الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مارس 2023

الطعن 244 لسنة 30 ق جلسة 25 / 2 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 36 ص 227

جلسة 25 من فبراير سنة 1965

برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.

-----------------

(36)
الطعن رقم 244 لسنة 30 القضائية

(أ) حق. "حق المؤلف". "علانية الأداء". مؤلف.
العبرة في علانية الأداء ليست بنوع أو صفة المكان المقام فيه الاجتماع أو الحفل الذي يحصل فيه هذا الأداء وإنما بالصفات الذاتية لذلك الاجتماع أو الحفل. متى توافرت صفة العلانية للأداء كان علنياً ولو كان المكان الذي انعقد فيه الاجتماع يعتبر خاصاً بطبيعته أو بحسب قانون إنشائه. لا تلازم بين صفة المكان وصفة الاجتماع من حيث الخصوصية والعمومية.
(ب) حق. "حق المؤلف". "علانية الأداء". "محكمة النقض". "سلطتها في مسائل التكييف".
لمحكمة النقض التحقق من واقع ما أثبتته محكمة الموضوع مما إذا كان الحفل الذي أديت فيه المصنفات المطالب بالتعويض عن حق المؤلف عليها يتصف بصفة العمومية أو الخصوصية. تعلق ذلك بمسائل التكييف التي تخضع لرقابتها. مثال.
(جـ) حق. "حق المؤلف". "الأداء غير العلني". مؤلف.
يشترط لإسباغ صفة الخصوصية على الاجتماعات التي تعقدها الأسر والجمعيات والمنتديات الخاصة والمدارس وبالتالي لإعفائها من دفع أي تعويض للمؤلف عن مصنفاته التي تؤدى فيها بطريق الإيقاع والتمثيل أو الإلقاء أن لا يحصل نظير هذا الأداء رسم أو مقابل مالي. تقرير هذا الشرط قبل صدور القانون 354 لسنة 1954.

-----------------
1 - العبرة في علانية الأداء المتعلق بإيقاع أو تمثيل أو إلقاء مصنف من المصنفات المشمولة بالحماية ليست بنوع أو صفة المكان المقام فيه الاجتماع أو الحفل الذي يحصل فيه هذا الأداء وإنما بالصفات الذاتية لذلك الاجتماع أو الحفل، فإذا توافرت فيه صفة العمومية كان الأداء علنياً ولو كان المكان الذي انعقد فيه الاجتماع يعتبر خاصاً بطبيعته أو بحسب قانون إنشائه. ولا تلازم بين صفة المكان وصفة الاجتماع من حيث الخصوصية والعمومية، إذ قد يقام حفل عام في مكان خاص لمناسبة ما تستدعي السماح للجمهور بحضوره، كما قد يحصل العكس فيؤجر مكان عام لعقد اجتماع خاص. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مناط الفصل في علانية وعدم علانية الأداء موضوع المطالبة هو ما إذا كان النادي الذي بوشر فيه الأداء المطالب بمقابل حق المؤلف عنه يعتبر نادياً خاصاً أو عاماً ورتب انتفاء العلانية عن ذلك الأداء على مجرد كون هذا النادي يعتبر نادياً خاصاً طبقاً لقانون إنشائه وتنظيمه وخضوعه لأحكام القانون الخاص بالنوادي الخصوصية فإن الحكم يكون قد أخطأ في القانون.
2 - لمحكمة النقض أن تتحقق من واقع ما أثبتته محكمة الموضوع في حكمها من وقائع مما إذا كان الحفل الذي أديت فيه المصنفات المطالب بالتعويض عن حق المؤلف عليها يتصف بصفة العمومية أو الخصوصية لأن ذلك من مسائل التكييف التي تخضع لرقابتها وإذ كان ما سجله الحكم المطعون فيه من أن النادي كان يعلن عن حفلاته بنشرات عديدة في الصحف اليومية يوجه فيها الدعوة إلى مشاهدة هذه الحفلات ويذكر فيها أن الدخول مباح مقابل مبلغ يحدده كرسم دخول، وما يبين من المستندات التي أشار إليها الحكم من أن النادي كان يقيم تلك الحفلات بصفة رتيبة وأن الإعلانات التي كانت تصدر عنها في الصحف اليومية صريحة في الدعاية لهذه الحفلات وتضمنت دعوة عامة لمشاهدتها وقد ذكرت في بعضها أن لرواد الكازينو أن يكملوا سهراتهم في النادي الليلي وذلك دون تفريق في الإعلان بين من هم أعضاء منهم في هذا النادي ومن ليسوا أعضاء، فإن هذه الوقائع التي سجلها الحكم المطعون فيه تضفي على الحفلات التي كان يقيمها النادي صفة الاستغلال التجاري وتنأى به عن وصف الخصوصية، إذ يشترط لإضفاء هذا الوصف على الحفلات التي تحييها الجمعيات والمنتديات الخاصة أن يقتصر الحضور فيها على الأعضاء ومدعويهم ممن تربطهم بهم صلة وثيقة وأن تفرض رقابة على الدخول وأن تتجرد هذه الحفلات من قصد الكسب المادي مما يقتضي عدم تحصيل رسم أو مقابل مالي نظير مشاهدتها.
3 - يشترط القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف في المادة الحادية عشرة منه لإسباغ صفة الخصوصية على الاجتماعات التي تعقدها الأسر والجمعيات والمنتديات الخاصة والمدارس وبالتالي لإعفائها من دفع أي تعويض للمؤلف عن مصنفاته التي تؤدى فيها بطريق الإيقاع والتمثيل أو الإلقاء أن لا يحصل نظير هذا الأداء رسم أو مقابل مالي. وهو شرط كان مقرراً من قبل صدور القانون المشار إليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين (المكتب المصري لحقوق التأليف وجمعية المؤلفين والملحنين) أقاما في 5/ 3/ 1953 الدعوى رقم 561 سنة 1953 تجاري كلي الإسكندرية ضد المطعون ضدهم الثلاثة الأولين وطلبا إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ 4083 ج و750 م والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وقال الطاعنان في بيان دعواهما إن الشركة المطعون ضدها الأولى تملك فندق سان استيفانو بمدينة الإسكندرية الذي يديره المطعون ضده الثاني وقد قامت الشركة بتأسيس ملهى ليلي بالدور الأول من الفندق أطلقت عليه اسم "سان استيفانو نايت كلوب". وعهدت إلى المطعون ضده الثالث بإدارته. وقد قام هذا الملهى في الفترات ما بين 25 يوليه سنة 1949 حتى 15 من إبريل لسنة 1950 ومن 3/ 3/ 1951 حتى آخر يناير سنة 1952 ومن أول مارس سنة 1952 حتى آخر ديسمبر سنة 1952 بالأداء العلني لمصنفات موسيقية وأدبية من تأليف أو تلحين أعضاء ينتمون إلى الجمعية الطاعنة وذلك بغير تصريح منهم أو الوفاء بمقابل هذا الأداء - وأنه إذ كان هؤلاء المطعون ضدهم قد امتنعوا عن التوقيع على عقد يرخص لهم بالأداء العلني لتلك المصنفات وعن دفع المقابل المستحق في ذمتهم على الرغم من التنبيه عليهم رسمياً بذلك في 23/ 2/ 1953 فقد رفع الطاعنان عليهم هذه الدعوى بمطالبتهم بالمبلغ آنف الذكر على أساس أن المستحق عليهم مقابل ذلك الأداء هو 1361 ج و250 م بواقع 45 ج شهرياً وأن باقي المبلغ المطالب به تعويض عما لحق أصحاب الحقوق في المصنفات التي كانت محلاً للأداء العلني من أضرار مادية وأدبية نتيجة اغتصاب حقوقهم - دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأول بانتفاء صفتهم في تمثيل نادي سان استيفانو الليلي تأسيساً على ما قالوه من أنه ناد خاص أسس طبقاً لأحكام القانون رقم 152 لسنة 1949 بشأن النوادي الخاصة وله مجلس إدارة مستقل عن مجلس إدارة الفندق ويرأسه المطعون ضده الرابع وطلبوا لذلك إخراجهم من الدعوى وإزاء هذا الدفاع أدخل الطاعنان المطعون ضده الرابع في الدعوى بصحيفة أعلناها إليه في 26/ 12/ 1953 وطلبا فيها إلزامه بالتضامن مع باقي المطعون ضدهم بطلباتهما وضمنا هذه الصحيفة أنهما مع تمسكهما بصحة تمثيل المطعون ضدهم المختصمين أصلاً لنادي سان استيفانو الليلي فإنهما رأيا إزاء الشكوك التي أثارها هؤلاء حول صحة تمثيلهم لهذا النادي أن يختصموا أيضاً المطعون ضده الرابع حتى يقضى لهما بطلباتهما على من يثبت للمحكمة أنه صاحب الصفة الحقيقي - وتحصل دفاع المطعون ضده الرابع في موضوع الدعوى بأن ذلك النادي إنما هو ناد خاص لا يرتاده غير أعضاؤه ومن يدعونهم من أصدقائهم وأنه لذلك فلا تتوافر فيه العلانية التي هي شرط لاستحقاق المقابل عن أداء المصنفات الموسيقية التي تعزف فيه وأضاف المطعون ضده المذكور أنه إذ كان الطاعنان يؤسسان دعواهما على المسئولية التقصيرية فإن حقهما في التعويض عن المدة السابقة على 5/ 3/ 1950 يكون قد سقط بالتقادم لانقضاء أكثر من ثلاث سنوات على علمهما بحدوث الضرر قبل رفع الدعوى وذلك عملاً بالمادة 172 من القانون المدني - وقد رد الطاعنان بأن العلانية قد توافرت لأن الملهى يستغل استغلالاً تجارياً كمحل عام وأن ارتياده غير مقصور على أعضائه بل يشمل غيرهم من الزوار والعملاء وأن إطلاق اسم نادي خاص عليه لا ينفي عن حفلاته صفة العمومية وأن من يوصفون بأنهم أعضاء ليسوا في الحقيقة سوى عملاء عاديين يسمح لهم بالدخول بغير إجراءات سوى التوقيع على ورقة عضوية مزعومة تغطية لموقف الملهى تجاه جهات الإدارة ودلل الطاعنان على عمومية الحفلات بالنشرات العديدة التي يعلن فيها النادي في الصحف السيارة عن برامج حفلاته اليومية المنوعة والتي يدعو فيها الجمهور إلى حجز محلاته مقدماً وتضمنت بعضها أن الدخول حر ومباح للجمهور والبعض الآخر دعوة لرواد الكازينو بأن يكملوا سهرتهم في النادي وأضاف الطاعنان أنهما درءا للدفع بالتقادم الذي أبداه المطعون ضده الرابع فإنهما من باب الاحتياط يستبعدان الفترة الأولى من فترات المطالبة ويقصران المبلغ المطالب به على 3453 ج و750 م وفوائده القانونية. وبتاريخ 14/ 1/ 1956 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بإخراج المطعون ضدهم الثلاثة الأولين من الدعوى بلا مصاريف وبرفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الرابع وبنت قضاءها على ما بان لها من المستندات المقدمة في الدعوى من أن صاحب الصفة في تمثيل النادي الليلي هو رئيس مجلس إدارته المطعون ضده الأخير وعلى ما قالته من أن هذا النادي هو نادي خاص طبقاً لقانون إنشائه وتنظيمه ومن ثم فلا تتوافر العلانية في أداء المصنفات الموسيقية التي تعزف فيه. استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافهما برقم 105 سنة 15 ق تجاري واختصما فيه جميع المطعون ضدهم ورددا في استئنافهما دفاعهما السابق وبتاريخ 7/ 4/ 1960 حكمت المحكمة المذكورة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 29/ 12/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره أمامها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في ثلاثة أسباب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويتحصل السبب الأول في أن هذا الحكم قد استند فيما استند إليه في رفض دعوى الطاعنين إلى أنها رفعت في 5/ 3/ 1953 في وقت لم يكن بمصر قانون يحمي حقوق المؤلفين إذ لم يعمل بالقانون رقم 354 لسنة 1954 الذي فرض هذه الحماية إلا من 24 يونيه سنة 1954 وقد نصت مادته الخمسين على عدم سريان أحكامه على الماضي ومؤدى هذا القول من الحكم أنه قد استند في قضائه إلى انتفاء الحماية القانونية للملكية الأدبية والفنية قبل صدور القانون آنف الذكر مع أن القضاء الوطني والمختلط في مصر قرر هذه الحماية من قبل صدور ذلك القانون مستنداً في تقريرها إلى قواعد العدل ومبادئ القانون الطبيعي المسلم بها لدى كافة الدول المتحضرة والتي أقرتها المعاهدات الدولية وإلى أن الاعتداء على حق ملكية المؤلف يعتبر عملاً غير مشروع يستوجب مسئولية فاعله عن الضرر الناشئ عنه طبقاً للمادة 151 من القانون المدني الملغي، 163 من القانون القائم ومن ثم فإن القانون رقم 354 لسنة 1954 - لم ينشئ حماية حق المؤلف بل جاء مؤكداً ومنظماً لها وإذ أنكر الحكم المطعون فيه ما كان مقرراً ومعمولاً به من قبل صدور القانون المذكور ونفى تبعاً لذلك إمكان تمتع الملكية الأدبية والفنية بالحماية في ذلك الوقت فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان صحيحاً أن الحكم المطعون فيه قرر أن أسباب الاستئناف التي ساقها الطاعنان "مردودة في جميع وجوهها بأنه وقت رفع الدعوى في 5 مارس سنة 1953 لم يكن بمصر قانون يحمي حقوق المؤلفين إلى أن صدر القانون رقم 354 لسنة 1954 ونشر في 24 يونيه سنة 1954 وجاء بمذكرته الإيضاحية أنه قد آن الوقت لوضع هذا التشريع الذي يسد نقصاً ظاهراً ملموساً في مجموعة القوانين المصرية ويحمي حق الملكية الأدبية والفنية حماية فعالة تستند إلى نصوص تشريعية لا تغني عنها حماية القضاء استناداً إلى مبادئ العدالة وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 50 منه على ألا تسري أحكامه على الاتفاقات التي تمت قبل العمل به بل تظل خاضعة للأحكام القانونية التي كانت سارية المفعول وقت تمامها وبذلك لم تجعل للقانون أثراً رجعياً" - وإن كان الحكم المطعون فيه قد قرر ما تقدم إلا أنه ليس في هذا الذي قرره ما يفيد نفيه قيام الحماية لحق المؤلف من قبل صدور القانون رقم 354 لسنة 1954 بل إن في إحالته بعد ذلك إلى أسباب الحكم الابتدائي وتصريحه بأنه يأخذ بها ما يفيد أنه جعل دعامته في رفض الدعوى ما قرره الحكم الابتدائي من نفي صفة العلانية عن الأداء المطالب بالمقابل والتعويض عنه ولقد دفع المطعون ضدهم أمام المحكمة الابتدائية بانتفاء الحماية لحق المؤلف قبل صدور القانون رقم 354 لسنة 1954 ولم يأخذ الحكم الابتدائي بهذا الدفاع في قضائه برفض الدعوى وإنما أسس هذا القضاء على انتفاء العلانية في الأداء وهو ما يفيد ضمناً تسليمه بقيام الحماية وتحقق المسئولية عن الأداء إذا ما توافرت فيه العلانية وهو ما يتفق مع قضاء محكمة النقض في حكمها الصادر في 26 أكتوبر سنة 1961 في الطعن رقم 471 لسنة 25 ق.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون فيما استند إليه في قضائه من أنه بفرض انطباق القانون رقم 354 لسنة 1954 على واقعة الدعوى فإن المادة 49 منه تشترط للإفادة من الحماية التي قررها بالنسبة لمصنفات المؤلفين الأجانب التي تنشر لأول مرة في بلد أجنبي أن تكون محمية في ذلك البلد وأن يكون الرعايا المصريون مشمولين فيه بحماية مماثلة بالنسبة لمصنفاتهم المنشورة لأول مرة في مصر وأن الطاعنين لم يقدما ما يثبت توافر هذين الشرطين بالنسبة للمصنفات الموسيقية المطالب بمقابل الأداء العلني عنها - هذا في حين أنه علاوة على أن المطعون ضدهم أنفسهم لم يثيروا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها المعاملة بالمثل بالنسبة إلى المؤلفين والملحنين الأجانب أصحاب الحقوق على تلك المصنفات فإنه ما دامت وقائع الأداء العلني موضوع الدعوى سابقة على العمل بالقانون رقم 354 لسنة 1954 الذي استحدث شرط التبادل والمعاملة بالمثل إذ لم يكن القضاء المصري وطنياً كان أو مختلطاً يتطلبه - وما دامت أحكام القانون المشار إليه برمتها لا تسري على الماضي كما قرر الحكم المطعون فيه بحق فإنه ما كان يجوز له بعد ذلك أن يستند في قضائه إلى نص المادة 49 منه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إنما عرض لحكم المادة 49 من القانون رقم 354 لسنة 1954 على سبيل افتراض انطباق القانون المذكور على واقعة الدعوى وذلك بعد أن قرر بعدم انطباقه عليها ولم يكن لما ورد في الحكم بصدد عدم ثبوت توافر الشرطين اللذين تستلزمهما تلك المادة أثر في قضائه إذ بنى هذا القضاء في الواقع - وكما سلف القول - على انتفاء العلانية في الأداء ومن ثم يكون النعي على ما تضمنه الحكم في ذلك الصدد غير منتج لوروده على افتراض يختلف عن الواقع الذي أقام عليه الحكم قضاءه.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أحال في أسبابه إلى أسباب الحكم الابتدائي التي تقوم على انتفاء ركن العلانية في الأداء المطالب بمقابل حقوق التأليف والتلحين عنه وذلك على أساس أن نادي سان استيفانو الليلي يعتبر بحسب قانون إنشائه وتنظيمه محلاً خاصاً مع أنه ليس هناك تلازم بين الصفة الخاصة للنادي أو الغرض من إنشائه وبين صفة الحفلات التي يحييها وتؤدى فيها بعض المصنفات الموسيقية والغنائية فليس ثمة ما يمنع من أن يقيم ناد خاص حفلات عامة بمعنى الكلمة لا يقتصر حضورها على أعضائه وأصدقائهم وضيوفهم بل يتاح لغيرهم من الجمهور حضورها بمقابل أو بدونه وفي هذه الحالة فإن أي أداء لمصنفات موسيقية أو غنائية يحصل في مثل هذا الحفل يعتبر أداء علنياً يستحق عنه المقابل لحق المؤلف، فربط الحكم بين خصوصية النادي وخصوصية الأداء كاف وحده لإبطاله إذ صرفه ذلك عن الالتفات إلى العناصر الأخرى المجدية في الدعوى وعن إنزال حكم القانون الصحيح عليها ولقد تمسك الطاعنان لدى محكمة الموضوع بأن المحل المسمى سان استيفانو نايت كلوب - في غير الجزء المعد منه لألعاب الميسر - هو في حقيقته ملهى عام ومرقص ومطعم ويستغل تجارياً لهذا الغرض وأن اتخاذه اسم نادي لا ينفي عن الحفلات التي يقيمها ليلياً وبصفة منتظمة وصف العمومية ودلل الطاعنان بما قدماه من مستندات على الصفة الاستغلالية لهذه الحفلات وعلى تكرارها الرتيب كل ليلة والسماح بحضورها لأفراد الجمهور من غير أعضاء النادي وأصدقائهم ومدعوييهم وعلى أن النادي كان يعلن عن تلك الحفلات في الصحف السيارة بأسلوب لا يدع شكاً في عموميتها وقد تضمنت بعض هذه الإعلانات أن الدخول حر ومباح للجمهور كما تضمنت بعضها دعوة لرواد الكازينو عامة بأن يكملوا سهراتهم في ناديه الليلي وقد أهدر الحكم دلالة المستندات التي قدمها الطاعنان مقرراً أن تلك الإعلانات الضخمة التي كان ينشرها النادي تباعاً في الصحف إنما كانت موجهة إلى أعضائه فحسب ودلل الحكم على ذلك بأنه أشير في بعض هذه الإعلانات إلى ألعاب الميسر التي تمارس في النادي والمقصورة بحسب قانون إنشائه على أعضائه فحسب وهو تدليل فاسد لأنه ليس في هذه الإشارة ما يفيد اقتصار الدعوة الموجهة في تلك الإعلانات لمشاهدة البرامج المنوعة الأخرى على نفس الفئة المحدودة المرخص لها بممارسة ألعاب الميسر بالنادي بل بالعكس فقد تضمنت هذه الإعلانات ذاتها أن الدخول حر ومباح للجمهور وخلص الطاعنان مما تقدم إلى أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن أداء المصنفات الموسيقية والغنائية التي كان يقدمها النادي في حفلاته اليومية لا تتوافر فيه العلانية المستوجبة لاستحقاق المقابل عن حق المؤلف فإنه يكون قد أخطأ في تكييف هذه الحفلات فوصفها خطأ بالخصوصية مع أنها بحسب الوقائع الثابتة في الدعوى تعتبر عامة بصرف النظر عن خصوصية النادي وأن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها على هذا التكييف باعتباره اجتهاداً في القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه برفض دعوى الطاعنين على ما ورد في أسباب الحكم الابتدائي التي أخذ بها والتي جاء بها "وحيث إن مناط الفصل في هذه الدعوى يتعلق ببيان صفة النادي - سان استفانو نايت كلوب - وهل تلحق به صفة العمومية أم أنه نادي خاص... وحيث إنه يبين من الاطلاع على المستند رقم 8 دوسيه أن المدعى عليه الأخير (المطعون ضده الرابع) أخطر محافظة الإسكندرية في 5/ 1/ 1950 بإنشاء نادي يسمى نادي سان استيفانو وقد أنشئ لهذا النادي دوسيه خاص بإدارة اللوائح والرخص بالمحافظة سالفة الذكر ويتضح من الاطلاع عليه أن هذا النادي قد أسس في 6/ 10/ 1949 بجناح خاص بمبنى كازينو سان استيفانو ومستقل عن هذا الأخير وقد تم هذا التأسيس طبقاً لقانون خاص نص في المادة الأولى منه على أن النادي يرمي إلى تهيئة جو اجتماعي ممتاز للمصريين والأجانب حيث يمكنهم التمتع بحياة اجتماعية لائقة وتنظيم الحفلات والمباريات والألعاب المسلية المختلفة التي تدخل في نطاق نشاط النوادي الخصوصية كما جاء بالمادة الثانية أن النادي يتألف من أعضاء شرف وأعضاء دائمين وأعضاء زائرين وهؤلاء الأخيرون هم الذين يسمح للأعضاء الدائمين باصطحابهم في النادي، وجاء باللائحة المشتملة على نظام النادي في المادة 19 منها أنه محرم قطعياً على أي شخص الدخول في النادي ما لم يكن عضواً مستديماً به، على أنه يجوز للأعضاء أن يستصحبوا معهم مدعوين إلى النادي إلا أنه لا يجوز لهؤلاء المدعوين الدخول في قاعات اللعب، ويتضح من تقارير مكتب الآداب أن النادي خاضع لأحكام القانون رقم 152 لسنة 1949 وأن عدد أعضائه أربعمائة وأنه مصرح فيه بألعاب القمار البوكر والروليت والبكاراه ومصرح أيضاً بالمشروبات الروحية - وحيث إنه يبين مما سبق ذكره أن نادي سان استيفانو نادي خاص طبقاً لقانون إنشائه وتنظيمه وخضوعه لأحكام القانون العام المتعلق بالنوادي الخصوصية ولا يخرج به عن هذه الصفة أنه يعلن عن حفلاته التي يقيمها بالصحف ويوجه الدعوة إلى مشاهدتها ذلك أن من حقوقه كنص المادة الأولى من قانونه إقامة الحفلات لأعضائه الكثيرين البالغ عددهم أربعمائة عضو وليس أدل على أن هذه الإعلانات الصحفية كانت توجه للأعضاء فقط دون كافة الشعب مما جاء في كثير منها من الإشارة إلى ألعاب القمار التي تزاول إلى جانب حفلات الموسيقى والرقص - المستندات المودعة بالحوافظ رقم 17 و18 و19 دوسيه - فمن غير المقبول إذن القول بأن أمثال هذه الدعوات وهي كثيرة موجهة لغير أعضاء النادي ولا يدحض ذلك ما يذكر بجانب هذه الدعوات بالصحف من أن الدخول مباح وأنه يستوجب دفع خمسين قرشاً مثلاً فهو أمر من شأن النادي فله أن يقتضي من أعضائه مقابل ما ينفقه من مصاريف استثنائية على إقامة حفلات تكلفه مصاريف غير عادية أو لا يقتضي ذلك اكتفاء بميزانيته العامة. وحيث إنه وقد بان للمحكمة أن نادي سان استيفانو هو نادي خاص ولما كانت المطالبة في هذه الدعوى خاصة بمقابل الأداء العلني للمصنفات الموسيقية وكان الأداء في هذه الحالة لا يعتبر علنياً فتكون الدعوى على غير أساس من القانون ويتعين لذلك رفضها" ولما كانت العبرة في علانية الأداء المتعلق بإيقاع أو تمثيل أو إلقاء مصنف من المصنفات المشمولة بالحماية ليست بنوع أو صفة المكان المقام فيه الاجتماع أو الحفل الذي يحصل فيه هذا الأداء وإنما بالصفات الذاتية لذلك الاجتماع أو الحفل فإذا توافرت فيه صفة العمومية كان الأداء علنياً ولو كان المكان الذي انعقد فيه الاجتماع يعتبر خاصاً بطبيعته أو بحسب قانون إنشائه، ولا تلازم بين صفة المكان وصفة الاجتماع من حيث الخصوصية والعمومية إذ قد يقام حفل عام في مكان خاص لمناسبة ما تستدعي السماح للجمهور بحضوره كما قد يحصل العكس فيؤجر مكان عام لعقد اجتماع خاص - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مناط الفصل في علانية وعدم علانية الأداء موضوع المطالبة هو ما إذا كان نادي سان استيفانو الليلي الذي بوشر فيه الأداء المطالب بمقابل حق المؤلف عنه يعتبر نادياً خاصاً أو عاماً ورتب انتفاء العلانية عن ذلك الأداء على مجرد كون هذا النادي يعتبر نادياً خاصاً طبقاً لقانون إنشائه وتنظيمه وخضوعه لأحكام القانون الخاص بالنوادي الخصوصية فإن الحكم يكون قد أخطأ في القانون. ولما كان لمحكمة النقض أن تتحقق من واقع ما أثبتته محكمة الموضوع في حكمها من وقائع مما إذا كان الحفل الذي أديت فيه المصنفات المطالب بالتعويض عن حق المؤلف عليها يتصف بصفة العمومية أو الخصوصية لأن ذلك من مسائل التكييف التي تخضع لرقابتها وكان ما سجله الحكم المطعون فيه من أن نادي سان استيفانو كان يعلن عن حفلاته بنشرات عديدة في الصحف اليومية يوجه فيها الدعوة إلى مشاهدة هذه الحفلات ويذكر فيها أن الدخول مباح مقابل مبلغ يحدده كرسم دخول وما يبين من المستندات التي أشار إليها الحكم من أن النادي كان يقيم تلك الحفلات بصفة رتيبة وأن الإعلانات التي كانت تصدر عنها في الصحف اليومية صريحة في الدعاية لهذه الحفلات وتضمنت دعوة عامة لمشاهدتها وقد ذكر في بعضها أن لرواد الكازينو أن يكملوا سهراتهم في النادي الليلي وذلك دون تفريق في الإعلان بين من هم أعضاء منهم في هذا النادي ومن ليسوا أعضاء، لما كانت هذه الوقائع التي سجلها الحكم المطعون فيه تضفي على الحفلات التي كان يقيمها نادي سان استيفانو الليلي صفة الاستغلال التجاري وتنأى بها عن وصف الخصوصية إذ يشترط لإضفاء هذا الوصف على الحفلات التي تحييها الجمعيات والمنتديات الخاصة أن يقتصر الحضور فيها على الأعضاء ومدعوييهم ممن تربطهم بهم صلة وثيقة وأن تفرض رقابة جدية على الدخول وأن تتجرد هذه الحفلات من قصد الكسب المادي مما يقتضي عدم تحصيل رسم أو مقابل مالي نظير مشاهدتها - ولقد اشترط القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف في المادة الحادية عشرة منه لإسباغ صفة الخصوصية على الاجتماعات التي تعقدها الأسر والجمعيات والمنتديات الخاصة والمدارس - وبالتالي لإعفائها من دفع أي تعويض للمؤلف عن مصنفاته التي تؤدي فيها بطريق الإيقاع والتمثيل أو الإلقاء أن لا يحصل نظير هذا الأداء رسم أو مقابل مالي - وهو شرط كان مقرراً من قبل صدور القانون المشار إليه - لما كان ما تقدم، وكان ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الإشارة إلى ألعاب الميسر في الإعلانات التي كان ينشرها النادي للدعاية عن حفلاته يدل على أن الدعوة إليها موجهة إلى الأعضاء وحدهم - هذا الذي قرره الحكم يشوبه فساد في الاستدلال لأن تلك الإشارة لا تفيد اقتصار الدعوة الموجهة في هذه الإعلانات لمشاهدة البرامج المنوعة الأخرى على نفس الفئة المحدودة المرخص لها بلعب الميسر وبخاصة وقد تضمنت الإعلانات ذاتها أن الدخول مباح - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ نفى عن الأداء مثار النزاع صفة العلانية رغم توافرها بالمعنى الذي يتطلبه القانون ورتب على نفيه لها قضاءه برفض دعوى الطاعنين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذه المحكمة ترى بالنظر لعدم تكامل العناصر اللازمة لتقدير التعويض أمامها أن الموضوع في خصوصه غير صالح للحكم فيه، مما يتعين معه إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق