محرم زراعته بها قد بين الواقعة بما تتوافر فيه الأركان القانونية لهذه الجريمة وذكر الأدلة التي استخلصت المحكمة منها ثبوتها ثم تعرض للأسباب القانونية التي استندت إليها محكمة أول درجة في قضائها ببراءة الطاعن ففندها للاعتبارات التي ذكرها وهى صحيحة في القانون. لما كان ذلك وكان ما يشير إليه الطاعن من صدور حكم محكمة أول درجة بصيغة المفرد إنما هو من قبيل السهو الذي أوضحه الحكم المطعون فيه ببيانه للإجراءات السابقة على المحاكمة الاستئنافية وقد حضر الطاعن فيها ومعه محام ترافع عنه بطلب تأييد الحكم المستأنف, فأنه لا محل لما يثيره الطاعن من أن استئناف النيابة لا يشمله هو, كما لا محل لما يثيره بشأن نصوص القانون التي طبقتها المحكمة في حقه مادامت الواقعة المرفوعة عنها الدعوى هى ذاتها التي دين فيها بوصفها القانوني الصحيح.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق