الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 مارس 2023

الطعن 522 لسنة 35 ق جلسة 24 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 48 ص 295

جلسة 24 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد, وإبراهيم علام, ومحمد أسعد محمود.

---------------

(48)
الطعن رقم 522 لسنة 35 القضائية

(أ) نقض. "تقرير الطعن". وكالة. "الطعن في النقض". بطلان. محاماة.
وجوب التقرير بالطعن من محام موكل عن الطاعن لا من الطاعن نفسه ولو كان محامياً. القانون 57 لسنة 1959 وإلى ما بعد تعديله بالقانون 106 لسنة 1962 يقتضي المغايرة بين الطاعن والمحامي المقرر بالطعن. مخالفة ذلك. أثره. بطلان الطعن.
(ب، ج) اختصاص. "اختصاص ولائي". حكم. "الطعن في الحكم". استئناف. "الأحكام غير الجائز استئنافها". نزع الملكية للمنفعة العامة.
ولاية المحكمة الابتدائية عند نظر الطعون في قرارات لجان المعارضات في نزع الملكية، قاصرة على النظر في هذه الطعون. وهي ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء. الحكم فيها هو حكم انتهائي. عدم جواز الطعن في الحكم تطبيقاً لنص المادة 396 من قانون المرافعات السابق بدعوى بطلان الحكم أو قيامه على إجراءات باطلة.
(د) استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها". حكم. "الطعن في الحكم".
جواز استئناف أي حكم صادر في حدود النصاب الانتهائي. مناطه. صدوره على خلاف حكم سابق لم يجز قوة الأمر المقضي في النزاع.
(هـ) نقض. "سلطة محكمة النقض". محكمة الموضوع. قوة الأمر المقضي.
بحث تحقق اتحاد الموضوع أو عدم تحققه في الدعويين. أمر يستقل به قاضي الموضوع.
(و) حكم. "تسبيب الحكم".
كفاية إحدى الدعامات سنداً للحكم. تعييبه في باقي الدعامات. غير منتج.

---------------
1 - مؤدى نص المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قبل تعديلها بالقانون رقم 106 لسنة 1966 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجب أن يكون التقرير بالطعن بالنقض من محام موكل عن الطاعن، لا من الطاعن نفسه، وأن هذا الإجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الطعن. ولا يغير من هذا النظر ما طرأ على هذه المادة من تعديل بمقتضى القانون رقم 106 لسنة 1962 والنص فيها على أن يرفع الطعن بتقرير يودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض، ذلك أن هذا التعديل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه - إنما أريد به إلغاء ما كانت تشترطه من ضرورة حصول المحامي المقرر بالطعن على توكيل سابق على التقرير، وما ورد بهذا التعديل من أن تقرير الطعن يوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض، يدل بمفهومه ويقتضي هو الآخر المغايرة بين الطاعن والمحامي الحاصل منه التقرير بالطعن، ولا عبرة بكون الطاعن الذي قرر بالطعن محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، ذلك أن تحقيق المغايرة في الطعن بالنقض يستوجب ألا يتولى الخصوم بأنفسهم التقرير بالطعن، وإنما يجب عليهم أن ينيبوا عنهم في هذا الخصوص من يختارونه من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض (1).
2 - مقتضى نص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، أن المشرع رسم إجراءات خاصة للطعن على قرارات لجان المعارضات التي تصدرها في شأن تعويضات نزع الملكية للمنفعة العامة وحدد ولاية المحكمة الابتدائية فجعلها مقصورة على النظر في هذه الطعون تأسيساً على أنها ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء، وإنما هي هيئة تنظر في طعن في قرار أصدرته إحدى اللجان المشار إليها. وإذ رتب المشرع على ذلك اعتبار الحكم الذي تصدره المحكمة الابتدائية بتقدير التعويض حكماً انتهائياً، فإن مؤدى ذلك في نطاق هذا الذي رسمه المشرع وحدد مداه ورتبه عليه، أن يكون الحكم الذي تصدره المحكمة الابتدائية في الطعن في قرار اللجنة المطروح عليها، غير قابل للاستئناف.
3 - نص المادة 396 من قانون المرافعات السابق لا ينفتح به طريق الطعن بالاستئناف في الأحكام التي تصدرها المحاكم الابتدائية بالتطبيق للمادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة بدعوى أنها أحكام باطلة أو قائمة على إجراءات باطلة، ذلك أن هذا القانون الأخير يعد تشريعاً خاصاً انفردت نصوصه بقواعد متماسكة في ذاتها، وهي بذلك منبتة الصلة عن حكم المادة 396 المشار إليها، ولا سبيل إلى المساس بها إلا بتشريع خاص ينص على ذلك. ولا يجوز الاستناد إلى ما لحق المادة 396 المذكورة من تعديل بالقانون رقم 137 لسنة 1956 إذ أن كل ما قصد بهذا التعديل هو النص على جواز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية أسوة بأحكام المحاكم الجزئية الانتهائية فيما يتعلق بالاستئناف، كما لا يجوز الاستناد إلى التعديل الذي لحق بهذه المادة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 إذ المقصود بهذا التعديل الأخير - على ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - هو دفع اللبس الذي ثار حول معنى عبارة بصفة نهائية التي وردت بنص هذه المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 137 لسنة 1956، فرأى المشرع أن يستبدل بها عبارة "في حدود نصابها الانتهائي".
4 - ما قررته المادة 397 من قانون المرافعات السابق من جواز استئناف أي حكم صادر في حدود النصاب الانتهائي، مشروط بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته موضوعاً وسبباً بين الخصوم أنفسهم ولم يجز هذا الحكم قوة الأمر المقضي.
5 - بحث أمر تحقق اتحاد الموضوع في الدعويين يعد فصلاً في مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع ولا معقب على حكمه فيها متى كان قد اعتمد على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها (2).
6 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أقيم الحكم على دعامات متعددة وكانت إحدى هذه الدعامات كافية وحدها ليستقيم بها، فإن تعييبه في باقي الدعامات أياً كان وجه الرأي فيها يكون غير مؤثر فيه (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الحربية نزعت ملكية عدة عقارات مملوكة للطاعنين كائنة بمنطقة سراي الرمل بالإسكندرية وقدرت المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية التعويض المستحق عن هذه العقارات بواقع ثمن المتر المربع في القطعة الأولى المملوكة للطاعن الأول مبلغ 5 ج و500 م، وفي القطعة الثانية المملوكة للطاعن الثاني مبلغ ثمانية جنيهات، وفي القطعة الثالثة المملوكة للطاعنين من الثاني إلى السابعة مبلغ ستة جنيهات، وفي القطعة الرابعة المملوكة للطاعنين من الثامنة إلى العاشرة مبلغ سبعة جنيهات، فاعترض الطاعنون على هذا التقرير وعرضت معارضاتهم على لجنة الفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات والمنصوص عليها في المادة 13 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة، وقررت هذه اللجنة في 25 من ديسمبر سنة 1965 قبول هذه المعارضات شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد التقدير المعارض فيه، فأقام الطاعنون الدعاوى رقم 183، 184، 226, 244، 246، 242، 225، 245، 187 سنة 1962 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد وزير الحربية والبحرية ومفتش المساحة بالإسكندرية "المطعون ضدهما" طاعنين في قرار لجنة المعارضات وطلبوا رفع التقدير إلى مبلغ 14 ج و222 م للمتر المربع في القطعتين الأولى والثالثة وإلى مبلغ 17 ج و777 م في القطعة الثانية، وإلى مبلغ 16 ج و500 م في القطعة الرابعة. وبتاريخ 8 من أكتوبر سنة 1963 قضت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل ليعهد إلى أحد خبرائه المهندسين بتقدير ثمن العقارات المنزوعة ملكيتها وقت صدور قرار نزع الملكية. وقد باشر الخبير المنتدب مأموريته وقدم تقريره. وبتاريخ 24 من مارس سنة 1964 وبعد أن ضمت المحكمة هذه الطعون ليصدر فيها حكم واحد للارتباط بينها، قضت في الطعن 183 سنة 1962 مدني كلي الإسكندرية بتعديل القرار المطعون فيه واعتبار ثمن المتر من الأرض المنزوع ملكيتها بمبلغ سبعة جنيهات، وفي الطعن 184 سنة 1962 مدني كلي الإسكندرية بتعديل القرار المطعون فيه واعتبار ثمن المتر المربع من الأرض المنزوع ملكيتها مبلغ 11 جنيهاً، وفي الطعون 226، 244، 245، 246، 247 سنة 1962 مدني كلي الإسكندرية بتعديل القرار المطعون فيه واعتبار ثمن المتر المربع من الأرض المنزوع ملكيتها مبلغ 7 ج و750 م، وفي الطعن 187 سنة 1962 كلي الإسكندرية برفضه وتأييد القرار المطعون فيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 364 سنة 20 ق تأسيساً على أن الحكم المستأنف وقع باطلاً لخلوه من التسبيب وعلى أنه جاء مخالفاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم في القضية رقم 519 سنة 1957 مدني كلي الإسكندرية ولم يحز قوة الشيء المقضي. دفع المطعون ضدهما بعدم جواز الاستئناف لرفعه عن حكم انتهائي بنص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954, ومحكمة الاستئناف حكمت في 6 من نوفمبر سنة 1965 بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة العامة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن رفع بتقرير من الأستاذ شهدي عبده "الطاعن الأول" عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين، وذكر في صدر التقرير أن المقرر بالطعن محام مقبول أمام محكمة النقض. ولما كانت المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قبل تعديلها بالقانون رقم 106 لسنة 1962، قد نصت على أن، "يحصل الطعن بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب ويشمل التقرير.... فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه حكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه" فإن المشرع قد دل بهذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يجب أن يكون التقرير بالطعن بالنقض من محام موكل عن الطاعن لا من الطاعن نفسه، وعلى أن هذا الإجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الطعن. ولا يغير من هذا النظر ما طرأ على هذه المادة من تعديل بمقتضى القانون رقم 106 لسنة 1962 والنص فيها على أن يرفع الطعن بتقرير يودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض، ذلك أن هذا التعديل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه - "إنما أريد به إلغاء ما كانت تشترطه من ضرورة حصول المحامي المقرر بالطعن على توكيل سابق على التقرير" وعلته "أن المحامي قد يضطر في كثير من الأحيان إلى المبادرة بالتقرير بالطعن قبل إتمام إجراءات التوكيل على أن ذلك بطبيعة الحال لا يعفى المحامي من إبراز التوكيل فيما بعد" ولم يجاوز المشرع هذا النطاق، ولأن ما ورد بهذا التعديل من أن تقرير الطعن يوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض" يدل بمفهومه ويقتضي هو الآخر المغايرة بين الطاعن والمحامي الحاصل منه التقرير بالطعن. لما كان ذلك وكان التقرير بالطعن بالنقض لم يحصل من محام موكل عن الطاعن الأول، فإن مقتضى ذلك هو بطلان الطعن بالنسبة له. ولا عبرة بكون الطاعن الأول الذي قرر بالطعن محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض ذلك أن تحقيق المغايرة في الطعن بالنقض يستوجب ألا يتولى الخصوم بأنفسهم التقرير بالطعن، وإنما يجب عليهم أن ينيبوا عنهم في هذا الخصوص من يختارونه من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض، وإن جاز - على ما سلف بيانه - أن يبادر المحامي باتخاذ إجراءات التقرير بالطعن بالنقض قبل إتمام إجراءات التوكيل. وإذ كان الموضوع قابلاً للتجزئة فإن بطلان الطعن بالنقض بالنسبة للطاعن الأول لا يتعداه إلى باقي الطاعنين.
وحيث إن الطعن بالنسبة لمن عدا الطاعن الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه، يتحصل أولها في أن الحكم قضى بعدم جواز الاستئناف، استناداً إلى أن الحكم المستأنف انتهائي بنص القانون فلا يطبق بصدده نص المادة 396 من قانون المرافعات السابق لأن تطبيق هذا النص قاصر على الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية أو المحاكم الابتدائية في حدود نصابها الانتهائي بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم دون الأحكام التي ينص المشرع صراحة على انتهائيتها في جميع الأحوال مهما تكن قيمة الدعوى، هذا في حين أن حكمة التشريع من فتح طريق الطعن في الأحكام الباطلة أو المبنية على إجراءات باطلة قائمة في الحالين سواء أكانت الأحكام صادرة في حدود النصاب الانتهائي أم كان قد نص في تشريع خاص على انتهائيتها، وذلك بغير تفرقة بينهما لما تؤدي إليه هذه التفرقة من نتيجة غير مستساغة بتحقيق غرض المشرع في معالجة البطلان في الحالة الأولى دون الثانية، وهو ما لم يقصده. وأضاف الطاعنون أن المشرع قد عدل نص المادة 396 المشار إليه بالقانونين رقمي 137 لسنة 1956، 100 لسنة 1962 بما مؤداه أنه من الجائز استئناف الأحكام الانتهائية، سواء أكانت صادرة في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة، أو بالنص في تشريع خاص على انتهائيتها، ولو جاوزت حدود نصابها الابتدائي. غير أن الحكم المطعون فيه قضى على خلاف هذا النظر مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون. ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم المطعون فيه اعتبر إيداع الكفالة المنصوص عليها في المادة 396 من قانون المرافعات إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الاستئناف، دون أن يبين ما إذا كان قد لحق الخصم من جراء ذلك ضرر أم لا ودون أن يأمر بتصحيح هذا الإجراء إعمالاً لنص المادة 25 من قانون المرافعات وذلك بتكليف الطاعنين بإيداع الكفالة، كما أن الحكم وقد اعتبر هذه الكفالة في حكم الرسوم، فإنه كان يجب ترتيباً على ذلك استبعاد القضية من رول الجلسة، وفقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية، غير أن الحكم قضى رغم ذلك بعدم جواز الاستئناف مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة قد نصت على أن "لكل من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية ولأصحاب الشأن الحق في الطعن في قرار لجنة المعارضات أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بالقرار المذكور وتنظر المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال ويكون حكمها نهائياً" وكان يبين من هذا النص أن المشرع رسم إجراءات خاصة للطعن في قرارات لجان المعارضات التي تصدرها في شأن تعويضات نزع الملكية للمنفعة العامة من حيث الاختصاص، إذ جعل المحكمة الابتدائية تختص بنظر الطعون التي تقدم إليها سواء من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو من أصحاب الشأن في قرارات تلك اللجان وحدد المشرع ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص, فجعلها مقصورة على النظر في هذه الطعون تأسيساً على أنها ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء، وإنما هي هيئة تنظر في طعن في قرار أصدرته إحدى اللجان المشار إليها، ورتب المشرع على ذلك اعتبار الحكم الذي تصدره المحكمة الابتدائية بتقدير التعويض حكماً انتهائياً، فإن مؤدى ذلك في نطاق هذا الذي رسمه المشرع وحدد مداه ورتبه عليه، أن يكون الحكم الذي تصدره المحكمة الابتدائية في الطعن في قرار اللجنة المطروح عليها غير قابل للاستئناف. ولا محل للاستناد في هذا الخصوص إلى نص المادة 396 من قانون المرافعات السابق لفتح طريق الطعن بالاستئناف في الأحكام التي تصدرها المحاكم الابتدائية بالتطبيق للمادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة بدعوى أنها أحكام باطلة أو قائمة على إجراءات باطلة، ذلك أن هذا القانون الأخير يعد تشريعاً خاصاً انفردت نصوصه - وعلى ما سلف البيان - بقواعد متماسكة في ذاتها وهي بذلك منبتة الصلة عن حكم المادة 396 المشار إليها، ولا سبيل إلى المساس بها إلا بتشريع خاص ينص على ذلك. ولا يجوز الاستناد إلى ما لحق المادة 396 المذكورة من تعديل بالقانون رقم 137 لسنة 1956 إذ أن كل ما قصد بهذا التعديل هو النص على جواز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية أسوة بأحكام المحاكم الجزئية الانتهائية" فيما يتعلق بالاستئناف، كما لا يجوز الاستناد إلى التعديل الذي لحق بهذه المادة بالقانون رقم 100 لسنة 1962، إذ المقصود بهذا التعديل الأخير - على ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - هو دفع اللبس الذي ثار حول معنى عبارة "بصفة نهائية" التي وردت بنص هذه المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 137 لسنة 1956 للسابق الإشارة إليه، فرأى المشرع أن يستبدل بها عبارة "في حدود نصابها الانتهائي" حتى يوضح أن المقصود بالنص هو استئناف الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية في الطعن الذي رفع إليها بشأن التعويض الذي قدرته لجنة المعارضات، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون بالوجه الأول يكون على غير أساس. والنعي في وجهه الثاني مردود أيضاًً، ذلك أنه لما كان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن المادة 396 من قانون المرافعات لا تنطبق أصلاً على واقعة الدعوى هو قول يتفق مع التطبيق الصحيح للقانون ويكفي بذاته لحمل قضائه فإنه لا يجدي الطاعنين النعي بهذا الوجه على ما قرره الحكم، من أن دفع الكفالة المنصوص عليها بالمادة 396 من قانون المرافعات السابق يعتبر إجراء جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أو أنها تعتبر في حكم الرسوم بما كان يستوجب استبعاد القضية من رول الجلسة لا الحكم بعدم جواز الاستئناف، ذلك أنه أياً كان وجه الرأي فيما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص فإنه وارد على ما استطرد إليه الحكم تزيداً بعد أن انتهى صحيحاً تأسيساً على دعامته الأخرى على ما سلف البيان في الرد على الوجه الأول.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث، أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف المؤسس على نص المادة 397 من قانون المرافعات على أن الطاعنين لم يقدموا الدليل على أن الحكم الصادر في القضية رقم 519 لسنة 1957 كلي الإسكندرية لم يصبح بعد انتهائياً - كما أن الحكم أقام قضاءه على اختلاف الخصوم والموضوع في الدعويين، هذا في حين أنه كان يتعين على المحكمة أن تكلف المطعون ضدهما بإقامة الدليل على أن الحكم السابق لم يصبح بعد نهائياً، وفي حين أن شرط وحدة الخصوم في الدعويين كان متوافراً باتحاد الخصمين الحقيقيين فيهما وهما الطاعن الثاني ووزارة الحربية - وأنه وإن كان موضوع الحكم الصادر في الدعوى رقم 519 سنة 1957 مدني كلي الإسكندرية هو طلب التعويض عن الحرمان من الانتفاع بالأرض المنزوع ملكيتها، وموضوع النزاع الحالي هو طلب التعويض عن نزع ملكية الأرض ذاتها، إلا أن الأساس المشترك في الدعويين واحد بما يتوافر به شرط وحدة الموضوع، ويقول الطاعنون أنه متى كان الحكم المستأنف قد جاء مخالفاً للحكم السابق الذي صدر بين الخصوم أنفسهم عن ذات النزاع ولم يكن الحكم السابق قد حاز قوة الأمر المقضي عند رفع الاستئناف، فإن هذا الحكم الأخير يكون مما يجوز استئنافه ولو كان نهائياً بنص القانون وذلك إعمالاً لنص المادة 397 من قانون المرافعات السابق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان ما قررته المادة 397 من قانون المرافعات السابق من جواز استئناف أي حكم صادر في حدود النصاب الانتهائي مشروطاً بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته موضوعاً وسبباً بين الخصوم أنفسهم وألا يحوز هذا الحكم قوة الأمر المقضي، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص ما يثيره الطاعنون بهذا الوجه على عدة دعامات منها أن الموضوع في الدعويين مختلف واستند الحكم في ذلك إلى قوله "إن موضوع الدعوى رقم 519 لسنة 1957 كان عن تقدير التعويض عن عدم انتفاع المستأنف الثاني (الطاعن الثاني) بأرضه في المدة المطالب بها في تلك الدعوى والتي اتخذ الحكم من تقدير ثمنها في سنة 1958 بمعرفة أحد الخبراء عنصراً من عناصر تقدير هذا التعويض، ولم يكن هو العنصر الوحيد لذلك التقدير بينما أن موضوع الدعوى الحالية هو تقدير ثمن هذه الأرض في تاريخ نزع الملكية في سنة 1961 وهو وقت يغاير الوقت الذي تم فيه تقدير ثمنها في سنة 1958 لتطور الظروف الاقتصادية من آن لآن، ومن ثم فلا وحدة بين الموضوعين مما لا يجوز معه القول باتحاد الموضوع بينهما" وكان بحث أمر تحقق اتحاد الموضوع أو عدم تحققه في الدعويين يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فصلاً في مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع ولا معقب على حكمه فيها متى كان قد اعتمد على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه - على النحو السالف بيانه - تؤدي إلى القول بعدم اتحاد الموضوع في الدعويين، فإن استئناف الحكم الثاني يكون غير جائز استناداً إلى المادة 397 من قانون المرافعات السابق، وذلك لتخلف أحد شروطها السابق بيانها. لما كان ما تقدم وكان من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أقيم الحكم على دعامات متعددة وكانت إحدى هذه الدعامات كافية وحدها ليستقيم بها، فإن تعييبه في باقي الدعامات، أياً كان وجه الرأي فيها، يكون غير مؤثر فيه، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون غير سديد.


(1) نقض 31 مايو 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1180.
(2) نقض 3 يناير 1962 مجموعة المكتب الفني السنة 13 ص 13.
(3) نقض 28 مايو 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1018.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق