جلسة 11 من مارس سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.
--------------
(47)
الطعن رقم 77 لسنة 30 القضائية
(أ) نقض. "الحكم في الطعن". "نقض الحكم".
نقض الحكم. أثره، عودة الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، فيكون لهم أن يقدموا إلى محكمة الإحالة من الطلبات والدفوع وأوجه الدفاع ما كان لهم أن يقدموه منها قبل إصداره إلا ما يكون قد سقط الحق فيه.
(ب) استئناف. "الاستئناف المقابل".
جواز رفع الاستئناف الفرعي إلى ما قبل إقفال باب المرافعة. شرطه، عدم قبول المستأنف عليه للحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي عنه، وكون هذا الحكم يتضمن قضاء ضاراً به بمعنى أن يكون قد رفض له بعض طلباته أو قضى ضده في أحد طلبات خصمه. فصل الحكم قطعياً في عدة طلبات أو مسائل - رفع استئناف أصلي عن قضائه في إحداها - جواز رفع استئناف مقابل ليس فقط عن قضاء الحكم في هذا الطلب وإنما أيضاً عن قضائه في الطلبات والمسائل الأخرى التي لم يرد عليها الاستئناف الأصلي.
(جـ) استئناف. "الاستئناف المقابل". إثبات. "قرائن قانونية". "حجية الأمر المقضي".
ما يجوز استئنافه باستئناف أصلي يجوز استئنافه فرعياً. مثال.
(د) نقض. "الحكم في الطعن". "نقض الحكم".
نقض الحكم يستتبع حتماً إلغاء الحكم الذي جاء لاحقاً له ومؤسساً عليه.
(هـ) استئناف. "الاستئناف المقابل".
جواز رفع الاستئناف الفرعي بعد انقضاء ميعاد الاستئناف وبعد قبول الحكم قبل رفع الاستئناف الأصلي. مؤداه، جواز رفع الاستئناف الفرعي عن حكم أصبح نهائياً في حق رافعه طالما لم يسقط حقه في رفعه.
(و) إفلاس. "تصالح الدائنين مع المفلس". "مطالبة دائن المفلس للكفيل". "رجوع الكفيل على المفلس". صلح.
لدائني المفلس مطالبة كفيله بالدين المكفول بتمامه ولو حصل الصلح مع المفلس. ليس للكفيل الرجوع على المفلس بما أداه لدائنه زائداً عما ناله هذا الدائن بمقتضى الصلح.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام على الطاعن في 12 من مارس سنة 1950 الدعوى رقم 380/ 191 سنة 1950 أمام محكمة طنطا الابتدائية وانتهى فيها إلى طلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 3945 جنيهاً وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وقال في بيان دعواه إنه كفل الطاعن في معاملاته مع المحال التجارية التي كان يتعامل معها في تجارة القطن ولما لم يقم الطاعن بالتزاماته قبل تلك المحال ووقف عن دفع ما عليه من ديون استصدر دائنوه بتاريخ 4 يونيه سنة 1928 حكماً بشهر إفلاسه ثم أقفلت تفليسته بسبب الصلح الذي تم بينه وبين دائنيه على أساس أن يترك لهم جميع أمواله والذي صدقت عليه المحكمة في 14 من أغسطس سنة 1929 واستأنف الطاعن بعد ذلك العمل في التجارة غير أن دائنيه الذين كان المطعون ضده قد كفل ديونهم رجعوا عليه بصفته كفيلاً بما لم يستوفوه من هذه الديون بمقتضى الصلح واتخذوا إجراءات التنفيذ على عقاراته وانتهت هذه الإجراءات ببيع 6 ف و20 ط من أطيانه وفاء لديونهم ولما كان من حقه ككفيل أن يرجع على مكفوله الطاعن بما أداه عنه من ديون وبالتعويض عن الأضرار التي أصابته بسبب تخلف الأخير عن الوفاء بتلك الديون رغم يساره فقد رفع عليه الدعوى الحالية بالمبلغ آنف الذكر وهو يشمل 2720 جنيهاً القيمة الحقيقية لأرضه التي نزعت ملكيته منها وبيعت جبراً بناء على طلب الدائنين وباقي المبلغ يمثل ريع هذه الأرض في المدة من تاريخ نزعها من يده في سنة 1943 حتى تاريخ رفع الدعوى مع الفوائد عن المدة اللاحقة لهذا التاريخ - دفع الطاعن بعدم جواز رجوع المطعون ضده عليه بما أداه عنه من ديون بعد تصالحه مع دائنيه وذلك تأسيساً على أنه وقد قام بتنفيذ شروط هذا الصلح فإن مقتضى ذلك أن تبرأ ذمته نهائياً من جميع الديون التي نشأت قبل التصديق على الصلح وبتاريخ 13 من مايو سنة 1951 حكمت محكمة طنطا الابتدائية: أولاً - برفض الدعوى فيما يختص بالريع المطلوب وقدره 1225 جنيهاً وإلزام المدعي (المطعون ضده) بالمصروفات المناسبة لهذا المبلغ. ثانياً - وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب مكتب الخبراء لبيان ما حصل عليه دائنو الطاعن من ثمن أطيان المطعون ضده التي بيعت بالمزاد وفاء لديونهم وبيان ثمنها الحقيقي وقت رسو مزادها نهائياً - وأسست المحكمة قضاءها هذا على أن للمطعون ضده بوصفه كفيلاً للطاعن حق الرجوع عليه بما أداه عنه من ديون كان يكفلها وبالفوائد والمصاريف وذلك طبقاً للمادة 505 من القانون المدني الملغي الذي نشأت في ظله هذه الكفالة غير أن المحكمة رأت عدم أحقية المطعون ضده في طلب الريع لما قالته من أنه "لا وجه له بعد أن ضمن طلباته طلب الحكم له بثمن الأرض المنزوعة حسب قيمتها الحقيقية مع الفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية إذ لا يصح له الجمع بين طلب الريع وطلب الفوائد - وقد قام الطاعن بإعلان هذا الحكم إلى المطعون ضده في 8 من يوليه سنة 1951 محتفظاً لنفسه في ورقة الإعلان بالحق في استئناف الحكم فيما قضى به ضده في أسبابه من أحقية المطعون ضده في الرجوع عليه - وبتاريخ 5 أغسطس سنة 1951 رفع المطعون ضده استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا قيد برقم 12 سنة 1 ق وطلب فيه إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به ضده من رفض طلب الريع، وأسس استئنافه على أنه خلافاً لما رأته محكمة أول درجة لم يجمع بين الريع والفوائد عن مدة واحدة وإنما طلب الريع عن المدة السابقة على رفع الدعوى وطلب الفوائد عن المدة اللاحقة لرفعها - وقد رد الطاعن بأن قضاء الحكم المستأنف برفض الريع صحيح على أساس آخر غير الذي استند إليه الحكم وهو عدم جواز رجوع الكفيل على المدين المفلس بما أداه عنه من ديون بعد تصالحه مع دائنيه وتمسك المطعون ضده بأنه لا سبيل إلى الجدل أمام محكمة الاستئناف فيما قرره الحكم الابتدائي خاصاً بحقه في الرجوع على الطاعن لأن ما قرره الحكم في هذا الخصوص يعتبر قضاء قطعياً منه لشق من الخصومة وقد أصبح نهائياً بانقضاء ميعاد الطعن فيه دون رفع استئناف عنه من جانب الطاعن - وبتاريخ 30 يونيه سنة 1953 حكمت محكمة استئناف طنطا بتأييد الحكم المستأنف مستندة في قضائها بذلك إلى أنه وإن كان هذا الحكم قد أخطأ فيما أسس عليه قضاءه برفض طلب الريع وذلك لأن المستأنف (المطعون ضده) لم يطلب الريع والفوائد عن مدة واحدة إلا أن هذا القضاء صحيح لسبب آخر وهو عدم جواز رجوع الكفيل على المدين المفلس المتصالح بما أداه عنه لدائنيه بعد حصول الصلح وذلك على ما بينته المحكمة في أسباب حكمها كما قررت المحكمة أن قضاء الحكم الابتدائي بجواز هذا الرجوع على خلاف ما هو مقرر قانوناً وإن كان يعتبر قضاء قطعياً يجوز استئنافه على استقلال إلا أنه لم يحز قوة الأمر المقضي به لأنه طالما أن المستأنف عليه (الطاعن) لم يقبل بل واحتفظ بحقه في استئنافه فإنه إذا ما استأنف الحكم الذي يصدر في الموضوع استتبع ذلك حتماً وطبقاً للمادة 404 مرافعات استئناف ذلك القضاء وقد طعن المطعون ضده في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 281 سنة 23 ق وبتاريخ 6 من فبراير سنة 1958 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا للحكم فيها من جديد مؤسسة قضاءها بذلك على ما قالته من "أن الحكم الابتدائي وقد انتهى في أسبابه إلى الأخذ بالرأي القائل بجواز رجوع الكفيل على المدين المفلس بما أداه عنه لدائنيه من ديون وقضى في منطوقه بندب خبير لبيان المبلغ الذي استفاده المطعون عليه (الطاعن في الطعن الحالي) فإنه بذلك يكون قد قضى قضاء قطعياً في أصل الحق المتنازع عليه وهو حق الرجوع وأنهى النزاع بين الطرفين في هذا الخصوص وهذا الحكم القطعي يصح الطعن فيه على استقلال وفقاً لنص المادة 378 مرافعات وما دام لم يستأنفه المحكوم عليه ومضى ميعاد استئنافه فقد اكتسب قوة الشيء المحكوم فيه ويكون الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض طلب الريع على أساس عدم جواز رجوع الكفيل على المدين المكفول قد أهدر قوة الشيء المقضي فيه وأخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه" وقالت محكمة النقض أيضاً" إن تفسير الحكم المطعون فيه للمادة 404 مرافعات غير صحيح لأن الأحكام التي تعتبر طبقاً لهذه المادة مستأنفة حتماً باستئناف الحكم الصادر في الموضوع إنما هي الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها" هذا وقد حدث قبل أن تصدر محكمة النقض حكمها آنف الذكر أن قضت المحكمة الابتدائية في 29 من مايو سنة 1954 برفض الدعوى بالنسبة لباقي الطلبات التي كان المطعون ضده قد طلبها مع طلب الريع جاعلة أساس قضائها بذلك ما قرره الحكم الاستئنافي الصادر في 30 يونيه سنة 1953 والذي نقضته بعد ذلك محكمة النقض من عدم جواز رجوع المطعون ضده بوصفه كفيلاً على مكفوله الطاعن بما أداه عنه لدائنيه بعد الصلح وقالت المحكمة الابتدائية في أسباب حكمها هذا أنه لا تجوز العودة إلى المناقشة في هذا الشأن بعد أن قالت محكمة الاستئناف كلمتها فيه - وقد رفع المطعون ضده استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا قيد برقم 131 سنة 4 ق وبنى استئنافه على أن حكم محكمة الاستئناف الذي اتخذه الحكم المستأنف أساساً له قد أخطأ بعدم التزامه ما قضى به الحكم الابتدائي الصادر في 13 من مايو سنة 1951 من أحقيته في الرجوع على الطاعن وذلك لأن هذا القضاء قد أصبح نهائياً وحائزاً قوة الأمر المقضي به بانقضاء ميعاد استئنافه دون رفع استئناف عنه من جانب الطاعن ومن ثم فلا محيص من احترامه. وبجلسة 15 فبراير سنة 1955 قضى بوقف هذا الاستئناف حتى يفصل في الطعن المعروض على محكمة النقض ولما فصل في هذا الطعن على الوجه المتقدم ذكره عجل المطعون ضده هذا الاستئناف رقم 131 سنة 4 ق - كما عجل الاستئناف الأول رقم 12 سنة 1 ق الذي نقض الحكم الصادر فيه وحدد لنظر الاستئنافين جلسة واحدة ولدى نظرهما أقام الطاعن استئنافاً فرعياً بمذكرة قدمها في جلسة 5 يناير 1959 صرح فيها بأنه بوصفه مستأنفاً عليه في الاستئناف رقم 12 سنة 1 ق يرفع هذا الاستئناف الفرعي بطلب إلغاء الحكم المستأنف الصادر في 13 مايو سنة 1951 فيما قضى به من أحقية الكفيل في الرجوع على المدين المفلس بما وفاه عنه من ديون لدائنيه بعد الصلح والقضاء بعدم جواز هذا الرجوع مع إلزام المستأنف عليه في هذا الاستئناف الفرعي بمصروفاته وأتعاب المحاماة وقيد هذا الاستئناف الفرعي برقم 2 سنة 9 ق - وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة - الأصليين والفرعي - حكمت فيها بتاريخ 12 من يناير سنة 1960 على الوجه الآتي: أولاً - بعدم جواز الاستئناف الفرعي المقدم من عبد السلام سرحان (الطاعن) وألزمته مصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة عنه للمستأنف عليه حافظ صقر (المطعون ضده). ثانياً - في الاستئناف رقم 12 سنة 1 ق بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه عبد السلام سرحان (الطاعن) بأن يؤدي للمستأنف حافظ صقر (المطعون ضده) مبلغ 371 ج و969 م (قيمة الريع حسب تقدير المحكمة) مع المصروفات المناسبة عن الدرجتين ومبلغ أربعمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما. ثالثاً - في الاستئناف رقم 131 سنة 4 ق بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام عبد السلام سرحان (الطاعن) بأن يؤدي للمستأنف حافظ صقر (المطعون ضده) مبلغ 1062 ج 769 م (قيمة أرضه التي نزعت ملكيتها وبيعت جبراً) وفوائده بواقع 5% سنوياً بدءاً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 12 من مارس سنة 1950 لحين السداد مع المصروفات المناسبة عن الدرجتين ومبلغ ستمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما - وبتاريخ 7 من فبراير سنة 1960 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض طالباً نقضه ورفض الاستئنافين المرفوعين من المطعون ضده وقبول الاستئناف الفرعي المرفوع منه هو (الطاعن) وإلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 13 مايو سنة 1951 فيما قضى به من جواز رجوع المطعون ضده على الطاعن ورفض دعوى المطعون ضده بجميع أجزائها مع إلزامه المصروفات والأتعاب عن جميع مراحل التقاضي - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19 من أكتوبر سنة 1963 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى أنها ترى نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف الفرعي الذي رفعه الطاعن قد خالف القانون نتيجة فهم غير صحيح لأحكامه ومخالفة الثابت في الأوراق - ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بعدم جواز هذا الاستئناف إلى ما قاله من أن الثابت من مذكرات الطاعن وأقواله أمام محكمة أول درجة أنه لم يكن له طلب عرضه على تلك المحكمة ولم تجبه إليه فهو لم يطلب سوى القضاء برفض دعوى خصمه وساق ما ساق من أسانيد قانونية كوسيلة من وسائل دفاعه وتبريراً لطلبه الذي أجيب إليه سواء في الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في 13 مايو سنة 1951 أو في حكمها بتاريخ 29 مايو سنة 1954 كما أنه لم يقدم إلى تلك المحكمة طلبه الذي ضمنه استئنافه الفرعي في صورة طلب عارض يدفع به دعوى خصمه وأنه إذ كان الحكم الابتدائي الأول لم يأخذ بوسيلة دفاعه حين انتهى في أسبابه إلى تقرير جواز رجوع الكفيل على المدين المفلس فقد كان على الطاعن أن يطعن في هذا الحكم على استقلال لا أن يقبله - ويرى الطاعن أن ما قرره الحكم من أنه لم يتقدم إلى محكمة أول درجة بطلب وقضت برفضه يخالف الثابت في الأوراق ويناقض ما قرره الحكم في موضع آخر منه من أنه طلب رفض الدعوى وإذ كان الثابت من الأوراق أنه طلب في مذكراته المقدمة إلى محكمة أول درجة رفض دعوى خصمه المطعون ضده مؤسساً ذلك على ما بينه من استقرار الفقه والقضاء على تقرير عدم جواز رجوع الكفيل على المدين المفلس المتصالح بما وفاه عنه لدائنيه بعد الصلح وكان الحكم الابتدائي الصادر في 13 مايو سنة 1951 قد قضى برفض هذا الدفاع مقرراً حق المطعون ضده في الرجوع عليه وقضى على هذا الأساس بتعيين خبير لتحديد المبالغ التي أداها عنه المطعون ضده لدائنيه فإنه يكون للطاعن طبقاً للمادة 413 من قانون المرافعات أن يرفع استئنافاً فرعياً عما قضى به ذلك الحكم ضده من جواز رجوع المطعون ضده عليه - أما ما قرره الحكم المطعون فيه من أنه قبل حكم 13 مايو سنة 1951 فإنه أيضاً يخالف الثابت في الأوراق لأنه حين أعلن الحكم المذكور إلى المطعون ضده احتفظ في ورقة الإعلان بحقه في استئنافه فيما قضى به ضده وعندما استأنف خصمه المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 12 سنة 1 ق تمسك هو أمام محكمة الاستئناف بعدم صحة ما قرره الحكم الابتدائي من جواز رجوع الكفيل على المدين المفلس المتصالح وطلب تأييد الحكم في شقه الخاص برفض طلب الريع بناء على هذا السبب لا بناء على ما استند إليه الحكم المذكور - هذا إلى أنه حتى لو أن الطاعن كان قد قبل الحكم فإن هذا القبول لم يكن ليحول بينه وبين رفع الاستئناف الفرعي وذلك لما تقرره المادة 413 مرافعات من جواز رفع الاستئناف الفرعي بعد قبول الحكم - فتوهم الحكم المطعون فيه أن هذا غير جائز خطأ في تطبيق القانون كما أنه لا محل لما يأخذه عليه هذا الحكم من عدم استئنافه حكم 13 مايو سنة 1951 على استقلال إذ أن ذلك لا يهدر له حقاً لأن ما يجوز استئنافه على استقلال يجوز استئنافه فرعياً كذلك فقد أخطأ الحكم المطعون فيما استند إليه في قضائه برفض الاستئناف الفرعي من أن الطاعن رافع هذا الاستئناف لم يتقدم بدفاعه أمام محكمة أول درجة في صورة طلب عارض إذ هذا من الحكم تكليف بما لا يستلزمه القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعن على قوله "وحيث إنه وإن كان الأصل أن نقض الحكم يقتضي حتماً زواله ويعود بالدعوى وخصومها إلى الحالة التي كانت وكانوا عليها قبل إصدار الحكم المنقوض فيتاح لمن كان قد ارتضى الحكم المطعون فيه أن يقدم استئنافاً فرعياً إلى ما قبل قفل باب المرافعة في الاستئناف المرفوع من خصمه إلا أن ذلك مشروط بتوافر الحكمة التي من أجلها شرع الاستئناف الفرعي بمعنى أن يكون لمقدمه طلب سبق عرضه على محكمة الدرجة الأولى ولم تجبه إليه فيحق له التضرر من ذلك رداً على استئناف خصمه وإذ كان الثابت من مذكرات وأقوال عبد السلام سرحان (الطاعن) أمام محكمة أول درجة أنه لم يطلب إليها سوى القضاء برفض دعوى خصمه وساق ما ساق من أسانيد قانونية كوسيلة من وسائل دفاعه وتبريراً لطلبه الذي أجيب إليه سواء في الحكم الصادر بجلسة 13 مايو سنة 1951 أو بجلسة 29 مايو سنة 1954 وكان الثابت أيضاً أنه لم يقدم طلبه المعروض على هذه المحكمة إلى محكمة الدرجة الأولى في صورة طلب عارض يدفع به دعوى خصمه فإنه بذلك لا يكون قد رفض له طلب يحق له استئنافه فرعياً بل الصحيح أن حكم 13 مايو سنة 1951 لم يأخذ بوسيلة دفاعه حين انتهى في أسبابه إلى تقرير جواز رجوع الكفيل على المدين المفلس وكان عليه أن يطعن في هذا الحكم على استقلال لا أن يقبله ومن هذا يتضح أن استئنافه الفرعي المطروح إنما يقوم على طلب جديد لا يجوز قبوله عملاً بالمادة 411 مرافعات" ولما كان نقض الحكم يترتب عليه أن تعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض فيكون لهم أن يقدموا إلى المحكمة التي أحيلت إليها القضية من الطلبات والدفوع وأوجه الدفاع ما كان لهم أن يقدموه منها قبل إصداره إلا ما يكون قد سقط الحق فيه، ومن ثم يكون للمستأنف عليه أن يرفع بعد الإحالة استئنافاً فرعياً عن الحكم الذي رفع عنه خصمه الاستئناف الأصلي متى توافرت الشروط اللازمة لرفعه، وإذ كان القانون يجيز رفع الاستئناف الفرعي إلى ما قبل إقفال باب المرافعة متى كان المستأنف عليه لم يقبل الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي عنه وكان هذا الحكم يتضمن قضاء ضاراً به بمعنى أن يكون قد رفض له بعض طلباته أو قضي ضده في أحد طلبات خصمه، وإذا تناول الحكم الفصل قطعياً في عدة طلبات أو مسائل ورفع استئناف أصلي عن قضائه في أحدها جاز للمستأنف عليه أن يرفع استئنافاً مقابلاً ليس فقط عن قضاء الحكم في هذا الطلب وإنما أيضاً عن قضائه في الطلبات والمسائل الأخرى التي لم يرد عليها الاستئناف الأصلي - لما كان ما تقدم، وكان الحكم الابتدائي الصادر في 13 من مايو سنة 1951 الذي استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 12 سنة 1 ق وإن قضى في منطوقه لمصلحة الطاعن برفض طلب إلزامه بالريع إلا أنه تضمن في الوقت ذاته قضاء ضاراً به وذلك فيما قضى به في أسبابه المكملة للمنطوق والمتصلة به اتصالاً حتمياً من أحقية المطعون ضده ككفيل في الرجوع عليه بما أداه عنه لدائنيه بعد الصلح وكان هذا الذي قضى به الحكم قد اعتبرته محكمة النقض في الطعن السابق رقم 281 سنة 23 ق - وعلى ما سلف بيانه في الوقائع - قضاء قطعياً في أصل الحق المتنازع عليه وهو حق الرجوع ومنهياً للنزاع في هذا الشق من الخصومة وأجازت استئناف هذا القضاء على استقلال فإن مؤدى هذا الذي قررته محكمة النقض أن يكون هذا القضاء مما يجوز للطاعن رفع استئناف فرعي عنه مقابلاً للاستئناف الذي رفعه عليه خصمه المطعون ضده لأن ما يجوز استئنافه باستئناف أصلي يجوز استئنافه فرعياً - لما كان ذلك، وكان الطاعن - على ما هو ثابت من الأوراق - لم يقبل هذا الحكم بعد رفع الاستئناف الأصلي عنه من خصمه بل إنه حين أعلنه إلى المطعون ضده احتفظ في ورقة إعلانه بحقه في استئنافه مع الحكم الصادر في الموضوع كما أنه أصر أمام محكمة الاستئناف لدى نظرها الاستئناف الأصلي المرفوع عنه من خصمه على خطأ الحكم المستأنف فيما قرره في شأن جواز رجوع الكفيل على المدين المفلس المتصالح بما أداه عنه لدائنيه بعد الصلح وطلب الطاعن من المحكمة المذكورة أن تقضي برفض الاستئناف المرفوع من المطعون ضده لصحة النتيجة التي انتهى إليها في شان رفض طلب الريع وذلك استناداً إلى عدم جواز رجوع المطعون ضده عليه لا إلى ما استند إليه الحكم من أسباب - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعن بحجة أن الحكم المستأنف لم يرفض له طلباً يحق له استئنافه فرعياً وأنه كان عليه أن يطعن في هذا الحكم على استقلال لا أن يقبله وأن الاستئناف الفرعي المرفوع منه يقوم على طلب جديد لا يجوز قبوله عملاً بالمادة 411 مرافعات فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون وخالف الثابت في الأوراق بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص - أما ما استند إليه ذلك الحكم من أن الطاعن لم يقدم إلى محكمة أول درجة في صورة طلب عارض ما طلبه في استئنافه الفرعي فإنه خطأ آخر وقع فيه الحكم المطعون فيه لما في هذا القول من تكليف بما لم يستلزمه القانون.
وحيث إنه لا يقدح في قبول الاستئناف الفرعي من الطاعن ما قد يقال عن انتفاء مصلحته فيه بسبب صدور الحكم لصالحه أيضاً في موضوع الشق الآخر من طلبات خصمه قبل أن يرفع هو استئنافه الفرعي، ذلك أن الحكم الصادر في 29 مايو سنة 1954 برفض باقي طلبات المطعون ضده وقد جعل الأساس الوحيد لقضائه هذا هو الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 30 من يونيه سنة 1953 معتبراً ما قرره هذا الحكم من عدم جواز رجوع الكفيل على المدين المفلس المتصالح قضاء نهائياً ملزما له وكان هذا الحكم الاستئنافي الذي تأسس عليه حكم 29 مايو سنة 1954 قد نقضته محكمة النقض في 6 من فبراير سنة 1958 وبذلك سقطت حجيته وقوته القانونية الملزمة فإن نقضه يستتبع حتماً إلغاء الحكم الابتدائي المذكور الذي جاء لاحقاً له ومؤسساً عليه ويقع هذا الإلغاء بحكم القانون مترتباً على صدور حكم النقض وبغير حاجة إلى حكم آخر يقضي به حتى لو كان لم يشر إلى حكم 29 مايو سنة 1954 أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض ومقتضى إلغاء هذا الحكم الأخير وزواله أن يعتبر موضوع الطلبات الأخرى التي كان قد طلبها المطعون ضده في دعواه الابتدائية مع طلب الريع وكأنه لما يفصل فيه عندما رفع الطاعن استئنافه الفرعي في 5 من يناير سنة 1959 وبذلك تتحقق مصلحته في استئناف الحكم الابتدائي الأول الصادر في 13 مايو سنة 1951 فيما قضى به قطعياً من جواز رجوع المطعون ضده عليه حتى لا تتقيد المحكمة بهذا القضاء عند الفصل في موضوع تلك الطلبات أو عند الفصل في الاستئناف المرفوع من خصمه عن الحكم القاضي برفض طلب الريع.
وحيث إنه لا وجه أيضاً لتحدي المطعون ضده بما قررته محكمة النقض في الطعن السابق رقم 281 سنة 23 ق من أن الحكم الابتدائي الصادر في 13 مايو سنة 1951 قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضي فيما قضى به من جواز رجوعه على الطاعن الأمر الذي يرى المطعون ضده أن من شأنه أن يحول دون قبول الاستئناف الفرعي لما يترتب على قبوله والحكم لرافع بطلباته من إهدار قضاء قالت عنه محكمة النقض إنه حاز قوة الأمر المقضي ومن مخالفة لحكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها وهي جواز الرجوع - لا وجه لما يتحدى به المطعون ضده من ذلك لأن تقرير محكمة النقض بانتهائية ذلك القضاء وحيازته قوة الأمر المقضي فيه كان مبنياً على أن الطاعن قد فوت ميعاد استئنافه دون أن يرفع استئنافاً عنه - إذ لم يكن الطاعن قد رفع استئنافه الفرعي بعد حتى عرض الطعن على محكمة النقض - وإذ كان يجوز له رفع هذا الاستئناف أمام المحكمة التي أحيلت إليها القضية بعد نقض الحكم وذلك على ما سلف ذكره وكانت المادة 413 من قانون المرافعات تجيز للمستأنف عليه رفع الاستئناف الفرعي بعد انقضاء ميعاد الاستئناف فإن ما قررته محكمة النقض في حكمها السابق من أن الحكم الابتدائي قد أصبح نهائياً وحائزاً قوة الأمر المقضي فيه بالنسبة للطاعن لعدم رفعه استئنافاً عنه في الميعاد ذلك لا يحول دون استعماله الرخصة التي خولها له المشرع في رفع الاستئناف الفرعي طالما لم يسقط حقه في رفعه هذا إلى أن المشرع إذ خول للمستأنف عليه رفع هذا الاستئناف بعد فوات الميعاد المحدد لرفع الاستئناف وبعد قبوله للحكم قبل رفع الاستئناف الأصلي من خصمه فإنه يكون قد أجاز استثناء رفع الاستئناف الفرعي عن حكم أصبح نهائياً في حق رافعه.
وحيث إنه لما كان هذا الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين الحكم في الموضوع.
وحيث إنه صحيح ما يعيبه المستأنف فرعياً على الحكم المستأنف من خطأ في القانون فيما قضى به من جواز رجوع الكفيل على المدين المفلس المتصالح بما وفاه عنه من ديون لدائنيه بعد الصلح - ذلك أنه وإن كان يجوز لدائني المفلس طبقاً للمادة 349 من قانون التجارة مطالبة كفيله بالدين المكفول بتمامه ولو حصل الصلح مع المفلس إلا أنه من المقرر أنه ليس للكفيل أن يرجع على المدين المفلس بما أداه لدائنه زائداً عما ناله هذا الدائن بمقتضى الصلح وعلة ذلك أنه متى وفى المفلس بالأنصبة المشروطة للدائنين في الصلح فلا يجبر بعد ذلك على الوفاء بما تنازل عنه الدائنون من ديونهم وإلا لانعدمت منفعته من هذا التنازل وقصر الصلح عن تحقيق أهدافه ومتى كان ذلك، فإن دعوى المطعون ضده بطلب إلزام الطاعن بما غرمه ككفيل له في سبيل الوفاء لدائنيه - ممن نشأت ديونهم قبل الصلح - بما كانوا قد تنازلوا عنه من ديونهم بمقتضى هذا الصلح - هذه الدعوى لا يكون لها أساس من القانون - وبالتالي يكون الحكم المستأنف الصادر في 13 مايو سنة 1951 الذي قضى برفض طلب الريع صحيحاً في نتيجته لهذا السبب وليس للسبب الذي بنى عليه قضاءه وهو الجمع بين طلب الريع والفوائد عن مدة واحدة الأمر المخالف للواقع في هذين الطلبين ويتعين لذلك رفض الاستئناف رقم 12 سنة 1 ق طنطا المرفوع من المطعون ضده عن هذا الحكم - أما بالنسبة للاستئناف رقم 131 سنة 4 ق المرفوع من المطعون ضده عن حكم 29 مايو سنة 1954 القاضي برفض باقي طلباته فإنه وإن كان هذا الحكم قد ألغي نتيجة نقض الحكم الاستئنافي المؤسس عليه إلا أن المحكمة الابتدائية مع ذلك قد استنفدت ولايتها في الفصل في موضوع تلك الطلبات مما لا يجوز معه إعادة القضية إليها للفصل فيها من جديد ولهذا يتعين الفصل في هذا الموضوع بحكم جديد والقضاء فيه برفض هذه الطلبات أيضاً لذات السبب المستوجب رفض طلب الريع وهو عدم جواز الرجوع.
(1) نقض 3/ 5/ 1962 الطعن رقم 427 س 26 ق السنة 13 ص 591.
(2) نقض 20/ 2/ 1964 الطعن 280 س 29 ق, 9/ 4/ 1964 الطعن 161 س 29 ق السنة 15 ص 251 و516.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق