الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مارس 2023

الطعن 63 لسنة 36 ق جلسة 2 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 91 ص 570

جلسة 2 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(91)
الطعن رقم 63 لسنة 36 القضائية

نزع الملكية للمنفعة العامة. "نطاقه". حكم. "قصور". "ما يعد كذلك". ملكية.
صدور قرار الوزير المختص بتقرير المنفعة العامة ونشره بالجريدة الرسمية. أثره في انتقال ملكية العقارات اللازمة لتنفيذ المشروع للدولة لا يصدق إلا بالنسبة للعقارات التي تقرر لزومها لأعمال المنفعة العامة. عدم تناول الحكم دفاع الطاعن من أن عقاره غير لازم للمشروع بما يصلح رداً عليه. قصور.

-----------------
ما قرره الحكم المطعون فيه من أنه يترتب على صدور قرار الوزير المختص بتقرير المنفعة العامة ونشره بالجريدة الرسمية انتقال ملكية العقارات اللازمة لتنفيذ المشروع للدولة، والتزام الجهة التي عهد إليها بتنفيذه بإخطار ذوي الشأن حتى تتمكن من معاينة تلك العقارات وتحديد التعويض المستحق لكل ذي شأن وهي وشأنها بعد ذلك في تنفيذ المشروع في الوقت الذي تراه متى انتهت الإجراءات التي أوجبها القانون، هذا التقرير لا يصدق إلا بالنسبة للعقارات التي تقرر لزومها لأعمال المنفعة العامة أو تلك التي ترى السلطة القائمة على أعمال التنظيم أنها لازمة لتحقيق الغرض المقصود من المشروع، أو لأن بقاءها بحالتها من حيث الشكل أو المساحة لا يتفق مع التحسين أو التجميل المطلوب ما دام الغرض من نزع الملكية هو إنشاء أحد الشوارع أو الميادين أو توسيعه أو تعديله أو تجديده أو إنشاء حي جديد أو شأن من شئون الصحة أو التحسين أو التجميل على ما تنص عليه المواد 1 و2 و3 و4 و6 و22 من القانون رقم 577 لسنة 1954 المعدلة بالقانونين 252 سنة 1960 و13 سنة 1962، فإذا كان مؤدى دفاع الطاعن - المستأجر - أن محله غير لازم لتنفيذ المشروع وأنه ما كان للمطعون عليه الأول أن ينبه عليه بإخلائه، وإذ نبه عليه رغم ذلك بالإخلاء في الأجل الذي حدده بخطابه وأغفل إخطاره بعدوله عن هدم المبنى، فإنه يكون قد ارتكب خطأ يوجب مسئوليته عما أصابه من ضرر، وإذ لم يتناول الحكم دفاع الطاعن بما يصلح رداً عليه، وكان ما قرره من أن الطاعن قد أخلى العقار طوعاً وبعد فوات المهلة المحددة في الإخطار ودون أن يتخذ المطعون عليه الأول أية إجراءات، لا يغني عن تمحيص هذا الدفاع والرد عليه، فإنه يكون قاصر البيان بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيقه للقانون ويستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبد الحميد محجوب هاشم أقام الدعوى رقم 564 سنة 1964 كلي المنصورة ضد أدوار الجميل، والدسوقي محمد حسان، ومجلس مدينة المنصورة طالباً إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه والمصاريف والأتعاب والنفاذ، وقال في بيان دعواه إنه هو ووالده من قبله استأجر المحل المبين بالعريضة والمملوك للمدعى عليه الأول وزاول فيه تجارة الخردوات وفي 8/ 3/ 1964 أخطره المدعى عليه الثالث بأنه تقرر هدم المباني المعترضة تنفيذ مشروع فتح شارع بور سعيد وفيها المحل الذي يستأجره فأخطر المدعى عليه الأول بوصفه مالك العقار بعزمه على إخلائه في نهاية شهر مايو سنة 1964، وبعد أن تم إخلاء المحل في التاريخ المذكور قام المدعى عليه الأول بتأجيره للمدعى عليه الثاني الذي استعمله متجراً لبيع نفس السلع التي كان يتجر فيها المدعي وقد وافق المدعى عليه الثالث على مد المحل بالنور والمياه، هو ما يدل على عدوله عن هدم المبنى في الموعد الذي حدده بخطابه، مما كان يتعين معه إخطار المدعي بهذا العدول حتى لا يتخلى عن محله، وإذ أصيب بأضرار كبيرة بسبب ترك المحل وتأجيره للمدعى عليه الثاني الذي أتجر في مثل الأصناف التي يتجر هو فيها واستيلائه على عملائه وانتفاعه بالشهرة التي أمتاز بها، فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة الذكر. ورد المدعى عليهما الأول والثاني بأنهما لم يرتكبا خطأ يستوجب مسئوليتهما إذ أن المدعي قد أخطر أولهما بإخلائه المحل ولما أخلاه استأجره الثاني لاستغلاله في تجارة الخردوات. بينما تمسك المدعى عليه الثالث بأنه لما تقرر اعتماد مشروع نزع ملكية العقارات التي تعترض اتصال شارع الثورة بميدان الموافي للمنفعة العامة طبقاً للقانون رقم 577 سنة 1954 قام المجلس بتعويض أصحاب المحلات التي تدخل في نطاق المشروع ومن بينهم المدعي، فبنى محلات أخرى وأجرها لهم وأخطر جميع الملاك بإخلاء المباني لتنفيذ المشروع وبرفع المرافق بعد فوات المدة القانونية، فأخلى المدعي المحل في 1/ 6/ 1964 لأنه استأجر محلاً آخر، وذلك رغم أن الهدم لم يتم في الميعاد الذي كان محدداً له وهو يوم 21/ 3/ 1964. وفي 26/ 1/ 1965 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه الثلث بأن يدفع للمدعي مبلغ 500 جنيه والمصاريف المناسبة و200 قرش أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً تعديله والحكم له بباقي طلباته، وقيد هذا الاستئناف برقم 84 سنة 17 ق، كما استأنفه المدعى عليه الثالث طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المستأنف عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وقيد استئنافه برقم 90 سنة 17 ق، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين، حكمت في 8/ 12/ 1965 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى المقامة من عبد الحميد محجوب هاشم وألزمته بالمصروفات وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما قرره من أن الإخطار الذي وجهه المطعون عليه الأول للطاعن في 8/ 3/ 1964 وأشار فيه إلى أنه تقرر البدء في هدم المباني المعترضة تنفيذ فتح شارع بور سعيد اعتباراً من 21/ 3/ 1964 ونبه عليه فيه بالمبادرة بإخلاء المحل الذي يشغله، لا يعتبر من قبيل الخطأ الموجب لمسئوليته حتى ولو لم يبدأ في تنفيذ المشروع في التاريخ الذي حدده، وإلى أنه لم يطلب في الإخطار إخلاء العقار في الحال بل أعطاه مهلة ظل يشغل العقار بعدها ثم أخلاه من تلقاء نفسه دون اتخاذ إجراءات ضده وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون من وجهين (أولهما) أن المطعون عليه الأول أوهم الطاعن بأن محله يعترض تنفيذ مشروع شارع بور سعيد ونبه عليه بإخلائه مع أنه ثبت من مراجعة قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 759 سنة 1960 الصادر في هذا الشأن أنه لا ينطبق على الجهة التي يقع فيها المحل وأنه قاصر على نزع ملكية العقارات التي تعترض اتصال شارع الثورة بميدان الموافي ببندر المنصورة من الناحية القبلية، وأنه لا يوجد مشروع يسمى مشروع شارع بور سعيد ومن ثم يكون التنبيه على الطاعن بإخلائه محله لتنفيذ مشروع شارع بور سعيد خطأ نتيجة إهمال وعدم تبصر في فهم القرار الوزاري ترتب عليه ضرر محقق للطاعن بتركه محله وضياع سمعته التجارية وعملائه وارتباكه مالياً وانزوائه في محل جانبي في مكان غير مطروق الأمر الذي تتوافر معه أركان المسئولية التقصيرية المنصوص عنها في المادة 163 من القانون المدني خلافاً لما قرره الحكم (وثانيهما) أنه لم يكن من المتصور عقلاً بعد إخطار الطاعن من الجهة الإدارية بوجوب الإخلاء للهدم أن يظل ساكتاً حتى يفاجأ في أي وقت بإجراء الهدم وبإلقاء بضاعته في عرض الطريق ومن ثم فإن القول بأن تركه المحل من تلقاء نفسه دون اتخاذ أي إجراء ضده ينطوي على مجافاة لطبائع الأمور إذ لو لا التنبيه عليه بالإخلاء لما فكر في ترك محله، ولم يكن يدخل في تقديره أن المطعون عليه الأول غير جاد في تنبيهه أو أنه لن يستعمل القوة لهدم المحل في الوقت الذي يراه. ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون قد استدل على انتفاء خطأ المطعون عليه بقوله إنه لم يخل بالتزام قانوني وكان في جميع الإجراءات التي اتخذها يقظاً ومتبصراً ورحيماً مع كل من رأى أن تنفيذ المشروع يمس بعض مصالحهم وهو منه خطأ وفساد في الاستدلال، ذلك أن المطعون عليه ملزم قانوناً بعدم الإيهام بوجود مشروع كاذب هو مشروع فتح شارع بور سعيد وملزم بتفهم القوانين والقرارات الوزارية فهماً صحيحاً وتنفيذها تنفيذاً غير خاطئ، إلا أنه أخطأ في فهم قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 759 سنة 1960 كما أخطأ في تطبيقه، إذ ينصرف هذا القرار إلى العقارات التي تعترض اتصال شارع الثورة بميدان الموافي وليس من بينها عقار الطاعن الذي يقع في الناحية البحرية من شارع الثورة بعيداً عن مكان تنفيذ ذلك القرار وكان على المطعون عليه الأول أن يصحح هذا الخطأ ويتداركه بإخطار الطاعن قبل وقوع الضرر بأنه غير معنى بالإجراءات التي اتخذت وأنه حر في أن يبقى في محله أو يتركه خاصة ولقد كانت لديه مهلة كافية لذلك بدأت من 8/ 3/ 1964 وانتهت في 31/ 5/ 1964 تاريخ تركه المحل ولكنه لم يفعل مما يدل على إصراره على خطئه، ويقطع بأنه لم يكن في تصرفه الرجل المتبصر الحريص على رعاية مصالح كل من تمسهم تلك الإجراءات الخاطئة التي ارتكبها، وإذ جرى الحكم على خلاف ذلك ونفى خطأ المطعون عليه الأول واعتبر أنه سلك مسلك الحيطة والحرص، فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من صورتي المذكرتين المقدمتين من الطاعن لمحكمة الاستئناف أنه تمسك بأن المطعون عليه الأول كان بصدد تنفيذ مشروع اتصال شارع الثورة بميدان الموافي وليس مشروع اتصال شارع الجمهورية بذلك الميدان وأن الوصلة التي تصل شارع الثورة بميدان الموافي والمعتبرة من المنافع العامة لا تمس المبنى الذي يقع به محله الذي نبه عليه المطعون عليه الأول بإخلائه وبفرض أنه كان قد انتوى هدم المبنى ثم عدل عن ذلك فكان عليه أن يخطره بهذا العدول، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن إنذار المطعون عليه الأول للطاعن بالإخلاء، لا يعتبر من قبيل الخطأ الموجب لمسئوليته حتى ولو لم ينفذ المشروع استناداً إلى أنه يترتب على صدور قرار الوزير المختص بتقرير المنفعة العامة ونشره بالجريدة الرسمية انتقال ملكية العقارات اللازمة لتنفيذ المشروع للدولة والتزام الجهة التي عهد إليها بتنفيذه بإخطار ذوي الشأن حتى تتمكن من معاينة تلك العقارات وتحديد التعويض المستحق لكل ذي شأن وهي وشأنها بعد ذلك في تنفيذ المشروع في الوقت الذي تراه متى انتهت الإجراءات التي أوجبها القانون ووفقاً لما لديها من إمكانيات، فضلاً عن أن المطعون عليه الأول لم يطلب الإخلاء فوراً بل بعد مهلة، وقد أخلى الطاعن المحل بعدها بشهرين دون أن تتخذ ضده أية إجراءات وبعد أن أعد له محلاً ليزاول فيه تجارته، وكان ما قرره الحكم عن انتقال ملكية العقارات اللازمة لتنفيذ المشروع للدولة وإخطار ذوي الشأن لا يصدق إلا بالنسبة للعقارات التي تقرر لزومها لأعمال المنفعة العامة أو تلك التي ترى السلطة القائمة على أعمال التنظيم أنها لازمة لتحقيق الغرض المقصود من المشروع أو لأن بقاءها بحالتها من حيث الشكل أو المساحة لا يتفق مع التحسين أو التجميل المطلوب ما دام الغرض من نزع الملكية هو إنشاء أحد الشوارع أو الميادين أو توسيعه أو تعديله أو تجديده أو إنشاء حي جديد أو لشأن من شئون الصحة أو التحسين أو التجميل على ما نصت عليه المواد 1، 2، 3، 4، 6، 22 من القانون رقم 577 سنة 1954 المعدلة بالقانونين 252 سنة 1960، 13 سنة 1962، وكان مؤدى دفاع الطاعن أن العقار الذي يقع به محله غير لازم لتنفيذ المشروع وأنه ما كان للمطعون عليه الأول أن ينبه عليه بإخلائه، وإذ نبه عليه رغم ذلك بالإخلاء في الأجل الذي حدده بخطابه وأغفل إخطاره بعدوله عن هدم المبنى فإنه يكون قد ارتكب خطأ يوجب مسئوليته عما أصابه من ضرر، وإذ لم يتناول الحكم دفاع الطاعن بما يصلح رداً عليه، وكان ما قرره من أن الطاعن قد أخلى العقار طوعاً وبعد فوات المهلة المحددة في الإخطار ودون أن يتخذ المطعون عليه الأول أية إجراءات، لا يغني عن تمحيص هذا الدفاع والرد عليه، فإنه يكون قاصر البيان بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيقه للقانون ويستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق