الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مارس 2023

الطعن 59 لسنة 36 ق جلسة 7 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 93 ص 581

جلسة 7 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(93)
الطعن رقم 59 لسنة 36 القضائية

(أ) إثبات. "عبء الإثبات". محكمة الموضوع. "سلطتها في الإحالة للتحقيق".
المدعي هو المكلف بإثبات دعواه. رفض المحكمة إصدار حكم جديد بإحالة الدعوى إلى التحقيق. لا عيب.
(ب) بيع. "التزامات البائع". "المفاضلة بين المشترين". ملكية. "أسباب كسب الملكية". تسجيل.
الملكية لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلا بالتسجيل. تصرف البائع بالبيع إلى مشتر آخر بادر إلى تسجيل عقده. لا يمنع من انتقال الملكية إليه تدليسه أو تواطئه مع البائع.

---------------
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الطاعنين عاجزين عن إقامة الدليل على ادعائهما (بصورية عقد البيع) واستند الحكم في ذلك إلى أن الطاعنين لم يحضرا شهودهما أو يكلفاهم بالحضور في الجلسة المحددة رغم تأجيل الدعوى بناء على طلبهما أكثر من مرة وانقضاء الميعاد المحدد للتحقيق، وكان المدعي هو المكلف بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه فيها، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه رفض إجابة الطاعنين إلى طلبهما بإصدار حكم جديد بإحالة الدعوى إلى التحقيق لأنهما عجزا عن إثبات ادعائهما على النحو السالف بيانه، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
2 - نصت المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 على وجوب شهر جميع التصرفات المنشئة للحقوق العينية العقارية الأصلية ورتبت على عدم الشهر ألا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تزول ولا تتغير لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير، مما مفاده أن الملكية لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلا بالتسجيل، فإذا لم يسجل المشتري عقد شرائه وتصرف البائع إلى شخص آخر سجل عقده خلصت له الملكية بمجرد التسجيل. وإذ جاء نص المادة التاسعة المشار إليه أسوة بنص المادة الأولى من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 المقابل له، خلواً مما يجيز إبطال الشهر إذا شابه تدليس أو تواطؤ فإن الملكية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تنتقل بالتسجيل ولو نسب إلى المشتري الذي بادر بالتسجيل التدليس أو التواطؤ مع البائع طالما أنه قد تعاقد مع مالك حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 1352 سنة 1961 القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم يطلبان الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى 22 قيراط و5 أسهم في المنزل المبين بصحيفة الدعوى وشطب التسجيلات الموقعة عليه، وقالا شرحاً لدعواهما إنه بتاريخ 21/ 5/ 1960 توفى المرحوم محمود نصر الدين أحمد وانحصر إرثه فيهما وفي المطعون عليها الأولى، وكان المورث المذكور يشتغل قبل وفاته في أعمال المقاولات ومني فيها بخسارة كبيرة وتراكمت عليه الديون وحرر بعقاراته ومن بينها المنزل موضوع الدعوى عقود بيع صورية إلى زوجته المطعون عليها الأولى خشية التنفيذ عليها من دائنيه، ثم سافر إلى الكويت للعمل فيها مصطحباً زوجته الأخرى (الطاعنة الأولى) وتحسنت أحواله المالية وكان يبعث إلى المطعون عليها الأولى التي تركها في القاهرة بما يوفره من مال لتقوم بتسديد ما عليه من ديون، وظل كذلك حتى أصيب بمرض وهو في الكويت، ولما شعر بدنو أجله حرر إقراراً دون فيه بياناً بأمواله ومن بينها المنزل موضوع الدعوى وضمنه طلب تقسيمها في حالة وفاته حسب الفريضة الشرعية، غير أنه لما توفى المورث نازعتهما المطعون عليها الأولى في نصيبهما الشرعي في المنزل المشار إليه مدعية أنها اشترت الأرض من المورث وأقامت عليها مباني المنزل من مالها الخاص وأنها تسهيلاً لإجراءات التسجيل قامت بتحرير عقد البيع من الملاك الأصليين للأرض - المطعون عليهم من الثاني إلى الرابعة - وإذ كان البيع الصادر من المورث إلى المطعون عليها الأولى صورياً صورية مطلقة وكانت حصتهما الشرعية في هذا المنزل تبلغ 22 قيراط و5 أسهم، فقد أقاما دعواهما بالطلبات سالفة البيان. ردت المطعون عليها الأولى بأن المورث باع لها الأرض بعقد مؤرخ 25/ 12/ 1956 مقابل ثمن قدره 870 جنيه وأنها أقامت عليها المباني من مالها وأن المورث كان قد تعاقد قبل ذلك في 31/ 3/ 1956 على شراء هذه الأرض من المطعون عليهم من الثاني إلى الرابعة وأنها حررت مع هؤلاء مباشرة بتاريخ 31/ 3/ 1956 عقداً بشراء ذات الأرض قضي لها بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 3780 سنة 1960 القاهرة الابتدائية ثم قامت بتسجيل هذا الحكم، وبتاريخ 25/ 11/ 1963 حكمت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن البيع الصادر من المورث إلى المطعون عليها الأولى صوري صورية مطلقة قصد به التهرب من الدائنين وأنها سجلت عقدها من المالكين الأصليين تسهيلاً للإجراءات وحتى لا تتكبد مصروفات مضاعفة، واستندت المحكمة في ذلك إلى أن في الدعوى أوراقاً تعتبرها مبدأ ثبوت بالكتابة يستكمل بالبينة. لم يشهد طرفا الخصومة أحداً تنفيذاً لحكم التحقيق. وبتاريخ 23/ 3/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 852 سنة 81 ق القاهرة. وبتاريخ 5/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقولان في بيان ذلك إن محكمة أول درجة قضت بتاريخ 25/ 11/ 1963 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن البيع الصادر من المورث إلى المطعون عليها الأولى صوري قصد به التهرب من الدائنين، ورغم تعلق حق الطاعنين بهذا الحكم فإن المحكمة عدلت عنه دون أن يجد ما يبرر هذا العدول ودون أن تبين أسبابه. وقد تمسك الطاعنان بهذا الدفاع أمام محكمة أول درجة وطلبا إصدار حكم جديد بالإحالة إلى التحقيق لعدم تنفيذ الحكم الأول، غير أنها رفضت إجابتهما إلى هذا الطلب وأيدها في ذلك الحكم المطعون فيه رغم تمسكهما به أمام محكمة الاستئناف، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه لم يعدل عن الحكم الصادر بتاريخ 25/ 11/ 1963 فيما أمر به من إثبات، ولكنه اعتبر الطاعنين عاجزين عن إقامة الدليل على ادعائهما بأن عقد البيع الصادر من المورث إلى المطعون عليها الأولى بتاريخ 25/ 12/ 1956 صوري قصد به التهرب من الدائنين، واستند الحكم في ذلك إلى أن الطاعنين لم يحضرا شهودهما أو يكلفاهم بالحضور في الجلسة المحددة رغم تأجيل الدعوى بناء على طلبهما أكثر من مرة وانقضاء الميعاد المحدد للتحقيق. ولما كان المدعي هو المكلف بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه فيها، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه رفض إجابة الطاعنين إلى طلبهما بإصدار حكم جديد بإحالة الدعوى إلى التحقيق لأنهما عجزا عن إثبات ادعائهما على النحو السالف بيانه، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقول الطاعنان في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على أن العقد المؤرخ 31/ 3/ 1956 الصادر من المطعون عليهم الثلاثة الأخيرين إلى المورث ببيع الأرض المقام عليها المنزل هو عقد عرفي لم يسجل فلا يخول الطاعنين طلب تثبيت الملكية لهذا العقار وذلك خلافاً للعقد الذي صدر من هؤلاء المطعون عليهم إلى المطعون عليها الأولى فقد حكم بصحته ونفاذه وقامت هي بتسجيل الحكم وانتقلت إليها الملكية، وأنه لا دليل على صورية هذا العقد المسجل فيكون هو الواجب التفضيل. في حين أن مؤدى عدم تسجيل العقد الصادر إلى المورث هو القضاء بعدم قبول الدعوى حتى يتم تسجيل هذا العقد لا القضاء برفضها، ولا محل للمفاضلة بينه وبين العقد المسجل الصادر إلى المطعون عليها الأولى من باقي المطعون عليهم لأن هذا العقد تم تسجيله بطريق التواطؤ وقد طعنا عليه بأنه صوري صورية مطلقة ودفعا بأن المطعون عليها الأولى لم تتمسك به إلا بعد أن تمسكت بالعقد الصادر لها من المورث. وإذ لم يعن الحكم المطعون فيه بتحقيق ذلك وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض للعقد المؤرخ 25/ 12/ 1956 الصادر من المورث إلى المطعون عليها الأولى ببيع قطعة الأرض ونفى عنه الصورية المطلقة. قرر ما يلي "وبما أنه عن قول المستأنفين - الطاعنين - بأن هذا العقد الذي صدر الصالح المستأنف عليها الأولى - المطعون عليها الأولى - من باقي المستأنف عليهم - باقي المطعون عليهم - هو عقد صوري صورية مطلقة فهذا قول لا سند له، إذ الثابت فيه دفع الثمن للبائع كما أن الثمن المدفوع هو ثمن مناسب طبقاً لما هو مستفاد من العقد العرفي الصادر للمورث في 31/ 3/ 1956، وحقيقة الواقع في هذه الدعوى تنحصر في أن المالكين الأصليين للمنزل وهم المستأنف عليهم من الثاني للأخيرة - المطعون عليهم من الثاني إلى الأخيرة - قاموا ببيع قطعة الأرض أولاً للمورث بعقد عرفي ثم باعوها مرة أخرى للمستأنف عليها الأولى بعقد مسجل نقل الملكية وبذا لا يكون لورثة المشتري الأول - المورث - سوى مجرد حقوق شخصية قبل البائعين لها" والواضح من هذا الذي قرره الحكم أنه بحث دفاع الطاعنين الخاص بالطعن على عقد البيع المؤرخ 31/ 3/ 1956 الصادر من المطعون عليهم الثلاثة الأخيرين إلى المطعون عليها الأولى ببيع قطعة الأرض بأنه صوري صورية مطلقة وانتهت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية في تقدير الأدلة على قيام الصورية إلى أن العقد المشار إليه غير صوري ودللت على ذلك بما ثبت في هذا العقد من دفع الثمن للبائعين وأنه ثمن مناسب وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم في هذا الخصوص. ولما كان الثابت مما أورده الحكم على ما سلف بيانه أنه استند في قضائه برفض الدعوى إلى أن المطعون عليهم الثلاثة الأخيرين باعوا قطعة الأرض إلى المورث بعقد عرفي ثم تصرفوا فيها إلى المطعون عليها الأولى بعقد مؤرخ 31/ 3/ 1956 استصدرت حكماً بصحته ونفاذه وقامت بتسجيله، وأن الملكية قد انتقلت إليها على هذا الأساس، بما لا يكون معه لورثة المشتري الأول سوى حقوق شخصية قبل هؤلاء البائعين، وكان هذا الذي قرره الحكم صحيحاً في القانون، ذلك أن قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 قد نص في المادة التاسعة منه على وجوب شهر جميع التصرفات المنشئة للحقوق العينية العقارية الأصلية ورتب على عدم الشهر ألا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير، مما مفاده أن الملكية لا تنتقل من البائع إلى المشتري إلا بالتسجيل فإذا لم يسجل المشتري عقد شرائه وتصرف البائع إلى شخص آخر سجل عقده خلصت له الملكية بمجرد التسجيل. لما كان ذلك فإن الملكية تكون حسبما قرر الحكم المطعون فيه قد انتقلت إلى المطعون عليها الأولى التي بادرت إلى تسجيل الحكم الصادر لها بصحة ونفاذ عقدها، ولا يغير من ذلك ما تحدى به الطاعنان من أن تسجيل المطعون عليها الأولى للحكم المذكور قد تم بطريق التواطؤ، ذلك أنه إذ جاء نص المادة التاسعة المشار إليه - أسوة بنص المادة الأولى من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 المقابل له - خلواً مما يجيز إبطال الشهر إذا شابه تدليس أو تواطؤ، فإن الملكية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تنتقل بالتسجيل ولو نسب إلى المشتري الذي بادر بالتسجيل التدليس أو التواطؤ مع البائع طالما أنه قد تعاقد مع مالك حقيقي لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله. لما كان ما تقدم وكان ما قرره الحكم على النحو سالف البيان يؤدي إلى القضاء برفض الدعوى لإعدم قبولها، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 15 فبراير 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 295.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق