الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مارس 2023

الطعن 416 لسنة 34 ق جلسة 15 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 101 ص 630

جلسة 15 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، وعثمان زكريا، ومحمد أبو حمزة مندور، وأحمد ضياء الدين حنفي.

---------------

(101)
الطعن رقم 416 لسنة 34 القضائية

(أ) عمل. "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته". إثبات.
سلطة رب العمل في تقدير كفاية العامل. وضعه في المكان الذي يصلح له أو تكليفه بعمل آخر. شرطه. نقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة. شرطه. عدم كفاية العامل. مأخذ مشروع لتعديل العقد أو إنهائه. الادعاء بعدم صحة هذا المأخذ والتعسف في إنهاء العقد. عبء إثباته على من يدعيه. لا شأن لتقدير كفاية العامل بقواعد التأديب.
(ب) عمل. "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته". تحديد ساعات العمل".
سلطة رب العمل في تنظيم وقت العمل اليومي. تشغيل العمال ساعات أقل من المحدد قانوناً. لا يمنع رب العمل من زيادتها إلى الحد الأقصى لصالح العمل.
(ج) عمل. "التزامات صاحب العمل". "أجر العامل".
شمول الأجر كل ما يستحقه العامل مقابل أداء العمل أياً كان نوعه وطريقة تحديده وتسميته. تحديد الأجر في العقد أو في قرارات رب العمل. عدم جواز استقلال أي من المتعاقدين بتعديله.

----------------
1 - من سلطة رب العمل التنظيمية - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) - تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج، وله أن يكلف العامل عملاً آخر غير المتفق عليه، لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً، وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك، كما أنه إذا استبان لرب العمل عدم كفاية العامل اعتبر ذلك مأخذاً مشروعاً لتعديل عقد العمل أو إنهائه وعلى من يدعي عدم صحة هذا المأخذ والتعسف في إنهاء العقد عبء إثباته. ولا محل لما يتحدى به الطاعن (العامل) من عدم التزام المطعون عليه (رب العمل) لأحكام المادة 66 من قانون العمل ذلك أن تقدير رب العمل لكفاية العامل لا شأن لها بقواعد التأديب وإجراءاته.
2 - لرب العمل بمقتضى سلطته في الإدارة والإشراف - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (2) - أن ينظم وقت العمل اليومي طبقاً لحاجة العمل وظروف الإنتاج ويلتزم العامل بأداء عمله وفقاً للتنظيم الذي وضعه رب العمل متى كان هذا التنظيم لا يتعارض مع القانون، فإذا كان العمل قد جرى في المنشأة على تشغيل العمال ساعات أقل من المحددة في القانون ورأى صاحب المنشأة لصالح العمل أن يعدل في التنظيم الذي اتبعه من قبل وأن يزيد ساعات العمل اليومي إلى الحد الأقصى المقرر في القانون، ولم يمنعه من ذلك نص في عقد العمل فلا يجوز إلزامه بالعودة إلى النظام السابق.
3 - مفاد نص المادة الثالثة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 أن الأجر يشمل كل ما يستحقه العامل في مقابل أداء العمل أياً كان نوعه وأياً كانت طريقة تحديده وأياً كانت تسميته وأنه في الأصل يتحدد بما يتفق عليه العاقدان في ذات العقد بشرط أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور المقررة قانوناً، وأنه إذا تحدد في العقد أو في قرارات رب العمل - التي تعد متممة لعقد العمل - فإن هذا الأجر يكون ثابتاً ولا يجوز لأي من المتعاقدين أن يستقل بتعديله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الدكتور عبد المنعم السبيلجي أقام الدعوى رقم 2042 سنة 1962 عمال القاهرة الابتدائية ضد رئيس مجلس إدارة الإسعاف الطبي بالقاهرة التابع لجمعية الهلال الأحمر طالباً الحكم (أولاً) بأحقيته وتثبيته في وظيفة مشرف طبي بمركز الإسعاف، وإلزام المدعى عليه بأن يدفع له مبلغ 45 ج مقابل ما ضاع عليه من أجر عن المدة التي حرم فيها من عمله مشرفاً طبياً من 1/ 2/ 1962 حتى 31/ 10/ 1962 وما يستجد اعتباراً من 1/ 12/ 1962 بواقع خمسة جنيهات شهرياً حتى تاريخ النطق بالحكم، وبإلزامه أيضاً بغرامة تهديدية قدرها خمسة جنيهات يومياً عن كل يوم يتأخر فيه المدعى عليه عن إعادته إلى وظيفته مشرفاً طبياً. (وثانياً) عدم أحقية المدعى عليه في تكليفه بأداء عمل يزيد على أربع ساعات يومياً. (وثالثاً) أحقيته في نصف قيمة الكشوف الطبية التي يوقعها على المرضى بمنازلهم. (ورابعاً) إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بغير كفالة. وقال شرحاً لدعواه إنه على إثر عودته من إنجلترا بعد حصوله على إجازة الطب بتفوق وامتياز - شغل وظيفة "طبيب" بجمعية الإسعاف منذ 27/ 7/ 1946، وإذ لمس المسئولون إخلاصه في عمله فقد أصدر مجلس الإدارة قراراً في 21/ 6/ 1954 بإسناد منصب الطبيب المشرف والمراقب الطبي إليه مع رفع راتبه خمسة جنيهات شهرياً اعتباراً من ديسمبر سنة 1954، وفي سنة 1957 رشح نفسه في الانتخابات لمجلس الأمة على غير رغبة رئيس الجمعية، فأصدر الأخير قراراً بإعفائه من وظيفة المراقب الطبي، وتظلم من هذا القرار لوزارة الشئون الاجتماعية فقررت إلغاءه وإعادته إلى وظيفته "كمراقب" ولأسباب شخصية تقوم على الأحقاد قرر مجلس الإدارة في 24/ 2/ 1962 الموافقة على إسناد وظيفة المراقب الطبي إلى الدكتور محمد توفيق إسماعيل بدلاً منه، وبذلك يكون قد أنزل من وظيفة المراقب الطبي المشرف على جميع الأطباء إلى درجة طبيب عادي، وفي هذا مساس بحقوقه وإهدار لكرامته، وقد استتبع ذلك حرمانه من مبلغ الخمسة جنيهات - الذي كان يتقاضاه مقابل إشرافه الطبي - وهذا القرار باطل لمخالفته لأحكام المادة 57 من القانون رقم 91 لسنة 1959 والفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدني، كما أنه كان يعمل أربع ساعات يومياً خلال مدة خدمته مقابل أجر زهيد إلا أن المدعى عليه قرر في 23/ 4/ 1962 تكليفه بالعمل ست ساعات يومياً وحرمه من نصف قيمة الكشوف الطبية التي يوقعها على المرضى في منازلهم، ومن ثم فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وبتاريخ 16/ 2/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بأحقية المدعي لوظيفة المشرف الطبي بالمركز إدارة المدعى عليه بصفته، واعتبار القرار الصادر من المدعى عليه في 24/ 2/ 1963 بإسناد منصب المراقب الطبي إلى الدكتور محمد توفيق إسماعيل - بدلاً من المدعي، عملاً تعسفياً يوجب مساءلة المدعى عليه مدنياً، وألزمت الأخير بالمصاريف المناسبة وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. (وثانياً) برفض باقي طلبات المدعي وأعفته من باقي المصاريف. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً تعديله في الشق الأول منه وإلغاءه في الشق الثاني والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 431 سنة 80 قضائية، كما استأنفه المدعى عليه طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 535 سنة 80 قضائية، ودفع المستأنف عليه في الاستئناف الأخير بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد وقررت المحكمة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد. وبتاريخ 30/ 4/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدفع وبقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من أحقية الدكتور عبد المنعم السبيلجي لوظيفة المشرف الطبي وتأييده فيما عدا ذلك مع إعفاء الدكتور المذكور من المصروفات عن الدرجتين. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، ودفع المطعون عليه بعدم قبول الطعن شكلاً فيما يختص بنصف الأجر عن الكشف الطبي وطلب في الموضوع رفضه، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الدفع وقبول الطعن بالنسبة للوجه الأخير من السبب الأول.
وحيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن شكلاً في خصوص الوجه الأخير من السبب الأول المتعلق بنصف الأجر عن الكشف الطبي، لأن الطاعن لم يقدم الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه في هذا الصدد.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1962 - الذي يحكم هذا الطعن - تنص في فقرتها الأخيرة على أنه "يجب على قلم كتاب محكمة النقض أن يضم فوراً ملف القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه بجميع مفرداتها" وقد نفذ قلم كتاب المحكمة هذا النص وضم الملفين الابتدائي والاستئنافي واحتوى الأول منهما على الحكم الابتدائي، ومن ثم يكون الدفع على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الأول أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجهين (أولهما) أنه أقر تنزيل الطاعن إلى وظيفة طبيب بعد أن كان مشرفاً طبياً مدة ثماني سنوات، وهذا يعني تكليفه بعمل مخالف للعمل المتفق عليه، في حين أن المادة 57 من قانون العمل لا ترخص لرب العمل الخروج على القيود والشروط المتفق عليها أو تكليف العامل بعمل غير المتفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعاً لوقوع حادث أو لإصلاح ما نشأ عنه أو في حالة القوة القاهرة، على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة، وليس ثمة شيء من هذه الضرورة، كما أن عمل المشرف الطبي يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمل الطبيب، وإذ خرج الحكم عن هذا النص، فإنه يكون قد خالف القانون. (وثانيهما) أن الحكم أقام قضاءه على وجود مخالفات ثبتت في تقرير تفتيش وزارة الصحة المؤرخ 29/ 11/ 1959، وموضوعها أن الآلات والمهمات غير نظيفة وحالتها غير مرضية... في حين أن المادة 66 من قانون العمل تقضي بأنه لا يجوز اتهام العامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من 15 يوماً، وإذ استند الحكم إلى هذه المخالفات تأييداً منه لقرار التنزيل الصادر في 24/ 2/ 1962 فإنه يكون قد خالف القانون، خاصة وأن الطاعن قد ثبت في وظيفة المشرف الطبي في 4/ 11/ 1961 بعد إدماج جمعية الهلال الأحمر في جمعية الإسعاف، في ظل المخالفات المشار إليها، على فرض أنه مسئول عنها.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهيه، ذلك أن من سلطة رب العمل التنظيمية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له، بما يحقق مصلحة الإنتاج، وله أن يكلف العامل عملاً آخر غير المتفق عليه لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً، وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك، كما أنه إذا استبان لرب العمل عدم كفاية العامل، اعتبر ذلك مأخذاً مشروعاً لتعديل عقد العمل أو إنهائه، وعلى من يدعي عدم صحة هذا المأخذ والتعسف في إنهاء العقد عبء إثباته. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه بحق المطعون عليه في إعفاء الطاعن من الإشراف على القسم الطبي بمركز الإسعاف على ما قرره من أنه "بالنسبة لما يطلبه مركز الإسعاف الطبي من إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من أحقية الدكتور عبد المنعم السبيلجي لوظيفة المشرف الطبي، فقد ثبت من تفتيش وزارة الصحة في 29/ 11/ 1959 أن الآلات والمهمات غير نظيفة وحالتها غير مرضية، كما أنه لا توجد غلايات لتعقيم الحقن، والصيدلية غير مزودة بمصل عقرب وثعبان وهي من أهم أدوية الطوارئ الواجب توافرها في صيدلية الخدمة الليلية، وقد نبه على المستأنف عليه بمراعاة تطبيق اللوائح ووضع الأمور في نصابها الصحيح وتلافي جميع الأخطاء بالنسبة لتلك المخالفات" وأنه "لما أعيد التفتيش بمعرفة وزارة الصحة في 16/ 10/ 1960 تبين أن العمل لم يبدأ حتى ذلك التاريخ بمركز نقل الدم رغم وجود طبيب خاص لذلك، وأنه لا تزال الأثاثات والمهمات على قذارتها" وأنه "ثبت من التقرير الأخير أن الجمعية تصرف شهرياً للموظفين أدوية بمبلغ 120 ج مجاناً، وأن هذا الإسراف لا مبرر له إذ المرضى الفقراء هم أولى من هؤلاء، وفي شهر يناير سنة 1962 كلف مجلس الإدارة لجنة من كبار الأطباء للتفتيش على الأعمال الفنية بالإسعاف فأثبت ملاحظات كثيرة عن أخطاء وتقصيرات شديدة" وأنه "نظراً لهذه التقصيرات أصدر مجلس الإدارة قراره بإسناد الإشراف الطبي بلا أجر للدكتور محمد توفيق إسماعيل عضو مجلس الإدارة بمركز الإسعاف" وأنه "لما كان هذا التصرف موافقاً لأحكام قانون الجمعيات فيكون إعفاء المستأنف عليه" من الإشراف على القسم الطبي لم يقع نكاية به ومحاباة لغيره، بل كان لأسباب مقبولة، وهي تقريرات موضوعية سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وكافية لحمل قضائه والجدل فيها موضوعي مما يستقل به قاضي الموضوع، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. ولا محل لما يتحدى به الطاعن من عدم التزام المطعون عليه لأحكام المادة 66 من قانون العمل، ذلك أن تقدير رب العمل لكفاية العامل لا شأن لها بقواعد التأديب وإجراءاته.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان وفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب من وجوه (أولها) أنه قضى بعدم أحقية الطاعن لوظيفة المشرف الطبي استناداً إلى مخالفات نسبت إليه في تقريري تفتيش وزارة الصحة بتاريخي 29/ 11/ 1959 و16/ 1/ 1960، في حين أن هذه المخالفات - بفرض صحتها - لم تمنع من تعيين الطاعن مشرفاً طبياً في 24/ 11/ 1961، مما يؤكد صلاحيته لهذه الوظيفة، وأن هذه المخالفات غير مؤثرة في حقه فلا يجوز للحكم أن يركن إليها في قضائه بصحة القرار الصادر ضده بتنزيله إلى وظيفة طبيب، فضلاً عن أن التقريرين المشار إليهما ليسا سوى خطابين يتضمنان شروط وزارة الصحة لمنح الإعانة لمركز الإسعاف وليس المقصود بهما تجريح الطاعن شخصياً. (وثانيها) أن الحكم شابه فساد في الاستدلال لأنه حمل الطاعن مسئولية نقص بعض العقاقير في صيدلية المركز، في حين أن هذه المسئولية تقع على عاتق موظف آخر هو المشرف، كما أن مسئولية قدم الأثاثات والمهمات وقذارتها تقع على غيره ومردها الحالة المالية وإهمال القائمين عليها، وأن مهمة المشرف الطبي تتمثل في الإشراف على عمل الأطباء المنتدبين للعمل في مركز الإسعاف وإجراء بعض الكشوف الطبية في منازل المرضى أو في المركز نفسه، ومن ثم لا يجوز للحكم أن يحمله مسئولية لا تتصل بعمله (وثالثها) أن الحكم أخطأ في الإسناد فيما أثبته من أن مجلس الإدارة قد ندب لجنة من كبار الأطباء للتفتيش على الأعمال الفنية بالإسعاف وأن تلك اللجنة قدمت تقريراً ضمنته أخطاء كثيرة وتقصيرات شديدة، وأن ذلك كله تم في مايو سنة 1962، في حين أن هذا الذي أثبته الحكم لا أصل له في الأوراق، ولا يعدو أن يكون مجرد مزاعم أثارها المطعون عليه، ولا يساندها أي دليل، كما أسند الحكم إلى الطاعن أنه صرف أدوية بمبلغ 120 ج مجاناً لموظفي المركز، وأن ذلك يعد إسرافاً لا مبرر له لأن المرضى الفقراء أولى بتلك الأدوية، وهذا الذي قرره الحكم لا يقوم على سند صحيح، وإنما يقوم على عدم فهم واقعة الحال إذ أن المركز يعالج موظفيه على نفقته وعددهم يزيد على الـ 500 فرد. (ورابعها) أن الحكم قضى برفض طلبات الطاعن فيما يتعلق بزيادة ساعات العمل إلى ست ساعات يومياً بمقولة إن هناك تنظيماً لائحياً يجب أن يخضع له جميع الأطباء، وإذ لم يستظهر الحكم أن مركز الإسعاف ليس فيه سوى طبيب موظف واحد - هو الطاعن - ولا توجد لائحة، وإنما هناك اتفاق بين المركز والطاعن على العمل أربع ساعات يومياً فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في (الأوجه الثلاثة الأولى)، بما سبق الرد به على السبب الأول. ومردود في (الوجه الأخير) بأن لرب العمل بمقتضى سلطته في الإدارة والإشراف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ينظم وقت العمل اليومي طبقاً لحاجة العمل وظروف الإنتاج، ويلتزم العامل بأداء عمله وفقاً للتنظيم الذي وضعه رب العمل متى كان هذا التنظيم لا يتعارض مع القانون، فإذا كان العمل قد جرى في المنشأة على تشغيل العمال ساعات أقل من المدة المحددة في القانون، ورأى صاحب المنشأة لصالح العمل أن يعدل في التنظيم الذي اتبعه من قبل وأن يزيد ساعات العمل اليومي إلى الحد الأقصى المقرر في القانون، ولم يمنعه من ذلك نص في عقد العمل فلا يجوز إلزامه بالعودة إلى النظام السابق. وإذ كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض طلب الطاعن تخفيض ساعات العمل من ست ساعات يومياً إلى أربع على ما قرره من أن "الثابت من عقد استخدام المدعى عليه بصفته أن ساعات العمل غير محددة في العقد وقد قبل المدعي في البند الخامس من العقد الخضوع لما تقرره الجمعية من لوائح ونظم" وأن "تحدد ساعات العمل من إطلاقات رب العمل، طالما أنها تدخل في حدود مدة العمل القانونية" وأنه "لما كان تحديد المدعى عليه بصفته لساعات العمل بست ساعات بدلاً من أربع ساعات وكانت الساعات الست تدخل في حدود مدة ساعات العمل المنصوص عليها في المادة 114 من القانون 91 لسنة 1959، وكان المقصود بهذا التحديد سريانه على جميع أطباء الجمعية التي يمثلها المدعى عليه بصفته ومن بينهم المدعي، ولم يكن المدعي بالذات هو المقصود وحده بذلك، فإنه يتعين رفض هذا الشق من الدعوى" وهي تقريرات كافية، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن باقي سببي الطعن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام المادة الثالثة من قانون العمل، لأنه أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من حرمان الطاعن من نصف قيمة الكشوف الطبية الموقعة على المرضى في منازلهم استناداً إلى أن هذا الحرمان مما يدخل في نطاق نظام العمل الذي يضعه رب العمل، في حين أن الطاعن كان يتقاضى حقه المذكور كجزء من الأجر - وهو ما تثبته كشوف المرتبات الشهرية - وبذلك يكون قرار الحرمان الذي صدر في أعقاب قرار التنزيل، قد قصد به الإضرار بالطاعن بتخفيض أجره، فضلاً عن أن الحكم قد فاته أن هذا القرار لا يرقى إلى مرتبة اللائحة التنظيمية لأنه لا يطبق في حق طبيب آخر خلاف الطاعن مما يجعله قراراً فردياً.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الثالثة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 على أن "يقصد بالأجر في تطبيق أحكام هذا القانون كل ما يعطى للعامل لقاء عمله مهما كان نوعه مضافاً إليه جميع العلاوات أياً كان نوعها...." يدل على أن الأجر يشمل كل ما يستحقه العامل في مقابل أداء العمل، أياً كان نوعه وأياً كانت طريقة تحديده وأياً كانت تسميته، وأنه - في الأصل - يتحدد بما يتفق عليه العاقدان في ذات العقد بشرط أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور المقررة قانوناً، وأنه إذا تحدد في العقد أو في قرارات رب العمل - التي تعد متممة لعقد العمل - فإن هذا الأجر يكون ثابتاً ولا يجوز لأي من المتعاقدين أن يستقل بتعديله، وإذ كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه، قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بعدم أحقيه الطاعن لنصف قيمة الكشوف الطبية الموقعة على المرضى في منازلهم على ما قرره من أن "الثابت من عقد استخدام المدعي المؤرخ 27/ 7/ 1946 أنه ورد بالبند الخامس منه أن الطبيب خاضع لما تقرره الجمعية من لوائح ونظم ويتعهد بتأدية الخدمة الليلية وفقاً للنظم التي تقررها الجمعية" وأنه "من بين النظم التي قررها مجلس إدارة الجمعية المدعى عليها بجلسة 23/ 4/ 1962 صرف ما يدفع للطبيب عن انتقالات لإسعاف المرضى بمنازلهم نهاراً وفي أثناء ساعات العمل المقررة" وأنه "لما كان المقصود بالقرار المشار إليه آنفاً تنظيم العمل بالمركز إدارة المدعى عليه بصفته، وسريانه علي جميع الأطباء بالمركز ومن بينهم المدعي، ولم يكن المدعي بالذات هو المقصود وحده بذلك" فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقصه في هذا الخصوص.


(1) الطعن رقم 29 لسنة 32 ق - جلسة 23/ 2/ 1966 - السنة 17 ص 401
والطعن رقم 333 لسنة 31 ق - جلسة 12/ 5/ 1965 - السنة 16 ص 564
والطعن رقم 139 لسنة 34 ق - جلسة 4/ 12/ 1968 - السنة 19 ص 1474.
(2) نقض 12/ 3/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 418 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق