الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مارس 2023

الطعن 56 لسنة 36 ق جلسة 21 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 106 ص 662

جلسة 21 من إبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

------------------

(106)
الطعن رقم 56 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "إيداع صور الأحكام السابقة".
إيداع صورة من الأحكام السابقة التي أحال إليها الحكم المطعون فيه عند التقرير بالطعن. لا محل له إذا كان الحكم المطعون فيه قد ضمن أسبابه بياناً لوقائع النزاع ودفاع الطرفين دون الإحالة للحكم السابق، ووجهت أسباب الطعن إلى الحكم المطعون فيه وحده.
(ب) حكم. "حجية الحكم الجنائي". قوة الأمر المقضي. إثبات. نظام عام.
صيرورة الحكم الجنائي حائزاً قوة الشيء المحكوم به. مناطه. أن يكون باتاً أي لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف أو النقض إما لاستنفاد طرق الطعن فيه أو لفوات مواعيده. قاعدة تقيد المحاكم المدنية بقوة الأمر المقضي للأحكام الجنائية. قاعدة من النظام العام.

----------------
1 - إنه وإن كان على الطاعن أن يودع وقت التقرير بالطعن بالنقض صورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله وصورة من الأحكام السابقة إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليها في أسبابه، وذلك طبقاً لنص المادة 432 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والمنطبقة على الطعن، ولئن كان تقديم هذه الأوراق يعد من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها بطلان الطعن، إلا أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه الذي قدم الطاعن صورة منه أنه ضمن أسبابه بياناً لوقائع النزاع ودفاع الطرفين دون أن يحيل في شأنها إلى الحكم السابق بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير لفحص المستندات المطعون عليها، ووجهت أسباب الطعن إلى الحكم المطعون فيه وحده، فلا تثريب على الطاعن إن هو لم يقدم صورة من ذلك الحكم ويكون الدفع المقدم من النيابة ببطلان الطعن على غير أساس.
2 - مؤدى نص المادة 406 من القانون المدني - قبل إلغائها بقانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - ونص المادتين 265 و456 من قانون الإجراءات الجنائية، أنه لا يكون للحكم الجنائي قوة الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية فيما لم تفصل فيه بعد، إلا في الوقائع التي فصل فيها الحكم الجنائي وكان فصله فيها ضرورياً، ولا يكون للحكم الجنائي قوة الشيء المحكوم به - وعلى ما جرى به قضاء الدائرة الجنائية لهذه المحكمة - إلا إذا كان باتاً لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف أو بالنقض، إما لاستنفاد طرق الطعن فيه أو لفوات مواعيده. وتعد قاعدة التقيد بقوة الأمر المقضي للأحكام الجنائية من النظام العام، وعلى المحاكم المدنية أن تراعيها من تلقاء نفسها فيما لو أخذت بقوة الأمر المقضى به جنائياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 506 سنة 1958 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليه بصفته الشخصية وطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 5/ 9/ 1957 المتضمن بيع المطعون عليه له العقار المبين بصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره 5250 ج مع تسليم العقار إليه. وقال بياناً لدعواه إنه بمقتضى العقد المؤرخ 5/ 9/ 1957 باعه المطعون عليه 12 ط في المنزل 4 تنظيم بشارع الفيروز بالحضرة محافظة الإسكندرية مقابل ثمن قدره 5250 ج، قبض منه وقت تحرير العقد 2000 ج والباقي اتفق على دفعه عند التصديق على العقد النهائي، وإذ كان البائع مديناً لمن تدعى السيدة أنيسة علي التوساني في مبلغ 2952 ج بمقتضى سند مؤرخ في 17/ 1/ 1950 وفي مبلغ 700 ج بمقتضى سند مؤرخ في 29/ 12/ 1956 وقامت الدائنة بحوالة الدين الوارد في هذين السندين إليه، وقبل المطعون عليه هذه الحوالة وأصبح هو الدائن في هذين السندين ومن حقه طلب إجراء المقاصة بين ما هو مستحق له في ذمة المطعون عليه بمقتضى هذه الحوالة وبين الباقي للمطعون عليه من الثمن في ذمته، فقد أقام دعواه بالطلبات سالفة البيان. دفع المطعون عليه الدعوى بأن العقد الذي يتمسك به الطاعن هو في حقيقته مقايضة، إذ سبقه بأربعة أيام عقد آخر صدر من الطاعن في 1/ 9/ 1957 ببيع قطعة أرض فضاء إليه عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على بناته القاصرات مقابل مبلغ 2000 ج، اتفق على أن هذا المبلغ يمثل مقدم الثمن في عقد البيع الصادر منه إلى الطاعن في 5/ 9/ 1957، غير أنه تبين له فيما بعد أن الطعن لا يملك قطعة الأرض الفضاء التي باعها إليه بصفتيه بالعقد المؤرخ 1/ 9/ 1957، وطلب المطعون عليه رفض الدعوى تأسيساً على أن من حقه أن يمتنع عن تنفيذ العقد الذي يتمسك به الطاعن ما دام أن الطاعن لا يملك العقار الذي باعه إليه، وقد اختصم الطاعن المطعون عليه بصفته ولياً شرعياً على بناته القاصرات. وبتاريخ 28 مارس سنة 1959 قضت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5/ 9/ 1957 الصادر من المطعون عليه بصفته الشخصية عن الحصة العقارية المبينة بالعقد مقابل الثمن وقدره 5250 ج والتسليم. استأنف المطعون عليه عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على بناته القاصرات هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 340 سنة 15 ق، وتمسك بدفاعه السابق الذي أبداه أمام محكمة أول درجة وقدم لتأييده ثلاثة مستندات نسب صدورها إلى الطاعن، فادعى الطاعن بتزويرها، وقضت المحكمة بتاريخ 31/ 3/ 1962 بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي ليعهد إلى أحد خبرائه بفحص تلك المستندات، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1965 بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير لتنازل المطعون عليه عن التمسك ببعض المستندات المقدمة منه وقضت في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن وأبدت الرأي في الموضوع برفضه وبالجلسة المحددة لنظره التزمت رأيها السابق.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن يتحصل في أن الطاعن لم يقدم صورة من حكم محكمة الاستئناف الصادر بتاريخ 31/ 3/ 1962 الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في بيان الوقائع والذي قضى بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لفحص الأوراق المطعون فيها.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه وإن كان على الطاعن أن يودع وقت التقرير بالطعن بالنقض صورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله وصورة من الأحكام السابقة، إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليها في أسبابه وذلك طبقاً لنص المادة 432 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 سنة 1955 والمنطبقة على الطعن، ولئن كان تقديم هذه الأوراق يعد من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها بطلان الطعن، إلا أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه الذي قدم الطاعن صورة منه أنه ضمن أسبابه بياناً لوقائع النزاع ودفاع الطرفين دون أن يحيل في شأنها إلى الحكم الصادر في 31/ 3/ 1962 ووجهت أسباب الطعن إلى الحكم المطعون فيه وحده، فلا تثريب على الطاعن إن هو لم يقدم صورة من الحكم الصادر بتاريخ 31/ 3/ 1962، ويكون الدفع المقدم من النيابة ببطلان الطعن لعدم تقديم الطاعن صورة من الحكم الصادر في 31/ 3/ 1962 على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن العقدين المحررين بينه وبين المطعون عليه والمؤرخ أولهما في 1/ 9/ 1957 ببيع الطاعن قطعة من الأرض الفضاء إلى المطعون عليه عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على بناته القاصرات مقابل ثمن قدره 2000 ج، والمؤرخ ثانيهما في 5/ 9/ 1957 والصادر عن المطعون عليه إلى الطاعن ببيع حصة في العقار المبين بالعقد مقابل ثمن قدره 5250 ج دفع منه وقت التعاقد 2000 ج والذي أقام الطاعن الدعوى بصحته ونفاذه، أقام الحكم قضاءه على أن هذا التعاقد برمته يعد مقايضة بين الطاعن والمطعون عليه، واستند الحكم في ذلك إلى الحكم الصادر بتاريخ 22 يناير سنة 1964 من محكمة جنايات الإسكندرية في الجناية رقم 259 سنة 1960 العطارين والذي قضى بإدانة الطاعن لأنه توصل إلى الاستيلاء على عقد بيع نصف العقار المبين بالتحقيقات من المطعون عليه بالاحتيال عليه لسلب بعض ثروته، ورتب الحكم على ذلك القضاء برفض دعوى الطاعن بصحة عقد البيع الصادر إليه من المطعون عليه. هذا في حين أن الطاعن كان قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه طعن بالنقض في حكم محكمة الجنايات سالف البيان في الطعن رقم 83 سنة 35 ق، وأن محكمة النقض نقضت هذا الحكم بتاريخ 14 مايو سنة 1965 بما يترتب عليه إلغاؤه ولا تصبح له أية قوة، إلا أن الحكم المطعون فيه، اعتد بقوة الأمر المقضي لحكم محكمة الجنايات المشار إليه رغم نقضه، واتخذ منه أساساً لاعتبار التعاقد برمته مقايضة مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه اعتمد فيما انتهى إليه من أن التعاقد برمته بين الطاعن والمطعون عليه مقايضة على ما قضت به محكمة جنايات "الإسكندرية بحكمها الصادر بتاريخ 22 يناير سنة 1964 في الجناية رقم 259 سنة 1960 العطارين الذي ضمن أسبابه أن الطاعن قايض بقطعة الأرض الفضاء غير المملوكة له محل العقد الصادر منه المؤرخ 1/ 9/ 1957 إلى المطعون عليه على نصف منزل مملوك لهذا الأخير، واستند الحكم المطعون فيه أساساً إلى أن حكم محكمة الجنايات قد دان الطاعن بارتكاب جريمة نصب عما نسب إليه وقضي بحبسه لمدة سنة. وإذ تقضي المادة 406 من القانون المدني المنطبقة على واقعة الدعوى قبل إلغائها بالقانون رقم 25 سنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، بأن لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً، وتقضي المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية بأنه إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية القائمة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها، وتقضي المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية بأن يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، فقد أفادت هذه النصوص مرتبطة أنه لا يكون للحكم الجنائي قوة الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية فيما لم تفصل فيه بعد إلا في الوقائع التي فصل فيها الحكم الجنائي وكان فصله فيها ضرورياً ولا يكون للحكم الجنائي قوة الشيء المحكوم به - وعلى ما جرى به قضاء الدائرة الجنائية لهذه المحكمة - إلا إذا كان باتاً لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف أو بالنقض إما لاستنفاد طرق الطعن فيه أو لفوات مواعيده، وإذ تعد قاعدة التقيد بقوة الأمر المقضي للأحكام الجنائية من النظام العام وعلى المحاكم المدنية أن تراعيها من تلقاء نفسها فيما لو أخذت بقوة الأمر المقضى به جنائياً. لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة الطاعن المقدمة إلى محكمة الاستئناف لجلسة 21/ 12/ 1965 - والمودع بأوراق الطعن صورة منها وصورة من الحكم الصادر من الدائرة الجنائية بمحكمة النقض في الطعن رقم 83 سنة 35 ق - أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن محكمة النقض نقضت بتاريخ 14 مايو سنة 1965 - وقبل صدور الحكم المطعون فيه - حكم محكمة جنايات الإسكندرية الذي كان قد قدم المطعون عليه صورة منه للتدليل على ما ادعاه من أن التعاقد مقايضة، فإن مؤدى ذلك أنه كان تحت نظر محكمة الاستئناف من خلال تمسك المطعون عليه بحكم محكمة الجنايات ورد الطاعن بنقض هذا الحكم العناصر التي تمكن المحكمة من تلقاء نفسها من الإلمام بهذا السبب المتعلق بالنظام العام للحكم في الدعوى على موجب ما تستبينه من قوة الأمر المقضى به جنائياً بعد أن تتثبت من أن الحكم الجنائي قد أصبح - وعلى ما سلف البيان - حكماً باتاً. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتد بقوة الأمر المقضى به جنائياً للحكم الصادر من محكمة جنايات الإسكندرية سالف البيان، واتخذ مما قضى به ذلك الحكم من أن التعاقد بين الطاعن والمطعون عليه مقايضة، دعامة لقضائه دون أن يتثبت من أن الحكم الجنائي المشار إليه قد نقض أو أصبح حكماً باتاً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب مما يقتضي نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق